الموسوعة القرآنيّة - ج ٤

ابراهيم الأبياري

الموسوعة القرآنيّة - ج ٤

المؤلف:

ابراهيم الأبياري


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة سجل العرب
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٢٨

١١ ـ (وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا

إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ)

«إلا إبليس» : نصب على الاستثناء من غير الجنس ؛ وقيل : هو من الجنس.

١٢ ـ (قالَ ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ)

«ما» : استفهام ، معناها الإنكار ، وهى رفع بالابتداء ، وما بعدها خبرها ، و «أن» : فى موضع نصب ب «منعك» مفعول بها ، و «لا» زائدة ؛ والتقدير : أي شىء منعك من السجود ؛ ففي «منعك» ضمير الفاعل يعود على «ما» ، و «إذ» : ظرف زمان ماض ، والعامل فيها «تسجد».

١٦ ـ (قالَ فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ)

«صراطك» : أي ، على صراطك ، بمنزلة : ضرب زيد الظهر والبطن ؛ أي : على الظهر والبطن.

١٨ ـ (قالَ اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً)

«مذءوما مدحورا» : نصب على الحال من المضمر فى «اخرج».

١٩ ـ (وَيا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ

الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ)

«فتكونا» : نصب على جواب النهى.

٢٠ ـ (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما

وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ

أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ)

«إلا أن تكونا» : أن ، فى موضع نصب على حذف الخافض ؛ تقديره : ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا كراهة أن تكونا ، أو : لئلا تكونا. والهاء من «هذه» بدل من ياء ، وهى للتأنيث. ومن أجل أنها بدل من ياء انكسر ما قبلها ، وبقيت بلفظ الهاء فى الوصل ، وليس فى كلام العرب هاء تأنيث قبلها كسرة ، ولا هاء تأنيث تبقى بلفظ الهاء فى الوصل غير «هذه» ، وأصلها : هاذى.

٢١ ـ (وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ)

اللام فى «لكما» متعلقة بمحذوف ؛ تقديره : إنى ناصح لكما لمن الناصحين.

١٦١

فإن جعلت الألف واللام فى «الناصحين» للتعريف ، وليستا بمعنى «الذين» ، جاز أن تتعلق ب «الناصحين» ، وهو قول المازني.

٢٣ ـ (قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ)

نداء الرب ، قد كثر حذف الياء منه فى القرآن ، وعلة ذلك فى حذف «يا» من نداء الرب تعالى فيه معنى التعظيم له والتنزيه ، وذلك أن النداء فيه طرف من معنى الأمر ؛ لأنك إذا قلت : يا زيد ، فمعناه : تعال يا زيد ، أدعوك يا زيد ، فحذفت «يا» من نداء الرب ؛ ليزول معنى الأمر وينتفى ، لأن «يا» يؤكده ويظهر معناه ، فكان فى حذف «يا» : التعظيم والإجلال والتنزيه ، فكثر حذفها فى القرآن ، والكلام فى نداء «رب» لذلك المعنى.

«وإن لم تغفر لنا» : دخلت «إن» على «لم» ليرد الفعل إلى أصله فى لفظه ، وهو الاستقبال ؛ لأن «لم» يرد لفظ المستقبل إلى معنى المضي ، و «إن لم» يرد الماضي إلى معنى الاستقبال ، كما صارت «لم» ، ولفظ المستقبل بعدها بمعنى الماضي ، ردتها «إن» إلى الاستقبال ؛ لأن «إن» ترد الماضي إلى معنى الاستقبال.

٢٤ ـ (قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ

وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ)

«جميعا» : حال من المضمر فى «اهبطا».

«بعضكم لبعض عدو» : ابتداء وخبر ، فى موضع الحال أيضا ؛ وكذلك : «ولكم فى الأرض مستقر ومتاع إلى حين».

٢٦ ـ (يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ

خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ)

«قد أنزلنا عليكم لباسا» : يعنى : ما أنزل من المطر فنبت به الكتان والقطن ، ونبت به الكلأ الذي هو سبب ثياب الصوف والوبر والشعر على ظهر البهائم ، وهذا المعنى يسمى التدريج ؛ لأنه تعالى سمى الشيء باسم ما تدرج عنه.

«ولباس التّقوى» : من نصبه عطفه على «لباس» المنصوب ب «أنزلنا» ، ومن رفعه ، فعلى الابتداء بالقطع مما قبله ؛ و «ذلك» : نعته ، أو بدل منه ، أو عطف بيان عليه ؛ و «خير» : خيره.

١٦٢

ويجوز رفع «لباس» على إضمار مبتدأ ؛ تقديره : وستر العورة لباس التقوى ؛ أي : المتقين ، يريد : لباس أهل التقوى ، ثم حذف المضاف.

فأما من نصب «لباس» فإن ذلك يكون إشارة إلى اللباس وإلى كل ما تقدم ، وهى مبتدأ ، و «خير» : خبر «ذلك» ، إذا نصبت «لباس التقوى».

ويكون معنى الآية فى الرفع : ولباس التقوى خير لكم عند الله من لباس الثياب التي هى للزينة.

وقد قيل فى «لباس التقوى» ، فى قراءة من رفع : إنه لباس الصوف والخشن ومما يتواضع به لله.

٢٧ ـ (يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ

عَنْهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ

إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ)

«لا يفتننّكم» : معناه : اثبتوا على طاعة الله والرجوع عن معاصيه ؛ مثل قوله (فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ٢ : ١٣٢ ؛ ٣ : ١٠٢

«ينزع عنهما» : ينزع ، فى موضع نصب على الحال من المضمر فى «أخرج».

«من حيث» : مبنية ، وإنما بنيت ، لأنها تدل على موضع بعينه ، ولأن ما بعدها من تمامها كالصلة من الموصول ، وبنيت على حركة ، لأن قبل آخرها ساكنا ، وكان الضم أولى بحركتها ؛ لأنها غاية : فأعطيت غاية الحركات ، وهى الضمة ؛ لأنها أقصى الحركات.

وقيل : بنيت على الضم ؛ لأن أصلها : حوث ، فدلت الضمة على الواو.

ويجوز فتحها.

٢٩ ـ (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ

مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ)

«مخلصين» : حال من المضمر المرفوع فى «ادعوه».

«كما بدأكم» : الكاف ، فى موضع نصب ، نعت لمصدر محذوف ؛ تقديره : تعودون عودا كما بدأكم.

وقيل : تقديره : تخرجون خروجا مثل ما بدأكم.

١٦٣

٣٠ ـ (فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ

مِنْ دُونِ اللهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ)

«فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة» : فريقا ، نصب ب «هدى» ، «وفريقا» : نصب بإضمار فعل فى معنى ما بعده ؛ تقديره : وأضل فريقا.

ونقف على «تعودون» ، على هذا التقدير.

وإن نصبت «فريقا» و «فريقا» على الحال من المضمر فى «تعودون» ، لم تقف على «تعودون» وتقف على «الضلالة» ؛ والتقدير : كما بدأكم تعودون فى هذه الحال.

وقد قرأ أبى بن كعب : «تعودون فريقين فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة» ، فهذا يبين أنه نصب على الحال ، فلا تقف على «تعودون» ، إذا نصبت على الحال.

٣٢ ـ (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ

لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ

لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)

«فى الحياة الدّنيا خالصة» : من رفع «خالصة» ، وهى قراءة نافع وحده ، رفع على خبر المبتدأ ؛ أي : هى خالصة ، ويكون قوله «للذين آمنوا» سببا للخلوص ويجوز أن يكون خبرا ثانيا ل «هى» ، والمعنى : هى تخلص للمؤمنين فى يوم القيامة.

ومن نصب «خالصة» نصب على الحال من المضمر فى «الذين» ، والعامل فى الحال : الاستقرار والثبات الذي قام «للذين آمنوا» مقامه ؛ فالظروف وحروف الجر تعمل فى الأحوال ، إذا كانت أخبارا عن المبتدأ ؛ لأن فيها ضميرا يعود على المبتدأ ، ولأنها قامت مقام محذوف جار على الفعل ، هو العامل فى الحقيقة ، وهو الذي فيه الضمير على الحقيقة ، ألا ترى أنك إذا قلت : زيد فى الدار ، وثوب على زيد ؛ فتقديره : زيد مستقر فى الدار ، أو ثابت فى الدار ، وثوب مستقر ، وثابت على زيد ، ففي «ثابت» ، و «مستقر» ضمير مرفوع على المبتدأ.

فإذا حذفت «ثابتا» أو «مستقرا» ، وأقمت الظرف مقامه ، أو حرف الجر ، قام مقامه فى العمل وانتقل الضمير فصار مقدرا متوهما فى الظرف وفى حرف الجر.

١٦٤

«واللام» فى «للذين» ، و «فى» فى قولك «فى الدار زيد» ، و «على» من قولك ، على زيد ثوب ، متعلقات بذلك المحذوف الذي قامت مقامه ؛ فالحال هى من ذلك الضمير الذي انتقل إلى حرف الجر. والرافع لذلك الضمير هو الناصب للحال ؛ والتقدير : قل هى ثابتة للذين آمنوا فى حال خلوصا لهم يوم القيامة.

وقد قال الأخفش : إن قوله «فى الحياة الدنيا» متعلق بقوله «أخرج لعباده» ، ف «أخرج» هو العامل فى الظرف الذي هو «فى الحياة الدنيا».

وقيل : قوله : «فى الحياة الدنيا» متعلق ب «حرم» ، فهو العامل فيه ؛ فالمعنى ، على قول الأخفش : قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده فى الحياة الدنيا ؛ وعلى قول غيره : قل من حرم فى الحياة الدنيا زينة الله التي أخرج لعباده.

ولا يحسن أن يتعلق الظرف ب «زينة» ؛ لأنه قد نعت ، ولا يعمل المصدر ، ولا اسم الفاعل ، إذا نعت ، لأنه يخرج عن شبه الفعل ، ولأنه يقع فيه تفريق بين الصلة والموصول ؛ وذلك أن معمول المصدر فى صفته ونعته ليس فى صلته ، فإذا قدمت النعت على المعمول قدمت ما ليس فى الصلة على ما هو فى الصلة.

وفى قول الأخفش تفريق بين الصلة والموصول ؛ لأنه إذا علق الظرف ب «أخرج» صار فى صلة «التي» ، وقد فرق بينه وبين تمام الموصول ، و «فى الحياة الدنيا» من تمام الموصول ، فقد فرق بين بعض الاسم وبعض ، بقوله «والطيبات من الرزق قل هى للذين آمنوا».

ويجوز أن يكون «فى الحياة الدنيا» متعلقا ب «الطيبات من الرزق» ، فيكون التقدير : ومن حرم الطيبات من الرزق فى الحياة الدنيا.

ولا يحسن تعلق «فى الحياة» ب «الرزق» ؛ لأنك قد فرقت بينهما بقوله : «قل هى للذين آمنوا».

ويجوز أن يكون تعلق الظرف ب «آمنوا».

٣٣ ـ (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ

الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ)

«ما ظهر» : ما ، فى موضع نصب ، على البدل من «الفواحش».

«وأن تشركوا ، وأن تقولوا» : وأن ، فيهما ، فى موضع نصب ، عطف على «الفواحش».

١٦٥

٣٥ ـ (يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي فَمَنِ اتَّقى

وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)

«أما» : حرف للشرط ، ودخلت النون المشددة لتأكيد الشرط ؛ لأنه غير واجب ، وبنى للفعل مع النون على الفتح.

٣٨ ـ (قالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّما

دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً)

«كلّما» : نصب ب «لعنت» ، وفيها معنى الشرط.

«ادّاركوا» : أصلها : «تداركوا» ، على «تفاعلوا» ، ثم أدغمت التاء فى الدال ، فسكن أول المدغم فاحتيج إلى ألف الوصل فى الابتداء بها ، فثبتت الألف فى الخط.

«جميعا» : نصب على الحال من الضمير فى «اداركوا».

٤١ ـ (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ وَكَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ)

«ومن فوقهم غواش» : غواش ، مبتدأ ، والمجرور خبرها. وأصلها ألا تنصرف ، لأنها على فواعل ؛ جمع : غاشية ، إلا أن التنوين دخلها عوض من الياء ؛ وقيل : عوض من ذهاب حركة الياء ، وهو أصلح ، فلما التقى الساكنان : الياء ساكنة والتنوين ساكن ، حذفت لالتقاء الساكنين ، فصار التنوين تابعا للكسرة التي كانت قبل الياء المحذوفة.

وقيل : بل حذفت الياء حذفا ، فلما نقص البناء عن «فواعلة» دخله التنوين.

٤٣ ـ (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ وَقالُوا

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ

لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها

بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)

«تجرى» : فى موضع نصب على الحال ، من الهاء والميم فى «صدورهم».

«لو لا أن هدانا الله» : أن ، فى موضع نصب ، رفع بالابتداء ، والخبر محذوف ؛ أي : لو لا هداية الله لنا مذخورة ، أو حاضرة ، لهلكنا ولشقينا ؛ واللام وما بعدها جواب «لو لا».

١٦٦

«أن تلكم الجنة» : أن ، مخففة من الثقيلة ، وهى فى موضع نصب على حذف حرف الجر ؛ أي : بأن تلكم.

وقيل : هى تفسير بمعنى : «أي» ، لا موضع لها من الإعراب.

«أورثتموها» : فى موضع نصب على الحال من «تلكم» ، أعنى : من الكاف والميم ؛ والكاف والميم فى «تلكم» للخطاب ، لا موضع لها من الإعراب.

٤٤ ـ (وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا

فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ)

«أن قد وجدنا» : أن ، فى موضع نصب ب «نادى» ؛ على تقدير حذف حرف الجر.

«أن لعنة الله» : من فتح «أن» ، أو شددها ، فموضعها نصب ب «أذن» ، أو ب «مؤذن» ، على تقدير حذف حرف الجر ؛ أي : بأن ؛ وثم «هاء» مضمرة ، إذا خفّفت.

ويجوز أن يكون فى حال التخفيف بمعنى : «أي» التي للتفسير ، فلا موضع لها من الإعراب.

وقد قرأ الأعمش بالتشديد والكسر على إضمار القول ؛ أي : فقال : إن لعنة الله ؛ و «بينهم» : ظرف ، والعامل فيه «مؤذن» ، أو «أذن».

فإن جعلت «بينهم» نعتا ل «مؤذن» جاز ، ولكن لا تعمل فى «أن» : «مؤذن». إذ قد نعته.

«يعرفون كلّا» : فى موضع رفع ، نعت ل «رجال».

٤٦ ـ (وَبَيْنَهُما حِجابٌ وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ وَنادَوْا

أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ)

«لم يدخلوها وهم يطمعون» : إن حملت المعنى على أنهم دخلوا ، كان «وهم يطمعون» : ابتداء وخبر ، فى موضع الحال من المضمر المرفوع فى «يدخلوها» ، معناه : أنهم يئسوا من الدخول فلم يكن لهم طمع فى الدخول ، لكن دخلوا وهم على يأس من ذلك ؛ أي : لم يدخلوها فى حال طمع منهم بالدخول ، بل دخلوا وهم على يأس من الدخول.

وإن جعلت معناه ؛ أنهم لم يدخلوا بعد ، ولكنهم يطمعون فى الدخول ، لم يكن للجملة موضع من الإعراب ، وتقديره : لم يدخلوها ولكنهم يطمعون فى الدخول برحمة الله.

وقد روى ذلك فى التفسير عن الصحابة والتابعين.

وقيل : إن «طمع» هاهنا ، بمعنى : علم ، أي : وهم يعلمون أنهم سيدخلون.

١٦٧

٤٧ ـ (وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا

مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)

«تلقاء» : نصب على الظرف ، وجمع «تلقاء» : تلاقى.

٥١ ـ (فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا وَما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ)

«وما كانوا بآياتنا» : ما ، فى موضع خفض ، عطف على «ما» الأولى.

٥٢ ـ (وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)

«هدى ورحمة» : حالان من الهاء فى «فصلناه» ؛ تقديره : هاديا وذا رحمة.

وأجاز الفراء والكسائي : هدى ورحمة ، بالخفض ، يجعلانه بدلا من «علم» ؛ و «هدى» ، فى موضع خفض أيضا ، على هذا المعنى.

ويجوز «رحمة» ، بالرفع ، على تقدير : هو هدى ورحمة.

٥٣ ـ (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جاءَتْ

رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي

كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ)

«يوم» : منصوب ب «يقول».

«أو نرد» : مرفوع ، عطف على الاستفهام ، على معنى : أو هل نرد ، لأن معنى «هل لنا من شفعاء» :

هل يشفع لنا أحد وهل نرد ، فعطفه على المعنى.

«فنعمل» : نصب ؛ لأنه جواب التمني بالفاء ، فهو على إضمار «أن» ، حملا على مصدر ما قبله ، فالفاء. فى المعنى يعطف مصدرا على مصدر.

٥٤ ـ (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى

عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ

بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ)

«حثيثا» : نعت لمصدر محذوف ؛ تقديره : طلبا حثيثا.

ويجوز أن يكون نصبا على الحال ؛ أي : حاثا.

١٦٨

«والشّمس والقمر» : عطف على «السموات» ، ومن رفع ، فعلى الابتداء ، ؛ و «مسخرات» : الخبر ، وكذلك من رفع «النجوم» فى سورة النحل : ١٢ ، رفع على القطع والابتداء ، و «مسخرات» الخبر.

٥٥ ـ (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)

«تضرّعا وخفية» : نصب على المصدر : أو على الحال ، على معنى : ذوى تضرع.

٥٦ ـ (وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ

قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)

«إنّ رحمة الله قريب» : ذكّر «قريبا» ؛ لأن الرحم والرحمة سواء ، فحمله على المعنى.

وقال الفراء : إنما أتى «قريب» بغير «هاء» ، لتفرق بين «قريب» من النسب ، وقريب ، من القرب

وقال أبو عبيد : ذكّر «قريب» ، على تذكير المكان ، أي : مكانا قريبا.

وقال الأخفش : الرحمة ، هنا : المطر ، فذكر على المعنى ؛ وقال : إنما ذكر على النسب ؛ أي : ذا قرب.

وقيل : إن القريب والبعيد ، يصلحان للواحد والجماعة والمذكر والمؤنث ، كما قال : (لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً) ٣٣ : ٦٣ ، و (وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ) ١١ : ٨٢

أو للفرق بين النسب والمسافة ، يقال : هذه قريبة فى النسب ، وقريب منه فى المسافة.

٥٧ ـ (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ)

«بشرا» : من قرأ بالنون ، وفتح النون ، جعله مصدرا فى موضع الحال ؛ ومن ضم النون والشين جعله جمع «نشور» ، الذي يراد به فاعل ؛ كظهور : بمعنى ظاهر ؛ كأن الريح ناشرة للأرض ؛ أي : محيية لها ، أو تأتى بالمطر.

ويجوز أن يكون جمع «نشور» بمعنى : مفعول ، كركوب وحلوب ، كأن الله أحياها لتأتى بالمطر.

وقيل : هو جمع «ناشر» ، كقاتل وقتل.

وكذلك القول فى قراءة من ضم النون وأسكن الشين تخفيفا.

وقد قيل : إن من فتح النون وأسكن الشين ، فعلى أنه مصدر بمنزلة : «كتاب الله» أعمل فيه معنى الكلام.

١٦٩

فأما من قرأ بالباء مضمومة ، فهو جمع : بشير ؛ جمعه على بشر ؛ ثم أسكن الشين تخفيفا ، جمع «فعيلا» على : فعل ، كما جمع «فاعل» على : فعل ، ونصبه على الحال أيضا.

٥٨ ـ (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً

كَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ)

«إلا نكدا» : حال من المضمر فى «يخرج» ، ويجوز نصبه على المصدر ، على معنى : ذى نكد ، وكذلك هو مصدر. على قراءة أبى جعفر ، بفتح الكاف.

وقرأ طلحة بإسكان الكاف ، تخفيفا كما يخفف «كتفا».

٥٩ ـ (لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ

مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)

من رفع «غير» جعله نعتا ل «إله» ، على الموضع ، أو جعل «غير» بمعنى «إلا» ، فأعربها بمثل إعراب ما يقع بعد «إلا» فى هذا الموضع ، وهذا الرفع على البدل من «إله» على الموضع ؛ كما قال تعالى : (وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللهُ) ٣ : ٦٢ ، فرفع على البدل من موضع «إله» ، وكذلك : (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) ٣٧ : ٣٥ ، «إلا الله» ، بدل من «إله» على الموضع.

و «لكم» : الخبر ، عن «إله».

ويجوز أن يضمر الخبر ؛ تقديره : ما لكم من إله غيره فى الوجود ، أو فى العالم ، ونحوه. والخفض فى «غير» على النعت على اللفظ ، ولا يجوز على البدل على اللفظ ، كما لا يجوز دخول «من» ، لو حذفت البدل منه ، لأنها لا تدخل فى الإيجاب.

٨٠ ـ (وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها

مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ)

«ولوطا» : تقديره : أي وأرسلنا لوطا.

وإن شئت نصبته على معنى : واذكر لوطا.

٨٩ ـ (قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللهِ كَذِباً إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللهُ

مِنْها وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّنا)

«إلّا أن يشاء الله» : أن ، فى موضع نصب على الاستثناء المنقطع.

١٧٠

وقيل : تقديره : إلا مشيئة الله.

١٠٠ ـ (أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِها أَنْ لَوْ نَشاءُ

أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ)

«أن لو نشاء» : أن ، فى موضع رفع فاعل «يهد».

وقرأ مجاهد : «نهد» ، بالنون ، ف «أن» على قراءته فى موضع نصب ب «نهد».

١٠٢ ـ (وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ)

«وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين» : إن ، عند سيبويه : مخففة من الثقيلة ، ولزمت اللام فى خبرها ، عوضا من التشديد.

وقيل : لزمت اللام لتفرق بين «إن» المخففة من الثقيلة وبين «إن» ، إذا كانت بمعنى «ما».

وقال الكوفيون : إن بمعنى : ما ، واللام ، بمعنى : إلا ؛ تقديره : وما وجدنا أكثرهم إلا فاسقين.

١٠٥ ـ (حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ

فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ)

«أن» : فى موضع نصب على حذف حرف الجر ؛ تقديره : بأن لا ؛ أو فى موضع رفع بالابتداء ، وما قبله خبره.

١١٠ ـ (يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَما ذا تَأْمُرُونَ)

«ما» : استفهام ، فى موضع رفع بالابتداء ، و «ذا» بمعنى : الذي ، وهو خبر الابتداء ، وثم «هاء» محذوفة من الصلة ؛ تقديره : فأى شىء الذي تأمرون به.

ويجوز أن يجعل «ما» و «ذا» اسما واحدا ، فى موضع نصب ب «تأمرون» ، ولا يضمر محذوفا.

١١٥ ـ (قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ)

«أن» : فى موضع نصب فيهما ، عند الكوفيين ، كأنه قال : إما أن تفعلوا الإلقاء ؛ كما قال :

قالوا الركوب فقلنا تلك عادتنا

فنصب «الركوب».

وأجاز بعض النحويين أن تكون «أن» فى موضع رفع ، على معنى : إما هو الإلقاء.

١١٧ ـ (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ)

«أن» : فى موضع نصب ؛ أي : بأن ألق.

١٧١

ويجوز أن يكون تفسيرا بمعنى : أي ، فلا يكون لها موضع من الإعراب.

«فإذا هى تلقف» : إذا ، للمفاجأة ، بمنزلة قولك : خرجت فإذا زيد قائم.

ويجوز نصب «قائم» على الحال ، ف «إذا» خبر الابتداء ، و «إذا» التي للمفاجأة ، عند المبرد ، ظرف مكان ، فلذلك جاز أن يكون خبرا عن الجثث.

وقال غيره : هى ظرف زمان على حالها فى سائر الكلام ، ولكن إذا قلت : خرجت فإذا زيد ؛ تقديره : فإذا حدوث زيد ، أو وجود زيد ، أو نحوه من المصادر ، ثم حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه ، كما تقول : الليلة الهلال ، ثم حذف على ذلك التقدير. وظروف الزمان تكون خبرا عن المصادر. ومثله ، «فإذا هى بيضاء للناظرين» الآية : ١٠٨

١٣٢ ـ (وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ)

«مهما» : حرف للشرط ؛ وأصله : ماما ؛ «ما» الأولى للشرط ، والثانية تأكيدا ، فاستثقل حرفان بلفظ واحد ، فأبدلوا من ألف «ما» الأولى هاء.

وقيل هى : «مه» التي للزجر ، دخلت على «ما» التي للشرط ، وجعلتا كلمة واحدة.

وحكى ابن الأنبارى : مهمن يكرمنى أكرمه ، وقال : الأصل : من من يكرمنى ، «من» الثانية تأكيد بمنزلة «ما» ، وأبدل من نون «من» الأولى هاء ، كما أبدلوا من ألف «ما» الأولى فى «مهما» هاء ، وذلك لمؤاخاة «ما» : «من» فى أشياء ، وإن افترقا فى شىء واحد ، فكره اجتماع لفظ «من» مرتين ، كما كره ذلك فى «ما».

١٣٣ ـ (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ

مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ)

«الطّوفان» : جمع : طوفانة ؛ وقيل : مصدر ، كالنقصان.

«الجراد» : واحدته : جرادة ، تقع للذكر والأنثى ، ولا تفرق بينهما إلا أن تقول : رأيت جرادة ، ذكرا أو أنثى.

«آيات مفصّلات» : نصب على الحال مما قبله.

١٧٢

١٣٥ ـ (فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ)

«هم بالغوه» : ابتداء وخبر ، فى موضع النعت ل «أجل».

١٣٧ ـ (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا الَّتِي

بارَكْنا فِيها وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا وَدَمَّرْنا

ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ)

«التي باركنا فيها» : التي ، فى موضع نصب على النعت للمشارق والمغارب ؛ و «مشارق» : مفعول ثان ل «أورثنا».

ويجوز أن يكون «التي» فى موضع خفض على النعت ل «الأرض».

ويجوز أن تكون «التي» نعتا لمفعول ثان ل «أورثنا» ؛ تقديره : وأورثنا الأرض التي باركنا فيها القوم الذين كانوا ؛ ويكون «مشارق» و «مغارب» ظرفين ل «الاستضعاف».

وفيه بعد ، فهو لا يجوز إلا على حذف حرف الجر.

والهاء فى «فيها» تعود على المشارق والمغارب ، أو على «الأرض» ، أو على «التي» إذا جعلتها نعتا للأرض المحذوفة.

«ودمرنا ما كان يصنع فرعون» : فى «كان» اسمها يعود على «ما» ، والجملة خبر «ما» ، والهاء محذوفة من «يصنع» يعود على اسم «كان» ، وهو ضمير «ما».

وقيل : «كان» ، زائدة.

وأجاز بعض البصريين أن يكون «فرعون» اسم كان ، يراد به التقديم ، و «يصنع» الخبر ، وهو بعيد ؛ وكذلك قيل فى قوله (وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا) ٧٢ : ٤ ، إن «سفيهنا» : اسم «كان».

وأكثر البصريين لا يجيزه ؛ لأن الفعل الثاني أولى يرفع الاسم الذي بعده من الفعل الأول ، ويلزم من أجاز هذا أن يجير : يقوم زيد ، على الابتداء والخبر ، والتقديم ؛ ولم يجزه أحد.

١٣٨ ـ (وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ)

«أصنام لهم» : لهم ، فى موضع خفض ، نعت ل «أصنام».

١٧٣

١٤٠ ـ (قالَ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِيكُمْ إِلهاً وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ)

«أبغيكم إلها» : الهاء ، نصب على البيان ، لأن «أبغيكم» قد تعدى إلى مفعولين : «غير» ، و «الكاف والميم».

١٤١ ـ (وَإِذْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ

وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ)

«يسومونكم» : فى موضع نصب على الحال من «آل فرعون».

«يقتّلون» : بدل من «يسومونكم» ، أو حال من المضمر المرفوع فى «يسومونكم».

١٤٢ ـ (وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً)

«ثلاثين ليلة» : تقديره : تمام ثلاثين ليلة ، أو انقضاء ثلاثين ؛ ولا يحسن نصب «ثلاثين» على الظرف للوعد ؛ لأن الوعد لم يكن فيها ، فهى مفعول ثان ل «واعد» ، على تقدير حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه.

«فتمّ ميقات ربّه أربعين ليلة» : أعاد ذكر «الأربعين» : للتأكيد ؛ وقال : ليعلم أن «العشر» ليال ، وليست بساعات ؛ وقيل : ليعلم أن «الثلاثين» تمت لغير «العشر» ، إذ يحتمل أن يكون «الثلاثين» إنما تمت ب «العشر» ، فأعاد ذكر «الأربعين» ليعلم أن «العشر» غير «الثلاثين» ؛ وانتصب «الأربعين» على موضع الحال كله ؛ قال : فتم ميقات ربه معدودا ، أو معدودا هذا القدر.

١٤٣ ـ (وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي

وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ

لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً)

«دكا» : من مده فعلى تقدير حذف مضاف ؛ أي : مثل أرض دكاء ؛ والأرض الدكاء ، هى المستوية.

وقيل : مثل ناقة دكاء ، وهى التي لا سنام لها مستوية الظهر ؛ فمعناه : جعله مستويا بالأرض لا ارتفاع له على الأرض ، ولم ينصرف ؛ لأنه مثل «حمراء» فيه ألف التأنيث ، وهو صفة ، وذلك علتان.

ومن نونه لم يمده ، جعله مصدر : «دكت الأرض دكا» أي : جعلها مستوية.

١٧٤

وقال الأخفش : هو مفعول ، وفيه حذف مضاف أيضا ؛ لأن الفعل الذي قبله ، وهو «جعله» ، ليس من لفظه ؛ وتقديره : جعله ذا دك ؛ أي : ذا استواء.

«صعقا» : حال من «موسى».

١٤٥ ـ (وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْها بِقُوَّةٍ

وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ)

«فخذها» : أصله : فأخذها ، وأصل «خذ» : اؤخذ ، لكن لم يستعمل الأصل وحذف تخفيفا لاجتماع الضمات والواو وحرف الحلق ؛ وقد قالوا : أؤمر ، وأؤخذ ، فاستعمل على الأصل ومنه قوله : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ) ٢٠ : ١٣٢ ، ولو استعملت على التخفيف ، لقال : ومر أهلك ، وهو جائز فى الكلام.

١٤٨ ـ (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً)

«من حليّهم» : أصله : حلويهم ، جمع حلى ، فعل على فعول ، مثل : كعب وكعوب ، ثم أدغمت الواو فى الياء بعد كسر ما قبلها ، وهو اللام ، ليصح سكون الياء ، وبقيت الحاء على ضمتها ، ومن كسرها أتبعها كسرة اللام.

١٥٠ ـ (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي

أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْواحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قالَ

ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ

وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)

«ابن أمّ» : من فتح الميم جعل الاسمين اسما واحدا ، كخمسة عشر.

وقيل : الأصل : ابن أما ، ثم حذفت الألف ؛ وذلك بعيد ، لأن الألف عوضا من ياء ، وحذف الياء إنما يكون فى النداء ، وليس «أم» بمنادى.

ومن كسر الميم أضاف «ابنا» إلى «أم» ، وفتحة «ابن» فتحة الإعراب ؛ لأنه منادى مضاف.

١٥٤ ـ (وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْواحَ وَفِي نُسْخَتِها هُدىً وَرَحْمَةٌ

لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ)

«وفى نسختها هدى» : ابتداء وخبر ، فى موضع الحال من «الألواح».

١٧٥

١٥٥ ـ (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا)

«واختار موسى قومه سبعين» : «قومه» ، و «سبعين» مفعولان ل «اختار» ، و «قومه» انتصب على تقدير حذف حرف الجر ؛ أي : من قومه.

١٦٠ ـ (وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً)

«اثنتي عشرة أسباطا أمما» : أنث ، على تقدير حذف «أمة» ؛ تقديره : اثنتي عشرة أمة ؛ و «أسباط» بدل من «اثنتي عشرة» ، و «أمم» نعت ل «أسباط».

١٦٣ ـ (وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ

حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً)

«إذ يعدون» : العامل فى «إذ» : «رسل» ؛ وتقديره : سلهم عن وقت عدوهم فى السبت.

«شرّعا» : نصب على الحال من «الحيتان» ؛ وأفصح اللغات نصب الظرف مع السبت والجمعة ؛ فتقول :

اليوم السبت ، واليوم الجمعة ، فينصب اليوم على الظرف ، ويرفع مع سائر الأيام ؛ فيقول : اليوم الأحد ، واليوم الأربعاء ؛ لأنه لا معنى فعل فيها ، والابتداء هو الخبر ، فترفعهما.

١٦٤ ـ (وَإِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ

عَذاباً شَدِيداً قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)

من نصب «معذرة» فعلى المصدر ، ومن رفعه فعلى خبر الابتداء ؛ واختار سيبويه الرفع ، لأنهم لم يريدوا أن يعتذروا من أمر لزمهم اللوم عليه ، ولكن قيل لهم : لم تعظون؟ فقالوا : موعظتنا معذرة.

١٦٥ ـ (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا

الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ)

من قرأ «بيس» بالياء من غير همز ، فأصله : بئس ، على وزن «فعل» ، ثم أسكن الهمزة التي هى حرف الحلق ، إذ كان عينا ، بعد أن كسر الياء لكسرة الهمزة على الإتباع ، ثم أبدل من الهمزة ياء.

وقيل : إنه فعل ماض ، منقول إلى التسمية ، ثم وصف به ، مثل ما روى عن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أنه

١٧٦

قال : إن الله ينهى عن قيل وقال ؛ فأصل الياء همزة ، وأصله «بئس» ، مثل : علم ، ثم كسرت الياء للاتباع ، ثم سكن على لغة من قال فى «علم» : علم ، ثم أبدل من الهمزة ياء.

فأما من قرأ بالهمزة على «فعيل» فإنه جعله مصدر «بئس» ، حكى أبو زيد ، بئس يبأس بئيسا ؛ والتقدير على هذا : بعذاب بئيس ؛ أي : ذى بؤس.

فأما من قرأه على «فيعل» ، فإنه جعله صفة للعذاب ، فهو بناء ملحق ب «جعفر».

وقد روى عن عاصم ، كسر الهمزة على «فيعل» ، وهو بعيد ؛ لأن هذا البناء يكون فى المعتل العين ، كسيد ، وميت.

١٧٠ ـ (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ)

«إنا لا نضيع أجر المصلحين» : تقديره : منهم ، ليعود على المبتدأ من خبره عائد ، وهو «الذين يمسكون».

١٧١ ـ (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ)

«كأنه ظلة» : الجملة فى موضع نصب على الحال.

وقيل : الجملة فى موضع رفع على خبر ابتداء محذوف ؛ تقديره : هو كأنه ظلة.

و «إذ» : فى موضع نصب ب «اذكر» مضمرة ، ومثله : «وإذ أخذ ربك» الآية : ١٧٣

١٧٣ ـ (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ

قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ)

«من ظهورهم» : بدل من «بنى آدم» ، بإعادة الخافض ، وهو بدل بعض من كل.

«أن تقولوا» : أن ، فى موضع نصب ، مفعول من أجله.

١٧٧ ـ (ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ)

فى «ساء» : ضمير فاعل ، و «مثلا» : تفسير ، و «القوم» : رفع بالابتداء ، وما قبلهم خبرهم ، ورفع على إضمار مبتدأ ؛ تقديره : ساء المثل مثلا هم القوم الذين ؛ مثل : نعم رجلا زيد.

١٧٧

وقال الأخفش : تقديره : ساء مثلا مثل القوم.

١٨٦ ـ (مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ)

«ويذرهم» : من رفعه قطعه مما قبله ؛ ومن جزمه عطفه على موضع الفاء فى قوله «فلا هادى له» ، لأنها فى موضع جزم ، إذ هو جواب الشرط.

١٨٧ ـ (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ

ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً)

«أيان مرساها» : مرسى ، فى موضع رفع على الابتداء ؛ و «أيان» خبر الابتداء ، وهو ظرف مبنى على الفتح ؛ وإنما بنى لأن فيه معنى الاستفهام.

«إلا بغتة» : نصب على أنها مصدر فى موضع الحال.

١٨٨ ـ (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللهُ)

«إلا ما شاء الله» : ما فى موضع نصب ، على الاستثناء المنقطع.

١٨٩ ـ (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها فَلَمَّا تَغَشَّاها

حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ)

«آتيتنا صالحا» : صالحا ، نعت لمصدر محذوف ، تقديره : إتيانا صالحا.

١٩٠ ـ (فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)

«شركاء» ؛ أي : ذا شرك ؛ أو ذوى شرك ، فهو راجع إلى قراءة من قرأ «شركاء» ، جمع شريك ، ولو لم يقدر الحذف فيه لم يكن ذما لهما ؛ لأنه يصير المعنى : أنهما جعلا لله نصيبا فيما أتاهما من مال وزرع وغيره ، وهذا مدح ؛ فإن لم يقدر حذف مضاف فى آخر الكلام قدرته فى أول الكلام ، لا بد من أحد هذين الوجهين فى قراءة من قرأ «شركاء» ، فإن لم يقدر حذفا انقلب المعنى وصار الذم مدحا.

١٩٤ ـ (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ

فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)

١٧٨

قراءة ابن جبير ، بنصب «عباد» ، و «أمثالكم» ، وتخفيف «إن» يجعلها بمعنى «ما» ، فنصب على خبر «ما».

وسيبويه يختار فى «أن» المخففة التي بمعنى «ما» رفع الخبر ، لأنها أضعف من «ما».

والمبرد يجريها مجرى «ما».

٢٠١ ـ (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ)

«طائف» : من قرأه «طيف» ، على «فعل». جعله مصدر : طاف يطيف.

وقيل : هو مخفف من «طيّف» ، كميت

٢٠٥ ـ (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ

وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ)

«تضرعا» : مصدر ؛ وقيل : هو فى موضع الحال.

«الآصال» : جمع : أصل ؛ وأصل : جمع أصيل.

وقيل : الآصال : جمع أصيل ، وهو العشى وقرئ بكسر الهمزة ، جعل مصدر «أصلنا» ؛ أي : دخلنا فى العشى.

ـ ٨ ـ

سورة الأنفال

١ ـ (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا

اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)

«ذات بينكم» : أصل «ذات» ، عند البصريين : ذوات ، فقلبت الواو ألفا ، وحذفت لسكونها وسكون الألف بعدها ، فبقى : ذات ، ودل على ذلك قوله تعالى : (ذَواتا أَفْنانٍ) ٥٥ : ٤٨ ، فرجعت الواو إلى أصلها.

وكل العلماء والقراء وقف على «ذات» بالتاء ، إلا أبا حاتم ، فإنه أجاز الوقف عليها بالهاء.

وقال قطرب : الوقف على «ذات» بالهاء حيث وقعت ؛ لأنها هاء تأنيث.

١٧٩

٢ ـ (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ

آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)

«وجلت قلوبهم» : مستقبل «وجل» : يوجل ؛ ومن العرب من يقول : ييجل ، فيقلب من الواو ياء ، ومنهم من يكسر الياء الأولى ، ومنهم من يفتح الياء الأولى ويبدل من الثانية ألفا ، كما قالوا : رأيت الزيدان ، فأبدلوا من الياء ألفا ، فتقول : يا جل.

٥ ـ (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ)

الكاف فى «كما» : فى موضع نصب ، نعت لمصدر «يجادلونك» ؛ أي : جدالا كما.

وقيل : وهو نعت لمصدر دل عليه معنى الكلام ؛ تقديره : قل الأنفال ثابتة لله وللرسول ثبوتا كما أخرجك.

وقيل : هى نعت ل «حق» ؛ أي : هم المؤمنون حقا كما.

وقيل : الكاف ، بمعنى الواو للقسم ؛ أي : وإن الأنفال لله والرسول والذي أخرجك.

وقيل : الكاف ، فى موضع رفع ؛ التقدير : كما أخرجك ربك من بيتك بالحق بقوة الله ، فهو ابتداء وخبره.

ويجوز أن يكون فى موضع رفع ، نعتا ل «رزق» الآية : ٤ ، فيكون نعتا بعد نعت ؛ أي : رزق يماثل الإخراج.

ويجوز أن يكون فى موضع رفع خبر مبتدأ محذوف ؛ أي : ذلك.

كما يجوز أن يكون فى موضع نصب متعلق بفعل أمر ؛ أي : امض كما أخرجك ، كما تقول : افعل كما أمرك.

واخرج كما أخرجك ؛ وإلى هذا أشار قطرب.

ويجوز أن يكون أمر صلى‌الله‌عليه‌وسلم بإمضاء قسمة أمر الغنائم على كره من السائلين المساكين ، كما أمر بإمضاء الخروج للقتال على كره من مفارقة بيوتهم ، وإلى هذا المعنى أشار الفراء ، فتكون الكاف فى موضع نصب على الحال ؛ أي : كرها كما أخرجت على كره من فريق.

وأما القسم ، الذي ذكر ، فهو قول أبى عبيدة ؛ لأن الناس يقولون : كما تصدقت على بالعافية لأتوبن ، لأفعلن ، ونحوه ، فخرج القسم ، وهو غريب.

فهذه تسعة أوجه.

١٨٠