الموسوعة القرآنيّة - ج ٤

ابراهيم الأبياري

الموسوعة القرآنيّة - ج ٤

المؤلف:

ابراهيم الأبياري


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة سجل العرب
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٢٨

وقيل : لأنه اسم أعجمى.

وقال سيبويه : إنما فتحت النون لالتقاء الساكنين ، كأين وكيف ، كأن القارئ وصل قراءته ولم يدغم ، فاجتمع ساكنان : النون والواو ، وفتحت النون.

وقال الفراء : إنما فتحت على التشبيه ب «ثم».

وقال غيره : فتحت ، لأنها أشبهت نون الجمع.

وقال أبو حاتم : لما حذفت منها واو القسم نصبت بالفعل المقسم به ، كما تقول : الله لأفعلن ، فنصب الاسم بالفعل ، كأنه فى التمثيل ، وإن كان لا يستعمل : أقسمت بالله.

وأجاز سيبويه : الله لأفعلن ، بالخفض ، أعمل حرف القسم ، وهو محذوف ، وجاز ذلك فى هذا ، وإن كان لا يجوز فى غيره ، لكثرة استعمال الحذف فى باب القسم.

ومن جعل «نون» قسما ، جعل الجواب : «ما أنت بنعمة ربك» الآية : ٢.

٦ ـ (بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ)

«بأيكم» : الباء ، زائدة ، والمعنى : أيكم المفتون.

وقيل : الباء ، غير زائدة ، لكنها بمعنى «فى» ؛ والتقدير : فى أيكم المفتون.

وقيل : المفتون ، بمعنى : الفتون ، والتقدير : فى أيكم الفتون ؛ أي : الجنون.

وكتب «أيكم» فى المصحف ، فى هذا الموضع خاصة ، بياءين وألف قبلهما ، وعلة ذلك أنهم كتبوا للهمزة صورة على التحقيق وصورة على التخفيف ، فالألف صورة الهمزة على التحقيق ، والياء الأولى صورتها على التخفيف ، لأن قبل الهمزة كسرة ، فإذا خفضتها فحكمها أن تبدل منها ياء ؛ والثانية صورة الياء المشددة.

وكذلك كتبوا «بأييد ـ ٥١ : ٤٧» بياءين ، على هذه العلة ، وكتبوا «(وَلَأَوْضَعُوا) ـ ٩ : ٤٨» ، وكذلك : «(أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ) ـ ٢٧ : ٢١» و : «(لَإِلَى الْجَحِيمِ) ـ ٣٧ : ٦٨» ، و : «(لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ) ـ ٣ : ١٥٨» ، كتب كله بألفين : إحداهما ، وهى الأولى ، صورة الهمزة على التحقيق ، والثانية صورتها على التخفيف.

وقد قيل : الأولى : صورة الهمزة ، والثانية : صورة حركتها.

وقيل : هى فتحة أشبعت فتولدت منها ألف ، وفيه بعد ، وهذا إنما هو تعليل لخط المصحف ، إذ قد أتى على خط ذلك ، ولا سبيل لتحريفه.

٤٦١

وهذا الباب يتسع ، وهو كثير فى الخط ، خارج عن المتعارف بين الكتاب من الخط ، فلا بد أن يخرج لذلك وجه يليق به.

١٤ ، ١٥ ـ (أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ)

«أن» : مفعول من أجله ، والعامل فيه فعل مضمر ؛ تقديره : يكفر ـ أو : يجحد ـ من أجل أن كان ذا مال ؛ ولا يجوز أن يكون العامل : «تتلى» ، لأن ما بعد «إذا» لا يعمل فيما قبلها ، لأن «إذا» تضاف إلى الجمل التي بعدها ، ولا يعمل المضاف إليه فيما قبل المضاف ، و «قال» : جواب الجزاء ، ولا يعمل فيما قبل الجزاء ، لأن حكم العامل أن يكون قبل المعمول فيه ، وحكم الجواب أن يكون بعد الشرط ، فيصير مقدما مؤخرا فى حال ، وذلك لا يجوز ، فلا بد من إضمار عامل على ما ذكرنا.

«أساطير» ؛ أي : هذه أساطير ، ف «أساطير» : خبر ابتداء مضمر.

١٧ ـ (إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ)

«مصبحين» : حال من المضمر فى «ليصرمنها» المرفوع ، ولا خبر ل «أصبح» فى هذا ، لأنها بمعنى : داخلين فى الإصباح.

٣٣ ـ (كَذلِكَ الْعَذابُ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ)

«العذاب» : ابتداء ، و «كذلك» : الخبر ؛ أي : العذاب الذي يحل بالكفار مثل هذا العذاب.

٣٦ ـ (ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)

«ما» : ابتداء ، استفهام ، و «لكم» : الخبر ، و «كيف» : فى موضع نصب ب «تحكمون».

٣٩ ـ (أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ)

«أيمان» : ابتداء ، و «علينا» : خبر ، و «بالغة» : نعت ل «أيمان».

وقرأ الحسن : «بالغة» ، بالنصب ، على الحال من المضمر فى «علينا».

٤١ ، ٤٢ ـ (أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ يَوْمَ يُكْشَفُ

عَنْ ساقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ)

انتصب «يوم» على : اذكر يا محمد ، فيبتدأ به.

٤٦٢

ويجوز أن تنصبه ب «فليأتوا» ؛ أي : فليأتوا بشركائهم فى هذا اليوم ، فلا يحسن الابتداء به.

٤٣ ـ (خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ)

«خاشعة» : نصب على الحال ، من المضمر فى «يدعون» ، أو من المضمر فى «يستطيعون» ، و «أبصارهم» : رفع بفعلها ، و «ترهقهم» : فى موضع الحال ، مثل الأول ، وإن شئت : كان منقطعا من الأول.

٤٤ ـ (فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ)

من» : فى موضع نصب ، على العطف على المتكلم ، وإن شئت : على أنه مفعول معه.

٤٩ ـ (لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ)

«أن» : فى موضع رفع بالابتداء ، والخبر محذوف ؛ ولا يكاد يستعمل مع «لو لا» عند سيبويه إلا محذوفا ؛ والتقدير : لو لا مداركة الله إياه لحقته ، أو : استنفدته ، وشبهه ، و «لنبذ» : جواب «لو لا» ، وذكّر تداركه» ، لأن النعمة والنعم ، بمعنى ، فحمل على المعنى.

وقيل : ذكّر ، لأنه فرق بينهما بالهاء.

وقيل : لا تأنيث ، النعمة : مؤنث غير حقيقى ، إذ لا ذكر لها من لفظها.

وفى قراءة ابن مسعود : «لو لا أن تداركته» ، بالتاء ، على تأنيث اللفظ.

«وهو مذموم» : ابتداء وخبر ، فى موضع نصب على الحال من المضمر المرفوع فى «نبذ».

٥١ ـ (وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ)

«أن» ، عند الكوفيين ، بمعنى : «ما» ، و «اللام» بمعنى : «إلا» ؛ وتقديره : وما يكاد الذين كفروا إلا يزلقونك.

و «إن» ، عند البصريين : مخففة من الثقيلة ؛ واسمها مضمر معها ، و «اللام» : لام التأكيد ، لزمت هذا النوع لئلا تشبه «إن» التي بمعنى «ما».

٤٦٣

ـ ٦٩ ـ

سورة الحاقة

١ ، ٢ ـ (الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ)

«الحاقة» : ابتداء ، و «ما» : ابتداء ثان. و «ما» : بمعنى الاستفهام الذي معناه التعظيم والتعجب. و «الحاقة» ، الثانية : خبر «ما» ، و «ما» وخبرها : خبر عن «الحاقة» الأولى. وجاز أن تكون الجملة خبرا عنها ولا ضمير فيها يعود على المبتدأ ، لأنها محمولة على معنى : الحاقة ما أعظمها وأهولها.

وقيل : المعنى : الحاقة ما هى؟ على التعظيم لأمرها ، ثم أظهر الاسم ، ليكون أبين فى التعظيم. وقد مضى ذكر هذا فى «الواقعة» : ٥٦ ، ومثله : «القارعة ما القارعة» السورة : ١٠١.

٣ ـ (وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ)

«ما» : ابتداء ، و «ما» ، الثانية : ابتداء ثان ، و «الحاقة» : خبره ، والجملة فى موضع نصب ب «أدراك» ، و «أدراك» وما اتصل به : خبر عن «ما» الأولى ، وفى «أدراك» ضمير فاعل يعود على «ما» الأولى ، و «ما» ، الأولى والثانية : استفهام ، فلذلك لم يعمل «أدراك» فى «ما» الثانية ، وعمله فى الجملة ؛ وهما استفهام ، فيهما معنى التعظيم والتعجب.

و «أدراك» : فعل يتعدى إلى مفعولين : الكاف ، المفعول الأول ، والجملة : فى موضع الثاني ؛ ومثله «وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين» ٨٢ : ١٧ ، ١٨ ، و «وما أدراك ما عليون» ٨٣ : ١٩ ، و «وما أدراك ما العقبة» ٩٠ : ١٢ ، و «وما أدراك ما القارعة» ١٠١ : ٣ ، و «وما أدراك ما الحطمة» ١٠٤ : ٥ ، كله على قياس واحد ، فقس بعضه على بعض.

٥ ـ (فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ)

«ثمود» : رفع بالابتداء ، و «أهلكوا» : الخبر. وحق «الفاء» أن تكون قبله ؛ والتقدير : مهما يكن من شىء فثمود أهلكوا.

و «ثمود» : اسم للقبيلة ، وهو معرفة ، فلذلك لم ينصرف للتأنيث والتعريف.

وقيل : هو أعجمى معرفة ، فلذلك لم ينصرف ، ويجوز صرفه فى الكلام ، وقد قرئ بذلك فى مواضع من القرآن على أنه اسم للأب ، ومثله : «وأما عاد فأهلكوا» الآية : ٦ ، إلا أن «عادا» ينصرف لخفته ، إذ هو على ثلاثة أحرف الأوسط ساكن.

٤٦٤

٧ ـ (سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها

صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ)

انتصب «سبع» و «ثمانية» على الظرف ، و «حسوما» : نعت ل «أيام» ، بمعنى : متتابعة.

وقيل : هو نصب على المصدر ، بمعنى : تباع.

«فيها صرعى» : صرعى ، فى موضع نصب على الحال ، لأن «ترى» : من رؤية العين.

«كأنهم أعجاز نخل» : الجملة فى موضع نصب على الحال ، من المضمر فى «صرعى» ؛ أي : مشبهين أعجاز نخل خاوية من التأكل.

١٥ ـ (فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ)

العامل فى الظرف : «وقعت».

١٦ ـ (وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ)

العامل فى الظرف : «واهية».

١٨ ـ (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ)

العامل فى الظرف : «تعرضون».

٢٨ ـ (ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ)

«ما» : فى موضع نصب ب «أغنى» ، ويجوز أن تكون نافية ، على حذف مفعول ؛ أعنى : ما أغنى مالى شيئا.

٣٢ ـ (ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ)

«ذرعها سبعون» : ابتداء وخبر ، فى موضع خفض على النعت ل «سلسلة».

٤١ ، ٤٢ ـ (وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ)

انتصب «قليلا» ، فى هذين الموضعين ، ب «تؤمنون» و «تذكرون» ، و «ما» : زائدة ؛ وحقيقته أنه نعت لمصدر محذوف ؛ تقديره : وقتا قليلا تذكرون ، وكذلك : «قليلا ما تؤمنون».

(م ٣٠ ـ الموسوعة القرآنية ج ٤)

٤٦٥

ولا يجوز أن تجعل «ما» والفعل مصدرا وتنصب «قليلا» بما بعد «ما» ، لأن فيه تقديم الصلة على الموصول ، لأن ما عمل فيه المصدر فى صلة المصدر ابتداء ، فلا يتقدم عليه.

٤٣ ـ (تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ)

«تنزيل» : خبر ابتداء محذوف ؛ أي : هو تنزيل.

٤٧ ـ (فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ)

«حاجزين» : نعت ل «أحد» ، لأنه بمعنى الجماعة ، فحمل على النعت على المعنى فجمع.

ـ ٧٠ ـ

سورة المعارج

١ ـ (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ)

من همز «سأل» ، احتمل ثلاثة أوجه :

أحدها : أن يكون من «السؤال» ، لكن أبدل من الهمزة ألفا ، وهذا بدل على غير قياس ، لكنه جائز ، حكاه سيبويه وغيره.

والثاني : أن تكون الألف بدلا من واو ، حكى سيبويه وغيره : سلت تسال ، لغة ، بمنزلة : خفت تخاف.

والوجه الثالث : أن تكون الألف بدلا من ياء ، من سال يسيل ، بمنزلة : كال يكيل.

وأصل «سال» ، إذا كان من «السؤال» ، أن يتعدى إلى مفعولين ، نحو قوله : (فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ) ١١ : ٤٦ ، ويجوز أن تقتصر على واحد ، كأعطيت ، نحو قوله : (وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ) ٦٠ : ١

فإذا اقتصرت على واحد جاز أن يتعدى بحرف جر إلى ذلك الواحد ، نحو قوله : «سأل سائل بعذاب واقع» ؛ تقديره : سأل سائل الشيء بعذاب ، و «الباء» ، بمعنى : «عن».

وإذا جعلت «سال» ، من «السيل» ، لم تكن «الباء» بمعنى «عن» ، وكانت على بابها ، وأصلها للتعدى.

فأما الهمزة فى «سائل» فتحتمل ثلاثة أوجه :

أحدها : أن تكون أصلية ، من «السؤال».

٤٦٦

والثاني : أن تكون بدلا من واو ، على لغة من قال : سال يسأل ، كخاف يخاف.

والثالث : أن تكون بدلا من «ياء» ، على أن تجعل «سال» من «السيل».

٧ ، ٨ ، ٩ ، ١٠ ، ١١ ـ (وَنَراهُ قَرِيباً يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ وَتَكُونُ الْجِبالُ

كَالْعِهْنِ وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ)

«يوم» ، العامل فيه : «نراه» ، ويجوز أن يكون بدلا من «قريب» ، والعامل فى «قريب» : «نراه».

وقيل : العامل «يبصرونهم» ، والهاء والميم فى «يبصرونهم» : تعود على الكفار ، والضمير المرفوع للمؤمنين ؛ أي : يبصر المؤمنون الكافرين يوم القيامة ؛ أي : يرونهم فينظرون إليهم فى النار.

وقيل : تعود على «الحميم» ، وهو بمعنى الجمع ؛ أي : يبصر الحميم حميمه.

وقيل : الضميران يعودان على الكفار ، أي : يبصر التابعون المتبوعين فى النار

١٥ ، ١٦ ـ (كَلَّا إِنَّها لَظى نَزَّاعَةً لِلشَّوى)

«لظى» : خبر «إن» ، فى موضع رفع ، و «نزاعة» : خبر ثان.

وقيل : «لظى» : فى موضع نصب ، على البدل من «الهاء» فى «إنها» و «نزاعة» : خبر ثان.

وقيل : «لظى» : خبر ثان ، و «نزاعة» : بدل من «لظى» ، أو : رفع على إضمار مبتدأ.

وقيل : الضمير فى «إنها» : للقصة. و «لظى» : مبتدأ ، و «نزاعة» : خبر «لظى» ، والجملة : خبر «إن».

ومن نصب «نزاعة» ، فعلى الحال ، وهى قراءة حفص ، عن عاصم ؛ والعامل فى «نزاعة» : ما دل عليه الكلام من معنى التلظي ؛ كأنه قال : كلا إنها لظى فى حال نزعها للشوى

وقد منع المبرد جواز نصب «نزاعة» على الحال ، وقال : لا تكون لظى إلا نزاعة للشوى ، فلا معنى للحال ، إنما الحال فيما يجوز أن يكون ويجوز ألا يكون.

والحال فى هذا جائزة ؛ لأنها تؤكد ما تقدمها ، كما قال (وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً) ٢ : ٩١ ، ولا يكون «الحق» أبدا إلا مصدقا ، وقال (وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً) ٦ : ١٢٦ ، ولا يكون صراط الله ـ جل ذكره ـ أبدا إلا مستقيما ، فليس يلزم ألا يكون الحال إلا للشيء الذي يمكن أن يكون ويمكن ألا يكون ، وهذا أصل لا يصحب فى كل موضع ، فقول المبرد ليس بجيد.

وقد قيل : إن هذا إنما هو إعلام لمن ظن أنه لا يكون ، فيصح الحال على هذا بغير اعتراض.

٤٦٧

١٧ ـ (تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى)

«تدعو» : خبر ثالث ل «إن» الآية : ١٥ ، وإن شئت قطعته مما قبله.

١٩ ـ (إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً)

«هلوعا» : حال من المضمر فى «خلق» ، وهى الحال المقدرة ، لأنه إنما يحدث فيه الهلع بعد خلقه لا فى حال خلقه.

٢٠ ، ٢١ ـ (إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً)

«جزوعا» و «منوعا» : خبر «كان» مضمرة ، أي : يكون جزوعا ، أو : يصير ، أو : صار ، ونحوه.

وقيل : هو نعت ل «هلوع» ، وفيه بعد ، لأنك تنوى به التقديم قبل «إذا».

٣٦ ـ (فَما لِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ)

«ما» : استفهام ابتداء ، و «الذين» : الخبر ، و «ومهطعين» : حال ، وهو عامل فى «قبلك» ، و «قبلك» : ظرف.

٣٧ ـ (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ)

مكان «عزين» نصب على الحال أيضا من «الذين» ، وهو جمع «عزة» ، وإنما جمع بالواو والنون ، وهو مؤنث لا يعقل ، ليكون ذلك عوضا مما حذف منه.

وقيل : أصلها : عزهة ، كما أن أصل «سنة» : سنهة ، ثم حذفت الهاء ، فجعل جمعه بالواو والنون عوضا من الحذف.

٤٢ ، ٤٣ ـ (فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ يَوْمَ يَخْرُجُونَ

مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ)

«يوم» : بدل من «يومهم» ، و «ويومهم» : نصب ب «يلاقوا» ، مفعول به.

«سراعا» : حال من المضمر ، فى «يخرجون» ، وكذلك : «كأنهم إلى نصب» : فى موضع الحال أيضا من المضمر.

٤٤ ـ (خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ)

«خاشعة» : حال أيضا من المضمر فى «يخرجون» ، وكذلك : «ترهقهم ذلة»

٤٦٨

ـ ٧١ ـ

سورة نوح

١ ـ (إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)

«أن» : لا موضع لها ، إنما هى للبيان ، بمعنى : أي.

وقيل : هى فى موضع نصب ، على حذف حرف الجر ؛ أي : بأن أنذر.

ومثلها فى الوجهين : «أن اعبدوا الله» الآية : ٣.

٥ ـ (قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً)

«ليلا ونهارا» : ظرفا زمان ، والعامل فيهما : «دعوت».

٦ ـ (فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً)

«فرارا» : مفعول ثان ل «يزدهم».

٧ ـ (وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ)

«كلما» : نصبت على الظرف ، والعامل فيها : «جعلوا».

٨ ـ (ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً)

«جهارا» : نصب على الحال ؛ أي : مجاهرة بالدعاء لهم.

وقيل : التقدير : ذا جهار.

ويجوز أن يكون نصب على المصدر.

١١ ـ (يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً)

«مدرارا» : نصب على الحال من «السماء» ، ولم يثبت «الهاء» لأن «مفعالا» للمؤنث ، بغير «هاء» يكون ، إذا كان جائزا على الفعل ، نحو : امرأة مذكار ، ومئناث.

١٥ ـ (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً)

«طباقا» : مصدر. وقيل : هو نعت ل «سبع».

٤٦٩

وأجاز الفراء فى غير القرآن خفض «طباق» ، على النعت ل «سماوات»

١٦ ـ (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً)

«نورا» ، و «سراجا» : مفعولان ل «جعل» ، لأنه بمعنى : صير ، فهو يتعدى إلى مفعولين ، ومثله : «بساطا» الآية : ١٩.

١٧ ـ (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً)

«نباتا» : مصدر لفعل دل عليه «أنبتكم» ؛ أي : فنبتم نباتا.

«وقيل» : هو مصدر ، على حذف الزيادة.

٢١ ـ (قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً)

«ولده» ، من قرأها بضم الواو جعله جمع «ولد» ، كوثن ووثن.

وقيل : هى لغة فى الواحد ، يقال : ولده وولده ، للواحد والجمع.

٢٣ ـ (وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً)

«يغوث ويعوق» : لم يصرفهما ، لأنهما على وزن : يقوم ، ويقول ، وهما معرفة.

وقد قرأ الأعمش بصرفهما ، وذلك بعيد ، كأنه جعلهما نكرتين ، وهذا لا معنى له ، إذ ليس كل صنم اسمه يغوث ويعوق ، إنما هما اسمان لصنمين معلومين مخصوصين ، فلا وجه لتنكيرهما.

٢٥ ـ (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصاراً)

«ما» : زائدة ، للتوكيد ، و «خطيئاتهم» : خفض ب «من».

٢٦ ـ (وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً)

«ديارا» : فيعال ، من : دار يدور ؛ أي : لا تذر على الأرض من يدور ؛ أي : لا تذر على الأرض من يدور منهم.

وأصله : ديوارا ، ثم أدغم الواو فى الياء ، مثل «ميت» ، الذي أصله : «ميوت» ، ثم أدغموا الثاني فى الأول.

ويجوز أن يكون أبدلوا من الواو ياء ، ثم أدغموا الياء الأولى فى الثانية.

ولا يجوز أن يكون «ديارا» : فعالا ، لأنه يلزم أن يقال فيه : «دوارا» ، وليس اللفظ كذلك.

٤٧٠

ـ ٧٢ ـ

سورة الجن

١ ـ (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً)

«أن» : فى موضع رفع ، لأن مفعول ما لم يسم فاعله ل «أوحى» ، ثم عطف ما بعدها من لفظ «أن» عليها ، ف «أن» : فى موضع رفع فى ذلك كله.

وقيل : فتحت «أن» فى سائر الآي ، ردا على الهاء فى «آمنا به» ، وجاز ذلك ، وهو مضمر مخفوض على حذف الخافض ، لكثرة استعمال حذفه مع «أن».

والعطف فى فتح «أن» ، على «آمنا به» ، أتم فى المعنى من العطف على «أنه استمع» ، لأنك لو عطفت ، «وأنا ظنننا» الآية : ٥ ، و «وأنه كان رجال» الآية : ٦ ، و «وأنهم ظنوا» الآية : ٧ ، و «أنا لمسنا» الآية : ٨ و «أنا لما سمعنا الهدى» الآية : ١٢ ، وشبهه ، على «أنه استمع» لم يجز ، لأنه ليس مما أوحى إليهم ، إنما هو أمر أخبروا به عن أنفسهم ؛ والكسر فى جميع ذلك أبين ، وعليه جماعة من القراء ، والفتح فى ذلك على الحمل على معنى «آمنا به» ، وفيه بعد فى المعنى ، لأنهم لم يخبروا بأنهم لما سمعوا الهدى آمنوا به ، ولم يخبروا أنهم آمنوا أنه كان رجال ، إنما حكى الله عنهم أنهم قالوا ذلك مخبرين به عن أنفسهم لأصحابهم ، فالكسر أولى بذلك.

٤ ـ (وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللهِ شَطَطاً)

«الهاء» ، فى «أنه» : للحديث ، وهى اسم «أن» ، وفى «كان» : اسمها ، وما بعدها الخبر.

وقيل : سفيهنا ، اسم «كان» ، و «يقول» : الخبر ، مقدم ، وفيه بعد ، لأن الفعل إذا تقدم عمل فى الاسم بعده ويجوز أن تكون «كان» زائدة.

٦ ـ (وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً)

«الهاء» فى «أنه» : اسم «أن» ، وهو إضمار الحديث والخبر ، و «رجال» : اسم «كان» ، و «يعوذون» : خبر «كان» ، و «من الإنس» : نعت ل «رجال» ، ولذلك حسن أن تكون النكرة اسما ل «كان» ، لما نعتت قربت من المعرفة ، فجاز أن تكون اسم «كان» ، و «كان» واسمها وخبرها خبر : عن «أن».

٤٧١

٨ ـ (وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً)

«وجد» : يتعدى إلى مفعولين : «الهاء» : الأول ، و «ملئت» : فى موضع الثاني.

ويجوز أن تعديها إلى واحد ، وتجعل «ملئت» فى موضع الحال ، على إضمار «قد» ؛ والأول أحسن.

«حرسا» : نصب على التفسير ، وكذلك : «شهبا».

١٢ ـ (وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً)

«هربا» : نصب على المصدر ، الذي فى موضع الحال.

١٧ ـ (لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً)

«عذابا» : مفعول «يسلكه» ، بمعنى : فى عذاب ؛ يقال : سلكه وأسلكه ، لغتان بمعنى ، وقد قرئ :

«نسلكه» ، بضم النون ، على : أسلكته فى كذا.

١٨ ـ (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً)

«أن» : فى موضع رفع ، عطف على «أنه استمع».

وقيل : فى موضع خفض ، على إضمار الخافض ، وهو مذهب الخليل وسيبويه والكسائي.

وقيل : فى موضع نصب لعدم الخافض ، وهو مذهب جماعة.

٢٢ ، ٢٣ ـ (قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً

إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللهِ وَرِسالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ

جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً)

«بلاغا» : نصب على الاستثناء المنقطع.

وقيل : هو نصب على المصدر ، على إضمار فعل ، وتكون «إلا» ، على هذا القول ، منفصلة ، و «إن» : للشرط ، و «لا» : بمعنى «لم» ؛ والتقدير : إنى لن يجيرنى من الله أحد ، ولن أجد من دونه ملتحدا ، إن لم أبلغ رسالات ربى بلاغا. و «الملتحد» : الملجأ.

«ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم» : هذا شرط ، وجوابه «الفاء» ، وهو عام فى كل من عصى الله ، إلا ما بينه القرآن من غفران الصغائر باجتناب الكبائر ، والغفران لمن تاب وعمل صالحا ، وما بينه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من إخراج الموحدين من أهل الذنوب من النار.

٤٧٢

٢٤ ـ (حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً)

«من» : فى موضع رفع ، على الابتداء ، لأنه استفهام ، و «أضعف» : الخبر ، و «ناصرا» : نصب على البيان ، وكذلك : «عددا» ؛ والجملة : فى موضع نصب ب «سيعلمون».

فإن جعلت «من» بمعنى «الذي» كانت فى موضع نصب بالفعل ، وترفع «أضعف» و «أقل» ، على إضمار «هو» ، ابتداء ، وخبره فى صلة «من» ، إذا كانت بمعنى «الذي» ، ولا صلة لها إذا كانت استفهاما.

٢٥ ـ (قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً)

«إن» : بمعنى «ما» ، و «قريب» : رفع بالابتداء ، و «ما» : بمعنى «الذي» ، فى موضع رفع ب «قريب» ، ويسد مسد الخبر.

وإن شئت ، جعلتها خبرا ل «قريب» ؛ والجملة : فى موضع نصب ب «أدرى» ، و «الهاء» : محذوفة من «تدعون» ، تعود على «ما» ؛ التقدير : أقريب الوقت الذي توعدونه.

ولك أن تجعل «ما» والفعل مصدرا ؛ ولا تحتاج إلى عائد.

٢٦ ، ٢٧ ـ (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ

مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً)

«من» : فى موضع نصب ، على الاستثناء من «أحد» ، لأنه بمعنى الجماعة.

٢٨ ـ (لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً)

الضمير فى «ليعلم» : يعود على الله ، جل ذكره.

وقيل : على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وقيل : على المشركين.

والضمير فى «أبلغوا» : يعود على الأنبياء.

وقيل : على الملائكة التي تنزل الوحى إلى الأنبياء.

«عددا» : نصب على البيان ، ولو كان مصدرا لأدغم.

٤٧٣

ـ ٧٣ ـ

سورة المزمل

١ ـ (يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ)

«أصل «المزمل» : المتزمل ، ثم أدغمت التاء فى الزاى.

٢ ، ٣ ـ (قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً)

«نصفه» : بدل من «الليل».

وقيل : انتصب على إضمار : قم نصفه ، وهما ظرفا زمان.

٦ ـ (إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً)

«وطئا» : من فتح الواو ، نصبه على البيان ؛ ومن كسرها ومد ، نصبه على المصدر.

٩ ـ (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً)

«رب» : من رفعه ، فعلى الابتداء ، و «لا إله إلا هو» : الخبر.

ويجوز أن تضمر له مبتدأ ؛ أي : هو رب المشرق.

ومن خفضه جعله بدلا من «ربك» الآية : ٨ ؛ أو : نعتا.

١١ ـ (وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً)

«المكذبين» : عطف على النون والياء من «ذرنى» ؛ أو : مفعول معه.

«ومهلهم قليلا» : قليلا ، نعت لمصدر محذوف ، أو : لظرف محذوف.

١٤ ـ (يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً)

العامل فى «يوم» : الاستقرار الدال عليه «لدينا» الآية : ١٢ ، كما تقول : إن خلفك زيدا اليوم ، فالعامل فى «اليوم» : الاستقرار الدال عليه «خلفك» ، وهو العامل فى «خلفك» أيضا.

وجاز أن يعمل فى ظرفين لاختلافهما ، لأن أحدهما ظرف مكان والآخر ظرف زمان ، كأنك قال : إن زيدا مستقر خلفك اليوم ، كذلك الآية ؛ تقديرها : إن أنكالا وجحيما مستقرة عندنا يوم ترجف.

٤٧٤

«كثيبا» : خبر «كان» ، و «مهيلا» : نعته.

وأصل «مهيلا» : مهيولا ، وهو مفعول من «هلت» ، فألقيت حركة الياء على الهاء ، فاجتمع ساكنان ، فحذفت الواو لالتقاء الساكنين ، وكسرت الهاء لتصح الياء التي بعدها ، فوزن لفظه «فعيل».

وقال الكسائي والفراء والأخفش : إن «الياء» هى المحذوفة ، و «الواو» تدل على معنى ، فهى الباقية ، فكان يلزمهم أن يقولوا : مهول ، إلا أنهم قالوا : كسرت الهاء قبل حذف الياء ، لمجاورتها الياء ، فلما حذفت الياء انقلبت الواو ياء ، لانكسار ما قبلها. والياء فى «مهيلا» ، على قولهم : زائدة ، وعلى القول الأول : أصلية.

وقد أجازوا كلهم أن يأتى على أصله فى الكلام فتقول : مهيول ، وكذلك : مبيوع ، وشبهه ، من : ذوات الياء ، فإن كان من ذوات الواو لم يجز أن يأتى على أصله عند البصريين ، وأجازه الكوفيون ، نحو : مقول ومصوغ. وأجازوا كلهم : مبيوع ومهيول ، ويكون الاختلاف فى المحذوف منه ، على ما تقدم.

١٥ ـ (إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شاهِداً عَلَيْكُمْ كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً)

«كما» : الكاف ، فى موضع نصب ، نعت ل «رسول» ، أو لمصدر محذوف.

١٧ ـ (فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً)

«يوما» : نصب ب «يتقون» ، وليس بظرف ل «كفرتم» ، لأنهم لا يكفرون ذلك اليوم ؛ إلا أن تجعل «يكفرون» بمعنى : يجحدون ، فتنصب «يوما» ب «يكفرون» ، على أنه مفعول به لا ظرف ، و «يجعل» : نعت ل «يوم» ، إن جعلت الضمير فى «يجعل» يعود على «يوم» ، فإن جعلته على الله جل ذكره ، لم يكن نعتا ل «يوم» إلا على إضمار «الهاء» ؛ على تقدير : يجعل الله الولدان فيه شيبا ، فيكون نعتا ل «يوم» لأجل الضمير.

١٨ ـ (السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً)

إنما أتى «منفطر» بغير «هاء» ، و «السماء» مؤنثة ، لأنه بمعنى النسب ؛ أي : السماء ذات انفطار به.

وقيل : إنما ذكّر ، لأن «السماء» بمعنى : السقف ، و «السقف» يذكر ويؤنث ، فأتى «منفطر» على التذكير.

٢٠ ـ (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ

الَّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ

الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ

فَضْلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ

وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ

عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)

«ونصفه وثلثه» : من خفضهما عطفهما على «ثلثى الليل» ؛ أي : وأدنى من نصفه وثلثه ؛ ومن نصبهما عطف «على أدنى» ؛ أي : تقوم نصفه وثلثه.

٤٧٥

«علم أن لن تحصوه» : إذا جعلته بمعنى : تحفظوا قدره ، دل على قوة الخفض ، لأنهم إذا لم يحصوه فهو أدنى من النصف وأدنى من الثلث غير محدود ؛ وإذا نصبت فهو محدود يحصى غير مجهول ، فالخفض أقوى فى المعنى ، لقوله «أن لن تحصوه» ، إلا أن تحمل «تحصوه» على معنى «تطيقوه» ، فتتساوى القراءتان فى القوة.

وأجاز الفراء خفض «نصفه» عطفا على «ثلثى» ، ونصب «ثلثه» ، عطفا على «أدنى».

«أن سيكون» : أن : مخففة من الثقيلة ، و «الهاء» : مضمرة ، و «سيكون» : الخبر ، و «السين» : عوض من التشديد ، و «مرضى» : اسم «كان» و «منكم» : الخبر ، و «أن سيكون» ، على لفظ التذكير ، لأن تأنيت «مرضى» غير حقيقى.

«وآخرون» : عطف على «مرضى».

«هو خيرا» : نصب على أنه مفعول ثان ل «تجدوا» ، و «هو» : فاصلة ، لا موضع لها من الإعراب.

ـ ٧٤ ـ

سورة المدثر

١ ـ (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ)

«المدثر» ، أصله : المتدثر ، ثم أدغمت التاء فى الدال ، لأنهما من مخرج واحد ، والدال أقوى من التاء ، لأنها مجهورة ، والتاء مهموسة ، فورد بلفظ الأقوى منهما ، لأن ذلك تقوية للحذف ، ولم يرد بلفظ التاء ، لأنه إضعاف للحرف ، لأن رد الأقوى إلى الأضعف نقص فى الحرف ، وكذلك حكم أكثر الإدغام فى الحرفين المختلفين أن يرد الأضعف منهما إلى لفظ الأقوى.

٦ ـ (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ)

ارتفع «تستكثر» لأنه حال ؛ أي : لا تعط عطية لتأخذ أكثر منها.

وقيل : ارتفع بحذف «أن» ؛ تقديره : لا تضعف الحمد أن تستكثر من الخير ، فلما حذف «أن» رفع.

٨ ـ (فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ)

«فى الناقور» : قام مقام ما لم يسم فاعله.

وقيل : المصدر مضمر ، يقوم مقام الفاعل.

٤٧٦

٩ ـ (فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ)

«ذلك» : مبتدأ ، و «يومئذ» : بدل منه ، و «يوم عسير» : خبر الابتداء ، و «عسير» : نعت ل «يوم» ، وكذلك «غير يسير» : نعت ل «يوم» أيضا.

وقيل : «يومئذ» ، نصب على : «أعنى».

١١ ـ (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً)

«من» : فى موضع نصب ، على العطف على النون والياء من «ذرنى» ، أو : مفعول معه.

«وحيدا» : حال من الهاء المضمرة مع «خلقت» ؛ أي : خلقته.

١٢ ـ (وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً)

«له» : فى موضع المفعول الثاني ل «جعلت» ، لأنها بمعنى : صيرت ، يتعدى إلى مفعولين.

١٣ ـ (وَبَنِينَ شُهُوداً)

«بنين» : واحده : ابن ، ولما حذفت ألف الوصل فى الجمع تحركت الياء ، لأن الجمع يرد الشيء إلى أصله ، وأصله «بنى» على «فعل» ، فلما جمع رد إلى أصله ، فقالوا : بنين ، فلما تحركت الياء ، التي هى لام الفعل ، وانفتح ما قبلها قلبت ألفا ، وحذفت لسكونها وسكون ياء الجمع بعدها ، وكسر ما قبل الياء على أصل ياء الجمع ، وكان حقها أن يبقى ما قبلها مفتوحا ، ليدل على الألف الذاهبة ، كما قالوا : مصطفين ، لكن «ابن» أجرى فى علته فى الواحد على غير قياس ، وكان حقه أن يكون بمنزلة : عصى ، ورحى ، وأن لا تدخله ألف وصل ، ولا يسكن أوله ، فلما خرج عن أصله فى الواحد خرج فى الجمع أيضا عن أصول العلل ، لأن الجمع فرع بعد الواحد ، وقد قالوا فى النسب إليه : بنوى ، فرد إلى أصله ، وأصل هذه الواو ألف منقلبة عن ياء ، هى لام الفعل.

وقد أجاز سيبويه النسب إليه على لفظه ، فأجاز : ابني.

٢٧ ـ (وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ)

قد تقدم القول فيه لأنه ، مثل : (وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ) ٦٩ : ٣

«سقر» ، لم تنصرف ، لأنها معرفة مؤنث.

٢٨ ـ (لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ)

حذفت الواو من «تذر» ، لأنه حمل على نظيره فى الاستعمال ، والمعنى ، وهو «يدع» ، لأنهما جميعا

٤٧٧

لم يستعمل منهما ماض ، فحمل على «يدع» ، فحذفت واوه كما حذفت فى «يدع» ، لوقوعها بين ياء وكسرة ، لأن فتحة «الدال» عارضة ، إنما انفتحت من أجل حرف الحلق ، والكسر أصلها ، فبنى الكلام على أصله ، وقدر ذلك فيه ، فحذفت واو «يدع» لذلك ، وحمل عليه «يذر» ، لأنه بمعناه ومشابه له فى امتناع استعمال الماضي منهما.

٢٩ ـ (لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ)

«لواحة» : رفع ، على إضمار : هى لواحة.

٣٠ ـ (عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ)

«تسعة عشر» : فى موضع الرفع بالابتداء ، و «عليها» : الخبر ، وهما اسمان ، حذف بينهما «واو» العطف وتضمناه ، فبنيا لتضمنهما معنى الحرف ، وبنيا على الفتح لخفته.

وقيل : بنيا على الفتح الذي كان للواو المحذوفة.

وأجاز الفراء إسكان العين فى الكلام من «ثلاثة عشر» إلى «تسعة عشر».

٣١ ـ (وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا

لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا

الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ ما ذا أَرادَ

اللهُ بِهذا مَثَلاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ)

«أصحاب» : جمع : صاحب ، على حذف الزائد من «صاحب» كأنه جمع ل «صحب» ، مثل : كتف وأكتاف.

«ما ذا أراد الله بهذا مثلا» : إن جعلت «ما» و «ذا» اسما واحدا ، كانت فى موضع نصب ب «أراد» ، فإن جعلت «ذا» بمعنى «الذي» ، كانت «ما» اسما تاما ، رفعا بالابتداء ، و «ذا» : الخبر ، و «أراد» : صلة «ذا» ، و «الهاء» : محذوفة منه ؛ أي : ما الذي أراده الله بهذا؟ على تقدير : أي شىء الذي أراده الله بهذا مثلا؟ و «مثلا» : نصب على البيان.

«كذلك يضل الله من يشاء» : الكاف ، فى موضع نصب ، نعت لمصدر محذوف.

٣٥ ـ (إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ)

لا يجوز حذف الألف واللام من «الكبر» وما هو مثله ، إلا «أخر» ، فإنه قد حذفت الألف واللام منه وتضمن معناهما ، فتعرف بتضمنه معناهما ، فلذلك لم ينصرف فى النكرة ، فهو معدول عن الألف واللام.

٤٧٨

٣٦ ـ (نَذِيراً لِلْبَشَرِ)

«نذيرا» : نصب على الحال من المضمر فى «قم» ، من قوله «قم فأنذر» الآية : ٢ ؛ هذا قول الكسائي.

وقيل : هى حال من المضمر فى «إنها» الآية : ٣٥.

وقيل : من «إحدى» الآية : ٣٥.

وقيل : من «هى» الآية : ٣١.

وقيل : هى نصب ، على إضمار فعل ؛ أي : صيرها نذيرا ؛ أي : ذات إنذار ، فذكر اللفظ على النسب.

وقيل : هى فى موضع المصدر ؛ أي : إنذارا للبشر ، كما قال : (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) ٥٤ : ١٦ : ٢١ ؛ أي : إنذارى لهم.

وقيل : هى نصب على إضمار : «أعنى».

٤٥ ، ٤٦ ـ (وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ)

«كنا» : إنما ضمت «الكاف» فى هذا ، وفى أول ما كان مثله ، نحو : قلنا ، وقمنا ، وأصله كله الفتح ، لتدل الضمة على أنه نقل من فعل إلى فعل.

وقيل : إنما ضمت لتدل على أنه من ذوات الواو.

وقيل : لتدل على أن الساقط «واو».

وكلا القولين يسقط لكسرهم الأول من «خفت» ، وهو من ذوات الواو فى العين ، ككان ، وقام ، وقال ؛ والساقط منه «واو» كالساقط من : قمت ، وقلت ، وكنت ، فكسرهم لأول «خفت» يدل على أنهم إنما كسروا ليدل ذلك على أنه من الياء ، وعلى أن الساقط «ياء» ، فلاجتماع هذه العلل وقع الضم والكسر فى أول ذلك.

٥٦ ـ (وَما يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ)

مفعول «يذكرون» : محذوف ؛ أي : يذكرون شيئا ، و «أن» : فى موضع نصب ، على الاستثناء ، أو : فى موضع خفض على إضمار الخافض ، ومفعول «يشاء» : محذوف ؛ أي : إلا أن يشاءه الله.

٤٧٩

ـ ٧٥ ـ

سورة القيامة

١ ـ (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ)

«لا» : زائدة ، لأنها فى حكم المتوسطة ، لأن القرآن ، كأنه نزل مرة واحدة إلى سماء الدنيا ، ثم نزل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد ذلك فى نيف وعشرين سنة ، على ما شاء الله ، مما يريد أن ينزل شيئا بعد شىء ؛ ولو ابتدأ متكلم لم يجز له أن يأتى ب «لا» زائدة فى أول كلامه.

وقيل : «لا» : غير زائدة ، وإنما هى رد لكلام متقدم فى سورة أخرى ، و «لا» الثانية : غير زائدة ؛

أخبرنا الله جل ذكره أنه أقسم بيوم القيامة وأنه لم يقسم بالنفس اللوامة.

ومن قرأ «لأقسم» ، بغير ألف ، جعل ذلك «لام قسم» دخلت على «أقسم».

وفيه بعد ، لحذف النون ، وإنما حقه : لأقسمن ؛ وإنما جاز ذلك بالحذف فى هذه الآية جعل «أقسم» حالا ؛ وإذا كان حالا لم تلزمه النون فى القسم ، لأن «النون» إنما تلزم فى أكثر الأحوال لتفرق بين الحال والاستقبال.

وقد قيل : إنه للاستقبال ، ولكن حذفت «النون» ، كما أجازوا حذف «اللام» من القسم وإثبات «النون».

وقد أجاز سيبويه حذف «النون» التي تصحب «اللام» فى القسم.

٤ ـ (بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ)

«قادرين» : نصب على الحال ، من فاعل فى فعل مضمر : تقديره : بلى نجمعها قادرين ؛ وهو قول سيبويه.

وقيل : انتصب «قادرين» ، لأنه وضع فى موضع «نقدر» ؛ التقدير : بلى نقدر ، فلما وضع الاسم موضع الفعل نصب.

وهو قول بعيد من الصواب يلزم منه نصب «قائم» ، من قولك : مررت برجل قائم ، لأنه فى موضع «يقوم».

«بنانه» : جمع : «بنانة».

٦ ـ (يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ)

«أيان» : ظرف زمان ، بمعنى : متى ، وهو مبنى ، وكان حقه الإسكان ، لكن اجتمع ساكنان : الألف والنون ،

٤٨٠