الموسوعة القرآنيّة - ج ٤

ابراهيم الأبياري

الموسوعة القرآنيّة - ج ٤

المؤلف:

ابراهيم الأبياري


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة سجل العرب
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٢٨

ففتحت النون لالتقاء الساكنين ، وإنما وجب ل «أيان» البناء ، لأنها بمعنى «متى» ، ففيها معنى الاستفهام ، فبنيت ، إذ الحروف أصلها البناء.

٩ ـ (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ)

إنما أتى «جمع» بلفظ التذكير ، و «الشمس» مؤنثة ، لأنه حمل على المعنى ؛ كأنه قال : وجمع النوران والضياءان ؛ وهو قول الكسائي.

وقيل : لما كان التقدير : وجمع بين الشمس والقمر ، ذكر الفعل لتذكير «بين».

وقيل : لما كان المعنى : وجمعا ، إذ لا يتم الكلام إلا بالقمر ، والقمر مذكر ، غلب المذكر على الأصل فى تأخير الفعل بعدهما.

وقال المبرد : لما كان تأنيث «الشمس» غير حقيقى جاز فيه التذكير ، إذ لم يقع التأنيث فى هذا النوع فرقا بين شىء وشىء آخر.

١٠ ـ (يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ)

«المفر» : مصدر ، فهو فى معنى ، أين الفرار؟

١٤ ـ (بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ)

«الإنسان» : ابتداء ، و «بصيرة» : ابتداء ثان ، و «على نفسه» : خبر «بصيرة» ، والجملة : خبر عن «الإنسان» ؛ وتحقيق تقديره : بل على الإنسان رقباء من نفسه على نفسه يشهدون عليه ويجوز أن تكون «بصيرة» خبر عن «الإنسان» ، و «الهاء» فى «بصيرة» : للمبالغة.

وقيل : لما كان معناه : حجة على نفسه ، دخلت «الهاء» لتأنيث الحجة.

٢٢ ، ٢٣ ـ (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ)

«وجوه» : ابتداء ، و «ناضرة» : نعت لها ، و «إلى ربها ناظرة» : خبر الابتداء.

ويجوز أن تكون «ناضرة» : خبرا ، و «إلى ربها ناظرة» : خبرا ثانيا.

ويجوز أن تكون «ناظرة» : نعتا ل «ناضرة» ، أو ل «وجوه» ، و «ناضرة» : خبرا عن «الوجوه» ، ودخول «إلى» مع النظر يدل على أنه نظر العين وليس من الانتظار ، ولو كان من الانتظار لم يدخل معه «إلى» ،

٤٨١

ألا ترى أنك لا تقول : انتظرت إلى زيد ، وتقول : نظرت إلى زيد ، ف «إلى» تصحب نظر العين ولا تصحب نظر الانتظار.

ومن قال إن «ناظرة» بمعنى : منتظرة ، فقد أخطأ فى المعنى وفى الإعراب ، ووضع الكلام فى غير موضعه.

وقد ألحد بعض المعتزلة فى هذا الموضع وبلغ به التعسف والخروج عن الجماعة إلى أن قال : «إلى» ليست بحرف جر ، إنما هى اسم ، واحده : ألاء ، و «ربها» : مخفوض بإضافته إليها لا بحرف الجر ؛ والتقدير ، عنده : نعمة ربها منتظرة.

وهذا محال فى المعنى ، لأنه تعالى قال : وجوه يومئذ ناضرة ؛ أي : ناعمة ، فقد أخبر أنها ناعمة : وقد حال النعيم بها وظهرت دلائله عليها ، فكيف ننتظر ما أخبرنا الله أنه حال فيها ، إنما ننتظر الشيء الذي هو غير موجود ، فاما أمر موجود حال فكيف ننتظره ؛ هل يجوز أن تقول : أنا أنتظر زيدا ، وهو معك لم يفارقك.

وذهب بعض المعتزلة إلى أن «ناظرة» من «نظر العين» ، ولكن قال : معناه : إلى ثواب ربها ناظرة.

وهذا أيضا خروج عن الظاهر ، ولو جاز هذا لجاز : نظرت إلى زيد ، بمعنى : نظرت إلى عطاء زيد.

وهذا نقض لكلام العرب ، وفيه إفساد المعاني ونقضها ؛ على أنا نقول : لو كان الأمر كذلك لكان أعظم الثواب المنتظر النظر إليه ، لا إله إلا هو.

٣١ ـ (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى)

«لا» ، الثانية : نفى ، وليست بعاطفة ، فمعناه : فلم يصدق ولم يصل.

٣٣ ـ (ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى)

«يتمطى» : فى موضع الحال من المضمر فى «ذهب» ؛ وأصله : يتمطط ، من المطيط ، ولكن أبدلوا من الطاء الثانية ياء ، وقلبت «ألفا» لتحركها وانفتاح ما قبلها.

والتمطط : التمدد.

٣٦ ـ (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً)

«سدى» : نصب على الحال من المضمر فى «يترك» ، و «أن» : سد مسد المفعول ل «يحسب».

٤٨٢

٣٩ ـ (فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى)

«الذكر والأنثى» : بدل من «الزوجين» ، و «جعل» : بمعنى : خلق ، فلذلك تعدت إلى مفعول واحد

٤٠ ـ (أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى)

«أن يحيى» : لا يجوز الإدغام فى الياءين ، عند النحويين ، كما لا يجوز إذا لم ينصب الفعل ، لأنك لو أدغمت لالتقى ساكنان ، إذ الثاني ساكن ، والأول لا يدغم فى الثاني حتى يسكن ، وكذلك كل حرف أدغمته فى حرف بعده لا بد من إسكان الأول ، وقد أجمعوا على منع الإدغام فى حال الرفع ، فأما فى حال النصب فقد أجازه الفراء ، لأجل تحرك الياء الثانية ، وهو لا يجوز عند البصريين ، لأن الحركة عارضة ليست بأصل.

ـ ٧٦ ـ

سورة الإنسان «الدهر»

١ ـ (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً)

«هل» : بمعنى : قد ، والأحسن أن تكون «هل» على بابها للاستفهام ، الذي معناه : التقرير ، وإنما هو تقرير لمن أنكر البعث ، فلا بد أن يقول : نعم قد مضى دهر طويل على الإنسان ، فيقال له : فمن أحدثه بعد أن لم يكن ، وكونه بعد عدمه ، كيف يمتنع عليه بعثه وإحياؤه بعد موته ، وهو معنى قوله : (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ) ٥٦ : ٦٢ ؛ أي : فهلا تذكرون فتعلموا أن من أنشأ شيئا بعد أن لم يكن على غير مثال قادر على إعادته بعد موته.

٢ ، ٣ ـ (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً إِنَّا هَدَيْناهُ

السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً)

«شاكرا ، كفورا» : حالان من «الهاء» فى «فجعلناه» و «جعل» بمعنى «صير» ، فلذلك تعدت إلى مفعولين : «الهاء» ، و «سميعا» ، و «بصيرا» نعت ل «سميع».

«إما» : للتخيير ، ومعنى التخيير أن الله أخبرنا أنه اختار قوما للسعادة وقوما للشقاوة ، فالمعنى : إما أن نجعله شقيا أو سعيدا ، وهذا من أبين ما يدل على أن الله قدر الأشياء كلها وخلق قوما للسعادة ، وبعملها يعملون ، وقوما للشقاوة ، وبعملها يعملون ، فالتخيير هو : إعلام من الله لنا أنه يختار ما يشاء ويفعل ما يشاء ، يجعل من يشاء شاكرا ويجعل من يشاء كفورا ، وليس التخيير للإنسان أن يختار ما لم يقدّره الله عليه ، ويشاء منه ما قد علم الله منه ما يختار ، إذا اختار قبل أن يختار.

وقيل : هى حال مقدرة ؛ والتقدير : إما أن يحدث منه عند فهمه الشكر ، فهو علامة السعادة ، وإما أن يحدث منه الكفر ، وهو علامة الشقاوة.

٤٨٣

وذلك كله ، على ما سبق فى علم الله فيهم.

وأجاز الكوفيون أن تكون «ما» : زائدة ، و «إن» : للشرط.

ولا يجوز هذا عند البصريين ، لأن التي للشرط لا تدخل على الأسماء ، إذ لا يجازى بالأسماء إلا أن يضمر بعد «إن» فعلا ، نحو قوله : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ٩ : ٦ ، فأضمر «استجارك» بعد أن ورد عليه الثاني ، فحسن حذفه ، ولا يمكن إضمار فعل بعد «إن» هاهنا ، لأنه يلزم رفع «شاكر» و «كفور» بذلك الفعل.

وأيضا فإنه لا دليل على الفعل المضمر فى الكلام.

وقيل : فى الآية تقديم وتأخير ؛ والتقدير : إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه إما شاكرا وإما كفورا فجعلناه سميعا بصيرا ، فيكونان حالين من «الإنسان» على هذه.

٤ ـ (إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالاً وَسَعِيراً)

«سلاسلا ، قواريرا» الآيتان : ١٥ ، ١٦ ، أصله كله يصرف ، لأنه جمع ، والجمع ثقيل ، ولأنه لا يجمع ، فخالف سائر الجموع ، ولأنه لا نظير له فى الواحد ، ولأنه غاية الجموع ، إذ لا يجمع ، فثقل فلم ينصرف.

فأما من صرفه من القراء ، فإنها لغة لبعض العرب.

حكى الكسائي : أنهم يصرفون كل ما لا ينصرف ، إلا : أفعل منك.

وقال الأخفش : سمعنا من العرب من يصرف هذا وجميع ما لا ينصرف.

وقيل : إنما صرفه لأنه وقع فى المصحف بالألف ، فصرفه على الإتباع لخط المصحف ، وإنما كتب فى المصحف بالألف ، لأنها رءوس الآي ، فأشبهت القوافي والفواصل ، التي يزاد فيها الألف للوقف.

وقيل : إنما صرفه من صرفه لأنه جمع كسائر الجموع ، وجمعه بعض العرب ، فصار كالواحد فانصرف كما ينصرف الواحد ، ألا ترى إلى قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لحفصة : إنكم لأنتن صواحبات يوسف ، فجمع «صواحب» بالألف والتاء ، كما يجمع الواحد ، فصار كالواحد فى الحكم ، إذ قد جمع كما يجمع الواحد ، فانصرف كما ينصرف الواحد.

وحكى الأخفش : مواليات فلان ، فجمع «موالى» ، فصار كالواحد.

٥ ، ٦ ـ (إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً عَيْناً

يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً)

انتصب «عينا» ، على البدل من «كافورا».

٤٨٤

وقيل : على البدل من «كأس» ، على الموضع.

وقيل : على الحال من المضمر ، فى «مزاجها».

وقيل : بإضمار فعل ؛ أي : يشربون عينا ، أي : ماء عين ، ثم حذف المضاف.

وقال المبرد : انتصب على إضمار : «أعنى».

١١ ـ (فَوَقاهُمُ اللهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً)

«اليوم» : نعت ل «ذلك» ، أو : بدل منه.

١٢ ، ١٣ ـ (وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ

لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً)

«جنة وحريرا» : نصب ب «جزاهم» ، مفعول ثان ؛ والتقدير : دخول جنة ولبس حرير ، ثم حذف المضاف فيهما.

«متكئين» : حال من الهاء والميم فى «جزاهم» ، والعامل فيه «جزى» ، ولا يعمل فيه «صبروا» ، لأن الصبر فى الدنيا كان ، والاتكاء والجزاء فى الآخرة.

وكذلك موضع «لا يرون» ، نصب أيضا على الحال ، مثل : «متكئين» أو على الحال من المضمر فى «متكئين» ، ولا يحسن أن يكون «متكئين» صفة ل «جنة» ، لأنه يلزم إظهار الضمير الذي فى «متكئين» ، لأنه جرى صفة لغير من هو له.

١٤ ـ (وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً)

«دانية» : نصب على العطف على «جنة» ، وهو نعت قام مقام منعوت ؛ تقديره : وجنة دانية.

وقيل : دانية : حال ، عطف على «متكئين» ، أو : فى موضع «لا يرون» ، و «الظلال» : رفع ب «دانية» ، لأنه فاعل بالدنو.

وقد قرئ «ودانيا» ، بالتذكير ، وذكر للتفرقة.

وقيل : لتذكير الجمع.

٤٨٥

ويجوز رفع «دانية» على خبر «الظلال» مبتدأ ، والجملة فى موضع الحال من الهاء والميم ، أو من المضمر فى «متكئين» ، إذا جعلت «لا يرون» حالا منه.

ويجوز «ودان» ، بالرفع والتذكير ، على الابتداء والخبر ، ويذكّر على ما تقدم.

١٧ ، ١٨ ـ (وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلاً

عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً)

انتصب «عينا» على البدل من «كأس» ، أو على إضمار «يسقون» ؛ أي : يسقون ماء عين ؛ ثم حذف المضاف ، أو على إضمار : «أعنى».

«تسمى سلسبيلا» ، فى «تسمى» : مفعول لم يسم فاعله ، مضمر ، يعود على «العين» ، و «سلسبيلا» :

مفعول ثان ، وهو اسم أعجمى نكرة ، فلذلك انصرف.

٢٠ ـ (وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً)

«رأيت» ، الأول : غير معدى إلى مفعول ، عند أكثر النحويين ، و «ثم» : ظرف مكان.

وقال الفراء والأخفش : «ثم» : مفعول به ل «رأيت» ؛ قال الفراء : تقديره : لرأيت ما ثم ، ف «ما» : المفعول ، فحذفت «ما» ، وقام «ثم» مقام «ما».

ولا يجوز عند البصريين حذف الموصول وقيام صلته مقامه.

٢١ ـ (عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقاهُمْ

رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً)

«عاليهم» ، من نصبه ، فعلى الظرف بمعنى : فوقهم.

وقيل : هو نصب على الحال من المضمر فى «لقاهم» الآية : ١١ ، أو من المضمر فى : «جزاهم» الآية : ١٢ ، الهاء والميم.

«ثياب» : رفع ب «عاليهم» ، إذا جعلته حالا ، وإن جعلته ظرفا رفعت «ثيابا» بالابتداء ، و «عاليهم» : الخبر ، وفى «عاليهم» : ضمير مرفوع.

وإن شئت : رفعت بالاستقرار ، ولا ضمير فى «عاليهم» ، لأنه يصير بمنزلة فعل مقدم على فاعله.

٤٨٦

وإذا رفعت «ثيابا» بالابتداء ، ف «عاليهم» : بمنزلة فعل مؤخر عن فاعله ، ففيه ضمير.

ومن أسكن الياء فى «عاليهم» رفعه بالابتداء ، و «ثياب» : الخبر ، و «عالى» : بمعنى الجماعة ، كما قال : (سامِراً تَهْجُرُونَ) ٢٣ : ٦٧ ، فأتى بلفظ الواحد يراد به الجماعة ، وكذلك قال (فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ) ٦ : ٤٥ ، فاكتفى بالواحد عن الجمع.

ويجوز أن يكون «ثياب» رفعا ب «عاليهم» ، لأن «عاليا» اسم فاعل ، فهو مبتدأ ، و «ثياب» : فاعل يسد مسد خبر «عاليهم» ، فيكون «عالى» ، على هذا القول ، مفردا لا يراد به الجمع ، كما تقول : قائم الزيدون ، فتوحد ، لأنه جرى مجرى حكم الفعل المتقدم فوحد ، إذ قد رفع ما بعده ، وهو مذهب الأخفش و «عاليهم» : نكرة ، لأنه يراد به الانفصال ، إذ هو بمعنى الاستقبال ، فلذلك جاز نصبه على الحال ، ومن أجل أنه نكرة منع غير الأخفش رفعه بالابتداء.

«خضر وإستبرق» : من خفض جعله نعتا ل «سندس» ، و «سندس» : اسم للجميع.

وقيل : هو جمع ، واحده : سندسة ، وهو ما رق من الديباج.

ومن رفعه جعله نعتا ل «ثياب».

ومن رفع «وإستبرق» عطفه على «ثياب» ، ومن خفض عطفه على «سندس» ، و «إستبرق» : ما غلظ من الديباج ، ومن رفعه جعله نعتا ل «ثياب».

وإستبرق : اسم أعجمى نكرة ، فلذلك انصرف ، وألفه ألف قطع فى الأسماء الأعجمية.

وقد قرأ ابن محيصن بغير صرف ، وهو وهم ، أن جعله اسما ، لأنه نكرة منصرفة.

وقيل : بل جعله فعلا ماضيا من «برق» ، فهو جائز فى اللفظ بعيد فى المعنى.

وقيل : إنه فى الأصل فعل ماض ، على «استفعل» ، من : برق ، فهو عربى من «البريق» ، فلما أسمى به قطعت ألفه ، لأنه ليس من أصل الأسماء أن تدخلها ألف الوصل ، إنما دخلت فى أسماء متعلقة مغيرة عن أصلها معدودة لا يقاس عليها.

٢٣ ـ (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً)

«نحن» : فى موضع نصب ، على الصفة لاسم «إن» ، لأن المضمر يوصف بالمضمر ، إذ هو بمعنى التأكيد لا بمعنى

٤٨٧

التحلية ، فلا يوصف بالمظهر ، لأنه بمعنى التحلية ، والمضمر مستغنى عن التحلية ، لأنه لم يضمر إلا بعد أن عرف بحلية ، وهو محتاج إلى التأكيد ليتأكد الخبر عنه.

ويجوز أن يكون «نحن» فاصلة : لا موضع لها من الإعراب ، و «نزلنا» : الخبر.

ويجوز أن يكون «نحن» رفعا بالابتداء ، و «نزلنا» : الخبر ، والجملة : خبر «إن».

٢٤ ـ (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً)

«أو» : للإباحة ؛ أي : لا تطع هذا الضرب.

وقال الفراء : «أو» ، فى هذا : بمنزلة «لا» ؛ أي : لا تطع من أثم ولا من كفر ، وهو معنى الإباحة التي ذكرنا.

وقيل : «أو» ، بمعنى : «الواو» ، وفيه بعد.

٢٧ ـ (وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً)

«وراء» بمعنى : قدام وأمام ، وجاز ذلك فى «وراء» لأنها بمعنى التواري فيما توارى عنك ، فما هو أمامك وقدامك وخلفك ، يسمى : وراء ، لتواريه عنك. و «يوما» : مفعول ب «يذرون».

٣٠ ـ (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً)

«أن» : فى موضع نصب على الاستثناء ، أو : فى موضع خفض على قول الخليل ، بإضمار الخافض ، وعلى قول غيره :

فى موضع نصب ، إذا قدرت حذف الخافض ؛ تقديره : إلا بأن يشاء الله.

٣١ ـ (يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً)

«والظالمين» : نصب على إضمار فعل ؛ أي : ويعذب الظالمين أعد لهم عذابا ، لأن إعداد العذاب يؤول إلى العذاب ، فلذلك حسن إضمار «ويعذب» ، إذ قد دل عليه سياق الكلام.

ولا يجوز إضمار «أعد» ، لأنه لا يتعدى إلا بحرف ، فإنما يضمر فى هذا وما شابهه فعل يتعدى بغير حرف. مما يدل عليه سياق الكلام وفحوى الخطاب.

وفى حرف عبد الله : «وللظالمين أعد لهم».

٤٨٨

وقال الكوفيون : إنما انتصب «والظالمين» ، لأن الواو التي معه ظرف للفعل ، وهو «أعد» ، وهذا كلام لا يتحصل معناه.

ويجوز رفع «الظالمين» ، على الابتداء ، وما بعده خبره.

وقد سمع الأصمعى من يقرأ بذلك ، وليس بمعمول به فى القرآن ، لأنه مخالف للمصحف ولجماعة القراء.

وقد جعله الفراء فى الرفع بمنزلة قوله (وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) ٢٦ : ٢٢٤ ، وليس مثله ، لأن «الظالمين» قبله فعل عمل فى مفعول ، فقطعت الجملة عن الجملة ، فوجب أن يكون الخبر فى الجملة الأولى فى قوله «يدخل من يشاء» وقوله «الشعراء» قبله جملة من ابتداء وخبر ، فوجب أن تكون الجملة الثانية كذلك ، فالرفع هو الوجه فى «الشعراء» ، ويجوز النصب فى غير القرآن ، والنصب هو الوجه فى «الظالمين» ، ويجوز الرفع فى غير القرآن.

ـ ٧٧ ـ

سورة المرسلات

١ ـ (وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً)

«عرفا» : نصب على الحال ، من «المرسلات» ، وهى الرياح ترسل متتابعة.

ومن جعل «المرسلات» : الملائكة ، نصب «عرفا» ؛ على تقدير : حرف الجر ؛ أي : يرسلهم الله بالعرف ؛ أي : بالمعروف.

٢ ، ٣ ـ (فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً وَالنَّاشِراتِ نَشْراً)

«عصفا» و «نشرا» : مصدران مؤكدان.

٥ ـ (فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً)

«ذكرا» : مفعول به.

٦ ـ (عُذْراً أَوْ نُذْراً)

نصبا على المصدر ، فمن ضم «الذال» جعله جمع : عذير ، ونذير ؛ بمعنى : إعذار وإنذار ، ومن أسكن الذال جاز أن يكون مخففا من الضم ؛ بمعنى : إعذار وإنذار ، كما قال : (فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) ٢٢ : ٤٤ ؛ أي : إنكارى ؛ أي : عاقبة ذلك.

٤٨٩

ويجوز أن يكون غير مخفف ، وسكونه أصل ، على أن يكون مصدرا بمنزلة «نكر».

٧ ـ (إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ)

«ما» : اسم «إن» ، و «لواقع» : الخبر ، و «الهاء» : محذوفة من «توعدون» ، وهى صلة «ما» ؛ تقديره : توعدون به. وحذفها من الصلة حسن لطول الاسم ، وقريب منه حذفها من المبتدأ ، ولا يجوز حذفها من الخبر إلا فى شعر ، و «إن» : جواب القسم المتقدم.

٨ ـ (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ)

«النجوم» ، عند البصريين : رفع بإضمار فعل ، لأن «إذا» فيها معنى المجازاة ، فهى بالفعل أولى ، ومثله : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) ٨١ : ١ ، و (إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ) ٨٢ : ١ ، و (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) ٨٤ : ١ ، وهو كثير فى القرآن.

وقال الكوفيون : ما بعد «إذا» رفع بالابتداء ، وما بعده الخبر ، وجواب «إذا» فى قوله «فإذا النجوم» : محذوف ؛ تقديره : وقع.

وقيل : جوابها : «ويل يومئذ للمكذبين» الآية : ١٥.

١٣ ـ (لِيَوْمِ الْفَصْلِ)

«اللام» : متعلقة بفعل مضمر ؛ تقديره : أجلت ليوم الفصل.

وقيل : هو بدل من «أي» الآية : ١٢ ، بإعادة الخافض.

وقيل : «اللام» ، بمعنى : «إلى».

١٤ ـ (وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ)

قد تقدم ذكره فى «الحاقة» السورة : ٩٦ ، وغيرها.

١٥ ـ (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ)

«ويل» ، حيث وقع فى هذه السورة وما شابهها : ابتداء ، و «يومئذ» : ظرف عمل فيه معنى «ويل» ، و «للمكذبين» : الخبر.

٤٩٠

٢٥ ـ (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً)

«كفاتا» : مفعول ثان ل «يجعل» ، لأنه بمعنى «يصير».

٢٦ ـ (أَحْياءً وَأَمْواتاً)

حالان ؛ أي : تجمعهم الأرض فى هاتين ، والكفت : الجمع.

وقيل : هو نصب ب «كفات» ؛ أي : يكفت الأحياء والأموات ؛ أي : يضمهم أحياء على ظهرها وأمواتا فى بطنها.

٣٥ ـ (هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ)

ابتداء وخبر ، والإشارة إلى اليوم.

وقرأه الأعمش وغيره «يوما» بالفتح ، فيجوز أن يكون مبنيا عند الكوفيين لإضافته إلى الفعل ، وهو مرفوع فى المعنى.

ويجوز أن يكون فى موضع نصب ، والإشارة إلى غير اليوم.

ويجوز أن تكون الفتحة إعرابا ، وهو مذهب البصريين ، لأن الفعل معرب.

وإنما يبنى عند البصريين ، إذا أضيف إلى مبنى ، فتكون الإشارة إلى غير اليوم ، وهو خبر الابتداء على كل حال.

٤٤ ـ (إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ)

«الكاف» : فى موضع نصب على النعت لمصدر محذوف ؛ أي : جزاء كذلك نجزى.

٤٦ ـ (كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ)

«قليلا» : نعت لمصدر محذوف ، أو : لظرف محذوف ؛ تقديره : وتمتعوا تمتعا قليلا ، وهو منصوب ب «تمتعوا» فى الوجهين ، إلا أنه يكون مرة مفعولا فيه ، ومرة مفعولا مطلقا.

٤٩١

ـ ٧٨ ـ

سورة النبأ

١ ـ (عَمَّ يَتَساءَلُونَ)

أصله : «عن ما» ، فحذفت الألف لدخول حرف الجر على «ما» ، وهى استفهام ، للفرق بين الاستفهام والخبر ، والفتحة تدل على الألف.

ووقف عليه ابن كثير بالهاء ، لبيان الحركة ، لئلا يحذف الألف ويحذف ما يدل عليها.

ووقف جماعة القراء غيره بالإسكان.

وكذلك ما شابهه من «ما» التي للاستفهام ، إذا دخل عليها حرف جر ، هذا حكمها ، ولا يجوز إثبات الألف إلا فى شعر ، كما لا يجوز حذف الألف إذا كانت «ما» خبرا ، نحو : (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) ٢ : ٧٤.

٢ ـ (عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ)

«النبأ» : بدل من «ما» ، بإعادة الخافض.

وقيل : التقدير : يتساءلون عن الشيء ، ثم حذف الفعل لدلالة الأول عليه ، ف «عن» ، الأولى : متعلقة ب «يتساءلون» الظاهر ، والثانية : بالمضمر.

٦ ـ (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً)

«مهادا» : مفعول ثان ل «جعل» ، ومثله «سباتا» الآية : ٩ ، لأن «جعل» بمعنى «صير» ، ومثله «لباسا» الآية : ١٠ و «معاشا» الآية : ١١.

٨ ـ (وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً)

«أزواجا» : نصب على الحال ؛ أي : ابتدعناكم مختلفين : ذكورا وإناثا ، قصارا وطوالا. و «خلق» ، بمعنى : ابتدع ، فلذلك لا يتعدى إلا إلى مفعول واحد.

١٣ ـ (وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً)

«سراجا» : مفعول ب «جعلنا» ، وهى بمعنى : خلقنا ، يتعدى إلى مفعول واحد ، وليست بمعنى «صيرنا» ، مثل ما تقدم.

٤٩٢

١٦ ـ (وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً)

«ألفافا» : هو جمع «لف» ، يقال : نبات لف ولفيف ، إذا كان مجتمعا.

وقيل : هو جمع الجمع ، كأن الواحد على : لفاء ولف ، كحمراء وحمر ، ثم يجمع : «لف» على «ألفاف» ، كما تقول : قفل وأقفال.

١٨ ـ (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً)

«يوم» : بدل من «يوم» الأول ، الآية : ١٧.

«أفواجا» : حال من المضمر فى «تأتون».

٢٣ ـ (لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً)

«أحقاب» : ظرف زمان ، ومن قرأه «لبثين» شبهه بما هو خلقه فى الإنسان ، نحو : حذر ، وفرق ؛ وهو بعيد ، لأن «اللبث» ليس مما يكون خلقة فى الإنسان ، وباب «فعل» إنما هو لما يكون خلقة فى الشيء ، وليس «اللبث» بخلقة ، و «أحقابا» : ظرف فى الوجهين.

٢٤ ـ (لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً)

«لا يذوقون» : فى موضع الحال من المضمر فى «لابثين».

وقيل : هو نعت ل «أحقاب» ، واحتمل الضمير ، لأنه فعل لم يجب إظهاره ، وإن كان قد جرى صفة على غير من هو له ، وإنما جاز أن يكون نعتا ل «أحقاب» لأجل الضمير العائد على «الأحقاب» فى «فيها» ، ولو كان فى موضع «يذوقون» : اسم فاعل ، لم يكن بد من إظهار المضمر ، إذا جعلته وصفا ل «أحقاب».

٢٥ ـ (إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً)

«إلا حميما» : بدل من «بردا» ، إذا جعلت «البرد» من البرودة ، فإن جعلته «النوم» ، كان «إلا حميما» استثناء ليس من الأول.

٢٦ ـ (جَزاءً وِفاقاً)

«جزاء» : نصب على المصدر.

٢٨ ـ (وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً)

«كذابا» : من شدده جعله مصدر : كذب ، زيدت فيه الألف كما زيد فى «إكرام» ، وقولهم «تكذيبا» جعلوا

٤٩٣

التاء عوضا من تشديد العين ، والتاء بدل من الألف ، غيروا أوله كما غيروا آخره ، وأصل مصدر الرباعي أن يأتى على عدد حروف الماضي ، بزيادة ألف مع تغيير الحركات ، وقد قالوا : تكلما ، فأتى المصدر على عدد حروف الماضي بغير زيادة ألف ، وذلك لكثرة حروفه ، وضمت اللام ولم تكسر ، لأنه ليس فى الكلام اسم على «يفعل» ، ولم يفتحوا لئلا يشبه الماضي.

وقرأه الكسائي «كذابا» بالتخفيف ، جعله مصدر : كاذب كذابا.

وقيل : هو مصدر «كذب» ، كقولك : كتب كتابا.

٢٩ ـ (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً)

«كتاب» : مصدر ، لأن «أحصيناه» بمعنى : كتبناه ، و «كل» : نصب بإضمار فعل ؛ أي : وأحصينا كل شىء أحصيناه ويجوز الرفع بالابتداء.

٣٦ ـ (جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً)

«جزاء» و «عطاء» : مصدران ، و «حسابا» : نعت ل «عطاء» ، بمعنى : كافيا.

٣٧ ـ (رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً)

من رفع «رب» ، فعلى إضمار «هو».

ومن خفضه جعله بدلا من «ربك» ، و «الرحمن» : نعت ل «ربك».

ومن رفعه ورفع «الرحمن» جعله مبتدأ ، و «الرحمن» : خبره ، أو : نعتا له ، «ولا يملكون» : الخبر ، و «رب السماوات» : بدلا من «ربك».

ومن خفض «الرحمن» ورفع «ربا» : جعله نعتا ل «ربك».

ومن خفض «ربا» ورفع «الرحمن» رفعه على إضمار مبتدأ ؛ أي : هو الرحمن ؛ وإن شئت : على الابتداء ، و «يملكون» : الخبر.

٣٨ ـ (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً)

«صفا لا يتكلمون» : حالان.

«إلا من أذن له الرحمن» : من ، فى موضع رفع ، بالبدل من المضمر فى «يتكلمون» ، أو : فى موضع نصب على الاستثناء.

٤٩٤

ـ ٧٩ ـ

سورة النازعات

١ ـ (وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً)

«غرقا» : مصدر ، ومثله : «نشطا» الآية : و «سبحا» الآية : ٢ ، ٣ ، و «سبقا» الآية : ٤

٥ ـ (فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً)

«أمرا» : مفعول به ب «المدبرات».

وقيل : هو مصدر.

وقيل : هو نصب ، بإسقاط حرف الجر ؛ أي : بأمر ، وإنما بعد نصبه ب «المدبرات» ، لأن التدبير ليس إلى الملائكة ، إنما هو إلى الله جل ذكره ، فهى مرسلة بما يدبره الله ويريده ، وليس التدبير لها ، إلا أن الجملة على معنى : تدبر بأمر الله لها ، وجواب القسم محذوف ؛ تقديره : وهذه المذكورات لتبعثن ، ودل على ذلك إنكارهم للبعث فى قوله «يقولون أإنا لمردودون فى الحافرة» الآية : ١٠.

وقيل : الجواب فى ذلك لغيره.

وقيل : جوابه : «يوم ترجف» ؛ على تقدير : حذف اللام ؛ أي : ليوم ترجف.

١٦ ، ١٧ ـ (إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى)

«طوى» : فى موضع خفض ، على البدل من «الوادي».

ومن كسر الطاء ، وهى قراءة الحسن ، فهو فى موضع نصب على المصدر ؛ تقديره : بالوادي المقدس ، مرتين.

ومن ترك صرفه جعله معدولا «كعمر» ، وهو معرفة.

ومن صرفه جعله كحطم ، غير معدول.

وقيل : إنما ترك صرفه لأنه اسم لبقعة ، وهو معرفة.

٢٥ ـ (فَأَخَذَهُ اللهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى)

«نكال الآخرة» : مصدر ، وقيل : مفعول من أجله.

٤٩٥

٣٠ ـ (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها)

نصب «الأرض» بإضمار فعل يفسره «دحاها» ، والرفع جائز على الابتداء ، والنصب عند البصريين الاختيار.

وقال الفراء : الرفع والنصب سواء فيه ، ومثله (وَالْجِبالَ أَرْساها) ٧٩ : ٣٢

٣٣ ـ (مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ)

«متاعا لكم» : نصب على المصدر.

٣٧ ـ (فَأَمَّا مَنْ طَغى)

«من» : ابتداء ، والخبر : «فإن الجحيم» الآية : ٣٩٩ ، «وما بعده ؛ ومثله : «وأما من خاف» الآية : ٤٠ ، لكن فى الخبر حذف عائد به يتم الخبر ؛ وتقديره : فإن الجحيم هى المأوى له ، أو : فإن الجنة هى المأوى له.

وقيل : تقديره : هى مأواه ، والألف واللام : عوض من المحذوف.

٤٢ ـ (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها)

«مرساها» : ابتداء ، و «أيان» : الخبر ، وهو ظرف مبنى بمعنى : متى.

٤٣ ـ (فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها)

حذفت ألف «ما» كما حذفت من «عم» ٧٨ : ١ ، وشبهه ، فهو مثله فى العلة والحكم ، وقد تقدم ذكره.

ـ ٨٠ ـ

سورة عبس

٢ ـ (أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى)

«أن» : مفعول من أجله.

وقيل : هى فى موضع خفض ، على إضمار اللام.

وقيل : هى بمعنى «إذا».

٤ ـ (أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى)

«فتنفعه» : من نصبه جعله جواب «لعل» بالفاء ، لأنه غير موجب ، فأشبه التمني والاستفهام ، وهو غير معروف عند البصريين ؛ ومن رفع عطفه على «يذكر».

٤٩٦

٨ ، ٩ ـ (وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى وَهُوَ يَخْشى)

«من» : ابتداء ، و «يسعى» : حال ، وكذلك «هو يخشى» : ابتداء وخبر ، فى موضع الحال أيضا.

١٠ ـ (فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى)

ابتداء وخبر ، فى موضع خبر «من» الآية : ٨ ؛ ومثله : «أما من استغنى فأنت له تصدى» الآيتان : ٥ ، ٦

١٧ ـ (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ)

«ما أكفره» : ما ، استفهام ، ابتداء ، و «أكفره» : الخبر ، على معنى : أي شىء حمله على الكفر مع ما يرى من الآيات الدالات على التوحيد؟

ويجوز أن يكون «ما» ابتداء ، تعجبا ؛ أي : هو ممن يتعجب منه فيقال : ما أكفره ؛ و «أكفره» : الخبر أيضا.

٢٠ ـ (ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ)

«الهاء» و «السبيل» : مفعولان ل «يسر» ، على حذف اللام من «السبيل» ؛ أي : ثم للسبيل يسره.

٢٥ ـ (أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا)

من فتح «أن» جعلها فى موضع خفض ، على تقدير «اللام» ؛ أي : لأنا.

وقيل : فى موضع نصب ، لعدم اللام.

وقيل : فى موضع خفض ، على البدل من «طعامه» الآية : ٢٤ ، لأن هذه الأشياء مشتملة على الطعام منها ، فيكون معنى «إلى طعامه» : إلى حدوث طعامه كيف يتأتى ، فالاشتمال فى هذا إنما هو من الثاني على الأول ، لأن الاعتبار إنما هو فى الأشياء التي يتكون منها الطعام ، لا فى الطعام بعينه.

٣٢ ـ (مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ)

«متاعا» : نصب على المصدر.

٤٩٧

ـ ٨١ ـ

سورة التكوير

١ ـ (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ)

قد تقدم الكلام فى رفع ما بعد «إذا» فى «والمرسلات» السورة : ٧٧ ، وغيرها.

٢١ ـ (مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ)

«ثم» : ظرف مكان.

٢٤ ـ (وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ)

دخول «على» يدل على أن «ضنينا» بالضاد ، بمعنى : بخيل ؛ يقال : بخلت عليه ، ولو كان بالظاء بمعنى :

متهم ، لكان بالباء ، كما يقال : هو متهم بكذا ، ولا يقال : على كذا ، لكن لا يجوز أن يكون فى موضع الباء فتحسن القراءة بالظاء.

٢٦ ـ (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ)

حقه أن يكون : فإلى أين تذهبون؟ لأن «ذهب» لا يتعدى ؛ وتقديره : فإلى أين تذهبون؟ لكن حذفت «إلى» ، كما قالوا : ذهبت الشام ؛ أي : إلى الشام.

وحكى الفراء : أن الحرف يحذف مع : «انطلق» و «خرج» ، تقول : انطلقت الشام ؛ أي : إلى الشام وخرجت السوق ، أي : إلى السوق.

ولم يجد سيبويه من هذا غير : ذهبت الشام ، أي : إلى الشام ؛ ودخلت البيت ، أي : إلى البيت.

٢٩ ـ (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ)

«أن» : فى موضع خفض ، بإضمار «الباء» ، أو : فى موضع نصب ، بحذف الخافض.

ـ ٨٢ ـ

سورة الانفطار

٦ ـ (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ)

«ما» : استفهام ابتداء ، و «غرك» : الخبر.

٤٩٨

١٧ ـ (وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ)

قد تقدم الكلام فيه وفى نظيره فى «الحاقة» السورة : ٦٩ ، وفى «الواقعة» السورة : ٥٦ ، وغيرهما.

١٩ ـ (يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ)

«يوم» : من فتحه جعله فى موضع رفع على البدل من «يوم ـ الآية : ١٨» الذي قبله ، أو فى موضع نصب على الظرف ، أو على البدل من «يوم الدين» الأول ، الآية : ١٥.

وهو مبنى عند الكوفيين لإضافة الفعل ، ومعرب عند البصريين نصب على البدل من «يوم الدين» الأول ؛ ويجوز نصبه على الظرف للجزاء ، وهو الدين ، وإنما لم يكن مبنيا عندهم ، لأنه أضيف إلى معرب ، وإنما يبنى إذا أضيف إلى مبنى.

ومن رفعه جعله بدلا من (يَوْمُ الدِّينِ) ـ الآية : ١٨» قبله.

ويجوز أن يرفع على إضمار : «هو».

ـ ٨٣ ـ

سورة المطففين «التطفيف»

١ ـ (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ)

ابتداء وخبر ، والمختار فى «ويل» وشبهه ، إذا لم يكن مضافا أو معربا النصب ، نحو قوله : (وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا) ٢٠ : ٦١

و «ويل» : أصله مصدر ، من فعل لم يستعمل.

وقال المبرد : فى «ويل للمطففين» ، وفى «ويل يومئذ للمكذبين» الآية : ١٠ ، وشبهه : لا يجوز فيه إلا الرفع ، لانه ليس بدعاء عليهم ، إنما هو إخبار أن ذلك ثبت لهم ، ولو كان المصدر من فعل مستعمل كان الاختيار فيه ، إذا أضيف أو عرف بالألف واللام : الرفع ، ويجوز النصب ؛ نحو : الحمد لله ، والشكر لزيد ، الرفع الاختيار ؛ فإن نكر فالاختيار فيه النصب ، ويجوز الرفع ، نحو : حمدا لله ، وشكرا له ، الاختيار النصب ؛ بضد الأول.

٢ ـ (الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ)

«على الناس» : على ، فى موضع «من»

٤٩٩

٣ ـ (وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ)

يجوز أن يكون «هم» ضميرا مرفوعا مؤكدا للواو فى «كالوا» ، و «وزنوا» ، فيكتب بغير ألف.

ويجوز أن يكون ضمير مفعول فى موضع نصب ب «كالوا» ، و «وزنوا» ، فيكتب بغير ألف بعد الواو ، وهو فى المصحف بغير ألف بعد الواو.

و «كال» و «وزن» : يتعديان إلى مفعولين ، أحدهما بحرف جر والآخر بغير حرف جر.

٤ ، ٥ ، ٦ ـ (أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ)

«يوم» : نصب على الظرف ، والعامل فيه فعل دل عليه «مبعوثون» ؛ أي : يبعثون يوم يقوم الناس.

ويجوز أن يكون بدلا من ل «يوم» ، على الموضع.

وهو مبنى عند الكوفيين على الفتح ، وموضعه نصب على ما ذكرناه ؛ ومعرب منصوب عند البصريين.

٧ ـ (كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ)

«سجين» : هو فعل من «السجل» ، والنون بدل من اللام.

وقيل : فعيل : من «السجن».

٨ ـ (وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ)

قد تقدم الكلام فيه وفى نظيره فى «الحاقة» السورة : ٦٩ ، وغيرها.

٩ ـ (كِتابٌ مَرْقُومٌ)

«كتاب» : رفع على أنه خبر «إن» ، والظرف ملغى ، أو يكون : خبرا بعد خبر ، أو : على إضمار «هو».

١٣ ـ (إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ)

«أساطير» : رفع على إضمار : «هذه».

١٧ ـ (ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ)

«هذا الذي» : ابتداء وخبر ، فى موضع المفعول الذي لم يسم فاعله ، عند سيبويه.

وقال المبرد : المصدر مضمر ، يقوم مقام الفاعل ، ولا تقوم الجملة عنده مقام الفاعل.

٥٠٠