الموسوعة القرآنيّة - ج ٤

ابراهيم الأبياري

الموسوعة القرآنيّة - ج ٤

المؤلف:

ابراهيم الأبياري


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة سجل العرب
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٢٨

ويجوز أن يكون فى موضع نصب على معنى : نازلا.

١٧٢ ـ (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ

لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ)

«الّذين استجابوا» : ابتداء ، وخبره : «للذين أحسنوا منهم».

ويجوز أن يكون «الذين» فى موضع خفض بدلا من «المؤمنين» الآية : ١٧١ ، أو من «الذين لم يلحقوا بهم» الآية : ١٧٠

١٧٣ ـ (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ)

«الّذين قال لهم النّاس» : بدل من «الذين استجابوا» الآية : ١٧٢

١٧٨ ـ (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي

لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ)

«ولا يحسبنّ الّذين كفروا أنّما نملى» : أن ، تقوم مقام مفعولى «حسب» ، و «الذين» فاعلون ، و «ما» فى «إنما» بمعنى : «الذي» ، والهاء محذوفة من «نملى» ؛ هذا على قراءة من قرأ بالياء ، و «خير» : خبر «إن».

وإن شئت جعلت «ما» و «نملى» مصدرا ، فلا تضمرها ؛ تقديره : لا يحسبن الذين كفروا أن الإملاء لهم خير لهم.

فأما من قرأ بالتاء وكسر «أن» من «أنما» ، فإنما يجوز على أن يعلق «حسب» ، ويقدر القسم ، كما تفعل بلام الابتداء فى قولك : لا يحسبن زيد لأبوه أفضل من عمرو ، وكأنك قلت : والله لأبوه أفضل من عمرو.

فأما من قرأ بالتاء ـ وهو حمزة ـ فإنه جعل «الذين» مفعولا أول ل «حسب» ، والفاعل هو المخاطب ، وهو النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ؛ وجعل «إنما» ، وما بعدها ، بدلا من «الذين» ، فتسد مسد المفعولين. كما مضى فى قراءة من قرأ بالتاء. و «ما» بمعنى «الذي» فى هذه القراءة ، والهاء محذوفة من «نملى» ، أو تجعل «أن» مفعولا ثانيا ل «حسب» ؛ لأن الثاني فى هذا الباب هو الأول فى المعنى ، إلا أن تضمر محذوفا تقديره : ولا تحسبن الذين كفروا أنما نملى لهم ؛ فتجعل «ما» ونملى» مصدرا على هذا. فإن لم تقدر محذوفا فجوازه على أن يكون «أن» بدلا من «الذين» : ويسد مسد المفعولين. و «ما» بمعنى «الذي». وفى جواز «ما» والفعل مصدر ، و «أن» بدل من «الذين» : نظر.

وقد كان وجه القراءة لمن قرأ بالتاء أن يكسر «إنما» ، فتكون الجملة فى موضع المفعول الثاني ، ولم يقرأ به أحد.

(م ٦ ـ الموسوعة القرآنية ج ٤)

٨١

وقد قيل : إن من قرأ بالتاء فجوازه على التكرير ، تقديره : لا تحسبن الذين كفروا ، ولا تحسبن إنما نملى لهم ، ف «إنما» سدت مسد المفعولين ل «حسب» الثاني ، وهى وما عملت فيه مفعول ثان ل «حسب» الأول ؛ كما أنك لو قلت : الذين كفروا لا تحسبن إنما نملى لهم خير لأنفسهم ، لجاز ، فيدخل «حسب» الأول على المبتدأ.

١٨٠ ـ (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ)

من قرأ بالياء جعل «الذين» فاعلين» ل «حسب» ، وحذف المفعول الأول ، لدلالة الكلام عليه ، و «هو». فاصلة ، و «خيرا» مفعول ثان ؛ وتقديره : ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله البخل خيرا لهم ، فدل «يبخلون» على البخل ، فجاز حذفه.

فأما من قرأ بالتاء ـ وهو حمزة ـ فإنه جعل المخاطب هو الفاعل ، وهو النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، و «الذين» مفعولا أول ، على تقدير حذف مضاف وإقامة «الذين» مقامه ، و «هو» فاصلة» ، و «خيرا» مفعول ثان ، تقديره : ولا تحسبن يا محمد بخل الذين يبخلون خيرا لهم ؛ ولا بد من هذا الإضمار ليكون المفعول الثاني هو الأول فى المعنى ، وفيها نظر ، لجواز تقدير «ما» فى الصلة تفسير ما قبل الصلة.

على أن فى هذه القراءة مزية على القراءة بالياء ؛ لأنك حذفت المفعول وأبقيت المضاف إليه يقوم مقامه ، وإذا حذفت المفعول فى قراءة «الياء» لم يبق ما يقوم مقامه

وفى القراءة أيضا مزية على القراءة بالياء ، وذلك أنك حذفت «البخل» بعد تقدم «يبخلون» ، وفى القراءة بالتاء حذفت «البخل» قيل إثبات «يبخلون» ، وجعلت «ما» فى صلة «الذين» تفسير ما قبل الصفة.

والقراءتان متوازيتان فى القوة والرتبة.

١٨٣ ـ (الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ)

«الذين» : فى موضع خفض بدل من «الذين» فى قوله (لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ) الآية : ١٨١ ، أو فى موضع نصب على إضمار «أعنى» ، أو فى موضع رفع على إضمار «هم».

«ألّا نؤمن» : أن ، فى موضع نصب ، على تقدير حذف حرف الجر ؛ أي : بألا نؤمن.

و «أن» تكتب منفصلة من «لا» ، إلا إذا أدغمتها فى اللام بغنة ، فإن أدغمتها بغير غنة كتبتها منفصلة.

وقال غيره : بل تكتب منفصلة على كل حال.

وقيل : إن قدرتها مخففة من الثقيلة كتبتها منفصلة ، لأن معها مضمرا يفصلها مما بعدها ، وإن قدرتها الناصبة للفعل كتبتها متصلة ، إذ ليس بعدها مضمر مقدر.

٨٢

١٨٥ ـ (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ)

«إنما توفّون أجوركم» : ما ، كافة ل «إن» عن العمل ، ولا يحسن أن يكون «ما» بمعنى «الذي» ، لأنه يلزم رفع «أجوركم» ، ولم يقرأ به أحد ؛ لأنه يصير التقدير : وإن الذي توفونه أجوركم ؛ وأيضا فإنك تفرق بين الصلة والموصول بخبر الابتداء.

١٨٨ ـ (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا

فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)

«لا تحسبنّ الّذين يفرحون» : من قرأه بالياء جعل الفعل غير متعد ، و «الذين يفرحون» فاعلون.

ومن قرأ «فلا يحسبنهم» بالياء ، جعله بدلا من «لا يحسبن الذين يفرحون» ، على قراءة من قرأه بالياء والفاء فى «فلا يحسبنهم» زائدة ، فلم يمنع من البدل. ولما تعدى «فلا يحسبنهم» إلى مفعولين استغنى بذلك عن تعدى «لا يحسبن الذين يفرحون» ؛ لأن الثاني بدل منه ، فوجه القراءة لمن قرأ «لا يحسبن الذين يفرحون» بالياء ، أن يقرأ «فلا يحسبنهم» بالياء ، ليكون بدلا من الأول ، فتستغنى بتعديته عن تعدى الأول.

فأما من قرأ الأول بالياء والثاني بالتاء ، فلا يحسن فيه البدل ، لاختلاف فاعليهما ؛ ولكن يكون مفعولا أول حذف لدلالة مفعولى الثاني عليهما.

فأما من قرأ «لا تحسبن الذين يفرحون» بالتاء ـ وهم الكوفيون ـ فإنهم أضافوا الفعل إلى المخاطب ، وهو النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، و «الذين يفرحون» مفعول أول ل «حسب» ، وحذف الثاني لدلالة ما بعده عليه ، وهو «بمفازة من العذاب».

وقد قيل : إن «بمفازة من العذاب» هو المفعول الثاني ل «حسب» الأول ، على تقدير التقديم ، ويكون المفعول الثاني ل «حسب» الثاني محذوفا لدلالة الأول عليه ؛ تقديره : لا تحسبن يا محمد الذين يفرحون بما أوتوا بمفازة من العذاب ، فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ، ثم حذف الثاني ، كما تقول : ظننت زيدا ذاهبا ، وظننت عمرا بزيد ذاهبا ، فتحذفه لدلالة الأول عليه.

ويجوز أن يكون «يحسبنهم» ، فى قراءة من قرأه بالياء ، بدلا من «تحسبن الذين يفرحون» ، فى قراءة من قرأه بالياء أيضا ، لاتفاق الفاعلين والمفعولين ، والفاء زائدة لا تمنع من البدل.

فأما من قرأ الأول بالياء والثاني بالتاء ، فلا يحسن الثاني البدل ، لاختلاف فاعليهما ، ولكن يكون المفعول

٨٣

الثاني ل «حسب» الأول محذوفا ، لدلالة ما بعده عليه ، أو يكون «بمفازة» من العذاب هو المفعول الثاني ، ويكون المفعول الثاني ل «حسب» الثاني محذوفا ، كما ذكر أولا.

١٩٠ ـ (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ

لِأُولِي الْأَلْبابِ)

واحد «أولى» : ذى ، المضاف ؛ فإن كان منصوبا نحو : «يا أولى الألباب» ، فواحدهم : ذا ، المضاف ؛ فإن كان مرفوعا نحو «أولو قوة» فواحدهم : ذو ، المضاف. وقد ذكرنا أن واحد «أولئك» : ذا المبهم ، من قولك «هذا».

١٩١ ـ (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ

السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ)

«الذين» : فى موضع خفض بدل من «أولى» الآية : ١٩٠ ، أو فى موضع نصب على «أعنى» ، أو فى موضع رفع على : هم الذين يذكرون.

«قياما وقعودا» : حالان من المضمر فى «يذكرون».

«وعلى جنوبهم» : حال منه أيضا ، فى موضع نصب ، كأنه قال : ومضطجعين.

«ويتفكّرون» : عطف على «يذكرون» ، داخل فى صلة «الذين».

«باطلا» : مفعول من أجله ؛ أي : للباطل.

«سبحانك» : منصوب على المصدر ، فى موضع «تسبيحا» ؛ أي : تسبيحا ؛ ومعناه : ننزهك من السوء تنزيها ونبرئك منه تبرئة.

١٩٣ ـ (رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنا

فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ)

«أن آمنوا» : أن ، فى موضع نصب على حذف حرف الخفض ؛ أي : بأن آمنوا.

«وتوفّنا مع الأبرار» ، أي : توفنا أبرارا مع الأبرار.

١٩٥ ـ (فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى

بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا

وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً

مِنْ عِنْدِ اللهِ وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ)

«أنى لا أضيع» : أنى ، فى موضع نصب ، أي : بأنى.

٨٤

وقرأ أبو عمرو بالكسر ، على تقدير : فقال : إنى لا أضيع.

«فالّذين هاجروا» : مبتدأ ، وخبره «لأكفرن».

«ثوابا من عند الله» : نصب على المصدر ، عند البصريين ، فهو مصدر مؤكد.

وقال الكسائي : هو منصوب على القطع ، أي على الحال.

وقال الفراء : هو منصوب على التفسير.

«والله عنده حسن الثواب» : الله ، مبتدأ و «حسن» ، ابتداء ثان ، و «عنده» خبر «حسن» ، وهو وخبره خبر عن اسم الله.

١٩٧ ـ (مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ)

«متاع قليل» : رفع على إضمار مبتدأ ؛ أي : هو متاع ، أو : ذلك متاع ، ونحوه.

١٩٨ ـ (لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ

خالِدِينَ فِيها نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ)

«تجرى من تحتها الأنهار» : فى موضع رفع ، على النعت ل «جنات».

وإن شئت فى موضع نصب على الحال ، من المضمر المرفوع فى «لهم».

أو هو كالفعل المتأخر بعد الفاعل ، إن رفعت «جنات» بالابتداء ، فإن رفعتها بالاستقرار لم يكن فى «لهم» ضمير مرفوع ؛ إذ هو كالفعل المتقدم على فاعله.

«خالدين فيها» : حال من المضمر ، والعامل فى الحال الناصب لها أبدا هو العامل فى صاحب الحال ؛ لأنها هو.

«نزلا» : القول فيه والاختلاف ، مثل «ثوابا» الآية : ١٩٥

١٩٩ ـ (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما

أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً)

«خاشعين» : حال من المضمر فى «يؤمن» ، أو فى «إليهم» ، وكذلك : «لا يشترون» مثل : «خاشعين».

٨٥

ـ ٤ ـ

سورة النساء

١ ـ (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ

مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ

وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)

«يا أيّها النّاس» : أي ، نداء مفرد ، فلذلك ضم ، وضمه بنا وليس بإعراب ، وموضعه موضع نصب ، لأنه مفعول فى المعنى ؛ و «الناس» نعت ل «أي» ، وهو نعت لا يغنى عنه ، لأنه هو المنادى فى المعنى. ولا يجوز عند سيبويه نصبه على الموضع ، كما جاز فى : يا زيد الظريف ؛ لأن هذا نعت يستغنى عنه.

وقال الأخفش : «الناس» صلة ل «أي» ، فلذلك لا يجوز حذفه ولا نصبه.

وأجاز المازني نصب «الناس» قياسا على : يا زيد الظريف.

«والأرحام» : من نصبه عطفه على : اسم «الله» ؛ أي : واتقوا الأرحام أن تقطعوها.

ويجوز أن يكون عطفه على موضع «به» ، كما نقول : مررت بزيد وعمرا ، فعطفه على موضع «زيد» ، لأنه مفعول

فى موضع نصب ؛ وإنما ضعف الفعل فتعدى بحرف.

ومن خفضه عطفه على الهاء فى «به» ، وهو قبيح عند سيبويه ؛ لأن المضمر المخفوض بمنزلة التنوين ؛ لأنه يعاقب التنوين فى مثل : غلامى ، وغلامك ، ودارى ، ودارك ؛ ونحوه. ويدل على أنه كالتنوين أنهم حذفوا الياء فى النداء ، إذ هو موضع يحذف فيه التنوين ، تقول : يا غلام أقبل ؛ فلا يعطف على ما قام مقام التنوين ، كما لا يعطف على التنوين.

وقال المازني : كما لا تعطف الأول على الثاني ، إذ لا ينفرد بعد حرف العطف ، كذلك لا تعطف الثاني على الأول ، فهما شريكان لا يجوز فى أحدهما إلا ما يجوز فى الآخر.

٣ ـ (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ

مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ذلِكَ

أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا)

«ما طاب لكم» : ما ، والفعل مصدر ؛ أي : فانكحوا الطيب ؛ أي : الحلال. و «ما» يقع لما لا يعقل ولنعوت ما يعقل ؛ فلذلك وقعت هنا لنعت ما يعقل.

٨٦

«مثنى وثلاث ورباع» : مثنى ، فى موضع نصب بدل من «ما» ، ولم ينصرف ، لأنه معدول عن : اثنين اثنين ، دال على التكثير ؛ ولأنه معدول عن مؤنث ، لأن العدد مؤنث.

وقال الفراء : لم ينصرف لأنه معدول عن معنى الإضافة ، وفيه تقدير دخول الألف واللام ؛ وأجاز صرفه فى العدد على أنه نكرة.

وقال الأخفش : إن سميت به صرفته فى المعرفة والنكرة ؛ لأنه قد زال عنه العدل.

وقيل : لم ينصرف لأنه معدول عن لفظه وعن معناه.

وقيل : امتنع من الصرف ، لأنه معدول ، ولأنه جمع.

وقيل : امتنع لأنه معدول ، ولأنه عدل على غير أصل العدل ؛ لأن أصل العدل إنما هو للمعارف ، وهذا نكرة بعد العدل.

و «ثلاث ورباع» : مثل «مثنى» فى جميع علله.

«فواحدة» : من نصبه فمعناه : فانكحوا واحدة.

وقرأ الأعرج : بالرفع ، على معنى : فواحدة تقنع ؛ وهو ابتداء محذوف الخبر.

«أو ما ملكت أيمانكم» : عطف على «فواحدة» فى الوجهين جميعا ؛ و «ما ملكت» مصدر ، فلذلك وقعت لما يعقل ، فهو لصفة من يعقل.

٤ ـ (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً

فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً)

«نحلة» : مصدر ؛ وقيل : هو مصدر فى موضع الحال.

«نفسا» : تفسير ، وتقديمه لا يجوز ، عند سيبويه ، البتة ؛ وأجازه المبرد والمازني ، إذا كان العامل منصرفا.

«هنيئا مريئا» : حالان من الهاء فى «فكلوه» ، تقول : هنأنى ومرأنى : فإن أفردت «مرأنى» لم تقل إلا «امرأني» ؛ والضمير المرفوع فى «فكلوه» يعود على «الأزواج» ؛ وقيل : على «الأولياء». والهاء فى «فكلوه» تعود على «شىء».

٥ ـ (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً)

«قياما» : من قرأه بغير ألف ، جعله جمع «قيمة» ، كديمة وديم ؛ ويدل على أنه جمع : أنه اعتل فانقلبت واوه

٨٧

ياء ، لانكسار ما قبلها ، ولو كان مصدرا لم يعتل ، كما لم يعتل : «الحول» و «العور» ؛ فمعناه : التي جعلها الله لكم قيمة لأمتعتكم ومعايشكم.

وإنما قال «التي» ولم يعقل «اللاتي» ، لأنه جمع لا يعقل ، فجرى على لفظ الواحد ؛ كما قال : (فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي) ١١ : ١٠١ ، وقال (جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي) ١٩ : ٦١ ، ولو كان يعقل لقال «اللاتي» ، كما قال (وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي) ٤ : ٢٣ ، (وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي) ٤ : ٢٣ ، (وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي) ٢٤ : ٦٠ ، وهذا هو الأكثر فى كلام العرب ؛ وقد يجوز فيما لا يعقل «اللاتي» ، وفيما يعقل «التي» ، وقد قرئ «أموالكم اللاتي» بالجمع.

ومن قرأ «قياما» جعله اسما ، من «أقام الشيء» ، وإن شئت مصدر : قام يقوم قياما ، وقد يأتى فى معناه «قوام» ، فلا يعتل.

٦ ـ (وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا)

«إسرافا» : مفعول من أجله. وقيل : هو مصدر فى موضع الحال. و «بدارا» ، مثله.

«أن يكبروا» : أن فى موضع نصب ل «بدار».

٧ ـ (مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً)

«نصيبا مفروضا» : حال. وقيل : هو مصدر.

٨ ـ (وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ)

«فارزقوهم منه» : الهاء ، تعود على «المقسوم» ، لأن لفظة القسمة دلت عليه.

١١ ـ (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ

اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ

مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ.

فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي

بِها أَوْ دَيْنٍ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ

نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً)

«للذّكر مثل حظّ الأنثيين» : ابتداء وخبر ، فى موضع نصب ، تبيين للوصية وتفسير لها.

٨٨

«فإن كنّ نساء» : فى «كان» اسمها ؛ و «نساء» خبرها ؛ تقديره : فإن كانت المتروكات نساء فوق الاثنتين ؛ وإنما أعطى الاثنتان الثلثين بالسنة وبدلالة النص ؛ وليس فى النص هاهنا لهما دليل على أخذهما للثلثين ، لكن فى النص على الثلثين الأختين ، وسكت عن البنتين ، فحملا على حكم الأختين ، بدليل النص والسنة.

«وإن كانت واحدة» : من رفع ، جعل «كان» تامة لا تحتاج إلى خبر ، بمعنى : وقع وحدث ؛ فرفع «واحدة» بفعلها ؛ وهى قراءة نافع وحده ؛ ومن نصب «واحدة» جعل «كان» هى الناقصة التي تحتاج إلى خبر ، فجعل «واحدة» خبرها ، وأضمر فى «كان» اسمها ؛ تقديره : وإن كانت المتروكة واحدة.

«السّدس» : رفع بالابتداء ، وما قبله خبره ؛ وكذلك : الثلث ، والسدس ؛ وكذلك : «نصف ما ترك» ، وكذلك : «فلكم الربع» ، وكذلك : «ولهن الربع» ، و «فلهن الثمن» ؛ وكذلك : «لكل واحد منهما السدس» الآية : ١٢

«من بعد وصيّة يوصى بها» ؛ أي : وصية لا دين معها ؛ لأن الدين هو المقدم على الوصية.

«نفعا» : نصب على التفسير.

«فريضة من الله» : مصدر.

١٢ ـ (وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ

فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ

فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ

وَصِيَّةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ)

«وإن كان رجل يورث كلالة» : كان ، بمعنى : وقع ؛ و «يورث» نعت ل «رجل» ؛ و «رجل» رفع ب «كان» ؛ و «كلالة» نصب على التفسير.

وقيل : هو نصب على الحال ، على أن «الكلالة» هو الميت فى هذين الوجهين.

وقيل : هو نصب على أنه نعت لمصدر محذوف ؛ تقديره : يورث وراثة كلالة ؛ على أن «الكلالة» هو المال الذي لا يرثه ولد ولا والد ؛ وهذا قول عطاء.

وقيل : هو خبر «كان» ، على أن الكلالة اسم للورثة ؛ وتقديره : ذا كلالة.

فأما من قرأ «يورث» بكسر الراء ، وبكسرها والتشديد ، ف «كلالة» مفعولة ب «يورث» ، و «كان» بمعنى : «وقع».

٨٩

«غير مضارّ» : نصب على الحال من المضمر فى «يوصى».

١٣ ـ (تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ

تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)

«تجرى من تحتها الأنهار» : الجملة فى موضع نصب ، على النعت ل «جنات».

«خالدين» : حال من الهاء فى «يدخله» ؛ وإنما جمع لأنه حمل على معنى «من» ، ولو أفردت «خالدا» لكان محمولا على لفظ «من» ؛ ولو جعلت «خالدا» نعتا لجاز فى الكلام ؛ ولكنك تظهر الضمير الذي فى «خالدا» فتقول : خالدا هو.

١٦ ـ (وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا

فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً)

«اللّذان يأتيانها منكم» : الاختيار ، عند سيبويه ، فى «اللذان» الرفع ؛ وإن كان معنى الكلام الأمر ، لأنه لما وصل «الذي» بالفعل تمكن معنى الشرط فيه ، فلم يعمل فيه ، إذ لا يقع على شىء بعينه ؛ فلما تمكن الشرط والإبهام فيه جرى مجرى الشرط ، فلم يعمل فيه ما قبله من الإضمار ، كما لا يعمل فى الشرط ما قبله من مضمر أو مظهر ؛ فلما بعد أن يعمل فى «اللذين» ما قبلهما من الإضمار ، لم يحسن الإضمار ؛ فلما لما يحسن إضمار الفعل قبلهما لينصبهما رفعا بالابتداء ، كما يرفع الشرط ، والنصب جائز على تقدير إضمار فعل ، لأنه إنما أشبه الشرط ، وليس المشبه بالشيء فى حكمه ، فلو وصلت «الذي» بظرف بعد شبهه بالشرط ، فيصير النصب هو الاختيار ، وإذا كان فى الكلام معنى الأمر والنهى ، نحو قولك : اللذين عندك فأكرمهما ؛ النصب فيه الاختيار ، ويجوز الرفع ؛ والرفع فيما وصل بفعل الاختيار ، ويجوز النصب ، على إضمار فعل يفسره الخبر ، ويصح أن يفسره ما فى الصلة.

ولو حذفت «الهاء» من الخبر لم يحسن عمله فى «اللذين» ، لأن «الفاء» تمنع من ذلك ، إذ ما بعدها منقطع مما قبلها.

١٩ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ

لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعاشِرُوهُنَّ

بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ

اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً)

«أن ترثوا النّساء كرها» : أن ، فى موضع رفع ب «يحل» ، وهو نهى عن تزويج المرأة مكرهة ، وهو شىء كان يفعله أهل الجاهلية ، يكون الابن أو القريب أولى بزوجة الميت من غيره ؛ وإن كرهت ذلك المرأة.

٩٠

«كرها» : مصدر فى موضع الحال ، ومثله : «بهتانا» الآية : ٢٠.

«إلّا أن يأتين بفاحشة» : أن ، استثناء ليس من الأول ، فى موضع نصب.

«فعسى أن تكرهوا» : أن ، فى موضع رفع ب «عسى» ؛ لأن معناها : فربّ كراهتكم لشىء وجعل الله فيه خيرا ، و «أن» والفعل ، مصدر.

٢٢ ـ (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ)

«إلّا ما قد سلف» : ما ، فى موضع نصب ، استثناء منقطع.

٢٣ ـ (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا

بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً)

«وأن تجمعوا بين الأختين» : أن ، فى موضع رفع ، عطف على «أمهاتكم» ، أي : وحرم عليكم الجمع بين الأختين ، وكذلك : «والمحصنات» الآية : ٢٤ ، رفع ، عطف على «أمهاتكم».

٢٤ ـ (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ

وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ

مُسافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً

وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ

إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً)

«إلا ما ملكت أيمانكم» : ما ، فى موضع نصب على الاستثناء ، و «ما ملكت» مصدر ، ولذلك وقعت «ما» لما يعقل ، لأن المراد بها صفة من يعقل ، و «ما» يسأل بها عما لا يعقل ، وعن صفات من يعقل.

«كتاب الله عليكم» : نصب على المصدر ، على قول سيبويه ؛ لأنه لما قال : «حرمت عليكم أمهاتكم» علم أن ذلك مكتوب ، فكأنه قال : كتب الله عليكم كتابا.

وقال الكوفيون : هو منصوب على الإغراء ؛ أي ، فعليكم. وهو بعيد ؛ لأن ما انتصب بالإغراء لا يتقدم على ما قام مقام الفعل ، وهو «عليكم» ، وقد تقدم فى هذا الموضع ، ولو كان النص «عليكم كتاب الله» لكان نصبه على الإغراء أحسن من المصدر.

«أن تبتغوا» : أن ، فى موضع نصب على البدل من «ما» ، فى قوله «ما وراء ذلكم» ، أو فى موضع رفع ـ على قراءة من قرأ «وأحل» على ما يسم فاعله ـ بدل من «ما» أيضا.

٩١

«محصنين» : حال من المضمر فى «يبتغوا» ، وكذا «غير مسافحين».

«فما استمتعتم» : ما ، رفع بالابتداء ، وهى شرط ، وجوابه «فآتوهن» ، وهو خبر الابتداء.

«فريضة» : حال. وقيل : مصدر فى موضع الحال.

٢٥ ـ (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ

أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ

بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ وَلا مُتَّخِذاتِ

أَخْدانٍ فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ

ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)

«أن ينكح» : أن ، فى موضع نصب ، بحذف حرف الجر ؛ تقديره : إلى أن ينكح.

«محصنات» : حال من الهاء والنون فى «منهن» ، وكذا : «غير مسافحات» ، وكذا : «ولا متخذات أخدان».

«ذلك لمن خشى» : ذلك ، مبتدأ ، وما بعده خبره ؛ أي : الرخصة فى نكاح الإماء لمن خشى العنت.

«وأن تصبروا خير لكم» : أن ، فى موضع رفع ، بالابتداء ، و «خير» خبره ؛ تقديره : والصبر عن تزويج الإماء خير لكم.

٢٨ ـ (يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً)

«ضعيفا» : نصب على الحال ؛ أي : خلق يغلبه هواه وشهوته وغضبه ورضاه ، فاحتاج أن يخفف الله عنه.

٢٩ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ

تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ)

«إلا أن تكون تجارة» من رفع جعل «كان» تامة ، بمعنى : «وقع» ؛ ومن نصب جعلها خبر «كان» ، وأضمر فى «كان» اسمها ؛ تقديره : إلا أن تكون الأموال أموال تجارة ؛ ثم حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه.

وقيل : تقديره : إلا أن تكون التجارة تجارة.

والتقدير الأول أحسن ، لتقدم ذكر «الأموال».

٩٢

و «أن» فى قوله : «إلا أن» ، فى موضع نصب على الاستثناء المنقطع.

ومثل «تجارة» قوله : (وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً) ٤ : ٤٠ ، فى الرفع والنصب.

٣٠ ـ (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً)

«عدوانا وظلما» : مصدران فى موضع الحال ، كأنه قال : متعديا وظالما.

٣١ ـ (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً)

«مدخلا» : مصدر «أدخل» ، فمن فتح الميم جعله مصدر «دخل» ، و «ندخلكم» يدل على «أدخل».

٣٣ ـ (وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ)

«ولكلّ جعلنا» : المضاف إليه محذوف مع «كل» ؛ تقديره : ولكل أحد ، أو نفس.

وقيل : تقديره : ولكل شىء مما ترك الوالدان والأقربون جعلنا موالى ، أو وارثا ، له.

٣٤ ـ (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ

فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللهُ وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ)

«بما حفظ الله» ؛ أي : حفظ الله لهن. وقرأ ابن القعقاع «الله» بالنصب ، على معنى : بحفظهن الله. «واهجروهنّ فى المضاجع» : ليس فى «المضاجع» ظرف للهجران ، إنما هو سبب للتخلف ؛ فمعناه : واهجروهن من أجل تخلفهن عن المضاجعة معكم.

٣٧ ـ (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ)

«الّذين» : فى موضع نصب ، بدل من «من» فى قوله : «لا يحب من» الآية : ٣٦.

٣٨ ـ (وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ)

«رئاء» : مفعول من أجله ؛ ويجوز أن يكون مصدرا فى موضع الحال من «الذين» ، فيكون «ولا يؤمنون» منقطعا لا معطوفا على «ينفقون» ؛ لأن الحال من «الذين» غير داخل فى صلته ، فيفرق بين الصلة والموصول بالحال ، إن عطفت «ولا يؤمنون» على «ينفقون».

وإن جعلته حالا من المضمر فى «ينفقون» جاز أن يكون «ولا يؤمنون» معطوفا على «ينفقون» ، داخلا فى فى الصلة ؛ لأن الحال داخلة فى الصلة ، إذ هى حال لما هو فى الصلة.

٩٣

٤١ ـ (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً)

«شهيدا» : حال من الكاف فى «بك».

٤٢ ـ (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ

وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً)

«يومئذ» : العامل فيه «يود».

٤٣ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ

وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ)

«وأنتم سكارى» : ابتداء وخبر ، فى موضع الحال من المضمر فى «تقربوا».

«ولا جنبا» : حال أيضا منه ، وكذلك ، «إلا عابرى سبيل» ، بمعنى : لا مسافرين ، فتتيممون للصلاة وتصلون وأنتم جنب.

وقيل : معناه : إلا مجتازين ، على أن الصلاة يراد بها موضع الصلاة.

٤٤ ـ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ

أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ)

«يشترون الضّلالة» : فى موضع الحال من «الذين» ، ومثله : «ويريدون».

٤٥ ـ (وَاللهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ وَكَفى بِاللهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللهِ نَصِيراً)

«كفى بالله» : الباء ، زائدة ، و «الله» فى موضع رفع ب «كفى» ، وإنما زيدت الباء مع الفاعل ليؤدى الكلام معنى الأمر ، لأنه فى موضع : اكتفوا بالله ؛ فدلت «الباء» على هذا المعنى.

«وليا ، ونصيرا» : تفسيران ، وإن شئت : حالين.

٤٦ ـ (مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا

وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا

وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً)

«من الّذين هادوا» : من ، متعلقة ب «نصيرا» ، أي : اكتفوا بالله ناصرا لكم من الذين هادوا.

«يحرّفون» : حال من «الذين هادوا» ، فلا تقف على «نصيرا» على هذا القول.

وقبل : «من الذين هادوا» ، متعلقة بمحذوف ، هو خبر ابتداء محذوف ، تقديره : من الذين هادوا قوم يحرفون ، فيتعلق «من» بمحذوف ، كما تتعلق حروف الجر إذا كانت أخبارا ؛ ويكون «يحرفون» نعت للابتداء المحذوف ، فتقف على «نصيرا» فى هذا القول.

٩٤

وقيل : متعلقة ب «الذين أوتوا نصيبا من الكتاب» الآية : ٤٤ ، بيّن أنهم من الذين هادوا ، فلا تقف على «نصيرا» أيضا.

وقيل : التقدير : من الذين هادوا من يحرف الكلم ؛ مبتدأ محذوف ، و «من الذين هادوا» خبر مقدم ؛ فتقف على «نصيرا» على هذا ، ومثله فى حذف «من» قوله تعالى (وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ) ٣٧ : ١٦٤ ؛ أي : من له مقام.

«غير مسمع» : نصب على الحال من المضمر فى و «اسمع» ؛ والمراد : واسمع غير مسمع مكروها.

وقيل : إنهم يريدون : غير مسمع منك ؛ أي : غير مجاب.

«ليّا» : مصدر ؛ وأصله : لويا ، ثم أدغمت الواو فى الياء.

وقيل : هو مفعول من أجله ، ومثله : «وطعنا فى الدين».

«ولو أنهم قالوا» : أن ، فى موضع رفع بالابتداء أبدا ، عند سيبويه ؛ ولم يجز سيبويه وقوع الابتداء بعد «لو» إلا مع «أن» خاصة ، لوجود لفظ الفعل بعد «أن» ، فإن وقع بعد «لو» اسم ارتفع بإضمار فعل عنده.

وقال غيره : «أن» وغيرها لا ترتفع بعد «لو» إلا بإضمار فعل.

«إلّا قليلا» : نعت لمصدر محذوف ، تقديره : إلا إيمانا قليلا ، وإنما قل : لأنهم لا يتمارون عليه ، ولأن باطنهم خلاف ما يظهرون ؛ ولو كان على الاستثناء لكان على الوجه ، رفع «قليل» على البدل من المضمر فى «يؤمنون» ؛ فإن جعلته مستثنى من «لعنهم» لم يحسن ؛ لأن من كفروا ملعونون لا يستثنى منهم أحد.

٤٧ ـ (أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً)

«كما لعنّا» : الكاف فى موضع نصب ، نعت لمصدر محذوف ؛ تقديره ؛ لعناهم مثل لعننا لأصحاب السبت.

٥١ ـ (وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً)

«سبيلا» : نصب على التفسير ؛ والنصب على التفسير ، وعلى البيان ، وعلى التمييز ، سواء ؛ إلا أن التمييز يستعمل فى الأعداد.

٥٣ ـ (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً)

لا يجوز عند أكثر النحويين «إذن» إلا بالنون ؛ وأجاز الفراء أن تكتب بالألف.

٩٥

و «إذن» هنا ، ملغاة غير عاملة ، لدخول واو العطف عليها ؛ وهى الناصبة للفعل عند سيبويه ، إذا نصبت.

والناصب عند الخليل «أن» مضمرة.

٥٥ ـ (فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً)

«من آمن به ، من صدّ عنه» : كلاهما مبتدأ ، وما قبل كل مبتدأ خبره ؛ أي : «فمنهم» و «منهم».

«سعيرا» : انتصب على التفسير.

٥٦ ـ (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ

بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها)

«كلما نضجت» : الناصب ل «كلما» قوله «بدلناهم».

٥٧ ـ (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ

خالِدِينَ فِيها أَبَداً لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلاً)

«تجرى من تحتها الأنهار» : تجرى ، فى موضع نعت ل «جنات».

«خالدين فيها» : حال من الهاء والميم ، فى «سندخلهم».

«لهم فيها أزواج» : أزواج ، ابتداء ، وخبره «لهم» ، والجملة يحتمل موضعها من الإعراب ما يحتمل «خالدين فيها».

٥٨ ـ (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ

أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ)

«أن تؤدوا ، أن تحكموا» : أن ، فيهما ، فى موضع نصب بحذف الخافض ، أصله : بأن تؤدوا ، وبأن تحكموا.

٥٩ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ

فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ

الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)

«وأولى الأمر» : واحد «أولى» : ذا ، المضاف ؛ لأنه منصوب ؛ وواحد «أولو» : ذو ، من غير لفظه ؛ كذلك واحد «أولات» : ذات.

«تأويلا» : نصب على التفسير.

٩٦

٦١ ـ (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ

يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً)

«صدرا» : اسم للمصدر ، عند الخليل ، والمصدر : الصد ، فهو نصب على المصدر.

٦٦ ـ (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ

إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً)

«إلا قليل» : رفع على البدل من المضمر فى «فعلوه» ، وقرأ ابن عامر بالنصب ، على الاستثناء ، وهو بعيد فى النفي ، لكنه كذلك بالألف فى مصاحف أهل الشام.

«تثبيتا» : نصب على التفسير.

٦٨ ـ (وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً)

«صراطا» : مفعول ثان ل «هدينا».

٦٩ ـ (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً)

«رفيقا» : تفسير.

وقال الأخفش : رفيقا ، حال ، و «أولئك» فى موضع رفع ب «حسن».

٧٠ ـ (ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ وَكَفى بِاللهِ عَلِيماً)

«عليما» : تفسير.

٧١ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً)

«ثبات ، جميعا» : حالان من المضمر فى «انفروا» فى اللفظين.

و «ثبات» : مفترقين ؛ وواحدها : ثبة ؛ وتصغيرها ، وثيبة. فأما «ثبة الحوض» ، وهو وسطه ، فتصغيرها : ثويبة.

٧٣ ـ (وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ

يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً)

«كأن لم تكن بينكم وبينه مودّة» : اعتراض بين القول والمقول ، وليس هو من قول الذي أبطأ عن الجهاد ، والمراد به التأخير بعد جواب التمني ، و «مودة» : اسم «تكن» ، و «بينكم» الخبر ، ولا يحسن كون «تكن» بمعنى : تقع ؛ لأن الكلام لا يتم معناه دون «بينكم وبينه» ، فهو الخبر وبه تتم الفائدة.

«فأفوز فوزا عظيما» : نصب على جواب التمني فى قوله : «يا ليتنى كنت معهم».

(م ٧ ـ الموسوعة القرآنية ح ٤)

٩٧

٧٥ ـ (وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ

وَالْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَاجْعَلْ لَنا مِنْ

لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً)

«وما لكم لا تقاتلون» : لا تقاتلون ، فى موضع نصب على الحال من «لكم» ، كما تقول : مالك قائما ، وكما قال تعالى : (فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ) ٤ : ٨٨ ، و (فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ) ٧٤ : ٤٩ ، و «ما» فى جميع ذلك ، مبتدأ ، والمجرور خبره.

«والمستضعفين» : عطف على اسم «الله» ، فى موضع خفض.

وقيل : هو معطوف على «سبيل».

«الظّالم أهلها» : نعت ل «القرية» وإنما جاز ذلك ـ و «الظالم» ليس لها للعائد عليها من نعتها ، وإنما وحّد لجريانه على موحد ، ولأنه لا ضمير فيه ، إذ قد رفع ظاهرا بعده ، وهو الأصل ، ولو كان فيه ضمير لم يجز استتاره ولظهر ـ لأن اسم الفاعل ، إذا كان خبرا أو صفة أو حالا لغير من هو له ، لم يستتر فيه ضمير البتة ، ولا بد من إظهاره ، فكذلك إن عطف على غير من هو له ؛ والفعل بخلاف ذلك ، يستتر الضمير فيه لقوته ، وإن كان خبرا أو صفة أو حالا لغير من هو له.

٧٧ ـ (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ

اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً)

«إذا فريق منهم» : فريق ، رفع بالابتداء ، و «منهم» نعت ل «فريق» فى موضع رفع ، و «يخشون» خبر الابتداء.

«كخشية الله» : الكاف ، فى موضع نصب ، نعت لمصدر محذوف ؛ تقديره : خشية مثل خشيتهم الله.

«أو أشدّ» : نصب ، أو عطف على «الكاف».

٧٨ ـ (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ)

«أينما» : أين ، ظرف مكان ، فيه معنى الاستفهام والشرط ، ودخلت «ما» لتمكن الشرط ، و «تكونوا» جزم بالشرط ، و «يدركم» جوابه.

٩٨

٧٩ ـ (ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ

وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً)

«ما أصابك من حسنة ، وما أصابك من سيّئة» : ما ، فيهما بمعنى «الذي» ، وليست للشرط ، لأنها نزلت فى شىء بعينه ، وهو الجدب والخصب ، والشرط لا يكون إلا مبهما ، يجوز أن يقع ويجوز ألا يقع ؛ وإنما دخلت الفاء للإبهام الذي فى «الذي» ، وأيضا فإن اللفظ «ما أصابك» ، ولم يقل «ما أصبت».

«وأرسلناك للناس رسولا» : رسولا ، مصدر مؤكد ، يعنى : ذا رسالة.

«شهيدا» : تفسير ؛ وقيل : حال.

٨١ ـ (وَيَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ

وَاللهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً)

«طاعة» : رفع على خبر ابتداء محذوف ؛ تقديره : ويقولون : أمرنا طاعة.

ويجوز فى الكلام النصب : على المصدر.

٨٣ ـ (وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ

وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ

وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلَّا قَلِيلاً)

«لاتّبعتم الشّيطان إلا قليلا» : قليلا ، منصوب على الاستثناء من الجمع المضمر فى «أذاعوا».

وقيل : من المضمر فى «يستنبطونه».

وقيل : من الكاف والميم فى «عليكم» ؛ على تقدير : لو لا فضل الله عليكم بأن بعث فيكم رسوله فآمنتم به لكفرتم إلا قليلا منكم ؛ وهم الذين كانوا على الإيمان قبل بعث الرسول عليه‌السلام.

و «لو لا» : يقع بعدها الابتداء ؛ والخبر محذوف ؛ ف «فضل» مبتدأ ، والخبر محذوف ، وإظهاره لا يجوز عند سيبويه.

٨٦ ـ (وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً)

«تحيّة» : وزنها : تفعلة ؛ وأصلها : تحية ؛ فألقيت حركة الياء على الحاء ، وأدغمت فى الثانية.

٩٩

٨٧ ـ (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ

وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً)

«الله لا إله إلا هو» : الله : مبتدأ ، و «لا إله» مبتدأ ثان ، وخبره محذوف ، والجملة خبر عن «الله» ، و «إلا هو» بدل من موضع «لا إله».

٨٨ ـ (فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ)

«فئتين» : نصب على الحال من الكاف والميم من «لكم» ، كما تقول : مالك قائما.

٨٩ ـ (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ

حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ

وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً)

«كما كفروا» : الكاف ، فى موضع نصب ، نعت لمصدر محذوف ؛ أي : كفرا مثل كفرهم.

٩٠ ـ (إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ

صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ)

«إلّا الذين يصلون» : الذين ، فى موضع نصب ، استثناء من الهاء والميم فى «واقتلوهم» الآية : ٨٩.

«حصرت صدورهم» : لا يكون «حصرت» حالا من المضمر المرفوع فى «جاءوكم» ، إلا أن يضمر معه «قد» ، فإن لم تضمر فهو دعاء ؛ كما تقول : لعن الله الكافر.

وقيل : «حصرت» فى موضع خفض ، نعت ل «قوم».

فأما من قرأ «حصرة» ، بالتنوين ، فجعله اسما ، فهو حال من المضمر المرفوع فى «جاءوكم» ، ولو خفض على النعت ل «قوم» جاز.

«أن يقاتلوكم» : أن ، فى موضع نصب ، مفعول من أجله.

٩٢ ـ (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ ر

َقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا تَوْبَةً مِنَ اللهِ وَكانَ اللهُ

عَلِيماً حَكِيماً)

«أن يقتل» : أن ، فى موضع رفع اسم «كان» ، و «إلا خطأ» استثناء منقطع ، ومثله «أن» فى : «إلا أن يصدقوا».

١٠٠