الموسوعة القرآنيّة - ج ٤

ابراهيم الأبياري

الموسوعة القرآنيّة - ج ٤

المؤلف:

ابراهيم الأبياري


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة سجل العرب
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٢٨

وقيل : تعود على «سبيل».

وقيل : تعود على «الآيات» الآية : ٢.

١٠ ـ (خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها)

«ترونها» : فى موضع خفض على النعت ل «عمد» ، فيمكن أن يكون : ثم عمد ولكن لا ترى.

ويجوز أن يكون فى موضع نصب على الحال من «السموات» ، ولا عمد ثم البتة.

ويجوز أن يكون فى موضع رفع على القطع ، ولا عمد ثم.

١١ ـ (هذا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)

«ما» : استفهام ، فى موضع رفع على الابتداء ، وخبرها : «ذا» ، وهو بمعنى «الذي» ؛ تقديره : فأرونى أي شىء الذي خلق الذين من دونه ؛ والجملة فى موضع نصب ب «أرونى».

ويجوز أن يكون «ما» فى موضع نصب ب «خلق» ، وهى استفهام ، وتجعل «ذا» زائدة.

ويجوز أن يكون «ما» بمعنى : الذي ، فى موضع نصب ب «أرونى» ، و «ذا» : زائدة ، ويضمر «الهاء» مع «خلق» ، ويعود على «الذي» ؛ أي : فأرونى الأشياء التي خلقها الذي من دونه.

١٣ ـ (وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)

أي : واذكر يا محمد إذ قال لقمان.

ولقمان : اسم معرفة ، فيه زائدتان ، كعثمان ، فلذلك لم ينصرف ؛ وقد يجوز أن يكون أعجميا.

قال عكرمة : إنه كان نبيا.

وفى الخبر ، إنه كان حبشيا أسود.

١٤ ـ (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ

أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)

«وهنا» : نصب على حذف الخافض ؛ تقديره : حملته أمه بوهن ، أي : بضعف.

٣٤١

«أن اشكر لى» : أن ، فى موضع نصب ، على حذف الخافض ؛ أي : بأن اشكر.

وقيل : هى بمعنى : أي ، لا موضع لها من الإعراب ، وقد تقدم القول فى (إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ) ٢١ : ٤٧

١٥ ـ (وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما

فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً)

«معروفا» : نعت لمصدر محذوف ؛ تقديره : وصاحبهما فى الدنيا صحابا معروفا.

١٨ ـ (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ

مُخْتالٍ فَخُورٍ)

«مرحا» : مصدر فى موضع الحال.

٢٠ ـ (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ

نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً)

«ظاهرة وباطنة» : حالان.

ومن قرأ «نعمة» ، بالتوحيد ، جعل ما بعده نعتا له.

٢٧ ـ (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ

ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)

«ولو أن ما فى الأرض» : أن ، فى موضع رفع بفعل مضمر ؛ تقديره : لو وقع ذلك.

«والبحر» : من رفعه جعله مبتدأ ، وما بعده خبر ، وهو «يمده» ، والجملة فى موضع الحال.

ومن نصب «البحر» عطفه على «ما» ، وهى اسم «إن» ، و «يمده» : الخبر.

ويجوز رفع «البحر» بعطفه على موضع اسم «إن» ، و «أقلام» : خبر «إن» ، فى الوجهين.

٢٨ ـ (ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)

«إلا كنفس واحدة» : الكاف ، فى موضع رفع خبر ل «خلقكم» ؛ وتقديره : إلا مثل بعث نفس واحدة.

٣٤٢

٣٣ ـ (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ

وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً)

«هو جاز» : ابتداء وخبره ، وهو مذهب سيبويه والخليل ، وأن تقف على «جاز» بغير ياء ، لتعرف أنه كان فى الوصل كذلك.

وحكى يونس أن بعض العرب يقف بالياء ، لزوال التنوين الذي من أجله حذفت الياء ، وهو القياس.

٣٤ ـ (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي

نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ

عَلِيمٌ خَبِيرٌ)

«عليم» : خبر «إن» ، و «خبير» : نعته.

ويجوز أن يكون خبرا بعد خبر.

ـ ٣٢ ـ

سورة السجدة

١ ، ٢ ـ (الم تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ)

«الم تنزيل الكتاب» : تنزيل ، رفع بالابتداء ، و «لا ريب فيه» : الخبر ، أو خبر على إضمار مبتدأ ؛ أي : هذا تنزيل ، أو : المتلو تنزيل ؛ أو : هذه الحروف تنزيل ، ودلت «الم» على ذكر الحروف.

ويجوز النصب فى الكلام على المصدر.

ويجوز أن يكون «لا ريب فيه» : موضع الحال من «الكتاب» ، و «من رب العالمين» : الخبر ؛ وهو أحسنها و «من» : متعلقة بالخبر المحذوف.

فإن جعلت «لا ريب فيه» الخبر ، كانت متعلقة ب «تنزيل».

٣ ـ (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ)

«أم» : هنا ، لخروج خبر إلى خبر آخر.

وقيل : هى بمعنى «بل».

٣٤٣

٧ ـ (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ)

من أسكن «اللام» فى «خلقه» جعله مصدرا ؛ لأن قوله : «أحسن كل شىء» يدل على : خلق كل شىء خلقا ، فهو مثل : (صُنْعَ اللهِ) ٢٧ : ٨٨ ، و (كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ) ٤ : ٣٤

وقيل : هو بدل من «كل».

وقيل : هو مفعول ثان ، و «أحسن» بمعنى : حسنا ، تتعدى إلى مفعولين.

ويجوز فى الكلام «خلقه» ، بالرفع ، على معنى : ذلك خلقه.

ومن قرأ بفتح اللام ، جعله فعلا ماضيا ، فى موضع نصب ، نعتا ل «كل» ، أو فى موضع خفض نعتا ل «شىء».

١٠ ـ (وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقاءِ

رَبِّهِمْ كافِرُونَ)

العامل فى «إذا» : فعل مضمر ؛ تقديره : أنبعث إذا غيبنا وتلفنا فى الأرض.

١٦ ـ (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً

وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ)

«تتجافى» : فى موضع نصب ، على الحال من المضمر فى «خروا» الآية : ١٥ ، وكذلك : «يدعون» ، فى موضع الحال ، وكذلك : «سجدا» الآية : ١٥ ، وكذلك موضع «وهم لا يستكبرون» ، وكذلك موضع قوله «ومما رزقناهم ينفقون» مما كلها أحوال من المضمر فى «خروا» الآية : ١٥ ، أو فى «سبحوا» الآية : ١٥

ويحسن أن يكون ما بعد «كل» حالا من المضمر الذي فى الحال التي قبله.

«خوفا وطمعا» : مفعولان من أجلهما.

وقيل : مصدران.

١٧ ـ (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ)

«ما أخفى لهم» : من أسكن الياء جعل الألف ألف المتكلم ، والياء حقها الضم ، لأنه فعل مستقبل ، لكن أسكنت استخفافا.

٣٤٤

ومن فتح الياء جعله فعلا ماضيا لم يسم فاعله ، وفيه ضمير يقوم مقام الفاعل.

و «ما» ، إن جعلتها بمعنى «الذي» كانت فى موضع نصب ب «تعلم» ، وتكون الهاء محذوفة من الصلة ، على قراءة من أسكن الياء ؛ أي : أخفيه لهم. ولا حذف فى قراءة من فتح الياء ، لأن الضمير المرفوع فى «أخفى» ، الذي لم يسم فاعله ، يعود على «الذي».

فإن جعلت «ما» استفهاما ، كانت فى موضع رفع بالابتداء ، فى قراءة من فتح الياء ، و «ما» فى موضع نصب ب «أخفى» ، فى قراءة من أسكن الياء ؛ والجملة كلها فى موضع نصب ب «تعلم» ، سدت مسد المفعولين.

٢٠ ـ (كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ

النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ)

«كلما» : ظرف.

٢٣ ـ (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ وَجَعَلْناهُ

هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ)

«من لقائه» : الهاء ، تعود على «الكتاب» ، أضاف المصدر إلى المفعول ، كقوله (بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ) ٣٨ : ٢٤ ؛ وتقديره : من لقاء موسى الكتاب ، فأضمر «موسى» لتقدم ذكره ، وأضيف المصدر إلى «الكتاب».

ويجوز أن تعود على موسى ، فيكون قد أضاف المصدر إلى الفاعل ، والمفعول به محذوف ؛ كقوله : (لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ) ٣٥ : ١٤ ؛ أي : دعاءكم إياهم ، وكقوله : (لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ) ٤٠ : ١.

وقيل : «الهاء» تعود على ما لاقى موسى من قومه من الأذى والتكذيب.

وقيل : تعود على موسى ، من غير تقدير حذف مفعول ؛ أي : لا تكن يا محمد فى مرية من أن تلقى موسى ؛ لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لقى موسى ليلة الإسراء.

وقيل : إنها تعود على «موسى» ، والمفعول محذوف ، وهو التوراة ؛ أي : فلا تكن فى مرية من لقاء موسى التوراة.

٢٦ ـ (أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ)

فاعل «يهدى» : مصدر ؛ تقديره : أو لم يهد الهدى لهم ؛ وهو قول المبرد.

٣٤٥

وقال الفراء : «كم» ، هى الفاعل ل «يهد» ؛ ولا يجوز هذا عند البصريين ؛ لأن «كم» لا يعمل فيها ما قبلها ، لأنها فى الخبر بمنزلتها فى الاستفهام لها صدر الكلام فلا يعمل فيها ما قبلها ، كما يعمل فى الاستفهام ما قبله.

وقيل : الفاعل ل «يهد» هو الله جل ذكره ؛ تقديره : أو لم يهد الله لهم.

ومن قرأه «نهد» ، بالنون ، فالفاعل هو الله ، بلا إشكال ولا اختلاف ؛ وهى قراءة عبد الرحمن السلمى وقتادة ؛ و «كم» ، عند البصريين ، فى هذه الآية : فى موضع نصب ب «أهلكنا».

٢٨ ـ (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)

«متى» : فى موضع نصب ، على الظرف ، وهى خبر الابتداء ، وهو «هذا» ؛ و «الفتح» : نعت ل «هذا» ، أو عطف بيان.

ويجوز أن تكون «متى» فى موضع رفع ، على تقدير حذف مضاف مع «هذا» ؛ تقديره : متى وقت هذا الفتح.

ـ ٣٣ ـ

سورة الأحزاب

١ ـ (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً)

«أي» : نداء مفرد ، مبنى على الضم ، و «ها» : للتنبيه ، وهو لازم ل «أي» ، و «النبي» نعت ل «أي» لا تستغنى عنه ، لأنه هو المنادى فى المعنى ، ولا يجوز نصبه على الموضع ، عند أكثر النحويين. وأجازه المازني جعله كقولك : يا زيد الظريف ، بنصب «الظريف» على موضع «زيد» ، وهذا نعت تستغنى عنه ؛ ونعت «أي» : لا تستغنى عنه ، فلا يحسن نصبه على الموضع ؛ وأيضا فإن نعت «أي» هو المنادى فى المعنى ، فلا يحسن نصبه.

وقال الأخفش : هو صلة ل «أي» ، ولا يعرف فى كلام العرب اسم مفرد صلة «أي».

٣ ـ (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً)

«بالله» : فى موضع رفع ، لأنه الفاعل ، و «وكيلا» : نصب على البيان ، أو على الحال.

٤ ـ (وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ)

«الحقّ» : نعت لمصدر محذوف ؛ أي : يقول القول الحق.

٣٤٦

ويجوز أن يكون «الحق» مفعولا للقول.

٥ ـ (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ

وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً)

«ولكن ما تعمدت قلوبكم» : ما ، فى موضع خفض ، عطف على «ما» فى قوله «فيما أخطأتم به».

ويجوز أن يكون فى موضع رفع على الابتداء ؛ تقديره : ولكن ما تعمدت قلوبكم تؤاخذون به.

٦ ـ (إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً)

«إلّا أن تفعلوا» : أن ، فى موضع نصب على الاستثناء الذي ليس من الأول.

١٢ ـ (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً)

العامل فى «إذ» فعل مضمر فيها ؛ تقديره : واذكر يا محمد إذ يقول.

١٣ ـ (وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ

فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ

إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً)

«وإذ قالت» : إذ ، العامل فيها فعل مضمر ؛ تقديره : واذكر يا محمد إذ قالت.

«إنّ بيوتنا عورة» : عورة ، خبر «إن» ، وهو مصدر فى الأصل ، وهو بمعنى : ذات عورة.

ويجوز أن يكون اسم فاعل ، أصله : عورة ، ثم أسكن تخفيفا.

ويجوز أن يكون مصدرا فى موضع اسم الفاعل ، كما تقول : رجل عدل ؛ أي : عادل.

١٨ ـ (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا

وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً)

«هلمّ إلينا» : معناه : أقبلوا ، وهذه لغة أهل الحجاز ، وغيرهم يقول : هلموا ، للجماعة ، وهلمى ، للمرأة.

وأصل هلم : ها المم ؛ ها ، للتنبيه ، والمم ، معناه : اقصد إلينا ، وأقبل إلينا ، لكن كثر الاستعمال فيها فحذفت ألف الوصل من «المم» ، وتحركت اللام بضمة الميم الأولى ، عند الإدغام ، فصارت : «هالم» ، فحذفت «ها»

٣٤٧

لكونها وسكون اللام بعدها ، لأن حركتها عارضة ، فاتصلت الهاء باللام ، فصارت : «هلم» كما ترى ؛ وفتحت الميم لالتقاء الساكنين ، كما تقول : رد ، ومد.

وقد قيل : إن ألف «ها» إنما حذفت لسكونها وسكون اللام ، قبل أن تلقى حركة الميم الأولى على اللام ، وأدغمت فى التي بعدها ، فصارت «هلم» كما ترى.

«إلّا قليلا» : نعت لمصدر محذوف ؛ تقديره : إلا أناسا قليلا ؛ أو : إلا وقتا قليلا ؛ ومثله : (ما قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلاً) الآية : ٢٠

١٩ ـ (أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ

كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ

أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ)

«أشحّة عليكم» : أشحة ، وزنها : أفعلة ؛ جمع : شحيح ؛ مثل أرغفة ، ولكن قلبت حركة الحاء الأولى على الشين وأدغمت فى الثانية ، وأصله : أشححة ، ونصبه على الحال ، والعامل فيه «والقائلين» الآية : ١٨ ، وهو حال من المضمر فى «القائلين» ؛ هذا قول الفراء.

وأجاز أيضا أن يعمل فيه مضمر دل عليه «المعوقين» الآية : ١٨ ، فهو حال من الفاعل فى الفعل المضمر ، كأنه قال : يعوقون أشحة.

ويجوز عنده أن يكون العامل فيه «ولا يأتون» الآية : ١٨ ، فهو حال من المضمر فى «يأتون».

وأجاز أيضا نصبه على الذم.

ولا يجوز عند البصريين أن يكون العامل «المعوقين» ، ولا «والقائلين» ، لأنه يكون داخلا فى صلة الألف واللام ، وقد فرقت بينهما بقوله «ولا يأتون البأس» الآية : ١٨ ، وهو غير داخل فى الصلة ، إلا أن يجعل «ولا يأتون البأس» فى موضع الحال من المضمر فى «القائلين».

ولا يجوز أن يكون أيضا «أشحة» حالا من ذلك المضمر ، ويعمل فيه «القائلين» ، لأنه كله داخل فى صلة الألف واللام من «القائلين» ، ولا يحسن أن يكون «أشحة» حالا من المضمر فى «المعوقين» ولا من المضمر فى «يأتون» ، على مذهب البصريين ، بوجه ، لأن «والقائلين» عطف على «المعوقين» غير داخل فى صفته ، و «أشحة» ، إن جعلته حالا من المضمر فى «المعوقين» كان داخلا فى الصلة ؛ وكذلك «ولا يأتون» ، قد فرقت بين الصلة والموصول بالمعطوف.

٣٤٨

ولا يحسن أيضا ، على مذهب البصريين ، أن يعمل فيه فعل مضمر يفسره «المعوقين» ، لأن ما فى الصلة لا يفسره ما ليس فى الصلة.

والصحيح أنه حال من المضمر فى «يأتون» ؛ وهو العامل فيه ، وقوله «لا يأتون» : حال من المضمر فى «القائلين» ، فكلاهما داخل فى الصلة.

وكذلك إن جعلتهما جميعا حالين من المضمر فى «القائلين» ، فهو حسن ، وكلاهما داخل فى الصلة.

فأما نصبه على الذم ، فجائز.

«أشحّة» : حال من المضمر فى «سلقوكم» ، وهو العامل فيه.

٢٢ ـ (وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ

وَما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَتَسْلِيماً)

«وما زادهم» : الضمير المرفوع يعود على «النظر» ، لأن معنى قوله «ولما رأى» : ولما نظر.

وقيل : المضمر يعود على الرؤية ؛ لأن «رأى» يدل على «الرؤية» ، وجاز تذكيرها لأن تأنيثها غير حقيقى.

٢٣ ـ (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ)

«ما عاهدوا» : ما ، فى موضع نصب ب «صدقوا» ، وهى والفعل مصدر ؛ تقديره : صدقوا العهد ؛ أي : وفوا به.

٢٨ ـ (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها

فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً)

«فتعالين» : من «العلو» ، وأصله : الارتفاع ، ولكن كثر استعماله حتى استعمل فى معنى : «أنزل» ؛ فيقال للمتعالى : تعال ؛ أي : انزل.

٣٣ ـ (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ

وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)

«وقرن فى بيوتكنّ» : من كسر «القاف» جعله من الوقار فى البيوت ؛ فيكون مثل : عدن ، زن ، لأنه محذوف الفاء ، وهى الواو ، ويجوز أن يكون من «القرار» فيكون مضعفا ، يقال : قر فى المكان يقر ، هذه اللغة المشهورة ؛ ويكون أصله : اقررن ، تبدل من الراء ، التي هى عين الفعل ، ياء ، كراهة التضعيف ، كما أبدلوا

٣٤٩

فى «قيراط» ، و «دينار» : فتصير الياء مكسورة ، فتلقى حركتها على القاف ، وتحذف لسكونها وسكون الواو ، ويستغنى عن ألف الوصل ، لتحرك «القاف» ، فتصير : قرن.

وقيل : بل حذفت الراء الأولى كراهة التضعيف ، كما قالوا : ظلت ؛ والأصل : ظلمت ، وألقيت حركتها على «القاف» ، فحذفت ألف الوصل ، لتحرك «القاف» أيضا.

فأما من قرأ بفتح «القاف» ، فهى حكاها أبو عبيد عن الكسائي أنه يقال : قررت فى المكان أقر ، وهى لغة ذكرها المازني وغيره ، ثم جرى الاعتلال على الوجهين المذكورين فى الكسر أولا.

وقد قيل : إنه أخذ من : قررت به عينا أقر ، ثم أعل أحد الأصلين المذكورين.

«أهل البيت» : نصب على النداء. وإن شئت : على المدح ، ويجوز فى الكلام الخفض على البدل من الكاف والميم فى «عنكم» عند الكوفيين ؛ ولا يجوز ذلك عند البصريين ؛ لأن الغائب لا يبدل من المخاطب ، لاختلافهما.

وقيل : إنما لم يجز ، لأن البدل بيان ، والبدل والمخاطب ، لا يحتاجان إلى بيان.

٣٥ ـ (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ وَالصَّادِقِينَ

وَالصَّادِقاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ وَالْخاشِعِينَ وَالْخاشِعاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ

وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ وَالذَّاكِرِينَ

اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)

«والحافظين فروجهم والحافظات» : أعمل الأول من هذين الفعلين ، وكان قياسه على أصول هذا الباب ، لو أخر مفعول الفعل الأول ، أن يقال : والحافظاتها ؛ ولكن لما قدمه استغنى عن الضمير لبيان المعنى فى أن الأول هو المعمول ، إذ مفعوله بعده لم يتأخر بعد الفعل الثاني ، وحذف الضمير من هذا ، إذا تقدم مفعول الأول ، حسن فصيح ، وإثبات الضمير ، إذا تأخر مفعول الأول فى آخر الكلام ، أحسن وأفصح ، ومثله فى القياس ، «والذاكرين الله كثيرا والذاكرات» ، لو تأخر المفعول إلى آخر الكلام لكان وجه الكلام : والذاكراته ، فلما تقدم حسن حذف الضمير ، وإثباته فى الكلام جائز لتقدم ذكره.

٣٧ ـ (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي

فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ)

«والله أحق أن تخشاه» : الله ، ابتداء ، و «أحق» : خبره ، و «أن» : فى موضع نصب ، على حذف الخافض.

٣٥٠

وإن شئت : جعلت «أن» وما بعدها ابتداء ثانيا ، و «أحق» : خبره ؛ ولا يجوز أن تقدر إضافة «أحق» الى «أن» البتة ، لأن «أفعل» لا يضاف إلا إلى ما هو بعضه

٣٨ ـ (ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ

خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً)

«سنة الله» : مصدر ، عمل فيه معنى ما قبله.

٣٩ ـ (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً)

«الذين يبلغون» : فى موضع خفض على البدل ، أو على النعت ، لقوله «فى الذين خلوا» الآية : ٣٨

٤٠ ـ (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ

وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً)

«ولكن رسول الله» : رسول ، خبر «كان» مضمرة ؛ تقديره : ولكن كان محمد رسول الله.

ومن رفعه ، فعلى إضمار «هو» ؛ أي : هو رسول الله.

٥٠ ـ (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ

مِمَّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْكَ وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ

اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ

أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ

فِي أَزْواجِهِمْ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ

وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً)

«وامرأة» : عطف على «الأزواج» وما بعدهن ؛ والعامل : «أحللنا».

ومن قرأ «أن وهبت» ، بفتح «أن» ، وهو مروى عن الحسن ، جعل «أن» بدل من «امرأة».

وقيل : هو على حذف حرف الجر ؛ أي : لأن وهبت.

«خالصة» : حال.

«لكيلا يكون» : اللام ، متعلقة بقوله «أحللنا» ؛ وقيل : ب «فرضنا».

٣٥١

٥١ ـ (وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَلِيماً)

«كلهن» : تأكيد للمضمر فى «يرضين» ، ولا يجوز أن يكون تأكيدا للمضمر فى «آتيتهن» ، لأن المعنى على خلافه.

٥٢ ـ (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ

حُسْنُهُنَّ إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً)

«إلا ما ملكت» : ما ، فى موضع رفع على البدل من «النساء» أو فى موضع نصب على الاستثناء ، ولا يجوز أن يكون فى موضع نصب ب «ملكت» ، لأن الصلة لا تعمل فى الموصول ، وفى الكلام «ها» محذوفة ، من الصلة بها يتم الكلام ؛ تقديرها : إلا ما ملكتها يمينك.

ويجوز أن تجعل «ما» والفعل مصدرا فى موضع المفعول ، فيكون المصدر فى موضع نصب ، لأنه استثناء ليس من الجنس ، ولا يحتاج إلى حذف «ها» ؛ تقديره : إلا ما ملكت يمينك.

و «ملك» بمعنى : مملوك ، فيكون بمنزلة قولهم : هذا درهم ضرب الأمير ؛ أي : مضروبه.

٥٣ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ

إِناهُ وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيماً)

«إناه» : ظرف زمان ، وهو مقلوب «أنى» الذي بمعنى الحين ، قلبت النون قبل الألف ، وغيرت الهمزة إلى الكسر ، فمعناه : غير ناظرين إناه ؛ أي : حينه ، ثم قلب وغير على ما ذكرنا.

«غير» : نصب على الحال من الكاف والميم فى «لكم» ، والعامل فيه «يؤذن» ، ولا يحسن أن تجعل «غير» وصفا ل «طعام» ، لأنه يلزم فيه أن يظهر الضمير الذي فى «ناظرين» ، فيلزم أن تقول : غير ناظرين أنتم إناه ، لأن اسم الفاعل إذا جرى صفة أو خبرا أو حالا ، أو صفة على غير من هو له ، لم يستتر فيه ضمير الفاعل ، وذلك فى الفعل جائز ، فلو قال فى الكلام : إن أذن لكم إلى طعام لا تنتظرون إناه فكلوا ، لجاز أن يكون «لا تنتظرون» وصفا للطعام ، وأن يكون حالا من الكاف والميم فى «لكم» ؛ ألا ترى أنك تقول : زيد تضربه ، ف «زيد» مبتدأ ، و «تضربه» : خبر له ، وهو فعل للمخاطب ليس هو ل «زيد» ، وفيه ضمير المخاطب مستتر ، ولو لا «الهاء» ما كان خبر «زيد» ، فلو جعلت فى موضع «تضربه» : ضاربه ، لم يكن بد من إظهار الضمير ، فتقول : زيد ضاربه أنت ، فكذلك قياس : الذي تضربه زيد ، ف «تضربه» : صلة

٣٥٢

ل «الذي» ، وفيه ضمير المخاطب ، فإن جعلت موضعه «ضاربه» أظهرت الضمير ، فقلت : الذي ضاربه زيد ، وكذلك الصفة والحال فى قولك ؛ مررت برجل تضربه ، ومررت بزيد تضربه ، فإن جعلت فى موضع «تضربه» اسم فاعل لم يكن بد من إظهار الضمير من الصفة والحال ، كما ظهر من الخبر والصلة ، فهذا معنى : إذا جرى اسم الفاعل على غير من هو له ، خبرا أو صفة أو حالا أو صلة ، لم يكن بد من إظهار الضمير ؛ ويجوز ذلك فى الفعل ولا يظهر الضمير.

«ولا مستأنسين» : فى موضع نصب ، عطف على «غير ناظرين» ، أو فى موضع خفض على العطف من «ناظرين».

«وما كان لكم أن تؤذوا» : أن ، فى موضع رفع ، اسم «كان» ، وكذلك : «ولا أن تنكحوا» ، عطف عليها.

٦٠ ـ (ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلَّا قَلِيلاً)

«فيها إلا قليلا» : حال من المضمر المرفوع فى «يجاورونك» ؛ أي : لا يجاورونك إلا فى حال قلتهم وذلتهم.

وقيل : هو نعت لمصدر محذوف ؛ تقديره : إلا جوارا قليلا ؛ أو : وقتا قليلا.

٦١ ـ (مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً)

«ملعونين» : حال أيضا من المضمر فى «يجارونك».

وقيل : هو نصب على الذم والشتم.

٦٢ ـ (سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً)

«سنّة الله» : نصب على المصدر ؛ أي : سن الله ذلك سنة لمن أرجف بالأنبياء ونافق.

٧٣ ـ (لِيُعَذِّبَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ وَيَتُوبَ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ

وَالْمُؤْمِناتِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً)

«وكان الله غفورا رحيما» ؛ أي : لم يزل كذلك ، و «رحيما» : حال من المضمر فى «غفورا» ، وهو العامل فيه ؛ أي : يغفر فى حال رحمة.

ويجوز أن يكون نعتا ل «غفور» ، وأن يكون خبرا بعد خبر.

٣٥٣

ـ ٣٤ ـ

سورة سبأ

٢ ـ (يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها)

«يعلم» : حال من اسم الله ، جل ذكره.

ويجوز أن يكون مستأنفا.

٧ ـ (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ

إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ)

«إذا مزّقتم» : العامل فى «إذا» : فعل دل عليه الكلام ؛ تقديره : ينبئكم بالبعث ، أو بالحياة ، أو بالنشور ، إذا مزقتم ؛ وأجاز بعضهم أن يكون العامل : «مزقتم» ، وليس بجيد ؛ لأن «إذا» ، مضافة إلى ما بعدها من الجمل والأفعال ، ولا يعمل المضاف إليه فى المضاف ؛ لأنه كبعضه ، كما لا يعمل بعض الاسم فى بعض ولا يجوز أن يكون العامل : «ينبئكم» ، لأنه ليس يخبرهم ذلك الوقت ، فليس المعنى عليه.

١٠ ـ (وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلاً يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ)

«والطير» : من نصب عطفه على موضع نصب ، بمعنى النداء ؛ وهو قول سيبويه.

وقيل : هو مفعول معه.

وقال أبو عمرو : هو منصوب بإضمار فعل ؛ تقديره : وسخرنا له الطير.

وقال الكسائي : تقديره : وآتيناه الطير ، كأنه معطوف على «فضلا».

وقد قرأ الأعرج بالرفع ، عطفه على لفظ «الجبال».

وقيل : هو معطوف على المضمر المرفوع فى «أوبى» ، وحسن ذلك لأن «معه» قد دخلت بينهما فقامت مقام التأكيد.

١١ ـ (أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)

«أن اعمل» : أن ، تفسير ، لا موضع لها من الإعراب ، بمعنى : أي.

٣٥٤

وقيل : هى فى موضع نصب على حذف الخافض ؛ تقديره : لأن اعمل ؛ أي : وألنا له الحديد لهذا الأمر.

١٢ ـ (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ

الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ

مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ)

«غدوّها شهر» : ابتداء وخبر ؛ تقديره : مسير غدوها مسيرة شهر ؛ وكذلك ، «ورواحها شهر» ، وإنما احتيج إلى ذلك لأن الغدو والرواح ليسا بالشهر إنما يكونان فيه.

«ومن الجن من يعمل» : من ، فى موضع نصب على العطف على معمول «سخرنا» ؛ أي : وسخرنا له من الجن من يعمل.

«ومن يزغ» : من ، رفع بالابتداء ، وهى شرط ، اسم تام ، و «نذقه» : الجواب ، وهو خبر الابتداء.

١٤ ـ (فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ

فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ)

«منسأته» : من قرأه «منساته» بألف ، فأصل الألف همزة مفتوحة ، لكن أتى البدل فى هذا ، والقياس أن تجعل الهمزة بين الهمزة والألف ، وهذا أتى على البدل من الهمزة ، ولا يقاس عليه ، والهمز هو الأصل.

«تبيّنت الجنّ أن لو كانوا» : أن ، فى موضع رفع بدل من «الجن» ؛ والتقدير : تبين للإنس أن الجن لو كانوا.

وقيل : هى فى موضع نصب ، على حذف اللام.

١٥ ـ (لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ

رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ)

«مسكنهم» : من قرأه بالتوحيد وفتح الكاف ، جعله مصدرا ، فلم يجمعه ، وأتى به على القياس ، لأن «فعل يفعل» قياس مصدره أن يأتى بالفتح ؛ نحو ، المقعد ، والمدخل ، والمخرج.

ومن كسر الكاف ، جعله اسما للمكان ، كالمسجد.

٣٥٥

وقيل : هو أيضا مصدر ، خرج عن الأصل ، كالمطلع.

«آية جنتان» : جنتان ، بدل من «آية» ، وهو اسم «كان».

ويجوز أن يكون رفع «جنتان» ، على إضمار مبتدأ ؛ أي : هى جنتان ، وتكون الجملة فى موضع نصب على التفسير.

«بلدة» : رفع على إضمار مبتدأ ؛ أي : هذه بلدة.

وكذلك : «ورب غفور» ؛ أي : وهذا رب غفور.

١٦ ـ (فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ

خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ)

«ذواتى أكل خمط» : من أضاف «الأكل» ، إلى «الخمط» جعل «الأكل» : هو الثمر ؛ و «الخمط» : شجرا ، فأضاف الثمر إلى شجره ، كما تقول : هذا تمر نخل ، وعنب كرم.

وقيل : لما لم يحسن أن يكون «الخمط» نعتا ل «الأكل» ، لأن «الخمط» أصل شجر بعينه ، ولم يحسن أن يكون بدلا ؛ لأنه ليس هو الأول ولا هو بعضه ، وكان الجنى والثمر من الشجر ، أضيف على ؛ تقدير : «من» فى قولك : هذا ثوب خز.

فأما من نونه فإنه ؛ جعل «الخمط» عطف بيان على «الأكل» ، فبين أن «الأكل» لهذا الشجر الذي هو «الخمط» ، إذ لم يمكن أن يكون وصفا ولا بدلا ، فبين به أكل أي شجر هو؟

١٧ ـ (ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ)

«ذلك جزيناهم» : ذلك ، فى موضع نصب ب «جزينا».

١٨ ـ (وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَقَدَّرْنا فِيهَا

السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ)

«ليالى وأياما» : هما ظرفان للسير ؛ والليالى : جمع ليلة ، وهو على غير قياس ، كأن أصل واحده : ليلاة ، فجمع على غير لفظ واحده ؛ مثل : ملاقح : جمع ملقحة ؛ وكذلك : مشابه : جمع مشبهة ؛ ولم يستعمل.

٢٠ ـ (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)

من خفف «صدق» نصب «ظنه» انتصاب الظرف ، أي : فى ظنه.

٣٥٦

ويجوز على الاتساع أن تنصبه انتصاب المفعول به.

وقيل : هو مصدر.

فأما من شدد «صدق» ، ف «ظنه» : مفعول به ب «صدق».

ومن قرأ بتخفيف «صدق» ، ونصب ، «إبليس» ، ورفع «الظن» ، جعل «الظن» فاعل «صدق» ، ونصب «إبليس» ، لأنه مفعول به ب «صدق» ؛ والتقدير : ولقد صدق ظن إبليس ، كما تقول : ضرب زيدا غلامه ؛ أي : ضرب غلام زيد زيدا.

ومن خفف ورفعهما جميعا جعل «ظنه» بدلا من «إبليس» ، وهو بدل الاشتمال.

٢٣ ـ (وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ

قالُوا ما ذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ)

«ما ذا قال ربكم» : ما ، فى موضع نصب ب «قال» ، و «ذا» : زائدة ؛ ودليل ذلك قوله تعالى :

«قالوا الحق» ، فنصب الجواب ب «قالوا» ، فكذلك يجب أن يكون السؤال.

ويجوز فى الكلام الرفع ب «قالوا الحق» ، على أن تكون «ما» استفهاما فى موضع رفع على الابتداء ، و «ذا» : بمعنى «الذي» : خبره ، ومع «قال» : «هاء» ، محذوفة ؛ تقديره : أي شىء الذي قاله ربكم ، فرفع الجواب ، إذ السؤال مرفوع.

٢٤ ـ (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى

هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)

«وإنا أو إياكم» : هو عطف على اسم «إن» ، ويكون «لعلى هدى» خبرا للثانى ؛ وهو «إياكم» ، وخبر الأول محذوف لدلالة الثاني عليه هذا مذهب سيبويه.

والمبرد يرى أن «لعلى هدى» : خبر للأول ، وخبر الثاني محذوف لدلالة الأول عليه.

ولو عطف «وإياكم» على موضع اسم «إن» فى الكلام لقلت : وأنتم ، ويكون «لعلى هدى» : خبرا للأول لا غير ، وخبر الثاني محذوف.

ولا اختلاف فى هذا ، لأن العطف على موضع اسم «إن» لا يكون إلا بعد مضى الخبر ، فلا بد من إضمار خبر الثاني بعد المعطوف ، ليعطف على الموضع بعد إتيان الخبر فى اللفظ.

٣٥٧

٢٨ ـ (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ

لا يَعْلَمُونَ)

«إلا كافة» : حال ، ومعناه : جامع للناس.

٣٠ ـ (قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ساعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ)

أضاف «الميعاد» إلى «اليوم» على السعة. ويجوز فى الكلام : ميعاد يوم ، منونين مرفوعين ، تبدل الثاني من الأول ، وهو هو ؛ على تقدير : وقت ميعاد يوم. و «ميعاد» : ابتداء ، و «لكم» : الخبر.

ويجوز أن تنصب «يوما» على الظرف ، وتكون «الهاء» فى «عنه» تعود على «الميعاد» ، أضفت «يوما» إلى ما بعده ، فقلت : يوم لا يستأخرون عنه.

ولا يجوز إضافة «يوم» إلى ما بعده إذا جعلت «الهاء» لليوم ، لأنك تضيف الشيء إلى نفسه ، وهو نفسه ، وهو اليوم ، تضيفه إلى جملة فيها «الهاء» ، هى اليوم ، فتكون أضفت «اليوم» إلى «الهاء» ، وهو هى.

٣١ ـ (لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ)

«لو لا أنتم» : لا يجوز عند المبرد غير هذا ، تأتى بضمير مرفوع ، كما كان المظهر مرفوعا.

وأجاز سيبويه : لولاكم ، والمضمر فى موضع خفض ، بضد ما كان المظهر ؛ ومنعه المبرد.

٣٧ ـ (وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلَّا مَنْ آمَنَ

وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ)

«زلفى» : فى موضع نصب على المصدر ، كأنه قال : إزلافا. والزلفى : القربى ، كأنه يقربكم عندنا تقريبا.

و «التي» ، عند الفراء : الأموال والأولاد.

وقيل : هى للأولاد خاصة ، وحذف خبر «الأموال» لدلالة الثاني عليه ، تقديره : وما أموالكم بالتي تقربكم عندنا زلفى ، ولا أولادكم بالتي تقربكم ، ثم حذف الأول لدلالة الثاني عليه.

«إلا من آمن» : من ، فى موضع نصب ، عند الزجاج ، على البدل من الكاف والميم ، فى «تقربكم» ؛ وهو وهم ، لأن المخاطب لا يبدل منه ، ولكن هو نصب على الاستثناء. وقد جاء بدل الغائب من المخاطب بإعادة العامل ،

٣٥٨

وهو قوله تعالى : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) ٣٣ : ٢١ ، ثم أبدل من الكاف والميم بإعادة الخافض فقال : «لمن كان يرجو».

«أولئك لهم جزاء الضعف» : جزاء : خبر «أولئك».

ويجوز فى الكلام : جزاء الضعف ، بتنوين «جزاء» ، ورفع «الضعف» ، على البدل من «جزاء» ، ويجوز حذف التنوين لالتقاء الساكنين ، ورفع «الضعف» ، ولا تقرأ بشيء من ذلك.

ويجوز نصب «جزاء» على الحال ، ورفع «الضعف» على الابتداء ، و «لهم» : الخبر ؛ والجملة : خبر «أولئك».

٤٦ ـ (قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى)

«مثنى وفرادى» : حال من المضمر فى «تقوموا».

٤٨ ـ (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ)

من رفع «علام» جعله نعتا للرب ، على الموضع ، أو على البدل منه ، أو على البدل من المضمر فى «يقذف»

ومن نصبه ، وهو عيسى بن عمر ، جعله نعتا للرب ، على اللفظ ، أو البدل.

ويجوز الرفع على أنه خبر بعد خبر ، وعلى إضمار مبتدأ.

٥٢ ـ (وَقالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ)

«التّناوش» : هو من : ناش ينوش ؛ فمعناه : من أين لهم تناول التوبة بعد البعث ، فلا أصل له فى الهمز.

ومن همزه ، فلأن «الواو» انضمت بعد ألف زائدة ، فهمزها.

وقيل هى من «النأش» ، وهى الحركة فى إبطاء ، فأصله الهمز ، على هذا لا غير.

٣٥٩

ـ ٣٥ ـ

سورة فاطر

١ ـ (الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ

مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)

«جاعل الملائكة» : يجوز تنوين «جاعل» ، لأنه لما مضى ، و «رسلا» : مفعول ثان ل «جاعل».

وقيل : انتصب على إضمار فعل ، لأن اسم الفاعل بمعنى الماضي لا يعمل النصب.

«مثنى وثلاث ورباع» : هذه أعداد معدولة فى حال تذكيرها ، فتعرفت بالعدل ، فمنعت من الصرف للعدل والتعريف والصفة ؛ والفائدة فى العدل أنها تدل على التكرير ، فمعناها : اثنان اثنان ، وثلاثة ثلاثة ، وكذلك «رباع» ، وقد تقدم فى أول «النساء» الآية : ٣ ، شرح هذا.

٣ ـ (يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ

يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ)

«غير الله» : من رفع «غير» جعله فاعلا ؛ كما تقول : هل ضارب إلا زيد.

وقيل : هو نعت ل «خالق» ، على الموضع.

ويجوز النصب على الاستثناء.

ومن خفضه جعله نعتا ل «خالق» ، على اللفظ.

٥ ـ (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ

بِاللهِ الْغَرُورُ)

«بالله الغرور» : من فتح الغين جعله اسما للشيطان ، ومن ضمها جعله جمع : غار ، كقولك : جالس وجلوس.

وقيل : هو جمع : غر : وغر : مصدر.

وقيل : هو مصدر كالدخول.

٣٦٠