الموسوعة القرآنيّة - ج ٤

ابراهيم الأبياري

الموسوعة القرآنيّة - ج ٤

المؤلف:

ابراهيم الأبياري


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة سجل العرب
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٢٨

وقد نصب الحسن «يوم الزينة» ، على الظرف.

«أن يحشر» : أن ، فى موضع رفع عطف على «يوم» ؛ على تقدير : موعدكم وقت يوم الزينة ، ووقت حشر الناس.

وقيل : «أن» : فى موضع خفض ، على النعت على «الزينة».

ومن نصب «يوم الزينة» جعل «أن» فى موضع نصب على العطف على «يوم».

ويجوز أن يكون فى موضع رفع ، على تقدير : وموعدكم يوم حشر الناس.

أو فى موضع خفض ، على العطف على «الزينة».

٦٣ ـ (قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِما وَيَذْهَبا

بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى)

من رفع «هذان» حمله على لغة لبنى الحارث بن كعب ، يأتون بالمثنى بالألف على كل حال.

وقيل : «إن» : بمعنى : نعم ، وفيه بعد ، لدخول اللام فى الخبر ، وذلك لا يكون إلا فى شعر ؛ كقوله :

أم الحليس لعجوز شهر به

وكان وجه الكلام : لأم الحليس عجوز ؛ وكذلك كان وجه الكلام ، فى الآية ، إن حمّلت «إن» معنى :

«نعم» : إن لهذان ساحران ، كما تقول : لهذان ساحران ، نعم ؛ ولمحمد رسول الله. وفى تأخر اللام مع لفظ «إن» بعض القوة على «نعم».

وقيل : إن المبهم لما لم يظهر فيه إعراب فى الواحد ولا فى الجمع ، جرت التثنية على ذلك ، فأتى بالألف على كل حال.

وقيل : إنها مضمرة مع «إن» ؛ وتقديره : إن هذان لساحران ، كما تقول : إن زيد منطلق ؛ وهو قول حسن ، لو لا أن دخول اللام فى الجر يبعد.

فأما من خفف «أن» فهى قراءة حسنة ، لأنه أصلح فى الإعراب ، ولم يخالف الخط ، لكن دخول اللام فى الجر ـ يعنى ـ ما على مذهب سيبويه ؛ لأنه إن يقدر أنها المخففة من الثقيلة ، لا بد أن يرفع ما بعدها بالابتداء والخبر ، لنقص بنيانها ، فرجع ما بعدها إلى أصله. فاللام لا يدخل فى خبر ابتداء أتى على أصله إلا فى شعر.

على ما ذكرنا.

٢٨١

وأما على مذهب الكوفيين فهو من أحسن شىء ، لأنهم يقدرون «أن» الخفيفة بمعنى «ما» ، واللام بمعنى «إلا» ؛ فتقدير الكلام : ما هذان إلا ساحران ؛ فلا خلل فى هذا التقدير إلا ما ادعوا أن اللام تأتى بمعنى «إلا».

٦٦ ـ (قالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى)

من قرأ «يخيل» ، بالياء ، جعل «أن» فى موضع رفع ، لأنها مفعول لم يسم فاعله ل «يخيل».

ومن قرأ «تخيل» بالتاء ، وهو ابن ذكوان ، فإنه جعل «أن» فى موضع رفع ، على البدل من الضمير فى «تخيل» ، وهو بدل الاشتمال.

ويجوز مثل ذلك فى قراءة بالياء ، على أن يجعل الفعل ذكّر على المعنى.

ويجوز أن يكون فى قراءة من قرأ بالتاء فى موضع نصب ، على تقدير حذف «الباء» ؛ تقديره : يخيل إليه من سحرهم بأنها تسعى ، ويجعل المصدر ، و «إليه» ، فى موضع مفعول لم يسم فاعله.

٦٧ ـ (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى)

«موسى» : فى موضع رفع ب «أوجس» ، و «خيفة» : مفعول ل «أوجس» ؛ وأصل «خيفة» : خوفة ، ثم أبدل من الواو ياء وكسر ما قبلها ليصح بناء «فعلة».

وإنما خاف موسى أن يفتتن الناس.

وقيل : لما أبطأ عليه الوحى فألقى عصاه خاف.

وقيل : بل غلبه طبع البشرية عند معاينته ما لم يعتد.

٦٩ ـ (وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ

السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى)

«تلقف» : من جزم «تلقف» جعله جوابا للأمر ، ومن رفعه ، وهو ابن ذكوان ، رفع على الحال من «ما» ، وهى العصا.

وقيل : هو حال من «الملقى» ، وهو موسى ، نسب إليه التلقف ، لما كان عن فعله وحركته ، كما قال (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) ٨ : ١٧ ، وهى حال مقدرة ، لأنها إنما تلقف حبالهم بعد أن ألقاها.

«إن ما صنعوا» : ما : اسم «إن» ، بمعنى «الذي» ، و «كيد» : خبرها ؛ و «الهاء» : محذوفة من «صنعوا» ؛ تقديره ، صنعوه كيد ساحر.

٢٨٢

ومن قرأ «كيد سحر» ، فمعناه : كيد ذى سحر.

ويجوز فى الكلام نصب «كيد» ب «صنعوا» ، ولا تضمر «هاء» ، على أن تجعل «ما» كافة ل «أن» عن العمل.

ويجوز فتح «أن» ، على معنى : لأن ما صنعوا.

٧٢ ـ (قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالَّذِي فَطَرَنا فَاقْضِ

ما أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا)

«الذي فطرنا» : الذي ، فى موضع نصب ، على العطف على «ما» ، وإن شئت على القسم.

«إنما تقضى هذه الحياة الدّنيا» : ما كافة ل «أن» عن العمل ، و «هذه» : نصب على الظرف ، «والحياة» : بدل من «هذه» ، أو نعت ؛ تقديره : إنما تقضى الحياة الدنيا.

ويجوز فى الكلام رفع «هذه» و «الحياة» ، على أن تجعل «ما» بمعنى : الذي ؛ و «الهاء» محذوفة مع «تقضى» ، و «هذه» : خبر «أن» ، و «الحياة» : بدل من «هذه» ، أو نعت ؛ تقديره : إن الذي تقضيه أمر هذه الحياة.

٧٣ ـ (إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ

السِّحْرِ وَاللهُ خَيْرٌ وَأَبْقى)

«ما» : فى موضع نصب ، على العطف على «الخطايا».

وقيل : هو حرف ناف ؛ فإذا جعلت «ما» نافية «تعلقت» «من» ب «الخطايا» ؛ وإذا جعلت «ما» بمعنى «الذي» تعلقت «من» ب «أكرهتنا».

٧٧ ـ (وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً

فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى)

من رفع «تخاف» جعله حالا من الفاعل ، وهو موسى ؛ التقدير : اضرب لهم طريقا فى البحر لا خائفا دركا ولا خاشيا ؛ ويقوى رفع «تخاف» إجماع القراء على رفع «تخشى» وهو معطوف على «تخاف».

ويجوز رفع «تخاف» على القطع ؛ أي : أنت لا تخاف دركا.

وقيل : إن رفعه على أنه نعت ل «طريق» ؛ على تقدير حذف «فيه».

٢٨٣

ومن جزم «تخاف» ، وهو حمزة ، جعله جواب الأمر ، وهو «فاضرب» ؛ والتقدير : إن تضرب لا تخف دركا ممن خلفك ؛ ويرفع «تخشى» على القطع ؛ أي : وأنت لا تخشى غرقا.

وقيل : إن الجزم فى «لا تخف» ، على النهى.

وأجاز الفراء أن يكون «ولا تخشى» : فى موضع جزم ، وبنيت الألف كما بنيت الياء والواو ، على تقدير حذف الحركة منهما ؛ وهذا لا يجوز فى الألف ، لأنها لا تتحرك أبدا إلا بتغيرها إلى غيرها ، والواو والياء يتحركان ولا يتغيران.

٨٠ ـ (يا بَنِي إِسْرائِيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ

الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى)

انتصب «جانب» على أنه مفعول ثان ل «واعد» ، ولا يحسن أن ينتصب على الظرف ؛ لأنه ظرف مكان مختص ؛ وإنما تتعدى الأفعال والمصادر إلى ظروف المكان إذا كانت مبهمة ، هذا أصل الاختلاف.

وتقدير الآية : وواعدناكم إتيان جانب الطور ، ثم حذف المضاف.

٨٦ ـ (فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ يا قَوْمِ أَلَمْ

يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً)

يجوز أن يكون «الوعد» بمعنى : الموعود ؛ كما جاء «الخلق» بمعنى المخلوق ، فنصبت «وعدا» على هذا التقدير ، على أنه مفعول ثان ل «يعد» ، على تقدير حذف مضاف ؛ تقديره : ألم يعدكم ربكم تمام وعد حسن.

ويجوز أن يكون انتصب «وعد» على المصدر.

٨٧ ـ (قالُوا ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ

الْقَوْمِ فَقَذَفْناها فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُ)

«الملك» : مصدر ، فى قراءة من ضم الميم ، أو فتحها ، أو كسرها ، وهى لغات ؛ والتقدير : ما أخلفنا موعدكم بملكنا الصواب ، بل أخلفناه بخطئنا. والمصدر مضاف فى هذا إلى الفاعل ، والمفعول محذوف ؛ كما يضاف فى موضع آخر إلى المفعول ويحذف الفاعل ؛ نحو قوله تعالى (بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ) ٣٨ : ٥٤ ، وقوله (مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ) ٤١ : ٤٩

وقيل : إن من قرأه بضم الميم جعله مصدر قولهم : هو ملك بين الملوك ، ومن كسر جعله مصدر : هو مالك بين الملك ، ومن فتح جعله اسما.

٢٨٤

«فكذلك ألقى» : الكاف ، فى موضع نصب ، على النعت لمصدر محذوف ؛ تقديره : فألقى السامري إلقاء كذلك.

٩٤ ـ (قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ

فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي)

«يا بن أمّ» : من فتح «الميم» أراد : يا بن أمي ، ثم أبدل من «الياء» التي للإضافة ألفا.

وقيل : بل جعل الاسمين اسما واحدا ، فبناهما على الفتح.

ومن كسر «الميم» فعلى أصل الإضافة ، لكن حذف «الياء» ، لأن الكسرة تدل عليها ، وكان الأصل إثباتها ؛ لأن «الأم» غير منادى ، إنما المنادى هو «الابن» ، وحذف «الياء» إنما يحسن ويختار مع المنادى بعينه ، و «الأم» ليست بمناداة.

٩٧ ـ (قالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ)

«لن تخلفه» : من قرأ بكسر اللام ، فعلى : أن تجده مخلفا ؛ كما تقول : أحمدته ؛ أي : وجدته محمودا.

وقيل : إن معناه محمول على التهدد ؛ أي : لا بد لك من أن تصير إليه.

ومن فتح اللام ، فمعناه : لن تخلفه الله ، والمخاطب مضمر مفعول لم يسم فاعله ، والفاعل هو الله جل ذكره ، و «الهاء» : المفعول الثاني.

والمخاطب ، فى القراءة الأولى : فاعل ، على المعنيين جميعا.

«وأخلف» : معدى إلى مفعولين ، فالثانى محذوف فى قراءة من كسر اللام ؛ والتقدير : لن تخلف أنت الله الموعد الذي قدر أن ستأتيه فيه.

٩٩ ـ (كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً)

«الكاف» : فى موضع نصب ، نعت لمصدر محذوف ؛ أي : نقص عليك قصصا كذلك.

١٠٢ ـ (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً)

«رزقا» : حال من «المجرمين».

١٠٣ ـ (يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً)

«إلا عشرا» : نصب ب «لبثتم».

٢٨٥

١١٨ ، ١١٩ ـ (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى)

«ألا» : فى موضع نصب ، لأنها اسم «إن».

ومن فتح «وانك لا تظمأ» ، عطفها على «ألا تجوع» ، والتقدير : وأن لك من عدم الجوع وعدم الظمأ فى الجنة.

ويجوز أن تكون الثانية فى موضع رفع ، عطف على الموضع.

ومن كسر فعلى الاستئناف.

١٢٨ ـ (أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ

إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى)

فاعل «يهد» : مضمر ، وهو المصدر ؛ تقديره : أفلم يهد الهدى لهم.

وقيل : الفاعل مضمر ؛ على تقدير : الأمر ؛ تقديره : ألم يهد الأمر لهم كم؟

وقال الكوفيون : «كم» : هو فاعل «يهد».

وهو غلط عند البصريين ؛ لأن «كم» لها صدر الكلام ، ولا يعمل ما قبلها فيها ، إنما يعمل فيها ما بعدها ، «كأى» فى الاستفهام ، فالعامل فى «كم» الناصب لها عند البصريين : «أهلكنا».

١٣١ ـ (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا

لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى)

نصبت «زهرة» على فعل مضمر ، ذلك عليه «متعنا» ، بمنزلة : جعلنا ؛ وكأنه قال : جعلنا لهم زهرة الحياة.

وهو قول الزجاج.

وقيل : هى بدل من «الهاء» فى «به» على الموضع ؛ كما تقول : مررت به أخاك.

وأشار الفراء إلى نصبه على الحال ، والعامل فيه «متعنا» ؛ قال : كما تقول : مررت به المسكين ؛ وقدّره : متعناهم به زهرة فى الحياة الدنيا وزينة فيها.

قال : فإن كانت معرفة فإن العرب تقول : مررت به الشريف الكريم ؛ تعنى : نصبه ، على الحال ، على تقدير زيادة الألف واللام.

٢٨٦

ويجوز أن تنصب «زهرة» على أنها موضوعة موضع المصدر ، موضع «زينة» ، مثل «سمع الله» ، و «وعد الله». وفيه نظر.

والأحسن أن تنصب «زهرة» على الحال ، وحذف التنوين لسكونه وسكون اللام فى «الحياة» ، كما قرئ (وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ) ٣٦ : ٤٠ ، بنصب «النهار» ب «سابق» ؛ على تقدير حذف التنوين ، لسكونه وسكون اللام ؛ فتكون «الحياة» مخفوضة على البدل من «ما» ، فى قوله «إلى ما متعنا» ، لأن «لنفتنهم» متعلق ب «متعنا» ، وهو داخل فى صلة «ما» ، ف «لنفتنهم» داخل أيضا فى الصلة ، ولا يقدم المبدل على ما هو فى الصلة ؛ لأن البدل لا يكون إلا بعد تمام الصلة للمبدل منه ، فامتنع بدل «زهرة» من «ما» ، على الموضع.

١٣٣ ـ (وَقالُوا لَوْ لا يَأْتِينا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى)

«ما» : فى موضع خفض ، بإضافة «البينة» إليها.

وأجاز الكسائي تنوين «بينة» ، فتكون «ما» : بدلا من «بينة».

١٣٥ ـ (قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ

وَمَنِ اهْتَدى)

«من» : فى موضع رفع بالابتداء ، ولا يعمل فيها «ستعلمون» ، لأنها استفهام ، والاستفهام لا يعمل فيه ما قبله وأجاز الفراء أن يكون «من» : فى موضع نصب ب «ستعلمون» ، حمله على غير الاستفهام ، جعل «من» للجنس ، كقوله تعالى : (وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) ٢ : ٢٢٠.

ـ ٢١ ـ

سورة الأنبياء

٢ ـ (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ)

«محدث» : نعت لله.

وأجاز الكسائي نصبه على الحال.

وأجاز الفراء رفعه على النعت ل «ذكر» ، على الموضع ؛ لأن «من» زائدة ، و «ذكر» : فاعل.

٣ ـ (لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا)

«الّذين» : بدل من المضمر المرفوع فى «أسروا» ، والضمير يعود على «الناس» الآية : ١

٢٨٧

وقيل : «الذين» : رفع على إضمار «هم».

وقيل : «الذين» : فى موضع نصب على : أعنى.

وأجاز الفراء أن يكون «الذين» فى موضع نعت ل «الناس» الآية : ١.

وقيل : «الذين» : رفع ب «أسروا» ، وأتى لفظ الضمير فى «أسروا» على لغة من قال : أكلونى البراغيث.

وقيل : «الذين» : رفع على إضمار : «يقول».

١٠ ـ (لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ)

«الذكر» : مبتدأ ، و «فيه» : الخبر ؛ والجملة فى موضع نصب على النعت ل «كتاب».

٢٢ ـ (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ

عَمَّا يَصِفُونَ)

«إلا» : فى موضع «غير» ، نعت ل «آلهة» ، عند سيبويه والكسائي ، تقديره : غير الله ، فلما وضعت «إلا» فى موضع «غير» أعرب الاسم بعدها بمثل إعراب «غير».

قال الفراء : «إلا» ، بمعنى : سوى.

٢٤ ـ (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ

وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ)

«ذكر ، وذكر» : قرأ عيسى بن يعمر : بالتنوين.

«الحقّ» : نصب ب «يعلمون».

وقرأ الحسن : بالرفع ، على معنى : هو الحق ، وهذا الحق.

٢٦ ـ (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ)

أي : بل هم عباد ، ابتداء وخبر.

وأجاز الفراء : بل عبادا مكرمين ، بالنصب ، على معنى : بل اتخذ عبادا.

٣٠ ـ (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما

وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ)

إنما وحد «رتقا» ، لأنه مصدر ؛ وتقديره : كانتا ذواتى رتق.

٢٨٨

«من الماء» : فى موضع المفعول الثاني ل «جعل».

ويجوز فى الكلام «حيا» ، بالنصب ، على أنه المفعول الثاني ، ويكون ، «من الماء» فى موضع البيان.

٣٣ ـ (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)

فى «يسبحون» : الواو والنون ، وهو خبر عما لا يعقل ، وحق الواو والنون ألا يكونا إلا لمن يعقل ، ولكن لما أخبر عنهما أنهما يفعلان فعلا ، كما عبر عمن يعقل ، أتى الخبر عنهما كالخبر عمن يعقل.

٣٤ ـ (وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ)

حق همزة الاستفهام ، إذا دخلت على حرف شرط ، أن تكون رتبتها قبل جواب الشرط ؛ فالمعنى : فهم الخالدون إن مت ، ومثله : (أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ) ٧ : ١٤٤ ، وهو كثير.

٤٧ ـ (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ

كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ)

من رفع «مثقال» جعل «كان» تامة ، لا تحتاج إلى خبر ؛ ومن نصبه جعل «كان» ناقصة تحتاج إلى خبر ، واسم «كان» مضمر فيها ؛ تقديره : وإن كان الظلم مثقال حبة ؛ فلتقدّم ذكر الظلم جاز إضماره.

«أتينا بها» : من قرأه بالقصر ، فمعناه : جئنا بها. وقرأ ابن عباس ومجاهد : «آتينا» ، على معنى : جازينا بها ، فهو «فاعلنا» ، ولا يحسن أن يكون «أفعلنا» ، لأنه يلزم حذف الباء من «بها» ، لأن «أفعل» لا يتعدى بحرف ، وفى حذف الباء مخالفة للخط.

٥٢ ـ (إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ)

العامل فى «إذ» : آتينا إبراهيم ؛ أي : آتيناه رشده فى وقت قال لأبيه.

٦٠ ـ (قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ)

«إبراهيم» : رفع على إضمار «هو» ، ابتداء وخبر محكى.

وقيل : تقديره : الذي يعرف به : إبراهيم.

وقيل : هو رفع على النداء المفرد ، فتكون ضمته بناء ، و «له» : قام مقام المفعول الذي لم يتم فاعله ل «يقال».

٢٨٩

وإن شئت : أضمرت المصدر ليقوم مقام الفاعل ، و «له» : فى موضع نصب.

٧٤ ـ (وَلُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ

الْخَبائِثَ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ)

«لوطا» : نصب بإضمار فعل ؛ تقديره : وآتينا لوطا آتيناه.

٧٦ ـ (وَنُوحاً إِذْ نادى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ

مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ)

أي : واذكر يا محمد نوحا.

٧٨ ـ (وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ)

أي : واذكر يا محمد داود وسليمان.

٧٩ ـ (فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ

يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فاعِلِينَ)

«والطّير» : عطف على «الجبال» ، وهو مفعول معه.

ويجوز الرفع بعطفه على المضمر فى «يسبحن».

٨٧ ـ (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ)

«ذا النون» : فى موضع نصب على معنى : واذكر ذا النون.

«مغاضبا» : نصب على الحال ؛ ومعناه : غضب على قومه لربه إذ لم يجبه قومه ، فالغضب على القوم كان لمخالفتهم أمر ربهم.

٨٨ ـ (فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ)

«ننجى» : قرأه ابن عامر وأبو بكر «نجى» : بنون واحدة مشددا ، فكان يجب أن يفتح الياء ، لأنه فعل ماض لم يسم فاعله ، ويجب أن يرفع «المؤمنون» على هذه القراءة ، لأنه مفعول لم يسم فاعله ، أو فعل ماض لم يسم فاعله ، لكن أتى على إضمار المصدر ، أقامه مقام الفاعل ؛ وهو بعيد ؛ لأن المفعول أولى بأن يقوم مقام الفاعل ، وإنما يقوم المصدر مقام الفاعل ، عند عدم المفعول به ، أو عند استعمال المفعول به بحرف الجر ، نحو : قم وسر بزيد ؛ فأما «الياء» فأسكنها فى موضع الفتح كمن يسكنها فى موضع الرفع ، وهو بعيد أيضا ، إنما يجوز فى الشعر.

٢٩٠

وقال بعض العلماء : أعنى أنه فعل سمى فاعله ، وإنما أدغم النون الثانية فى الجيم ؛ وهو قول بعيد أيضا ؛ لأن النون لا تدغم فى الجيم إدغاما صحيحا يكون معه التشديد ، إنما يخفى عند الجيم ، والإخفاء لا يكون معه تشديد.

وقال على بن سليمان : هو فى هذه القراءة ، فعل سمى فاعله ؛ وأصله : ننجى بنونين وبالتشديد ، على «نفعل» ، لكن حذفت النون لاجتماع النونين ، كما حذفت إحدى التاءين فى «فتفرق» ٦ : ١٥٣.

واستدل من قال بهذين القولين الآخرين على قوله بسكون الياء ، فدل سكونها على أنه فعل مستقبل ؛ وفى هذا أيضا قول ضعيف ؛ لأن المثلين فى هذه الأشياء لا يحذف الثاني استخفافا إلا إذا اتفقت حركة المثلين ، نحو :

تتفرقون ، وتتعارفون. فإذا اختلفت لم يجز حذف الثاني ، نحو تتعافر الذنوب ، تتناتج الدواب ؛ والنونان فى «ننجى» قد اختلفت حركتهما ، فلا يجوز حذف البتة ؛ وأيضا فإن النون الثانية أصلية ، والأصلى لا يجوز حذفه البتة ، والتاء المحذوفة فى : «تفرقوا» ، و «تعاونوا» زائدة ، فحذفها حسن ، إذ اتفقت الحركات.

٩٠ ـ (وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ)

«رغبا ورهبا» : نصب على المصدر.

٩١ ـ (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا وَجَعَلْناها وَابْنَها

آيَةً لِلْعالَمِينَ)

«التي» : فى موضع نصب ، على معنى : واذكر التي.

«آية» : مفعول ثان ل «جعل» ، ولم يثن ، لأن التقدير ، عند سيبويه : وجعلناها آية للعالمين وجعلنا ابنها آية ، ثم حذف الأول لدلالة الثاني عليه.

وتقديره ، عند المبرد ، على غير حذف ، لكن يراد به التقديم ؛ تقديره ، عنده : وجعلناها آية للعالمين وابنها.

٩٦ ـ (حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ)

جواب «إذا» : محذوف ، والمعنى : قالوا يا ويلنا ، فحذف «القول».

وقيل : جوابها : (وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ) الآية : ٩٧ ، و «الواو» : زائدة.

٢٩١

وقيل : جوابها : (فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ) الآية : ٩٧.

١٠٩ ـ (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ

ما تُوعَدُونَ)

يحتمل «على سواء» : أن يكون فى موضع نصب ، نعت لمصدر محذوف ؛ أي : إنذارا على سواء.

ويحتمل أن يكون فى موضع الحال من الفاعل ، وهو النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ومن الكفار ؛ أي :

مستوين فى العلم بنقض العهد ، فهذا كقولك : لقى زيد عمرا ضاحكين ؛ وفيه اختلاف من أجل اختلاف العاملين فى صاحبى الحال.

ـ ٢٢ ـ

سورة الحج

١ ـ (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ)

«يا أيها الناس» : أي ، نداء مفرد ؛ و «ها» : للتنبيه ؛ ولا يجوز فى «الناس» ، عند سيبويه ، إلا الرفع ، وهو نعت ، لمفرد ، لأنه لا بد منه ، وهو المنادى فى المعنى.

وأجاز سيبويه النصب فيه على موضع المفعول ، لأن المنادى مفعول به فى المعنى.

وإنما ضم ، لأنه مبنى ؛ وإنما بنى ، لوقوعه موضع المخاطب ؛ والمخاطب لا يكون اسما ظاهرا ، إنما يكون مضمرا ، كافا أو تاء ، والدليل على أن المنادى مخاطب أنك لو قلت : والله لا خاطبت زيدا ، ثم قلت : يا زيد ، فبنيت لأنه خطاب ، فلما وقع موقع المضمر بنى ، كما أن المضمر مبنى أبدا ، لكنه فى أصله متمكن فى الإعراب ، فبنى على حركته ، واختير له الضم لقوته.

وقيل : لشبهه ب «قبل» و «بعد».

٤ ـ (كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ)

«أنه من تولاه» : أن فى موضع رفع ب «كتب».

«فأنه يضله» : أن ، عطف على الأولى ، فى موضع رفع ؛ قاله الزجاج ، ثم قال : و «الفاء» :

٢٩٢

الأجود فيها أن تكون فى موضع الجزاء ؛ ثم رجع فنقض ذلك ، وقال : حقيقة «أن» الثانية أنها مكررة على جهة التأكيد ، لأن المعنى : كتب على الشيطان أن من تولاه أضله.

وقد أخذت عليه إجازته ذلك أن تكون «الفاء» عاطفة ، لأن «من تولاه» شرط ، و «الفاء» جواب الشرط. ولا يجوز العطف على «أن» الأولى إلا بعد تمامها ، لأن ما بعدها من صلتها ، فإذا لم تتم صلتها لم يجز العطف عليها ، إذ لا يعطف على الموصول إلا بعد تمامه ، والشرط وجوابه فى هذه الآية خبر «أن» الأولى.

وأخذ عليه أيضا قوله : «فأن» الثانية ، مكررة للتأكيد ، وقيل : كيف تكون للتأكيد والمؤكد لم يتم ، وإنما يصلح التأكيد بعد تمام المؤكد ، وتمام «أن» الأولى عند قوله «السعير».

والصواب فى «أن» الثانية أن تكون فى موضع رفع ، على إضمار مبتدأ ؛ تقديره : كتب على الشيطان أن من تولاه فشأنه ، أو فأمره ، أن يضله ؛ أي : فشأنه الإضلال.

ويجوز أن تكون الثانية فى موضع رفع بالاستقرار ، تضمر «له» ؛ تقديره : كتب عليه أنه من تولاه فله أن يضله ؛ أي : فله إضلاله وهدايته إلى عذاب السعير.

٦ ـ (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)

«ذلك» : فى موضع رفع ، على إضمار مبتدأ ؛ تقديره : الأمر ذلك.

وأجاز الزجاج أن تكون «ذلك» : فى موضع نصب ، بمعنى : فعل الله ذلك بأنه الحق.

٩ ـ (ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ

عَذابَ الْحَرِيقِ)

«ثانى عطفه» : نصب على الحال من المضمر فى «يجادل» الآية : ٨ ، وهو راجع على «من» فى قوله «من يجادل» ، ومعناه : يجادل فى آيات الله بغير علم ، معرضا عن الذكر.

١٠ ـ (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)

«ذلك» : مبتدأ ، و «بما قدمت» : الخبر ؛ وقوله «وأن الله» : فى موضع خفض ، عطف على «بما».

وقيل : «أن» : فى موضع رفع ، على معنى : والأمر أن الله ؛ والكسر على الاستئناف حسن.

١٣ ـ (يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ)

قال الكسائي : اللام فى «لمن» : موضعها و «من» فى موضع نصب ب «يدعو» ؛ والتقدير : يدعو من ضره أقرب من نفعه ؛ أي : يدعو إلها ضره أقرب من نفعه.

٢٩٣

وقال المبرد : فى الكلام حذف «مقول» ، «اللام» فى موضعه ، و «من» فى موضع رفع بالابتداء ، و «ضره» : مبتدأ ، و «أقرب» : خبره ، والجملة صلة «من» ، وخبر «من» : محذوف ؛ تقديره : مقول لمن ضره أقرب من نفعه إلهه.

١٧ ـ (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ

أَشْرَكُوا إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)

«إن الذين آمنوا» : خبر «إن» : قوله «إن الله يفصل».

وأجاز البصريون : إن زبدا إنه منطلق ، كما يجوز ، إن زيدا هو منطلق.

ومنعه الفراء ، وأجازه فى الآية ؛ لأن فيها معنى الجزاء ، فحمل الخبر على المعنى.

١٨ ـ (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ

وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ

حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللهَ

يَفْعَلُ ما يَشاءُ)

ارتفع «كثير» على العطف على «من» فى قوله «يسجد له من» ، وجاز ذلك ؛ لأن السجود هو التذلل والانقياد ، فالكفار الذين حق عليهم العذاب أذلاء تحت قدر الله وتدبيره ، فهم منقادون لما سبق فيهم من علم الله ، لا يخرجون عما سبق فى علم الله فيهم.

وقيل : ارتفع «كثير» بالابتداء ، وما بعده الخبر.

ويجوز النصب كما قال (وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) ٧٦ : ٣١ ، بإضمار فعل ؛ كأنه قال : وأبان كثيرا حق عليه العذاب ، أو : خلق كثيرا حق عليه العذاب ، وشبه ذلك من الإضمار ، الذي يدل عليه المعنى.

وإنما جار فيه الرفع عند الكسائي ، لأنه محمول على معنى الفعل ، لأن معناه : وكثير أبى السجود.

٢٠ ـ (يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ)

«ما» : فى موضع رفع ب «يصهر» ، و «الجلود» : عطف على «ما» ، والمعنى : يذاب به ما فى بطونهم وتذاب به جلودهم : والهاء فى «به» : تعود على «الحميم» الآية : ١٩.

٢٩٤

٢٥ ـ (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ

سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ)

«ويصدون» : إنما عطف «ويصدون» ، وهو مستقبل ، على «كفروا» وهو ماض ، لأن «يصدون» فى موضع الحال ، والماضي يكون حالا مع «قد».

وقيل : هو عطف على المعنى ؛ لأن تقديره : إن الكافرين والصادين.

وقيل : إن «الواو» : زائدة ، و «يصدون» : خبر «إن».

وقيل : خبره محذوف ؛ تقديره : إن الذين كفروا وفعلوا كذا وكذا خسروا وهلكوا ، وشبه ذلك من الإضمار الذي يدل عليه الكلام.

«سواء العاكف فيه» : ارتفع «سواء» على أنه خبر ابتداء مقدم ؛ تقديره : العاكف والباد فيه سواء.

وفى هذه القراءة دليل على أن «الحرم» لا يملك ، لأن الله قد سوى فيه بين المقيم وغيره.

وقيل : إن «سواء» : رفع بالابتداء ، و «العاكف فيه» : رفع بفعله ، ويسد مسد الخبر.

وفيه بعد ؛ لأنك لا بد أن تجعل «سواء» بمعنى : «مستو» ، لذلك يعمل ؛ ولا يحسن أن يعمل «مستو» حتى يعتمد على شىء قبله ؛ فإن جعلت «سواء» وما بعدها موضع المفعول الثاني فى «جعلنا» حسن أن يرفع بالابتداء ؛ ويكون بمعنى : «مستو» ، فرفع «العاكف به» ، ويسد مسد الخبر.

وقد قرأه حفص عن عاصم بالنصب ، جعله مصدرا عمل فيه معنى «جعلنا» ، كأنه قال : سويناه للناس سواء. ويرتفع «العاكف» ؛ أي : مستويا فيه العاكف ، والمصدر يأتى بمعنى اسم الفاعل ، ف «سواء» وإن كان مصدرا ، فهو بمعنى «مستو» ، كما قالوا : رجل عدل ، بمعنى : عادل ؛ وعلى ذلك أجاز سيبويه وغيره : مررت برجل سواء والعدم ، وبرجل سواء هو والعدم ؛ أي : مستو. ويجوز نصب «سواء» على الحال من المضمر المقدم مع حرف الجر فى قوله «للناس» ، والظرف عامل فيه ، أو من «الهاء» ، فى «جعلناه» ، و «جعلناه» : عامل فيه.

ويجوز نفسه على أنه مفعول ثان ب «جعلنا» ، وتخفض «العاكف» على النعت «للناس» ، أو على البدل.

وقد قرئ بخفض «العاكف» على البدل من «الناس» ، وقيل : على النعت ؛ لأن «الناس» جنس من أجناس الخلق ، ولا بد من نصب «سواء» فى هذه القراءة ، لأنه مفعول ثان ب «جعل» ؛ تقديره : جعلناه سواء للعاكف فيه والباد.

٢٩٥

«ومن يرد فيه بإلحاد بظلم» : الباء : فى «بإلحاد» : زائدة ؛ والباء ، فى «بظلم» : متعلقة ب «يرد».

٢٦ ـ (وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً)

«بوأنا» : إنما دخلت فى «إبراهيم» على أن «بوأنا» محمول على معنى : جعلت ؛ وأصل «بوأ» لا يتعدى بحرف.

وقيل : اللام ، زائدة.

وقيل : هى متعلقة بمصدر محذوف.

«أن لا تشرك» ؛ أي : بأن لا ، وهى فى موضع نصب.

وقيل : هى زائدة للتوكيد.

وقيل : هى بمعنى : أي ، للتفسير.

٢٧ ـ (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ

مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ)

إنما قيل : «يأتين» ، لأن «ضامرا» بمعنى الجمع. ودلت «كل» على العموم ، فأتى الخبر على المعنى بلفظ الجمع.

وقرأ ابن مسعود : «يأتوك» ، رده على «الناس».

٣٠ ـ (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ)

«من الأوثان» : «من» لإبانة الجنس. وجعلها الأخفش للتبعيض ، على معنى : فاجتنبوا الرجس الذي هو بعض الأوثان.

ومن جعل «من» لإبانة الجنس ، فمعناه : واجتنبوا الرجس الذي الأوثان منه ، فهو أعم فى النهى وأولى.

٣١ ـ (حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّما خَرَّ

مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ)

«حنفاء لله» : نصب على الحال من المضمر فى «اجتنبوا» ، وكذلك : «مشركين».

«فتخطفه الطّير» : من قرأه بتشديد العطاء ، فأصله عنده : فتتخطفه ، تتفعل ، ثم حذف إحدى التاءين استخفافا لاتفاق حركتهما. ومن خفف بناه على : خطف يخطف ؛ كما قال : (إِلَّا مَنْ خَطِفَ) ٣٧ : ١٠

٢٩٦

٣٢ ـ (ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)

«ذلك» : فى موضع رفع على إضمار مبتدأ ؛ معناه : الأمر ذلك ، أو على الابتداء ، على معنى : ذلك الأمر.

وقيل : موضع «ذلك» : نصب ، على معنى : اتبعوا ذلك من أمر الله.

٣٦ ـ (وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ

اللهِ عَلَيْها صَوافَّ)

«والبدن» : جمع : بدنة ، مثل : خشبة وخشب. ويجوز ضم الثاني على هذا القول ، وبه قرأ ابن أبى إسحاق ، والإسكان أحسن ؛ لأنه فى الأصل نعت ؛ إذ هو مشتق من «البدانة» ، وليس مثل : خشبة وخشب ؛ لأن هذا اسم ، فالضم فيه حسن.

«صواف» : نصب على الحال ، لكن لا ينصرف لأنه «فواعل» ، فهو جمع ، وهو لا نظير له فى الواحد ، فمنع من الصرف لهاتين العلتين ، ومعناه : مصطفة.

وقد قرأ الحسن : صوافى ، بالياء مفتوحة ، ونصبه على الحال ، ومعناه : خالصة لله من الشرك ، فهو مشتق من «الصفاء».

وقرأ قتادة : «صوافن» ، بالنون ، ومعنى : الصافنة : التي جمعت رجلها ورفعت سنابكها.

وقيل : هى المعقولة بالحبل للجر ؛ والصافن : فى مقدم رجل الفرس ، إذا ضرب عليه رفع رجله.

٤٠ ـ (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ)

«أن» : فى موضع نصب ، لأنها بمعنى : إلا بأن يقولوا.

٤١ ـ (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ)

«الذين» : فى موضع نصب على البدل من «من» ، فى قوله «لينصرون الله من ينصره» الآية : ٤٠ ، وهم : أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلى ـ رضى الله عنهم ـ

٤٥ ـ (فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها

وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ)

«وبئر معطلة» : هو عطف على «قرية».

٢٩٧

٦٣ ـ (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً)

هذا الكلام عند سيبويه والخليل خبر ، وليست «الفاء» بجواب ، لقوله «ألم تر» ؛ والمعنى عندهما : انتبه يا بن آدم : أنزل الله من السماء ماء فحدث منه كذا وكذا وكذا ، فلذلك أتى «فتصبح» مرفوعا.

وقال الفراء : هو خبر ، معناه : إن الله ينزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة.

٦٥ ـ (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ

بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ

لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ)

«أن» : فى موضع نصب ، على معنى : كراهة أن تقع ؛ ولئلا تقع ؛ ومخافة أن تقع.

٧٨ ـ (وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي

الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ

وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ

عَلَى النَّاسِ)

«ملة» : نصب على إضمار : اتبعوا ملة أبيكم.

وقال الفراء : هو منصوب على حرف الجر ؛ تقديره : كلمة أبيكم ، فكلما حذف حرف الجر نصب ، وتقديره : وسع عليكم فى الدين كلمة أبيكم ؛ لأن «ما جعل عليكم» يدل على «وسع عليكم» ؛ وهو قول بعيد.

«هو سمّاكم المسلمين» : هو ، لله جل ذكره ، عند أكثر المفسرين.

وقال الحسن : هو ، لإبراهيم عليه‌السلام.

«وفى هذا» : أي : وسماكم المسلمين فى هذا القرآن ؛ والضمير فى «سماكم» يحتمل الوجهين جميعا أيضا.

٢٩٨

ـ ٢٣ ـ

سورة المؤمنون

١ ـ (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ)

قرأ ورش بإلقاء حركة الهمزة على الدال ، وإنما حذفت الهمزة لأنها لما ألقيت حركتها على ما قبلها بقيت ساكنة ، وقبلها الدال ساكنة ، لأن الحركة عليها عارضة ، فاجتمع ما يشبه الساكنين ، فحذفت الهمزة لالتقاء السّاكنين ، وكانت أولى بالحذف ، لأنها قد اختفت بزوال حركتها ؛ ولأن بها وقع الاستثقال ، ولأنها هى الساكنة فى اللفظ.

٨ ـ (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ)

«لأماناتهم» : مصدر ، وحق المصدر ألا يجمع ، لدلالته على القليل والكثير من جنسه ؛ لكنه لما اختلفت أنواع الأمانة ، لوقوعها على الصلاة والزكاة والطهر والحج ، وغير ذلك من العبادات ، جاز جمعها ؛ لأنها لاختلاف أنواعها شابهت المفعول به ، فجمعت كما يجمع المفعول به ، وقد أجمعوا على الجمع فى قوله تعالى : (أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) ٤ : ٥٨ ، وقد قرأ ابن كثير بالتوحيد فى «قد أفلح» ، ودليله إجماعهم على التوحيد فى «وعهدهم» ، ولم يجمع : عهودهم ، وهو مصدر مثل الأمانة ؛ فقرأه بالتوحيد على أصل المصدر ، ومثلة القول فى : صلاتهم ، وصلواتهم.

١٤ ـ (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً ..)

«النّطفة علقة» : مفعولان ل «خلق» ، لأنه بمعنى : صيرنا ؛ و «خلق» إذا كان بمعنى «أحدث» : تعدى إلى مفعول واحد ، وإذا كان بمعنى «صير» : تعدى إلى مفعولين.

٢٠ ـ (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ)

«وشجرة» : عطف على «جنات من نخيل» الآية : ١٨ ؛ وأجاز الفراء فيها الرفع ، على تقدير : وثم شجرة ؛ وما بعدها نعت ل «شجرة».

«سيناء» : من فتح السين ، جعله صفة ، فلم يصرف لهمزة التأنيث والصفة. وقيل : لهمزة التأنيث وللزومها.

فأما من كسر السين : فقد منع الصرف للتعرف والعجمة ، أو التأنيث ، لأنها بقعة.

«تنبت بالدّهن» : من ضم التاء فى «تنبت» ، جعل «الباء» زائدة ، لأن الفعل معدى بغير حرف ، لأنه رباعى.

٢٩٩

لكن قيل : إن «الباء» دخلت لتدل على لزوم الإثبات ومداومته ، كقوله تعالى : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) ٩٦ : ١

وقيل : إن الباء فى «بالدهن» إنما دخلت على مفعول ثان ، هو فى موضع الحال ، والأول محذوف ؛ تقديره : تنبت حبا بالدهن ؛ أي : وفيه دهن ، كما تقول : خرج بثيابه ، وركب بسلاحه ؛ أي : خرج لابسا ومسلحا ، فالمجرور فى موضع الحال.

فأما من فتح «التاء» ، ف «الباء» للتعدية لا غير ، لأنه ثلاثى لا يتعدى ؛ ويجوز أن يكون فى موضع الحال ؛ وقد قالوا : نبت الزرع ، وأنبت ، فتكون القراءتان بمعنى.

٢٩ ـ (وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ)

«منزلا» : من ضم «الميم» جعله مصدرا من «أنزل» ، وقبله «أنزلنى» ، ومعناه : إنزالا مباركا.

ويجوز أن يكون اسما للمكان ؛ كأنه قال : أنزلنى مكانا أو موضعا ؛ فهو مفعول به لا ظرف ، كأنه قال : اجعل لى مكانا.

ومن فتح «الميم» جعله مصدرا لفعل ثلاثى ، لأن «أنزل» يدل على «نزل».

ويجوز أن يكون اسما للمكان أيضا.

٣٣ ـ (ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ)

«ممّا تشربون» : «ما» والفعل مصدر ، فلا تحتاج إلى عائد.

ويجوز أن تكون بمعنى «الذي» ، ويحذف العائد من «تشربون» ؛ أي : مما تشربونه.

وقال الفراء : تقديره : مما تشربون منه ، وحذفت «منه».

٣٥ ـ (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ)

«أنكم مخرجون» : أن ، بدل من «أن» الأولى ، المنصوبة ب «يعد» ، عند سيبويه.

وقال الجرمي والمبرد : هى تأكيد للأولى ، لأن البدل من «أن» لا يكون إلا بعد تمام صفتها.

ويلزمهما أيضا ألا يجوز التأكيد ، لأن التأكيد لا يكون إلا بعد تمام الموصول بصلته ، وصلته هو الخبر ، والخبر يتم إلى قوله «مخرجون» ، ولم يأت بعد.

وقال الأخفش : «أن» الثانية ، فى موضع رفع ، بالظرف ، وهو «إذا» ؛ تقديره : أيعدكم أنكم إذا متم

٣٠٠