الموسوعة القرآنيّة - ج ٤

ابراهيم الأبياري

الموسوعة القرآنيّة - ج ٤

المؤلف:

ابراهيم الأبياري


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة سجل العرب
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٢٨

وقال الفراء : معناه : وقل سلام عليكم.

وهذا مردود ، لأن النهى قد أتى ألا يبتدءوا بالسلام.

ـ ٤٤ ـ

سورة الدخان

٥ ـ (أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ)

«أمرا» : نصبه ، عند الأخفش ، على الحال ؛ بمعنى : آمرين.

وقال المبرد : هو فى موضع المصدر ، كأنه قال : إنا أنزلناه إنزالا.

وقال الجرمي : هو حال من نكرة ، وهو : «أمر حكيم» الآية : ٤ ، وحسن ذلك لما وصفت النكرة ، وأجاز : هذا رجل مقبلا.

وقال الزجاج : هو مصدر ؛ كأنه ، قال : يفرق فرقا ، فهو بمعناه.

وقيل : «يفرق» الآية : ٤ ، بمعنى : يؤمر ، فهو أيضا مصدر عمل فيه ما قبله.

٦ ـ (رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)

«رحمة» ، قال الأخفش : نصب على الحال.

وقال الفراء : هو مفعول ب «مرسلين» الآية : ٥ ، وجعل «الرحمة» : النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

وقال الزجاج : «رحمة» : مفعول من أجله ؛ أي : للرحمة ، وحذف مفعول «مرسلين».

وقيل : هى بدل من «أمر».

وقيل : هى نصب على المصدر.

٧ ـ (رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ)

«رب السموات» : من رفعه جعله بدلا من «ربك» الآية : ٦.

١٣ ـ (أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى وَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ)

«أنى لهم الذكرى» : الذكرى ، رفع بالابتداء ، و «أنى لهم» : الخبر.

١٥ ـ (إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عائِدُونَ)

«قليلا» : نعت لمصدر محذوف ، أو لظرف محذوف ؛ تقديره : كشفا قليلا ؛ أو : وقتا قليلا.

٤٠١

١٦ ـ (يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ)

«يوم» : نصب بإضمار فعل ؛ تقديره : واذكر يا محمد يوم نبطش.

١٨ ـ (أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ)

«أن» : فى موضع نصب على حذف حرف الجر ؛ أي : بأن أدوا.

«عباد الله» : نصب ب «أدوا».

وقيل : هو نداء مضاف ، ومفعول «أدوا» ، إذا نصبت «عباد الله» على النداء : محذوف ؛ أي : أدوا إلى أمركم يا عباد الله.

١٩ ـ (وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ)

«أن» : عطف على «أن» الأولى ، الآية : ١٨ ، فى موضع نصب.

٢٠ ـ (وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ)

«أن ترجمون» : أن ، فى موضع نصب على حذف الجار ؛ أي : من أن ترجمون ؛ أي : تشتمون.

٢٢ ـ (فَدَعا رَبَّهُ أَنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ)

«أن هؤلاء» : أن ، فى موضع نصب ب «دعا» ، ومن كسر فعلى إضمار ، القول ؛ أي : فقال إن هؤلاء.

٢٤ ـ (وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ)

«رهوا» : حال ، معناه : ساكن حتى يخلصوا فيه ولا ينفروا عنه ، يقال : عيش راه ؛ أي : ساكن وادع.

وقيل : الرهو : المتفرق ؛ أي : اتركه على حاله متفرقا طويلا طريقا حتى يخطوا فيه.

٢٥ ـ (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ)

«كم» : فى موضع نصب ب «تركوا».

٢٨ ـ (كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ)

الكاف ، فى موضع رفع ، خبر ابتداء مضمر ؛ تقديره : الأمر كذلك.

٤٠٢

وقيل : هى موضع نصب ، على تقدير : يفعل فعلا كذلك بمن يريد هلاكه.

٣٥ ـ (إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ)

«إلا موتتنا» : رفعت على خبر «ما» ، لأن «إن» بمعنى : ما ؛ والتقدير : ما هى إلا موتتنا.

٣٧ ـ (أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْناهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ)

«الذين» : فى موضع رفع على العطف على «قوم تبع» ، أو على الابتداء ، وما بعدهم الخبر ؛ أو فى موضع نصب على إضمار فعل دل عليه : «أهلكناهم».

٤٠ ـ (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ)

«يوم» : اسم «إن» ، وخبرها : «ميقاتهم».

وأجاز الكسائي ، والفراء نصب «ميقاتهم» ب «أن» ، يجعلان «يوم الفصل» ظرفا فى موضع خبر «إن» ؛ أي : إن ميقاتهم فى يوم الفصل.

٤١ ـ (يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ)

«يوم» : هو بدل من «يوم» الأول ، الآية : ٤٠

٤٢ ـ (إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)

«من» : فى موضع رفع ، على البدل من المضمر فى «ينصرون» الآية : ٤١ ؛ تقديره : ولا ينصر إلا من رحم الله.

وقيل : هى رفع على الابتداء ؛ والتقدير : إلا من رحم الله فيعفى عنه.

وقيل : هو بدل من «مولى» الأول ، الآية : ٤١ ؛ تقديره : يوم لا يغنى إلا من رحم الله.

وقال الكسائي والفراء : فى موضع نصب ، على الاستثناء المنقطع.

٤٩ ـ (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ)

«إنك» : من قرأه بكسر «إن» جعلها مبتدأ بها ، يراد به : إنك كنت تقول هذا لنفسك فى الدنيا ويقال لك ؛ وهو أبو جهل.

٤٠٣

وقيل : معناه ـ فى الكسر ـ : التعريض به ، بمعنى : أنت الذليل المهان الساعة بخلاف ما كنت تقول ويقال لك فى الدنيا.

ومن فتح ، فعلى تقدير حذف حرف الجر ؛ أي : لأنك ـ أو : بأنك ـ أنت الذي كان يقال لك ذلك فى الدنيا وتقول لنفسك.

وروى أنه كان يقول : أنا أعز أهل الوادي وأمنعهم ، فالكسر يدل على ذلك.

٥٣ ـ (يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقابِلِينَ)

«متقابلين» : حال من المضمر فى «يلبسون».

٥٤ ـ (كَذلِكَ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ)

«كذلك» : الكاف ، فى موضع رفع ؛ أي : الأمر كذلك.

وقيل : فى موضع نصب : نعت لمصدر محذوف ؛ تقديره : يفعل بالمتقين فعلا كذلك.

٥٥ ـ (يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ آمِنِينَ)

«يدعون» : حال من الهاء والميم فى «وزوجناهم» الآية : ٥٤ ؛ وكذلك : «آمنين».

٥٦ ـ (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى وَوَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ)

«لا يذوقون» : حال من الهاء والميم فى «وزوجناهم» الآية : ٥٤.

«إلا الموتة» : استثناء منقطع.

وقيل : «إلا» ، بمعنى : بعد.

وقيل : بمعنى ، سوى ؛ والأول أحسن.

٥٧ ـ (فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)

«فضلا من ربك» : مصدر عمل فيه «يدعون فيها» الآية : ٥٥.

وقيل : العامل «وقاهم» الآية : ٥٦.

وقيل : العامل «آمنين» الآية : ٥٥.

٤٠٤

ـ ٤٥ ـ

سورة الجاثية

٤ ، ٥ ـ (وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ

وَالنَّهارِ وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَتَصْرِيفِ

الرِّياحِ آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)

«آيات» : من قرأه «آيات» فى الموضعين بكسر التاء ، عطفه على لفظ اسم «إن» ، فى قوله «إن فى السموات والأرض لآيات» الآية : ٣ ، ويقدر حذف «فى» من قوله «واختلاف الليل» ؛ أي : فى اختلاف الليل ، فيحذف «فى» لتقدم ذكرها فى «إن فى السموات والأرض» ، وفى قوله «وفى خلقكم» ، فلما تقدمت مرتين حذفها مع الثالث لتقدم ذكرها ؛ فبهذا يصح النصب فى «آيات» الأخيرة.

وإن لم يقدر هذا الحذف كنت قد عطفت على عاملين مختلفين ، وذلك لا يجوز عند البصريين ، والعاملان هما : «إن» الناصبة ، و «فى» الخافضة ؛ فتعطف الواو على عاملين مختلفى الإعراب : ناصب وخافض ؛ فإذا قدرت حذف «فى» لتقدم ذكرها لم يبق إلا أن تعطف على واحد ؛ وذلك حسن.

وقد جعله بعض الكوفيين من باب العطف ، على عاملين : ولم يقدر حذف «فى» ، وذلك بعيد.

وحذف حرف الجر ، إذ تقدم ذكره ، جائز ، وعلى ذلك أجاز سيبويه : مررت برجل صالح إلا صالح ، ف «صالح» ؛ يريد : إلا بصالح ، ثم حذف الباء لتقدم ذكرها.

وقيل : إن قوله تعالى «واختلاف الليل» معطوف على «السموات» ، و «آيات» نصبت على التكرير ، لما طال الكلام ؛ فهى الأولى ، لكن كررت فيهما لما طال الكلام ، كما تقول : ما زيد قائما ولا جالسا زيد ، فنصبت «جالسا» على أن «زيد» الآخر هو الأول ، ولكن أظهرته للتأكيد ، ولو كان الآخر غير الأول لم يجز نصب «جالس» ، لأن خبر «ما» لا يتقدم على اسمها ؛ فهى بخلاف «ليس» ، فكذلك «الآيات» الأخيرة هى الأولى ، لكن أظهرت لما طال الكلام للتأكيد ، فلا يلزم فى ذلك عطف على عاملين.

فأما من رفع «آيات» فى الموضعين ، فإنه عطف ذلك على موضع «إن» وما عملت فيه ، وموضع «إن» وما عملت فيه رفع على الابتداء ، لأنها لا تدخل إلا على مبتدأ أو خبره ، فرفع وعطف على الموضعين قبل دخول

٤٠٥

«إن» ، ولا يدخله أيضا العطف على عاملين ، على الابتداء والمخفوض ، وقد منع البصريون : زيد فى الدار والحجرة عمرو ، بخفض «الحجرة».

ويجوز أن يكون إنما رفع على القطع والاستئناف ، يعطف جملة على جملة.

ومذهب الأخفش أن يرفع «الآيات» على الاستقرار ، وهو الظرف ، فلا يدخله عطف على عاملين.

٨ ـ (يَسْمَعُ آياتِ اللهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ

بِعَذابٍ أَلِيمٍ)

«مستكبرا» : حال من المضمر المرفوع فى «يصر» ، أو من المضمر فى «مستكبرا» ؛ تقديره : ثم يصر على الكفر بآيات الله فى حال تكبره ، وحال إصراره ، وإن فنيت قدرته ، ثم يصر مستكبرا مشبها من لم لا يسمعها تشبيها بمن فى أذنيه وقر.

١٤ ـ (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً

بِما كانُوا يَكْسِبُونَ)

«يغفروا» : مجزوم ، محمول على المعنى ، لأن المعنى : قل لهم اغفروا يغفروا.

٢١ ـ (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا

وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ)

«سواء محياهم ومماتهم» : سواء ، خبر لما بعده ، و «محياهم» : مبتدأ ، أي : محياهم ومماتهم سواء ؛ أي : مستوفى البعد عن رحمة الله. والضميران فى «محياهم ومماتهم» للكفار ، فلا يحسن أن تكون الجملة فى موضع الحال من «الذين آمنوا» ، إذ لا عائد يعود عليهم من حالهم.

ويبعد عند سيبويه رفع «محياهم» ب «سواء» ، لأنه ليس باسم فاعل ، ولا مشبه باسم الفاعل ، إنما هو مصدر.

فأما من نصبه ب «سواء» ، فإنه جعله حالا من الهاء والميم فى «نجعلهم» ، وبرفع «محياهم ومماتهم» ، لأنه بمعنى : مستو ، ويكون المفعول الثاني ل «نجعل» الكاف ، فى «كالذين» ، ويكون الضميران فى «محياهم ومماتهم» يعودان على الكفار والمؤمنين ؛ وفيها نظر.

«ساء ما يحكمون» : إن جعلت «ما» معرفة ، كانت فى موضع رفع ، فاعل ، فإن جعلتها نكرة كانت فى موضع نصب على البيان ب «ساء».

٤٠٦

٢٢ ـ (وَخَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ

وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ)

«بالحق» ب : فى موضع الحال ، وليست «الباء» للتعدية.

٢٣ ـ (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ

وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ)

«فمن يهديه» : من : استفهام ، ومعناه : رفع بالابتداء ، وما بعدها خبرها.

٢٥ ـ (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ ما كانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتُوا بِآبائِنا

إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)

«أن» : فى موضع رفع ، اسم «كان» ، و «حجتهم» : الخبر.

ويجوز رفع «حجتهم» ، ويجعل «أن» فى موضع نصب على خبر «كان».

٢٧ ـ (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ)

«يوم» ، الأول : منصوب ب «يخسر» ، و «يومئذ» تكرير للتأكيد.

٢٩ ـ (هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ)

«ينطق عليكم» : فى موضع الحال من «الكتاب» ، أو من «هذا».

ويجوز أن يكون خبرا ثانيا ل «هذا».

ويجوز أن يكون «كتابنا» بدل من «هذا» ، و «ينطق» : الخبر.

٣٢ ـ (وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها قُلْتُمْ ما نَدْرِي

مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ)

«الساعة» : رفع على الابتداء ، أو على العطف ، أو على موضع «إن» وما عملت فيه

ومن نصب «الساعة» عطفها على «وعد».

«إن نظن إلا ظنا» : تقديره ، عند المبرد : إن نحن إلا نظن ظنا.

٤٠٧

وقيل : المعنى : إن نظن إلا أنكم تظنون ظنا ، وإنما احتيج إلى هذا التقدير ، لأن المصدر فائدته كفائدة الفعل ، ولو جرى الكلام على غير حذف لصار تقديره : إن نظن إلا نظن ، وهذا كلام ناقص.

ـ ٤٦ ـ

سورة الأحقاف

٥ ـ (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ

وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ)

«من» الأولى : رفع بالابتداء ، فهى استفهام وما بعدها خبرها. و «من» الثانية : فى موضع نصب ب «يدعو» ، وهى بمعنى : الذي ، وما بعدها صلتها.

٨ ـ (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ

بِما تُفِيضُونَ فِيهِ كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)

«كفى به شهيدا» : شهيدا ، نصب على الحال ، أو على البيان ، و «به» : الفاعل. و «الباء» : زائدة للتوكيد.

١٢ ـ (وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً وَهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا

لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ)

«إماما ورحمة» : حالان من «الكتاب».

«لسانا عربيا» : حالان من المضمر المرفوع فى «مصدق» ، أو من «الكتاب» ، لأنه قد نعت ب «مصدق» ؛ فقرب من المعرفة ؛ أو من «هذا» ، والعامل فى الحال الإشارة والتنبيه.

وقيل : إن «عربيا» هو الحال ، و «لسانا» : توطئة للحال.

و «بشرى» : فى موضع رفع عطف على «كتاب».

وقيل : هو فى موضع نصب على المصدر.

٤٠٨

١٥ ـ (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ

وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ

أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ

صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي

مِنَ الْمُسْلِمِينَ)

«حسنا» : فعل ، وليس بفعلى ، لأن «فعلى» لا ينصرف فى معرفة ولا نكرة ، ثم إن «فعلى» أيضا فى مثل هذا الموضع لا يستعمل إلا بالألف واللام ، والنصب فيه على أنه قام مقام مضاف محذوف ؛ تقديره : ووصينا الإنسان بوالديه أمرا ذا حسن ، فحذف الموصوف وقامت الصفة مقامه ، وذلك مثل قوله تعالى : (أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ) ٣٤ : ١١ ، ثم حذف المضاف وهو «ذا» وأقام المضاف إليه وهو «حسن» مقامه.

ومن قرأه «إحسانا» ، فهو نصب على المصدر ؛ وتقديره : ووصينا الإنسان بوالديه أن يحسن إليهما إحسانا.

وقرأ عيسى بن عمر «حسنا» ، بفتحتين ؛ تقديره : فعلا حسنا.

«ثلاثون شهرا» : أصل «ثلاثين» أن تنصب لأنه ظرف ، لكن فى الكلام حذف ظرف مضاف ؛ تقديره : وأمد حمله وفصاله ثلاثون شهرا ، فأخبرت بظرف عن ظرف ، وحق الكلام أن يكون الابتداء هو الخبر فى المعنى ، ولو لا هذا الإضمار لنصبت «ثلاثين» على الظرف ، ولو فعلت ذلك لانقلب المعنى ولتغير ولصارت الوصية فى ثلاثين شهرا ، كما يقول : كلمته ثلاثين شهرا ؛ أي : كلمته فى هذه المدة ، فيتغير المعنى بذلك ، فلم يكن بد من إضمار ظرف ليصح المعنى الذي قصد إليه ، لأنه تعالى إنما أراد تبيين كم أمد الحمل والفصال عن الرضاع ؛ ودلت هذه على أن أقل الحمل ستة أشهر ، لأنه تعالى قد بين فى هذا الموضع أن أمد الرضاع سنتان ، وهى هاهنا أن أمد الرضاع والحمل ثلاثون شهرا ، فإذا أسقطت سنتين من ثلاثين شهرا بقي أمد الحمل ستة أشهر.

١٧ ـ (وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ

مِنْ قَبْلِي وَهُما يَسْتَغِيثانِ اللهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَيَقُولُ ما هذا

إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ)

«ويلك» : نصب على المصدر.

٤٠٩

ويجوز رفعه على الابتداء ، والخبر محذوف.

وهذه المصادر ، التي لا أفعال لها ، الاختيار فيها إذا أضيفت النصب ، ويجوز الرفع ، ولذلك أجمع القراء على النصب فى قوله (وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا) ٢٠ : ٦١ ، وشبهه كثير ، ويجوز فيها الرفع.

فإن كانت غير مضافة فالاختيار فيها الرفع ، ويجوز النصب ، ولذلك أجمع القراء على الرفع فى قوله : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) ٨٣ : ١ ، و (فَوَيْلٌ لَهُمْ) ٢ : ٧٩ ، وشبهه كثير.

فإن كانت المصادر من أفعال جارية عليها فالاختيار فيها ، إذا كانت معرفة ، الرفع ، ابتداء وخبر ؛ ويجوز النصب نحو : الحمد لله ، والشكر للرحمن.

فإن كانت نكرة فالاختيار فيها النصب ، ويجوز الرفع ، نحو ، حمدا لزيد ، وشكرا لعمرو ، فهى بضد الأولى. ولم يجز المبرد فى قوله «ويل للمطففين» إلا الرفع.

٢١ ـ (وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ

وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)

«قد خلت النذر» : النذر ، جمع نذير ، كرسول ورسل ، ويجوز أن يكون اسما للمصدر.

٢٤ ـ (فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا بَلْ هُوَ

مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ)

«رأوه عارضا» : الهاء ، فى «رأوه» : للسحاب ؛ وقيل : للرعد ، ودل عليه قولهم «فأتنا بما تعدنا» الآية : ٢٢

٢٦ ـ (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً فَما أَغْنى

عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ

اللهِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ)

«فيما إن مكناكم فيه» : ما ، بمعنى «الذي» ، «وإن» : بمعنى «ما» التي للنفى ؛ والتقدير : ولقد مكناهم فى الذي ما مكناكم فيه ؛ و «قد» مع الماضي للتوقع والقرب ، ومع المستقبل للتقليل.

«فما أغنى عنهم سمعهم» : ما ، نافية ، والمفعول «من شىء» ؛ تقديره : فما أغنى عنهم سمعهم شيئا.

ويجوز أن يكون «ما» استفهاما فى موضع نصب ب «أغنى» ، ودخول «من» للتأكيد يدل على أن «ما» للنفى.

٤١٠

«وحاق بهم ما كانوا» : ما رفع ب «حاق» ، وهى وما بعدها مصدر ، وفى الكلام حذف مضاف ؛ تقديره : وحاق بهم عقاب ما كانوا ؛ أي : عقاب استهزائهم ، لأن الاستهزاء لا يحل عليهم يوم القيامة ، وإنما يحل عليهم عقابه ، وهو فى القرآن كثير ، مثل قوله (فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا) ٤٠ : ٤٥ ؛ أي : عقاب السيئات ، ومثله : («وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ وَمَنْ تَقِ) (السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ») ٤٠ : ٩ ؛ أي : وقهم عقاب السيئات ومن تق عقاب السيئات يومئذ فقد رحمته ، ومثله : (تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ واقِعٌ) ٤٢ : ٢٢ ؛ أي : عقابه واقع بهم ، وليس السيئات يوم القيامة تحل بالكفار وتقع بهم : إنما يحل بهم عقابها.

٢٨ ـ (فَلَوْ لا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ قُرْباناً آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ

وَذلِكَ إِفْكُهُمْ وَما كانُوا يَفْتَرُونَ)

«قربانا آلهة» : قربانا ، مصدر ؛ وقيل : مفعول من أجله ؛ وقيل : هو مفعول ب «اتخذوا» ، و «آلهة» : بدل منه.

«وذلك إفكهم وما كانوا» : ما ، فى موضع رفع ، على العطف على «إفكهم». والإفك : الكذب ؛ فالتقدير : وذلك كذبهم وافتراؤهم ؛ أي : الآلهة كذبهم وافتراؤهم.

ومن قرأ ـ إفكهم ، جعله فعلا ماضيا ، و «ما» : فى موضع رفع أيضا ، عطف على «ذلك».

وقيل : على المضمر المرفوع فى «إفكهم» ، وحسن ذلك التقدير بالمضمر الموصوف بينهما ، فقام مقام التأكيد.

٣٣ ـ (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ

عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)

«بقادر على أن يحيى الموتى» : إنما دخلت الباء على أصل الكلام قبل دخول ألف الاستفهام على «لم».

وقيل : دخلت لأن فى الكلام لفظ نفى ، وهو «أو لم يروا أن الله» ، فحمل على اللفظ دون المعنى.

٣٤ ـ (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ قالُوا بَلى وَرَبِّنا

قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ)

«ويوم» : انتصب على إضمار فعل ؛ تقديره : واذكر يا محمد يوم يعرض.

٣٥ ـ (لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ)

«بلاغ» : رفع على إضمار مبتدأ ؛ أي : ذلك بلاغ.

٤١١

ولو نصب فى الكلام على المصدر ، أو على النعت «لساعة» جاز.

ـ ٤٧ ـ

سورة محمد

٤ ـ (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ)

«فضرب الرقاب» : نصب على المصدر ؛ أي : فاضربوا الرقاب ضربا ، وليس المصدر فى هذا بموصول ، لأن المصدر إنما يكون ما بعده من صلته إذا كان بمعنى : أن فعل ، وأن يفعل ، فإن لم يكن كذلك فلا صلة له ، هو توكيد لا غير.

٨ ـ (وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ)

«والذين كفروا فتعسا لهم» : الذين ، ابتداء ، وما بعده الخبر ، و «تعسا» : نصب على المصدر ، والنصب الاختيار ، لأنه مشتق من فعل مستعمل.

ويجوز فى الكلام الرفع على الابتداء ، و «لهم» : الخبر ، والجملة : خبر عن «الذين».

١٠ ـ (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ

دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها)

«فينظروا» : فى موضع جزم على العطف على «يسيروا» ، أو فى موضع نصب على الجواب للاستفهام.

١٣ ـ (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ

فَلا ناصِرَ لَهُمْ)

«من قريتك التي أخرجتك» : هذا أيضا مما حذف فيه المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ؛ تقديره : التي أخرجك أهلها ، فحذف «الأهل» وقام ضمير «القرية» مقامهم ، فصار ضمير «القرية» مرفوعا ، كما كان «الأهل» مرفوعين ب «أخرج» ، فاستتر ضمير «القرية» فى «أخرج» ، وظهرت علامة التأنيث ، لتأنيث «القرية». وهو مثل قوله : (وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ) ٤٢ : ٢٢ ؛ تقديره : وعقابه واقع بهم ، ثم حذف «العقاب» وقام ضمير «الكسب» مقامه ، فصار ضميرا مرفوعا ملفوظا ، ولم يستتر لأن معه الواو ، ولأن الفعل لم يظن للعقاب ، فلم يستتر ضمير ما قام مقام العقاب فى الفعل ، واستتر ضمير «القرية» فى «أخرج» ، لأنه كان فعلا ل «أهل» ، فاستتر ضمير ما قام مقام «الأهل»

٤١٢

فى فعل الأهل ، وجاز ذلك وحسن لتقدم ذكر «القرية» ، ولأن الفعل فى صلة «التي» ، و «التي» ل «القرية» ، فلم يكن بد من ضمير يعود على «التي» ، وضمير الفعل المرفوع العائد على «الذي» و «التي» يستتر فى الفعل الذي فى الصلة أبدا ، إذا كان الفعل له ، ومثله فى الحذف : (فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ) ٤٧ : ٢١ ؛ أي : عزم أصحاب الأمر ، ثم حذفت «الأصحاب» ، ولم يستتر «الأمر» فى الفعل لأنه لم يتقدم له ذكر.

١٥ ـ (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ

لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ

الثَّمَراتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ)

«مثل الجنة التي» : مثل ، رفع بالابتداء ، والخبر محذوف ، عند سيبويه ؛ تقديره : فيما يتلى عليكم مثل الجنة.

وقال يونس : معنى «مثل الجنة» : صفة الجنة ، ف «مثل» : مبتدأ ، و «فيها أنهار من ماء» : ابتداء وخبر فى موضع خبر «مثل».

وقال الكسائي : تقديره : مثل أصحاب الجنة ، ف «مثل» ، على قوله : ابتداء ، و «كمن هو خالد» : الخبر.

وقيل : مثل ، زائدة ، والخبر إنما هو على «الجنة» ، و «الجنة» ، فى المعنى : رفع بالابتداء ، و «أنهار من ماء» : ابتداء ، و «فيها» : الخبر ، والجملة : خبر عن «الجنة».

«من خمر» : فى موضع رفع ، نعت ، ل «أنهار» ، وكذلك : «من عسل».

ويجوز فى الكلام «لذة» ، بالرفع على النعت ل «أنهار» ، ويجوز النصب على المصدر ، كما تقول : هو لك هبة ، لأن «هو لك» تقوم مقام «وهبته لك».

١٦ ـ (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا

الْعِلْمَ ما ذا قالَ آنِفاً أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ)

«آنفا» : نصب ، على الحال ؛ أي : ما قال محمد مبتدئا لوعظه المتقدم ، يهزءون بذلك.

ويجوز أن يكون «آنفا» ظرفا ؛ أي : ما ذا قال قبل هذا الوقت ؛ أي : ما ذا قال قبل خروجنا ، وهو من الاستئناف.

١٨ ـ (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها فَأَنَّى لَهُمْ

إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ)

«فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم» : الذكرى ابتداء ، و «أنى لهم» : خبر ، وفى «جاءتهم» : ضمير «الساعة» ، والمعنى : أنى لهم الذكرى إذا جاءتهم الساعة ، مثل قوله : (وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) ٣٤ : ٥٢

٤١٣

٢١ ـ (طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ)

«طاعة وقول» : طاعة ، رفع على الابتداء ، والخبر محذوف ؛ تقديره : أمرنا طاعة وقول معروف.

وقيل : التقدير : منا طاعة.

وقيل : هو خبر ابتداء مضمر ؛ تقديره : فأمرنا طاعة.

فتقف فى هذين الوجهين على «فأولى لهم».

وقيل : طاعة ، نعت ل «سورة» الآية : ٢٠ ، وفى الكلام تقديم وتأخير ؛ تقديره : فإذا أنزلت سورة محكمة ذات طاعة وقول معروف وذكر فيها القتال رأيت.

فلا تقف على «أولى لهم» فى هذا القول.

والقولان الأولان أبين وأشهر.

٢٢ ـ (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ)

«أن تفسدوا» : أن ، فى موضع نصب ، خبر : «عسى» ، تقول : عسى زيد أن يقوم ، ف «أن» لازمة للخبر فى أشهر اللغات.

ومن العرب من يحذف «أن» فيقول : عسى زيد يقوم ، و «كاد» بضد ذلك ، الأشهر فيها حذف «أن» من الخبر ، تقول ، كاد زيد يقوم.

ومن العرب من يقول : كاد زيد أن يقوم ، وهو قليل.

٢٧ ـ (فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ)

«يضربون وجوههم وأدبارهم» : يضربون ، حال من «الملائكة».

٣٤ ـ (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ ماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ)

«فلن يغفر الله لهم» : خبر «إن» ، ودخلت «الفاء» فى الخبر ، لأن اسم «إن» : «الذين» ، و «الذين» : فيه إبهام ، فشابه الشرط ، لأنه مبهم.

٣٥ ـ (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ)

«وأنتم الأعلون» : ابتداء وخبر ، فى موضع الحال من المضمر المرفوع فى «تدعوا» ، وكذلك : «والله معكم» ، وكذلك : «ولن يتركم أعمالكم».

«تهنوا ، يتركم» : قد حذفت «الفاء» منهما ، وهى واو ، وأصله : توهنوا ، ويوتركم ، ثم حذفت لوقوعها

٤١٤

بين ياء وكسرة ، وأتبع الفعل المستقبل الحذف ، وإن لم يكن فيه ياء ، على الإتباع ، لئلا يختلف الفعل ، كما حذفوا الهمزة من الفعل الرباعي ، إذا أخبر ، المخبر به عن نفسه ، فقال : أنا أكرم زيدا ، أنا أحسن العلم ، وذلك لاجتماع همزتين زائدتين ، ثم أتبع سائر المستقبل الحذف ، وإن لم يكن فيه تلك العلة.

ـ ٤٨ ـ

سورة الفتح

٢ ـ (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ

صِراطاً مُسْتَقِيماً)

«ويهديك صراطا مستقيما» ؛ أي : إلى صراط ، ثم حذفت «إلى» ، فانتصب «الصراط» ، لأنه مفعول به فى المعنى.

٨ ـ (إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً)

«شاهدا ومبشرا ونذيرا» : انتصب الثلاثة على الحال المقدرة ، وهى أحوال من الكاف فى «أرسلناك» ، والعامل فيه «أرسل» ، كما أنه هو العامل فى صاحب الحال.

١٠ ـ (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما

يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ)

«إن الذين يبايعونك» : ابتداء ، خبره : «إنما يبايعون الله». ويجوز أن يكون الخبر : «يد الله فوق أيديهم» ، وهو ابتداء وخبر فى موضع خبر «إن».

١٦ ـ (قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ

أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْراً حَسَناً)

«تقاتلونهم أو يسلمون» : يسلمون ، عند الكسائي ، عطف على «تقاتلون».

وقال الزجاج : هو استئناف ؛ أي : أو هم يسلمون.

وفى قراءة أبى : ويسلموا ، بالنصب ، على إضمار «أن».

ومعناه عند البصريين : إلا أن يسلموا.

وقال الكسائي : معناه : حتى يسلموا.

٤١٥

٢١ ـ (وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللهُ بِها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً)

«وأخرى لم تقدروا» : أخرى ، فى موضع نصب على العطف على «مغانم» ، وفى الكلام ، حذف مضاف ، التقدير : وعدكم الله ملك مغانم وملك أخرى ، لأن المفعول الثاني ل «وعد» ، لا يكون إلا مصدرا ، لأن الجثث لا يقع الوعد عليها إنما يقع على ملكها وحيازتها ، تقول : وعدتك غلاما ، فلم تعده رقبة غلام ؛ إنما وعدته ملك رقبة غلام.

٢٣ ـ (سُنَّةَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً)

«سنة الله» : نصب على المصدر ، ومعنى «(لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ) ـ الآية : ٢٢» : سن الله توليهم الأدبار سنة كما سنها فيمن خلا من الأمم الكافرة.

ويجوز فى الكلام «سنة الله» ، بالرفع ، فتضمر الابتداء ، «وسنة» : خبر له.

٢٤ ـ (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ)

«ببطن مكة» : لم تنصرف «مكة» لأنه معرفة ، اسم لمؤنث ، وهى المدينة.

٢٥ ـ (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ

مَحِلَّهُ وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ

مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ)

«والهدى معكوفا» ؛ أي : يبلغ الهدى ، منصوب على العطف على الكاف والميم فى «صدوكم» ، و «أن» : فى موضع نصب ، على تقدير : حذف الخافض ؛ أي : عن أن يبلغ.

«ولو لا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات» : ارتفع «رجال» بالابتداء ، و «نساء» : عطف عليهم ، والخبر : محذوف ؛ أي : بالحضرة ، أو بالموضع ، أو بمكة.

«أن تطؤهم» : أن ، فى موضع رفع على البدل من «رجال» و «نساء» ، أو فى موضع نصب على البدل من الهاء والميم فى «تعلموهم» التقدير ، على القول الأول : ولو لا وطؤكم رجالا مؤمنين لم تعلموهم فتصيبكم منهم معرة ؛ وعلى القول الثاني : ولو لا رجال مؤمنون لم تعلموا وطأهم فتصيبكم.

وهو بدل الاشتمال فى الوجهين ، والقول الأول أبين وأقوى فى المعنى.

والوطء ، هنا : القتل.

٤١٦

«لم تعلموهم» : فى موضع رفع على النعت لرجال ولنساء ، وجواب «لو لا» محذوف.

٢٧ ـ (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ

آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ

ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً)

«محلقين رءوسكم ومقصرين» : حالان ، من المضمر المرفوع فى «لتدخلن» ، و «الواو» محذوفة من «لتدخلن» ، وهى واو ضمير الجماعة ، وحذفت لسكونها وسكون أول المشدد ، وكذلك : «لا تخافون» : حال أيضا منهم ؛ أي :

غير خائفين.

٢٩ ـ (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ

رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ

السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ

شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ

لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا

الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)

«محمد رسول الله» : ابتداء وخبر.

«والذين معه أشداء» : ابتداء أيضا وخبر ، و «رحماء» : خبر ثان ، فيكون الإخبار بالشدة والرحمة وما بعد ذلك من ركوعهم وسجودهم وضرب الأمثال بهم عن الذين مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والنبي أرفع درجة منهم ، لأنهم إنما أدركوا هذه الدرجة به وعلى يديه صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وقيل : محمد ، ابتداء ، و «رسول الله» : نعت له ، و «الذين معه» : عطف على «محمد» ، و «أشداء» : خبر الابتداء عن الجميع ، و «رحماء» : خبر ثان عنهم ، فيكون النبي عليه‌السلام داخلا فى جميع ما أخبر عنهم من الشدة والرحمة والركوع والسجود وضرب الأمثال المذكورة.

وتقف فى القول الأول على «رسول الله» صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولا تقف عليه فى القول الثاني.

«ركعا سجدا» : حالان ، من الهاء والميم فى «تراهم» ، لأنه من رؤية العين ؛ وكذلك : «يبتغون» : حالا منهم أيضا.

«سيماهم» : ابتداء ، و «من أثر السجود» : الخبر.

٤١٧

ويجوز أن يكون الخبر : «فى وجوههم» ، وهو أبين وأحسن.

«ذلك مثلهم فى التوراة» : ذلك ، ابتداء ، و «مثلهم» : خبر.

«ومثلهم فى الإنجيل» : عطف على «مثل» الأول ، فلا تقف على «التوراة» ، إذا جعلتها عطفا على «مثل» الأول ، ويكون المعنى : إنهم قد وصفوا فى التوراة والإنجيل بهذه الصفات المتقدمة ، ويكون «الكاف» فى قوله «كزرع أخرج شطأه» خبر ابتداء محذوف ؛ تقديره : هم كزرع ، فتبتدئ ب «الكاف» وتقف على «الإنجيل».

ويجوز أن يكون «مثلهم فى الإنجيل» : ابتداء ، و «كزرع» : الخبر ، فتقف على «التوراة» وتبتدئ ب «ومثلهم فى الإنجيل كزرع» ، ولا تقف على «الإنجيل» ، ولا تبتدئ ب «الكاف» فى هذا القول ، لأنها خبر الابتداء ، ويكون المعنى : إنهم وصفوا فى الكتابين بصفتين : وصفوا فى التوراة أنهم أشداء على الكفار رحماء بينهم ، تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا ، وأن سيماهم فى وجوههم من أثر السجود ، ووصفوا فى الإنجيل أنهم كزرع أخرج شطأه ، إلى تمام الصفة.

والقول الأول : قول مجاهد ، والثاني قول : الضحاك وقتادة.

ـ ٤٩ ـ

سورة الحجرات

٢ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ

بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ)

«كجهر بعضكم» : الكاف ، فى موضع نصب ، نعت لمصدر محذوف ؛ تقديره : جهرا كجهر.

«أن تحبط» : أن ، فى موضع نصب ، على حذف الجار ؛ تقديره : لأن تحبط ، مثل قوله تعالى : (رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ) ١٠ : ٨٨

٣ ـ (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ

لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ)

«إن الذين يغضون أصواتهم» ، خبر «إن» : «أولئك الذين» ؛ وقيل : هو نعت ل «الذين» ، والخبر : «لهم مغفرة وأجر عظيم» ، هو ابتداء وخبر ، فى موضع خبر «إن».

٤١٨

٤ ـ (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ)

«إن الذين ينادونك» ، خبر «إن» : «أكثرهم لا يعقلون» : وهو ابتداء وخبر ، فى موضع خبر «إن».

ويجوز فى الكلام نصب «أكثرهم» ، على البدل من «الذين» ، وهو بدل الشيء من الشيء ، والثاني بعضه.

٦ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ

فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ)

«أن تصيبوا» : أن ، فى موضع نصب ، لأنه مفعول من أجله.

«فتصبحوا» : عطف عليه.

٩ ـ (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما

عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ)

«وإن طائفتان» : ارتفع «طائفتان» بإضمار فعل ؛ تقديره : وإن اقتتلت طائفتان ، وإن كانت طائفتان ، لأن الشرط لا يكون إلا بفعل ، فلم يكن بد من إضمار فعل ، وهو مثل (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ٩ : ٦ ، ولا يجوز حذف الفعل مع شىء من حروف الشرط العاملة ، إلا مع «إن» وحدها ، وذلك لقوتها وأنها أصل حروف الشرط.

١٤ ـ (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ

الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ

شَيْئاً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)

«قل لم تؤمنوا» : إنما أتت «لم» ، ولم تأت «لن» ، لأن «لم» لنفى الماضي ، و «لن» إنما هى نفى لما يستقبل ، فالقوم إنما أخبروا عن أنفسهم بإيمان قد مضى ، فنفى قولهم ب «لم» ، ولو أخبروا عن أنفسهم بإيمان سيكون لكان النفي ب «لن» ، ألا ترى إلى قوله : (فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ) ، فقال : (فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً) ٩ : ٨٣ ؛ لأنهم إنما قالوا : نخرج معك يا محمد مستأذنين فى خروج مؤتنف ، فلذلك نفى ب «لن» ولن ينف ب «لم».

«لا يلتكم» : من قرأ بلام بعد الياء ، فهو من : لات يليت ، مثل كال يكيل ؛ ومن قرأ بهمزة بعد الياء ، فهو

٤١٩

من : ألت يألت ، وفيه لغتان : ألت يألت ، وآلت يؤلت ، وبه قرأ به ابن كثير فى سورة الطور (الآية : ٢١) ، وقرأ الجماعة بالفتح ، بمعنى : النقص.

ـ ٥٠ ـ

سورة ق

١ ـ (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ)

«والقرآن» : قسم ، وجوابه عند الأخفش : قد علمنا ، الآية : ٤ ، على حذف اللام ؛ أي : لقد علمنا.

وقال الزجاج : الجواب محذوف ؛ تقديره : والقرآن المجيد لتبعثن ، لأنهم أنكروا البعث فى الآية بعده.

وقيل : «قاف» : القسم يقوم مقام الجواب ، وأن معنى «قاف» : قضى الأمر والقرآن المجيد ، ف «قضى الأمر» هو الجواب ، ودلت «قاف» على ذلك.

وقيل : «قاف» : اسم للجبل ؛ وتقديره : هو قاف والقرآن المجيد. والجملة تسد مسد جواب القسم.

٣ ـ (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ)

«أءذا متنا» : العامل فى «إذا» : فعل محذوف ، دل عليه الكلام ، لأنهم قوم أنكروا البعث ، فكأنهم قالوا : فنبعث إذا متنا؟ ولا يعمل فيه «متنا» ، لأن «إذا» مضافة إلى «متنا» ، والمضاف إليه لا يعمل فى المضاف.

٩ ـ (وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ)

«وحب الحصيد» : هذا عند الكوفيين من إضافة الشيء إلى نفسه ؛ تقديره عندهم : والحب الحصيد ؛ أي : المحصود ، ثم حذف الألف واللام من «الحب» وأضاف إليه «الحصيد» ، وهو نعته ، والنعت هو المنعوت ، وهو عند البصريين إضافة صحيحة ، لكن فيه حذف موصوف وإقامة الصفة مقامه ؛ تقديره : وحب النبت الحصيد ؛ أي : المحصود ، فحذف «النبت» وأقام نعته مقامه ، وأضيف «الحب» إلى «الحصيد» على هذا التقدير.

١١ ـ (رِزْقاً لِلْعِبادِ وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ)

«رزقا للعباد» : مصدر ؛ وقيل : مفعول من أجله.

١٤ ـ (وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ)

«كل» : بمعنى : كلهم ، حكى سيبويه : مررت بكل جالسا ، فنصب جالسا على الحال ، لأن «كلا» معرفة ، إذ تقديره : كلهم.

٤٢٠