الموسوعة القرآنيّة - ج ٤

ابراهيم الأبياري

الموسوعة القرآنيّة - ج ٤

المؤلف:

ابراهيم الأبياري


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة سجل العرب
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٢٨

ـ ٥٧ ـ

سورة الحديد

١ ـ (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)

«والأرض» ؛ أي : وما فى الأرض ، ثم حذفت «ما» ، على أنها نكرة موصوفة ، قامت مقام الصفة ، وهى «الأرض» ، مقام الموصوف ، وهو «ما».

ولا يحسن أن يكون «ما» ، بمعنى : «الذي» ، وتحذف الصلة ، لأن الصلة لا تقوم مقام الموصول عند البصريين ، وتقوم الصفة مقام الموصوف عند الجميع ، فحمله على الإجماع أولى من حمله على الاختلاف.

٤ ـ (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)

«معكم» : نصب على الظرف ، والعامل فيه المعنى ؛ تقديره : وهو شاهد معكم.

٨ ـ (وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالرَّسُولُ)

«ما» : ابتداء ، و «لكم» : الخبر ، و «لا تؤمنون» : حال.

١٠ ـ (وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)

انتصب «كلا» ب «وعد».

ومن قرأه بالرفع جعل «وعد» نعتا ل «كل» ، فلا يعمل فيه ، فرفعه على إضمار مبتدأ ؛ تقديره : أولئك كل وعد الله الحسنى.

وقد منع بعض النحويين أن يكون «وعد» صفة ل «كل» ، لأنه معرفة ؛ تقديره : وكلهم ، فلا يكون الخبر إلا «وعد» ، وهو بعيد ، ولا يجوز عند سيبويه إلا فى الشعر.

١١ ـ (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ)

«قرضا» : قد تقدم ذكره فى «البقرة : ٢٤٥» ، وهو مصدر أتى على غير المصدر ، كما قال : (أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) ٧١ : ١٧ ، وكما قالوا : أجاب جابة.

وقيل : هو مفعول به ، كأنه قال : يقرض الله مالا حلالا.

٤٤١

١٢ ـ (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي

مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)

«يوم» : نصب على الظرف ، والعامل فيه : «وله أجر» الآية : ١١ ، و «يسعى» ، فى موضع نصب على الحال ، لأن «ترى» من رؤية العين.

وقوله «بشراكم» : ابتداء ، و «جنات» : خبره ؛ وتقديره : وبشرى لكم دخول جنات ، ثم حذف المضاف ، ومعناه : يقال لهم ذلك.

وأجاز الفراء نصب «جنات» على الحال ، ويكون «يوم» : خبر «بشراكم» ، وتكون «جنات» : حالا لا معنى له ، إذ ليس فيها معنى فعل.

وأجاز أن يكون «بشراكم» فى موضع نصب ، على معنى : يبشرونهم بالبشرى ، وينصب «جنات» ، ب «البشرى».

وكله بعيد ، لأنه يفرق بين الصلة والموصول ب «يوم».

«خالدين فيها» : نصب على الحال ، من الكاف والميم فى «بشراكم»

١٣ ـ (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ

ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ

وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ)

«يوم» : ظرف ، والعامل فيه : «ذلك هو الفوز» الآية : ١٢.

وقيل : هو بدل من «يوم» الأول.

و «فضرب بينهم بسور» : الباء ، زائده و «سور» : فى موضع رفع ، مفعول لم يسم فاعله ، «والباء» : متعلقة بالمصدر ؛ أي : ضربا بسور.

١٦ ـ (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ

وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ

وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ)

«ما» : بمعنى «الذي» ، فى موضع خفض عطف على «ذكر» ، وفى «نزل» : ضمير الفاعل ، يعود على «ما» ، ولا يجوز أن تكون مع الفعل مصدرا ، لأن الفعل يبقى بغير فاعل.

٤٤٢

ومن قرأ «نزّل» بالتشديد ، جعل فى «نزل» اسم الله ـ جل وعز ـ مضمرا ، وقدر «هاء» محذوفة تعود على «ما» ، لأن الفعل لما شدد تعدى إلى مفعول.

١٩ ـ (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ

أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ)

«والشهداء» : رفع ، عطف على «الصديقون» ، و «لهم أجرهم ونورهم» : يعود على الجميع.

وقيل : هو مبتدأ ، و «عند ربهم» : الخبر ، «ولهم أجرهم» : ابتداء وخبر ، فى موضع خبر «الشهداء» ، إن شئت ، والضمير يعود على «الشهداء» فقط.

٢٠ ـ (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ

فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ

فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ

وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوانٌ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ)

«أنما» : أن ، سدت مسد مفعولى «علم» ، و «ما» : كافة ، ل «أن» عن العمل ، و «الحياة» : ابتداء ، و «لعب» : الخبر ، و «الدنيا» : فى موضع رفع نعت ل «الحياة».

و «كمثل غيث» : الكاف ، فى موضع رفع نعت ل «تفاخر» ، أو : على أنها خبر بعد خبر ل «الحياة».

٢١ ـ (سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ

أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا)

«عرضها كعرض» : ابتداء وخبر ، فى موضع خفض على النعت ل «جنة» ، وكذلك : «أعدت» : نعت أيضا ل «جنة».

٢٢ ـ (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ

أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ)

«فى الأرض» : فى موضع رفع ، صفة ل «مصيبة» على الموضع ، لأن «من» : زائدة.

ويجوز أن يكون «فى الأرض» : ظرفا ل «أصاب» ، أو ل «مصيبة» ، فلا يكون فيه حينئذ ضمير «نبرأها» والضمير يعود على «مصيبة» ، وقيل : على «الأرض» ، وقيل : على «أنفسكم».

٢٤ ـ (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)

«الذين» : فى موضع رفع ، على إضمار مبتدأ ، أو على الابتداء ، والخبر محذوف ؛ أو فى موضع نصب على البدل من «كل» ، أو على : «أعنى».

٤٤٣

٢٥ ـ (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ)

«فيه بأس» : ابتداء وخبر ، فى موضع نصب على الحال من «الحديد».

٢٧ ـ (ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ)

«إلا ابتغاء رضوان الله» : استثناء ليس من الأول ، ويجوز أن يكون بدلا من المضمر المنصوب فى «كتبناها».

ـ ٥٨ ـ

سورة المجادلة

٢ ـ (الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي

وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ)

«الذين» : ابتداء ، و «ما هن أمهاتهم» : الخبر ، وأتت «ما» فى موضع نصب.

«إلا اللائي» : فى موضع رفع خبر ما بعد «إلا» الموجبة ، لأن «إن» بمعنى «ما» فى قوله «إن أمهاتهم».

واللغتان متفقتان فى الإيجاب على الرفع فى الخبر ، وكذلك إن تقدم الخبر على الاسم ، فالرفع فى الخبر لا غير.

«منكرا وزورا» : نعتان لمصدر محذوف ، نصب بالقول ؛ أي : ليقولون قولا منكرا وقولا زورا ؛ أي : كذبا وبهتانا.

ولو رفعته لانقلب المعنى ، لأنك كنت تحكى قولهم فتخبر أنهم يقولون هاتين اللفظين ، وليس اللفظ بهاتين اللفظين يوجب ذمهم.

٣ ـ (وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا)

«لما» : اللام ، متعلقة ب «يعودون» ؛ أي : يعودون لوطء المقول فيهن الظهار ، وهن الأزواج ، ف «ما» والفعل مصدر ؛ أي : لقولهم ، والمصدر فى موضع المفعول ، كقولهم : هذا درهم ضرب الأمير ، أي : مضروبه ، فيصير معنى «لقولهم» للمقول فيهن الظهار ؛ أي : لوطئهن بعد التظاهر منهن ، فعليهم تحرير رقبة من قبل الوطء.

٤٤٤

وقيل : التقدير : ثم يعودون لإمساك المقول فيها الظهار ولا تطلق.

وقال الأخفش : اللام ، متعلقة ب «تحرير» ، وفى الكلام تقديم وتأخير ؛ والمعنى : فعليهم تحرير رقبة لما نطقوا به من الظهار ، وتقدير الآية عنده : والذين يظاهرون من نسائهم فعليهم تحرير رقبة للفظهم بالظهار ثم يعودون للوطء.

وقال أهل الظاهر : إن «اللام» متعلقة ب «يعودون» ، فإن المعنى : ثم يعودون لقولهم فيقولون مرة أخرى ، فلا يلزم المظاهر عندهم كفارة حتى يظاهر مرة أخرى.

وهذا غلط ، لأن العود ليس هو أن يرجع الإنسان إلى ما كان فيه ، دليله : تسميتهم للآخرة : المعاد ، ولم يكن فيها أحد فيعود إليها.

وقال قتادة : معناه : ثم يعودون لما قالوا من التحريم فيحلونه ، فاللام ، على هذا متعلقة ، ب «يعودون».

٥ ، ٦ ـ (وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا)

«يوم» : ظرف ، والعامل فيه «عذاب مهين» ؛ أي : فى هذا اليوم.

٧ ـ (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ما يَكُونُ

مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ)

«ثلاثة» : خفض ، بإضافة «نجوى» إليها ، و ، «النجوى» بمعنى : السر ، كما قال تعالى : (نُهُوا عَنِ النَّجْوى) ٥٨ : ٨ ، و (بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ) ٥٨ : ١٣.

ويجوز أن يكون «ثلاثة» بدلا من «نجوى» بمعنى : المتناجين ، كما قال (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ) ٤ : ١١٤

ويجوز فى الكلام رفع «ثلاثة» على البدل من موضع «نجوى» ، لأن موضعها رفع ، و «من» : زائدة.

وإذا نصبت «ثلاثة» على الحال من المضمر المرفوع فى «نجوى» ، إذا جعلته بمعنى «المتناجين» ، جاز فى السلام.

١٨ ـ (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ)

«جميعا» : نصب على الحال.

١٩ ـ (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللهِ)

«استحوذ» : هو مما جاء على أصله وشذ عن القياس ، وكان قياسه «استحاذ» ، كما تقول : استقام الأمر ، واستجاب الداعي.

٤٤٥

٢٣ ـ (وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ)

أصل «أب» : أبو ، على فعل ، دليله قولهم : أبوان ، فى التثنية ، وحذفت الواو منه لكثرة الاستعمال ، ولو جرى على أصول الاعتلال لقلت : أباك ، فى الرفع والنصب والخفض ، بمنزله : عصا ، وعصاك.

وبعض العرب يفعل فيه ذلك ، ولكن جرى على غير قياس الاعتدال فى أكثر اللغات ، وحسن ذلك فيه لكثرة استعماله ولصرفه.

فأما «ابن» ، فالساقط فيه ياء ، وأصله : بنى ، مشتق من : «بنا يبنى» ، والعلة فيه كالعلة فى «أب».

وقد قيل : إن الساقط منه «واو» ، لقولهم : البنوة ، وهو غلط ، لأن «البنوة» فى وزنها : الفعولة ، وأصلها : البنوية ، فأدغمت الياء فى الواو ، وغلبت الواو للضمتين قبلها ، ولو كانت ضمة واحدة لصرت إلى الكسر وغلبت «الياء» ، ولكن لو أتى ب «الياء» فى هذا لوجب تغيير ضمتين ، فتستحيل الكلمة.

ـ ٥٩ ـ

سورة الحشر

٦ ـ (فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ)

«ولا ركاب» ، يجوز فى الكلام : ولا ركابا ، بالنصب ، تعطفه على موضع «من خيل» ، لأن «من» زائدة ، و «خيل» : مفعول به.

٧ ـ (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ

وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ)

«دولة» : خبر «كان» ، والفيء : اسمها ؛ تقديره : كيلا يكون الفيء دولة.

ومن قرأ «تكون» بالتاء ، ورفع «دولة» جعلها اسم «كان» ، و «كان» بمعنى : وقع ، ولا تحتاج إلى خبر ، و «لا» ، فى القراءتين : غير زائدة.

٨ ـ (لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً)

«يبتغون» : فى موضع نصب ، على الحال من «الفقراء» ، أو : الضمير فى «أخرجوا».

٩ ـ (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي

صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ)

«الذين» : فى موضع خفض ، عطف على «الفقراء» ، و «يحبون» : فى موضع نصب ، على الحال من «الذين» ، ومثله : ولا «يجدون» ، و «يؤثرون» ؛ أو فى موضع رفع على الابتداء ، والخبر : «يحبون»

٤٤٦

١٢ ـ (لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ

وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ)

«لا يخرجون معهم» ، و «لا ينصرونهم» : لم يجز «ما» ، لأنهما جوابان لقسمين قبلهما ، ولم يعمل فيهما الشرط.

١٤ ـ (لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ)

«جميعا» : نصب على الحال ، من المضمر المرفوع.

١٦ ـ (كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ)

«كمثل» : الكاف ، فى موضع رفع.

١٧ ـ (فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ)

«أن» : فى موضع رفع ، اسم «كان» ، و «العاقبة» : الخبر ، و «وخالدين» : حال.

ويجوز رفع «خالدين» على خبر «أن» ، ويلغى الظرف ، وبه قرأ الأعمش.

وكلا الوجهين عند سيبويه سواء.

وقال المبرد : نصب «خالدين» على الحال ، أو لئلا يلغى الظرف مرتين ، يعنى «فى النار» و «فيها».

ولا يجوز ، عند الفراء ، إلا نصب «خالدين» على الحال ، لأنك لو رفعت «خالدين» على خبر «أن» كان حق «فى النار» أن يكون متأخرا ، فيقدم المضمر على المظهر ، لأنه يصير التقدير عنده : وكان عاقبتهما أنهما خالدان فيها فى النار ، وهذا جائز عند البصريين ، إذا كان المضمر فى اللفظ بعد المظهر ، وإن كانت رتبة المضمر التأخير ، إنما ينظر إلى اللفظ عندهم ، وكلهم أجاز : ضر زيدا طعامه ، بتأخير الضمير فى اللفظ ، وإن كانت رتبته التقديم ، لأنه فاعل.

٢١ ـ (لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ)

«خاشعا متصدعا» : حالان من الهاء فى «رأيته» ، و «رأيت» : من : رؤية العين.

٢٤ ـ (هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى)

«المصور» : مفعّل ، من : صور يصور ، ولا يحسن أن يكون من : صار يصير ؛ لأنه يلزم فيه أن يقال : المصيّر ، بالياء ، وهو نعت بعد نعت ، أو خبر بعد خبر ؛ ويجوز نصبه فى الكلام ، ولا بد من فتح الواو ، فتنصبه ب «البارئ» ؛ أي : هو الله الخالق المصوّر ؛ أي : الذي يخلق المصوّر ؛ يعنى : آدم عليه‌السلام.

ولا يجوز نصبه مع كسر الواو.

وقد روى عن على رضى الله عنه أنه قرأ بفتح الواو وكسر الراء ، على التشبيه ب «الحسن الوجه».

٤٤٧

ـ ٦٠ ـ

سورة الممتحنة

١ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ

وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ

رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي)

«تلقون» : فى موضع نصب ، على النعت ل «أولياء».

«يخرجون الرسول» : فى موضع نصب ، على الحال من المضمر فى «كفروا».

«إن تؤمنوا» : أن ، فى موضع نصب ، مفعول من أجله.

«إن كنتم خرجتم» : أن ، للشرط ، وجواب الشرط فيما تقدم من الكلام ، لأنها لم تعمل فى اللفظ.

«جهادا» : نصب على المصدر فى موضع الحال ؛ وقيل : هو مفعول من أجله ، ومثله : «ابتغاء مرضاتى».

٣ ـ (لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)

«يوم» : ظرف ، العامل فيه «ينفعكم» ، وتقف على «القيامة».

وقيل : «ينفعكم» : هو العامل فى الظرف ، وتقف على «بينكم» ، ولا تقف على «القيامة».

٤ ـ (قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ

وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى

تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ)

«برءاء» : جمع : برىء ، ككريم وكرماء.

وأجاز عيسى بن عمر «براء» ، بكسر الباء ، جعله ككريم وكرام.

وأجاز الفراء «براء منكم» ، بفتح الراء ، بلفظ الواحد يدل على الجمع ، كقوله (إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ) ٤٣ : ٢٦.

و «براء» ، فى الأصل : مصدر ، فهو يقع على الواحد والجمع بلفظ واحد ، وتحقيقه : إننى ذو براء ؛ أي : ذو تبرؤ منكم.

«إلا قول إبراهيم» : قول ، استثناء ليس من الأول.

٤٤٨

٨ ـ (لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ

دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)

«أن تبروهم» : أن ، فى موضع خفض على البدل من «الذي» ، وهو بدل الاشتمال ، ومثله : «أن تولوهم» الآية : ٩.

وقيل : هما مفعولان من أجلهما.

١٠ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ

فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ

وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ)

«مهاجرات» : نصب على الحال ، من «المؤمنات».

«مؤمنات» : مفعول ثان ل «علمتموهن» ، «وهن» : الأول.

«أن تنكحوهن» : فى موضع نصب بحذف حرف الجر ؛ تقديره : فى أن تنكحوهن ؛ أي : ليس عليكم حرج فى نكاحهن إذا آتيتموهن أجورهن.

ـ ٦١ ـ

سورة الصف

٣ ـ (كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ)

«مقتا» نصب على البيان.

«أن تقولوا» : أن ، فى موضع رفع على الابتداء ، وما قبلها الخبر ؛ تقديره : قولكم ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله.

ويجوز أن يكون «أن» فى موضع رفع ، على إضمار مبتدأ ؛ أي : هو أن تقولوا.

وفى «كبر» : ضمير فاعل ؛ أي : كبر المقت مقتا ، هذا مما أضمر من غير تقدم ذكر قبله ، لكنه أضمر على شريطة التفسير ، لأنه بمعنى الذّم ؛ تقديره : قولكم ما لا تفعلون مذموم ؛ وقام قوله : «كبر مقتا» مقام «مذموم» ، كما تقول : زيد نعم رجلا ، فترفع «زيدا» على الابتداء وما بعده خبره ، وليس فيه ما يعود عليه ، ولكنه جاز وحسن ، لأن معناه المدح ، فكأنه فى التقدير : زيد ممدوح ، وقام قولك : «نعم رجلا» مقام «ممدوح».

٤٤٩

٤ ـ (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ)

«صفا» : مصدر ، فى موضع الحال.

«كأنهم بنيان» : فى موضع الحال من المضمر المرفوع فى «يقاتلون» ؛ والتقدير : مشبهين بنيانا مرصوصا.

٦ ـ (وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً

لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ)

العامل فى «إذ» : فعل مضمر ؛ تقديره : واذكر إذ قال.

«مصدقا» و «مبشرا» : حالان ، من عيسى عليه‌السلام.

١١ ، ١٢ ـ (تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ

إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ)

«تؤمنون ، وتجاهدون» ، لفظهما ، عند المبرد ، لفظ الخبر ومعناه الأمر ، كأنه قال : آمنوا وجاهدوا ، ولذلك قال : «يغفر لكم» ، «ويدخلكم» : بالحزم ، لأنه جواب الأمر ، فهو محمول على المعنى.

ودل على ذلك أن فى حرف عبد الله «آمنوا» ، على الأمر.

وقال غيره : «تؤمنون» و «وتجاهدون» : عطف بيان على ما قبله ، وتفسير ل «التجارة» ما هى ، كأنه لما قال «هل أدلكم على تجارة» الآية : ١٠ ، لم يدر ما التجارة؟ فبينها بالإيمان والجهاد ، فعلم أن التجارة هى الإيمان والجهاد ، فيكون على هذا «يغفر» جواب الاستفهام محمول على المعنى ، لأن المعنى : هل تؤمنون بالله وتجاهدون يغفر لكم ، لأنه قد بين التجارة بالإيمان والجهاد ، فهى هما ، وكأنهما قد لفظ بهما فى موضع التجارة بعد «هل» ، فحمل الجواب على ذلك المعنى.

وقال الفراء : «يغفر» : جواب الاستفهام ، فإن أراد هذا المعنى فهو حسن ، وإن لم يرده فذلك غير جائز ، لأن «الدلالة» لا تجب بها المغفرة ، إنما تجب المغفرة بالقول والعمل.

١٣ ـ (وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)

«أخرى» : فى موضع خفض ، عطف على «تجارة» الآية : ١٠ ؛ أي : وهل أدلكم على خلة أخرى تحبونها.

هذا مذهب الأخفش ، ويرفع «نصر» على إضمار مبتدأ ؛ أي : ذلك نصر ، أو : هى نصر.

وقال الفراء : «أخرى» : فى موضع رفع على الابتداء ؛ والتقدير عنده : ولكم خلة أخرى.

٤٥٠

وهو اختيار الطبري ، واستدل على هذا بقوله «نصر» و «فتح» ، على البدل من «أخرى».

١٤ ـ (فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ)

«ظاهرين» : نصب على خبر «أصبح» ، والضمير : اسمها.

ـ ٦٢ ـ

سورة الجمعة

٢ ـ (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ

الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)

«يتلو ، ويزكيهم ويعلمهم» : كلها نعوت ل «رسول» ، وكذلك : «منهم» ، نعت أيضا ، فى موضع نصب كلها.

٣ ـ (وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)

«آخرين» : فى موضع خفض ، عطف على «الأميين» الآية : ٢.

وقيل : فى موضع نصب ، على العطف على المضمر المنصوب فى «يعلمهم» ، أو : «يزكيهم».

وقيل : هو معطوف على معنى «يتلوا عليهم» ، لأن معناه : يعرفهم آياته.

«لما يلحقوا» : أصل «لما» : لم ، زيدت عليها «ما» لينفى بها ما قرب من الحال ، ولو لم يكن معها «ما» لكانت على نفى ماض لا غير ، وإذا قلت : لم يقم زيد ، فهو نفى لمن قال : قام زيد ؛ وإذا قلت : لما يقم زيد ، فهو نفى لمن قال : يقوم زيد.

٥ ـ (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً بِئْسَ مَثَلُ

الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)

«يحمل» : حال من «الحمار».

«بئس مثل القوم» : مثل ، مرفوع ب «بئس» ، والجملة : فى موضع البيان لمحذوف ؛ تقديره : بئس مثل القوم هذا المثل ، لكن حذف لدلالة الكلام عليه.

٨ ـ (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ)

«ملاقيكم» : خبر «إن» ، وإنما دخلت الفاء فى خبر «إن» ، لأنه قد نعت اسمها ب «الذي» ، والنعت هو المنعوت ، و «الذي» مبهم ، والإبهام حد من حدود الشرط ، فدخلت «الفاء» فى الخبر لما فى «الذي» من الإبهام ،

٤٥١

الذي هو من حدود الشرط ، وحسن ذلك لأن «الذي» قد وصل يفعل ، ولو وصل بغير فعل لم يجز دخول «الفاء» فى الخبر ، لو قلت : إن أخاك فجالس ، لم يجز ؛ إذ ليس فى الكلام ما فيه إبهام.

ويجوز أن يكون «الذي تفرون منه» هو الخبر ، ويكون «الفاء» فى «فإنه ملاقيكم» : جواب للجملة ، كما تقول : زيد منطلق فقم إليه.

٩ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ)

«الجمعة» : يجوز إسكان الميم استخفافا.

وقيل : هى لغة

وقيل : لما كان فيه معنى الفعل صار بمنزلة «رجل هزأة» ، لأنه مفعول به فى المعنى وشبهه ، فصار كهزأة ، الذي يهزأ منه.

وفيه لغة ثالثة : الجمعة ، بفتح الميم ، على نسب الفعل إليها ، كأنها تجمع الناس ، كما يقال : رجل لحنة ، إذا كان يلحن الناس ؛ وقرأة ، إذا كان يقرئ الناس.

ـ ٦٣ ـ

سورة المنافقون

١ ـ (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ

وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ)

العامل فى «إذا» : «جاءك» ، لأن فيها معنى الشرط ، وقد تقدمت عليها.

«يعلم إنك لرسوله» : كسرت «إن» ، لدخول اللام عليها فى خبرها ، فالفعل معلق عن العمل فى اللفظ ، وهو عامل فى المعنى فى الجملة ، ولا يعلق عن العمل إلا الأفعال التي تنصب الابتداء والخبر.

٢ ـ (اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ)

«ما» : فى موضع رفع ب «ساء» ، على قول سيبويه ، و «وكانوا يعملون» : صلة «ما» ، و «الهاء» : محذوفة ؛ أي : يعملونه.

وقال الأخفش : «ما» : نكرة ، فى موضع نصب ، و «كانوا يعملون» : نعته ، «والهاء» : محذوفة أيضا من الصلة ، وحذفها من الصلة أحسن ، وهو جائز من الصفة.

٤٥٢

وقال ابن كيسان : «ما» والفعل : مصدر ، فى موضع رفع ب «ساء» ، فلا يحتاج إلى «هاء» محذوفة ، على قوله.

٥ ـ (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ)

«تعالوا يستغفر» : أعمل الثاني منهما ، وهو «يستغفر». وليس فيه ضمير ، لأن فاعله بعده ، ولو أعمل الأول فى الكلام ، وهو «تعالوا» ، لقيل : تعالوا يستغفر لكم إلى رسول الله ؛ لأن تقديره : تعالوا إلى رسول الله يستغفر لكم ، ففي «يستغفر» : ضمير الفاعل على هذا التقدير.

٦ ـ (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ)

«لن يغفر» : لن ، هى الناصبة للفعل ، عند سيبويه.

وقال الخليل : أصلها «لا أن» ، فحذفت الهمزة لكثرة الاستعمال ، ثم حذفت ألف «لا» لسكونها وسكون النون ، فبقيت : لن ، و «ولن» موضوعه لنفى المستقبل ؛ فإذا قلت : لن يقوم زيد ، فإنما هو نفى لمن قال : سيقوم زيد ؛ ولذلك لا يجوز دخول السين وسوف مع «لن» ، لأنها لا تدخل إلا على مستقبل ، فلا تحتاج إلى السين وسوف معها ، ف «لن» هى الناصبة للفعل ، عند الخليل.

وقال سيبويه : إنه لا يجوز : زيدا لن أضرب ، لأنه فى صلة «لن» ، على قول الخليل.

وقد منع بعض النحويين ـ وهو على بن سليمان ـ أن يجوز : زيدا لن أضرب ، من جهة أن «لن» لا تتصرف ، فهى ضعيفة لا يتقدم عليها ما بعدها ، كما لم يجز أن يتقدم اسم «أن» عليها ، وعوامل الأسماء أقوى من عوامل الأفعال ، وإذا لم يتقدم ما بعد عوامل الأسماء عليها ، وهى أقوى من عوامل الأفعال ، كان ذلك فى عوامل الأفعال أبعد ؛ وكذلك «لم» عنده.

والبصريون على جوازه مع «لن».

٨ ـ (يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ)

«ليخرجن» : هذا وجه الكلام ، لأن الفعل متعد إلى مفعول ، لأنه من «أخرج».

فأما من قرأ «ليخرجن» ، بفتح الياء ، فالفعل غير متعد ، لأنه «خرج» ، لكنه ينصب الأول على الحال ، والحال لا يكون فيها الألف واللام إلا فى نادر يسمع ولا يقاس عليه ؛ حكى سيبويه : ادخلوا الأول فالأول ، نصبه على الحال.

وأجاز يونس : مررت به المسكين ، نصب «المسكين» على الحال ، ولا يقاس عليه لشذوذه وخروجه عن القياس.

٤٥٣

١٠ ـ (وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي

إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ)

«وأكن» : من حذف الواو عطفه على موضع «الفاء» ، لأن موضعها جزم على جواب التمني ؛ ومن أثبت عطفه على لفظ ، «فأصدق» ، والنصب فى «فأصدق» على إضمار «أن».

ـ ٦٤ ـ

سورة التغابن

٦ ـ (ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا)

«يهدوننا» : إنما جمع ، لأنه رده على ، معنى «بشر» ، لأنه بمعنى الجماعة فى هذا الموضع ، ويكون للواحد ، نحو قوله «ما هذا بشرا» ١٢ : ٣١.

وقد أجاز النحويون : رأيت ثلاثة نفر ، وثلاثة رهط ، حملا على المعنى ؛ ولم يجيزوا : رأيت ثلاثة قوم ، ولا ثلاثة بشر ؛ والفرق بينهما أن «نفرا» و «رهطا» ، لما دون العشرة من العدد ، فأضيف ما دون العشرة من العدد إلى ما فوقها ؛ وأما «بشر» فيقع للواحد ، فلم يمكن إضافة عدد إلى واحد.

و «بشر» : رفع بالابتداء ؛ وقيل : بإضمار فعل.

٩ ـ (يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ)

«يوم» : ظرف ، والعامل فيه : «لتنبئون» الآية : ٧.

١٦ ـ (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ)

«خيرا» : انتصب ، عند سيبويه ، على إضمار فعل دل عليه الكلام ، لأنه لما قال «وأنفقوا» دل على أنه أمرهم أن يأتوا فعل خير ، وكأنه قال : وأتوا خيرا.

وقال الفراء والكسائي : هو نعت لمصدر محذوف ؛ تقدير : وأنفقوا إنفاقا خيرا.

وقيل : هو نصب ب «أنفقوا» ، و «الخير» : المال ، على هذا القول ، وفيه بعد فى المعنى.

وقال بعض الكوفيين : هو نصب على الحال ، وهو بعيد فى الإعراب والمعنى أيضا.

٤٥٤

ـ ٦٥ ـ

سورة الطلاق

٣ ـ (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً)

انتصب «أمره» ب «بالغ» ، لأنه بمعنى الاستقبال.

وقد قرئ بالإضافة.

وأجاز الفراء فى الكلام : بالغ أمره ، بالتنوين ورفع «الأمر» ب «بالغ». أو بالابتداء ، و «بالغ» : خبره ، والجملة : خبر «إن».

٤ ـ (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ

وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ

اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً)

«واللائي يئسن» : اللائي ، ابتداء ، و «يئسن» وما بعده : صلة ، إلى «نسائكم» ، و «إن ارتبتم» : شرط و «فعدتهن» : ابتداء ، و «ثلاثة» : خبره ، و «الفاء» : جواب شرط ، وجوابه وما تعلق به : خبر عن «اللائي». والتقدير : إن ارتبتم فيهن فأمد عدتهن ثلاثة أشهر.

وواحد «اللائي» : التي.

«وأولات الأحمال» : ابتداء ، و «أجلهن» : ابتداء ثان ، و «أن يضعن» : خبر الثاني ، و «أن» : فى موضع رفع ، وهى والفعل مصدر ، والثاني وخبره : خبر الأول.

ويجوز أن يكون «أجلهن» بدلا من «أولات» ، وهو بدل الاشتمال ، و «أن يضعن» : الخبر.

وواحد «أولات» : ذات.

٦ ـ (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ)

فى «كن» : اسمها ، و «أولات» : الخبر ؛ تقديره : وإن كانت المطلقات أولات حمل فأنفقوا عليهن.

١٠ ، ١١ ـ (قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ مُبَيِّناتٍ)

انتصب «ذكرا» ب «أنزل» ، وانتصب «رسول» على نعت «ذكر» ؛ تقديره : ذكرا ذا رسول ، ثم حذف المضاف إليه.

وقيل : انتصب «رسول» على البدل من «ذكر» ، و «رسول» بمعنى : رسالة.

٤٥٥

وقيل : هو بدل ، و «رسول» : على بابه ، لكن معناه : قد أظهر الله لكم ذكرا رسولا ، لأن «أنزل» دل على إظهار أمر لم يكن ، فليس هو بمعنى «رسالة» ، على هذا المعنى.

وهو فى الوجهين بدل الشيء من الشيء ، وهو هو.

وقيل : هو نصب على إضمار : «أرسلنا».

وقيل : على إضمار : «أعنى».

وقيل : هو نصب على الإغراء ؛ أي : اتبعوا رسولا ، أو : الزموا رسولا.

وقيل : هو نصب بفعل دل عليه «ذكرا» ؛ تقديره : قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا ؛ أي : تذكروا رسولا ؛ أو : نذكر رسولا.

وقيل : هو نصب ب «ذكر» ، لأنه مصدر يعمل عمل الفعل ، تقديره : فأنزل الله إليكم أن تذكروا رسولا.

و «يتلو» : نعت ل «رسول».

١٢ ـ (اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ

عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً)

«لتعلموا» : اللام ، متعلقة ب «يتنزل».

وقيل : ب «خلق».

ـ ٦٦ ـ

سورة التحريم

١ ـ (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي ، مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)

«تبتغى» : فى موضع نصب ، على الحال من المضمر فى «تحرم».

٢ ـ (قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ وَاللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)

«تحلة» : نصب ب «فرض» ، وزنه : تفعلة ، وأصله : تحللة ، ثم ، ألقيت حركة اللام الأولى على الحاء ، وأدغمت فى الثانية.

٣ ـ (فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ)

«نبأت به» : المفعول الثاني محذوف ؛ تقديره : نبأت به صاحبتها ، يعنى : حفصة رضى الله عنها عائشة. وقيل : عائشة هى المخبرة حفصة بالسر.

٤٥٦

وكذلك المفعول فى قوله «عرف بعضه» ، فى قراءة من شدد الراء ؛ أي : عرفها بعضه على بعض ما أفشت لصاحبتها ، وأعرض عن بعض ، تكرما منه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلم يعرفها به.

فأما من خفف الراء ، فهو على معنى : جازى على بعضه ولم يجاز على بعض ، إحسانا منه صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

ولا يحسن أن يكون : معناه : أنه لم يدر بعضه ، لأن الله عزوجل قد أخبرنا أنه قد أظهر نبيه عليه ، فغير جائز أن يظهر على ما أفشت ويعرفه بعض ما أظهره عليه دون بعض ، أو يعرف بعضا وينكر بعضا.

٤ ـ (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ

وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ)

إنما جمع «القلب» ، وهما اثنان ، لأن كل شىء ليس فى الإنسان منه غير واحد إذا قرن به مثله ، فهو جمع ، وقيل : لأن التثنية جمع ، لأنه جمع شىء إلى شىء.

«فإن الله هو مولاه» : هو ، فاصلة ، و «مولاه» : خبر «إن».

ويجوز أن يكون «هو» : ابتداء ، «ومولاه» : الخبر ، والجملة : خبر «إن». وتقف على «مولاه» ، على هذا لا تتجاوزه.

«وجبريل» : ابتداء ، وما بعده عطف عليه ، و «ظهير» : خبر.

ويجوز أن يكون «وجبريل» عطفا على «مولاه».

وتقف على «جبريل» على هذا ، ويكون «وصالحو المؤمنين» ابتداء ، و «الملائكة» : عطفا ، و «ظهير» : خبرا.

ويجوز أن يكون «وصالحو المؤمنين» : عطفا على «جبريل» ، و «جبريل» : عطفا على «مولاه».

و «المولى» ، بمعنى : الولي ، لأن الملائكة والمؤمنين أولياء الأنبياء وناصروهم ، فتقف ، على هذا ، على «المؤمنين» ، ويكون قوله «والملائكة» : ابتداء ، و «ظهير» : خبره ، لأن المتعارف عند القراء الوقف على «مولاه» ، ويكون «وجبريل» : ابتداء يبتدأ به.

٥ ـ (عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ)

«أن» : فى موضع نصب خبر «عسى» ، ومثله : «أن يكفر» الآية : ٨.

٦ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً)

«قوا» : فعل قد اعتل فاؤه ولامه ، فالفاء محذوفة لوقوعها بين ياء وكسرة فى قوله «يقى» ، على مذهب البصريين

٤٥٧

وقال الكوفيون : إنما حذفت للفرق بين المتعدى وغير المتعدى ، فحذفت فى : «تعد» ، و «يقى» ، لأنه متعد ، وثبتت فى «يوجل» لأنه غير متعد ، ويلزمهم ألا يحذفوا فى «يرم» و «يثق» لأنهما غير متعديين ، ولا بد من الحذف فيهما ؛ و «اللام» محذوفة لسكونها ويكون الواو بعدها ، والنون محذوفة للبناء ، عند البصريين ، وللجزم عند الكوفيين ، وأصله : أوفيوا ، فحذفت الواو ، لما ذكرنا ، فاستغنى عن ألف الوصل ، ثم ألقيت حركة الياء على القاف ، وحذفت لسكونها وسكون الواو بعدها ، فصارت : قوا.

وقيل : بل حذفت الضمة عن «الياء» استخفافا ، وحذفت لسكونها وسكون الواو بعدها ، وضمت القاف لأجل الواو ، لئلا تنقلب ياء ، فتغير المعنى.

١٠ ـ (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ)

«مثلا» ، و «امرأة» : مفعولان ب «ضرب».

وقيل : «امرأة نوح» ، هى بدل من «مثلا» ؛ على تقدير : مثل امرأة نوح ، ثم حذف «مثل» الثاني لدلالة الأول عليه.

١٢ ـ (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها)

«مريم» : انتصب على العطف ، على «مثلا» الآية : ١١ ، و «ابنة» : نعت لها ، أو بدل. ولم تنصرف «مريم» للتأنيث والتعريف.

وقيل : إنه اسم أعجمى ؛ وقيل : عربى

ـ ٦٧ ـ

سورة الملك

٣ ـ (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ فَارْجِعِ

الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ)

«طباقا» : نعت ل «سبع».

«وقيل» : هو جمع «طبقة» ، كرحبة ورحاب.

وقيل : هو جمع «طبق» ، كجمل وجمال.

٤ ـ (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ)

«كرتين» نصب ، لأنه فى موضع المصدر ، كأنه قال : فارجع البصر رجعتين.

٤٥٨

«خاسئا» : حال من «البصر» ، وكذلك : «وهو حسير» ، ابتداء وخبر ، فى موضع نصب على الحال من «البصر».

٨ ـ (تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ)

«كلما» : نصب ب «ألقى» ، على الظرف.

١١ ـ (فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ)

إنما وحد «الذنب» ، والإخبار عن جماعة ، لأنه مصدر يقع على القليل والكثير «فسحقا» : نصب على إضمار فعل ؛ أي : ألزمهم الله سحقا.

وقيل : هو مصدر جعل بدلا من اللفظ بالفعل ، وهو قول سيبويه.

والرفع يجوز فى الكلام على الابتداء.

١٤ ـ (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)

«من» : فى موضع رفع ب «يعلم» ، والمفعول محذوف ؛ تقديره : ألا يعلم الخالق خلقه ، فدل ذلك على أن ما يسرّ الخلق من قولهم وما يجهرون به كل من خلق الله ، لأنه قال : «وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور» الآية : ١٣

ولا يصح أن تكون «من» فى موضع نصب ، اسما للمسرين والمجاهرين ، حتى لا يخرج الكلام من عمومه ، ويدفع عموم الخلق عن الله جل ذكره ، ولو أتت «ما» فى موضع «من» لكان فيه بيان لعموم أن الله خالق كل شىء من أقوال الخلق ، أسروها أو أظهروها ، خيرا كانت أو شرا ، ويقوى ذلك قوله «إنه عليم بذات الصدور» ، ولم يقل : عليم بالمسرين والمجاهرين ، وتكون «ما» : فى موضع نصب.

١٦ ، ١٧ ـ (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ

أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ)

«أن» ، فيهما : فى موضع نصب على البدل من «من» ، وهو بدل الاشتمال.

وقال النحاس : «أن» : مفعولة ، ولم يذكر البدل ، ووجهه ما ذكرت لك.

١٩ ـ (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ)

«صافات» : حال من «الطير» ، وكذلك : «ويقبضن».

٤٥٩

٢٢ ـ (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)

«أفمن يمشى» : ابتداء ، و «مكبا» : حال منه ، و «أهدى» : خبره.

٢٣ ـ (قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ)

إنما وحد «السمع» ، لأنه فى الأصل مصدر.

٢٥ ـ (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)

«هذا» : مبتدأ ، و «الوعد» : نعته ، و «متى» : فى موضع رفع خبر «هذا» ، وفيه ضمير مرفوع يعود على «هذا».

وقيل : «هذا» : رفع بالاستقرار ، و «متى» : ظرف فى موضع نصب ، فلا يكون فيه ضمير.

٢٧ ـ (فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ

بِهِ تَدَّعُونَ)

«تدعون» : هو تفتعلون ، من الدعاء ، وأصله : تدتعيون ، ثم أدغمت التاء فى الدال ، على إدغام الثاني فى الأول ، لأن الثاني أضعف من الأول ، وأصل الإدغام الأضعف فى الأقوى ، ليزداد قوة مع الإدغام ، والدال مجهورة والتاء مهموسة ، والمجهور أقوى من المهموس ، فلذلك أدغم الثاني فى الأول ، ليصير اللفظ بحرف مجهور.

٣٠ ـ (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ)

«فمن يأتيكم» : ابتداء وخبر ، و «الفاء» : جواب الشرط.

«بماء معين» : يجوز أن يكون «معينا» بمعنى : «فعيلا» ، من : معن الماء ، إذا كثر ؛ ويجوز أن يكون «مفعولا» من العين ؛ وأصله : معيون ، ثم أعل بأن أسكنت الياء استخفافا وحذفت لسكونها وسكون الواو بعدها ، ثم قلبت الواو ياء ، لانكسار العين قبلها.

وقيل : بل حذفت الواو لسكونها وسكون الياء قبلها ؛ فتقديره على هذا : فمن يأتيكم بماء يرى بالعين.

ـ ٦٨ ـ

سورة القلم

١ ـ (ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ)

قد تقدم وجهه الإظهار والإدغام فى النون فى «يسن» وغيرها ، وقد قرئت بفتح «النون» على أنه مفعول به ؛ أي : اذكر نون ، أو : أقرأ نون ، ولم ينصرف لأنه معرفة ، وهو اسم لمؤنث ، وهى السورة.

٤٦٠