الموسوعة القرآنيّة - ج ٤

ابراهيم الأبياري

الموسوعة القرآنيّة - ج ٤

المؤلف:

ابراهيم الأبياري


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة سجل العرب
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٢٨

إخراجكم ؛ أي : وقت موتكم إخراجكم ؛ وقوله : «إذا متم مخرجون» : فى موضع رفع على خبر «أن» الأولى ، والعامل فى «إذا» مضمر ، كأنك قلت : أيعدكم أنكم حادث إذا متم إخراجكم.

ولا يجوز أن يعمل فيه «إخراجكم» ، لأنه يصير فى صلة «الإخراج» ، وهو مقدم عليه ، وتقديم الصلة على الموصول لا يجوز ، ولا يحسن أيضا أن يعمل فى «إذا» قوله «متم» ، لأن «إذا» مضافة إليه ، ولا يعمل المضاف إليه فى المضاف لأنه بعضه ؛ وهذا كقولك : اليوم القتال ، ف «اليوم» : خبر عن «القتال» ، والعامل فى «اليوم» مضمر ؛ كأنك قلت : اليوم يحدث القتال ، أو حادث القتال. ولا يجوز أن يعمل فى «اليوم» : القتال ؛ لأنه يصير فى صلته ، وهو مقدم عليه ؛ فذلك غير جائز. وهذا المضمر العامل فى الظروف فيه ضمير يعود على المبتدأ ، فإذا أقمت الظرف أو المجرور مقامه وحذفته صار ذلك الضمير متوهما فى الظرف أو المجرور ، لقيامه مقام الخبر الذي فيه ضمير يعود على المبتدأ.

٣٦ ـ (هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ)

«هيهات هيهات» : من فتح التاء بناه على الفتح ، والوقوف عليه ، لمن فتح التاء عند البصريين ، بالهاء ، وموضعه نصب ؛ كأنه موضوع موضع المصدر ، كأنك قلت : بعدا بعدا لما توعدون.

وقيل : موضعه رفع ، كأنه قال : البعد لما توعدون.

ومن كسر التاء وقف بالتاء ، لأنه جمع ، كبيضة وبيضات.

وبعض العرب ينونه للفرق بين المعرفة والنكرة ؛ كأنه إذا لم ينون فهو معرفة ، بمعنى : البعد لما توعدون ، وإذا نون فهو نكرة ، كأنه قال : بعد لما توعدون ؛ وكررت للتأكيد.

٤٤ ـ (ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ)

«تترا» : هو فى موضع نصب على المصدر ، أو على الحال من «الرسل» ؛ أي : أرسلنا رسلنا متواترين ؛ أي : متتابعين.

ومن نونه جعله على أحد وجهين :

إما أن يكون وزنه فعلا ، وهو ، وهو مصدر دخل التنوين على فتحة الراء ؛ أو يكون ملحقا بجعفر ، والتنوين دخل على ألف الإلحاق.

فإذا وقفت على هذا الوجه ، جازت الإمالة ، لأنك تنوى أن تقف على الألف التي دخلت للإلحاق لا على ألف التنوين ، فتميلها إن شئت.

٣٠١

وإذا وقفت على الوجه الأول لم تجز الإمالة ، لأنك تقف على الألف التي هى عوض عن التنوين لا غير.

ومن لم ينونه جعل ألفه للتأنيث ، والمصادر كثيرا ما تلحقها ألف التأنيث ، كالدعوى والذكرى ، فلم ينصرف للتأنيث وللزومه.

وألفها بدل من واو ؛ لأنه بدل من «المواترة» ، وهو الشيء يتبع الشيء.

٥٢ ـ (وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ)

«وإن هذه أمتكم» : إن ، من فتحها جعلها فى موضع نصب بحذف حرف الجر ؛ أي : وبأن هذه ، أو لأن هذه ؛ فالحرف متعلق ب «اتقون».

وقال الكسائي : هى فى موضع خفض عطف على «ما» ، فى قوله «بما تعلمون» الآية : ٥١.

وقال الفراء : هى فى موضع نصب بإضمار فعل ؛ تقديره : واعلموا أن هذه.

ومن كسر «إن» فهو على الاستئناف.

«أمة واحدة» : نصب على الحال ، ويجوز الرفع على إضمار مبتدأ ؛ أو على البدل من «أمتكم» ، التي هى خبر «إن» ، أو على أنه خبر بعد خبر.

٥٣ ـ (فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً)

«زبرا» ؛ أي : مثل زبر.

٥٥ ، ٥٦ ـ (أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ)

خبر «أن» : «نسارع لهم فى الخيرات» ، و «ما» بمعنى : الذي.

وقال هشام : تقديره : نسارع لهم فيه ، وأظهر الضمير ، وهو ل «الخيرات» ، و «ما» ، التي هى اسم «أن» ، هى ل «الخيرات» ؛ ومثله عنده قولك : إن زيدا يكلم عمرا فى زيد ، أي : فيه ، ثم أظهر.

ولم يجز سيبويه هذا إلا فى الشعر.

وقد قيل : خبر «إن» محذوف.

٥٧ ـ (إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ)

خبر «إن» قوله : «أولئك يسارعون فى الخيرات» الآية : ٦١ ، ابتداء وخبر فى موضع خبر «إن» ؛ ومعنى «فى الخيرات ؛ أي : فى عمل الخيرات.

٣٠٢

٦٧ ـ (مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ)

«سامرا» : حال ، ومثله : «مستكبرين».

«تهجرون» : من فتح التاء جعله من «الهجران» ؛ أي : مستكبرين بالبيت الحرام سامرا ؛ أي : تسمرون بالليل فى اللهو اللعب ، لأمنكم فيه مع خوف الناس فى مواطنهم ، تهجرون آياتي وما يتلى عليكم من كتابى.

ومن ضم التاء جعله من «الهجر» ، وهو من الهذيان ، وما لا خير فيه من الكلام.

٧٦ ـ (وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ)

«فما استكانوا» : استفعلوا ، من «الكون» ، وأصله : استكونوا ، ثم أعل.

وقيل : هو «افتعلوا» من «السكون» : لكن أشبعت فتحة الكاف ، فصارت ألفا.

والقول الأول أصح فى الاشتقاق ، والثاني أصح فى المعنى.

٩٩ ـ (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ)

«قال ربّ ارجعون» : إنما جاءت المخاطبة من أهل النار بلفظ الجماعة ، لأن الجبار يخبر عن نفسه بلفظ الجمع.

وقيل : معناه التكرير : أرجعن أرجعن ، فجمع فى المخاطبة ، ليدل على معنى التكرير.

وكذلك قال المازني فى قوله : (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ) : ٥٠ ؛ أي : ألق ألق.

١١٠ ـ (فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ)

«سخريا» : من ضم السين جعله من : السخرة والتسخير ؛ ومن كسرها جعله من الهزء واللعب.

وقيل : هما لغتان ، بمعنى : الهزء.

١١١ ـ (إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ)

«أنّهم هم الفائزون» : أن ، فى موضع نصب ، مفعول ثان ل «جزيتهم» ؛ تقديره : إنى جزيتهم اليوم بصبرهم الفوز. والفوز : النجاة.

ويجوز أن يكون «أن» ، فى موضع نصب على حذف اللام فى «جزيتهم» ؛ أي : بصبرهم ، لأنهم الفائزون فى علمى ، وما تقدم لهم من حكمى.

٣٠٣

١١٢ ـ (قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ)

«كم لبثتم» : كم ، فى موضع نصب ل «لبثتم» ، و «عدد سنين» : نصب على البيان ، و «سنين» : جمع مسلّم ، بالياء.

ـ ٢٤ ـ

سورة النور

١ ـ (سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)

رفعت «سورة» على إضمار مبتدأ ؛ تقديره : هذه سورة ، و «أنزلناها» : صفة ل «سورة» ؛ وإنما احتيج إلى إضمار مبتدأ ، ولم ترفع «سورة» بالابتداء ، لأنها نكرة ، ولا يبتدأ بنكرة ، إلا أن تكون منعوتة.

وإذا جعلت «أنزلناها» نعتا لها ، لم يكن فى الكلام خبر لها ، لأن نعت المبتدأ لا يكون خبرا له ، فلم يكن بد من إضمار مبتدأ ليصبح نعت «السورة» : «أنزلناها».

وقرأ عيسى بن عمر «سورة» ، بالنصب ، على إضمار فعل يفسره : «أنزلناها» ؛ تقديره : أنزلنا سورة أنزلناها.

ولا يجوز أن يكون «أنزلناها» : صفة ل «سورة» ، على هذه القراءة ؛ لأن الصفة لا تفسر ما يعمل فى الموصوف.

وقيل : النصب على تقدير : قل سورة أنزلناها ؛ فعلى هذا التقدير يحسن أن يكون «أنزلناها» نعتا ل «سورة» ؛ لأنه غير مفسر للعامل فى «السورة».

٢ ـ (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ)

«الزّانية والزّانى فاجلدوا» : الاختيار عند سيبويه الرفع ؛ لأنه لم يقصد بذلك قصد اثنين بأعيانهما ؛ والرفع عند سيبويه على الابتداء ؛ على تقدير حرف جر محذوف ؛ تقديره : فيما فرض عليكم الزاني والزانية فاجلدوا.

وقيل : الخبر : ما بعده ، وهو «فاجلدوا» ، كما تقول : زيد فاضربه ، وكأن «الفاء» زائدة.

٤ ـ (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً)

نصب «ثمانين» ، على المصدر ؛ «وجلدة» ، على التفسير.

٣٠٤

٥ ـ (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)

«الذين» : فى موضع نصب ، على الاستثناء.

وإن شئت : فى موضع خفض على البدل من المضمر فى «لهم».

٦ ـ (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ

أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ)

«إلا أنفسهم» : رفع على البدل من «شهداء» ، وهو اسم «كان» ، و «لهم» : الخبر.

ويجوز نصب «شهداء» على خبر «كان» مقدما ، و «أنفسهم» : اسمها.

«ويجوز نصب «أنفسهم» على الاستثناء ، أو على خبر «كان» ، ولم يقرأ بهما.

«فشهادة أحدهم أربع شهادات» : انتصب «أربع» على المصدر ، والعامل فيها «شهادة» ، و «الشهادة» : مرفوعة على إضمار مبتدأ ؛ تقديره : فالحكم والفرض شهادة أحدهم أربع مرات ؛ أي : الحكم أن يشهد أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين.

وقيل : إن «الشهادة» : رفع بالابتداء ، والخبر محذوف ؛ أي : فعليهم ، أو : فلازم لهم ، أن يشهد أحدهم أربع شهادات.

«بالله» : متعلق ب «بشهادات» ، فهو فى صلتها ، إن أعملت الثاني.

وإن قدرت إعمال الأول ، وهو «فشهادة» ، كانت الباء متعلقة ب «شهادة».

ومن رفع «أربع» فعلى ، خبر «شهادة» ؛ كما تقول : صلاة الظهر أربع ركعات ؛ ويكون «الله» متعلقا ب «شهادات» ، ولا يجوز تعلقه ب «شهادة» ؛ لأنك كنت تفرق بين الصلة والموصول بخبر الابتداء ؛ وهو «أربع» ، ويكون «إنه لمن الصادقين» متعلقا ب «شهادة» ، ولا يتعلق ب «شهادات» ، لما ذكرنا من التفرقة بين الصلة والموصول.

«إنّه لمن الصّادقين» : فى موضع نصب مفعول به ، ب «شهادة» ، ولم يفتح «أن» ، من أجل اللام التي فى الخبر ؛ مثل قولك : علمت إن زيدا لمنطلق.

٧ ـ (وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ)

«والخامسة» : ارتفع على العطف على «أربع» ، فى قراءة من رفعه ؛ أو على القطع.

٣٠٥

وأصله نعت أقيم مقام منعوت ، كأنه قال : ويشهد الشهادة الخامسة.

ومن رفع فعلى الابتداء من «أن لعنة الله» :

«أنّ لعنة الله» : أن ، وما بعدها : فى موضع رفع ، خبر «الخامسة» ، إن رفعتها بالابتداء ، أو فى موضع نصب على حذف الخافض ، إن نصبت «الخامسة» ، و «الخامسة» : نعت قام مقام المنعوت فى الرفع ؛ والتقدير : والشهادة الخامسة أن لعنة الله عليه.

ولا يجوز تعليق «الباء» بالشهادة المحذوفة ، لأنك تفرق بين الصلة والموصول بالصفة ، وذلك لا يجوز.

٨ ـ (وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ)

لا يحسن فى «أربع» غير النصب ب «تشهد» ، و «أن» : فى موضع رفع ب «يدرأ» ؛ تقديره : ويدفع عنها الحد شهادتها أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين. و «إنه» وما بعده ، فى موضع نصب ب «يشهد» ؛ وكسرت ، «أن» لأجل «اللام» التي فى الخبر ، و «بالله» ، يحسن تعلق «الباء» فيه بالأول.

٩ ـ (وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ)

و «الخامسة» : من نصبه عطفه على «أربع شهادات» ، أو على إضمار فعل ؛ تقديره : وتشهد الخامسة ، وهو موضوع موضع المصدر ، وأصله نعت أقيم مقام منعوت ، كأنه قال : وتشهد الشهادة الخامسة.

ومن رفع ، فعلى الابتداء.

«أن غضب الله» : (انظر : أن لعنة الله ، الآية : ٧ ، فهى هى).

١١ ـ (إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ

لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ)

«عصبة» : خبر «إن».

ويجوز نصبه ، ويكون الخبر. «لكل امرئ منهم».

١٧ ـ (يَعِظُكُمُ اللهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)

«أن تعودوا» : أن ، فى موضع نصب ، على حذف حرف الجر ؛ تقديره : لئلا تعودوا ، أو : كراهة أن تعودوا ، فهو مفعول من أجله.

٢٥ ـ (يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ)

«دينهم الحقّ» : قرأه مجاهد برفع «الحق» ، جعله نعتا لله ، جل ذكره ؛ والنصب ، على النعت ل «الدين».

٣٠٦

٣٠ ـ (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ)

«من أبصارهم» : من ، لبيان الجنس ، وليست للتبعيض.

٣١ ـ (أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ

يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ)

«غير أولى الإربة» : من نصب «غير» نصبه على الاستثناء ، أو على الحال.

ومن خفضه جعله نعتا ، لأن «التابعين» ليسوا بمعرفة صحيحة العين ، إذ ليسوا بمعهودين.

ويجوز أن يخفض على البدل ، وهو فى الوجهين بمنزلة (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) ١ : ٧.

٣٣ ـ (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ

يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً)

«والّذين يبتغون الكتاب» : الذين ، رفع بالابتداء ، والخبر محذوف ؛ تقديره : وفيما يتلى عليكم الذين يبتغون الكتاب.

ويجوز أن يكونوا فى موضع نصب ، بإضماره فعل ؛ تقديره : كاتبوا الذين يبتغون الكتاب.

٣٥ ـ (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ

الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ)

«مثل نوره كمشكاة» : مثل ، ابتداء ، و «الكاف» : الخبر ، و «الهاء» فى «نوره» : تعود على الله ، جل ذكره.

وقيل : على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وقيل : على المؤمن.

وقيل : على الإيمان فى قلب المؤمن.

«درّى» : من ضم الدال وشدد الياء نسبه إلى : الدر ، لفرط ضيائه ، فهو : فعلى.

ويجوز أن يكون وزنه : «فعيلا» ، غير منسوب ، لكنه مشتق من : الدرء ؛ فخففت الهمزة فانقلبت ياء ، فأدغم الياء التي قبلها فيها.

فأما من قرأه بكسر الدال والهمزة ، فإنه جعله : «فعيلا» مثل : فسيق ، وسكير ؛ ومعناه : أنه يدفع الظلام لتلألئه وضيائه ، فهو من : درأت النجوم تدرأ ، إذا اندفعت.

٣٠٧

فأما من قرأه بضم الدال والهمزة ؛ فإنه جعله : «فعيلا» ، أيضا ؛ من : درأت النجوم ، إذا اندفعت ؛ وهو صفة قليلة النظير.

٣٦ ـ (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ)

«الآصال» : جمع : أصل ، و «الأصل» : جمع : أصيل ، كرغيف ورغف.

وقيل : جمع ، «الأصل» : أصائل.

وقيل : «أصائل» : جمع آصال.

٤٠ ـ (أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ)

«ظلمات» من رفعه ، فعلى الابتداء ، والخبر : «من فوقه» ، أو على إضمار مبتدأ ؛ أي : هذه ظلمات.

ومن خفضها جعلها بدلا من «ظلمات» الأولى ؛ و «السحاب» : مرفوع بالابتداء ، و «من فوقه» : الخبر.

٤١ ـ (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ

كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ)

«كلّ قد علم صلاته» : رفعت «كل» ، وفى «علم» ضمير الله ـ جل ذكره ـ ويجوز على هذا نصب «كل» بإضمار فعل تفسيره ما بعده ؛ تقديره : علم الله كلا علم صلاته.

وإن جعلت الضمير فى «علم» ل «كل» بعد نصب «كل» ، لأنه فاعل وقع فعله على شىء من سببه ، فإذا نصبته بإضمار فعل عدّيت فعله إلى نفسه.

وفى هذه المسألة اختلاف وفيها نظر ، لأن الفاعل لا يعدى فعله إلى نفسه ، وإنما يجوز لك فى الأفعال الداخلة على الابتداء والخبر ، كظننت وعلمت ؛ هذا مذهب سيبويه ، فالنصب فى «كل» ، وهو فاعل ، لا يجوز عنده ؛ ويجوز عند الكوفيين.

٤٣ ـ (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ

يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ

وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ)

«وينزّل من السّماء من جبال فيها من برد» : من ، الثانية : زائدة ، و «من» الثالثة :

٣٠٨

للبيان ؛ والتقدير : وينزل من السماء جبالا فيها من برد ؛ أي : جبالا من هذا النوع.

وقال الفراء : التقدير : وينزل من السماء من جبال برد ؛ ف «من برد» ، على قول الفراء : فى موضع خفض ، وعلى قول البصريين : فى موضع نصب على البيان ، أو على الجبال.

وقيل : إن «من» الثالثة : زائدة ؛ والتقدير : وينزل من السماء من جبال برد ؛ أي ينزل من جبال السماء بردا. فهذا يدل على أن فى السماء جبالا ينزل منه البرد.

وعلى القول الأول يدل على أن فى السماء جبال برد.

«يذهب بالأبصار» : قرأ أبو جعفر بضم الياء ، من «يذهب» ، وهذا يوجب أن لا يؤتى بالباء ؛ لأنه رباعى من «أذهب» ، والهمزة تعاقب الباء ، ولكن أجازه المبرد ، وغيره ، على أن تكون الباء متعلقة بالمصدر ، لأن الفعل يدل عليه ، إذ منه أخذ ؛ تقديره : يذهب ذهابه بالأبصار. وعلى هذا أجاز : أدخل السجن دخولا بزيد.

٥٣ ـ (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طاعَةٌ

مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ)

«طاعة» : رفع بالابتداء ؛ أي : طاعة أولى بكم ؛ أو على إضمار مبتدأ ؛ أي : أمرنا طاعة.

ويجوز النصب على المصدر.

٥٥ ـ (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ

الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ

أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً)

«وعد» : أصل «وعد» أن يتعدى إلى مفعولين ، ولكن أن تقتصر على أحدهما ، فلذلك تعدى فى هذه الآية إلى مفعول واحد ، وفسر العدة بقوله : «ليستخلفنهم» ، كما فسر العدة فى «المائدة : ٩» بقوله (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) ، وكما فسر الوصية فى «النساء : ١١» بقوله (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ).

«تعبدوننى» : فى موضع نصب على الحال من «الذين آمنوا» ، أو فى موضع رفع على القطع.

٥٧ ـ (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ)

«لا تحسبن» : من قرأه بالتاء أضمر الفاعل ، وهو النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ و «الذين» و «معجزين» مفعولا «حسب».

٣٠٩

ويجوز أن يكون «الذين» هم الفاعلون ، ويضمر المفعول الأول ل «حسب» ، و «معجزين» : الثاني ؛ والتقدير : لا يحسبن الذين كفروا أنفسهم معجزين.

ومن قرأه بالتاء ، فالنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم هو الفاعل ، و «الذين» و «معجزين» : مفعولا «حسب»

٥٨ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا

الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ

مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ)

«ثلاث عورات» : من نصب «ثلاثا» جعله بدلا من قوله «ثلاث مرات» ، و «ثلاث مرات» : نصب على المصدر.

وقيل : لأنه فى موضع المصدر ، وليس بمصدر على الحقيقة.

وقيل : هو ظرف ؛ وتقديره : ثلاثة أوقات ، يستأذنوكم فى ثلاثة أوقات ؛ وهذا أصلح فى المعنى ، لأنهم لم يؤمروا أن يستأذنهم العبيد والصبيان ثلاث مرات ، إنما أمروا أن يستأذنوهم فى ثلاثة أوقات ؛ ألا ترى أنه بيّن الأوقات ، فقال : «من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء» ؛ فبين الثلاث المرات بالأوقات ، فعلم أنها ظرف ؛ وهو الصحيح.

فإذا كانت ظرفا أبدلت منها «ثلاث عورات» ، على قراءة من نصب «ثلاث مرات» ، ولا يصح هذا البدل حتى تقدر محذوفا مضافا ؛ تقديره : أوقات ثلاث عورات ، فأبدل «أوقات ثلاث عورات» من «ثلاث مرات» ، وكلاهما ظرف ، فأبدل ظرفا من ظرف ، فصح المعنى والإعراب.

فأما من قرأ «ثلاث عورات» بالرفع ، فإنه جعله خبر ابتداء محذوف ؛ تقديره : هذه ثلاث عورات ، ثم حذف المضاف اتساعا ؛ وهذه إشارة إلى الثلاثة الأوقات المذكورة قبل هذا ، ولكن اتسع فى الكلام ، فجعلت «الأوقات» : عورات ؛ لأن ظهور العورة فيها يكون.

وقيل : مثل قولهم : نهارك صائم ، وليلك نائم ؛ أخبرت عن النهار بالصوم ، لأنه فيه يكون ؛ وأخبرت عن الليل بالنون ، لأنه فيه يكون ؛ ومنه قوله تعالى : (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) ٣٤ : ٣٣ ، أضيف المكر إلى الليل والنهار ، لأن فيهما يكون من فاعلهما ، فأضيف المكر إليهما اتساعا ؛ كذلك أخبرت عن الأوقات بالعورات ،

٣١٠

لأن فيها تظهر من الناس ، فلذلك أمر الله عباده ألا يدخل عليهم فى هذه الأوقات عبد ولا صبى إلا بعد استئذان.

وأصل «الواو» فى «عورات» : الفتح ، لكن أسكنت لئلا يلزم فيها القلب ، لتحركها وانفتاح ما قبلها ، ومثله : نبضات.

وهذا الأمر إنما كان من الله للمؤمنين ، إذ كانت البيوت بغير أبواب.

٦٠ ـ (وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ

ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)

«القواعد» : جمع : قاعد ، على النسب ، أي : ذات قعود ، فلذلك حذفت «الهاء».

وقال الكوفيون : لما لم تقع إلا للمؤنث استغنى عن «الهاء».

وقيل : حذفت «الهاء» للفرق بينه وبين القاعدة ، بمعنى : الجالسة.

«غير متبرجات» : نصب على الحال ، من الضمير فى «يضعن».

«وأن يستعففن» : أن ، فى موضع رفع على الابتداء. و «خير» : الخبر.

٦١ ـ (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً

فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ)

«جميعا أو أشتاتا» : كلاهما حال من المضمر فى «تأكلوا».

«تحية» : مصدر ، لأن «فسلموا» معناه : فحيوا.

٦٣ ـ (لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ

مِنْكُمْ لِواذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ

عَذابٌ أَلِيمٌ)

«كدعاء بعضكم» : الكاف ، فى موضع نصب ، مفعول ثان ل «تجعلوا».

«لو إذا» : مصدر ؛ وقيل : حال ، بمعنى : ملاوذين ، وصح «لواذا» لصحة «لاوذ» ، ومصدر «فاعل» لا يعل.

٣١١

ـ ٢٥ ـ

سورة الفرقان

١ ـ (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً)

«تبارك» : تفاعل ، من «البركة» ، والبركة : الكثرة من خير ؛ ومعناه : زاد عطاؤه وكثر.

وقيل : معناه : دام وثبت إنعامه. وهو من : برك الشيء ، إذا ثبت.

«ليكون للعالمين» : الضمير فى «يكون» للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وقيل : للقرآن.

٥ ـ (وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً)

«أساطير الأولين» ، أي : هذه أساطير الأولين ، فهو خبر ابتداء محذوف.

والأساطير : جمع : أسطورة.

وقيل واحدها : أسطار ، بمنزلة : أقوال وأقاويل.

٧ ـ (وَقالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْ لا أُنْزِلَ

إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً)

«مال هذا الرسول» : وقعت «اللام» منفصلة فى المصحف ، وعلة ذلك أنه كتب على لفظ المملى ، كأنه كان يقطع لفظه ، فكتب الكاتب على لفظه.

وقال الفراء : أصله : ما بال هذا؟ ثم حذفت «بال» فبقيت «اللام» منفصلة.

وقيل : إن أصل حروف الجر أن تأتى منفصلة عما بعدها ، مما هو على حرفين ، فأتى ما هو على حرف واحد على قياس ما هو على حرفين ؛ ومثله : (فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ) ٤ : ٧٨

١٤ ـ (لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً)

«ثبورا» : مصدر.

وقيل : هو مفعول به.

٣١٢

١٥ ـ (قُلْ أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ

كانَتْ لَهُمْ جَزاءً وَمَصِيراً)

«أذلك خير أم جنة الخلد» : قيل : هو مردود على قوله : «إن شاء جعل لك خيرا من ذلك» الآية : ١٠ ، فرد الجنة على ما ما لو شاء تعالى كونه فى ذلك ، إشارة إلى ما ذكر من الجنات والقصور فى الدنيا.

وقيل : هو مردود على ما قبله من ذكر السعير والنار ، وجاء التفضيل بينهما على ما جاء عن العرب ؛ حكى سيبويه : الشقاء أحب إليك أم السعادة؟ ولا يجوز فيه عند النحويين : السعادة خير من الشقاء ، لأنه لا خير فى الشقاء فيقع فيه التفاضل ، وإنما تأتى «أفعل» أبدا فى التفضيل بين شيئين فى خير أو شر ، وفى أحدهما من الفضل والشر ما ليس فى الآخر ، وكلاهما فيه فضل أو شر ، إلا أن أحدهما أكثر فضلا أو شرا.

وقد أجاز الكوفيون : العسل أحلى من الخل ، ولا حلاوة فى الخل ، فيفاضل بينهما وبين حلاوة العسل.

ولا يجيز هذا البصريون ، ولا يجوز : المسلم خير من النصراني ؛ إذ لا خير فى النصراني ؛ ولو قلت : اليهودي خير من النصراني ، لم يجز ، إذ لا خير فى واحد منهما : ولو قلت : اليهودي شر من النصراني ، جاز ؛ إذ الشر فيهما موجود ، وقد يكون أحدهما أكثر شرا.

٢٢ ـ (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً)

«يوم يرون الملائكة» : العامل فى «يوم» محذوف ؛ تقديره : يمنعون البشارة يوم يرون الملائكة. ولا يعمل فيه «لا بشرى» ، لأن ما بعد النفي لا يعمل فيما قبله.

وقيل : التقدير : واذكر يا محمد يوم يرون الملائكة.

«لا بشرى» : لا يجوز أن تعمل «لا بشرى» فى «يومئذ» ، إذا جعلت «لا بشرى» مثل : «لا رجل» ، وبنيت على الفتح ؛ ولكن تجعل «يومئذ» خبرا ، لأن الظروف تكون خبرا عن المصادر ، و «للمجرمين» : صفة ل «بشرى» ، أو تبيينا له.

ويجوز أن تجعل «للمجرمين» خبر ل «بشرى» ، و «يومئذ» ، تبيينا ل «بشرى». وإن قدرت أن «بشرى» غير مبينة مع «لا» جاز أن تعملها فى «يومئذ» ، لأن المعاني تعمل فى الظروف.

٣١٣

٢٦ ـ (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً)

«الملك يومئذ الحق للرحمن» : يجوز أن ينصب «يومئذ» ب «الملك» ، فهو فى صلته ، مثل قوله (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ) ٧ : ٨ ، ويجوز نصب «يومئذ» ب «الرحمن» ، تقدر فى الظرف التأخير ؛ وتقديره : الملك الحق للرحمن يومئذ ؛ أي : الملك الحق لمن رحم يومئذ عباده المؤمنين.

و «الملك» : مبتدأ ، والحق» : نعته ، و «الرحمن» : الخبر.

وأجاز الزجاج «الحق» ، بالنصب : على المصدر ؛ فيكون «الرحمن» : خبر «الملك».

«حجرا» : نصب على المصدر.

٣٧ ـ (وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْناهُمْ)

«وقوم نوح» عطف على الضمير فى «فدمرناهم» الآية : ٣٦.

وقيل : انتصب على : «اذكر».

وقيل : على إضمار فعل ، تفسيره : أغرقناهم ؛ أي : أغرقنا قوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم.

٣٨ ـ (وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً)

«وعادا وثمودا» : وما بعده ، عطف كله على «قوم نوح» ، إذا نصبتهم بإضمار : اذكر ، على العطف على الضمير فى «فدمرناهم» الآية : ٣٦.

ويجوز أن يكون معطوفا على الضمير فى «وجعلناهم» الآية : ٣٧.

٣٩ ـ (وَكُلًّا ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً)

«وكلا» : نصب بإضمار فعل ؛ تقديره : وأنذرنا كلا ضربنا له الأمثال ؛ لأن ضرب الأمثال أعظم الإنذار ، فجاز أن يكون تفسير الإنذار.

٤١ ـ (وَإِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً)

«رسولا» : نصب على الحال.

وقيل : على المصدر ، وهو بمعنى : رسالة.

٤٢ ـ (إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا لَوْ لا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها)

«إن كاد ليضلنا» : تقديره ، عند سيبويه : إنه كاد ليضلنا ؛ وعند الكوفيين : ما كاد إلا يضلنا ، و «اللام»

٣١٤

بمعنى : «إلا» ، عندهم ؛ و «إن» بمعنى : «ما» ، وهى مخففة من الثقيلة ، عند سيبويه ، و «اللام» لام التأكيد.

«لو لا أن صبرنا» : أن ، فى موضع رفع ، وقد تقدم شرحها.

٤٩ ـ (لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنا أَنْعاماً وَأَناسِيَّ كَثِيراً)

«وأناسى كثيرا» : واحد «أناسى» : إنس. وأجاز الفراء أن يكون واحدها : إنسانا ، وأصله ، عنده : أناسين ، أبدل من النون ياء ، ولا قياس يسعفه فى ذلك ؛ ولو جاز هذا لجاز فى جمع «سرحان» : سراحى ، وذلك لا يقال.

٥٧ ـ (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً)

«من» : فى موضع نصب ، لأنه استثناء ليس من الجنس.

٥٩ ـ (الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ

ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً)

«الرحمن» : رفع على إضمار مبتدأ ؛ تقديره : هو الرحمن. وقيل : هو مبتدأ ، و «فاسأل» : الخبر.

وقيل : هو بدل من الضمير فى «استوى». ويجوز الخفض على البدل من الحي» الآية : ٥٨ ، ويجوز النصب على المدح.

«وخبيرا» : نصب بقوله «فاسأل» ، وهو نعت لمحذوف ، كأنه قال : فاسأل عنه إنسانا خبيرا.

وقد قيل : «الخبير» : هو الله لا إله إلا هو ؛ فيكون التقدير : فاسأل عنه مخبرا خبيرا ، ولا يحسن أن يكون «خبيرا» : حالا ؛ لأنك إن جعلته حالا من الضمير فى «فاسأل» لم يجز ، لأن «الخبير» لا يحتاج أن تسأل غيره عن شىء ، إنما يحتاج أن يسأل هو عن الأمور يخبر بها.

وإن جعلته حالا من الضمير فى «به» لم يجز ، لأن المسئول عنه ، وهو الرحمن ، خبير أبدا. والحال أكثر أمرها أنها لما ينتقل ويتغير ، فإن جعلتها الحال المؤكدة التي لا تنتقل ، مثل : (وَهُوَ الْحَقُّ) ٤٧ : ٢ ، ففيه نظر.

٦٣ ـ (وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً

وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً)

«وعباد الرّحمن الذين يمشون» : عباد ، رفع بالابتداء ، والخبر : «الذين يمشون».

٣١٥

وقال الأخفش : «الذين يمشون» : نعت ل «عباد» ، والخبر محذوف.

وقال الزجاج : «الذين يمشون» : نعت ، والخبر : «أولئك يجزون» الآية : ٧٥.

«سلاما» : نصب على المصدر ؛ معناه : تسليما فأعمل «القول» فيه ؛ لأنه لم يحك قولهم بعينه إنما حكى معنى قولهم ، ولو حكى قولهم بعينه لكان محكيا ولم يعمل فيه القول ، فإنما أخبر تعالى ذكره أن هؤلاء القوم لم يجاوبوهم بلفظ سلام بعينه.

وقد قال سيبويه : هذا منسوخ ، لأن الآية نزلت بمكة قبل أن يؤمروا بالقتال.

وما تكلم سيبويه فى شىء من الناسخ والمنسوخ غير هذه الآية ، فهو من السلام ، وليس من التسليم.

قال سيبويه : ولما لم يؤمر المسلمون يومئذ أن يسلموا على المشركين ، استدل سيبويه بذلك أنه من السلام ، وهو البراءة من المشركين ، وليس من التسليم ، الذي هو التحية.

٦٧ ـ (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً)

«وكان بين ذلك قواما» : اسم «كان» مضمر فيها ؛ والتقدير : كان الإنفاق بين ذلك قواما.

و «قواما» : خبر «كان».

وأجاز الفراء أن يكون «بين ذلك» اسم «كان» ، وهو مفتوح ، كما قال ، (وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ) ٧٢ : ١١ ، ف «دون» عنده ، مبتدأ ، وهو مفتوح : وإنما جاز ذلك لأن هذه الألفاظ كثر استعمال الفتح فيها ، فتركت على حالها فى موضع الرفع ، وكذا تقول فى قوله : (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) ٦ : ٨٤ ، هو مرفوع ب «تقطع» ، ولكنه ترك مفتوحا ، لكثرة وقوعه كذلك ، والبصريون على خلافه فى ذلك.

٦٩ ـ (يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً)

من جزم ، جعله بدلا من «يلق» الآية : ٦٨ ، لأنه جواب الشرط ، ولأن «لقاء الآثام» هو مضاعفة العذاب والخلود ، فأبدل منه ، إذ المعنى يشتمل بعضه على بعض ؛ وعلى هذا المعنى يجوز بدل بعض الأفعال من بعض ؛ فإن تباينت معانيها لم يجز بدل بعضها من بعض.

ومن رفع ، فعلى القطع ، أو على الحال.

٣١٦

٧١ ـ (وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتاباً)

«متابا» : مصدر فيه معنى الوعد ، لأنه أتى بعد لفظ فعله.

٧٢ ، ٧٣ ـ (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً

وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً)

«كراما ، وصمّا وعميانا» : كلها أحوال.

٧٧ ـ (قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً)

«فسوف يكون لزاما» : اسم «كان» مضمر فيها ، و «لزاما» : الخبر ؛ والتقدير : سوف يكون جزاء التكذيب لزاما ، عذابا لازما ، قيل : فى الدنيا ، وهو ما نزل بهم يوم بدر من القتل والأسر ؛ وقيل : ذلك فى الآخرة.

وقال الفراء : فى «يكون» : مجهول ؛ وذلك لا يجوز ، لأن المجهول إنما يفسر بالجمل لا بالمفردات.

ـ ٢٦ ـ

سورة الشعراء

٢ ـ (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ)

«تلك» : ابتداء ، و «آيات» : الخبر ، وهو إشارة إلى ما نزل من القرآن. بل هو إشارة إلى هذه الحروف التي فى أوائل السور منها تأتلف آيات القرآن.

وقيل : «تلك» ، فى الموضع : رفع على إضمار مبتدأ ، أي : هذه تلك آيات الكتاب المبين التي كنتم وعدتم فى كتبكم ، لأنهم وعدوا فى التوراة والإنجيل بإنزال القرآن.

٣ ـ (لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)

«ألّا يكونوا» : أن ، فى موضع نصب ، مفعول من أجله.

١٠ ـ (وَإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)

أي : واتل عليهم : إذ نادى.

٣١٧

٢٢ ـ (وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ)

«أن عبّدت» : أن ، فى موضع رفع ، على البدل من «نعمة».

ويجوز أن يكون فى موضع نصب ؛ على تقدير : «لأن عبدت» ، ثم حذف الحرف ، وحذفه مع «أن» كثير فى الكلام والقرآن ، ولذلك قال بعض النحويين : إن «أن» فى موضع خفض بالخافض المحذوف ، لأنه لما كثر حذفه مع «إن» عمل ، وإن كان محذوفا.

٧٧ ـ (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ)

«فإنهم عدوّ لى» : عدو ، واحد ، يؤدى عن الجماعة ، فلا يجمع ، ويأتى للمؤنث بغير هاء ؛ تقول : هى عدو لى.

وحكى الفراء : عدوة لى.

قال الأخفش الصغير : من قال عدوة ، بالتاء ، فمعناه : معادية ؛ ومن قال : عدو ، بغير هاء ، فلا يجمع ولا يثنى ، وإنما ذلك على النسب.

«إلّا ربّ العالمين» : نصب على الاستثناء الذي ليس من الأول ، لأنهم كانوا يعبدون الأصنام ، وإقرارهم بالله مع عبادتهم للأصنام لا ينفعهم.

وأجاز الزجاج أن يكون من الأول ، لأنهم كانوا يعبدون الله مع أصنامهم.

١٤٩ ـ (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ)

«فارهين» : حال من المضمر فى «تنحتون».

١٧٦ ـ (كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ)

«أصحاب الأيكة» : من فتح «التاء» جعله اسما للبلدة ، ولم يصرفه ، للتعريف والتأنيث ، ووزنه «فعلة».

ومن خفض التاء جعله معرفا بالألف واللام ، فخفضه لإضافة «أصحاب» إليه.

وأصل : أيكة : اسم لموضع فيه شجر ملتف.

ولم يعرف المبرد «ليكة» على «فعلة» ، إنما هى عنده : أيكة ، دخلها حرفا التعريف وانصرفت ، وقراءة من فتح «التاء» عنده غلط ، إنما تكون «التاء» مكسورة ، واللام مفتوحة ، التي عليها حركة الهمزة.

٣١٨

١٩٣ ـ (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ)

يجوز أن يكون «به» : فى موضع المفعول ل «نزل» ، ويجوز أن يكون «به» : فى موضع الحال ؛ كما تقول : خرج زيد بثيابه ، ومنه قوله : (قَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ) ٥ : ٦١ ؛ أي : دخلوا كافرين وخرجوا كافرين ، لم يرد أنهم دخلوا بشيء يحملونه معهم ، إنما أراد أنهم دخلوا على حال وخرجوا على تلك الحال.

٢٠٧ ـ (ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ)

«ما أغنى عنهم» : ما ، استفهام ، فى موضع نصب ب «أغنى».

ويجوز أن يكون حرف نفى ، و «ما» الثانية : فى موضع رفع ب «أغنى».

٢٠٩ ـ (ذِكْرى وَما كُنَّا ظالِمِينَ)

موضع «ذكرى» ، عند الكسائي : نصب على الحال.

وقال الزجاج : على المصدر ؛ لأن معنى (هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ) الآية : ٢٠٣ ؛ أي : مذكّرون ذكرى.

ويجوز أن تكون «ذكرى» : فى موضع رفع على إضمار مبتدأ ؛ أي : إنذارنا ذكرى ، أو ذلك ذكرى ، أو تلك ذكرى.

ويجوز تنوينها ، إذا جعلتها مصدرا.

٢٢٧ ـ (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ

بَعْدِ ما ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)

«أي منقلب» ، نصب «أيا». «ينقلبون» ، فهو نعت لمصدر «ينقلبون» ؛ تقديره : أي انقلاب ينقلبون. ولا يجوز نصبه ب «سيعلم» ، لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله ، لأن صدر الكلام إنما يعمل فيه ما بعده.

وقيل : إنما لم يعمل فيه ما قبله ، لأنه خبر ، ولا يعمل الخبر فى الاستفهام ، لأنهما مختلفان.

٣١٩

ـ ٢٧ ـ

سورة النمل

٢ ـ (هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ)

«هدى وبشرى» : حالان من «كتاب» الآية : ١

٧ ـ (إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ ناراً سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ

قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ)

«بشهاب قبس» : من أضاف فإنه أضاف النوع إلى جنسه ، بمنزلة قولك : ثوب خز.

وقال الفراء : هو إضافة الشيء إلى نفسه ، كصلاة الأولى ؛ إنما هى فى الأصل موصوف وصفة ، فأضيف الموصوف

إلى صفته ؛ وأصله : الصلاة الأولى.

ولو فى غير القرآن لجاز على الحال أو على البيان.

والشهاب : كل ذى نور. والقبس : ما يقتبس من جمر ونحو ؛ فمعناه ، لمن لم ينون : بشهاب من قبس ، والقبس : المصدر ؛ والقبس : الاسم ؛ كما أن معنى «برد خز» : برد من خز.

«تصطلون» : أصل «الطاء» : تاء ، ووزنه : تفتعلون ، فأبدلوا من التاء طاء ، لمؤاخاتها الصاد إلى الإطباق ؛ وأعلت لام الفعل فحذفت ، لسكونها وسكون الواو ، بعدها.

٨ ـ (فَلَمَّا جاءَها نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها وَسُبْحانَ اللهِ

رَبِّ الْعالَمِينَ)

«أن» : فى موضع نصب على حذف الحرف ؛ أي : نودى لأن بورك ؛ وبأن بورك ؛ والمصدر مضمر يقوم مقام الفاعل ؛ أي : نودى للنداء لأن بورك.

وقيل : أن ، فى موضع رفع ، على أنه مفعول لم يسم فاعله ل «نودى».

وحكى الكسائي : باركك الله ، وبارك فيك.

٣٢٠