تفسير الثمرات اليانعة - ج ١

يوسف بن أحمد بن عثمان [ الفقيه يوسف ]

تفسير الثمرات اليانعة - ج ١

المؤلف:

يوسف بن أحمد بن عثمان [ الفقيه يوسف ]


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة التراث الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٣٥

١
٢

٣
٤

٥
٦

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

نحمدك اللهم ونستعينك ونستهديك ، ونصلي ونسلم على سيدنا محمد نبي الإنسانية ، المبعوث بخصال الكمال ، والجامع لأشرف درجات الفضل والجلال وعلى آله الطاهرين وصحبه الراشدين.

وبعد :

فإن أي أمة تنطلق في تصحيح مسيرتها وتحقيق نهضتها وعزتها من خلال تراثها لهي جديرة بالاحترام ، ويحق لها الفخر والاعتزاز ، خصوصا إذا كان لها ماض عريق مشرق ، مستند على مبادئ سليمة ، وأسس ثابتة.

لذا نقول : إنه يحق لليمن أن يفخر على شعوب العالم بما له من إرث حضاري ، وثقافة فكرية سليمة ، فاليمن وعلى رغم المحن التي توالت عليه هو من أفضل الشعوب محافظة على هذا التراث الفكري الذي يندر وجوده في سائر بقاع الارض ، بل لقد ساهم في الحفاظ على تراث كثير من الشعوب ، والفرق الاسلامية التي لقيت في بلدانها الهوان والضياع.

ولا غرو فقد كان قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (الإيمان يمان والحكمة يمانية) شاهد صدق على ما لهذا الشعب بكل فئاته من رحابة صدر ، واتساع أفق ، وتفكير سليم ، فإنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يقلها كوصف عابر ، أو كمدح على خصلة واحدة ، بل قالها مجسدا لكل ما لهذا الشعب من أصالة ، وحضور إسلامي على مر الدهور (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) فها هي اليمن تبرز وحيدة شامخة بسمو روحها ، وترفّع نفوس أبنائها ، وصفاء قلوبهم عن سفاسف الأمور التي ابتلي به الكثير.

٧

لو فتش المرء متاحف العالم ، ومكتباته العامة والخاصة ، لوجد لليمن حضورا واضحا ، ومنة عظيمة على كل الشعوب يشهد بذلك ما تزخر به تلك القلاع الفكرية من مخطوطات مصدرها اليمن.

وها هي اليمن اليوم تسير على ذلك الدرب الذي مضى عليه أسلافها في ظل نهضتها الزاهرة التي تتوالى بشائرها يوما إثر يوم ، عاقدة العزم على المضي قدما في طريق الإصلاح والنهضة ، غير غافلة عن هذا التراث الفكري الذي أثرت به العالم ، فجعلته ركيزتها الأساسية ، لأن من لا ماضي له لا حاضر له ، ولا مستقبل

إن الأمة الإسلامية الآن ، وقد حرص أعداء الإسلام على عزلها عن كتاب الله فتخلفت عن ركب الحضارة ، وسحب بساط العزة والكرامة ، والقوة والمنعة من تحت قدميها ، فأصبحت شخصيتها غير محددة المعالم ، تتقاذفها التيارات من اليمين إلى اليسار.

لهذا رأت وزارة العدل وهي تعمل جاهدة في ظل القيادة الحكيمة لفخامة الأخ الرئيس القائد علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية رئيس مجلس القضاء الأعلى ، وتوجهاته وطموحاته لبناء قضاء حديث ، وتوجيهاته بتنفيذ خطة الإصلاح القضائي الشامل وتطوير المعهد العالي للقضاء شكلا ومضمونا ، وتحديث مناهجة بما يواكب العصر ، ويحقق الغاية المنشودة من وجوده ـ ترى في هذا الفكر الذي تزخر به كبريات مكتبات اليمن والعالم الحاجة الملحة لإبراز مكنونه ، وإظهار جواهره ودرره ، التي لا غنى للأمة الإسلامية عنها. بل مطلوب الإنسانية جمعاء أن يكون الطريق واضحا ، تحكمه الشريعة الإلهية.

ونظرا لحاجة الحكام ، وطلبة المعهد العالي للقضاء لأمهات المراجع الأساسية التي يجب العود إليها سواء في دراساتهم ، أو أبحاثهم ، أو مباشرتهم للقضاء.

٨

وتواصلا لما بدأته وزارة العدل ، ومجلس القضاء الأعلى في طبع وإخراج الكثير من المراجع القضائية ، وبما يضاف إلى سجل فخامة الأخ الرئيس الحافل بالمنجزات ، وإخراج روائع كتب التراث.

ومن هذه الكتب الهامة كتاب تفسير آيات الأحكام في القرآن الكريم المسمى ب ـ (الثمرات اليانعة والأحكام الواضحة لما تضمنته الآيات من الأنوار الساطعة ، والأدلة القاطعة) لمؤلفه القاضي العلامة المحقق الزاهد يوسف بن أحمد بن محمد بن عثمان الثلائي اليمني) رحمه‌الله ، والمعروف ب ـ (الفقيه يوسف) عند أهل الفقه.

وقد وقع الاختيار لهذا الكتاب لأهميته العلمية والفكرية ، فهو يمتاز بالأسلوب العلمي الرصين البعيد عن التعصب والأهواء ، مشتملا على كل ما يحتاجه الحاكم ، والمعلم ، والباحث ، وطلبة العلم ، جامعا لآراء فقهاء الإسلام مع بيان الأدلة والوجه لكل الآراء ، غير متحيز ، ولا مائل إلا مع الدليل ، وهذا هو الطريق الذي يجب أن يسلكه علماء الإسلام ليقطعوا الطريق على أنصاف المتعلمين الذين أوصلوا الإسلام والمسلمين إلى الحالة الراهنة من التفرق والتمزق ، بسبب محدودية الفكر ، والتطرف والغلو ، وإنكار الرأي الآخر.

إننا نعتقد أن الطريق الأمثل للخروج من الحالة المزرية التي يعيشها العالم الإسلامي اليوم هي بتظافر الجهود لبعث روائع التراث الإسلامي ، والعودة إلى منابعه الصافية ، والاقتداء بعلمائه الأوائل الذين أبدوا رأيهم واحترموا رأي غيرهم مجسدين احترام الرأي والرأي الآخر منذ مئات السنين

ولا غرو فهذا الكتاب الذي نقدمه بين يدي القارئ الكريم فيه كل الدروس التي يجب أن تشكر ولا تنكر ، فمؤلفه رحمه‌الله من مجتهدي ،

٩

ومحققي ، وفقهاء ، وعلماء اليمن المخلصين ، الذين كانت مسيرتهم العلمية حافلة بالعطاء ، المتحلين بكل صفات الفضائل ، الذين نذروا حياتهم في خدمة العلم ، والإسلام ، الداعين إلى وحدة الأمة الإسلامية ، وحدة شاملة لكل مناحي الحياة.

لذا رأينا أن من واجبنا أن يخرج هذا الكتاب إلى النور ، وأن تشمل فائدته الفكرية والعلمية أكبر عدد من طلاب المعرفة ، علماء وباحثين ، وقضاة ، وولاة أمور ، وطلبة علم.

نسأل الله العلي القدير أن يوفقنا لما يخدم الأمة ، ويحقق النهضة والعزة في ظل قيادتنا السياسية الحكيمة بزعامة فخامة الأخ علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية رئيس مجلس القضاء الأعلى.

والله من وراء القصد ، وهو الهادي إلى سواء السبيل.

أحمد عبد الله عقبات

وزير العدل

١ / ٨ / ٢٠٠٢ م

١٠

مقدمة التحقيق

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد ، وعلى آله الطاهرين

فإن كل كتاب تكون قيمته بحسب موضوعة ، وما دام هذا الكتاب موضوعه البحث في القرآن الكريم ، واستخراج أحكامه ، والتنقيب عن معانية ، فلا ريب أنه من أشرف الكتب ، وأهمها ، لأن موضوعه أشرف الموضوعات على الإطلاق.

لقد انبرى سلفنا الصالح وأئمة العلم الكرام إلى هذا العلم الذي مستنده وأساسه قرآن الأمة ، ودستورها الخالد الأبدي ، الذي (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ، تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) ، فعكفوا على آياته ، وانبروا لتوضيح مجملاته ، وبينوا عموماته وخصوصاته ، ووضعوا لذلك القواعد ، والضوابط ، واستخرجوا مختلف العلوم ، والمعارف والفنون التي يزخر بها القرآن الكريم.

وهذا الكتاب الذي بين أيدينا من بين تلك الكتب التي كان موضوعها هو القرآن الكريم ، ولكنه يتميز عنها بأسلوبه العلمي الرصين الهادف ، مفسرا ، وموضحا ، وناقلا للحكمة أنى وجدها من قريب أو بعيد.

والتراث الفكري اليمني عموما ، والزيدي خصوصا يتميز بالفكر الحر العقلي العملي الذي يجمع ولا يفرق ، فباب الاجتهاد فيه مفتوح على مر الدهور ، وحركة التطوير هدف أسمى لكل علمائه المخلصين ، والتنقيب والبحث عن الحقيقة هي المطلب الأسمى لكل علمائه ، ومجتهديه ، وأئمته.

١١

لذا فقد تميز عن سائر المذاهب والفرق بأن العوامل التي يتحلى بها علماؤه ومجتهدوه كانت سببا رئيسيا في تحصيل شتى فنون العلم والمعرفة ، والبحث عن كل ما يفيد ، وتحصيله بكل الطرق الممكنة ، بدون تمييز بين قائل وقائل ، وعالم وعالم ، فحفظوا للأمة الإسلامية تراثها وفكرها ،

وها هو الكتاب الذي نقدمه بين يدي قرائنا الكرام ، شاهد صدق على ما قلناه وما بذله ويبذله علماء اليمن من عطاء فكري زاخر خال عن الشوائب والأكدار

إن كتاب الثمرات اليانعة من الكتب التي تداولها الناس قديما ، وحرص الآباء على اقتنائها واستنساخها ، واستخراج فوائدها ، يدل على ذلك كثرة نسخه المتداولة فلا تكاد تخلو منها مكتبة ، ولا يستغني عنها عالم ، وذلك يبين مدى الحرص على هذا الكتاب ، الذي يعتبر مرجعا أساسيا ، ومعينا لا ينضب لكل عالم ومجتهد وباحث وطالب علم.

وليس ببعيد فمؤلفه ممن حاز قصب السبق والفخار ، وله اليد الطولى ، والقدح الأوفى في شتى فنون العلم والمعرفة ، كان في عصره مرجع العلماء ، وحجتهم ، وقدوتهم ، وله المكانة العليا بين أوساطهم ، والمرجع لحل كل المشكلات.

لذا رأت وزارة العدل أن يكون لها شرف التكفل بطباعة هذا الكتاب ونشره خدمة للعلم وأهله ، وإظهارا لدور علماء اليمن في مسيرة التطور الفكري الإسلامي ، لما يحويه هذا الكتاب بين دفتيه من مسائل وأحكام قيمة مفيدة لرجال القضاء أولا ، ولغيرهم من العلماء والباحثين والمهتمين ثانيا ، أضف إلى ذلك أن قيام الوزارة بهذا العمل يعد لفتة مهمة نحو تراثنا القيم ، الذي تزخر به مكتبات اليمن الخاصة والعامة ، والتي تعد في نظرنا من أهم المكتبات التراثية على مستوى العالم ، وكل ذلك من منطلق أن

١٢

التراث يعتبر المرآة التي ترى الأمة من خلالها ذاتها ، وحضارتها ومجدها ، وتاريخها ، وخلاصة تجاربها خلال قرون طويلة ، إضافة إلى اعتبار التراث اليمني بل والإسلامي بشكل عام يعتبر المرآة التي ينظر العالم من خلالها إلى الأمة الإسلامية ، فيتم على هذه المنوال تقييم حضارة الإسلام ، ومستوى رقي أبنائه.

كما تتشرف مكتبة التراث الإسلامي بأن يكون لها شرف التنفيذ ، وإخراج الكتاب بالصورة المشرفة اللائقة به ، وذلك في وقت قياسي لا يتعدى بضعة أشهر

لقد حرص محققو هذا الكتاب على أن يخرج النص أولا وقبل كل شيء ـ سليما من الأخطاء ـ وكان هذا هو الهدف الذي جعلوه ركيزة لهم ، إضافة إلى الفوائد التي يرون أن النص يحتاج إليها سواء من تخريج بعض الأحاديث ، وتراجم العلماء الذين وردت أسماؤهم في هذا الكتاب ، وإضافة التعليقات المهمة التي دونها علماء اليمن خلال تدريسهم وبحثهم في هذا الكتاب.

وكما قلنا سابقا بأن هذا الكتاب له نسخ خطية لا يمكن حصرها بل لا تخلو منها مكتبة وبيت من بيوت العلم المشهورة ، فكان اعتمادنا على أقدم النسخ ، وأدقها ، وما كثرت القراءة فيه على علماء لهم دورهم البارز ، وآراؤهم الفكرية المهمة ، وخصوصا النسخة التي قرئت على العلامة إبراهيم السحولي ، والعلامة أحمد بن يحي حابس ، وكذلك النسخة التي قرئت على سيدي العلامة الحجة مجد الدين المؤيدي حفظه الله. وإن كانت نسخته لم تصلنا إلا في آخر عملنا

ونظرا لكبر حجم الكتاب ، وقصر المدة ، فقد قام بتحقيق القسم الأول إلى سورة النساء الأخ محمد قاسم الهاشمي ، وقام بتحقيق القسم الثاني إلى آخر الكتاب الأخ عبد الله عبد الله الحوثي ، وكذلك عهد القسم

١٣

الأخير للمراجعة إلى كل من الأخ عبد الكريم عبد الله الضوء ، والأخ حسين أحمد العشيري ، وقد أشرفت مكتبة التراث الإسلامي على الصف والإخراج ، والمراجعة ، ثم الطباعة أخيرا ، فنحمد الله الذي وفقنا على خدمة هذه الأمة ، وتقديم ما نتمنى أن تحصل الفائدة المرجوة منه ، والله الموفق.

١٤

ترجمة المؤلف

اسمه ونسبه :

هو العلامة : يوسف بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عثمان ، بن علي بن عثمان الثلائي ، اليمني ، كان مسكن سلفه صرم بني قيس بالقرب من المصنعة من بلاد خبان ـ كما ذكره الشوكاني في البدر الطالع ـ وكان طلوعه من منطقته المذكورة إلى مدينة ثلاء بناء على استشارة الإمام الناصر صلاح الدين ، الذي رجح له الطلوع إلى هذه المنطقة لمقاصد علمية ، فأفاد ، وكان كثير التحسر على الإمام المذكور.

مولده :

لم تذكر المصادر تاريخ مولده ، ولكن يتبين من تاريخ العلماء الذين التقاهم أنه ولد في الربع الثاني من القرن الثامن الهجري.

مكانته العلمية :

احتل الفقيه يوسف منزلة رفيعة ، ومكانة مرموقة بين علماء عصره شهد له بذلك إقبال طلابه ، وإيثارهم له دون سواه ، ولأن شهرته قد طبقت الآفاق ، فقد كان مأوى لطلبة العلم يأتون إليه من حدب وصوب فارتحل إليه الناس من الأقطار إلى ثلا ، وعظم درسه في نفوس تلاميذه الذين ضاق بهم المسجد لكثرتهم فلا يجد بعضهم مكانا له في حلقته إلا نوافذ المسجد ،

وقال السيد صارم الدين في الطبقات : هو الفقيه العلامة الكبير ، والمحقق الشيعي الشهير ، كان فقيها محققا نظارا ، وبحرا متدفقا قطارا ،

١٥

أخذ عنه أساطين المذاكرة من الأصحاب ، وكتبه من أجمع الكتب للفوائد وأنظمها للفرائد ، ونقل أيضا عن صاحب الطراز المذهب قوله :

إجازة عن يوسف بن أحمد

أعني ابن عثمان الفقيه المرشدا

له رياض وزهور فائقة

وثمرات للزهور لاحقة

فهو إمام متقن مجيد

وعلمه محقق مفيد

وقد كتب على ضريحه :

قف بالضريح وقبل الأركانا

واشف الفؤاد وزحزح الأحزانا

واقرأ من الوحي المنزل سورة

حول الضريح ورتل القرآنا

واقر السلام على المفضل يوسف

هذا الذي للمعضلات أبانا

وأثار غامضة المسائل علمه

وهدى وأحيا الدين والإيمانا

هذا ابن عثمان المبارك يوسف

لله حبر جاء من عثمانا

أعلامه ظهرت بشائر فضله

وجلا المسائل بهجة وبيانا

إلى آخر القصيدة.

ولكن يد العابثين الآثمين قطع الله دابرهم قد أزالت ذلك كما أزالت غيره في شتى مقابر اليمن.

ومن المعاصرين الأستاذ عبد الله الحبشي الذي أثنى عليه بقوله : وبرز في علوم الفقه فكان الطلبة يتباهون به على من سواه من فقهاء عصره ، وهو مع ذلك مؤثر للعزلة لا يتقرب إلى أحد من أهل عصره ذوي النفوذ.

أما الأستاذ محمد حسين الذهبي (التفسير والمفسرون ٢ / ٤٦٩) فقد ذكر أنه لا يقدح في مخالفيه ، وإنما يقرعهم الحجة بالحجة ، ثم قال : هكذا نجد المؤلف رحمه‌الله يناقش مخالفه من أصحاب المذاهب الأخرى مناقشة جادة ، وإن دلت على شيء فهو قوة ذهن الرجل ، وسعة اطلاعه.

١٦

أما المولى العلامة مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي فقد قال فيه في لوامع الأنوار (١ / ٤٠١) الطبعة الثانية :

الفقيه العلامة المذاكر نجم الدين يوسف بن أحمد بن عثمان صاحب المؤلفات الفائقة ، كالثمرات اليانعة ، والزهور على اللمع ، والرياض على التذكرة ، وله تعليق على الزيادات ، والجواهر والغرر في كشف أسرار الدرر ، يعني درر الأمير علي بن الحسين .... ثم قال :

وما يقع في الثمرات في أسباب نزول الآيات من المخالفة للحق الذي عليه العترة المطهرة عليهم‌السلام ، والروايات المعلومة المتواترة ، فمشؤه الاعتماد على كتب المخالفين في النقولات ، مع عدم الالتفات إلى تصحيح الروايات على غير قصد لما تتضمنه من الدلالات ، ولا تعمد لمخالفة المعلومات ، وموجب التأويل لمثل هذا العالم ما علم من الحال من الطريقة الصالحة ، والسيرة المرضية ، مع عدم التصريح بما يوجب التأثيم ، ورد الحق الصريح ، فيترجح حينئذ جانب الحمل على السلامة ، والله سبحانه وتعالى يقول : (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ) [الأحزاب : ٥] وهو المطلع على السرائر ، (وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ) ، (وحَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)

شيوخه :

أخذ على الفقيه العلامة حسن بن محمد بن الحسن النحوي ، الصنعاني المذحجي العنسي ، المتوفى سنة ٧٩١ ه‍ صاحب التذكرة ، التي كثيرا ما يرجع المؤلف إليها ، والنحوي هذا هو تلميذ للإمام يحي بن حمزة عليه‌السلام ، ويقال : إنه لم يقرأ أحد كتاب الانتصار على الإمام يحي سواه ، فالفقيه يوسف ، والنحوي هما امتداد لتلك الشجرة المباركة ، كما تمتد تلك السلسلة الطيبة فهو يأخذ أيضا عن السيد العلامة عبد الله بن

١٧

الإمام يحي بن حمزة ، وقد درس عليه كتاب الانتصار ، ومن شيوخه أيضا : علي بن إبراهيم بن عطية ، وقد قرأ عليه الفقيه يوسف الانتصار ، وشفاء الأوام ، وتيسير المطالب.

ومن شيوخه : إسماعيل بن إبراهيم بن عطية.

وأحمد بن محمد السلفي ، وقد قرأ عليه الفقيه يوسف تعليق الحسن النحوي ، وأجازه له.

ومن شيوخه : أحمد بن علي بن مرغم. وقد قرأ عليه الفقيه يوسف شفاء الأوام للأمير الحسين ، وقال الفقيه يوسف وكانت قراءتي على الفقيه أحمد بن علي بن مرغم في العاشر من جمادى الآخرة سنة ٧٨٤ ه‍ فرحمهم‌الله جميعا.

تلاميذه :

كما أسلفنا فتلاميذه أكثر من أن يحصروا ، حتى أن بعضهم كما ذكر المؤرخون لا يسعه المسجد فيسمع من نوافذ المسجد. ومن أشهرهم :

العلامة : يحي بن أحمد مظفر.

العلامة : السيد أبو العطايا عبد الله بن يحي الحسيني.

العلامة : سليمان بن محمد بن مطهر.

العلامة أحمد بن حسين البارقي.

الإمام المطهر بن محمد بن سليمان.

مؤلفاته :

لقد أثرى المؤلف رحمه‌الله المكتبة الإسلامية بالعلوم النافعة ، قال السيد صارم الدين في الطبقات : وكتبه من أجمع الكتب للفوائد ، وأنظمها للفرائد.

١٨

وهي :

١ ـ الثمرات اليانعة ، والأحكام الواضحة القاطعة في تفسير آيات الأحكام ، وهو الكتاب الذي نضعه بين يدي القارئ راجين من الله العلي القدير أن ينفع به هذه الأمة ، وأن يجعل ذلك في ميزان الحسنات.

٢ ـ الزهور المشرقة ، والنفحات العبقة التي طلع بالجمع سناها المنير ـ وهي تفسير لكتاب اللمع للأمير الحسين عليه‌السلام في أربعة مجلدات موجود في مكتبة الجامع الكبير نسخ بأرقام (١١٥٢ ـ ١١٥٨) بمكتبة الأوقاف بصنعاء ، وثلاثة مجلدات بمكتبة جامع شهارة من أوقاف الشريفة زكية بنت الحسين بن المؤيد ، الجزء الأول بمكتبة السيد محمد عبد العظيم الهادي ، وأخرى في المكتبة الشرقية بذمار

٣ ـ الاستبصار المنتزع من الانتصار ، وهو مختصر لكتاب الانتصار للإمام يحي بن حمزة عليه‌السلام.

٤ ـ برهان التحقيق ، وصناعة التدقيق في المساحة والضرب.

٥ ـ تعليق على الزيادات للحسن النحوي مخطوط مكتبة الجامع الكبير الأوقاف برقم ١١٣٨ ، ١٦٤٠).

٦ ـ الجواهر والغرر في كشف أسرار الدرر في الفرائض ، ويسمى التعليق الوهاج على درر الأمير من هو في العترة كالتاج. مخطوط الجامع الكبير ضمن المجموع رقم ١٢٨.

٧ ـ الرياض الزاهرة ، والجواهر الناظرة في كشف معاني التذكرة الفاخرة للفقيه حسن بن محمد النحوي ، حاشية على التذكرة ، مخطوط في المكتبة الغربية برقم (٢٢٩) فقه ورقم (١٣٣٣) بمكتبة الأوقاف بصنعاء ، وفيها أيضا برقم ١١٨) مجاميع ، ونسخة باسم الجواهر الناظرة

١٩

في كشف غرائب التذكرة الفاخرة ، بخط ضعيف بقلم يحي بن أحمد بن علي مظفر بمكتبة السيد يحي بن محمد عباس.

٨ ـ مسائل الدور في العبيد ، كتاب مستقل في هذه المسائل.

٩ ـ التيسير في التفسير.

وفاته : توفي الفقيه يوسف رحمه‌الله بهجرة عين ثلا في أول جمعة من جمادى الآخرة سنة ٨٣٢ ه‍ ـ ١٤٢٩ م وقبره بتلك الهجرة شمال شرقها.

منهجه في هذا الكتاب :

لقد تتبع المصنف رحمه‌الله الآيات القرآنية التي يستنبط منها الأحكام الفقهية ، بعد الإطلاع على ما صنفه غير واحد منهم صاحب الروضة والغدير ، وقد وجدها كما ذكر في مقدمة هذا الكتاب غير مشتملة على كل الآيات ، فأكمل ذلك.

ويلخص المؤلف عمله في هذا الكتاب في معرض قوله عن كتاب الروضة والغدير :

(فلم أجد هذا الكتاب محيطا بآيات في الكتاب الكريم منطوية على الإيجاب والندب والتحريم. ولا كشف الأمير فيه بيان الوجوه التي تستخرج بها الأحكام ، ولا أشار الى الآلات التي تقطتف بها ثمرات الأكمام ، فحينئذ تتبعت كل آية من كتاب الملك العلام ، واستقريت ما برهنها به عيون علماء الإسلام ، فكمّلت في هذا الكتاب بتوفيق الله ما نقص من المرام).

منهجه في التفسير :

لقد سلك المؤلف مسلكا موحدا في التفسير ويمكن أن يلخص في الآتي :

ابتدأ الكتاب بذكر مقدمة أصولية هامة بين فيها قواعد أصول الفقه ،

٢٠