الموسوعة القرآنيّة - ج ٤

ابراهيم الأبياري

الموسوعة القرآنيّة - ج ٤

المؤلف:

ابراهيم الأبياري


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة سجل العرب
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٢٨

١١ ـ (قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ

وَما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)

«وما كان لنا أن نأتيكم» : أن ، في موضع رفع ؛ لأنها اسم «كان» ، و «بإذن اللّه» : الخبر.

ويجوز أن يكون «لنا» : الخبر.

والأول أحسن.

١٢ ـ (وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا)

«أن» : في موضع نصب على حذف الخافض ، تقديره : وما لنا في أن لا نتوكل ، و «ما» : استفهام في موضع الابتداء ، و «لنا» : الخبر ، وما بعد «لنا» : في موضع الحال ؛ كما تقول : مالك قائما؟ ومالك في أن لا تقوم؟

١٧ ـ (يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ

وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ)

«ومن ورائه» ؛ أي : من قدامه.

وقيل : تقديره : ومن وراء ما يعذب به عذاب غليظ ؛ والهاء ، على القول الأول : تعود على «الكافرين» ، وفي القول الثاني : تعود على «العذاب».

١٨ ـ (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ

لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ)

«مثل» : رفع بالابتداء ، والخبر محذوف ؛ تقديره ، عند سيبويه : وفيما نقص عليكم مثل الذين كفروا.

وقال الكسائي : «كرماد» : الخبر ، على حذف مضاف ؛ تقديره : مثل أعمال الذين كفروا مثل رماد هذه صفته.

وقيل : «أعمالهم» : بدل من «مثل» ، و «كرماد» : الخبر.

وقيل : «أعمالهم» : ابتداء ثان ؛ و «كرماد» ، خبره ؛ والجملة خبر عن «مثل».

ولو كان في الكلام لحسن خفض «الأعمال» ، على البدل من «الذين» ، وهو بدل الاشتمال.

وقيل : هو محمول على المعنى ؛ لأن «الذين» هم المخبر عنهم ، فالقصد : إلى الذين ، و «مثل» : مقحم ، والتقدير : الذين كفروا أعمالهم كرماد ، ف «الذين» : مبتدأ ، و «أعمالهم» : ابتداء ثان ، و «كرماد» : الخبر ؛ والجملة : خبر عن «الذين».

٢٤١

وإن شئت جعلت «أعمالهم» رفعا على البدل من «الذين» ، على المعنى ، و «كرماد» : خبر «الذين» ؛ تقديره : أعمال الذين كفروا كرماد هذه صفته.

«في يوم عاصف» ؛ أي : عاصف ريحه ، كما نقول : مررت برجل قائم أبوه ، لم يحذف «الأب» إذا علم المعنى وقيل : تقديره : في يوم ذي عصوف.

٢١ ـ (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً فَقالَ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ

أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قالُوا لَوْ هَدانَا اللَّهُ لَهَدَيْناكُمْ

سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ)

«جميعا» : نصب على الحال من المضمر في «برزوا».

«أجز عنا أم صبرنا» : إذا وقعت ألف الاستفهام مع التسوية على ماض دخلت «أم» بعدها على ماض ، أو على مستقبل ، أو على جملة ، نحو (أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ) ٧ : ١٩٣ ، وإذا دخلت الألف التي بمعنى التسوية على اسم جئت ب «أو» بين الاسمين ، نحو : سواء على أزيد عندك أو عمرو؟

وإن لم تدخل ألف الاستفهام جئت بالواو بين الاسمين ، نحو : سواء على زيد وعمرو.

٢٢ ـ (وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ

فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ

فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ

وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ)

«إلا أن دعوتكم» : أن ، في موضع نصب ، استثناء ليس من الأول.

«وما أنتم بمصرخيّ» : من فتح الياء ، وهي قراءة الجماعة ، فأصلها ياءان : ياء الجمع وياء الإضافة ، وفتحت لالتقاء الساكنين ، وكان الفتح أخف مع الياءات من الكسر.

ويجوز أن يكون أدغم ياء الإضافة ، وهي مفتوحة ، فبقيت على فتحها ، وهو أصلها ، والإسكان في ياء الإضافة إنما هو للتخفيف.

ومن كسر الياء ، وهي قراءة حمزة ـ وقد قرأ الأخفش بذلك ويحيى بن وثاب ـ والأصل عنده في «مصرخى» ثلاث ياءات : ياء الجمع ، وياء الإضافة ، وياء زيدت للمد ، ثم حذفت الياء التي للمد ، وبقيت الياء المشددة مكسورة.

٢٣ ـ (وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا

الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ)

«تحيتهم فيها سلام» : ابتداء وخبر.

٢٤٢

«الهاء والميم» يحتمل أن تكونا في تأويل فاعل ؛ أي : يحيى بعضكم بعضا بالسلام.

ويحتمل أن تكونا في تأويل مفعول لم يسم فاعله ؛ أي : يحيون بالسلام ، على معنى : يحيهم الملائكة بالسلام.

ولفظ الضمير الخفض ، لإضافة المصدر إليه ؛ والجملة في موضع نصب على الحال «من الذين» ، وهي حال مقدرة ، أو حال من المضمر في «خالدين» ، فلا تكون حالا مقدرة.

ويجوز أن تكون في موضع نصب على النعت ل «جنات» ، مثل : «تجرى من تحتها».

فأما «خالدين فيها» فيحتمل أن تكون حالا مقدرة ، ويحتمل أن تكون نعتا ل «جنات» أيضا ، ويلزم إظهار الضمير ، فتقول : خالدين هم فيها ؛ وإنما ظهر ؛ لأنه جرى صفة لغير من هوله ، وحسن كل ذلك لأن فيه ضميرين :

ضميرا ل «جنات» ، وضميرا ل «الذين».

ونصب «جنات» أتى على حذف حرف الجر ، وهو نادر لا يقاس عليه ، تقول : دخلت الدار ، وأدخلت زيدا الدار ، والدليل على أن «دخلت» لا يتعدى أن نقيضه لا يتعدى ، وهو «خرجت» ، وكل فعل لا يتعدى نقيضه لا يتعدى هو.

٢٨ ـ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ)

«قومهم دار البوار» : مفعولان ل «أحلوا».

٢٩ ـ (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ)

«جهنم» : بدل من «دار» الآية : ٢٨.

٣١ ـ (قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ)

«يقيموا الصّلاة» : تقديره ؛ عند أبي إسحاق : قل لهم ليقيموا ، ثم حذف اللام لتقدم لفظ الأمر.

وقال المبرد : «ليقيموا» : جواب الأمر محذوف ؛ تقديره : قل لهم أقيموا الصلاة يقيموا.

وقال الأخفش : هو جواب «قل» ، وفيه بعد ؛ لأنه ليس بجواب له على الحقيقة ، لأن أمر اللّه لنبيه بالقول ليس فيه أمر لهم بإقامة الصلاة.

٣٣ ـ (وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ)

«دائبين» : نصب على الحال من «الشمس والقمر» ، وغلب «القمر» ؛ لأنه مذكر.

٣٤ ـ (وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها)

«من كلّ ما» : ما ، نكرة ، عند الأخفش ، و «سألتموه» : نعت ل «ما» ، وهي في موضع خفض. وقيل : «ما» و «سألتموه» : مصدر في موضع خفض.

٢٤٣

٣٥ ـ (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ)

«البلد» : بدل من «هذا» ، أو عطف بيان ، و «آمنا» : مفعول ثان.

٤٣ ـ (مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ)

«مهطعين مقنعى رؤوسهم» : حالان من الضمير المحذوف ؛ تقديره : إنما نؤخرهم ليوم تشخص فيه أبصارهم في هاتين الحالتين.

٤٤ ـ (وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا

إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ)

«يوم» : مفعول ل «أنذر» ، ولا يحسن أن يكون ظرفا للإنذار ، لأنه لا إنذار يوم القيامة ، فتقول عطف على «يأتيهم» ، ولا يحسن نصبه على جواب الأمر ؛ لأن المعنى يتغير فيصير : إن أنذرتهم في الدنيا قالوا ربنا أخرنا ؛ وليس الأمر على ذلك ؛ إنما قولهم وسؤالهم التأخير ، إذا أتاهم العذاب ورأوا الحقائق.

٤٦ ـ (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ)

من نصب «لتزول» فاللام لام جحد ، والنصب على إضمار «أن» ، ولا يحسن إظهارها كذلك مع لام «كي» ، لأن الحجة مع الفعل كالسين مع الفعل في «سيقوم» ، إذ هي نفى مستقبل ، فكما لا يحسن أن يفرق بين السين والفعل ، كذا لا يجوز أن يفرق بين اللام والفعل ؛ وتقديره : وما كان مكرهم لتزول منه الجبال ؛ على التصغير وللتحقير لمكرهم ؛ أي : هو أضعف وأحقر من ذلك ، ف «الجبال» في هذه القراءة : تمثيل لأمر الشيء وثبوته ودلائله.

وقيل ، هي تمثيل للقرآن ، والضمير في «مكرهم» : لقريش ، وعلى هذه القراءة أكثر القراء ، أعنى كسر اللام الأولى وفتح الثانية.

وقد قرأ الكسائي بفتح اللام الأولى وبضم الثانية ، فاللام : الأولى لام تأكيد ، على هذه القراءة ، و «أن» مخففة من الثقيلة ؛ و «الهاء» : مضمرة مع «أن» ، تقديره : وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال.

فهذه القراءة تدل على تعظيم مكرهم وما ارتكبوا من فعلهم ، و «الجبال» أيضا : يراد بها أمر النبي وما أتى به ، مثل الأول ؛ وتقديره : مثل الجبال في القوة والثبات. و «الهاء والميم» : ترجع على كفار قريش.

وقيل : إنها ترجع على نمرود بن كنعان في محاولته الصعود إلى السماء ليقاتل من فيها. و «الجبال» هي المعهودة.

٢٤٤

كذا قال أهل التفسير.

٤٧ ـ (فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ)

«مخلف وعده رسله» : هو من الاتساع ، لمعرفة المعنى ؛ تقديره ، مخلف رسله وعده.

ـ ١٥ ـ

سورة الحجر

٢ ـ (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ)

«ربما» : ربما ، فيها لغات ؛ يقال : رب ، مخففة ؛ وربّ ، مشددة ، وهو الأصل ؛ وربة ، بالتاء والتخفيف ، وبالتاء والتشديد ، على تأنيث الكلمة.

وحكى أبو حاتم الوجوه الأربعة بفتح الراء.

ولا موضع لها من الإعراب ، وجئ ب «ما» لتكف «رب» عن العمل.

وقيل : جئ بها ليتمكن وقوع الفعل بعدها.

وقال الأخفش : ما ، في موضع خفض ب «رب» ، وهي نكرة.

٤ ـ (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ)

«كتاب» : مبتدأ ، و «لها» : الخبر ؛ والجملة في موضع نعت ل «قرية».

ويجوز حذف الواو من «ولها» ، لو كان في الكلام.

٩ ـ (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ)

«نحن» : في موضع نصب ، على التأكيد لاسم «إن» ، ويجوز أن يكون في موضع رفع بالابتداء ، و «نزلنا» : الخبر ، والجملة : خبر «إن» ، ولا يجوز أن يكون «نحن» فاصلة لا موضع لها من الإعراب ؛ لأن الذي بعدها ليس بمعرفة ولا ما قاربها ، بل هو مما يقوم مقام النكرة ، إذ هو جملة ، والجمل تكون نعتا للنكرات ، فحكمها حكم النكرات.

١٢ ـ (كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ)

«كذلك نسلكه» : الكاف ، في موضع نصب نعت لمصدر محذوف ، و «الهاء» في «نسلكه» : تعود على التكذيب ؛ وقيل : على الذكر

٢٤٥

١٤ ـ (وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ)

الضمير فى «فظلوا» ، وفى «يعرجون» : للملائكة ؛ أي : لو فتح الله بابا فى السماء فصعدت الملائكة فيه والكفار ينظرون لقالوا : إنما سكرت أبصارنا.

و «الهاء» فى «فيه» : للباب.

١٨ ـ (إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ)

«من» : فى موضع نصب ، على الاستثناء المنقطع.

وأجاز الزجاج أن تكون فى موضع خفض ، على تقدير : إلا ممن استرق السمع ؛ وهو بعيد.

٢٠ ـ (وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ)

«من» : فى موضع نصب ، عطف على موضع «لكم» ؛ لأن معنى «وجعلنا لكم فيها معايش» : أنعشناكم وقويناكم ومن لستم له برازقين.

ويجوز أن ينصب «من» على إضمار فعل ؛ تقديره : وجعلنا لكم فى الأرض معايش وأنعشنا من لستم له برازقين.

وأجاز الفراء أن تكون «أن» فى موضع خفض ، عطف على «الكاف والميم» فى «لكم».

ويجوز العطف على المضمر المخفوض ، عند البصريين.

وأجاز الفراء أن يكون «من» فى موضع خفض ، على العطف على «معايش» ، على أن يكون «من» يراد بها الإماء والعبيد ؛ أي : جعلنا لكم فى الأرض ما تأكلون وجعلنا لكم من خدمكم ما تستمتعون به.

٢٢ ـ (وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ

وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ)

كان أصل الكلام «ملاقح» ؛ لأنه من : ألقحت الريح الشجر ، فهى ملقح ؛ والجمع : ملاقح ؛ لكن أتى على تقدير حذف الزائد ، كأنه جاء على «لقحت» ، فهى : لاقح ؛ والجمع : لواقح ؛ فاللفظ أتى على هذا التقدير.

وقد قرأ حمزة «الريح لواقح» ، بالتوحيد.

وأنكره أبو حاتم ، لأجل توحيد لفظ «الريح» وجمع النعت ، وهو حسن ؛ لأن الواحد يأتى بمعنى الجمع ، قال الله جل ذكره : (وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها) ٦٩ : ١٧ ، يعنى : الملائكة.

٢٤٦

٣٠ ـ (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ)

«أجمعون» : معرفة ، توكيد ، لكن لا ينفرد كما ينفرد «كلهم» ، تقول : كل القوم أتأنى ، ولا تقول : أجمع القوم أتانى.

وقال المبرد : أجمعون ، معناه : غير مفترقين ، وهو وهم منه عند غيره ؛ لأنه يلزمه أن ينصبه على الحال.

٣١ ـ (إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ)

«إلا إبليس» : استثناء ليس من الأول ، عند من جعل «إبليس» ليس من الملائكة ، لقوله (كانَ مِنَ الْجِنِّ) ١٨ : ٥٠

وقيل : هو استثناء من الأول ، لقوله : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ) ٢ : ٣٤ ، فلو كان من غير الملائكة لم يكن ملوما ، لأن الأمر بالسجود إنما وقع للملائكة خاصة ، وقد يقع على الملائكة اسم الجن ، لاستتارهم عن أعين بنى آدم ، قال الله جل ذكره : (وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) ٣٧ : ١٥٨ ، فالجنة : الملائكة.

٤٣ ـ (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ)

«جهنم» : ينصرف ، لأنه اسم معرفة أعجمى.

وقيل : هو عربى ، ولكنه مؤنث معرفة.

ومن جعله عربيا اشتقه من قولهم : ركية جهنام ، إذا كانت بعيدة القعر ، فسميت النار : جهنم ، لبعد قعرها.

٤٧ ـ (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ)

«إخوانا» : حال من «المتقين» الآية : ٤٥ ، أو من الضمير المرفوع فى «ادخلوها» الآية : ٤٦ ، أو من الضمير فى «آمنين».

٥١ ـ (وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ)

«عن ضيف إبراهيم» ؛ أي : عن ذوى ضيف إبراهيم ؛ أي : عن أصحاب ضيف إبراهيم ؛ فحذف المضاف.

ويجوز أن يكون حالا مقدرة من «الهاء والميم» فى «صدورهم».

٥٤ ـ (قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ)

«تبشرون» : تبشروننى ، لكن نافع حذف النون الثانية التي دخلت للفعل بين الفعل والياء ، لاجتماع المثلين ،

٢٤٧

وكسر النون التي هى علامة الرفع لمجاورتها الياء ، وحذف الياء ؛ لأن الكسرة تدل عليها ، وفيه بعد ، لكسر نون ، الإعراب ، وحقها الفتح لالتقاء الساكنين ، ولأنه أتى لعلامة المنصوب بياء ، كالمخفوض.

وقد جاء كسر نون الرفع وحذف النون التي مع الياء فى ضمير المنصوب فى الشعر ؛ قال الشاعر :

أبالموت الذي لا بد أنى

ملاق لا أباك تخوفينى

أراد : تخوفينني ؛ فحذف النون الثانية ، وكسر نون المؤنث.

٥٩ ـ (إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ)

«آل» : نصب على الاستثناء المنقطع ؛ لأن «آل لوط» ليسوا من القوم المجرمين المتقدم ذكرهم.

٦٠ ـ (إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ)

«إلا امرأته» : نصب على الاستثناء من «آل لوط».

٦٦ ـ (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ)

«أن» : فى موضع نصب ، على البدل من «الأمر» ، إن كان «الأمر» بدلا «من ذلك» ؛ أو بدلا «من ذلك» إن جعلت «الأمر» عطف بيان على «ذلك».

وقال الفراء : «إن» : فى موضع نصب ، على حذف الخافض ؛ أي : بأن دابر.

«مصبحين» : نصب على الحال مما قبلها.

٦٧ ـ (وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ)

«يستبشرون» : حال مما قبله.

٦٨ ـ (قالَ إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ)

«هؤلاء ضيفى» : تقديره : ذو وضيفى ، ثم حذف المضاف.

٧٠ ـ (قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ)

«عن العالمين» : معناه : عن ضيافة العالمين.

٧٨ ـ (وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ لَظالِمِينَ)

«الأيكة» : لم يختلف القراء فى الهمز والخفض ، هنا ، وفى «ق» ٥٠ : ١٤ ؛ وإنما اختلفوا فى «الشعراء» ٢٦ : ١٧٦ ، و «ص» ٣٨ : ١٣ ، فى فتح الياء وخفضها.

٢٤٨

فمن فتح الياء قرأه بلام بعدها ياء ، وجعل «ليكة» ؛ اسم البلدة ، فلم يصرفه للتأنيث والتعريف ؛ ووزنه «فعلة».

ومن قرأه بالخفض ، جعل أصله : أيكة ، اسم لموضع فيه شجر ملتف ، ثم أدخل عليه الألف واللام للتعريف ، فانصرف.

٩٠ ـ (كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ)

«الكاف» : فى موضع نصب ، على النعت لمفعول محذوف ؛ تقديره : أنا النذير المبين عقابا أو عذابا مثل ما أنزلنا.

ـ ١٦ ـ

سورة النحل

١ ـ (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ)

«أتى» : بمعنى : يأتى ؛ وحسن لفظ الماضي فى موضع المستقبل ، لصدق إثبات الأمر ، فصار فى أنه لا بد «أتى» : يأتى ، بمنزلة ما قد مضى وكان ، فحسن الإخبار عنه بالماضي ، وأكثر ما يكون هذا فيما يخبرنا الله جل ذكره به أنه يكون ، فلصحة وقوعه وصدق المخبر عنه صار كأنه شىء قد كان.

٢ ـ (يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا

أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ)

«أن أنذروا» : أن ، فى موضع خفض ، على البدل من «الروح» ، و «الروح» ، هنا : الوحى ؛ أو فى موضع نصب على حذف الخافض ؛ أي : بأن أنذروا.

٨ ـ (وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ)

«وزينة» : نصب على إضمار فعل ؛ أي : وجعلها زينة.

وقيل : هو مفعول من أجله ؛ أي : وللزينة.

١٥ ـ (وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهاراً وَسُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)

«أن تميد بكم» : أن ، فى موضع نصب مفعول من أجله.

٢٤٩

وقيل : تقديره : كراهة أن تميد.

وقيل : معناه : لئلا تميد.

٢٤ ـ (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ)

«ما ذا» ، فيها قولان :

الأول : ما ، فى موضع رفع بالابتداء ، وهو استفهام معناه التقرير ، و «ذا» بمعنى : الذي ، وهو خبر «ما» ، و «أنزل ربكم» : صلة «ذا» ، ومع «أنزل» هاء محذوفة تعود على «ذا» ؛ تقديره : ما الذي أنزله ربكم. ولما كان السؤال مرفوعا جرى الجواب على ذلك ، فرفع «أساطير الأولين» على الابتداء والخبر أيضا ؛ تقديره : قالوا هو أساطير الأولين.

وأما الثاني : ف «ما» ، و «ذا» اسم واحد فى موضع نصب ب «أنزل» ، و «ما» : استفهام أيضا ، ولما كان السؤال منصوبا جرى الجواب على ذلك ، فقال : قالوا خيرا ؛ أي : أنزل خيرا.

٣٢ ـ (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ)

«طيبين» : حال من «الهاء والميم» فى «تتوفاهم».

٤٠ ـ (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)

«كن فيكون» : قرأ ابن عامر ، والكسائي بنصب «فيكون» ، عطفا على «نقول».

ومن رفعه قطعه مما قبله ؛ أي : فهو يكون.

وما بعد «الفاء» يستأنف ويبعد النصب فيه على جواب «كن» ؛ لأن لفظه لفظ الأمر ، ومعناه الخبر عن قدرة الله ، إذ ليس ثم مأمور بأن يفعل شيئا ؛ فالمعنى : فإنما يقال كن فهو يكون.

ومثله فى لفظ الأمر ، قوله تعالى (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) لفظه لفظ الأمر ومعناه التعجب ؛ فلما كان معنى «كن» : الخبر ، بعد أن يكون «فيكون» جوابا له ، فنصب على ذلك ؛ وبعد أيضا من جهة أخرى ؛ وذلك أن جواب الأمر إنما جزم ؛ لأنه فى معنى الشرط ، فإذا قلت : قم أكرمك ؛ جزمت الجواب ؛ لأنه بمعنى : إن تقم أكرمك ؛ وكذلك إذا قلت ت : قم فأكرمك ؛ إنما نصبت ؛ لأنه فى معنى : إن تقم فأكرمك.

وهذا إنما يكون أبدا فى فعلين مختلفى اللفظ ، أو مختلفى الفاعلين ، فإن اتفقا فى اللفظ ، والفاعل واحد ،

٢٥٠

لم يجز ؛ لأنه لا معنى له ، لو قلت : قم تقم ، وقم فتقوم ، واخرج فتخرج ، لم يكن له معنى ، كما أنك لو قلت : إن تخرج تخرج ، وإن تقم فتقوم ، لم يكن له معنى : لاتفاق لفظ معنى الفعلين والفاعلين ، فكذلك : كن فيكون ، لما اتفق لفظ الفعلين والفاعلين ، لم يحسن أن يكون «فيكون» جوابا للأول ، فالنصب على الجواب إنما يجوز على بعد على السببية فى «كن» بالأمر الصحيح على السببية بالفعلين المختلفين.

وقد أجاز الأخفش فى قوله (قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا) ١٤ : ٣١ ، جوابا ل «قل» ، وليس هو بجواب له على الحقيقة ، لأن أمر الله لنبيه عليه‌السلام بالقول ليس فيه بيان الأمر لهم بأن يقيموا الصلاة حتى يقول لهم : أقيموا الصلاة.

فنصب «فيكون» على جواب «كن» إنما يجوز على التشبه على ما ذكرنا ، وهو بعيد لفساد المعنى ، وقد أجازه الزجاج ؛ وعلى ذلك قرأ ابن عامر بالنصب فى سورة البقرة : ١١٧ ، وفى آل عمران : ٤٧ ، وفى غافر : ٦٨ ، فأما فى هذه السورة ، وفى «يس» : ٨٢ ، فالنصب حسن على العطف على «يقول» ؛ لأنه قبله «أن».

٤٢ ـ (الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)

«الذين» : فى موضع رفع ، على البدل من «الذين هاجروا» الآية : ٤١ ، أو فى موضع نصب على البدل من «الهاء والميم» فى «لنبوئنهم» الآية : ٤١ ، أو على إضمار : أعنى.

٥١ ـ (وَقالَ اللهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ)

«اثنين» : تأكيد بمنزلة «واحد» ، فى قوله ، (إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ) ٤ : ١٧١

٥٢ ـ (وَلَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ واصِباً أَفَغَيْرَ اللهِ تَتَّقُونَ)

«واصبا» : نصب على الحال.

٥٧ ـ (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ)

«ولهم ما يشتهون» : ما ، رفع بالابتداء ، و «لهم» : الخبر.

وأجاز الفراء أن يكون «ما» : فى موضع نصب ، على تقدير : ويجعلون لهم ما يشتهون.

ولا يجوز هذا عند البصريين ؛ كما لا يجوز : جعلت لى طعاما ؛ إنما يجوز : جعلت لنفسى طعاما ؛ فلو كان لفظ القرآن : ولأنفسهم ما يشتهون ، جاز ما قال الفراء عند البصريين.

٢٥١

٥٨ ـ (وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ)

«وجهه» : اسم «ظل» ، و «مسودا» : الخبر.

ويجوز فى الكلام أن يضمر فى «ظل» اسمها ، ويرفع «وجهه» ، و «مسود» بالابتداء والخبر ، والجملة : خبر «ظل».

٦٢ ـ (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ما يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى لا جَرَمَ

أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ)

«وتصف ألسنتهم» : يذكر ويؤنث ؛ فمن أنث قال فى جمعه : ألسن ؛ ومن ذكره قال فى جمعه : ألسنة ، وبذلك أتى القرآن.

و «الكذب» : منصوب ب «تصف» ، و «أن لهم» : بدل من «الكذب» ، بدل الشيء من الشيء ، وهو هو.

وقد قرئ الكذب ، بثلاث ضمات ، على أنه نعت للألسنة ، وهو جمع «كاذب» ، وبنصب «أن لهم» ب «تصف».

«لا جرم أنّ لهم النّار» : أن ، فى موضع رفع ب «جرم» ، بمعنى : وجب ذلك لهم.

وقيل : هى فى موضع نصب ، بمعنى : كسبهم أن لهم النار.

وأصل معنى «جرم» : كسب ، ومنه : المجرمون ؛ أي : الكاسبون الذنوب.

٦٤ ـ (وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً

لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)

«وهدى ورحمة» : مفعولان من أجلهما.

٦٦ ـ (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ

لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ)

«ممّا فى بطونه» : الهاء. تعود على «الأنعام» ؛ لأنها تذكر وتؤنث ، يقال : هو الأنعام : وهى الأنعام ، فجرى هذا الحرف على لغة من يذكر. والذي فى سورة «المؤمنين» : ٢١ ، على لغة من يؤنث.

حكى هذا عن يونس بن حبيب البصري.

٢٥٢

وجواب ثان ، وهو : «الهاء» فى «بطونه» تعود على البعض ؛ لأن «من» فى قوله «مما فى بطونه» : دلت على التبعيض ، وهو الذي له لبن منها ؛ فتقديره : مما فى بطون البعض الذي له لبن ، وليس لكلها لبن.

وهو قول أبى عبيدة.

وجواب ثالث ، وهو : أن «الهاء» فى «بطونه» تعود على المذكور ؛ أي : ونسقيكم مما فى بطون المذكور.

وجواب رابع ، وهو : أن «الهاء» تعود على «النعم» ؛ لأن الأنعام والنعم ، سواء فى المعنى.

وجواب خامس ، وهو : أن «الهاء» تعود على واحدة الأنعام ؛ واحدها : نعم : والنعم مذكر ، واحد الأنعام. والعرب تصرف الضمير إلى الواحد ، وإن كان لفظ الجمع قد تقدم ؛ قال الأعشى :

فإن تعهدى لامرئ لمة

فإن الحوادث أودى بها

فقال «بها» ، فرد الضمير فى «أودى» على الحدثان ؛ أو على الحادثة ، وذكّر ؛ لأنه لا مذكر لها من لفظها.

وجواب سادس ، وهو : أن «الهاء» تعود على الذكور خاصة ، حكى هذا أقول إسماعيل القاضي ، ودل ذلك أن اللبن للفحل ، فشرب اللبن من الإناث ، واللبن للفحل ، فرجع الضمير عليه ، واستدل بها على أن اللبن فى الرضاع للفحل.

٦٧ ـ (وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً

حَسَناً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)

«الهاء» فى قوله «تتخذون منه» : يعود على واحد الثمرات المتقدمة الذكر ، فهى تعود على الثمر ، كما عادت «الهاء» فى «بطونه» على واحد الأنعام ، وهو النعم.

وقيل : بل تعود على «ما» المضمرة ؛ لأن التقدير : ومن ثمرات النخيل والأعناب ما تتخذون منه ، فالهاء ل «ما» ، ودلت «من» عليها ؛ وجاز حذف «ما» كما جاز حذف «من» فى قوله : (وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) ٣٧ : ١٦٤ ؛ أي : إلا من له مقام ، فحذف ؛ «من» لدلالة «من» عليها ، فى قوله «وما منا».

وقيل : «الها» : تعود على المذكور ، كأنه قال : تتخذون من المذكور سكرا.

٦٩ ـ (ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها

شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)

«الهاء» فى قوله «فيه شفاء للناس» : تعود على «الشراب» ، الذي هو العسل.

٢٥٣

وقيل : بل تعود على «القرآن».

٧٣ ـ (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ

وَالْأَرْضِ شَيْئاً وَلا يَسْتَطِيعُونَ)

انتصب «شىء» على البدل من «رزق» ، وهو عند الكوفيين ، منصوب ب «رزق» ، و «الرزق» ، عند البصريين : اسم ليس بمصدر ، فلا يعلم إلا فى شعر.

٩١ ـ (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ

اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ)

«بعد توكيدها» ، هذه الواو فى «التوكيد» هى الأصل.

ويجوز أن يبدل منها همزة ، فتقول : تأكيد ، ولا يحسن أن يقال : الواو بدل من الهمزة ، كما لا يحسن ذلك فى «أحد» ، أصله : وحد ، فالهمزة بدل من الواو.

٩٢ ـ (وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ

أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ

أُمَّةٍ إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ

ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)

«أنكاثا» : نصب على المصدر ، والعامل فيه «نقضت» ؛ لأنه بمعنى : نكثت نكثا ؛ ف «أنكاثا» جمع : نكث.

وقال الزجاج : أنكاثا ، نصب ؛ لأنه فى معنى المصدر.

«دخلا» : مفعول من أجله.

«أن تكون أمّة هى أربى من أمة» : أن ، فى موضع نصب على حذف حرف الخفض ؛ تقديره :

بأن تكون ، أو : لأن تكون «هى أربى» : مبتدأ ؛ و «أربى» : فى موضع رفع خبر «هى» ؛ والجملة خبر «كان».

وأجاز الكوفيون أن تكون «هى» : فاصلة ، لا موضع لها من الإعراب ؛ وأربى» : فى موضع نصب خبر «كان» ، وهو قياس قول البصريين ؛ لأنهم أجازوا أن تكون : هى ، وهو ، وأنت ، وأنا ، وشبه ذلك : فواصل لا موضع لها من الإعراب ، مع «كان» وأخواتها ، و «أن» وأخواتها و «ظن» وإخوتها ، إذا كان بعدهن معرفة ، أو ما قارب المعرفة.

٢٥٤

و «أربى من أمة» هو مما يقرب من المعرفة ، لملازمة «من» ل «أفعل» ، ولطول الاسم ؛ لأن «من» وما بعدها من تمام «أفعل».

وإنما فرق البصريون فى هذه الآية ولم يجيزوا أن تكون «هى» فاصلة ؛ لأن «كان» نكرة ، فلو كان معرفة لحسن وجاز.

والهاء فى «يبلوكم الله به» : يرجع على العهد.

٩٩ ـ (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)

الهاء ، فى «إنه» : تعود على الشيطان.

وقيل : للحديث والخبر.

١٠٠ ـ (إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ)

الهاء فى «هم به مشركون» : تعود على «الله» جل ذكره.

وقيل : على الشيطان ، على معنى : هم من أجله يشركون بالله.

١٠٦ ـ (مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ

مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ)

«من كفر بالله» : من ، فى موضع رفع ، بدل من «الكاذبين» الآية : ١٠٥

«إلا من أكره» : من ، نصب على الاستثناء.

«ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم» : من ، مبتدأ ، و «فعليهم» : الخبر.

١١٦ ـ (وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ)

«الكذب» : نصب ب «تصف» ، و «ما تصف» : مصدر.

ومن رفع «الكذب» ، وضم الكاف والدال ، جعله نعتا ل «ألسنة».

وقرأ الحسن ، وطلحة ، ومعمر : «الكذب» ، بالخفض وفتح الكاف ، وجعلوه نعتا ل «ما» ، أو بدلا منها.

١٢٣ ـ (ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)

«حنيفا» ، حال من المضمر المرفوع فى اتبع ، ولا يحسن أن يكون حالا من «إبراهيم» ؛ لأنه مضاف إليه.

٢٥٥

ومعنى «حنيفا» : مائلا عن الأديان ، إلا دين إبراهيم.

وأصل «الحنف» : الميل فى الأمر ؛ ومنه : الأحنف.

١٢٧ ـ (وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ)

«ولا تحزن عليهم» : الهاء والميم : يعودان على «الكفار» ؛ أي : لا تحزن على تخلفهم عن الإيمان ، وذلك على ذلك قوله «يمكرون».

وقيل : الضمير ل «الشهداء» الذين نزل فيهم (وَإِنْ عاقَبْتُمْ) الآية : ١٢٦ ، إلى آخر السورة ؛ أي : لا تحزن على قتل الكفار إياهم.

و «الضيق» ، بالفتح : المصدر ؛ وبالكسر : الاسم.

وحكى الكوفيون «الضيق» ، بالفتح : يكون فى القلب والمصدر ؛ وبالكسر : يكون فى الثوب والدار ، ونحو ذلك.

ـ ١٧ ـ

سورة الإسراء

١ ـ (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ)

«سبحان» : تنزيه لله من السوء ، وهو مروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وانتصب على المصدر ، كأنه وضع موضع «بحت الله تسبيحا» ، وهو معرفة ، إذا أفرد ؛ وفى آخره زائدتان : الألف والنون ، فامتنع من الصرف للتعريف والزيادتين.

وحكى سيبويه أن من العرب من ينكره ، فيقول : سبحانا ، بالتنوين.

وقال أبو عبيد : انتصب على النداء ، كأنه قال : يا سبحان الله ، ويا سبحان الذي أسرى بعبده.

٢ ، ٣ ـ (وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا

مِنْ دُونِي وَكِيلاً ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً)

«ذرية» : مفعول ثان ل «تتخذوا» ، على قراءة من قرأ بالتاء ، و «وكيلا» : مفعول أول ، وهو مفرد معناه الجمع.

٢٥٦

و «اتخذ» يتعدى إلى مفعولين ، مثل قوله تعالى : (وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً) ٤ : ١٢٥ ، ويجوز نصب «ذرية» على النداء.

فأما من قرأ «يتخذوا» بالياء ، ف «ذرية» : مفعول ثان لا غير ، ويبعد النداء ؛ لأن الياء للغيبة ، والنداء للخطاب ، فلا يجتمعان إلا على بعد.

وقيل : «ذرية» ، فى القراءتين : بدل من «وكيلا».

وقيل : نصب على إضمار : أعنى.

ويجوز الرفع فى الكلام ، على قراءة ، من قرأ بالياء ، على البدل من المضمر فى «يتخذوا» ، لا يحسن ذلك فى قراءة المخاطب ، لأن المخاطب لا يبدل منه الغائب.

ويجوز الخفض ، على البدل من «بنى إسرائيل» ؛ و «أن» فى قوله «ألا يتخذوا» ، فى قراءة من قرأ بالياء ، فى موضع نصب على حذف الخافض ؛ أي : لأن لا يتخذوا.

فأما من قرأ بالتاء ، فيحتمل فى «أن» ثلاثة أوجه :

أحدها : أن تكون لا موضع لها من الإعراب ، وهى للتفسير ، بمعنى «أي» ، فتكون «لا» نهيا ، ويكون معنى الكلام قد خرج فيه من الخبر إلى النهى.

والوجه الثاني : أن تكون «أن» زائدة ليست للتفسير ، ويكون الكلام خبرا بعد خبر على إضمار القول ؛ تقديره : وقلنا لهم لا تتخذوا.

والوجه الثالث : أن تكون فى موضع نصب ، و «لا» زائدة ، وحرف الجر محذوف مع «أن» ؛ تقديره : وجعلناه هدى لبنى إسرائيل لأن تتخذوا دونى وكيلا ؛ أي : كراهة أن تتخذوا.

٥ ـ (فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا

خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً)

«خلال الدّيار» : نصب على الظرف.

٧ ـ (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ

لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا

ما عَلَوْا تَتْبِيراً)

«وعد الآخرة» : معناه : وعد المرة الآخرة ، ثم حذف ؛ فهو فى الأصل صفة قامت مقام موصوف ؛ لأن

٢٥٧

«الآخرة» نعت ل «المرة» ، فحذفت «المرة» وأقيمت «الآخرة» مقامها. والكلام هو رد على قوله : «ليفسدون فى الأرض مرتين» الآية : ٤

«وليتبّروا ما علوا» : ما ، والفعل ، مصدر ؛ أي : وليتبروا علوهم ؛ أي : وقت علوهم ؛ أي : وليهلكوا ويفسدوا من تمكنهم ؛ فهو بمنزلة قولك : جئتك مقدم الحاج ، وخفوق النجم ؛ أي : وقت ذلك.

٨ ـ (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً)

«أن» : فى موضع نصب ب «عسى» ، والرحمة ، هنا : نعت محمد عليه‌السلام. و «عسى» من الله ، واجبة ، فقد كان ذلك.

١١ ـ (وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً)

«دعاءه بالخير» : نصب على المصدر ؛ وفى الكلام حذف ؛ تقديره : ويدع الإنسان بالشر دعاء مثل دعائه بالخير ، ثم حذف الموصوف ، وهو «دعاء» ، ثم حذف الصفة المضافة وأقام المضاف إليه مقامها.

١٤ ـ (اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً)

«حسيبا» : نصب على البيان.

وقيل : على الحال.

٢٠ ـ (كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً)

«هؤلاء وهؤلاء» : بدل من «كل» ، على معنى : المؤمن والكافر يرزق.

٢١ ـ (انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ

وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً)

«كيف» : فى موضع نصب ب «فضلنا» ، ولا يعمل فيه «انظر» ؛ لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله.

«أكبر» : خبر الابتداء ، وهو ول «الآخرة» ، و «درجات» : نصب على البيان ، ومثله : «تفضيلا».

٢٣ ـ (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ

الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما

قَوْلاً كَرِيماً)

«يبلغنّ عندك» : قرأه حمزة والكسائي «يبلغان» ، بتشديد النون وبألف على التثنية ، لتقدم ذكر «الوالدين» ،

٢٥٨

وأعاد الضمير فى «أحدهما» على طريق التأكيد ، فيكون «أحدهما» بدلا من الضمير ، «أو كلاهما» عطف على «أحدهما».

وقيل : ثنى الفعل ، وهو مقدم ، على لغة من قال : «فأما أحدهما» : كما ثنيت علامة التأنيث فى الفعل المقدم عند جميع العرب ، فيكون «أحدهما» رفعا بفعله على هذا ، و «أو كلاهما» عطف على «أحدهما».

٢٨ ـ (وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً)

«ابتغاء رحمة» : مفعول من أجله.

٣١ ـ (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ

خِطْأً كَبِيراً)

«خشية إملاق» : مفعول من أجله.

٣٢ ـ (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً)

«الزّنا» ، من قصره جعله مصدر : زنى يزنى زنا ، ومن مده جعله مصدر : زانى يزانى مزاناة وزناء.

٣٣ ـ (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً

فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً)

«مظلوما» : نصب على الحال.

«إنه كان منصورا» : «الهاء» تعود على «الولي» ؛ وقيل : على المقتول ؛ وقيل : على الدم ؛ وقيل : على القتل.

وقال أبو عبيدة : هى للقاتل ، ومعناه : أن القاتل ، إذا افتيد منه فى الدنيا فقتل ، فهو منصور ، وفيه بعد فى التأويل.

٣٧ ـ (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ

الْجِبالَ طُولاً)

«مرحا» : نصب على المصدر.

٢٥٩

وقرأ يعقوب : مرحا ، بكسر الراء ، فيكون نصبه على الحال.

٤١ ـ (وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُوراً)

«نفورا» : نصب على الحال.

٤٦ ـ (وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ

فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً)

«نفورا» : نصب على الحال.

٥٣ ـ (وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)

«وقل لعبادى» : قد مضى الاختلاف فى نظيره فى سورة «إبراهيم» : ٣١ ، فهو مثله.

٥٧ ـ (أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ)

«أيهم أقرب» : ابتداء وخبر ، ويجوز أن يكون «أيهم» ، بمعنى «الذي» ، بدلا من «الواو» فى «يبتغون» ؛ تقديره : يبتغى الذي هو أقرب الوسيلة ، ف «أي» على هذا التقدير : مثبتة ، عند سيبويه ، وفيه اختلاف ونظر سيأتى فى سورة مريم : ٧٣» إن شاء الله.

٥٩ ـ (وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنا ثَمُودَ

النَّاقَةَ مُبْصِرَةً)

أي ما منعنا أن نرسل الآيات التي اقترحتها قريش ، إلا تكذيب الأولين بمثلها ، فكان ذلك سبب إهلاكهم ، فلو أرسلها إلى قريش فكذبوا لأهلكوا.

وقد تقدم فى علم الله تأخير عذابهم إلى يوم القيامة ، فلم يرسلها لذلك.

«مبصرة» : نصب على الحال.

٦٠ ـ (وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ

إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ)

نصب «الشجرة» على العطف على «الرؤيا» ؛ أي : وما جعلنا الشجرة الملعونة.

٢٦٠