هداية المسترشدين في شرح أصول معالم الدين - ج ١

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني

هداية المسترشدين في شرح أصول معالم الدين - ج ١

المؤلف:

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني


المحقق: مؤسّسة النشر الإسلامي
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
964-470-069-4

الصفحات: ٧٣٥

١ ـ قال في بحث وضع الحروف : ... ولذا التجأ بعض الفحول الى جعله جزئيا إضافيا (١).

أقول : مراده من بعض الفحول العلّامة التقي صاحب الهداية (٢) وأخذ منه أخوه العلّامة الشيخ محمد حسين الإصفهاني في الفصول (٣).

٢ ـ وفي بحث مقدمة الواجب نقل إشكال صاحب الهداية في كون الأجزاء مقدّمة للمركّب وقال : وربّما يشكل في كون الأجزاء مقدّمة له وسابقة عليه بأنّ المركّب ليس إلّا نفس الأجزاء بأسرها (٤).

٣ ـ وفي بحث الضدّ أشار الى قول صاحب الهداية وإشكاله فيه (٥).

٤ ـ ثم قال في الوجوه العقلية التي اقيمت على حجّية خبر الواحد : ثالثها : ما أفاده بعض المحقّقين بما ملخّصه (٦) : [ثم نقل كلام صاحب الهداية ملخّصا].

٥ ـ وقال في بحث دليل الانسداد : ثانيهما ما اختصّ به بعض المحقّقين قال (٧) : [ثمّ نقل كلام صاحب الهداية في أكثر من نصف صفحة].

الهداية في مدرسة المحقّق النائيني

آية الله الميرزا محمد حسين الغروي النائيني من أعاظم الفقهاء والاصوليين المتوفّى عام ١٣٥٥ ، ومن الفحول الذين حضروا على المحقق الخراساني ، وكان رحمه‌الله قد تتلمذ على حفيد صاحب الهداية جدّنا الشيخ محمد حسين صاحب التفسير ثم على نجل صاحب الهداية ، الشيخ محمد باقر في اصفهان وقال في شأن استاذه على منبر تدريسه على ما نقله لنا من حضر بحثه : كان الشيخ محمد باقر فقيها كبيرا كان فقيها كبيرا ، كان فقيها كبيرا ، (ثلاث مرّات). وقد طبع له دورتين كاملتين من تقريرات بحثه في الاصول :

__________________

(١) كفاية الاصول / ١١ طبع مؤسسة آل البيت.

(٢) هداية المسترشدين / ٣٠ الطبعة الحجرية.

(٣) الفصول / ١٦.

(٤) الكفاية / ٩٠.

(٥) الكفاية / ١٣٠.

(٦) الكفاية / ٣٠٦.

(٧) الكفاية / ٣١٩.

٢١

الاولى : فوائد الاصول : تأليف العلّامة المحقّق الشيخ محمد علي الكاظمي الخراساني الذي توفي بعد استاذه بعشر سنين ، يعني عام ١٣٦٥.

الثانية : أجود التقريرات : تأليف مرجع الطائفة وفقيه الامة آية الله العظمى السيد أبي القاسم الخوئي قدس‌سره.

١ ـ قال في فوائد الاصول : في بحث المقدمة الموصلة من ابحاث مقدمة الواجب : ... وهذا وان لم يمكن ان ينطبق عليه مقالة صاحب الفصول لتصريحه بأخذ التوصل قيدا إلّا انه يمكن ان ينطبق عليه كلام اخيه المحقق صاحب الحاشية حيث انه قد تكرر في كلامه نفي اعتبار قيد التوصل ومع ذلك يقول ان الواجب هو المقدمة من حيث الايصال (١) ...

٢ ـ وفي مسألة الترتب نقل كلام صاحب الحاشية ورد اشكال المحقق الرشتي عليه(٢).

٣ ـ وقال في تقريب مقدمات الانسداد الصغير : وتقريب مقدمات الانسداد الصغير على هذا الوجه يقرب مما سيأتي من المحقق صاحب الحاشية واخيه صاحب الفصول من تقريب مقدمات الانسداد الكبير (٣) ...

٤ ـ قال في بحث تقرير حكم العقل بحجية الخبر الواحد : الوجه الثاني : هو ما ذكره المحقق صاحب الحاشية وحاصله (٤) [ثم نقل حاصل كلامه].

٥ ـ وقال في نتيجة بحث دليل الانسداد : فقيل : ان مقدمات دليل الانسداد انما تقتضي اعتبار الظن في خصوص المسألة الاصولية وهي كون الشيء طريقا ، ذهب اليه صاحب الفصول تبعا لاخيه المحقق صاحب الحاشية (٥).

٦ ـ وقال فيه ايضا : الوجه الثاني : ما افاده المحقق صاحب الحاشية مضافا الى الوجه الاول وحاصله يتألف من مقدمات (٦) [ثم نقل حاصل كلامه في اكثر

__________________

(١) فوائد الاصول ١ / ٢٩٣ طبع جماعة المدرسين.

(٢) فوائد الاصول ١ / ٣٩١.

(٣) فوائد الاصول ٣ / ٢٠٦.

(٤) فوائد الاصول ٣ / ٢١٢.

(٥) فوائد الاصول ٣ / ٢٨٠.

(٦) فوائد الاصول ٣ / ٢٨٧.

٢٢

من صفحة] وبحث عنه في ست صفحات.

٧ ـ قال في بحث دوران الامر بين الاقل والاكثر الارتباطيين : منها : ما حكى عن المحقق صاحب الحاشية قدس‌سره (١) [ثم نقل حاصل كلامه في اكثر من صفحة].

٨ ـ وقال في أجود التقريرات في بحث وضع الحروف : اما القول الاوّل فقد اختاره المحقق صاحب الحاشية (٢).

٩ ـ وقال في بحث مقدّمة الواجب : إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ المحقّق صاحب الحاشية قدس‌سره أخرج المقدّمات الداخليّة بالمعنى الأخص عن حريم النزاع وقد استدلّ عليه (٣).

١٠ ـ وقال فيه أيضا : بقي الكلام في ما افاده المحقّق صاحب الحاشية في المقام من أنّ المقدّمة إنّما وجبت من حيث الإيصال لا مقيّدة بكونها موصلة. وقد أصرّ على ذلك في مواضع من كلامه وأنكر وجوب المقدّمة الموصلة (٤).

ثمّ بعد البحث عنه ارتضاه المحقّق النائيني قدس‌سره.

١١ ـ واعترف بذلك في بحث الترتّب حيث قال : فإنّ المقدّمة إنّما وجبت من حيث الإيصال كما أفاده المحقّق صاحب الحاشية قدس‌سره (٥).

١٢ ـ وقال في أواخر بحث الترتّب : يتّضح لك بطلان الإيراد المذكور وإن توقّف المحقّق المذكور قدس‌سره عن القول بالترتّب لأجله ، وتشنيعه على المحقّق صاحب الحاشية قدس‌سره لأجل ذهابه الى الترتّب ليس في محلّه (٦).

١٣ ـ قال في الوجوه العقليّة على حجّية الخبر الواحد : الوجه الرابع : ما ذكره المحقّق صاحب الحاشية قدس‌سره وهو. (٧)

١٤ ـ وقال في نتيجة دليل الانسداد : أو تختصّ بما إذا تعلّق بحجّية طريق

__________________

(١) فوائد الاصول ٤ / ١٥٢.

(٢) اجود التقريرات ١ / ٢٦.

(٣) اجود التقريرات ١ / ٢١٦.

(٤) اجود التقريرات ١ / ٢٤٠.

(٥) اجود التقريرات ١ / ٣٢١.

(٦) اجود التقريرات ١ / ٣٢٦.

(٧) اجود التقريرات ٢ / ١٢٢.

٢٣

أو أصل كما ذهب إليه المحقّق صاحب الحاشية وصاحب الفصول قدس‌سرهما (١).

١٥ ـ وقال فيه أيضا : ... أمّا الوجه الثاني فهو الذي أفاده المحقّق صاحب الحاشيةقدس‌سره (٢).

تذييل : ولمّا كان آية الله الخوئي قدس‌سره من أعاظم تلاميذ المحقّق النائيني نشير الى ما ذكره في تقريرات بحثه في الاصول هنا :

قال المحقّق الخوئي : الوجه الثالث من الوجوه العقليّة [التي اقيمت على حجّية الخبر الواحد] ما حكي عن صاحب الحاشية وملخّصه (٣) ...

وفي تعليقه على أجود التقريرات أيضا اعترض على استاذه المحقّق النائيني حيث ارتضى قول صاحب الهداية في وجوب المقدّمة من حيث الإيصال ، فراجع كلامه إن شئت (٤).

الهداية في مدرسة المحقق العراقي

الفقيه المحقّق والاصولي المدقّق آية الله الشيخ ضياء الدين العراقي طاب ثراه من أعلام تلاميذ المحقّق الخراساني ، وقد تتلمذ في إصفهان على نجل صاحب الهداية الشيخ محمد باقر ، وخرج من عنده مجتهدا الى الغري الشريف.

وقد ينقل من صاحب الهداية في كتبه وتقريرات بحثه بقلم العلّامة الشيخ محمد تقي البروجردي رحمه‌الله المسمّاة ب «نهاية الأفكار».

١ ـ نقل المحقّق العراقي قول صاحب الهداية من التفصيل في موجدية المعنى بين بعض الحروف عن بعض (٥).

٢ ـ ونقل عنه هذا المعنى في تقريرات بحثه نهاية الأفكار (٦).

٣ ـ قال في تقريراته في الاستدلال على حجّية الخبر الواحد بدليل العقل :

__________________

(١) اجود التقريرات ٢ / ١٣٩.

(٢) اجود التقريرات ٢ / ١٤٢.

(٣) مصباح الاصول ٢ / ٢١٤.

(٤) اجود التقريرات ١ / ٢٤٢.

(٥) مقالات الاصول ١ / ٢٤ (١ / ٩٤ الطبعة الحديثة).

(٦) نهاية الافكار ١ / ٤٧ طبعة جماعة المدرسين.

٢٤

الثالث من وجوه تقرير دليل العقل : ما ذكره بعض المحقّقين في حاشيته على المعالم لإثبات حجّية خصوص الظنّ الحاصل من الخبر ، وملخّص ما أفاده هو (١).

٤ ـ قال في تنبيهات دليل الانسداد : ثمّ إنّ في المقام تقريبا آخر لصاحب الحاشيةقدس‌سره في وجه تخصيص النتيجة بالظنّ بالطريق بلا احتياج فيه الى دعوى العلم الإجمالي بجعل الطرق قال قدس‌سره (٢) : [ثمّ نقل كلام صاحب الهداية في أكثر من صفحة وبحث عنه في أكثر من صفحتين].

٥ ـ وقال في تعليقته على فوائد الاصول تقريرات المحقّق النائيني : وكان وجهه حينئذ ممتازا عن كلام المحقّق صاحب الحاشية (٣).

تذييل : ومن أعلام تلاميذ المحقّق العراقي ومقرّري بحثه العلّامة المحقّق آية الله الميرزا هاشم الآملي النجفي طاب ثراه ، فإنّه نقل عن صاحب الهداية في تقريرات بحثه المسمّاه ب «مجمع الأفكار ومطرح الأنظار» :

قال قدس‌سره في دلالة العقل على حجّية الخبر الواحد : الوجه الثالث من حكم العقل ما ذكره المحقّق صاحب الحاشية على المعالم قدس‌سره لإثبات حجّية الظنّ الحاصل من الخبر لا مطلقا وملخّصه (٤).

الهداية في مدرسة المحقّق الإصفهاني

الاصولي المدقّق والفيلسوف المحقّق آية الله الحاج الشيخ محمد حسين الإصفهاني صاحب نهاية الدراية في شرح الكفاية المتوفّى عام ١٣٦١ من أعلام تلاميذ المحقق الخراساني نقل عن صاحب الهداية عدّة مرّات في شرحه منها :

١ ـ ما ذكره في حاشية شرحه : وحينئذ يرد عليه ما أوردناه في المتن على المحكي من شيخ المحقّقين صاحب حاشية المعالم قدس‌سره من أنّ الكلام في مانعية

__________________

(١) نهاية الافكار ٣ / ١٤٣.

(٢) نهاية الافكار ٣ / ١٧٠.

(٣) تعليقة العراقي المطبوع في ذيل فوائد الاصول ٤ / ١٥٩ طبعة جماعة المدرسين.

(٤) مجمع الافكار ومطرح الانظار تقرير ابحاث المحقق الآملي ٣ / ١٩٨.

٢٥

الضدّ عن الضدّ للتضادّ (١).

٢ ـ نقل كلام صاحب الهداية على حجّية الظنّ بدليل الانسداد وبحث عنها في سبع صفحات من شرحه نهاية الدراية (٢).

٣ ـ ثم عقد تنبيها وذكر كلام نجل صاحب الهداية ، المحقّق الشيخ محمد باقر في شرح كلام والده وقال : تنبيه : ذكر بعض الأجلّة رحمه‌الله في شرح كلام والده المحقّق قدس‌سره (٣).

٤ ـ وطرح كلام صاحب الهداية في بحث وضع الحروف (٤).

٥ ـ وقال في رسالته في الطلب والإرادة : ... وإلّا فيرد عليه ما أورده شيخ المحقّقين في هداية المسترشدين من وقوع الفرض المعلّق عليه ، فيستحيل الأمر والإرادة بعده كما يستحيل وجود النقيض بعد ثبوت نقيضه (٥).

الهداية في مدرسة المحقق الحائري

العلّامة المؤسس آية الله العظمى الحاج الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي طاب ثراه المتوفّى عام ١٣٥٥ صاحب درر الفوائد في علم الاصول نقل عن الهداية في كتابه ومجلس درسه الشريف :

١ ـ قال في بحث الوجوه العقليّة التي اقيمت على حجّية الخبر الواحد : الوجه الثالث: ما ذكره بعض الأساطين في حاشيته على المعالم وملخّصه (٦).

٢ ـ وقال في تنبيهات دليل الانسداد : الوجه الثاني ما أفاده بعض المحقّقين ومحصّل كلامه قدس‌سره (٧) [ثمّ نقل أكثر من صفحة من كلامه ثمّ بحث عنه أيضا

__________________

(١) نهاية الدراية في شرح الكفاية ٢ / ١٩٧ طبعة مؤسسة آل البيت.

(٢) نهاية الدراية ٣ / ٣١٩.

(٣) نهاية الدراية ٣ / ٣٢٦.

(٤) نهاية الدراية ١ / ٥٩.

(٥) الطلب والارادة / ٤٢ المطبوع ضمن بحوث فى الاصول ، طبعة جماعة المدرسين بقم.

(٦) درر الفوائد / ٣٩٧ طبعة جماعة المدرسين.

(٧) درر الفوائد / ٤١١.

٢٦

في أكثر من صفحة].

٣ ـ ونقل تلميذه الأكبر آية الله الشيخ محمد علي العراقي المقرّر لأبحاثه : والوجه الثالث : ما ذكره الشيخ محمد تقي طاب ثراه في حاشية المعالم وحاصله (١).

٤ ـ وهكذا قال في مجلس درسه الشريف على ما حكي في تقريراته : والوجه الثاني ما ذكره الشيخ محمد تقي صاحب الحاشية وهو مركّب من مقدّمات (٢) : [ثمّ نقل حاصل كلامه في أكثر من صفحة ثمّ بحث عنه].

تذييل : من أعاظم تلاميذ المحقق الحائري ، آية الله السيد محمد رضا الگلپايگاني قدس‌سره فإنّه كتب تعليقة على درر استاذه وطبع في مجلّدين بإسم إفاضة العوائد تعليق على درر الفوائد ، فوافق فيها مع صاحب الهداية وخالف استاذه الحائري ، واختار تقريب صاحب الهداية في بحث دلالة العقل على حجّية الخبر الواحد ، فراجع تمام كلامه في كتابه (٣) (قدس الله سره القدوسى).

تنبيه : يأتي عنوان الهداية في آثار السيّد الإمام الخميني رحمه‌الله في ما بعد إن شاء الله تعالى.

الهداية في تقريرات المحقق البروجردي

آية الله العظمى الحاج آقا حسين الطباطبائي البروجردي من أعاظم تلاميذ المحقق الخراساني ، وكان فقيه الامة ومرجع الطائفة في زمانه ، نقل عن صاحب الهداية في تقريراته المسمّاة بنهاية الاصول :

١ ـ قال : وقال المحقق صاحب الحاشية على المعالم : إنّ معاني الأسماء معان متحصّلة في نفس الأمر ومعاني الحروف معان إنشائية إيقاعية توجد بإنشاء المتكلّم (٤).

__________________

(١) اصول الفقه ١ / ٦٣٦.

(٢) اصول الفقه ١ / ٦٧٥.

(٣) افاضة العوائد تعليق على درر الفوائد ٢ / ٩٩.

(٤) نهاية الاصول / ١٩ الطبعة الحديثة.

٢٧

٢ ـ ونقل عن صاحب الهداية الحكم بتغاير الطلب والارادة وتخيّل أنّه وافق في هذه المسألة الأشاعرة ، وخالف المعتزلة والإمامية ، فراجع الى نهاية الاصول (١).

ولكن تفطّن مقرّره المحقّق في ذيل عبارة استاذه وردّ هذه المقالة بما ذكره العلّامة الجدّ في الوقاية.

أقول : قال العلّامة الجدّ أبو المجد الشيخ محمد الرضا النجفي الإصفهاني في كتابه وقاية الأذهان : العلّامة الجدّ (صاحب الهداية) ، لم يخالف العدلية في ذلك ولم يجنح الى قول الأشاعرة قطّ ، بل هو من ألدّ أعداء هذه المقالة ، وأشدّ من خاصمهم ، وقد قال في بحث مقدّمة الواجب بعد ما بيّن مذهب العدلية من أنّ حقيقة الطلب عندهم هي الإرادة المتعلّقة بفعل الشيء أو تركه ما نصّه : وقد خالف في ذلك الأشاعرة فزعموا أنّ الطلب أمر آخر وراء الإرادة وجعلوه من أقسام الكلام النفسي المغاير عندهم للإرادة والكراهة. وقد عرفت أنّ ما ذكروه أمر فاسد غير معقول مبنيّ على فاسد آخر أعني الكلام النفسي (٢) انتهى.

فلينظر المنصف الى هذا الإمام كيف يجعل مقالة الأشاعرة أمرا فاسدا غير معقول مبنيا على فاسد آخر ثمّ ليعجب ممّن نسب إليه موافقتهم ، ويخالف في كلامه سنّة الأدب ، وهو لم يعرف صحيح مرامه من صريح كلامه (٣).

الهداية في آثار السيد الإمام الخميني

آية الله الإمام السيد روح الله الخميني قدس‌سره من أعاظم تلاميذ المحقّق الحائري واستفاد واستجاز أيضا من جدّنا العلّامة أبي المجد الشيخ محمد الرضا النجفي الإصفهاني صاحب وقاية الأذهان وغيرهما حتى نال مراتب عالية في الفقه واصوله ، وصار من المراجع العظام ووفّقه الله تعالى لتأسيس الحكومة الإسلامية في إيران وأمره كالشمس في رابعة النهار.

__________________

(١) نهاية الاصول / ٩١.

(٢) هداية المسترشدين / ١٣٣ الطبعة الحجرية.

(٣) وقاية الاذهان / ١٨٨ طبعة مؤسسة آل البيت.

٢٨

١ ـ قال في كتابه في مباحث الألفاظ : ومنها : ما نسب الى بعض الفحول من كون معانيها جزئيا إضافيا (١).

٢ ـ وقال : إلّا ما عن المحقّق صاحب الحاشية نقلا عن بعض من أنّ الرجوع إلى الهيئة مستلزم لرجوعه الى المادّة دون العكس (٢) ...

٣ ـ وقال في تعليقه على المجلد الثاني من الكفاية : ومن مواقع النظر فيه : أنّه قال : إن تقريب مقدّمات الانسداد ، على هذا الوجه الثاني يقرب ممّا أفاد صاحب الحاشية وأخوه في الانسداد ، وإن كان فرق بينهما ، وتصدّى لبيان الفرق بما لا يرجع الى محصّل ، وظنّي أنّه من قصور العبارة (٣).

٤ ـ وقال فيها : وأمّا ما أفاده صاحب الفصول رحمه‌الله تبعا لأخيه المحقّق رحمه‌الله من الاختصاص بالطريق فهو مبتن على مقدّمات (٤).

٥ ـ وفي المجلد الثاني من كتابه (٥) نقل كلام صاحب الهداية فراجعه إن شئت.

فذلكة القول في الهداية

فظهر لك ممّا ذكرنا منزلة هداية المسترشدين في علم الاصول وأنّه كتاب نفيس ومورد لعناية أهل التحقيق وروّاد العلم ، وصاحبه الإمام العلّامة التقي الشيخ محمد تقي النجفي الإصفهاني الرازي من أعاظم المحقّقين الذين قلّ نظيرهم في علم الاصول.

تنبيه : وللعلّامة الجدّ صاحب الهداية غير حاشيته على المعالم المسمّاة بهداية المسترشدين على اصول معالم الدين ، رسالة في مسألة الأقل والأكثر ردّ فيها قول العلّامة السيد محسن الكاظمي طاب ثراه.

__________________

(١) مناهج الوصول الى علم الاصول ١ / ٨٣.

(٢) مناهج الوصول الى علم الاصول ١ / ٣٦٥.

(٣) انوار الهداية في التعليقة على الكفاية ١ / ٣٢٥.

(٤) انوار الهداية في التعليقة على الكفاية ١ / ٣٨٣.

(٥) انوار الهداية في التعليقة على الكفاية ٢ / ٢٨٨.

٢٩

قال حفيده العلّامة أبو المجد الشيخ محمد الرضا النجفي الإصفهاني في شأنها : وله ردود على العلّامة السيد محسن الكاظمي قدس‌سره في مسألة الأقلّ والأكثر رأيتها بخطّه الشريف(١).

تبصرة : قال صاحب الروضات في ترجمة صاحب الهداية : ... وله أيضا كتاب في الفقه الاستدلالي كبير جدّا كان يشتغل به أيّام تشرّفنا بخدمته المقدّسة إلّا أنّه بقي في المسوّدات ولم يدوّن منه مجلّد بعد (٢).

واستدرك عليه جدّنا العلّامة أبو المجد الشيخ محمد الرضا النجفي الاصفهاني : خرج منه كتاب الطهارة وهو في الفقه كالهداية في الاصول ، وله شرح كتاب الوافي على ما نقل لي والدي طاب ثراه (٣).

أقول : وجدنا نسخة كتاب فقه صاحب الهداية في قريب من خمسمائة صفحة ، سمي ب «تبصرة الفقهاء» ، وفيه جلّ مسائل الطهارة وبحث مواقيت الصلاة ، وبعض الزكاة ، وقسم من البيع.

وهذا الكتاب تبصرة الفقهاء في الفقه ، كالهداية في الاصول كما نقلناه عن جدّنا العلّامة أبي المجد في شأنه.

وإن شاء الله وبأذنه وعونه سوف يطبع لأوّل مرّة بعد هداية المسترشدين ، وإنّه على كلّ شيء قدير.

خاتمة المطاف : شكر وتقدير

وفي الختام يجب علينا أن نشكر كل من سعى لإخراج الهداية بهذه الصورة الزاهية ونخصّ بالذكر :

١ ـ سماحة آية الله السيّد محمّد علي الروضاتي (مدّ ظلّه) من أسباط صاحب الهداية ، تفضّل علينا بإرسال نسخة خطّ المؤلّف التي تشمل المجلّد الأوّل من

__________________

(١) تعليقته على روضات الجنات المسماة بأعلاط الروضات / ١٠.

(٢) روضات الجنات ٢ / ١٢٤.

(٣) اعلاط الروضات / ١٠.

٣٠

الكتاب ، واستفدنا منها وصحّحنا الكتاب عليها ، فلم نحتج إلى ذكر النسخ واختلافها.

٢ ـ المحقّق الخبير حجّة الإسلام والمسلمين السيّد أحمد الحسيني الأشكوري (مد ظلّه) كتب بالتماس منّا حياة صاحب الهداية قدس‌سره.

٣ ـ قرّة عيننا وولدنا البارّ ، سماحة الحجّة الشيخ هادي النجفي ـ كان الله له ـ حيث بذل الجهد في إعداد مقدّمات التحقيق وأشرف على طبع الكتاب وإخراجه بهذه الحلّة القشيبة.

٤ ـ أصحاب مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة سيّما حجج الاسلام والمسلمين الشيخ محمّد رضا الفاكر والشيخ محمد مهدي نجف ، والشيخ رحمت الله رحمتي دامت بركاتهم حيث ساعدونا على طبع الكتاب ونشره بهذه الطبعة الزاهية، أيّدهم الله تعالى ووفقهم لطبع التراث.

تمّت هذه المقدمة في يوم السبت غرّة ثاني الجمادين عام ١٤١٨ ببلدتنا إصفهان صانها الله تعالى عن الحدثان.

وأنا العبد الشيخ مهدي ابن الشيخ مجد الدين بن الشيخ محمد الرضا بن الشيخ محمد حسين بن الشيخ محمد باقر ابن الشيخ محمد تقي النجفي الإصفهاني صاحب هداية المسترشدين.

والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا ، وصلّى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين المعصومين.

٣١

ترجمة المؤلّف :

من كتاب «المفصل في تراجم الأعلام» للمحقق

الخبير السيد أحمد الحسيني (مدّ ظلّه)

العلّامة الكبير ، الفقيه الاصولي الشهير ، استاذ الفقهاء والمجتهدين ، مولانا الشيخ محمد تقي بن محمد رحيم بن محمد قاسم الأيوان كيفي الرازي الاصبهاني النجفي (١).

كان والده يعرف ب «محمد رحيم بيك استاجلو» وقد سمّاه بعض «عبد الرحيم» ، ولكن الموجود بخطّ صاحب الترجمة «محمد رحيم» وهو الأصحّ.

عشيرته واسرته :

ينتهي نسب الاسرة الى عشيرة تعرف ب «استاجلو» التي كان لها صلة وثيقة بالسلاطين الصفوية منذ بداية حكومتها في ايران ، وتصدّى بعض رجالها وظائف

__________________

(١) الأيوان كيفي نسبة الى قرية «ايوان كي» و «أيوان كيف» من قرى ورامين في شرقي طهران ، اشتهرت بذلك لبناية فيها أثرية قديمة يقال : إنها من أبنية سلاطين إيران الكيانية. و «استاجلو» عشيرة كبيرة اتصلت بالأعمال الحكومية منذ سلطنة الشاه اسماعيل الصفوي. ونسبة النجفي ، لاعتزاز الاسرة بمنشأ صاحب الترجمة العلمي النجف الأشرف ، ولم تزل تعرف بهذه النسبة ، وهي تعرف «بالمسجد شاهي» أيضا نسبة الى مسجد شاه حيث كان علماؤها يقيمون صلاة الجماعة فيه.

٣٢

حكومية هامّة في أيّام الصفويين والقاجاريين كما جاء في تواريخ تلك العصور.

أشغل والد الشيخ صاحب الترجمة بعض الوظائف الحكومية في «ايوان كيف» ، إلّا أنه ترك الوظيفة وهاجر الى العتبات المقدسة بالعراق ، وأقام بالنجف الأشرف منصرفا الى العبادة حتى وافاه الأجل في سنة ١٢١٧.

جدّه الأعلى ميرزا مهدي ، أرسله السلطان نادر شاه الى النجف لتولّي شؤون تعمير الصحن العلوي الشريف ، فتصدّى ذلك وسجّل اسمه على القاشي لبعض الكتائب.

بزغ نجم هذه الاسرة العلمي في إصبهان منذ نحو سنة ١٢٢٥ ، حيث هاجر الشيخ في ما يقرب من هذا التاريخ من يزد اليها ، واشتهر بالمقام العلمي الرفيع والزهد والتقوى ، والتفّ حوله الخاصّة والعامّة ، وانتهت إليه الزعامة العلمية والإمامة.

اشتهر من الاسرة علماء مشاهير وفضلاء ذوي الأقدار والمكانة ، كانوا ولم يزالوا موضع احترام العلماء وحفاوة سائر الطبقات المؤمنة في إصبهان وغيرها ، نذكر أسماء بعضهم كنماذج بارزة لا للحصر :

١ ـ أخو صاحب الترجمة ، الشيخ محمد حسين الاصبهاني (ت ١٢٦١) ، العالم الكبير مؤلّف الكتاب السائر في الأوساط العلمية «الفصول الغروية».

٢ ـ ابنه الشيخ محمد باقر المسجد شاهي الإصبهاني (ت ١٣٠١) ، من أعاظم علماء إصبهان الفقهاء.

٣ ـ الشيخ محمد حسين النجفي الإصبهاني (ت ١٣٠٨) ، من وجوه تلامذة الإمام المجدّد ميرزا محمد حسن الشيرازي ومؤلّف التفسير القيّم «مجد البيان».

٤ ـ الشيخ أبو المجد محمد الرضا المسجد شاهي الإصبهاني النجفي (ت ١٣٦٢) ، العالم الكبير والأديب الشاعر المشهور ، مفخرة القرن الرابع عشر في العلم والفضل والأدب.

٥ ـ الشيخ محمد تقي آقا نجفي الإصبهاني (١٣٣٢) ، حفيد الشيخ وصاحب

٣٣

المؤلّفات الكثيرة المطبوعة الذائعة والمتقدّم على علماء عصره بإصبهان.

٦ ـ الحاج آقا نور الله النجفي الإصبهاني (ت ١٣٤٦) من تلامذة المجدّد الشيرازي والمشارك في النهضة المعروفة بإيران.

٧ ـ الاستاذ محمد باقر النجفي الإصبهاني المعروف بالفت (ت ١٣٨٤) ، العلّامة الأديب الفاضل المشهور.

٨ ـ الشيخ محمد علي النجفي الإصبهاني (ت ١٣١٨).

٩ ـ الشيخ مهدي بن الشيخ محمد علي النجفي (ت ١٣٩٣) ، صاحب المؤلّفات الكثيرة المتجاوزة على الثلاثين.

١٠ ـ الشيخ جمال الدين النجفي الإصبهاني (ت ١٣٥٤) ، من أعلام علماء إصبهان وذي المكانة المحترمة في مختلف الأوساط.

١١ ـ الشيخ محمد اسماعيل النجفي الإصبهاني (ت ١٣٧٠).

١٢ ـ الشيخ مجد الدين الملقّب بمجد العلماء النجفي الإصبهاني (ت ١٤٠٣) ، العالم الجليل الوجيه عند العامة.

يتّصل بيت النجفي مصاهرة ببيوتات علمية كبيرة معروفة في الأوساط العراقية والإيرانية ، بواسطة : بنت الشيخ جعفر الكبير النجفي صاحب كشف الغطاء المسمّاة «نسمة خاتون» أو «حبابة» ، وهي زوجة الشيخ صاحب الترجمة ، وتوفّيت سنة ١٢٩٥ ودفنت بجوار قبر زوجها في «تخت فولاد».

والعلوية بنت السيد صدر الدين العاملي ، زوجة الشيخ محمد باقر النجفي.

والعلوية «ربابة سلطان بيگم» بنت السيد محمد علي المعروف بآقا مجتهد ، حفيدة السيد محمد باقر حجة الاسلام الشفتي ، زوجة الشيخ محمد حسين الإصبهاني وامّ أبي المجد.

قال الشيخ آقا بزرك الطهراني :

(آل صاحب الحاشية) بيت علم جليل في إصفهان ، يعدّ من أشرفها وأعرقها في الفضل ، فقد نبغ فيه جمع من فطاحل العلماء ورجال الدين الأفاضل ، كما قضوا

٣٤

دورا مهمّا في خدمة الشريعة ، ونالوا الرئاسة العامّة لا في إصبهان فحسب ، بل في إيران مطلقا ، ففيهم علماء وفضلاء وأجلّاء.

مولده وشيء عن نشأته :

لم يتعرّض أصحاب التراجم لتاريخ ولادة الشيخ ومحلّها على التحديد ، إلّا أنّ السيد المهدوي يحتمل أن تكون الولادة نحو سنة ١١٨٥ ـ ١١٨٧ في قرية «أيوان كيف» (١) حيث كانت مسكن والده قبل هجرته الى العتبات المقدّسة. والسيد الخوانساري صاحب الروضات يصرّح أنّه انتقل في عنفوان الشباب الى عتبات الأئمّة الأطياب ، وهذا يعني أنّه ولد في القرية المذكورة.

كانت دراسته في الحوزات العلمية بالنجف الأشرف وكربلا والكاظمية ، فبقي أكثر من اثنتي عشرة سنة في كربلاء قبل وفاة المولى محمد باقر الوحيد البهبهاني (ت ١٢٠٥) ، ويذكر المترجمون له من أساتذته الذين درس لديهم في المراحل العالية واستفاد من علمهم جماعة لم نعرف تفصيل ما تتلمذ لديهم (٢) ، وهم :

١ ـ السيد محمد مهدي بحر العلوم الطباطبائي النجفي ، استفاد منه علما وعملا.

٢ ـ الشيخ جعفر كاشف الغطاء النجفي ، وله منه إجازة الحديث والاجتهاد ، وصاهره على بنته كما سبق ذكره.

٣ ـ المولى محمد باقر الوحيد البهبهاني.

٤ ـ السيد علي الطباطبائي الحائري.

٥ ـ السيد محسن الأعرجي الكاظمي.

__________________

(١) «ايوان كي» أو «ايوان كيف» من توابع دماوند ، وهي قرية كبيرة في الجنوب الشرقي من مدينة طهران وتبعد عنها ٧١ كم.

(٢) نقل المرحوم الحبيب آبادي في مكارم الآثار عن شخص مجهول أن الشيخ صاحب الترجمة أخذ في العرفان وتهذيب النفس من درويش كافي النجف آبادي الإصبهاني ، وأنكر بعض الأعلام أخذ الشيخ منه في السير والسلوك ، والانكار في محله.

٣٥

٦ ـ الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي (١).

يبدو من بعض القرائن في أحوال الشيخ أنه كان ذا جدّ وسعي كبير في تحصيل العلم واكتساب الفضائل أيّام الدراسة والتحصيل ، فإنّه كما يظهر من قائمة أسماء أساتذته وشيوخه ـ كان يختار أحسن رجال العلم وأشهر المدرّسين المتقدّمين في التدريس ، ولو أدّى ذلك الى التنقّل في الحوزات العلمية وعدم الإخلاد الى الاستقرار والطمأنينة في حوزة ما. بهذا وبما نرى من مؤلّفاته العلمية المتناهية في الدقّة والإحاطة والموقع الدراسي والعلمي الذي حصله زمن الإفادة ، نستشف مدى جهده أيّام الطلب وذكائه في تلقّي العلوم وتقدّمه على كثير من أترابه ومعاصريه.

اضطرّ الى الهجرة من العتبات المقدّسة الى إيران على أثر صدمة الوهابيين وابتلائه بمرض القلب ، ولو كان باقيا بها لكان له شأن عظيم أكثر ممّا حصل له في إصبهان ، ولكن الله تعالى يقدّر الامور وليس ممّا قدر من مفرّ.

الهجرة الى ايران :

هاجر الشيخ من العراق الى إيران بعد سنة ١٢١٦ التي كان فيها واقعة حملة الوهابيين على كربلاء والمجزرة الدموية التى أجروا فيها وهتكوا الحرم الحسيني ، وظهرت منهم فضائح وجرائم لا يسع المقام شرحها ، وربّما كانت هجرته بعد وفاة والده سنة ١٢١٧ ، ويقال في سبب هجرته كثرة ديونه وابتلائه بمرض القلب واضطراب الوضع في كربلاء والنجف بسبب الحملة الوهابية عليهما.

قصد أول دخوله إيران زيارة الإمام الرضا عليه‌السلام ، فنزل بالمشهد في بيت الحاجّ ميرزا داود الخراساني الإصبهاني الذي كان من أجلّاء فضلاء المدينة (ت ١٢٤٠) ،

__________________

(١) علّق السيد المهدوي هنا ما ملخّصه : يظهر أنّ حضور الشيخ لدى الأحسائي لم يكن للاستفادة العلمية ، بل للوقوف على آرائه وأقواله التي كانت سببا لإقبال جمع عليه وتكفير آخرين له.

٣٦

وأقام في ضيافته لمدّة أربعة عشر شهرا بكلّ تجلة واحترام ، وكان الميرزا يدرس لديه في هذه المدّة علم الفقه والاصول ، ويذكرون أنّه أدّى كلّ ديون شيخه البالغة في ذلك الوقت ألف تومان.

ثمّ انتقل الشيخ من المشهد الرضوي الى يزد ، واشتغل فيها بتدريس الفقه والاصول العاليين ، واجتمع عليه طلّاب العلوم الدينية للاستفادة من علمه وفضله.

بعد بقاء مدّة في يزد ـ لا نعلم مقدارها بالتحديد ـ انتقل الشيخ الى إصبهان مهد العلم يومذاك ومجمع كبار العلماء والفحول ، وكان ذلك نحو سنة ١٢٢٥ احتمالا ، فاحتفى به العلماء والطلاب وبقية الطبقات المؤمنة ، وبقي بها الى حين وفاته معزّزا مكرّما.

كان الشيخ ـ كما علمنا مما سبق ـ موضع حفاوة العلماء والطّلاب أينما حلّ وحيثما ارتحل ، يهتمّ بالتدريس وإفادة الطّلاب ممّا رزقه الله تعالى من العلم والدراية ، حريصا على وقته أن يضيع في ما لا طائل تحته ، وعلى علمه أن لا يؤدي زكاته بتعليم الآخرين ، وبهذا كان منبعا فياضا أينما اقام ومأسوفا عليه حيث انتقل.

الإقامة بإصبهان :

أوّل ما ورد الشيخ المترجم له مدينة «إصبهان» ، سكن في محلّة «أحمد آباد» ، وهي من المحلّات القديمة بهذه المدينة.

كوّن بعد استقراره حوزة تدريسية في مسجد المحلّة «مسجد ايلچي» ، وشاع ذكره وعرف مقامه العلمي في أوساط الأفاضل والطلّاب ، فاجتمعوا عليه للاستفادة من درسه وتحقيقاته العلمية المعمّقة ، وخاصّة في اصول الفقه الذي اشتهر بأنّه صاحب آراء خاصّة فيه.

كان يقيم صلاة الجماعة أيضا بهذا المسجد ، وأمّه كثير من المؤمنين عند ما عرفوا مكانته الرفيعة في الزهد والتقوى والإعراض عن زخارف الدنيا والتوجّه

٣٧

التامّ الى الله تعالى ، فكانت الصفوف مزدحمة بالمؤمنين المؤتّمين بصلاته جماعة.

كثرة الطلاب في مجالس التدريس وازدياد عدد المصلّين في الجماعة بعد مرور مدّة على ورود الشيخ ، سببا الشعور بالضيق وضرورة الانتقال الى مكان أوسع ، فانتقل الى محلّة مسجد شاه والصلاة والتدريس في «مسجد شاه» ، وهو من أبنية الشاه عباس الصفوي الكبير.

المؤهّلات العلمية في الشيخ وشدّة ممارسته لعلمي الفقه والاصول وحسن الإلقاء في محاضراته ، كانت أسبابا لنجاحه في التدريس لأعلى المراحل العلمية المسمّى ب «الخارج» ، حتى نقلوا أنّ مجلس درسه كان يحضره ثلاثمائة الى أربعمائة طالب ، ولازدحامهم طلب الميرزا محمد حسن المجدّد الشيرازي وبعض رفاقه من متقدّمي شباب الطلبة الذين كانوا يحضرون في مجالس الدرس آنذاك ، طلبوا وقتا خاصّا بهم يستفيدون به أكثر لحلّ مشاكلهم العلمية ، فأجابهم الاستاذ على ذلك وعيّن لهم ساعة يحضرون لديه ويطرحون ما أشكل عليهم ، ثمّ يجدون الحلّ على أحسن ما يكون ، وكان السيد المجدّد يتباهى بذلك ويأسف على قصر مدّته ومفاجأتهم بوفاة الاستاذ.

بعض تلامذته البارزين

لقد ذكرنا سابقا شيئا عن رفيع مقام الشيخ التدريسي وازدحام الطلّاب على محاضراته العلمية ، حتى ذكر بعض أنّ محضر درسه كان يحتوي على ثلاثمائة أو أربعمائة طالب ، وكان في عصره المدرس الأول في حوزة إصبهان للدروس العالية ، والعدد المذكور لا يعني الحصر فيه، بل كان التلامذة يتجددون حيثما تنتهي دورتهم الدراسية ، فيكون العدد عاليا جدّا والعطاء العلمي وفيرا لا يمكن حصره في هذه الفئة خاصّة.

وفي ما يلي نسرد أسماء المشاهير من تلامذة الشيخ من دون تعرّض لتراجمهم ، وذلك تبعا لطريقتنا في الأخذ بجانب الاختصار وعدم التطويل في الكلام :

٣٨

١ ـ ملا أحمد بن عبد الله الخوانساري.

٢ ـ ميرزا محمد باقر الخوانساري الإصبهاني صاحب الروضات.

٣ ـ الشيخ محمد تقي الگلپايگاني.

٤ ـ المولى محمد تقي الهروي الإصبهاني.

٥ ـ السيد محمد حسن الخواجوئي الإصبهاني.

٦ ـ مير سيد حسن المدرس الإصبهاني.

٧ ـ ميرزا محمد حسن المجدّد الشيرازي.

٨ ـ السيد ميرزا حسن الرضوي المشهدي.

٩ ـ آقا حسين اللنجاني الإصبهاني.

١٠ ـ الشيخ محمد حسين الاصبهاني ، أخوه صاحب الفصول.

١١ ـ الحاج ملا حسين علي التويسركاني.

١٢ ـ ميرزا داود الشهيد الإصبهاني الخراساني.

١٣ ـ المولى زين العابدين الگلپايگاني.

١٤ ـ السيد محمد صادق الموسوي الخوانساري.

١٥ ـ ملا عبد الجواد التوني الإصبهاني.

١٦ ـ الشيخ عبد الجواد الخراساني.

١٧ ـ ملا علي قاربوزآبادي الزنجاني.

١٨ ـ الشيخ فتح الله الشاروي القزويني.

١٩ ـ مير محمد بن محمد حسين الشهرستاني الحائري ، وله منه إجازة.

٢٠ ـ الحاج آقا مهدي المهدوي الكرمانشاهي.

٢١ ـ الشيخ مهدي الكجوري الشيرازي.

٢٢ ـ المولى هادي الأسرار السبزواري ، مؤلّف شرح المنظومة المعروف في الفلسفة.

٢٣ ـ ميرزا هداية الله ابرسجي الشاهرودي.

٣٩

٢٤ ـ الشيخ محمد الطهراني النجفي (١).

قالوا فيه :

لقد طفحت كتب التراجم بعبارات تنم عن عظيم مكانة الشيخ بين معاصريه وجليل منزلته عند من ترجمه بعد عصره ، فقد بجلوا بمقامه العلمي ومجدوا زهده وتقواه بشتى التعابير ومختلف الألفاظ ، وفي ما يلي نورد بعض ما قالوه اكتفاء باليسير عن الكثير :

قال السيد الخوانساري في «روضات الجنات» :

«فأصبح أفضل أهل عصره في الفقه والاصول ، بل أبصر أهل وقته في المعقول والمنقول ، وصار كأنّه المجسم في الأفكار الدقيقة ، والمنظم من الأنظار العميقة ، استاذا للكلّ في الكلّ ، وفي اصول الفقه على الخصوص ، وجنّات الفضل الدائمة الاكل في مراتب المعقول والمنصوص ، فجعل أفئدة طلّاب العصر تصرف إليه ، وأخبية أصحاب الفضل تضرب لديه ، بحيث لم ير في الدنيا مدرس أخصّ بأهله من مدرسه الشريف ، ولا مجلس أفيد لنهله من مجلسه المنيف ...».

وقال الشيخ القمي في «الفوائد الرضوية» ما تعريبه مختصرا :

«الشيخ العالم الفاضل المحقّق المدقّق ، قدوة المحقّقين وترجمان الاصوليين ، صاحب تعليقة كبيرة على المعالم. اختصّ بالشيخ جعفر الكبير صاحب كشف الغطاء حتى زوّجه بابنته ...».

وقال المدرّس الخياباني في «ريحانة الأدب» ما تعريبه :

«من أكابر فحول علماء الإمامية أواسط القرن الثالث عشر الهجري ، فقيه اصولي محقّق مدقّق عابد زاهد ، عميق الفكر دقيق النظر .. جلالته العلمية والعملية

__________________

(١) الشيخ محمد بن محمد علي الخراساني الطهراني ، ابن اخت صاحب الترجمة ومن المدرسين المجيدين ، رتب الجزء الثالث من كتاب «هداية المسترشدين» وأخرجه من المسودة الى المبيضة ، صاهر خاله على ابنته الصغرى ولكن لم تدم حياتهما الزوجية طويلا فافترقا.

٤٠