الموسوعة القرآنيّة - ج ٤

ابراهيم الأبياري

الموسوعة القرآنيّة - ج ٤

المؤلف:

ابراهيم الأبياري


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة سجل العرب
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٢٨

١٠ ـ (وَأَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ

يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ)

«تهتز» : فى موضع نصب على الحال ، من «الهاء» فى «رآها» ؛ وكذلك : «كأنها جان» : فى موضع الحال أيضا ؛ وتقديره : فلما رآها مهتزة مشبهة جانا ولى مدبرا.

و «رأى» : من رؤية العين.

«مدبرا» : حال من موسى ، عليه‌السلام.

١١ ـ (إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ)

«من» : فى موضع نصب ، لأنه استثناء ليس من الأول.

وقال الفراء : هو استثناء من الجنس ، لكن المستثنى منه محذوف ؛ وهذا بعيد.

وأجاز بعض النحويين أن يكون «إلا» ، بمعنى : الواو ؛ وهذا أبعد ، لاختلاط المعاني.

١٣ ـ (فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ)

«مبصرة» : حال من «آياتنا» ، ومعناه : مبينة.

ومن قرأ «مبصرة» ، بفتح الصاد ، جعله مصدرا.

٢٢ ـ (فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ)

«غير» : نعت لظرف ؛ تقديره : فمكث وقتا غير بعيد ، أو لمصدر محذوف ؛ أي : مكثا غير بعيد.

«من سبأ» : من صرفه جعله اسما لأمّة أو لحىّ.

ومن لم يصرفه جعله اسما للقبيلة أو المدينة ، أو لامرأة ؛ فلم يصرفه للتعريف والتأنيث.

ومن أسكن الهمزة ، فعلى نية الوقف.

٢٥ ـ (أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ

ما تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ)

«أن لا يسجدوا» : أن فى موضع خفض ب «يهتدون» الآية : ٢٤ ؛ والتقدير : فهم لا يهتدون إلى أن يسجدوا ، و «لا» : زائدة.

٣٢١

وقيل : هى فى موضع خفض على البدل من «السبيل» ، و «لا» : زائدة.

فأما قراءة الكسائي : ألا يا اسجدوا ، بتخفيف ، «ألا» ، فإنه على ، ألا يا هؤلاء اسجدوا ؛ ف «ألا» : للتنبيه لا للنداء ، وحذف المنادى لدلالة حرف النداء عليه ، و «اسجدوا» : مبنى ، على هذه القراءة ، ومنصوب على القراءة الأولى ب «أن».

٣٠ ـ (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

«إنه» : الكسر على الابتداء.

وأجاز الفراء الفتح فيها فى الكلام ، على أن يكون موضعها رفعا على البدل من «كتاب» الآية : ٢٩ ، وأجاز أن تكون فى موضع نصب بحذف حرف الجر.

٣١ ـ (أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ)

«أن» : فى موضع نصب ، على حذف الخافض ، أي : بأن لا تعلوا.

وقيل : فى موضع رفع على البدل من «كتاب» الآية : ٢٩ ؛ تقديره : إنى ألقى إلى ألا تعلوا.

وقال سيبويه : هى بمعنى. «أي» ، التي للتفسير ، لا موضع لها من الإعراب ، بمنزلة : (أَنِ امْشُوا) ٣٨ : ٦

٣٧ ـ (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً

وَهُمْ صاغِرُونَ)

«أذلّة وهم صاغرون» : حالان من المضمر المنصوب ، فى «لنخرجنهم».

٣٩ ـ (قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ

وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ)

«عفريت» : التاء ، زائدة ، كزيادتها فى «طاغوت» ؛ وجمعه : عفاريت ، وعفار ؛ كما تقول فى جمع «طاغوت» : طواغيت ، وطواغ ؛ وعفار ، مثل : جوار ، التاء محذوفة ، قيل : لالتقاء الساكنين ؛ وهما الياء والتنوين ؛ وقيل : للتخفيف ، وهو أصح ، وإن عوضت قلت : عفارى ، وطواغى.

وإنما دخل هذا الضرب التنوين ، وهو لا ينصرف ، لأن الياء لما حذفت للتخفيف نقص البناء الذي من أجله لم ينصرف ، فلما نقص دخل التنوين.

وقيل : بل دخل التنوين عوضا من حذف الياء ، فإذا صارت هذه الأسماء التي هى جموع لا تنصرف ، إلى حال النصب ، رجعت الياء وامتنعت من الصرف.

٣٢٢

٤٣ ـ (وَصَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللهِ إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ)

«ما» : فى موضع رفع ، لأنها الفاعلة للصد.

ويجوز أن تكون فى موضع نصب ب «صدها» ، على حذف حرف الجر ، وفى «صدها» ضمير الفاعل ، وهو الله جل ذكره ، أو سليمان عليه‌السلام ؛ أي : وصدها الله عن عبادتها ؛ أو : وصدها سليمان عن عبادتها.

«إنّها كانت» : من كسر «إن» ، كسر على الابتداء ، ومن فتح جعلها بدلا من «ما» ، إذا كانت فاعلة.

وقيل : بل هى فى موضع نصب على حذف الجار ؛ تقديره : لأنها كانت.

٤٤ ـ (وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)

«مع» : حرف بنى على الفتح ، لأنه قد يكون اسما ظرفا ، فقوى التمكن فى بعض أحواله فبنى.

وقيل : هو حرف بنى على الفتح ، لكونه اسما فى بعض أحواله ، وحقه السكون.

وقيل : هو اسم ظرف ، فلذلك فتح.

فإن أسكنت العين فهو حرف لا غير.

٤٥ ـ (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ فَإِذا هُمْ

فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ)

«أن» : فى موضع نصب ، على حذف الجار ؛ تقديره : بأن اعبدوا الله.

٤٧ ـ (قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ بَلْ

أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ)

«اطّيّرنا» : أصله : تطيرنا ، ثم أدغمت التاء فى الطاء فسكنت ، لأن الأول المدغم لا يكون إلا ساكنا ، ولا يدغم حرف فى حرف حتى يسكن الأول ، فلما سكن الأول اجتلبت ألف وصل فى الابتداء ليبتدأ بها ، وكسرت لسكونها وسكون ما بعدها.

وقيل : بل كسرت لكسر ثالث الفعل وفتحه ، ولم يفتح لفتحة ثالث الفعل ، لئلا يشبه ألف المتكلم ، وضمت بضمة ثالث الفعل ، لئلا يخرج من كسر إلى ضم ، فوزن «اطيرنا» ، على الأصل : تفعلنا ، ولا يمكن وزنه على لفظه ، إذ ليس فى الأمثلة «افعلنا» ، بحرفين مشددين متواليين.

٣٢٣

٤٩ ـ (قالُوا تَقاسَمُوا بِاللهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ ما شَهِدْنا

مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصادِقُونَ)

«قالوا تقاسموا» : فعلان ماضيان ، لأنه إخبار عن غائب ، والأول إخبار عن مخاطب ، أو عن مخبر عن نفسه.

٥١ ـ (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ)

من قرأ «إنا» ، بالكسر ، فعلى الابتداء ، و «كيف» : خبر «كان» مقدم ، لأن الاستفهام له صدر الكلام ؛ و «عاقبة» : اسم «كان» ، ولا يعمل «انظر» فى «كيف» ، ولكن يعمل فى موضع الجملة كلها.

وقيل : إن «كان» بمعنى : وقع وحدث ، و «عاقبة» ، الفاعل ؛ و «كيف» : فى موضع الحال ؛ والتقدير : فانظر يا محمد على أي حال وقعت عاقبة أمرهم. ثم فسر كيف وقعت العاقبة فقال مفسرا مستأنفا : إنا دمرناهم وقومهم.

فأما من قرأه ب «أنا» ، بالفتح ، جعل «كيف» : خبر «كان» ، و «العاقبة» اسمها ، و «أن» بدلا من «العاقبة» ، و «كيف» فى موضع الحال.

وإن شئت جعلت «أنا» خبر «كان» ، و «العاقبة» اسمها ، و «كيف» فى موضع الحال ؛ والتقدير : فانظر يا محمد على أي حال كان عاقبة أمرهم وتدميرهم.

وقيل : «أن» : فى موضع نصب ، على حذف حرف الجر ؛ والتقدير : فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم.

ويجوز فى الكلام نصب «عاقبة» ، على خبر «كان» ، ونجعل «أنا» اسم «كان».

وقيل : موضع «أنا» : موضع رفع ، على إضمار مبتدأ ؛ تقديره : هو أنا دمرناهم ، والجملة خبر «كان».

٥٢ ـ (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)

«فتلك بيوتهم خاوية». نصب على الحال.

ويجوز الرفع فى «خاوية» من خمسة أوجه :

الأول : أن يكون «بيوتهم» بدلا من «تلك» ، و «خاوية» : خبر «البيوت».

والثاني : أن تكون «خاوية» : خبرا ثانيا.

٣٢٤

والثالث : أن ترفع «خاوية» ، على إضمار مبتدأ ؛ أي : هى خاوية.

والرابع : أن تجعل «خاوية» بدلا من «بيوتهم».

والخامس : أن تجعل «بيوتهم» عطف بيان على «تلك» ، و «خاوية» خبر «تلك».

٥٤ ـ (وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ)

«ولوطا» : انتصب على معنى : وأرسلنا لوطا.

٥٩ ـ (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى آللهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ)

إنما جاز المفاضلة فى هذا ، ولا خير فى آلهتهم ، لأنهم خرطبوا على ما كانوا يعتقدون ؛ لأنهم كانوا يظنون فى آلهتهم خيرا ، فخوطبوا على زعمهم وظنهم.

وقد قيل : إن «خيرا» هنا ليست بأفعل تفضيل ، إنما هى اسم ، فلا يلزم فيها تفاضل بين شيئين ؛ كما قال حسان :

فشركما لخير كما الفداء

أي : فالذى فيه الشر منكما فداء الذي فيه الخير.

٦٦ ـ (بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ)

«ادّارك» : من قرأه «أدرك» على «أفعل» ، بناه على أن علمهم فى قيام الساعة قد تناهى لا مزيد عندهم فيه ؛ أي : لا يعلمون ذلك أبدا ولا مزيد فى علمهم ؛ ويقال : أدرك التمر ، إذا تناهى.

وقيل : معناه : بل كمل علمهم فى أمر الآخرة فلا مزيد فيه.

ودل على أنه على الإنكار ، قوله «بل هل فى شك منها» ؛ أي : لم يدركوا وقت حدوثها ، فهم عنها عمون.

والعمى عن الشيء أعظم من الشك فيه.

ومن قرأه بألف وصل مشددا ، فأصله : تدارك ، ثم أدغمت التاء فى الدال ، ودخلت ألف الوصل فى الابتداء ، لسكون أول المشدد ، كقوله «اطيرنا» الآية : ٤٧ ، ومعناه : بل كمل علمهم فى قيام الساعة فلا مزيد عندهم.

وقيل : معناه : بل تتابع علمهم فى أمر الآخرة ، فلم يبلغوا إلى شىء.

«فى الآخرة» : فى ، بمعنى : الباء ؛ أي : بالآخرة ؛ أي : بعلم الآخرة.

٣٢٥

٧٢ ـ (قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ)

«ردف لكم» : اللام ، زائدة ، ومعناه : ردفكم ؛ ومثله : (وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ) ٢٢ : ٢٦ ، ومثله : (إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ) ١٢ : ٤٣ ، وهو كثير ، «اللام» فيه زائدة لا تتعلق بشيء وفيه اختلاف.

٨٢ ـ (وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ

أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ)

«أن» : فى موضع نصب ، على حذف حرف الجر ؛ تقديره : تكلمهم بأن الناس.

ويجوز أن لا تقدر حرف جر ، وتجعل «أن» مفعولا ، على أن تجعل «تكلمهم» بمعنى : تخبرهم.

ومن كسر «إن» فعلى الاستئناف.

٨٧ ـ (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ

إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ)

العامل فى «يوم» فعل مضمر ؛ تقديره : واذكر يوم ينفخ فى الصور.

٨٨ ـ (وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ صُنْعَ اللهِ الَّذِي

أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ)

«صنع الله» : نصب على المصدر ، لأنه تعالى لما قال «وهى تمر مر السحاب» دل على أنه تعالى صنع ذلك ، فعمل فى «صنع الله».

ويجوز نصبه على الإغراء.

ويجوز الرفع على معنى : ذلك صنع الله.

٨٩ ـ (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ)

«من» : شرط ، رفع بالابتداء ، و «فله» : الجواب ، وهو الخبر.

ـ ٢٨ ـ

سورة القصص

٢ ـ (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ)

«تلك» : فى موضع رفع ، بمعنى : هذه ، و «آيات» : بدل منها.

٣٢٦

ويجوز فى الكلام أن تكون «تلك» فى موضع نصب ب «نتلو» الآية : ٣ ، وبنصب «آيات» على البدل من «تلك».

٤ ـ (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ)

«أهلها شيعا» : مفعولان ل «جعل» ، لأنها بمعنى : صير : فإن كانت بمعنى «خلق» تعدت إلى واحد ، نحو قوله تعالى (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) ٦ : ١ ؛ وخلق ، إذا كان بمعنى : صير ، تعدى إلى مفعولين ، نحو : (فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً) ٢٣ : ١٤ ، وإن كانت بمعنى : اخترع وأحدث ، تعدت إلى مفعول واحد ، نحو (خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ) ٢٩ : ٤٤

٩ ـ (وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا

أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ)

«قرّة عين» : رفع على إضمار مبتدأ ، أي : هو قرة عين لى.

ويجوز أن يكون مبتدأ ، والخبر : «لا تقتلوه».

ويجوز نصبه بإضمار فعل ، تفسيره : لا تقتلوه ؛ تقديره : اتركوا قرة عين لى لا تقتلوه.

١٠ ـ (وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا

عَلى قَلْبِها لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)

«لو لا أن ربطنا» : أن ، فى موضع رفع ، والجواب محذوف.

١٤ ـ (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ)

«أشده» ، عند سيبويه : وزنه : أفعل ، وهو عنده : جمع شدة ، كنعمة وأنعم.

وقال غيره : هو جمع شد ، مثل : قد وأقد.

وقيل : هو واحد ، وليس فى الكلام اسم مفرد على «إفعل» بغير «هاء» ، إلا «إصبعا» ، فى بعض لغاته.

١٥ ـ (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ

هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ)

«وهذا من عدوه» : أي ، من أعدائه ، ومعناه : إذا نظر إليهما الناظر قال ذلك.

٣٢٧

١٨ ـ (فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ

يَسْتَصْرِخُهُ قالَ لَهُ مُوسى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ)

«خائفا» : نصب على خبر «أصبح» ، وإن شئت : على الحال ، و «فى المدينة» : الخبر.

«فإذا الّذى استنصره بالأمس يستصرخه» : الذي ، مبتدأ ، و «يستصرخه» : الخبر ، ويجوز أن يكون «إذا» هى الخبر ، و «يستصرخه» : حالا.

٢٥ ـ (فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ)

«تمشى» : فى موضع الحال من «إحداهما» ، والعامل فيه «جاء».

«على استحياء» : فى موضع الحال من المضمر فى «تمشى».

ويجوز أن يكون «على استحياء» فى موضع الحال المقدمة من المضمر فى «قالت» ، والعامل فيه «قالت».

والأول أحسن.

ويحسن الوقف على «تمشى» على القول الثاني ، ولا يحسن الوقف على القول الأول إلا على «استحياء».

٢٨ ـ (قالَ ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ

وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ)

«ذلك» : مبتدأ ، وما بعده خبر ؛ ومعناه ، عند سيبويه : ذلك بيننا.

«أيّما الأجلين قضيت» : نصب «أيا» ب «قضيت» ، و «ما» : زائدة للتأكيد ، وخفض «الأجلين» لإضافة «أي» إليهما.

وقال ابن كيسان : ما ، فى موضع خفض بإضافة «أي» إليهما ، وهى نكرة ، و «الأجلين» : بدل من «ما» ، كذلك قال فى قوله «فبما رحمة» ١٥٩ ، إن «رحمة» بدل من «ما» ، وكان يتلطف فى ألا يجعل شيئا زائدا فى القرآن ، يخرج له وجها يخرجه من الزيادة.

٣٠ ـ (فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ

مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ)

«أن يا موسى» : فى موضع نصب بحذف حرف الجر ؛ أي بأن يا موسى.

٣٢٨

٣١ ـ (وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ)

«مدبرا» : نصب على الحال ، وكذلك موضع قوله «ولم يعقب» موضعه نصب على الحال.

٣٢ ـ (اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ

مِنَ الرَّهْبِ فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ)

«فذانك برهانان» : ذا ، مرفوع ، وهو رفع بالابتداء ، وألف «ذا» : محذوفة لدخول ألف التنبيه عليها.

ومن قرأه بتشديد النون فإنه جعل التشديد عوضا من ذهاب ألف «ذا».

وقيل : إن من شدده إنما بناه على لغة من قال فى الواحد : ذلك ، فلما بنى أبينت اللام بعد نون التثنية ، م أدغم اللام فى النون ، على حكم إدغام الثاني فى الأول ، والأصل أن يدغم الأول أبدا فى الثاني ، إلا أن تمنع فى ذلك علة فيدغم الثاني فى الأول. والعلة التي منعت فى هذا أن ندغم الأول فى الثاني أنه لو فعل ذلك لصار فى موضع النون ، التي تدل على التثنية لام مشددة ، فتغير لفظ التثنية ، وأدغم الثاني فى الأول ، لذلك نونا مشددة.

٣٤ ـ (وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي

إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ)

«ردءا» : حال من الهاء فى «أرسله» ، وكذلك : «يصدقنى» ، فى قراءة من رفعه ، جعله نعتا ل «ردء» ، ومن جزمه فعلى جواب الطلب.

٤٢ ـ (وَأَتْبَعْناهُمْ فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ)

انتصب «يوم» على أنه مفعول به على السعة ، كأنه قال : وأتبعناهم فى هذه الدنيا لعنة ولعنة يوم القيامة ، ثم حذفت «اللعنة» الثانية لدلالة الأولى عليها ، وقام «يوم» مقامها فانتصب انتصابها.

ويجوز أن ينصب «يوم» على أن تعطفه على موضع «فى هذه الدنيا».

ويجوز نصب «يوم» على أنه ظرف للمقبوحين ؛ أي : وهم من المقبوحين يوم القيامة ، ثم قدم الظرف

٤٣ ـ (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى

بَصائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)

«بصائر للنّاس وهدى ورحمة» : نصب كله ، على الحال ، من «الكتاب».

٣٢٩

٤٦ ـ (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ)

«ولكن رحمة من ربك» : انتصب «رحمة» على المصدر ، عند الأخفش ؛ والتقدير : ولكن رحمه ربك محمد رحمة.

وهو مفعول من أجله ، عند الزجاج ؛ أي : ولكن للرحمة فعل ذلك ؛ أي : من أجل الرحمة.

وقال الكسائي : هو خبر «كان» مضمرة ، بمعنى : ولكن كان ذلك رحمة من ربك.

ويجوز فى الكلام الرفع على معنى : ولكن هى رحمة.

٥٨ ـ (وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها)

«المعيشة» : نصب ، عند المازني ، على تقدير حذف حرف الجر ؛ تقديره : بطرت فى معيشتها.

وقال الفراء : هى نصب على التفسير ،

وهو بعيد ؛ لأنها معرفة والتفسير لا يكون إلا نكرة.

وقيل : هى نصب ب «بطرت» ، وبطرت : بمعنى : جهلت ؛ أي : جهلت شكر معيشتها ، ثم حذف المضاف.

٦٨ ـ (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ)

«ما» : الثانية ، لا موضع لها من الإعراب.

وقيل : هى فى موضع نصب ب «يختار» ، وليس ذلك يحسن فى الإعراب ، لأنه عائد يعود على ما فى الكلام. وهو أيضا بعيد فى المعنى والاعتقاد ، لأن كونها للنفى يوجب أن يعم جميع الأشياء التي حدثت بقدر الله واختياره ، وليس للعبد فيها شىء غير اكتسابه بقدر من الله.

وإذا جعلت «ما» فى موضع نصب ب «يختار» ، لم يعم جميع الأشياء أنها مختارة لله جل ذكره ، وإنما وجب أنه يختار ما لهم فيه الخير لا غير ، وبقي ما ليس لهم فيه خير موقوفا ؛ وهذا مذهب القدرية المعتزلة.

فكون «ما» للنفى أولى فى المعنى ، وأصح فى التفسير ، وأحسن فى الاعتقاد ، وأقوى فى العربية ، ألا ترى أنك لو جعلت «ما» فى موضع نصب ، لكان ضميرها فى «كان» اسمها ، والواجب نصب «الخيرة» ، ولم يقرأ بذلك أحد.

٣٣٠

وقد قيل فى تفسير هذه الآية ، إن معناها : وربك يا محمد يخلق ما يشاء ويختار لولايته ورسالته من يريدهم ابتداء ، فنفى الاختيار عن المشركين وأنهم لا قدرة لهم ، فقال : ما كان لهم الخيرة ؛ أي : ليس الولاية والرسالة وغير ذلك باختيارهم ولا بمرادهم.

٧٦ ـ (إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ

بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ)

«ما» : فى موضع نصب ب «آتيناه» مفعولا ثانيا ، و «إن» واسمها وخبرها وما يتصل بها إلى قوله «القوة» صلة «ما».

وواحد «أولى» : ذو.

٨٢ ـ (وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ

مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ)

«ويكأنّ الله» : أصلها : وى ، منفصلة من «الكاف».

قال سيبويه عن الخليل فى معناها : إن القوم تنبهوا ، فقالوا : ويكأن ، وهى كلمة يقولها المتندم إذا أظهر ندامته.

وقال الفراء : وى ، متصلة بالكاف ، وأصلها : وويلك إن الله ، ثم حذف اللام ، واتصلت اللام ب «أن».

وفيه بعد فى المعنى والإعراب ؛ لأن القوم لم يخاطبوا أحدا ؛ ولأن حذف اللام من هذا لا يعرف ، ولأنه كان يجب أن تكون «إن» مكسورة ، إذ لا شىء يوجب فتحها.

٨٨ ـ (وَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ

إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)

انتصب «الوجه» على الاستثناء ، ويجوز فى الكلام الرفع على معنى الصفة ، كأنه قال : غير وجهه ؛ كما قال :

وكل أخ مفارقه أخوه

لعمر أبيك إلا الفرقدان

أي : غير الفرقدين ؛ ف «غير» : صفة ل «كل» ، كذلك جواز الآية.

٣٣١

ـ ٢٩ ـ

سورة العنكبوت

٢ ـ (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ)

«أن يتركوا». أن ، فى موضع نصب ب «حسب».

«أن يقولوا» : أن ، فى موضع نصب بحذف الخافض ؛ أي : بأن يقولوا ؛ أو : لأن يقولوا.

وقيل : هى بدل من الأولى.

٤ ـ (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا ساءَ ما يَحْكُمُونَ)

«ساء ما يحكمون» : ما ، فى موضع نصب ، وهى نكرة ؛ أي : ساء شيئا يحكمونه.

وقيل : ما : نفى ، فى موضع ، رفع ، وهى معرفة ؛ تقديره : ساء الشيء الذي يحكمونه.

وقال ابن كيسان : ما ، فى موضع رفع ؛ تقديره : ساء حكمهم.

٨ ـ (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً)

«بوالديه حسنا» ؛ أي : وصيناه بوالديه أمرا ذا حسن ، ثم أقام الصفة مقام الموصوف ، وهو الأمر ، ثم حذف المضاف ، وهو «ذا» ، وأقام المضاف إليه مقامه ، وهو «حسن».

١٢ ـ (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ)

«ولنحمل خطاياكم» : لفظه لفظ الأمر ، ومعناه الشرط والجزاء.

١٤ ـ (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً)

«ألف سنة» : ألف ، نصب على الظرف ، و «خمسين» : نصب على الاستثناء ؛ وإنما انتصب على الاستثناء ، عند سيبويه ، لأنه كالمفعول ، إذ هو مستغنى عنه كالمفعول ، فأتى بعد تمام الكلام ، فانتصب كالمفعول.

ونصبه عند الفراء ب «إلا» ، وأصل «إلا» ، عنده : إن لا ؛ فإذا نصب نصب ب «إن» ، وإذا رفع رفع ب «لا».

ونصبه عند المبرد على أنه مفعول به ، و «إلا» ، عنده : قامت مقام الفاعل الناصب للاسم ، فهى تقوم مقام «استثنى» ، ولا تستثنى من العدد إلا أقل من النصف ، عند أكثر النحويين.

٣٣٢

١٦ ـ (وَإِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ

إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)

نصب «إبراهيم» ، على العطف على «الهاء» فى «فأنجيناه» الآية : ١٥.

وقيل : هو معطوف على «نوح» ، فى قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً) الآية : ١٤ ؛ أي ، وأرسلنا إبراهيم.

وقيل : هو منصوب بإضمار فعل ؛ أي : واذكر إبراهيم.

٢٢ ـ (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ

مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ)

أي : ولا من فى السماء معجزين ، فيكون «فى السماء» نعت ل «من» المحذوفة فى موضع رفع ، ثم يقوم النعت مقام المنعوت.

وفيه بعد ، لأن نعت النكرة كالصلة ، ولا يحسن حذف الموصول وقيام الصلة مقامه ، والحذف فى الصفة أحسن منه فى الصلة.

٢٥ ـ (وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ

يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْواكُمُ النَّارُ

وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ)

«وقال إنّما اتّخذتم من دون الله أوثانا مودّة بينكم» : ما ، بمعنى : الذي ، وهو اسم «إن» و «الهاء» مضمرة تعود على «ما» ؛ تقديره : إن الذي اتخذتموه أوثانا ، و «أوثانا» : مفعول ثان ل «اتخذتم» ، و «الهاء» المحذوفة ، هى المفعول الأول ل «اتخذتم» ، و «مودة» : خبر «إن».

وقيل : هو رفع بإضمار : هو مودة.

وقيل : هى رفع بالابتداء ، و «فى الحياة الدنيا» : الخبر ، والجملة خبر «إن» ، و «بينكم» : خفض بإضافة «مودة» إليه.

٣٣٣

وجاز أن تجعل : الذي اتخذتموه من دون الله مودة ، على الاتساع ؛ وتصحيح ذلك أن يكون التقدير : إن الذي اتخذتموه من دون الله أوثانا.

وقرئ بنصب «مودة» ، وذلك على أن تكون «ما» كافة ل «أن» عن العمل ، فلا ضمير محذوف فى «اتخذتم» ، فيكون «أوثانا» مفعولا ل «اتخذتم» ، لأنه تعدى إلى مفعول واحد واقتصر عليه ، كما قال الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ) ٧ : ١٥٢ ، وتكون «مودة» مفعولا من أجله ؛ أي : إنما اتخذتم الأوثان من دون الله للمودة فيما بينكم ؛ لأن عند الأوثان نفعا أو ضرا.

ومن نون «مودة» ونصب أو رفع ، جعل «بينكم» ظرفا ، فنصبه ؛ وهو الأصل ، والإضافة اتساع فى الكلام ، والعامل فى الظرف : «المودة».

ويجوز أن ينصب «بينكم» من نون «مودة» ، على الصفة للمصدر ؛ لأنه نكرة ، والنكرات توصف بالظروف والجمل والأفعال ؛ فإذا نصبت «بينكم» على الظرف جاز أن يكون قوله «فى الحياة الدنيا» ظرفا ل «المودة» أيضا ، وكلاهما متعلق بالعامل ، وهو «مودة» ، لأنهما ظرفان مختلفان : أحدهما للزمان ، والآخر للمكان.

وإنما يمتنع أن يتعلق بعامل واحد ظرفا زمان ومكان ، ولا ضمير فى واحد من هذين الظرفين ، إذا لم يقم واحد منهما مقام محذوف مقدر.

وإذا جعلت قوله «بينكم» صفة ل «مودة» كان متعلقا بمحذوف ، وفيه ضمير كان فى المحذوف الذي هو صفة على الحقيقة ، فيكون «فى الحياة الدنيا» فى موضع الحال من ذلك الضمير فى «بينكم» ، والعامل فيه الظرف ، وهو «بينكم» ، وفى الظرف ، وهو «فى الحياة الدنيا» ، ضمير يعود على ذى الحال ؛ والصفة لا بد أن يكون فيها عائد على الموصوف ؛ فإذا قام مقام الصفة ظرف صار ذلك الضمير فى الظرف كما يكون فى الظرف إذا كان خبر المبتدأ أو حالا ؛ ولا يجوز أن يعمل فى قوله «فى الحياة الدنيا» ، وهو حال من المضمر فى «بينكم مودة» ؛ لأنك قد وصفت المصدر بقوله «بينكم». ولا يعمل بعد الصفة ، لأن المعمول فيه داخل فى الصفة ؛ والصفة غير داخلة فى الصلة ، فتكون قد فرقت بين الصلة والموصول ، فلا يعمل فيه إذا كان حالا من المضمر فى «بينكم» إلا «بينكم» ، وفيه ضمير يعود على المضمر فى «بينكم» ، وهو هو ؛ لأن كل حال لا بد أن يكون فيها ضمير يعود على ذى الحال كالصفة.

وأيضا فإن قوله «فى الحياة الدنيا» ، إذا جعلته حالا من المضمر فى «بينكم» إنما ارتفع بالظرف ، وجب أن يكون العامل فى الحال الظرف أيضا ، لأن العامل فى ذى الحال هو العامل فى الحال أبدا ، لأنها هو فى المعنى ، فلا يختلف العامل فيهما ، لأنه لو اختلف لكان قد عمل عاملان فى شىء واحد ، إذ الحال هى صاحب الحال ، فلا يختلف العامل فيهما.

٣٣٤

ويجوز أن يكون «فى الحياة الدنيا» صفة ل «مودة» ، و «بينكم» صفة أيضا ، فلا بد أن يكون فى كل واحد منهما ضمير يعود على «المودة» ، والعامل فيهما المحذوف الذي هو صفة على الحقيقة ، وفيه كان الضمير ، فلما قام الظرف مقامه انتقل الضمير إلى الظرف ، كما ينتقل إذا كانت أخبارا للمبتدإ ؛ وتقدير المحذوف كأنه قال : إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة مستقرة بينكم ثابتة فى الحياة الدنيا ، ثم حذفت «مستقرة» ، وفيها ضمير ، و «ثابتة» وفيها ضمير ، يعودان على «المودة» ، وقام «بينكم» مقام «مستقرة» التي هى صفة ، فصار الضمير الذي كان فيه يعود على الموصوف فى «بينكم» ، وصارت صفة ل «المودة». لأنها خلف من الصفة. وكذلك حذفت «ثابتة» ، وفيها ضمير ، وأقمت «فى الحياة الدنيا» مقامها ، فصار الضمير فى قولك «فى الحياة الدنيا» ، فذلك المحذوف هو العامل فى الظرفين وقام مقام المحذوفين الصفتين ، فصار ذا صفتين ، فهما ضميران يعودان على الموصوف.

٢٧ ـ (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ

فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ)

فى قوله «فى الآخرة» حرف متعلق بمحذوف ؛ وتقديره : وأنه صالح فى الآخرة لمن الصالحين.

وقيل : هو متعلق «بالصالحين» ، والألف واللام للتعريف ، وليستا بمعنى : الذين.

٢٨ ـ (وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها

مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ)

«ولوطا» : هو عطف على «الهاء» فى «فأنجيناه» الآية : ١٥.

وقيل : عطف على «نوح» فى قوله «ولقد أرسلنا نوحا» الآية ، ١٤.

وقيل : هو نصب ، على تقدير : واذكر لوطا ؛ والعامل فى «إذ» هو العامل فى «لوط».

٣٨ ـ (وَعاداً وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ

فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ)

«وعادا وثمودا» : عطف على «الذين» فى قوله «ولقد فتنا الذين من قبلهم» الآية : ٣

وقيل : هو عطف على الهاء والميم فى قوله «فأخذتهم الرجفة» الآية : ٣٧ ، وهو أقرب من الأول.

وقيل : التقدير : وأهلكنا عادا وثمودا.

٣٣٥

٣٩ ـ (وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي

الْأَرْضِ وَما كانُوا سابِقِينَ)

«وقارون وفرعون وهامان» : عطف على «عاد» فى جميع وجوهه ، وهى أسماء أعجمية معرفة ، فلذلك لم تنصرف.

وقيل : عطف على الهاء والميم فى قوله «فصدهم عن السبيل» الآية ٣٨ ؛ أي : وصد قارون وفرعون وهامان.

٤١ ـ (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً

وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ)

«كمثل العنكبوت» : الكاف ، فى موضع رفع خبر الابتداء ، وهو قوله «مثل الذين اتخذوا».

وقيل : هى فى موضع نصب على الظرف.

وجمع «العنكبوت» : عناكيب ، وعناكب ، وعكاب ، وأعكب.

٤٦ ـ (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ)

«الذين» : فى موضع نصب ، على البدل ، أو على الاستثناء.

٥١ ـ (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ)

«أن» : فى موضع رفع ، فاعل «يكفهم».

٥٨ ـ (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً)

«لنبوئنهم من الجنة غرفا» : من قرأ «لنثوبنهم» بالثاء ، فهو من الثواء ، و «غرفا» : منصوب على حذف حرف الجر ، لأنه لا يتعدى الفعل المخصوص إلى ظرف المكان إلا بحرف ، لا تقول : جلست دارا ؛ فالتقدير : لنثوينهم فى غرف ، فلما حذف الحرف نصب.

ومن قرأ بالباء ، جعل «غرفا» مفعولا ثانيا ، لأن الفعل يتعدى إلى مفعولين ؛ تقول : بوأت زيدا منزلا.

فأما قوله : (وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ) ٢٢ : ٢٦ ؛ فاللام زائدة كزيادتها فى (رَدِفَ لَكُمْ) ٢٧ : ٧٢ ، إنما هو : ردفكم ، وبوأنا إبراهيم.

٣٣٦

٦٦ ـ (لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ)

«وليتمتعوا» : من كسر «اللام» جعلها : لام كى ، ويجوز أن تكون لام الأمر.

ومن أسكنها فهى : لام أمر ، لا غير.

ولا يجوز أن تكون مع الإسكان : لام كى ، لأن «لام كى» حذفت بعدها «أن» ، فلا يجوز حذف حركتها أيضا ، لضعف عوامل الأفعال.

ـ ٣٠ ـ

سورة الروم

٤ ـ (فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ)

«فى بضع سنين» : الأصل فى «سنة» ألا يجمع بالياء والنون ، والواو والنون ؛ لأن الواو والنون لمن يعقل ، ولكن جاز ذلك فى «سنة» ، وإن كانت مما لا يعقل ، للحذف الذي دخلها ؛ لأن أصلها : سنوة ؛ وقيل : سنهة ، على «فعلة» ؛ دليله قولهم : سنوات ، وقولهم : سانهت ، من السنين. وكسرت السين فى «سنين» ليدل على أنه جمع على غير الأصل ، لأن كل ما جمع جمع السلامة لا يغير فيه بناء الواحد فى هذا الجمع ، وكلما تغير بناء الواحد فى هذا الجمع ، وكسر أوله ، وقد كان مفتوحا فى الواحد ، علم أنه جمع على غير أصله.

«من قبل ومن بعد» : قبل ، وبعد : مبنيان ، وهما ظرفا زمان ، أصلهما الإعراب ، وإنما بنيا لأنهما يعرفان بغير ما تتعرف به الأسماء ، وذلك أن الأسماء تتعرف بالألف واللام ، وبالإضافة إلى المعرفة ، وبالإضمار ، وبالعهد ؛ وليس فى «قبل» ، وب «بعد» شىء من ذلك ، فلما تعرفا بخلاف ما تعرف به الأسماء ، وهو حذف ما أضيف ، خالفا الأسماء وشابها الحروف ، فبنيا كما تبنى الحروف ، وكان أصلهما أن يبنيا على سكون ، لأنه أصل البناء ، لكن قبل الآخر ساكن فيهما ، وأيضا فإنه قد كان لهما فى فى الأصل تمكن ، لأنهما يعرفان إذا أضيفا ، وأيضا فإنه لم يكن من حركة أو حذف ، وإنما وجب أن يمكن الحذف فى حروف السلامة ، فحرك الثاني لأن البناء فيه ، تكون الحركة ضما دون الكسرة ، والفتح ، لأنهما أشبها المنادى المفرد ، إذ المنادى يعرب إذا أضيف أو نكر ، كما يفعل لهما ، فبنيا على الضم كما بنى المنادى المفرد.

وقال على بن سليمان : إنما بنيا لأنهما متعلقان بما بعدهما ، فأشبها الحروف ، إذ الحروف متعلقة بغيرها لا تفيد شيئا إلا بما بعدها.

وقيل : إنما بنيا على الضم ، لأنهما غايتان قد اقتصر عليهما ، وحذف ما بعدهما ، فبنيا لمخالفتهما الأسماء ، وأعطيا الضم ، لأنه غاية الحركات.

٣٣٧

وقيل : لما تضمنا الحروف بعدهما صارا ، كبعض اسم ، وبعض الاسم مبنى.

وقال الفراء : إنما تضمنا معنيين ـ يعنى ـ : معناهما فى أنفسهما ، ومعنى ما بعدهما المحذوف ، فبنيا ، وأعطيا الضمة ، لأنها أقوى الحركات.

وقال هشام : لما لم يجز أن يفتحا فيشبها حالهما فى الإضافة ، ولم يجز أن يكسرا فيشبها المضاف إلى المخاطب ، ولم يسكنا لأن ما قبل الآخر ساكن ، لم يبق إلا الضم ، فأعطياه.

وأجاز الفراء : رأيتك بعد ، بالتنوين رفعا ، و «بعدا» ، بالنصب منونا ؛ وهما معرفتان.

وأجاز هشام : رأيتك بعد يا هذا ، بالفتح ، غير منون ، على إضمار المضاف.

ومعنى الآية : لله الأمر من قبل كل شىء ومن بعد كل شىء ؛ فلما حذف ما بعد «قبل» و «بعد» ، وتضمنا معناه ، خالفا الأسماء فبنيا.

٦ ـ (وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)

«وعد الله» : مصدر مؤكد.

١٠ ـ (ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ)

«عاقبة» : اسم «كان» ، و «السوأى» : خبرها ، و «أن كذبوا» : مفعول من أجله.

ويجوز أن يكون «السوأى» : مفعول ل «أساءوا» ، و «أن كذبوا» : خبر كان.

ومن نصب «عاقبة» جعلها خبر «كان» ، و «السوأى» اسمها.

ويجوز أن يكون «أن كذبوا» : اسمها ، و «السوأى» : مفعولا ل «أساءوا».

٢٠ ـ (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ)

«أن خلقكم» : أن ، فى موضع رفع بالابتداء ، والمجرور قبلها خبرها ، وكذلك كل ما بعده من صنفه

٢٨ ـ (فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)

«كخيفتكم» : الكاف ، فى موضع نصب ، نعت لمصدر محذوف ؛ تقديره : تخافونهم خيفة كخيفتكم ؛ أي : مثل خوفكم أنفسكم ، يعنى : كخوفكم شركاءكم.

«كذلك نفصل الآيات» ؛ أي : تفصيلا كذلك ؛ أي : مثل ذلك.

٣٣٨

٣٠ ـ (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها)

«فطرة الله» : نصب بإضمار فعل ؛ تقديره : اتبع فطرة الله ، ودل عليه : «فأقم وجهك للدين» ، لأن معناه : اتبع الدين.

وقيل : «فطرة الله» : انتصبت على المصدر ؛ لأن الكلام دل على : فطر الله الخلق فطرة.

٣١ ـ (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)

«منيبين إليه» : حال من الضمير فى «فأقم» ، وإنما جمع ، لأنه مردود على المعنى ؛ لأن الخطاب للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم خطاب لأمته ؛ فتقديره : فأقيموا وجوهكم منيبين إليه.

وقال الفراء : التقدير : فأقم وجهك ومن معك ، فلذلك قال «منيبين».

٣٥ ـ (أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ)

«السلطان» : يذكر ويؤنث ، وهو جمع : سليط ، كرغيف ورغفان ، فمن ذكره ، فعلى الجمع ، ومن أنثه فعلى الجماعة.

٣٦ ـ (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ)

«إن تصبهم سيئة» : شرط ؛ وجوابه : «إذا هم يقنطون» ، ف «إذا» : جواب ، بمنزلة لقاء ؛ وإنما صارت بمنزلة «الفاء» ؛ لأنها لا يبتدأ بها كما لا يبتدأ ب «الفاء» ، وإنما لم يبتدأ ب «إذا» لأنها التي للمفاجأة ، ف «إذا» التي فيها معنى الشرط غير التي للمفاجأة ، والتي للشرط يبتدأ بها ، ولا تكون جوابا للشرط ، و «إذا» التي هى للمفاجأة لا يبتدأ بها ، فأشبهت «الفاء» ، فوقعت موقعها وصارت جوابا للشرط ، وقد يدخل على «إذا» ، التي هى للمفاجأة ، الفاء فى جواب الشرط ، وذلك للتأكيد.

٤٧ ـ (فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)

«حقا» : خبر «كان» ، و «نصر» : اسمها.

ويجوز أن تضمر فى «كان» اسمها ، وترفع «نصر» بالابتداء ، و «علينا» : الخبر ، والجملة خبر «كان».

ويجوز فى الكلام رفع «حق» ، على اسم «كان» ؛ لأنه وصف ب «علينا» ، وتنصب «نصرا» ، على خبر «كان».

ويجوز رفعهما جميعا على الابتداء والخبر ، وتضمر فى «كان» : الحديث والأمر ، والجملة خبر «كان».

٣٣٩

٤٨ ـ (اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ

وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ)

«كسفا» : من فتح السين ، جعله جمع : كسفة ، مثل : كسرة وكسر.

ومن أسكن ، فعلى التخفيف.

«من خلاله» : الهاء ، تعود على «السحاب» ، ويجوز أن تعود على «الكسف» ، لكنه ذكّر ، كما قال (مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ) ٣٦ : ٨٠

٥١ ـ (وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ)

«فرأوه مصفرا» : الهاء ، تعود على «الزرع» الآية : ٣٢ ؛ وقيل : على «السحاب» الآية : ٤٨ ، وقيل : على «الريح».

وذكرت «الريح» لأن «الهاء» للمرسل منها. وقيل : ذكرت إذ لا ذكر لها ، فتأنيثها غير حقيقى.

«لظلّوا من بعده» : معناه : ليظلن ، فالماضى فى موضع المستقبل ؛ وحسن هذا ، لأن الكلام بمعنى المجازاة ، والمجازاة لا تكون إلا بمستقبل ؛ هذا مذهب سيبويه.

ـ ٣١ ـ

سورة لقمان

٢ ، ٣ ـ (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ هُدىً وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ)

«هدى ورحمة» : حالان من «تلك» ، ولا يحسن أن يكونا حالين من «الكتاب» ، لأنه مضاف إليه فلا عامل يعمل فى «الكتاب» ، إذ ليس لصاحب الحال عامل. وفيه اختلاف.

ومن رفع «ورحمة» ، جعل «هدى» فى موضع رفع ، على إضمار مبتدأ ؛ تقديره : وهو هدى ورحمة.

ويجوز أن يكون خبر «تلك» ، و «آيات» : بدل من «تلك».

٦ ـ (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها

هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ)

«ويتخذها» : من نصبه عطفه على «ليضل» ، ومن رفع عطف على «يشترى» ، أو على القطع ، و «الهاء» فى «يتخذها» : تعود على الحديث ، لأنه بمعنى : الأحاديث.

٣٤٠