الموسوعة القرآنيّة - ج ٤

ابراهيم الأبياري

الموسوعة القرآنيّة - ج ٤

المؤلف:

ابراهيم الأبياري


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة سجل العرب
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٢٨

٦١ ـ (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قالَ أَأَسْجُدُ

لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً)

«طينا» : نصب على الحال.

٧١ ـ (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ

يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً)

العامل فى «يوم» : فعل دل عليه الكلام ، كأنه قال : لا يظلمون يوم ندعو ؛ لأن «يوما» مضاف إليه ، ولا يعمل المضاف إليه فى المضاف ؛ لأنهما كاسم واحد ، ولا يعمل الشيء فى نفسه.

و «الباء» فى «بإمامهم» «تتعلق ب «ندعو» ، فى موضع المفعول الثاني ل «ندعو» ، تعدى إليه بحرف جر.

ويجوز أن تتعلق «الباء» بمحذوف ، والمحذوف فى موضع الحال ، فيكون التقدير : ندعو كل الناس مختلطين بإمامهم ؛ أي : فى هذه الحال ؛ ومعناه : ندعوهم وإمامهم فيهم.

ومعناه على القول الأول : ندعوهم باسم إمامهم ، وهو معنى ما روى عن ابن عباس فى تفسيره.

وقد روى عن الحسن أن «الإمام» هنا : الكتاب الذي فيه أعمالهم ، فلا يحتمل على هذا أن تكون «الباء» إلا متعلقة بمحذوف ، وذلك المحذوف فى موضع الحال ؛ تقديره : ندعوهم ومعهم كتابهم الذي فيه أعمالهم ؛ كأنه فى التقدير : ندعوهم باتباعهم كتابهم ، أو مستقرا معهم كتابهم ، ونحو ذلك ؛ فلا يتعدى «ندعو» ، على هذا التأويل ، إلا إلى مفعول واحد.

٧٢ ـ (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً)

«أعمى» : هو من : عمى القلب ، فهو ثلاثى من «عمى» ، فلذلك أتى بعد فعل ثلاثى ؛ وفيه معنى التعجب.

ولو كان من : عمى العين ، لقال : فهو فى الآخرة أشد ، أو أبين ، عمى ؛ لأن فيه معنى التعجب ، وعمى العين شىء ثابت ، كاليد والرجل ، فلا يتعجب منه إلا بفعل ثلاثى ؛ وكذلك حكم ما جرى مجرى التعجب.

وقيل : لما كان عمى العين أصله الرباعي لم يتعجب منه إلا بإدخال فعل ثلاثى ، لينقل التعجب إلى الرباعي ، فإذا كان فعل المتعجب منه رباعيا لم يمكن نقله إلى أكثر من ذلك ؛ فلا بد من إدخال فعل ثلاثى ، نحو : أبين ، وأشد ، أو كثر ، وشبهه. هذا مذهب البصريين.

٢٦١

وقد حكى الفراء : ما أعماه : وأعوره ، ولا يجوزه البصريون.

٧٧ ـ (سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلاً)

«سنّة» : نصب على المصدر ؛ أي : سن الله ذلك سنة ؛ يعنى : سن الله أن من أخرج نبيه هلك.

وقال الفراء : المعنى : كسنة من ، فلما حذف «الكاف» نصب.

٧٨ ـ (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ

كانَ مَشْهُوداً)

«وقرآن الفجر» : نصب بإضمار فعل ؛ تقديره : واقرءوا قرآن الفجر.

وقيل : تقديره : أتم قرآن الفجر.

٩٢ ـ (أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً)

«قبيلا» : نصب على الحال.

٩٤ ـ (وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى إِلَّا أَنْ قالُوا

أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً)

«أن يؤمنوا» : أن ، فى موضع ، نصب مفعول «منع» ثان.

«إلّا أن قالوا» : أن ، فى موضع رفع ، فاعل «منع» ؛ أي : ما منع الناس الإيمان إلا قولهم كذا وكذا.

٩٦ ـ (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً)

«كفى بالله شهيدا» : الله ، جل ذكره ، فى موضع رفع ب «كفى» : و «شهيدا» حال ، أو بيان ؛ تقديره : قل كفى الله شهيدا.

١٠٠ ـ (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ

الْإِنْفاقِ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً)

«لو» : لا يليها إلا الفعل ؛ لأن فيها معنى الشرط ، فإن لم يظهر أضمر ، فهو مضمر فى هذا ؛ و «أنتم» : رفع بالفعل المضمر.

١٠١ ـ (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ)

يجوز أن يكون «بينات» ، فى موضع خفض على النعت ل «آيات» ، أو فى موضع نصب نعت ل «تسع».

٢٦٢

١٠٤ ـ (وَقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ

جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً)

«لفيفا» : نصب على الحال :

١٠٥ ـ (وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً)

«بالحق» ، الأول : حال مقدمة من المضمر فى «أنزلناه» ، و «بالحق» ، الثاني : حال مقدمة من المضمر فى «نزل».

ويجوز أن يكون الباء فى الثاني متعلقة ب «نزل» ، على جهة التعدي.

١٠٦ ـ (وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً)

انتصب «قرآن» بإضمار فعل ، تفسيره : فرقناه ؛ تقديره : وفرقناه قرآنا فرقناه.

ويجوز أن يكون معطوفا على «مبشرا ونذيرا» الآية : ١٠٥ ، على معنى : فصاحب قرآن ، ثم حذف المضاف ؛ فيكون «فرقناه» نعتا للقرآن.

١٠٧ ـ (قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ

يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً)

«سجدا» : نصب على الحال :

١١٠ ـ (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى)

«أي» : نصب ب «تدعوا» ؛ و «ما» : زائدة للتأكيد.

ـ ١٨ ـ

سورة الكهف

٢ ـ (قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ)

«قيما» : نصب على الحال من «الكتاب» الآية : ١

٥ ـ (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً)

«كلمة» : نصب على التفسير ، وفى «كبرت» ضمير فاعل ؛ تقديره : كبرت مقالتهم اتخذ الله ولدا.

٢٦٣

ومن رفع «كلمة» جعل «كبرت» بمعنى : عظمت ، ولم يضمر فيه شيئا ، فارتفعت «الكلمة» بفعلها ، و «تخرج» : نعت ل «الكلمة».

«إن يقولون إلا كذبا» : إن ، بمعنى «ما» ؛ و «كذبا» : نصب بالقول.

٦ ـ (فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً)

«أسفا» : مصدر فى موضع الحال :

٧ ـ (إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً)

«زينة لها» : مفعول ثان ل «جعلنا» ، إن جعلته بمعنى : صيرنا.

وإن جعلته بمعنى «خلقنا» نصبت «زينة» على أنه مفعول من أجله ؛ لأن ، خلقنا لا يتعدى إلا إلى مفعول واحد.

١١ ـ (فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً)

«سنين» : نصب على الظرف ، و «عددا» : مصدر.

وقيل : هو نعت ل «سنين» ، على معنى : ذات عدد.

وقال الفراء : معناه : معدودة ، فهو على هذا نعت ل «سنين».

١٢ ـ (ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً)

«أمدا» : نصب ؛ لأنه مفعول ل «أحصى» ؛ كأنه قال : لنعلم أهؤلاء أحصى للأمد أم هؤلاء؟

وقيل : هو منصوب ب «لبثوا».

وأجاز الزجاج نصبه على التمييز ؛ ومنعه غيره ؛ لأنه إذا نصبه على التمييز جعل «أحصى» اسما على «أفعل» ؛ و «أحصى» أصله مثال الماضي ، من : احصى يحصى ؛ وقد قال الله جل وعز : (أَحْصاهُ اللهُ وَنَسُوهُ) ٥٨ : ٦ ، و (أَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً) ٧٢ : ٢٨ ؛ فإذا صح أنه يقع فعلا ماضيا لم يمكن أن يستعمل منه : أفعل من كذا ؛ إنما يأتى «أفعل من كذا» أبدا من الثلاثي ، ولا يأتى من الرباعي البتة إلا فى شذوذ ، نحو قولهم : ما أولاه للخير ، وما أعطاه للدرهم ؛ فهو شاذ لا يقاس عليه. وإذا لم يمكن أن يأتى «أفعل من كذا» من الرباعي ، علم أن «أحصى» ليس هو : أفعل من كذا ؛ إنما هو فعل ماض ، وإذا كان فعلا ماضيا لم يأت معه التمييز ، وكان تعديه إلى «أمدا» أبين وأظهر.

٢٦٤

وإذا نصبت «أمدا» ب «لبثوا» فهو ظرف ، لكن يلزمك أن تكون عديت «أحصى» بحرف جر لأن التقدير : أحصى للبثهم فى الأمد ، وهو مما لا يحتاج إلى حرف ، فيبعد ذلك بعض البعد ، فنصبه ب «أحصى أولى وأقوى.

فأما قوله «لنعلم أي الحزبين» ، وقوله «فلينظر أيها أزكى» الآية : ١٩ ، فالرفع ، عند أكثر النحويين فى هذا على الابتداء وما بعده خبر ؛ والفعل معلق غير معمل فى اللفظ.

وعلة سيبويه فى ذلك أنه لما حذف العائد على «أي» بناها على الضم.

١٤ ـ (وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا

مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً)

«شططا» : نعت لمصدر محذوف ؛ تقديره : قولا شططا.

ويجوز أن تنصبه بالقول.

١٦ ـ (وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ)

أي : واذكروا إذ اعتزلتموهم.

١٧ ـ (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ

ذاتَ الشِّمالِ)

«ذات اليمين وذات الشّمال» : ظرفان.

١٨ ـ (لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً)

«فرارا ورعبا» : منصوبان على التمييز.

٢١ ـ (وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها

إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً)

العامل فى «إذ» : يتنازعون.

٢٢ ـ (سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ

وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ)

«وثامنهم كلبهم» : إنما جىء بالواو هنا لتدل على تمام القصة وانقطاع الحكاية عنهم ، ولو جىء بها مع

٢٦٥

«رابع» و «سادس» لجاز ، ولو حذفت من «الثامن» لجاز ؛ لأن الضمير العائد يكفى من الواو ؛ وتقول : رأيت زيدا وأبوه جالس.

وإن شئت حذفت الواو ، للهاء العائدة على «زيد». ولو قلت : رأيت عمرا وبكر جالس ، لم يجز حذف الواو ؛ إذ لا عائد يعود على عمرو. ويقال لهذه الواو : واو الحال ، ويقال : واو الابتداء ، ويقال : واو «إذ» ، إذ هى بمعنى «إذ».

٢٥ ـ (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً)

«ثلاث مائة سنين» : من نون «المائة» استبعد الإضافة إلى الجمع ؛ لأن أصل هذا العدد أن يضاف إلى واحد يبين جنسه ؛ نحو : عندى مائة درهم ، ومائة ثوب ؛ فنون «المائة» إذ بعدها جمع ، ونصب «سنين» على البدل من «ثلاث».

وقال الزجاج : «سنين» : فى موضع نصب ، عطف بيان على «ثلاث».

وقيل : هى فى موضع خفض على البدل من «مائة» ؛ لأنها فى معنى «سنين».

ومن لم ينون أضاف «مائة» إلى «سنين» ، وهى قراءة حمزة والكسائي ، أضافا إلى الجمع كما يفعلان فى الواحد ؛ وجاز لهما ذلك إذا أضافا إلى واحد ، فقالا : ثلاثمائة سنة ، ف «سنة» بمعنى : سنين ، لا اختلاف فى ذلك ؛ فحملا الكلام على معناه ، وهو حسن فى القياس قليل فى الاستعمال ؛ لأن الواحد أخف من الجميع ، وإنما يبعد من جهة قلة الاستعمال ، وإلا فهو الأصل.

«وازدادوا تسعا» : تسعا ، مفعول به ، ب «ازدادوا» ، وليس بظرف ؛ تقديره : وازدادوا لبث تسع سنين ؛ ف «ازدادوا» أصله : «فعل» ، ويتعدى إلى مفعولين ؛ قال الله جل ذكره (وَزِدْناهُمْ هُدىً) الآية : ١٣ ، لكن لما رجع «فعل» إلى «افتعل» نقص من التعدي وتعدى إلى مفعول واحد. وأصل «الدال» الأولى فى «ازدادوا» : تاء الافتعال ؛ وأصله : وازتيدوا ؛ فقلبت الياء ألفا ، لتحركها وانفتاح ما قبلها ، وأبدل من التاء دالا لتكون فى الجهر كالدال التي بعدها والزاى التي قبلها ، وكأن الدال أولى بذلك ، لأنها من مخرج التاء ، فيكون عمل اللسان فى موضع واحد فى القوة والجهرة.

٣٠ ـ (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً)

خبر «أن» الأولى : «أولئك لهم جنات» الآية : ٣١

٢٦٦

وقيل : خبرها : «إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا» ؛ لأن معناه : إنا لا نضيع أجرهم.

وقيل : الخبر محذوف ؛ تقديره : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يجازيهم الله بأعمالهم ، ودل على ذلك قوله تعالى : «إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا».

٣١ ـ (أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ

مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ)

«سندس» : جمع ؛ واحده : سندسة.

٣٩ ـ (وَلَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ

مِنْكَ مالاً وَوَلَداً)

«قلت ما شاء الله» : ما ، اسم ناقص ، بمعنى «الذي» ، فى موضع رفع ، على إضمار مبتدأ ؛ تقديره : قلت الأمر ما شاء الله إن شاء الله ، ثم حذفت ، «الهاء» ، من الصلة.

وقيل : «ما» : شرط ، اسم تام ؛ و «شاء» : فى موضع «يشاء» ، والجواب محذوف ؛ تقديره : قلت : ما شاء الله كان ، فلا «هاء» مقدرة فى هذا الوجه ؛ لأن «ما» إذا كانت للشرط ، والاستفهام اسم ، لا تحتاج إلى صلة ، ولا إلى عائد من صلة.

«إن ترن أنا أقل» : أنا ، فاصلة ، لا موضع لها من الإعراب ؛ و «أقل» مفعول ثان ل «ترن».

وإن شئت جعلت «أنا» تأكيدا لضمير المتكلم فى «ترن».

ويجوز فى الكلام رفع «أقل» ، بجعل «أنا» : مبتدأ ، و «أقل» : الخبر ؛ والجملة فى موضع المفعول الثاني ل «ترن».

٤١ ـ (أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً)

«غورا» : نصب ، لأنه خبر «يصبح» ؛ تقديره : ذا غور.

٤٢ ـ (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها)

«وأحيط» : المفعول الذي لم يسم فاعله ل «أحيط» : مضمر ، وهو المصدر.

ويجوز أن يكون «بثمره» : فى موضع رفع ، على المفعول ل «أحيط».

٢٦٧

«بثمره» : من قرأه بضمتين جعله جمع «ثمرة» ، كخشبة وخشب. ويجوز أن يكون جمع الجمع ، كأنه جمع : ثمار ؛ كحمار وحمر ؛ وثمار : جمع ثمرة ، كأكمة وإكام.

ومن قرأه بفتحتين جعله جمع «ثمرة» ، كخشبة وخشب.

ومن أسكن الثاني وضم الأول ، فعلى الاستخفاف ، وأصله ضمتان.

٤٤ ـ (هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً)

من رفع «الحق» جعل «الولاية» مبتدأ ، و «هنالك» : خبره ، و «الحق» : نعت ل «الولاية» ، والعامل فى «هنالك» الاستقرار المحذوف ، الذي قام «هنالك» مقامه.

ويجوز أن يكون «لله» : خبر «الولاية».

ومن خفض «الحق» جعله نعتا «لله» جل وعز ؛ أي : لله ذى الحق ؛ وألغى «هنالك» ، فيكون العامل فى «هنالك» : الاستقرار الذي قام «لله» مقامه.

ولا يحسن الوقف على «هنالك» فى هذين الوجهين.

ويجوز أن يكون العامل فى «هنالك» ، إذا جعلت «لله» الخبر : «منتصرا» الآية : ٤٢ ، فيحسن الوقف على «هنالك» ، على هذا الوجه.

و «هنالك» : يحتمل أن يكون ظرف زمان وظرف مكان ؛ وأصله المكان ، تقول : اجلس هنالك وهاهنا ؛ واللام تدل على بعد المشار إليه.

«على ربك صفا» : نصب على الحال.

٤٧ ـ (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ

مِنْهُمْ أَحَداً)

العامل فى «يوم» : فعل مضمر ؛ تقديره : واذكر يا محمد يوم نسير الجبال ؛ ولا يحسن أن يكون العامل ما قبله ، لأن حرف العطف يمنح من ذلك.

٤٨ ـ (وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا)

«صفا» : نصب على الحال.

٢٦٨

٥٠ ـ (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ)

«إلا إبليس» : نصب على الاستثناء المنقطع ، على مذهب من رأى أن «إبليس» لم يكن من الملائكة.

وقيل : هو من الأول ، لأنه كان من الملائكة.

٥٥ ـ (وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ

تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلاً)

«أن يؤمنوا» : أن ، فى موضع نصب ، مفعول.

«إلا أن تأتيهم» : أن ، فى موضع رفع ، فاعل «منع».

«قبلا» : من ضم القاف جعله جمع «قبيل» ؛ أي : يأتيهم العذاب قبيلا ؛ أي صنفا صنفا ؛ أي أجناسا.

وقيل : معناه : شيئا بعد شىء من جنس واحد ، فهو نصب على الحال.

وقيل : معناه : مقابلة ؛ أي : يقابلهم عيانا من حيث يرونه.

وكذلك المعنى فيمن قرأه بكسر القاف ، أي : يأتيهم مقابلة ؛ أي : عيانا.

٥٩ ـ (وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً)

«تلك» : فى موضع رفع على الابتداء ، و «أهلكناهم» : الخبر.

وإن شئت : كانت «تلك» فى موضع نصب على إضمار فعل يفسره «أهلكناهم».

«لمهلكهم» : من فتح اللام والميم جعله مصدر : هلكوا مهلكا ؛ وهو مضاف إلى المفعول ، على لغة من أجاز تعدى «هلك» ؛ ومن لم يجز تعديته فهو مضاف إلى الفاعل.

ومن فتح الميم وكسر اللام جعله اسم الزمان ، تقديره : لوقت مهلكهم.

وقيل : هو مصدر «هلك» أيضا ؛ أتى نادرا ، مثل : المرجع.

ومن ضم الميم وفتح اللام جعله مصدر «أهلكوا».

٦١ ـ (فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً)

«سربا» : مصدر.

وقيل : هو مفعول ثان ل «اتخذ».

٢٦٩

٦٣ ـ (قالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ

إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً)

«أن أذكره» : أن ، فى موضع نصب على البدل من ، «الهاء» ، فى «أنسانيه» ، وهو بدل الاشتمال.

«عجبا» : مصدر ، إن جعلته من قول موسى ـ عليه‌السلام ـ وتقف على «فى البحر» ، كأنه لما قال فتى موسى :

«واتخذ سبيله فى البحر» ، قال موسى : أعجب عجبا.

وإن جعلت «عجبا» من قول فتى موسى ، كان مفعولا ثانيا ل «اتخذ».

وقيل : تقديره : واتخذ سبيله فى البحر ففعل شيئا عجبا ، فهو نعت لمفعول محذوف.

وقيل : إنه من قول موسى عليه‌السلام كله ؛ تقديره واتخذ موسى سبيل الحوت فى البحر عجبا ، فالوقف على «عجبا» ، على هذا التأويل ، حسن.

٦٤ ـ (قالَ ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً)

«قصصا» : مصدر ؛ أي : رجعا يقصان الأرض قصصا.

٦٦ ـ (قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً).

«رشدا» : مفعول من أجله ؛ معناه : بل أتبعك للرشد على أن تعلمنى مما علمت ، فيكون «على» وما بعدها : حالا.

ويجوز أن يكون مفعولا ل «تعلمنى» ؛ تقديره : على أن تعلمنى أمرا ذا رشد ؛ والرشد ، والرشد ، لغتان.

٦٨ ـ (وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً)

«خبرا» : مصدر ؛ لأن معنى «تحط به» : تخبره.

٧٧ ـ (فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا

فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ قالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً)

«لاتخذت» : من خفف التاء جعله من «تخذت» ، فأدخل اللام التي هى لجواب «لو» ، على التاء التي هى فاء الفعل.

ومن شدده جعله ، «افتعل» ، فأدغم التاء الأصلية فى الزائدة.

٢٧٠

٨٦ ـ (حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَها قَوْماً

قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً)

«تغرب فى عين حمئة» : هو فى موضع نصب على الحال ، من «الهاء» فى «وجدها».

«إما أن تعذب وإما أن تتخذ» : أن ، فى موضع نصب فيهما.

وقيل : فى موضع رفع.

فالرفع على إضمار مبتدأ ، والنصب على إضمار فعل ، ف «أن تعذب» ؛ أي : تفعل العذاب.

٨٨ ـ (وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْراً)

«فله جزاء الحسنى» : من رفع «الجزاء» جعله مبتدأ ، و «له» : الخبر ؛ وتقديره : فله جزاء الخلال الحسنى ؛ و «الحسنى» : فى موضع خفض بإضافة «الجزاء» إليها.

وقيل : هى فى موضع رفع على البدل من «جزاء» ، وحذف التنوين لالتقاء الساكنين ، و «الحسنى» ، على هذا : هى الجنة ؛ كأنه قال : فله الجنة.

ومن نصب «جزاء» ونونه ، جعل «الحسنى» : مبتدأ ، و «له» : الخبر ؛ ونصب «جزاء» على أنه مصدر فى موضع الحال ؛ تقديره : فله الخلال الحسنى جزاء ، أو : فله الجنة جزاء ؛ أي : مجزياتها.

وقيل : «جزاء» : نصب على التمييز ؛ وقيل : على المصدر.

ومن نصب ولم ينونه فإنما حذف التنوين لالتقاء الساكنين ، ف «الحسنى» : فى موضع رفع ؛ وفيه بعد.

٩٣ ـ (حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً)

«يفقهون» : من ضم «الياء» قدر حذف مفعول ؛ تقديره : لا يفقهون أحدا قولا.

ولا حذف مع فتح الياء.

٩٤ ـ (قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ

فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا)

«يأجوج ومأجوج» : لم ينصرفا ، لأنهما اسمان لقبيلتين مع التعريف.

وقيل : مع العجمة.

ومن همز جعله عربيا مشتقا ، من : أجيج النار ، ومن ذلك قولهم : ملح أجاج ، فهما على وزن ، يعفول ومفعول.

٢٧١

١٠٣ ـ (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً)

«بالأخسرين أعمالا» : نصب على التفسير.

١٠٨ ـ (خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً)

«حولا» : نصب ب «يبغون» ؛ أي : متحولا ؛ يقال : حال من المكان يحول حولا ، إذا تحول منه.

ـ ١٩ ـ

سورة مريم

١ ، ٢ ـ (كهيعص ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا)

«ذكر رحمة ربك» ، قال الفراء : مرفوع ب «كهيعص» وقال الأخفش : مبتدأ ، وخبره محذوف ؛ تقديره : فيما نقص عليك ذكر رحمة ربك.

وقيل : تقديره : هذا الذي يتلى ذكره رحمة ربك ؛ وتقدير الكلام : ذكر ربك عبده زكريا برحمته :

٣ ـ (إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا)

العامل فى «إذ» : هو «ذكر».

٤ ـ (قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ

رَبِّ شَقِيًّا)

«شيبا» : نصب على التفسير.

وقيل : هو مصدر : شاب شيبا.

٦ ـ (يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا)

«يرثنى ويرث» : من جزمه جعله جواب الطلب ؛ لأنه كالأمر فى الحكم.

ومن رفعه جعله نعتا ل «ولى» الآية : ٥

وعلى القطع ، تقديره ، إذا جعلته نعتا : فهب لى من لدنك وليا وارثا علمى ونبوتى.

٨ ـ (قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا)

«عتيا» : نصب ب «بلغت» ؛ وتقديره : سببا عتيا ؛ وأصله : عتوا ، وهو مصدر : عتا يعتو ، فأبدلوا من الواو ياء ، ومن الضمة التي قبلها كسرة ، لتصح الياء ؛ لأن ذلك أخف.

٢٧٢

وقد قرئ بكسر العين ، لاتباع الكسر الكسر.

٩ ـ (قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ)

الكاف ، فى موضع رفع ؛ أي : قال الأمر كذلك ، فهى خبر ابتداء محذوف.

١٠ ـ (قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا)

«سويا» : نصب على الحال من المضمر فى «تكلم» ، أو نعت ل «ثلاث ليال».

١٢ ـ (يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا)

«صبيا» : نصب على الحال.

١٣ ـ (وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً وَكانَ تَقِيًّا)

«وحنانا» : عطف على «الحكم».

٢٢ ـ (فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا)

«مكانا» : ظرف.

وقيل : هو مفعول به ؛ على تقدير : قصدت به مكانا قصيا.

٢٤ ـ (فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا)

من كسر «الميم» فى «من» ، كان الضمير فى «فناداها» : ضمير عيسى ـ عليه‌السلام ـ ، أي : فناداها ـ عليه‌السلام ـ من تحتها ؛ أي : من تحت ثيابها.

ويجوز أن يكون الضمير لجبريل ـ عليه‌السلام ـ ويكون التقدير : فناداها جبريل من دونها ؛ أي : من أسفل من موضعها ، كما تقول : دارى تحت دارك ؛ أي : أسفل من دارك ؛ ولدي ، تحت بلدك ؛ أي : أسفل منه ، وكما قال تعالى ـ فى الجنة (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) ؛ أي : من أسفل.

ف «تحت» يراد بها الجهة المحازية للشيء ، فيكون جبريل ـ عليه‌السلام ـ كلمها من الجهة المحازية لها ، لا من أسفل منها.

وإذا كان الضمير لعيسى ـ عليه‌السلام ـ كان «تحت» : أسفل ، لأن موضع ولادة عيسى أسفل منها ، ويدلك على أن «تحت» يقع بمعنى الجهة المحازية للشيء قوله «قد جعل ربك تحتك سريا» ؛ أي : فى الموضع المحازى لك ، لأنه أسفلها.

٢٧٣

فأما من فتح «الميم» من «من» فإنه جعل «من» هو الفاعل ، وليس فى «فناداها» ضمير فاعل. «ومن» ، فى هذه القراءة : هو عيسى ؛ لأنه هو الذي أسفل منها ، فرفعت «من» للخصوص فى هذا ، وأصلها أن تكون للعموم.

٢٥ ـ (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا)

«رطبا» : نصب على البيان ؛ وقيل : هو مفعول ل «هزى» ، وهذا إنما يكون على قراءة من قرأ بالياء والتخفيف ، أو التشديد ؛ أو بفتح التاء والتشديد.

وفى «تساقط» : ضمير النخلة.

ويجوز أن يكون ضمير «الجذع» ، هذا على قراءة من قرأه بالتاء.

فأما من قرأه بالياء ، فلا يكون فى «يساقط» : إلا ضمير «الجذع».

فأما من قرأ بضم التاء والتخفيف وكسر القاف ف «رطبا» : مفعول ل «تساقط» ، وقيل : هو حال ، والمفعول مضمر ؛ تقديره : تساقط ثمرها عليك رطبا.

والنخلة تدل على الثمر ، فحسن الحذف ، «والباء» فى «بجذع» : زائدة.

٢٦ ـ (فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً)

«عينا» : منصوب على التفسير.

٢٩ ـ (فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا)

«صبيا» : نصب على الحال ، و «كان» : زائدة ، والعامل فى الحال : الاستقرار.

وقيل : «كان» هنا ، بمعنى : وقع وحدث ، فيها اسمها مضمر ، و «صبيا» : حال أيضا ، والعامل فيه «نكلم». وقيل : «كان».

وقال الزجاج : «من» : للشرط ، والمعنى : من كان فى المهد صبيا كيف نكلمه؟

٣١ ـ (وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا)

«مباركا» : مفعول ثان ل «جعل».

«ما دمت حيّا» : ما ، فى موضع نصب على الظرف ؛ أي : حين دوام حياتى.

٢٧٤

وقيل : فى موضع نصب على الحال ، و «حيا» : خبر «دمت» ، والتاء : اسم «دام».

٣٢ ـ (وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا)

«وبرا» : عطف على «مباركا».

ومن خفض «برا» ، عطفه على «الصلاة».

٣٤ ـ (ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ)

«قول الحق» : من رفع «قولا» أضمر مبتدأ ، وجعل «الحق» خبره ؛ تقديره : ذلك عيسى بن مريم ، ذلك قول الحق ، وهو قول الحق ، وهذا الكلام قول الحق.

وقيل : إن «هو» المضمرة ، كناية عن عيسى عليه‌السلام ، لأنه يكلمه الله جل ذكره ، وقد سماه الله كلمة ، إذ بالكلمة يكون ؛ ولذلك قال الكسائي على هذا المعنى : إن «قول الحق» نعت لعيسى ـ عليه‌السلام ـ.

ومن نصب «قولا» فعلى المصدر ؛ أي : أقول قول الحق.

٣٦ ـ (وَإِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ)

من فتح «أن» عطفها على «الصلاة» ، ومن كسرها استأنف الكلام بها.

٤١ ـ (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا)

«صديقا» : خبر «كان» ، و «نبيا» : نصب ب «صديق».

وقيل : هو خبر بعد خبر.

٤٦ ـ (قالَ أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ)

«راغب» : مبتدأ ، و «أنت» : رفع بفعله ، وهو الرغبة ، ويسد مسد الخبر ؛ وحسن الابتداء بنكرة ، لاعتمادها على ألف الاستفهام قبلها.

٤٧ ـ (قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي)

«سلام عليك» : سلام ، ابتداء ؛ والمجرور : خبره ، وحسن الابتداء بنكرة ، لأن فيها معنى المنصوب ، وفيها أيضا معنى التبرئة.

فلما أفادت فوائد جاز الابتداء بها ، والأصل ألا يبتدأ بنكرة إلا أن تفيد فائدة عند المخاطب.

٢٧٥

٥٢ ـ (وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا)

«نجيا» : نصب على الحال.

٥٨ ـ (إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا)

«سجدا وبكيا» : نصب على الحال ، ويكون «بكيا» : جمع «باك».

وقيل : «بكيا» : نصب على المصدر ، وليس جمع «باك» ؛ وتقديره : خروا سجد وبكوا بكيا.

٦٢ ـ (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلَّا سَلاماً)

«إلا سلاما» : نصب على الاستثناء المنقطع.

وقيل : هو بدل من «لغو».

٦٣ ـ (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا)

«نورث» : يتعدى إلى مفعولين ، لأنه رباعى ، من «أورث» ، فالمفعول الأول «ها» محذوفة ؛ تقديره :

«نورثها» ، والمفعول الثاني «من» ، فى قوله : «من كان تقيا» ، و «من» متعلقة ب «نورث» ؛ والتقدير : تلك الجنة التي نورثها من كان تقيا من عبادنا.

٦٨ ـ (فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا)

«جثيا» : نصب على الحال ، إن جعلته جمع : جاث ، ونصب على المصدر ، إن لم تجعله جمعا وجعلته مصدرا.

٦٩ ـ (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا)

قرأ هارون القارئ : بنصب «أيهم» ، أعمل فيها «لننزعن».

والرفع فى «أيهم» عند الخليل ، على الحكاية ، فهو ابتداء ، وخبره : «أشد» ؛ تقديره : لننزعن من كل شيعة الذي من أجل عتوه ، يقال له : أي هؤلاء أشد عتيا؟

وذهب يونس إلى أن «أيا» رفع بالابتداء على الحكاية ، ويعلق الفعل ، وهو «لننزعن» ، فلا يعمله فى اللفظ ، ولا يجوز أن يتعلق مثل «لننزعن» عند سيبويه والخليل ، إنما يجوز أن تعلق مثل أفعال الشد وشبهها بما لم يتحقق وقوعه.

وذهب سيبويه إلى أن «أيا» مبنية على الضم ، لأنها عنده بمنزلة «الذي» و «ما» ، لكن خالفتهما

٢٧٦

فى جواز الإضافة ، فأعربت لما جازت فيها الإضافة ، فلما حذف من صلتها ما يعود عليها لم تقو ، فرجعت إلى أصلها وهو البناء ، ك «الذي» و «ما» ، ولو أظهرت الضمير لم يجز البناء عنده ؛ وتقدير الكلام عنده : ثم لننزعن من كل شيعة أيهم هو أشد ، كما تقول : لننزعن الذي هو أشد ؛ ويصبح حذف «هو» مع «الذي» ، وقرئ «تماما على الذي أحسن» ٦ : ١٥٤ ، برفع «أحسن» ، على تقدير حذف «هو» ، والحذف مع «الذي» قبيح ، ومع «أي» حسن ؛ فلما خالفت «أي» أخواتها فى حسن الحذف معها فحذفت «هو» ، بنيت «أيا» على الضم.

وقد اعترض على سيبويه فى قوله «وكيف بنينا المضاف وهو متمكن» ؛ وفيه نظر ، ولو ظهر الضمير المحذوف مع «أي» لم يكن فى «أي» إلا النصب عند الجميع.

وقال الكسائي : «لننزعن» : واقعة على المعنى.

وقال الفراء : معنى : «لننزعن» : لينادين ، فلم يعمل ، لأنه بمعنى النداء.

وقال بعض الكوفيين : إنما لم تعمل «لننزعن» فى «أيهم» ، لأن فيها معنى الشرط والمجازاة ، فلم يعمل ما قبلها فيها ؛ والمعنى : لننزعن من كل فرقة إن شايعوا ، أو لم يتشايعوا ؛ كما تقول : ضربت القوم أيهم غضب ؛ والمعنى : إن غضبوا ، أو لم يغضبوا.

وعن المبرد : أن «أيهم» رفع ، لأنه متعلق ب «شيعة» ؛ والمعنى : من الذين تشايعوا أيهم ؛ أي من الذين تعاونوا فنظروا أيهم.

٧٥ ـ (حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ)

«إمّا العذاب وإمّا السّاعة» : نصبا على البدل من «ما» ، التي فى قوله «حتى إذا رأوا ما يوعدون».

٨٠ ـ (وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ وَيَأْتِينا فَرْداً)

«ونرثه ما يقول» : حرف الجر محذوف ؛ تقديره : ونرث منه ما يقول ؛ أي : نرث منه ماله وولده.

«فردا» : حال.

٨٧ ـ (لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً)

«من» : فى موضع رفع على البدل من المضمر المرفوع فى «يملكون».

ويجوز أن يكون فى موضع نصب على الاستثناء ، على أنه ليس من الأول.

٢٧٧

٩٠ ـ (تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا)

«هدا» : مصدر ؛ أي : تهد هدا ؛ أو : مفعول له ؛ أي : لأنها تهد.

٩١ ـ (أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً)

«أن» : فى موضع نصب ، مفعول من أجله.

٩٢ ـ (وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً)

«أن» : فى موضع رفع ب «ينبغى».

٩٣ ـ (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً)

«إن» : بمعنى «ما» ، و «كل» : رفع بالابتداء ؛ والخبر : «إلا آتى الرحمن».

و «آتى» : اسم فاعل ، و «الرحمن» فى موضع نصب ب «الإتيان» ، و «عبدا» نصب على الحال ، ومثله : «فردا» الآية : ٩٥

ـ ٢٠ ـ

سورة طه

٣ ـ (إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى)

«تذكرة» : منصوب على المصدر ، أو على الاستثناء المنقطع الذي فيه «إلا» بمعنى «لكن».

ويجوز أن يكون حالا أو مفعولا معه ، على تقدير : إنا أنزلنا عليك التنزيل لتحتمل متاعب التبليغ ، وما أنزلنا عليك هذا الشاق إلا ليكون تذكرة.

٤ ـ (تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى)

«تنزيلا» ، فيمن قرأ بالنصب : وجوه :

أن يكون بدلا من «تذكرة» الآية : ٣ ، إذا جعل حالا ، لا إذا كان مفعولا له ، لأن الشيء لا يعلل بنفسه.

وأن ينصب ب «أنزل» مضمرا.

وأن ينصب ب «أنزلنا» ، لأن معنى : ما أنزلنا إلا تذكرة : أنزلناه تذكرة.

١٢ ـ (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً)

«طوى» ، من ترك تنوينه ، فعلته أنه معدول ، كعمر ، وهو معرفة.

وقيل : هو مؤنث ، اسم للبقعة ، وهو معرفة.

٢٧٨

ومن نونه جعله اسما للمكان غير معدول.

وهو بدل من «الوادي» فى الوجهين.

١٧ ـ (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى)

«تلك» : عند الزجاج ، بمعنى «التي» ؛ و «بيمينك» : صلتها.

وهى عند الفراء بمعنى : هذه ، وهذه وتلك ، عنده يحتاجان إلى صلة كالتى.

وذكر قطرب عن ابن عباس أن «تلك» بمعنى : «هذه» ؛ و «ما» : فى موضع رفع بالابتداء ، وما بعدها الخبر ؛ ومعنى الاستفهام فى هذا : التنبيه.

٢٢ ـ (وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرى)

«بيضاء» : نصب على الحال من المضمر فى «تخرج» ؛ و «آية» : بدل من «بيضاء» ، حال أيضا ؛ أي : تخرج مضيئة عن قدرة الله جل ذكره.

وقيل : «آية» : انتصب بإضمار فعل ؛ التقدير : آتيناك آية أخرى.

والرفع جائز فى غير القرآن ، على : هذه آية.

٢٩ ، ٣٠ ـ (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي)

«هارون» : بدل من «وزيرا».

وقيل : هو منصوب ب «اجعل» ، على التقديم والتأخير ؛ أي : واجعل لى هارون أخى وزيرا.

٣١ ، ٣٢ ـ (اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي)

من قرأ بوصل ألف «اشدد» وفتح ألف «أشركه» : جعله على الدعاء والطلب ، فهو مبنى.

ومن قطع ألف «أشدد» وضم ألف «أشركه» ، وهو ابن عامر ، جعله مجزوما جوابا ل «اجعل» ، والألفان :

ألفا المتكلم.

وهما فى القراءة الأولى ، الأولى ألف وصل ، والثانية قطع.

٣٣ ـ (كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً)

«كثيرا» : نعت لمصدر محذوف ؛ تقديره : تسبيحا كثيرا ، أو نعت ل «وقت» محذوف ؛ تقديره : نسبحك وقتا طويلا.

٢٧٩

٣٩ ـ (أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ)

«أن» : فى موضع نصب على البدل من «ما» ، و «الهاء» الأولى فى «اقذفيه» : لموسى ، والثانية : للتابوت.

٥٢ ـ (قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى)

ما بعد «كتاب» صفة له من الجملتين ، و «ربى» : فى موضع نصب ، بحذف الخافض ؛ تقديره : لا يضل الكتاب عن ربى ولا ينسى.

ويجوز أن يكون «ربى» : فى موضع رفع ؛ ينفى عنه الضلال والنسيان.

٥٨ ـ (فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ

وَلا أَنْتَ مَكاناً سُوىً)

«المكان» : نصب ، على أنه مفعول ثان ب «اجعل» ، ولا يجوز نصبه ب «الموعد» ، لأنه قد وصف بقوله «لا» نخلفه نحن ولا أنت ، والأسماء التي تعمل عمل الأفعال إذا وصفت أو صغرت لم تعمل ، لأنها تخرج عن شبه الفعل بالصفة والتصغير ، إذ الأفعال لا تصغر ولا توصف ، فإذا أخرجت بالصفة والتصغير عن شبه الفعل امتنعت من العمل. وهذا أصل لا يختلف فيه البصريون ، وكذلك إذا أخبرت عن المصادر أو عطفت عليها لم يجز أن تعملها فى شىء ، لا بد أن تفرق بين الصلة والموصول ، لأن المعمول فيه داخل فى صلة المصدر ، والخبر والمعطوف عليه داخلان فى الصلة ، ولا يحسن أن يكون «مكانا» فى هذا الموضع ، لم تجره العرب مع الظروف مجرى سائر المصادر معها ؛ ألا ترى أنه قال الله تعالى : (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ) ١١ : ٨١ ، لم يجز إلا النصب فى «الصبح» ، على تقدير : وقت الصبح ؛ وقد جاء «الموعد» اسما للمكان ، كما قال الله ـ جل وعز ـ : (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ) ١٥ : ٤٣ وقد قيل : معناه : المكان موعدهم.

وقوله «سوى» ، هو صفة لمكان ، لكن من حذف كسر السين ، جعله نادرا ؛ لأن «فعلا» لم يأت صفة إلا قليلا ؛ مثل : هم قوم عدى ؛ ومن ضم السين أتى به على الأكثر ، لأن «فعلا» كثير فى الصفات ، مثل : رجل حطم ، ولبد ، وشبكع ؛ وهو كثير.

٥٩ ـ (قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى)

الرفع فى «يوم» على خبر «موعدكم» ، على تقدير حذف مضاف ؛ تقديره : موعدكم وقت يوم الزينة.

٢٨٠