الموسوعة القرآنيّة - ج ٤

ابراهيم الأبياري

الموسوعة القرآنيّة - ج ٤

المؤلف:

ابراهيم الأبياري


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة سجل العرب
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٢٨

وقيل : «قوله» : مبتدأ ، و «الحق» : خبره.

«يوم ينفخ فى الصور» : يوم ، بدل من «ويوم يقول».

وقيل : الناصب له «الملك» ؛ أي : له الملك فى يوم ينفخ فى الصور.

«عالم الغيب» : نعت ل «الذي» ، أو رفع على إضمار مبتدأ ؛ أي : هو عالم الغيب ، ويجوز رفعه حملا على المعنى ، أي : ينفخ فيه عالم الغيب ، كأنه لما قال «يوم ينفخ فى الصور» ، قيل : من ينفخ فيه؟ قيل : ينفخ فيه عالم الغيب.

وقرأ الحسن ، والأعمش «عالم» ، بالخفض ، على البدل من الهاء فى «له».

٧٤ ـ (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ

فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)

من نصب «آزر» جعله فى موضع خفض بدلا من الأب ، كأنه اسم له.

وقد قرأ يعقوب وغيره بالرفع على النداء ، كأنه قال : آزر ، نعتا له ؛ تقديره : يا معوج الدين تتخذ أصناما آلهة؟

٧٥ ـ (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ

مِنَ الْمُوقِنِينَ)

«وليكون» : اللام ، متعلقة بفعل محذوف ، تقديره : وليكون من الموقنين أريناه الملكوت.

٨٠ ـ (وَحاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ أَتُحاجُّونِّي فِي اللهِ وَقَدْ هَدانِ وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ

بِهِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ)

«أتحاجّونى» : من خفف النون فإنما حذف الثانية التي دخلت مع الياء ، التي هى ضمير المتكلم ، لاجتماع المثلين مع كثرة الاستعمال ، وترك النون ، التي هى علامة الرفع ، فيه فتح ؛ لأنه قد كسرها لمجاورتها الياء ؛ وحقها الفتح ، فوقع فى الكلمة حذف وتغيير.

ومن شدد أدغم النون الأولى فى الثانية ، وله نظائر.

ومن زعم أن الأولى هى المحذوفة ، فإنما استدل على ذلك بكسرة النون الباقية ، وذلك لا يجوز ، لأن النون الأولى علامة الرفع من الأفعال لغير جازم ولا ناصب.

وقيل : إن الثانية هى المحذوفة دون الأولى ، لأن الاستقبال إنما يقع بالثاني ، ويدل عليه أيضا قولهم فى

١٤١

«ليتنى» : ليتى ، فيحذفون النون التي هى مع الياء.

«علما» : نصب على التفسير.

٨٢ ـ (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)

«الذين» : مبتدأ ، و «أولئك» : بدل من «الذين» ، ابتداء ثان ، و «الأمن» : ابتداء ثالث ، أوثان ، و «لهم» : خبر «الأمن» ، و «الأمن» وخبره خبر : «أولئك» ، و «أولئك» وخبره : خبر «الذين». «وهم مهتدون» : ابتداء وخبر.

٨٣ ـ (وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ)

من نون «درجات» أوقع «نرفع» على «من» ، ونصب «درجات» على الظرف ، أو على حذف حرف الجر ؛ تقديره : إلى درجات ، كما قال (وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ) ٢ : ٢٥٣

ومن لم ينون نصب «درجات» ب «نرفع» على المفعول به ، وأضافها إلى «من».

٨٤ ـ (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ

وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ)

«كلّا هدينا» : نصب «كلا» ب «هدينا» ، وكذلك : «ونوحا هدينا» ؛ و «داود» ، وما بعده عطف على «نوح».

والهاء فى «ذريته» تعود على «نوح» ، ولا يجوز أن تعود على «إبراهيم» ، لأن بعده : «ولوطا» ، وإنما كان فى زمن إبراهيم ، فليس هو من ذرية إبراهيم. وقد قيل : أنه كان ابن أخى إبراهيم ؛ وقيل : ابن أخته.

٨٦ ـ (وَإِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكلًّا فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ)

«اليسع» : هو اسم أعجمى معرفة ، والألف واللام فيه زائدتان. وقيل : هو فعل مستقبل سمى به ونكر ، فدخله حرفا التعريف.

ومن قرأه بلامين جعله أيضا اسما أعجميا على «فيعل» ، ونكره فدخله حرفا التعريف ؛ وأصله : ليسع ؛ والأصل فى القراءة الأخرى : «يسع».

١٤٢

فأصله على قول من جعله فعلا مستقبلا سمى به : يوسع ، حذفت الواو كما حذفت فى «يعد» ، ولم تعمل الفتحة فى السين لأنها فتحة مجتلبة أوجبتها العين ، وأصلها الكسر ، فوقع الحذف على الأصل.

٨٩ ـ (أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً

لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ)

«ليسوا بها بكافرين» : الباء الأولى متعلقة ب «كافرين» ، والثانية دخلت لتأكيد النفي ، وهو خبر «ليس».

٩٠ ـ (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ

إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ)

«فبهداهم اقتده» : الهاء ، دخلت لبيان حركة الدال ، وهى هاء السكت.

فأما من كسرها فيمكن أن يكون جعلها هاء الإضمار ، أضمر المصدر. وقيل : إنه شبه هاء السكت بهاء الإضمار ، فكسرها ؛ وهذا بعيد.

٩١ ـ (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي

جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ

وَلا آباؤُكُمْ قُلِ اللهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ)

«من شىء» : شىء ، فى موضع نصب ، و «من» : زائدة للتأكيد والعموم.

«نورا وهدى» : حالان من «الكتاب» ، أو من الهاء فى «به» ، وكذلك : «يجعلونه» : حال من «الكتاب». و «تبدونها» : نعت ل «قراطيس» ؛ والتقدير : تجعلونه فى قراطيس ، فلما حذف الحرف انتصب.

«وتخفون» : مبتدأ ، لا موضع له من الإعراب.

«يلعبون» : حال من الهاء والميم فى «ذرهم».

٩٢ ـ (وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَالَّذِينَ

يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ)

«مصدّق الّذى» : نعت ل «كتاب» ، على تقدير حذف التنوين من «مصدق» ، لالتقاء الساكنين. و «الذي» : فى موضع نصب ب «مصدق».

وإن لم يقدر حذف التنوين كان «مصدق الذي» خبرا بعد خبر ، و «الذي» : فى موضع خفض.

١٤٣

«ولتنذر» : اللام ، متعلقة بفعل محذوف ؛ تقديره : لتنذر أم القرى أنزلناه.

٩٣ ـ (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ

مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ

تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ)

«ومن قال سأنزل» : من ، فى موضع خفض ، عطف على «من» فى قوله : «ممن افترى».

«والملائكة باسطو أيديهم» : ابتداء وخبر ، فى موضع الحال من «الظالمين» ، والهاء والميم فى «أيديهم» للملائكة ؛ والتقدير : والملائكة باسطو أيديهم بالعذاب على الظالمين يقولون لهم : أخرجوا أنفسكم ، «والقول» مضمر ؛ ودل على هذا المعنى قوله فى موضع آخر : (يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ) ٨ : ١٥

ومعنى قوله «أخرجوا أنفسكم» ؛ أي : خلصوا أنفسكم اليوم مما حل بكم ، فالناصب ل «يوم» : أخرجوا ؛ وعليه يحسن الوقف.

وقيل : الناصب له «تجزون» ، فلا يوقف عليه ويبتدأ به ، وجواب «لو» محذوف ؛ تقديره : ولو ترى يا محمد حين الظالمين فى غمرات الموت لرأيت أمرا عظيما.

٩٤ ـ (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ

ظُهُورِكُمْ وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ

بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ)

فى موضع نصب على الحال من المضمر المرفوع فى «جئتمونا» ، ولم ينصرف ، لأن فيه ألف التأنيث.

وقد قرأ أبو عمرو ، وحيوة ، بالتنوين ، وهى لغة لبعض بنى تميم.

والكاف ، من «كما» فى : موضع نصب ، نعت لمصدر محذوف ؛ تقديره : ولقد جئتمونا منفردين انفرادا مثل حالكم أول مرة.

«لقد تقطّع بينكم» : من رفع «بينكم» جعله فاعلا ل «تقطع» ، وجعل «البين» بمعنى : الوصل ؛ تقديره : لقد تقطع وصلكم ؛ أي : تفرق.

وأصل «بين» : الافتراق ، ولكن اتسع فيه فاستعمل اسما غير ظرف ، بمعنى الوصل.

فأما من نصبه فعلى الظرف ، والعامل فيه ما دل عليه الكلام من عدم وصلهم ؛ فتقديره : لقد تقطع وصلكم بينكم ، ف «وصلكم» المضمر ، هو الناصب ل «بين».

١٤٤

وقد قيل : إن من نصب «بينكم» جعله مرفوعا فى المعنى ب «تقطع» ، لكنه لما جرى فى أكثر الكلام منصوبا تركه على حاله ؛ وهو مذهب الأخفش ، فالقراءتان على هذا بمعنى واحد.

٩٦ ـ (فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً ذلِكَ تَقْدِيرُ

الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)

«والشّمس والقمر» : انتصب على العطف على موضع «الليل» ، لأنه فى موضع نصب.

وقيل : بل على تقدير : «وجعل».

فأما من قرأ «وجعل الشمس» ، فهو عطف على اللفظ والمعنى.

«حسبانا» : قال الأخفش : معناه : «بحسبان» ، فلما حذف الحرف نصب.

وقيل : إن «حسبانا» : مصدر : حسب الشيء حسبانا ؛ والحساب ، هو الاسم.

٩٨ ـ (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ

لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ)

«فمستقرّ ومستودع» : رفع بالابتداء ، والخبر محذوف ؛ أي : فمنكم مستقر ومنكم مستودع.

ومن فتح القاف ، كان تقديره : فلكم مستقر ؛ أي : مستقر فى الرحم ومستودع فى الأرض.

وقيل : المستودع : ما كان فى الصلب.

وقيل : «مستقر» ، معناه : فى القبر.

وعلى قراءة من كسر القاف ، فممكن هذه المعاني.

٩٩ ـ (وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنا مِنْهُ

خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ

أَعْنابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ

فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)

«وجنّات من أعناب» : من نصب «جنات» عطفها على «نبات» ، وقد روى الرفع عن عاصم ، على معنى : ولهم جنات ، على الابتداء ؛ ولا يجوز عطفه على «قنوان» ، لأن «الجنات» لا تكون من النخل.

١٤٥

«انظروا إلى ثمره» : من قرأ بفتحين ، جعله جمع : ثمرة ، كبقرة وبقر ، وجمع الجمع على : ثمار ، مثل إكام.

ومن قرأه بضمتين جعله أيضا جمع : ثمرة ، كخشبة وخشب.

وقيل : هو جمع ، كأنه جمع : ثمار ، كحمار وحمر ؛ وثمر : جمع : ثمار ؛ وثمر : جمع ، ثمرة.

١٠٠ ـ (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ

سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ)

«الجن» : مفعول أول ب «جعل» و «شركاء» : مفعول ثان مقدم ؛ واللام فى «لله» متعلقة ب «شركاء».

وإن شئت جعلت «شركاء» مفعولا أول ، و «الجن» بدلا من «شركاء» ، و «الله» فى موضع المفعول الثاني ، واللام متعلقة ب «جعل».

وأجاز الكسائي رفع «الجن» على معنى : هم الجن.

١٠٥ ـ (وَكَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)

«وكذلك نصرّف» : الكاف ، فى موضع نصب ، نعت لمصدر محذوف ؛ تقديره : ونصرف الآيات تصريفا مثل ما تلونا عليك.

«وليقولوا درست» : اللام ، متعلقة بمحذوف ؛ تقديره : «وليقولوا درست صرفنا الآيات ؛ ومثله :

«ولنبينه».

ومعنى «درست» ، فى قراءة من فتح التاء : تعلمت وقرأت ؛ ومن أسكنها ، فمعناه : انقطعت وانمحت ؛ ومن قرأ بالألف ، فمعناه : دارست أهل الكتاب ودار سوك.

١٠٨ ـ (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ)

«عدوا» : مصدر ، وقيل : مفعول من أجله.

١٠٩ ـ (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ

عِنْدَ اللهِ وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ)

«أنها» : من فتح «أن» جعلها بمعنى : لعل.

١٤٦

وحكى الخليل عن العرب : أتيت السوق أنك تشترى لنا شيئا ؛ أي : لعلك؟

و «ما» : استفهام ، فى موضع رفع بالابتداء ؛ وفى «يشعركم «ضمير» الفاعل يعود على «ما» ، والمعنى : وأي شىء يدريكم إيمانهم ، إذا جاءتهم الآية ، لعلها إذا جاءتهم لا يؤمنون؟ ففي الكلام حذف دل عليه ما بعده ، والمحذوف هو المفعول الثاني ل «يشعركم» ؛ يقال : شعرت بالشيء : دريته.

ولو حملت «أن» على بابها ، لكان ذلك عذرا لهم ، لكنها بمعنى «لعل».

وقد قيل : إن «أن» منصوبة ب «يشعركم» ، «لكن» لا «زائدة فى قوله» لا يؤمنون ، والتقدير : وما يشعركم بأن الآية إذا جاءتهم يؤمنون ، وهو خطاب للمؤمنين ، يعنى أن الذين اقترحوا الآية من الكفار لو أتتهم لم يؤمنوا ، ف «أن» هو المفعول الثاني ل «يشعر» ، على هذا القول ، ولا حذف فى الكلام.

١١٠ ـ (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ

فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ)

«أوّل مرّة» : نصب على الظرف ، يعنى : فى الدنيا.

١١١ ـ (وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً

ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ)

«قبلا» : من كسر القاف وفتح الباء ، نصبه على الحال ، من المفعول ، وهو بمعنى : معاينة ، أو عيانا ؛ أي : يقابلونه.

وكذلك من قرأ بضم القاف والباء ، هو نصب على الحال أيضا ، بمعنى : مستقبلا ، أو بمعنى : قبيل قبيل.

«إلّا أن يشاء الله» أن ، فى موضع نصب على الاستثناء المنقطع.

١١٢ ـ (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ

زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ)

«شياطين الإنس» : نصب من المبدل من «عدوا» ، أو : على أنه مفعول ثان ل «جعل».

«غرورا» : نصب على أنه مصدر ، فى موضع الحال.

١٤٧

١١٤ ـ (أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلاً

وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ

فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ)

«حكما» : نصب على البيان ؛ أو على الحال ، و «أبتغى» معدى إلى غيره.

«بالحق» : فى موضع نصب على الحال من المضمر فى «منزل» ، ولا يجوز أن يكون مفعولا ل «منزل» ؛ لأن «منزلا» قد تعدى إلى مفعولين ، أحدهما بحرف جر ، وهو «من ربك» ، والثاني مضمر فى «منزل» ، وهو الذي قام مقام الفاعل ، فهو مفعول لم يسم فاعله يعود على «الكتاب».

١١٥ ـ (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)

«صدقا وعدلا» : مصدران.

وإن شئت جعلتهما مصدرين فى موضع الحال ، بمعنى : صادقة وعادلة.

١١٧ ـ (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)

«من يضلّ» : من ، رفع بالابتداء ، وهى استفهام ، و «يضل عن سبيله» : الخبر.

وقيل : «من» فى موضع نصب بفعل دل عليه «أعلم» ، وهو بمعنى : الذي ؛ تقديره : وهو أعلم أعلم من يضل ؛ ويبعد أن ينصب «من» ب «أعلم» ، لبعده من مضارعة الفعل» ، والمعاني لا تعمل فى المفعولات كما تعمل فى الظروف ، ويحسن أن يكون فعلا للمخبر عن نفسه ، لأنه بلفظ الإخبار عن الغائب ، ولا يحسن أن يكون «أفعل» بمعنى : فاعل : إذ لم يحسن أن يكون فعلا ، وإنما يكون «أفعل» بمعنى فاعل ، إذا حسن أن يكون فعلا للمخبر عن نفسه ، ولا يحسن تقدير حذف حرف الجر ، لأنه من ضرورات الشعر ، ولا تحسن فيه الإضافة ، لأن «أفعل» لا يضاف إلا إلى ما هو بعضه ، إلا أن يكون بمعنى : فاعل ، فتحسن إضافته لما ليس هو بعضه.

١١٩ ـ (وَما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ

لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ)

«ألّا تأكلوا» : أن ، فى موضع نصب بحذف حرف الجر ؛ و «ما» استفهام فى موضع رفع بالابتداء ، وما بعدها خبرها ؛ تقديره : وأي شىء لكم فى أن لا تأكلوا مما ذكر اسم عليه.

«إلّا ما اضطررتم إليه» : فى موضع نصب على الاستثناء.

١٤٨

١٢٢ ـ (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ

مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ)

«أو من كان ميتا» : من ، بمعنى «الذي» رفع بالابتداء ؛ والكاف فى «كمن» : خبره ؛ وفى «كان» اسمها ، يعود على «من» ، و «ميتا» : خبر «كان».

«كمن مثله» : مثله ، مبتدأ ؛ و «فى الظلمات» : خبره ؛ والجملة صلة «من» ؛ وتقديره : كمن هو فى الظلمات.

«ليس بخارج منها» : فى موضع نصب على الحال من المضمر المرفوع فى قوله «فى الظلمات». «كذلك زين» : الكاف ، فى موضع نصب نعت لمصدر محذوف ؛ تقديره : تزيينا مثل ذلك ؛ أي : زين للكافرين عملهم.

١٢٣ ـ (وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها وَما

يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَما يَشْعُرُونَ)

«مجرميها» : فى موضع نصب ب «جعلنا» ، مفعول أول ، وتجعل «أكابر» مفعولا ثانيا ، كما قال تعالى : (أَمَرْنا مُتْرَفِيها) ١٧ : ١٦ ؛ أي : كثرناهم ؛ وكما قال : (وَأَتْرَفْناهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) ١٣ : ٣٣ ؛ أي : نعمناهم.

«ليمكروا فيها» : اللام ، لام كى ، ومعناها : أنه لما علم الله أنهم يمكرون صار المعنى : أنه إنما زين لهم ليمكروا ، إذ قد تقدم فى علمه وقوع ذلك منهم.

١٢٥ ـ (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ

صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى

الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ)

«ضيّقا» : مفعول ثان ل «جعل» ، و «حرجا» : نعت له.

وإن شئت مفعولا أيضا ، على التكرير ، كما جاز أن يأتى خبر ثان فأكثر لمبتدإ واحد ، وكذلك يجوز مفعولان فأكثر فى موضع مفعول واحد ؛ وإنما يكون هذا فيما يدخل على الابتداء والخبر ؛ تقول : طعامك حلو حامض ؛ فهذه ثلاثة أخبار عن الطعام ، معناها : طعامك جمع هذه الطعوم.

فإن أدخلت على المبتدأ فعلا ناصبا لمفعولين ، أو «كان» ، أو «أن» ، انتصبت الأخبار كلها ، وارتفعت

١٤٩

كلها على خبر «أن» ، تقول : ظننت طعامك حلوا حامضا مرا ، وكذلك «كان» ، فما كان فى الابتداء جاز فيما يدخل على الابتداء.

وكذلك «جعل» تدخل على الابتداء ، كأنه كان قبل دخولها : صدره ضيق حرج ؛ ف «ضيق» و «حرج» : خبر بعد خبر ، فلما دخلت نصبت المبتدأ وخبره.

هذا على قراءة من قرأ بكسر الراء ، لأنه جعله اسم فاعل ؛ كدنف ، وفرق ؛ ومعنى «حرج» ، كمعنى : ضيق كدر ، لاختلاف لفظه للتأكيد.

فأما من فتح الراء ، فهو مصدر ؛ وقيل : هو جمع : حرجة ، كقصبة وقصب.

«كأنّما يصّعّد فى السّماء» : الجملة فى موضع نصب على الحال ، من المضمر المرفوع فى «حرج» ، أو فى «ضيق».

«كذلك يجعل الله» : الكاف ، فى موضع نصب ، نعت لمصدر محذوف ؛ تقديره : جعلا مثل ذلك يجعل الله.

١٢٦ ـ (وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ)

«مستقيما» : نصب على الحال من «صراط» ، وهذا الحال يقال لها : الحال المؤكدة ؛ لأن صراط الله لا يكون إلا مستقيما ، فلم يؤت بها لتفرق بين حالتين ، إذ لا تغيير لصراط الله عن الاستقامة أبدا ، وليست هذه الحال كالحال فى قولك : هذا زيد راكبا ؛ لأن «زيدا» قد يخلو من الركوب فى وقت آخر إلى ضد الركوب ، وصراط الله لا يخلو من الاستقامة أبدا ، وهذا هو الفرق بين معنى الحال المؤكدة ومعنى الحال المفرقة بين الأفعال التي تختلف وتتبدل.

١٢٨ ـ (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقالَ

أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا

قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلَّا ما شاءَ اللهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ)

«يوم» : منصوب بفعل مضمر ، معناه. واذكر يا محمد يوم نحشرهم.

وقيل : انتصب ب «قول» مضمر.

١٥٠

«جميعا» : نصب على الحال من الهاء والميم ، فى «نحشرهم».

«إلّا ما شاء الله» : ما ، فى موضع نصب على الاستثناء المنقطع ، فإن جعلت «ما» لمن يعقل ، لم يكن منقطعا.

١٣٠ ـ (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ

آياتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا)

«يقصّون» : فى موضع رفع على النعت ل «رسل» ؛ ومثله : «وينذرونكم».

١٣١ ـ (ذلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها غافِلُونَ).

«ذلك» ، فى موضع رفع ، خبر ابتداء محذوف ؛ تقديره : والأمر ذلك.

وأجاز الفراء أن يكون «ذلك» فى موضع نصب نعت ، على تقدير : فعل الله ذلك ؛ و «أن» فى موضع نصب ، تقديره : لأن لم يكن ، فلما حذف الحرف انتصب.

١٣٣ ـ (وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ

ما يَشاءُ كَما أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ)

«كما أنشأكم» : الكاف ، فى موضع نصب ، نعت لمصدر محذوف ، تقديره : استخلافا مثل ما أنشأكم.

١٣٤ ـ (إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ)

«إن ما» : ما ، بمعنى : الذي ، اسم «إن». والهاء ، محذوفة مع «توعدون» ؛ تقديره توعدونه ، فحذفت لطول الاسم ، و «لآت» : خبر «إن» ، واللام : لام توكيد.

١٣٥ ـ (قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ

عاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)

إن جعلت «من» استفهاما ، كانت فى موضع رفع بالابتداء ، وما بعدها خبرها ، والجملة فى موضع نصب ب «تعلمون».

وإن جعلتها بمعنى : خبر ، كانت فى موضع نصب ب «تعلمون».

١٥١

١٣٦ ـ (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ

وَهذا لِشُرَكائِنا فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللهِ وَما كانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ

ساءَ ما يَحْكُمُونَ)

«ساء ما يحكمون» : ما ، فى موضع رفع ب «ساء».

١٣٧ ـ (وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ)

من قرأ «زين» بالضم ، على ما لم يسم فاعله ، رفع «قتل» على أنه مفعول لم يسم فاعله ، وأضافه إلى «الأولاد» ، ورفع «الشركاء» حملا على المعنى ، كأنه قيل : من زين لهم؟ قال : شركاؤهم وأضيفت «الشركاء» إليهم ؛ لأنهم هم استحدثوها وجعلوها شركاء لله ، تعالى عن ذلك ، فباستحداثهم لها أضيفت إليهم.

ومن قرأ هذه القراءة ونصب «الأولاد» وخفض «الشركاء» ، فهى قراءة بعيدة ، وقد رويت عن ابن عامر ؛ ومجازها على التفرقة بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول ، وذلك لا يجوز عند النحويين إلا فى الشعر ؛ وأكثر ما يأتى فى الظروف.

وروى عن ابن عامر أنه قرأ بضم الزاى من «زين» ، ورفع «قتل» ، وخفض «الأولاد» و «الشركاء» ، وفيه أيضا بعد ؛ ومجازه أن يجعل «الشركاء» بدلا من «الأولاد» فيصير «الشركاء» اسما للأولاد ، لمشاركتهم لآباءهم فى النسب والميراث والدين.

١٣٨ ـ (وَقالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُها إِلَّا مَنْ نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ

وَأَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها وَأَنْعامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا افْتِراءً عَلَيْهِ

سَيَجْزِيهِمْ بِما كانُوا يَفْتَرُونَ)

«من نشاء» : من ، فى موضع رفع ب «يطعم».

«افتراء» : مصدر.

١٣٩ ـ (وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا

وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ)

«ما فى بطون» : رفع بالابتداء ، وخبره «خالصة» ، وإنما أنث الخبر ؛ لأن ما فى بطون الأنعام أنعام فحمل التأنيث على المعنى ؛ ثم قال «ومحرم» فذكر ، حمله على لفظ «ما» ، وهذا نادر لا نظير له ؛ وإنما يأتى

١٥٢

فى «من» و «ما» حمل الكلام على اللفظ أولا ، ثم على المعنى بعد ذلك ، وهذا أتى اللفظ أولا محمولا إلى المعنى ، ثم حمل على اللفظ بعد ذلك ؛ وهو قليل.

وقيل : أنث على المبالغة ، كرواية وعلامة.

وقد قرأ قتادة «خالصة» ، بالنصب على الحال من المضمر المرفوع فى قوله «فى بطون» ، وخبر «ما» : «لذكورنا» ، لأن الحال لا يتقدم على العامل ، عند سيبويه وغيره ، إذا كان لا ينصرف ؛ ولو قلت : زيد قائما فى الدار ، لم يجز ؛ وقد أجازه الأخفش.

ويجوز أن يكون «خالصة» بدلا من «ما» ، بدل الشيء من الشيء وهو بعضه ، و «لذكورنا» الخبر.

وقرأ الأعمش «خالص» بغير هاء ، رده على لفظ «ما» ، ورفعه ، وهو ابتداء ثان ، و «لذكورنا» : الخبر ، والجملة خبر «ما».

«وإن يكن ميتة» : من نصب «ميتة» ، وقرأ «يكن» بالياء ، رده على لفظ «ما» ، وأضمر فى «يكن» اسمها ، و «ميتة» خبرها ؛ تقديره : وإن يكن ما فى بطونها ميتة.

ومن نصب «ميتة» ، وقرأ «تكن» بالتاء ، أنث على تأنيث الأنعام التي فى البطون ؛ تقديره : وإن تكن الأنعام التي فى بطونها ميتة.

ومن رفع «ميتة» جعل «كان» بمعنى : وقع وحدث ، تامة لا تحتاج إلى خبر.

وقال الأخفش : يضمر الخبر ، تقديره عنده : وإن تكن ميتة فى بطونها.

١٤٠ ـ (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ)

«سفها» : مصدر.

وإن شئت مفعولا من أجله.

١٤١ ـ (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ)

«والنّخل والزّرع» : عطف على «جنات ، و «مختلفا» : حال مقدرة ؛ أي : سيكون كذلك ، لأنها فى أول

١٥٣

خروجها من الأرض لا أكل فيها ، فتوصف باختلاف الطعوم ؛ لكن اختلاف ذلك يكون فيها عند إطعامها ، فهى حال مقدرة ؛ أي : سيكون الأمر على ذلك ، فأنت إذا قلت : رأيت زيدا قائما ، فإنما أخبرت أنك رأيته فى هذه الحال ، فهى حالة واقعة غير منتظرة ؛ فإذا قلت : خلق الله النخل مختلفا أكله ، لم تخبر أنه خلق فيه أكل مختلف اللون والطعم ، وإنما ذلك شىء ينتظر أن يكون فيه عند إطعامه ، فهى حال منتظرة مقدرة ، وكذلك إذا قلت : رأيت زيدا مسافرا غدا ، فلم تره فى حال سفره ، إنما هو أمر تقدره أن يكون غدا ، وهذا هو الفرق بين الحال الواقعة ، والحال المقدرة والمنتظرة ، والحال المؤكدة التي ذكرت فى قوله (صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً) ٦ : ١٢٦

فهذه ثلاثة أحوال مختلفة المعاني ، وفى القرآن منه كثير ، ومنه قوله تعالى : (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ) ٤٨ : ٢٧ ف «آمنين» : حال مقدرة منتظرة ؛ ومثله كثير.

١٤٢ ـ (وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ

الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)

«حمولة وفرشا» : نصب على العطف على «جنات» ؛ أي : وأنشأ من الأنعام حمولة وهى الكبار المذللة ذات الطاقة على حمل الأثقال ، و «فرشا» ، وهى الصغار.

١٤٣ ـ (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ

أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)

«ثمانية أزواج» : قال الكسائي : نصب «ثمانية» بإضمار فعل ؛ تقديره : أنشأ ثمانية.

وقال الأخفش : هو بدل من «حمولة وفرشا». الآية : ١٤٢

وقال على بن سليمان : هو نصب بفعل مضمر ؛ تقديره : كلوا لحم ثمانية أزواج ، فحذف الفعل والمضاف ، وأقام المضاف إليه ، وهو الثمانية ، مقام المضاف ، وهو لحم.

وقيل : هو منصوب على البدل من «ما» ، فى قوله «كلوا مما رزقكم» الآية : ١٤٢ ، على الموضع.

«آلذكرين» نصب ب «حرم ، و «أم الأنثيين» عطف على «آلذكرين» ، و «ما» عطف أيضا عليه فى قوله «أما اشتملت».

١٥٤

١٤٥ ـ (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً

أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ

اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)

«يطعمه» : قرأ أبو جعفر : بتشديد الطاء وكسر العين وتخفيفها ، وأصلها : يتطعمه ، على وزن يفتعله ، ثم أبدل من الباء طاء ، وأدغم فيها الطاء الأولى.

«إلا أن يكون ميتة» : من قرأ «يكون» بالياء ، ونصب «ميتة» ، أضمر فى «كان» اسمها ؛ تقديره : إلا أن يكون المأكول ميتة ، أو ذلك ميتا.

ومن قرأ «تكون» بالتاء ، ونصب «ميتة». أضمر «المأكول».

وقرأ أبو جعفر : «إلا أن تكون» بالتاء ، بالرفع ، جعل «كان» بمعنى : وقع وحدث ، و «أن» : فى موضع نصب ، على الاستثناء المنقطع.

وكان يلزم أبا جعفر أن يقول : «أو دم» ، بالرفع ، وكذلك ما بعده ؛ لكنه عطفه على «أن» ولم يعطفه على «ميتة».

ومن نصب «ميتة» عطف ، «أو دما» وما بعده ، عليها.

«فإنّه رجس» : اعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه ، يراد به التأخير بعد «أو فسقا» :

«أو فسقا» ، عطف على «لحم خنزير» وما قبله.

«غير باغ» : نصب على الحال من المضمر المرفوع فى «اضطر».

١٤٦ ـ (حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما

أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصادِقُونَ)

«أو ما» : ما ، فى موضع رفع ، عطف على «ظهورهما» ، و «ما» فى قوله «إلا ما حملت» : فى موضع نصب على الاستثناء من «الشحوم».

«الحوايا» : واحدها : حوية ؛ وقيل : حاوية ؛ وقيل : حاوياء ، مثل : «نافقاء ، و «الحوايا» فى موضع رفع ، عند الكسائي ، على العطف على «الظهور» ، على معنى : وإلا ما حملت الحوايا.

وقال غيره : هى فى موضع نصب ، عطف على «ما» ، فى قوله : ، إلا ما حملت».

١٥٥

«ذلك جزيناهم» : ذلك ، فى موضع رفع على إضمار مبتدأ ؛ التقدير : الأمر ذلك ؛ ويجوز أن يكون فى موضع نصب ب «جزيناهم».

١٤٧ ـ (فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ)

أصل «ذو» : ذوى ، مثل : عصى ، ولذلك قال فى التثنية : (ذَواتا أَفْنانٍ) ٥٥ : ٤٨

١٥٠ ـ (قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللهَ حَرَّمَ هذا).

«هلمّ» ، أصله : ها المم ، فألقيت حركة الميم الأولى على اللام ، وأدغمت فى الثانية ، فلما تحركت اللام استغنى عن ألف الوصل ، فاجتمع ساكنان : ألف الهاء ولام الميم ؛ لأن حركتها عارضة ، فحذفت ألفها لالتقاء الساكنين ، فاتصلت الهاء باللام مضمومة ، وبعدها ميم مشددة ، فصارت : هلم ، كما هى فى التلاوة لما تغير معناها ؛ واستعملت بمعنى : تعال ؛ وبمعنى : ائت.

١٥١ ـ (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ

إِحْساناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا

الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ

إِلَّا بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)

«ألّا تشركوا» : أن ، فى موضع نصب بدل من «ما» فى قوله «أتل ما» ، ويجوز أن يكون فى موضع رفع ، على تقدير ابتداء محذوف ؛ تقديره : هو أن لا تشركوا.

«ذلكم وصّاكم» : ابتداء ، وخبره.

١٥٣ ـ (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ)

«وأنّ هذا» : أن ، فى موضع نصب ؛ على تقدير حذف حرف الجر ؛ أي : لأن هذا.

ومن كسرها جعلها مبتدأة.

ومن فتح وخفف جعلها مخففة من الثقيلة ، فى موضع نصب ، مثل الأول.

«مستقيما» : حال من «صراطى» ، وهى الحال المؤكدة.

١٥٤ ـ (ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ)

«تماما» : مفعول من أجله ، أو مصدر.

١٥٦

«على الذي أحسن» : من رفع «أحسن» أضمر «هو» مبتدأ ، و «أحسن» خبره ؛ والجملة صلة «الذي» : ومن فتح جعله فعلا ماضيا ، وفيه ضمير يعود على «الذي» ؛ تقديره : تماما على المحسن.

وقيل : لا ضمير فى «أحسن» ، والفاعل محذوف. والهاء محذوفة ؛ تقديره : تماما على الذي أحسنه الله إلى موسى من الرسالة.

١٥٦ ـ (أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا وَإِنْ كُنَّا

عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ)

«أن تقولوا» : أن ، فى موضع نصب مفعول من أجله.

«وإن كنّا عن دراستهم لغافلين» : أن ، مخففة من الثقيلة ، عند البصريين ، واسمها مضمر معها ؛ تقديره : وإنه كنا.

وقال الكوفيون : «إن» بمعنى «ما» واللام ، بمعنى : إلا ؛ تقديره : وما كنا عن دراستهم إلا غافلين.

١٥٨ ـ (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ

آياتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها)

«لا ينفع» : قرأ ابن سيرين بالتاء ، على ما يجوز من تأنيث المصدر وتذكيره ؛ لأن الإيمان ، الذي هو فاعل «ينفع» : مصدر.

وقيل : إنما أنث «الإيمان» لاشتماله على النفس.

١٦٠ ـ (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى

إِلَّا مِثْلَها وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ)

«فله عشر أمثالها» : من أضاف «عشرا» فمعناه : عشر حسنات أمثال حسنة ؛ ومن نون «عشرا» ، وهى قراءة الحسن ، وابن جبير ، والأعمش ، قدره : حسنات عشر أمثالها ، وهو كله ابتداء ، والخبر : «له» ، ويزيد الله فى التضعيف ما يشاء لمن يشاء ، والعشر هى أقل الجزاء ، والفضل بعد ذلك لمن شاء الله.

١٦١ ـ (قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ

حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)

«دينا قيما» : انتصب «دينا» ب «هدانى» مضمرة ، دلت عليها «هدانى» الأولى.

١٥٧

وقيل : تقديره : عرفنى دينا.

وقيل : هو بدل من «صراط» على الموضع ؛ لأن «هدانى إلى الصراط» ، و «هدانى صراطا» ، واحد ، فحمله على المعنى فأبدل «دينا» من «صراط».

ومن قرأ «قيما» مشددا ، فأصله : قيوم ، على : فيعل ، ثم أبدل من الواو ياء ، وأدغم الياء فى الياء.

ومن خففه بناه على : فعل ؛ وكان أصله أن يأتى بالواو ، فيقول : قوما ، كما قالوا : عوض ، وحول ؛ لكنه شذ عن القياس.

«ملة إبراهيم» : بدل من «دينا».

«حنيفا» : حال من «إبراهيم». وقيل : نصب على إضمار : «أعنى».

١٦٢ ـ (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)

«ومحياى» : حق الياء أن تكون مفتوحة ، كما كانت الكاف فى «رأيتك» ، والتاء فى «قمت» ، لكن الحركة فى الياء ثقيلة ، فمن أسكنها فعلى الاستخفاف ، لكنه جمع بين ساكنين ، والجمع بين ساكنين جائز ، إذا كان الأول حرف مد ولين ؛ لأن المد الذي فيه يقوم مقام حركة يستراح عليها ، فيفصل بين الساكنين.

١٦٤ ـ (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ)

«أغير الله» : نصب ب «أبغى» ، وربما نصب على التفسير.

١٦٥ ـ (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ)

«درجات» : أي : إلى درجات ، فلما حذف الحرف نصب.

ـ ٧ ـ

سورة الأعراف

١ ، ٢ ـ (المص كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ

لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ)

«المص» : من جعلها فى موضع رفع بالابتداء ، كان «كتاب» : خبره.

١٥٨

ويجوز أن يضمر الخبر ويرفع «كتاب» على إضمار مبتدأ.

«وذكرى» : فى موضع رفع على العطف على «كتاب» ، وإن شئت : على إضمار مبتدأ.

ويجوز أن يكون فى موضع نصب على المصدر ، أو على أن تعطفها على موضع الهاء فى «به».

وقيل : «ذكرى» فى موضع خفض على «لينذر» ؛ لأن معناه : الإنذار ، فعطف على المعنى.

٣ ـ (اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ قَلِيلاً

ما تَذَكَّرُونَ)

«قليلا ما تذكّرون» : منصوب بالفعل الذي بعده ؛ و «ما» زائدة ؛ وتقدير النصب أنه نعت لظرف محذوف ؛ أو لمصدر محذوف ؛ تقديره : تذكرا قليلا ما تذكرون ؛ أو : وقتا قليلا تذكرون. فإن جعلت «ما» والفعل مصدرا لم يحسن أن تنصب «قليلا» بالفعل الذي بعده ؛ لأنك تقدم الصلة على الموصول.

٤ ـ (وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ)

«وكم من قرية» : كم ، فى موضع رفع بالابتداء ، لاشتغال الفعل بالضمير ، وهو «أهلكنا» ، وما بعدها خبرها ؛ وهى خبر.

ويجوز أن تكون فى موضع نصب بإضمار فعل بعدها ؛ تقديره : وكم أهلكنا من قرية أهلكناها ؛ فلا يجوز أن يقدر الفعل المضمر قبلها ؛ لأنها لا يعمل فيها ما قبلها ، لمضارعتها «كم» فى الاستفهام ، ولأن لها صدر الكلام ، أو هى على تقدير «رب» التي لها صدر الكلام أيضا.

وتقدير الآية : وكم من قرية أردنا إهلاكها فجاءها بأسنا ؛ كما قال جل وعز : (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) ١٦ : ٩٨

«بياتا» : مصدر ، فى موضع الحال من «أهل القرية».

٥ ـ (فَما كانَ دَعْواهُمْ إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا إِلَّا أَنْ قالُوا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ)

«إلا أن قالوا» : أن ، فى موضع نصب خبر «كان» ، و «دعواهم» : الاسم.

ويجوز أن يكون فى موضع رفع على اسم «كان» ، و «دعواهم» : الخبر ، مقدما.

١٥٩

٨ ـ (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)

«الحق» : نعت للوزن ، و «الوزن» : مبتدأ ، و «يومئذ» : خبره.

وإن شئت جعلت «الحق» خبرا عن «الوزن» ، و «يومئذ» ظرف ماض تنصبه ب «الوزن».

ويجوز نصب «الحق» على المصدر ، و «يومئذ» خبر «الوزن».

وإن شئت نصبت «يومئذ» على الظرف للوزن ، فهو عامل فيه ، وإن شئت على المفعول ، على السعة.

و «يومئذ» فى صلة المصدر فى الوجهين جميعا.

وإذا جعلت «يومئذ» خبرا عن «الوزن» لم يكن فى الصلة ، وانتصب بمحذوف قام «يومئذ» مقامه ؛ تقديره : والوزن الحق ثابت يومئذ ؛ أو مستقر يومئذ ، ونحوه. ويحسن أن يكون «الحق» ، على هذا الوجه ، بدلا من المضمر الذي فى الظرف ، ولا يحسن تقديمه على الظرف.

وإن جعلت «الحق» نعتا للوزن ، والظرف خبرا للوزن ، جاز تقديم «الحق» على الظرف ، ولا يجوز تقديم «الحق» على «الوزن» فى الوجهين.

فإن جعلت «الحق» خبرا ل «الوزن» جاز تقديمه على «الوزن» ؛ ولا يجوز تقديمه على الظرف ، لأن الظرف فى صلة «الوزن» ، وليس «الحق» الذي هو خبر «الوزن» فى صلته ، فلا تفرق بين الصلة والموصول بخبر الابتداء.

١٠ ـ (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ)

«معايش» : جمع معيشة ؛ ووزنه : مفاعل ، ووزن «معيشة» : مفعلة ؛ وأصلها : معيشة ، ثم ألقيت حركة الياء على العين ، والميم زائدة ، لأنه من «العيش» ، فلا يحسن همزها ، لأنها أصلية ، كان أصلها فى الواحد الحركة ، ولو كانت زائدة أصلها فى الواحد السكون ، لهمزتها فى الجمع ، نحو : سفائن ؛ واحدها : سفينة ، على فعيلة ، فالياء زائدة وأصلها السكون ، وكذلك تهمز فى الجمع إذا كان موضع الياء ألفا ، أو واوا ، زائدتين ، نحو : عجائز ، ورسائل ؛ لأن الواحد : عجوز ، ورساله.

وقد روى خارجة عن نافع : همز «معايش» ، ومجازه أنه شبه الياء الأصلية بالزائدة ، فأجراها مجراها ، وفيه بعد ، وكثير من النحويين لا يجيزه.

«قليلا ما تشكرون» : مثل : «قليلا ما تذكرون» الآية : ٣

١٦٠