الموسوعة القرآنيّة - ج ٤

ابراهيم الأبياري

الموسوعة القرآنيّة - ج ٤

المؤلف:

ابراهيم الأبياري


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة سجل العرب
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٢٨

وأجاز بعض النحويين : كل منطلق ، فبنى «كلا» على الضم ، لحذف ما أضيف إليه ، جعله ك «قبل» ، و «بعد».

١٦ ـ (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ

مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ)

«توسوس به» : الهاء ، تعود على «ما».

١٧ ـ (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ)

مذهب سيبويه : أن «قعيد» ، محذوف من أول الكلام ، لدلالة الثاني عليه.

ومذهب المبرد : أن «قعيد» ، الذي فى التلاوة ، للأول ، ولكن أخر اتساعا ، وحذف «قعيد» من الثاني لدلالة الأول عليه.

ومذهب الأخفش والفراء : أن «قعيد» ، الذي فى التلاوة ، يؤدى عن اثنين وأكثر ، ولا خلاف فى الكلام.

٢١ ـ (وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ)

«معها سائق» : سائق ، ابتداء ، و «معها» : الخبر ، والجملة : فى موضع نصب على الصفة ل «نفس» ، أو ل «كل».

٢٢ ـ (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ

الْيَوْمَ حَدِيدٌ)

«لقد كنت فى غفلة» : هو خطاب للكافر.

وقيل : للكافر والمؤمن.

وقيل : للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

٢٣ ـ (وَقالَ قَرِينُهُ هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ)

«هذا» : مبتدأ ، و «ما لدى عتيد» : خبران.

وقيل : «ما» : الخبر ، و «عتيد» : بدل من «ما» ، أو نعت لها ، أو رفع على إضمار مبتدأ.

ويجوز فى الكلام نصب «عتيد» على الحال.

٤٢١

٢٤ ـ (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ)

«ألقيا فى جهنم» : مخاطبة للقرين ، وإنما ثنى لأنه أراد التكرير ؛ بمعنى : ألق ألق.

وقيل : إنما أتى مثنى ، لأن العرب تخاطب الواحد بلفظ الاثنين.

وقيل : ثنى ، لأن أقل أعوان من له مال وشرف اثنان وأكثر ، فبنى على ذلك.

وقيل : هو خطاب للسائق والحافظ.

٢٦ ـ (الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ)

«الذي» : فى موضع نصب ، على البدل من «كل» ، أو على : «أعنى» ، أو فى موضع رفع على إضمار مبتدأ ، أو بالابتداء ، والخبر : «فألقياه».

٣٣ ـ (مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ)

«من» : فى موضع خفض على البدل من «لكل» الآية : ٣٢ ، أو فى موضع رفع بالابتداء ، والخبر : «ادخلوها» الآية : ٣٤ ، وجواب الشرط محذوف ؛ والتقدير : فيقال لهم : ادخلوها.

٤٤ ـ (يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ)

«سراعا» : حال من الهاء والميم فى «عنهم» ، والعامل فيه : «تشقق» ، وقيل : المعنى : فيخرجون سراعا ، فيكون حالا من المضمر فى «يخرجون» ، و «يخرجون» هو العامل فيه.

ـ ٥١ ـ

سورة الذاريات

١ ، ٢ ، ٣ ، ٤ ـ (وَالذَّارِياتِ ذَرْواً فَالْحامِلاتِ وِقْراً فَالْجارِياتِ يُسْراً

فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً)

«والذاريات ، فالحاملات ، فالجاريات ، فالمقسمات» : كل هذه صفات قامت مقام موصوف ، مسوقة على تقدير القسم بخالقها ومسيرها ، وهو الله لا إله إلا هو ؛ تقديره : ورب الرياح الذاريات ، والسحاب الحاملات ، والسفن الجاريات ، والملائكة المقسمات ؛» ، والجواب : «إنما توعدون لصادق» الآية : ٥

و «يسرا» : نعت لمصدر محذف ؛ تقديره : جريا يسرا.

٤٢٢

١٣ ـ (يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ)

«يوم» : مبنى على الفتح ، لأن إضافته غير محضة ؛ وأضيف إلى غير متمكن موضعه ، نصب ، على معنى : الجزاء يوم هم على النار يفتنون.

وقيل : موضعه رفع على البدل من «يوم الدين».

وقيل : هو منصوب وليس بمبنى ، ونصبه على إضمار ؛ تقديره : الجزاء يوم هم.

١٧ ـ (كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ)

اسم «كان» المضمر الذي فيها ، وهو الواو ، و «يهجعون» : خبر «كان» ، و «قليلا» : نعت لمصدر محذوف ، أو لظرف محذوف ؛ تقديره : كانوا وقتا قليلا يهجعون ، أو هجوعا قليلا يهجعون ، و «ما» : زائدة للتوكيد ، وإن شئت : جعلت «ما» والفعل مصدرا فى موضع رفع على البدل من المضمر فى «كان» ، و «قليلا» خبر «كان» ؛ تقديره : كان هجوعهم من الليل قليلا.

وإن شئت : رفعت المصدر ب «قليل» ، ونصبت «قليلا» على خبر «كان» ، ولا يجوز أن تنصب «قليلا» ب «يهجعون» ، إلا و «ما» زائدة ، لأنك إن نصبته ب «يهجعون» ، و «ما» والفعل مصدر ، كنت قد قدمت الصلة على الموصول.

ويجوز أن يكون «قليلا» خبر «كان» ، واسمها فيها ، و «ما» : نافية ، وهو قول الضحاك ، ويكون الوقف على «قليلا» حسنا ، وهو قول يعقوب وغيره ؛ ولا يوقف على «قليل» فى الأقوال الأولى.

٢٣ ـ (فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ)

من نصب «مثل» بناه على الفتح ، لإضافته إلى غير متمكن ، وهو «أنكم» ، و «ما» : زائدة للتوكيد.

وقيل : هو مبنى على الفتح لكون «مثل» و «ما» اسما واحدا ، فلما جعله شيئا واحدا بنى «مثل» على الفتح ، وهو قول المازني.

وقيل : إن «مثل» : منصوب على الحال من نكرة ، وهو «لحق» ، وهو قول الجرمي.

وقيل : هو حال من المضمر المرفوع فى قوله «لحق» ، و «ما» : زائدة ، و «مثل» : مضاف إلى «أنكم» ، ولم ينصرف لإضافته إلى غير متمكن ، وهى إضافة غير محضة.

٤٢٣

وقال بعض الكوفيين : انتصب «مثل» على حذف الكاف ؛ تقديره : إنه لحق كمثل ما أنكم تنطقون. و «ما» : زائدة ؛ تقديره : كمثل نطقكم.

ولا يجوز ذلك عند البصريين.

فأما من رفع «مثل» فإنه جعله صفة «لحق» ، لأنه نكرة ، إذ إضافته غير محضة ، لأن الأشياء التي تقع لتماثل بها بين المثلين كثيرة ، فلم يعرّف لإضافته إلى «أنكم» ، لذلك لما لم يتعرف حسن وصف «لحق» به ، كما تقول : مررت برجل مثلك. و «أنكم» ، على هذه الأقوال : فى موضع خفض ب «مثل» ، وهى وما بعدها مصدر ، والتقدير : إنه لحق مثل نطقكم.

٢٥ ـ (إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ)

«سلاما» : انتصب على المصدر ، أو لوقوع القول عليه.

«قال سلام» : ابتداء ، والخبر محذوف ؛ تقديره : قال سلام عليكم.

وقيل : هو خبر ابتداء محذوف ؛ تقديره : قال : أمرى سلام.

ومن قرأ «سلم» ، فهو على تقدير : نحن سلم.

وقيل : هو بمعنى سلام ؛ كما يقال : هو حل وحلال ، بمعنى.

٢٩ ـ (فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ)

«عجوز» : خبر ابتداء محذوف ؛ تقديره : أنا عجوز.

٤٦ ـ (وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ)

من خفض «قوم» عطفه على قوله : «وفى عاد إذ أرسلنا» الآية : ٤١.

وقيل : هو معطوف على : «وفى موسى» الآية : ٣٩.

وقيل : على «وفى الأرض» الآية : ٢٠.

ومن نصبه عطفه على الهاء والميم فى قوله «فأخذتهم» الآية : ٤٤.

وقيل : تقديره : وأهلكنا قوم نوح.

وقيل : على معنى : واذكر قوم نوح.

٤٢٤

وقيل : هو معطوف على «فأخذناه» الآية : ٤٠.

وقيل : على «فنبذناهم» الآية : ٤٠.

٥٢ ـ (كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ)

«كذلك» : الكاف ، فى موضع رفع على إضمار مبتدأ ؛ تقديره : الأمر كذلك.

وقيل : هى فى موضع نصب ، على النعت لمصدر محذوف.

٥٨ ـ (إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)

«المتين» : خبر بعد خبر ل «إن».

وقيل : هو نعت ل «الرزاق» ، أو ل «ذو القوة» ، أو على إضمار مبتدأ ، أو نعت لاسم «إن» على الموضع.

ومن خفض جعله نعتا ل «القوة» ، وذكّر ، لأنه تأنيث غير حقيقى.

ـ ٥٢ ـ

سورة الطور

٩ ـ (يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً)

العامل فى «يوم» : «واقع» الآية : ٧ ؛ أي : إن عذاب ربك لواقع يوم تمور السماء ، ولا يعمل فيه «دافع» الآية : ٨ ، لأن المنفي لا يعمل فيما قبل «الهاء» ، فلا تقول : طعامك ما زيد آكل ، رفعت «آكلا» أو نصبته ، أو أدخلت عليه «الهاء» ، فإن رفعت «الطعام» بالابتداء ، وأوقعت «آكلا» على «هاء» ، جاز ، وما بعد «الطعام» : خبره ، ويصح حذف «الهاء».

١١ ـ (فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ)

«ويل» : ابتداء عامل فى «يومئذ» ، و «للمكذبين» : الخبر ، و «الفاء» جواب الجملة المتقدمة ، وحسن ذلك لأن فى الكلام معنى الشرط ، لأن المعنى : إذا كان ما ذكر فويل يومئذ للمكذبين.

١٣ ـ (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا)

«يوم» : بدل من «يومئذ».

٤٢٥

١٤ ـ (هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ)

«هذه النار» : ابتداء ، وخبره : مقول ؛ تقديره : يقال لهم : هذه النار ، ومثله فى إضمار القول قوله : «كلوا واشربوا» الآية : ١٩ ؛ أي : يقال لهم كلوا واشربوا.

١٩ ـ (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)

«هنيئا» : نصب على المصدر.

٢٩ ـ (فَذَكِّرْ فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ)

يجوز فى «مجنون» ، فى الكلام : النصب على العطف على موضع «بكاهن» فى لغة أهل الحجاز.

ويجوز الرفع ، على العطف على موضع «بكاهن» ، فى لغة بنى تميم.

وعلى إضمار مبتدأ ؛ أي : ولا هو مجنون.

٤٤ ـ (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ)

«سحاب» : رفع على إضمار مبتدأ ؛ تقديره : هذا سحاب.

٤٥ ـ (فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ)

«فذرهم» : أصله «فاوذرهم» ، لكن حذفت الواو لأنه بمعنى «فدعهم» ، فحمل على نظيره فى المعنى ، ودل على ما يقوم مقامه ، لأنهم استغنوا عن استعمال «ودع» ، لقولهم : «ترك» ، وكذلك «وذر» ، لم يستعمل كما لم يستعمل «ودع» ، وإنما حذفت الواو من «يدع» ، لأنه بمنزلة «يزن» ، الدال كالزاى فى الحركة ، لكن فتحت الدال فى «يدع» لأجل حرف الحلق بعدها ، وأصلها الكسر ، كالزاى من «يزن» ، فحذفت «الواو» على الأصل لوقوعها بين ياء وكسرة ، وحذفت فى «يذر» لأنها بمعنى : يدع.

٤٦ ـ (يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ)

«انتصب «يوم» على البدل من «يومهم» ، «ويومهم» : منصوب ب «يلاقوا ـ الآية : ٤٥» ، مفعول به ، وليس نصبه على الظرف.

٤٩ ـ (وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبارَ النُّجُومِ)

«إدبار» : ظرف زمان ؛ تقديره : وسبحه وقت إدبار النجوم ، ومثله : (وَأَدْبارَ السُّجُودِ) ٥٠ : ٤٠ ، على قراءة

٤٢٦

من كسر الهمزة ، فأما من فتحها فى «سورة : ق ـ الآية : ٤٠» فإنه جعله جمع «دبر» ، وهو ظرف متسع فيه ، حكى عن العرب : جئتك دبر الصلاة. وكل هذا إنما هو على حذف «وقت» ، كما تقول : جئتك مقدم الحاج ، وخفوق النجم ؛ أي : وقت ذلك.

ـ ٥٣ ـ

سورة النجم

٧ ـ (وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى)

ابتداء وخبر ، فى موضع الحال من المضمر فى «استوى» الآية : ٦ ، أي : استوى عاليا ، يعنى جبريل عليه‌السلام ، فالضميران لجبريل.

وقال الفراء : هو عطف على المضمر فى «استوى» ، جعل فى «استوى» ضمير محمد عليه‌السلام ، و «هو» : ضمير جبريل عليه‌السلام ، عطف على المضمر المرفوع من غير أن يؤكده ، وهو قبيح عند البصريين ، وكان القياس عندهم لو حملت الآية على هذا المعنى أن يقول : فاستوى هو وهو بالأفق ، و «استوى» : يقع للواحد ، وأكثر ما يقع من اثنين ، ولذلك جعل الفراء الضميرين لاثنين.

٩ ـ (فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى)

«أو أدنى» : أو ، على بابها ، والمعنى : فكان لو رآه الرائي منكم قال : هو قدر قوسين أو أدنى فى القرب.

١١ ـ (ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى)

من خفف «كذب» جعل «ما» فى موضع نصب على حذف الخافض ، أي : فيما رأى. و «ما» : بمعنى «الذي» ، و «رأى» : واقعة على «هاء» محذوفة ؛ أي : رآه ، و «رأى» من رؤية العين.

ويجوز أن يكون «ما» والفعل : مصدرا ، فلا يحتاج إلى إضمار «هاء».

ومن شدد «كذب» ، جعل «ما» مفعولا به ، على أحد الوجهين ، ولا تقدير حذف حرف جر فيه ، لأن الفعل إذا شدد تعدى بغير حرف.

١٣ ـ (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى)

«نزلة» : مصدر فى موضع الحال ، كأنه قال : ولقد رآه نازلا نزلة أخرى ، وهو عند الفراء نصب ، لأنه فى موضع الظرف ، إذ معناه : مرة أخرى ، و «الهاء» فى «رآه» تعود على جبريل.

٤٢٧

٢٦ ـ (وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً)

«كم» : خبرية ، وموضعها رفع بالابتداء ، و «لا تغنى» : الخبر.

٢٨ ـ (وَما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ)

«به» : الهاء ، تعود على الأسماء ، لأن التسمية والأسماء بمعنى.

٣٠ ـ (ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى)

«أعلم» ، بمعنى : عالم ، ومثله (وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى) ١٦ : ٢٥ ، وفيه نظر ، لأن «أفعل» إنما يكون بمعنى فاعل إذا كان للمخبر عن نفسه.

ويجوز أن تكون على بابها للتفضيل فى العلم ؛ أي : هو أعلم من كل أحد بهذين الصنفين ، وبغيرهما ، ومثل ذلك (هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى) ٥٣ : ٣٢

٣١ ـ (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا

وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى)

«ليجزى» : اللام ، متعلقة بالمعنى ، لأن معنى (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) ١٦ : ٤٩ ، هو : مالك للجميع يهدى من يشاء ويضل من يشاء ويضل ليجزى الذين.

وقيل : اللام ، متعلقة بقوله «لا تغنى شفاعتهم» الآية : ٢٦.

٣٢ ـ (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ)

«الذين» : فى موضع نصب على البدل من «الذين» فى قوله ، ويجزى الذين أحسنوا» الآية : ٣١.

«إلا اللمم» : استثناء من الأول ، وهو صغائر الذنوب ، من قولهم : ألممت بالشيء ؛ إذا قللت نيله ، وهو أحسن الأقوال فيه.

٣٨ ـ (أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى)

«أن» : فى موضع خفض على البدل من «ما» فى قوله «أم لم ينبأ بما فى صحف موسى» الآية : ٣٦ ، أو فى موضع رفع على إضمار مبتدأ ؛ أي : ذلك أن لا تزر ، و «الهاء» : محذوفة مع ، «أن» ؛ أي : أنه لا تزر.

٣٩ ، ٤٠ ـ (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى)

«أن» ، فى الموضعين : عطف على ، «أن لا تزر».

٤٢٨

«وأجاز الزجاج «سوف يرى» ، بفتح الياء ، على إضمار الهاء ؛ أي : سوف يراه. ولم يجزه الكوفيون ، لأنه يصير «سعيه» قد عمل فيه «أن» و «يرى» ، وهو جائز عند المبرد وغيره ، لأن دخول «أن» على «سعيه» وعملها فيه ، بدل من «الهاء» المحذوفة من «يرى» ، وعلى هذا أجاز البصريون : إن زيدا ضربت ، بغير «هاء».

«ثم يجزاه» : الهاء ، تعود على السعى ؛ أي : يجزى به ؛ و «الجزاء» : نصب على المصدر.

٤٢ ، ٤٣ ، ٤٤ ، ٤٥ ـ (وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا

وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى)

«أن» ، فى جميع ذلك : عطف على «أن لا تزر» ، على أحد وجهيها ، وكذلك «أن» ، فيما بعد ذلك.

٥٠ ـ (وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى)

أدغم نافع وأبو عمرو التنوين فى اللام من «الأولى» بعد أن ألقيا حركة الهمزة المضمومة من «الأولى» على لام التعريف ؛ وقد منع المبرد وغيره ذلك ، لأنهما أدغما ساكنين فيما أصله السكون وحركته عارضة ، والعارض لا يعتد به.

ووجه قراءتهما بالإدغام ، هو ما حكى المازني وغيره ، فمن أدغم التنوين من «عاد» فى اللام من «الأولى» اعتد بالحركة على اللام ، وعلى ذلك قالوا : سل زيدا ، إنما هو : اسأل ، فلما ألقى حركة «الهمزة» على «السين» اعتد بها ، فحذف ألف الوصل ، وعلى ذلك قالوا : رد ، وعض ، ومد ، أصله : افعل ، ثم ألقيت حركة العين على الفاء. واعتدوا بها ، فحذفوا ألف الوصل لاعتدادهم بحركة الفاء ، وإن كانت عارضة.

٥٣ ـ (وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى)

«والمؤتفكة» : نصب ب «أهوى».

ـ ٥٤ ـ

سورة القمر

٤ ـ (وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ)

«مزدجر» : الدال ، بدل من تاء ، وهو «مفتعل» من «الزجر» ، وإنما أبدلت الدال من التاء ، لأن التاء مهموسة والزاى مهجورة ، ومخرجهما قريب من الآخر ، فأبدلوا من التاء حرفا هو من موافق الزاى فى الجهر ، وهو الدال.

٤٢٩

٥ ـ (حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ)

«حكمة» : رفع على البدل من «ما» فى قوله «ما فيه مزدجر» الآية : ٤ ، أو على إضمار مبتدأ ؛ أي : هى حكمة.

«فما تغن النذر» : ما ، استفهام ، ويجوز أن تكون فى موضع نصب ب «تغنى» ، ويجوز أن تكون نافية على حذف مفعول «تغنى» ، وحذفت «الياء» من «تغن» ، والواو من «يدع» الآية : ٦ ، وشبه ذلك من خط الصحف ، لأنه كتب على لفظ الإدراج والوصل ، ولم يكتب على حكم الأصل والوقف ، وقد غلط بعض النحويين فقال : إنما حذفت «الياء» من «فما تغن النذر» ، لأن «ما» بمنزلة «لم» ، فجزمت كما تجزم لم ، وهذا خطأ ؛ لأن «لم» انما تنفى الماضي وترد المستقبل ماضيا ، و «ما» تنفى الحال ، فلا يجوز أن يقع أحدهما موقع الآخر لاختلاف معنييهما.

٦ ـ (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ)

«يوم» : نصب على إضمار فعل ؛ أي : اذكر يوم يدع ، ولا يعمل فيه «قول» ، لأن «التولي» فى الدنيا ، و «يوم يدع الداعي» فى الآخرة ، ولذلك يحسن الوقف على «عنهم» ، ويبتدأ ب «يوم يدع الداعي».

ويجوز أن يكون العامل فى «يوم» : «خشعا» الآية : ، أو : «يخرجون» الآية : ٧

٧ ـ (خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ)

«خشعا» : نصب على الحال من الهاء والميم فى «عنهم» ، لذا يصح الوقف على «عنهم».

وإن جعلته حالا من الضمير فى «يخرجون» ، حسن الوقف على «عنهم».

وكذلك موضع «يخرجون» : حالا من الضمير المخفوض فى «أبصارهم».

وكذلك موضع : «كأنهم جراد» ، وكذلك : «مهطعين» الآية : ٨ ، كلها نصب على الحال.

١٢ ـ (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ)

«الماء» : اسم للجنس ، فلذلك لم يقل «الماءان» بعدد ذكره ، لخروج الماء من موضعين : من السماء ومن الأرض.

وأصل «ماء» : موه ، فأبدلوا من الواو ألفا ، لتحركها وانفتاح ما قبلها ، فصارت «ماه» ، و «الألف»

٤٣٠

خفية ، و «الهاء» خفية ، فاجتمع خفيان : عين ولام ، فأبدلوا من «الهاء» حرفا قويا جلدا ، وهو الهمزة ، ودل على هذا التقدير : قولهم فى الجمع : أمواه ، ومياه ، وفى الصغير : مويه ، فرد إلى أصله.

١٥ ـ (وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)

«الهاء» : للعقوبة ؛ وقيل : للسفينة.

«مدكر» ، أصله : مدتكر ، فهو «مفتعل» من «الذكر» ، لكن الدال حرف مهجور قوى ، والتاء مهموسة ضعيفة ، فأبدلوا من «التاء» حرفا من مخرجها مما يوافق الدال فى الجهر ، وهو الذال ، ثم أدغمت الدال فى الذال ، ويجوز : مذكر ، بالذال ، على إدغام الثاني فى الأول ، وبذلك قرأ قتادة.

١٦ ـ (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ)

«كيف» : خبر «كان» ، و «عذابى : اسمها.

ويجوز أن يكون «كيف» : فى موضع الحال ، ف «كان» بمعنى : وقع وحدث ؛ و «عذابى» : رفع ب «كان» ، ولا خبر لها.

١٩ ـ (إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ)

«صرصرا» ، أصله : صررا ، من : صر الشيء ، إذا صوت ؛ لكن أبدلوا من الراء الثانية صادا.

٢٠ ـ (تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ)

«تنزع» : فى موضع نصب ، على النعت ل «ريح» ، و «كأنهم» : فى موضع نصب ، على الحال من «الناس» ؛ تقديره : إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا قارعة للناس مشبهين أعجاز نخل ، وهى حال مقدرة ؛ أي : يكونون كذلك.

وقيل : الكاف ، فى موضع نصب بفعل مضمر ؛ تقديره : فيترككم كأعجاز نخل ؛ أي : مثل أعجاز نخل.

«منقعر» ، لأن النخل يذكر ويؤنث ، فلذلك قال : منقعر ، وقال فى موضع آخر : (أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ) : ٦٩ : ٧

٢١ ـ (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ)

«نذر» ، قيل : هو مصدر ، بمعنى : إنذارى وقيل : هو جمع : نذير

٤٣١

٢٤ ـ (فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ)

«أبشرا منا» : نصب بإضمار فعل ؛ تقديره : أنتبع بشرا منا واحدا ، ودل على الحذف قوله «نتبعه».

و «منا» و «واحدا» : صفتان ل «بشرا».

«وسعر» ، قيل : هو مصدر : سعر ، إذا طاش ؛ وقيل : هو جمع «سعير».

٢٦ ـ (سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ)

«من الكذاب» : ابتداء وخبر ؛ والجملة : فى موضع نصب ب «سيعلمون».

٢٧ ـ (إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ)

«واصطبر» ، هو : افتعل ، من «الصبر» ، وأصله : واصتبر ، فأبدلوا من التاء حرفا يؤاخى «الصاد» فى الإطباق عملا واحدا ، ومثله : مصطبر ، وهو مفتعل ، من : الصبر ؛ دليله أنك إذا صغرت أو جمعت حذفت الطاء ، إذ هى بدل من تاء ، تقول : مصيبر ، ومصابر ، كما تفعل ب «مكتسب».

٣٤ ـ (إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ)

«إلا آل لوط» : نصب على الاستثناء ، وأصله : «أهل» ، ثم أبدلوا من «الهاء» همزة ، لخفائها ، فصار : أأل ، فأبدلوا من الهمزة الساكنة ألفا ، كما فعلوا فى : آتى ، وآمن. ويدل على ذلك قولهم فى التصغير : أهيل.

«بسحر» : انصرف لأنه نكرة ، ولو كان معرفة لم ينصرف ، لأنه إذا كان معرفة فهو معدول عن الألف واللام ، إذ تعرف بغيرهما ، وحق هذا الصنف أن يعرف بهما ، فلما لم يتعرف بهما صار معد ولا عنهما ، فثقل مع ثقل التعريف ، فلم ينصرف ؛ فإن نكر انصرف ، ومثله : بكرة ، إلا أن «بكرة» لم ينصرف للتأنيث والتعريف ، ومثله : غدوة ، فإن كان نكرة انصرف ك «سحر».

٣٥ ـ (نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ)

«نعمة» : مفعول من أجله ، ويجوز فى الكلام الرفع ، على تقدير : تلك نعمة.

«كذلك نجزى» : الكاف ، فى موضع نصب ، نعت لمصدر محذوف ؛ تقديره : نجزى من شكر جزاء كذلك.

٣٧ ـ (وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ)

لا تكاد العرب تثنى «ضيفا» ولا تجمعه ، لأنه مصدر ؛ وتقدير الآية : عن ذوى ضيفه ، وقد ثناه بعضهم وجمعه.

٤٣٢

٤٩ ـ (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ)

الاختيار ، على أصول البصريين : رفع «كل» ، والاختيار ، عند الكوفيين : النصب فيه ؛ لأنه قد تقدم فى الآية شىء عمل فيما بعده ، وهو «إن» ، فالاختيار عندهم النصب فيه.

وقد أجمع القراء على النصب فى «كل» ، على الاختيار ، فيه عند الكوفيين ، وليدل ذلك على عموم الأشياء المخلوقات أنها لله ، بخلاف ما قاله أهل الزيغ أن ثم مخلوقات لغير الله ، تعالى عن ذلك ، وإنما دل النصب فى «كل» على العموم ؛ لأن التقدير : إنا خلقنا كل شىء خلقناه بقدر ، ف «خلقناه» : تأكيد وتفسير ل «خلقنا» المضمر الناصب ل «كل» ، فإذا حذفته وأظهرت الأول ؛ صار تقديره : أنا خلقنا كل شىء بقدر ، فهذا لفظ عام يعم جميع المخلوقات ، ولا يجوز أن يكون «خلقناه» صفة ل «شىء» ، لأن الصفة والصلة لا يعملان فيما قبل الموصوف ولا فى الموصول.

ولا يكونان تفسيرا لما يعمل فيما قبلهما ، فإذا لم يكن «خلقناه» صفة ل «شىء» ، لم يتبق إلا أنه تأكيد وتفسير للمضمر الناصب ل «كل» ، وذلك يدل على العموم أيضا ، وأن النصب هو الاختيار عند الكوفيين ، لأن «إنا» عندهم تطلب لفعل ، فهى به أولى ، فالنصب عندهم فى «كل» هو الاختيار ، فإذا انضاف إليه معنى العموم والخروج من الشبه كان النصب أقوى كثيرا من الرفع.

ـ ٥٥ ـ

سورة الرحمن

٥ ـ (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ)

«الشمس» : ابتداء ، والخبر محذوف ؛ تقديره : والشمس والقمر يجريان بحسبان ؛ أي : بحساب.

وقيل : «بحسبان» ، هو الخبر.

٨ ـ (أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ)

«أن» : فى موضع نصب ، على حذف الخافض ؛ تقديره : لئلا تطغوا ، ف «تطغوا» : فى موضع نصب ب «أن».

وقيل : أن ، بمعنى : أي ، لا موضع لها من الإعراب ، فيكون «تطغوا» ، على هذا : مجزوما ب «لا».

(م ٢٨ ـ الموسوعة القرآنية ج ٤)

٤٣٣

١٢ ـ (وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ)

«والحب» : قرأ ابن عامر بالنصب ، عطفه على «الأرض» الآية : ١٠ ، لأن قوله «والأرض وضعها» معناه : خلقها ، فتعطف «والحب» على ذلك ؛ أي : وخلق الحب والريحان.

ومن رفع عطفه على «فاكهة» الآية : ١١ ، و «فاكهة» : ابتداء ، و «فيها» : الخبر.

ومن خفض «الريحان» عطفه على «العصف» وجعل «الريحان» بمعنى : الرزق.

وأصل «ريحان» : ريوحان ، ثم أبدلوا من الواو ياء ، وأدغمت الياء فى الياء ، كميت وهين ، ثم خففت الياء ، كما تقول فى «ميّت» : ميت ؛ وهيّن : هين ، ولزم التخفيف فى «ريحان» لطوله وللحاق الزيادة فى آخره ، وهما الألف والنون ؛ فوزنه «فيعلان» ، ولو كان «فعلان» لقلت : روحان ، لأنه من : الروح ، ولم يكن أبدل «الواو» : ياء ، إذ لا علة توجب ذلك ، فلما أجمع على لفظ «الياء» فيه علم أن له أصلا خفف منه ، وهو ما ذكرنا.

١٧ ـ (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ)

رفع على إضمار مبتدأ ؛ تقديره : هو رب المشرقين.

وقيل : هو بدل من الضمير فى «خلق» الآية : ١٤ ، ويجوز فى الكلام الخفض على البدل من «ربكما» الآية : ١٦

٢٢ ـ (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ)

أي : من أحدهما ، ثم حذف المضاف ، وهو «أحد» ، واتصل الضمير ب «من» ، كما قال : (عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) ٤٣ : ٣١ ؛ أي : من إحدى القريتين ، ثم حذف المضاف ، وحذف المضاف جائز كثير سائغ فى كلام العرب ؛ كقوله : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) ١٢ : ٨٢ ، وكقوله : (الَّتِي أَخْرَجَتْكَ) ٤٧ : ١٣

٢٤ ـ (وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ)

«كالأعلام» : الكاف ، فى موضع نصب ، على الحال من المضمر فى «المنشآت».

٣٥ ـ (يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ)

من : رفع «النحاس» عطفه على «شواظ» ، وهو أصح فى المعنى ، لأن «الشواظ» : اللهب الذي لا دخان فيه ؛ والنحاس : الدخان ، وكلاهما يتكون من النار.

فأما من قرأ : «ونحاس» ، بالخفض ، فإنه عطفه على «نار» ، وفيه بعد ، لأنه يصير المعنى أن اللهب من

٤٣٤

الدخان يتكون ، وليس كذلك ، إنما يتكون من النار ؛ وقد روى عن أبى عمرو أنه قال : لا يكون الشواظ إلا من نار وشىء آخر معه ، يعنى من شيئين ، من نار ودخان وحكى مثله عن الأخفش ، فعلى هذا يصح خفض «النحاس».

وقد قيل : إن التقدير : يرسل عليكما شواظ من نار وشىء من نحاس ، ثم حذف «شيئا» وأقام «من نار» مقامه ، وهو صفته ، وحذف حرف الجر لتقدم نكرة ، فيكون المعنى كقراءة من رفع «نحاسا».

٤١ ـ (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ)

ليس فى «يؤخذ» ضمير ، و «بالنواصي» : يقوم مقام الفاعل ؛ وتقديره : فيؤخذ بنواصيهم.

وقيل : التقدير : فيؤخذ بالنواصي منهم.

ولا يجوز أن يكون فى «يؤخذ» ضمير يعود على «المجرمين» ، لأنه يلزم أن يقول : «فيؤخذون» ويلزم أن يتعدى «أخذ» إلى مفعولين ، أحدهما بالباء ، ولا يجوز ذلك ، إنما يقال : أخذت الناصية ، وأخذت بالناصية ؛ ولو قلت : أخذت الدابة بالناصية ، لم يجز ؛ وحكى عن العرب : أخذت الخطام ، وأخذت بالخطام ، بمعنى.

وقد قيل : إن معناه : فيؤخذ كل واحد بالنواصي ، وليس بصواب ، لأن «أخذ» لا يتعدى إلى مفعولين أحدهما بالباء ، كما سبق.

وقد يجوز أن يتعدى إلى مفعولين أحدهما بحرف جر غير «الباء» ، نحو : أخذت ثوبا من زيد ، فهذا المعنى غير الأول ، فلا يحسن مع «الباء» مفعول آخر ، إلا أن تجعلها بمعنى «من أجل» ، فيجوز أن تقول : أخذت زيدا بعمرو أي : من أجله وبذنبه.

٤٨ ـ (ذَواتا أَفْنانٍ)

«ذواتا» : تثنية «ذات» ، على الأصل ، لأن أصل «ذات» : ذوات ، لكن حذفت «الواو» تخفيفا ، للفرق بين الواحد والجمع ، وأفنان : جمع «فنن» ، على قول من جعل «أفنانا» ، بمعنى : أغصان ؛ ومن جعل «أفنانا» ، بمعنى : أجناس وأنواع ، كان الواحد «فنا» ، وكان حقه أن يجمع على : فنون.

٥٤ ـ (مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ)

«متكئين على فرش» : حال ، والعامل فيه مضمر ؛ تقديره : ينعمون متكئين ، ودل على ذلك أن الآيات فى صفة النعيم.

٤٣٥

وقيل : هو حال من «من» ، فى قوله : «ولمن خاف» الآية : ٤٥.

و «جنى الجنتين دان» : ابتداء وخبر ، و «دان» : كقاض وعار ، معتل اللام.

٥٨ ـ (كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ)

«كأنهن» : فى موضع الحال من «قاصرات الطرف» الآية : ٥٦ ، كأنه قال : فيهن قاصرات الطرف مشبهات الياقوت.

وذكر النحاس أن «الكاف» فى موضع رفع على الابتداء ، وهو بعيد لا وجه له.

٧٠ ـ (فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ)

أصل «خيرات» : على «فيعلات» ، لكن خفف ، كميت وهين ؛ «خيرات» : ابتداء ، و «فيهن» : الخبر.

٧٦ ـ (مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ)

«رفرف» : اسم للجميع ، فلذلك نعت ب «خضر» ، وهو جمع «أخضر» ، فهو كقوله : رهط كرام ، وقوم لئام.

وقيل : هو جمع ، واحده : رفرفة ، و «عبقرى» ، قيل : واحده : عبقرية ؛ وقيل : «عبقرى» : واحد ، يدل على الجمع ، منسوب إلى «عبقر» ، وهو موضع.

ـ ٥٦ ـ

سورة الواقعة

١ ـ (إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ)

«إذا» : ظرف زمان ، والعامل فيها «وقعت» ، لأنها قد يجازى بها ، فعمل فيها الفعل الذي بعدها ، كما يعمل فى «ما» ، و «من» اللتين للشرط ، فى قولك : ما تفعل أفعل ، ومن تكرم أكرم ، ف «من» ، و «ما» : فى موضع نصب بالفعل الذي بعدهما بلا اختلاف ، فإن دخلت ألف الاستفهام على «إذا» خرجت من حد الشرط ، فلا يعمل فيها الفعل الذي بعدها ، لأنها مضافة إلى ما بعدها ، نحو «أءذا متنا» و «أءذا كنا» ، وشبهه.

وقد أجاز النحويون عمل «متنا» فى «إذا» ، وهو بعيد.

٤٣٦

وإنما لم يجاز ب «إذا» فى كل الكلام ، وتعمل كغيرها ، لأنها مخالفة لحروف الشرط ، لما فيها من التحديد والتوقيت فى جواز وقوع ما بعدها ، وكونه بغير احتمال ، وحروف الشرط غيرها ، إنما هى لشىء يمكن أن يقع وأن لا يقع ؛ وقد يقع «إذا» لشىء لا بد له أن يقع ، نحو : (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) ٨٤ : ١ ، و (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) ٨١ : ١.

٣ ـ (خافِضَةٌ رافِعَةٌ)

رفع على إضمار مبتدأ ؛ أي : هى خافضة.

ومن قرأ بالنصب فعلى الحال من «الواقعة» الآية : ١ ، وفيه بعد ، لأن الحال فى أكثر أحوالها أن تكون ويمكن أن لا تكون ، والقيامة لا شك أنها ترفع قوما إلى الجنة وتخفض آخرين إلى النار ، فلا بد من ذلك ، فلا فائدة فى الحال.

وقد أجاز الفراء نصبها على إضمار : وقعت خافضة رافعة.

٤ ـ (إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا)

العامل فى «إذا» ، عند الزجاج : «وقعت» الآية : ١ ، وهذا بعيد ، إذا أعملت «وقعت» فى «إذا» الأولى ، فإن أضمرت ل «إذا» الأولى عاملا آخر يحسن عمل «وقعت» فى «إذا» الثانية ، إلا أن تجعل «إذا» الثانية بدلا من الأولى ، فيجوز عمل «وقعت» فيهما جميعا.

٨ ـ (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ)

«أصحاب» ، الأولى : مبتدا ، و «ما» : ابتداء ثان ، وهى استفهام ، معناه : التعجب فى التعظيم ، و «أصحاب الميمنة» : خبر «ما» ، وخبر «أصحاب» الأولى ، وجاز ذلك ، وليس فى الجملة ما يعود على المبتدأ ، لأن المعنى : ما هم؟ ف «هم» : يعود على المبتدأ الأول ، فهو كلام محمول على معناه لا على لفظه ، ومثله (الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ) ٦٩ : ١ ، ٢ ، و (الْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ) ١٠١ : ١ ، ٢ ، وإنما ظهر الاسم الثاني ، وحقه أن يكون مضمرا ، لتقدم إظهاره ليكون أجل فى التعظيم والتعجب وأبلغ ، ومثله أيضا : «فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة».

١٠ ، ١١ ـ (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ)

«السابقون» ، الأول ، ابتداء ؛ والثاني : نعته.

«وأولئك المقربون» : ابتداء وخبر ؛ فى موضع خبر الأول.

٤٣٧

وقيل : «السابقون» الأول : ابتداء ؛ والثاني : خبره ، و «أولئك» : خبر ثان ، أو بدل على معنى : السابقون إلى طاعة الله هم السابقون إلى رحمة الله.

١٣ ، ١٤ ، ١٥ ـ (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ)

«ثلة» : خبر ابتداء ؛ أي : هم ثلة.

وقيل. عطف عليه ، و «على سرر» : خبر ثان.

١٦ ـ (مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ)

«متكئين» و «متقابلين» : حالان من المضمر فى «سرر» ، ولو كان «على سرر» ملغى غير خبر ، لم يكن فيه ضمير.

٢٢ ـ (وَحُورٌ عِينٌ)

من رفعه حمله على المعنى ، لأن معنى الكلام : فيها أكواب وأباريق ، فعطف «وحور عين» على المعنى ولم يعطفه على اللفظ ، ومن خفضه عطفه على ما قبله ، وحمله أيضا على المعنى ، لأن المعنى : تنعمون بفاكهة ولحم وبحور عين.

ويجوز النصب ، على أن يحمل أيضا على المعنى ، لأن المعنى : مطوف عليهم بكذا وكذا ، ويعطون كذا وكذا ، ثم عطف «وحورا» على معناه.

«عين» : هو جمع : عيناء ، وأصله «عين» على فعل ، كما تقول : حمراء وحمر : وكسرت العين لئلا تنقلب الياء واوا ، فتشبه ذوات الواو ، وليس فى كلام العرب ياء ساكنة قبلها ضمة ، ولا واو ساكنة قبلها كسرة.

ومن العرب من يقول : حير عين ، على الإتباع.

٢٤ ـ (جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ)

«جزاء» : مصدر ؛ وقيل : مفعول من أجله.

٢٦ ـ (إِلَّا قِيلاً سَلاماً سَلاماً)

«سلاما» : نصب بالقول ؛ وقيل : هو نصب على المصدر ؛ وقيل : هو نعت ل «قيل». ويجوز فى الكلام الرفع على معنى : سلام عليكم ، ابتداء وخبر.

٤٣٨

٣٥ ـ (إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً)

«أنشأناهن» ، الضمير ، يعود على «الحور» المتقدمى الذكر.

وقال الأخفش : هو ضمير لم يجر له ذكر ، إلا أنه عرف معناه.

٣٧ ـ (عُرُباً أَتْراباً)

«عربا» : هو جمع «عروبة» ، ومن أسكن العين فعلى التخفيف ، كعضد وعضد. و «الأتراب» : جمع : ترب.

٤٧ ـ (وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ)

من كسر الميم فى «متنا» جعله فعل يفعل ، كخاف يخاف ، والمستقبل عنده : يمات.

وقيل : هو شاذ فى المعتل ، أتى على : فعل يفعل ، بضم العين فى المستقبل ، كما أتى فى السالم : فضل يفضل ، على فعل يفعل ، وهو شاذ أيضا.

٥٥ ـ (فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ)

«شرب» ، من فتح الشين جعله مصدر «شرب» ، ومن ضمها جعله اسما للمصدر ، ونصبه على المصدر ؛ أي : شربا مثل شرب الهيم ، ثم حذف الموصوف والمضاف.

و «الهيم» : جمع «هيماء» ، وكسرت الهاء لئلا تنقلب الياء واوا ، فهو مثل «عين».

وقيل : هو جمع «هائم».

٦٥ ـ (لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ)

«ظلتم» : أصلها : ظللتم ، ثم حذفت اللام الأولى.

وقد قرئ بكسر الظاء ، على أن حركة اللام الأولى الكسر.

٧٩ ـ (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ)

هذه الضمة فى «يمسه» يجوز أن تكون إعرابا ، و «لا» نفى ؛ أي : ليس يمسه إلا المطهرون ؛ يعنى : الملائكة ، فهو خبر ، وليس نهيا ، وهو قول ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، وغيرهم.

٤٣٩

وقيل : «لا» : للنهى ، والضمة فى «يمسه» بناء ، والفعل مجزوم ، فيكون ذلك أمرا من الله أن لا يمس القرآن إلا طاهر ، وهو مذهب مالك وغيره.

فيكون معنى التطهير ، على القول الأول : من الذنوب والخطايا ، وعلى القول الثاني : التطهير بالماء.

٨٨ ، ٨٩ ـ (فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ)

جواب «أما» و «إن» : فى الفاء ، فى قوله «فروح» ؛ أي : فله روح ، ابتداء وخبر.

وقيل : «الفاء» : جواب «أما» ، و «إن» : جوابها فيما قبلها ، لأنها لم تعمل فى اللفظ.

وقال المبرد : جواب «إن» : محذوف ، ولا يلى «أما» الأسماء أو الجمل ، وفيها معنى الشرط ، وكان حقها ألا يليها إلا الفعل ، للشرط الذي فيها ، لكنها نائبة عن فعل ، لأن معناها : مهما يكن من شىء فالأمر كذلك ؛ فلما تابت بنفسها عن فعل ، والفعل لا يليه فعل ، امتنع أن يليها الفعل ووليها الاسم أو الجمل ، وتقدير الاسم أن يكون بعد جوابها ، فإذا أردت أن تعرف إعراب الاسم الذي بعدها فاجعل موضعها «مهما» ، وقدر الاسم بعد «الفاء» ، وأدخل «الفاء» على الفعل.

ومعنى «أما» ، عند أبى إسحاق : أنها خروج من شىء إلى شىء ؛ أي : دع ما كنا فيه وخذ فى غيره.

٩١ ـ (فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ)

ابتداء ، وخبر.

٩٣ ـ (فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ)

«فنزل» ؛ أي : فيها نزل ، و «من حميم» : نعت ل «نزل» ، أو هو ابتداء وخبر.

٩٥ ـ (إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ)

«حق اليقين» : نعت قام مقام منعوت ؛ تقديره : من الخبر اليقين.

٤٤٠