رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١١

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١١

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-273-3
الصفحات: ٥٠٤

فالقول بالجواز قويّ مع الكراهة الشديدة ؛ لإشعار الصحيح المتقدّم (١) ، مع التصريح بها في المرفوع : عن إتيان النساء في أعجازهنّ ، فقال : « ليس به بأس ، وما أحبّ أن تفعله » (٢).

وعليها يحمل ما في الخبر : « محاشّ النساء على أُمّتي حرام » (٣) وكذا الآخر الناهي عنه (٤) ؛ لضعفهما ، وموافقتهما التقيّة لما عرفت.

وبه يشعر بعض المعتبرة ، كالموثّق : أخبرني من سأله عن الرجل يأتي المرأة في ذلك الموضع وفي البيت جماعة فقال لي ورفع صوته : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كلّف مملوكه ما لا يطيق فليبعه » ثم نظر في وجوه أهل البيت ، ثم أصغى إليّ وقال : « لا بأس به » (٥).

فالقول بالتحريم كما عن القميين وابن حمزة (٦) وجماعة (٧) ضعيف جدّاً.

( الثالثة ) : اختلف الأصحاب في جواز ( العزل ) وإفراغ المني خارج الفرج بعد المجامعة ( عن الحرّة بغير إذنها ) ولو بالشرط حال العقد‌

__________________

(١) في ص ٥٩.

(٢) التهذيب ٧ : ٤١٦ / ١٦٦٦ ، الوسائل ٢٠ : ١٤٧ أبواب مقدمات النكاح ب ٧٣ ح ٦.

(٣) التهذيب ٧ : ٤١٦ / ١٦٦٤ ، الوسائل ٢٠ : ١٤٢ أبواب مقدمات النكاح ب ٧٢ ح ٢ ؛ المحاشّ : جمع محشّة ، وهي الدبر ، فكني بها عن الأدبار كما يكنى بالحَشُوش عن مواضع الغائط مجمع البحرين ٤ : ١٣٤.

(٤) الفقيه ٣ : ٢٩٩ / ١٤٣٠ ، الوسائل ٢٠ : ١٤٣ أبواب مقدمات النكاح ب ٧٢ ح ٥.

(٥) التهذيب ٧ : ٤١٥ / ١٦٦١ ، الوسائل ٢٠ : ١٤٦ أبواب مقدمات النكاح ب ٧٣ ح ٤ بتفاوت يسير.

(٦) الصدوق في الفقيه ٣ : ٢٩٩ ، ابن حمزة في الوسيلة : ٣١٣.

(٧) منهم أبو الفتوح الرازي ، والراوندي في اللباب ، والسيّد أبو المكارم صاحب البلابل القلاقل ، نقله عنهم الفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٥٤.

٦١

اختياراً ، بعد اتّفاقهم عليه في الأُمة مطلقاً (١) ، والحرّة مع الإذن مطلقاً أو الاضطرار ؛ للأصل ، وفحوى الصحاح الآتية.

فـ ( قيل : ) هو ( محرّم ) وهو المحكيّ عن المبسوط والخلاف وظاهر المقنعة (٢) ، مدّعياً الشيخ عليه الوفاق في الثاني كما قيل (٣).

للنبويّين العاميّين ، في أحدهما : « إنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى أن يعزل عن الحرّة إلاّ بإذنها » (٤) (٥). وعدم حصول الحكمة في النكاح من الاستيلاد معه غالباً.

وضعفه ظاهر ؛ لوهن الإجماع بمصير المعظم إلى الخلاف ، مع أنّه صحيحٌ لا يقاوم الصحاح. هذا ، مع أنّ ظاهر عبارته المحكيّة في المختلف (٦) في كتاب الديات أنّ دعوى الإجماع المزبور إنّما هو على استحباب تركه لا تحريمه (٧).

__________________

(١) زوجة كانت أم ملك يمين أم محلّلة. منه رحمه‌الله.

(٢) المبسوط ٤ : ٢٦٧ ، الخلاف ٤ : ٣٥٩ ، المقنعة : ٥١٦.

(٣) قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٥٤.

(٤) دعائم الإسلام ٢ : ٢١٢ / ٧٧٧ ، المستدرك ١٤ : ٢٣٣ أبواب مقدمات النكاح ب ٥٧ ح ١.

(٥) وفي الثاني ما أشار إليه صاحب الجواهر ٢٩ : ١١١ عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أنّه « الوأد الخفي » أي قتل الولد. سنن البيهقي ٧ : ٢٣١.

(٦) المختلف : ٨١٤ و ٨١٥.

(٧) فإنّه قال : العزل عن الحرّة لا يجوز إلاّ برضاها ، فمتى عزل بغير رضاها أثم وكان عليه عشر دية الجنين عشرة دنانير ، وللشافعي فيه وجهان ، أحدهما : أنّه محظور مثل ما قلنا ، غير أنّه لا يوجب الدية ، والمذهب أنّه مستحب وليس بمحظور ؛ دليلنا : إجماع الفرقة وأخبارهم وطريقة الاحتياط. ( الخلاف ٤ : ٣٥٩ ) وهو كما ترى كالصريح في دعوى الإجماع على الاستحباب ، ولا ينافيه الاستدلال بطريقة الاحتياط ؛ لإمكان جعلها حجة على الاستحباب والكراهة ، التي إحدى الأدلّة على المسامحة في أدلّة السنن والكراهة منه عفي عنه وعن والديه.

٦٢

وقصور سند الأوّلين.

وعدم النصّ بالحكمة ، مع عدم وجوب مراعاتها فيما عدا محلّ البحث إجماعاً. هذا ، مع أنّه أخصّ من المدّعى ؛ لعدم جريانه في اليائسة.

مضافاً إلى معارضة الجميع بما سيأتي مع عدم مكافأته له بالمرّة.

( و ) على المنع مطلقاً حتى الكراهة ، هل ( يجب به دية النطفة ) أعني : ( عشرة دنانير )؟

قيل : نعم (١) ؛ للصحيح الموجب لها على المفرغ ، الغير المجامع ، الموجب للعزل (٢). واختصاصه بغير المتنازع غير قادح بعد ظهور أنّ المنشأ هو التفويت المطلق ، المشترك بينه وبين المتنازع.

وفيه نظر ؛ لمنع الظهور أوّلاً ، ومنع العمل بمثله مع عدم النصّ أو الاعتبار القاطع عليه بعد تسليمه ثانياً ، وثبوت الفارق بين جناية الوالد والأجنبي ثالثاً ، فإن هو إلاّ قياس مع الفارق.

مع معارضته على تقدير تسليمه بظواهر النصوص الآتية المجوّزة للعزل ، المصرّحة : بأنّه ماؤه يضعه حيث يشاء ، الدالّة لذلك على أنّه لا حقّ للمرأة على الرجل في مائه ، فلا وجه لاستحقاقها الدية.

وبمثل هذا يجاب عن دعوى الخلاف على الوجوب الوفاق ، فإنّ غايته أنّه خبر صحيح لا يعارض الصحاح كما مرّ ، سيّما مع معارضته بما يظهر من الحلّي من شذوذ القول بالوجوب ، حيث نسب الرواية الدالّة عليه بعد الإشارة إليها إلى الشذوذ (٣) ، الذي هو بالاتّفاق عبارة عن عدم القائل‌

__________________

(١) قال به الفاضل المقداد في التنقيح الرائع ٣ : ٢٥.

(٢) الكافي ٧ : ٣٤٢ / ١ ، الفقيه ٤ : ٥٤ / ١٩٤ ، التهذيب ١٠ : ٢٨٥ / ١١٠٧ ، الوسائل ٢٩ : ٣١٢ أبواب ديات الأعضاء ب ١٩ ح ١.

(٣) السرائر ٣ : ٤١٨.

٦٣

به أو ندرته.

فالأقوى : العدم ، وفاقاً للمعظم ، كالحلّي والفاضل في المختلف والمحقّق الثاني كما حكي وشيخنا في المسالك والروضة (١) وكثير ممّن تبعه (٢).

وربما يظهر من النهاية والمقنعة التردّد في الوجوب ؛ حيث نسباه إلى الرواية (٣) ، اقتصاراً فيما خالف الأصل على المتيقّن ، سيّما على القول بالكراهة المشار إليه بقوله : ( وقيل ) وهو الأكثر ـ : إنّه ( مكروه ) (٤) غير محرّم ؛ للأصل ، والموثّقين ، والصحاح المستفيضة :

منها : « ذاك » أي المني « إلى الرجل يصرفه حيث شاء » (٥).

ومنها : « لا بأس بالعزل عن المرأة الحرّة » (٦).

والبأس المنفيّ فيه محمولٌ على الحرمة ، جمعاً بين ما هنا وما تقدّم من الأدلّة ؛ بناءً على المسامحة في أدلّة الكراهة ، سيّما مع فتوى الجماعة ، وإيماءً إلى المرجوحيّة في الجملة في بعض المستفيضة ، كالصحيح : عن العزل ، فقال : « أمّا الأمة فلا بأس ، وأمّا الحرّة فإنّي أكره ذلك ، إلاّ أن يشترط‌

__________________

(١) الحلي في السرائر ٢ : ٦٠٧ ، ٣ : ٤١٩ ، المختلف : ٨١٥ ، المحقق الثاني في جامع المقاصد ١٢ : ٥٠٣ ، المسالك ١ : ٤٣٩ ، الروضة ٥ : ١٠٢.

(٢) كالسبزواري في الكفاية : ١٥٤ ، الفيض الكاشاني في مفاتيح الشرائع ٢ : ٢٨٨.

(٣) النهاية : ٧٧٩ ، المقنعة : ٧٦٣.

(٤) في المختصر المطبوع زيادة : وهو أشبه.

(٥) الكافي ٥ : ٥٠٤ / ٣ ، الفقيه ٣ : ٢٧٣ / ١٢٩٥ ، التهذيب ٧ : ٤١٧ / ١٦٦٩ ، الوسائل ٢٠ : ١٤٩ أبواب مقدمات النكاح ب ٧٥ ح ١.

(٦) الكافي ٥ : ٥٠٤ / ٢ ، التهذيب ٧ : ٤١٧ / ١٦٦٨ ، الوسائل ٢٠ : ١٥٠ أبواب مقدمات النكاح ب ٧٥ ح ٤.

٦٤

عليها حين تزوّجها » (١).

( ورخّص ) عليه‌السلام في هذا الخبر العزل ( في الإماء ) مضافاً إلى الخبر الآخر « لا بأس بالعزل في ستّة وجوه : المرأة إذا أيقنت أنّها لا تلد ، والمرأة المسنّة ، والمرأة السَّلِيطة (٢) ، والبذيّة ، والمرأة التي لا ترضع ولدها ، والأمة » (٣).

وكذا يكره لها العزل بدون إذنه.

وهل يحرم عليها لو قلنا به منه؟ مقتضى الدليل الثاني أي الحكمة ذلك. وكذا القول في دية النطفة له ، كذا قيل ، والأخبار خالية عنه.

( الرابعة : لا ) يجوز أن ( يدخل ) الرجل ( بالمرأة حتى يمضي لها تسع سنين ) هلالية إجماعاً ؛ للنصوص المستفيضة :

منها الصحيح : « إذا تزوّج الرجل الجارية وهي صغيرة فلا يدخل بها حتى يأتي لها تسع سنين » (٤).

وبالتنبيه منه يستفاد حكم غير الزوج مع إطلاق البواقي.

( ولو دخل ) بها الزوج ( قبل ذلك لم تحرم ) المرأة مؤبّداً ( على الأصحّ ) الأشهر ، بل عليه عامّة من تقدّم وتأخّر ، عدا من سيذكر ، مع التأمّل في مخالفته كما سيظهر.

للأصل ، والاقتصار فيما خالفه على القدر المتيقّن المتّفق عليه من‌

__________________

(١) التهذيب ٧ : ٤١٧ / ١٦٧١ ، الوسائل ٢٠ : ١٥١ أبواب مقدمات النكاح ب ٧٦ ح ١.

(٢) السّلَاطَة : حدّة اللسان ، يقال : رجل سَليط؟ أي صخّاب بذي اللسان ، وامرأة سليطة كذلك ، مجمع البحرين ٤ : ٢٥٥.

(٣) الفقيه ٣ : ٢٨١ / ١٣٤٠ ، التهذيب ٧ : ٤٩١ / ١٩٧٢ ، الخصال : ٣٢٨ / ٢٢ ، الوسائل ٢٠ : ١٥٢ أبواب مقدمات النكاح ب ٧٦ ح ٤.

(٤) الكافي ٥ : ٣٩٨ / ٢ ، الوسائل ٢٠ : ١٠١ أبواب مقدمات النكاح ب ٤٥ ح ١.

٦٥

النصّ الآتي ، وإطلاقه بعد ضعفه ، وعدم جابر له في محلّ البحث غير نافع.

خلافاً لظاهر النهاية (١) ، حيث حكم بالتحريم بالدخول من دون تقييد بالإفضاء (٢) ، وحكي عن السرائر (٣).

لإطلاق المرسل : « إذا خطب الرجل المرأة فدخل بها قبل أن تبلغ تسع سنين فرّق بينهما ولم تحلّ له أبداً » (٤) وفيه ما مرّ.

ونفي الخلاف عنه في الأخير كما حكي مع عدم صراحته في الإجماع موهونٌ بمصير الأكثر على الخلاف ، حتى الشيخ ؛ لرجوعه عن الإطلاق في النهاية إلى التقييد في الاستبصار ، كما صرّح به في المهذّب (٥).

ومع ذلك ، حكمه بالإطلاق في النهاية أيضاً محلّ نظر ، فقد قال في المختلف بعد نقله عنه ـ : والظاهر أنّ مراده ذلك (٦). مشيراً به إلى إناطة التحريم بالإفضاء.

هذا ، ومصير الحلّي إلى الخلاف غير معلوم ، فقد حكي عنه في التنقيح صريحاً موافقة الأصحاب (٧) ، وهو ظاهر جماعة ، كالمختلف‌

__________________

(١) النهاية : ٤٥٣.

(٢) أفضى إلى امرأته : باشرها وجامعها ، وأفضاها : جعل مسلكيها بالافتضاض واحداً ، وقيل : جعل سبيل الحيض والغائط واحداً فهي مُفْضَاة المصباح المنير : ٤٧٦.

(٣) السرائر ٢ : ٥٣٠.

(٤) الكافي ٥ : ٤٢٩ / ١٢ ، التهذيب ٧ : ٣١١ / ١٢٩٢ ، الإستبصار ٤ : ٢٩٥ / ١١١١ ، الوسائل ٢٠ : ٤٩٤ أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب ٣٤ ح ٢.

(٥) المهذّب البارع ٣ : ٢١٠ ٢١١ ، وهو في الاستبصار ٤ : ٢٩٤.

(٦) المختلف : ٥٢٥.

(٧) التنقيح الرائع ٣ : ٢٦.

٦٦

والمهذّب والمسالك ومفاتيح الشرائع ، حيث نسبوا الخلاف إلى ظاهر إطلاق النهاية خاصّة (١) ، مع تصريح جماعة منهم بأنّ الباقين على التقييد بالإفضاء (٢) ، فلا إشكال ، بل ولعلّه لا خلاف في المسألة ، والاحتياط واضح.

( الخامسة : ) ( لا يجوز للرجل ) الحاضر المتمكّن من الوطء ( ترك وطء المرأة ) المعقودة له بالدوام على الأصحّ مطلقاً ( أكثر من أربعة أشهر ) على المعروف من مذهب الأصحاب ، وعليه الإجماع في المسالك (٣).

للصحيح : عن الرجل يكون عنده المرأة الشابّة ، فيمسك عنها الأشهر والسنة لا يقربها ، ليس يريد الإضرار بها ، يكون لهم مصيبة ، يكون بذلك آثماً؟ قال : « إذا تركها أربعة أشهر يكون آثماً » (٤).

وبضميمة الإجماع يتمّ المطلوب ، مضافاً إلى ما دلّ على كونها المدّة المضروبة في الإيلاء ، ولا اختصاص لذلك ثمّة بالشابّة إجماعاً (٥).

ويؤيّده ما قيل : إنّ عمر سألهنّ عما يصبرن فيه ، فأخبرن بفناء صبرهنّ إذا مضت أربعة أشهر ، فتأمّل ، فتأمّلُ بعض المتأخّرين في التعميم إلى غير الشابة (٦) ، ليس في محلّه.

__________________

(١) المختلف : ٥٢٥ ، المهذب البارع ٣ : ٢١٠ ، المسالك ١ : ٤٣٩ ، المفاتيح ٢ : ٢٤٧.

(٢) كما في مفاتيح الشرائع ٢ : ٢٤٧ ، المهذب البارع ٣ : ٢١٠ ، كشف الرموز ٢ : ١٠٨.

(٣) المسالك ١ : ٤٣٩.

(٤) الفقيه ٣ : ٢٥٦ / ١٢١٥ ، التهذيب ٧ : ٤١٢ / ١٦٤٧ ، الوسائل ٢٠ : ١٤٠ أبواب مقدمات النكاح ب ٧١ ح ١.

(٥) قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٥٤.

(٦) كصاحب الحدائق ٢٣ : ٩٠.

٦٧

( السادسة : يكره للمسافر أن يطرق أهله ) أي يدخل إليهم من سفره ( ليلاً ) مطلقاً ، وقيّده بعضهم بعدم الإعلام بالحال ، وإلاّ لم يكره (١).

والنصّ مطلق ، روى عبد الله بن سنان عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : « يكره للرجل إذا قدم من سفره أن يطرق أهله ليلاً حتى يصبح » (٢).

وفي تعلّق الحكم بمجموع الليل ، أو اختصاصه بما بعد المبيت وغلق الأبواب ، نظر ، منشؤه دلالة كلام أهل اللغة على الأمرين ، ففي الصحاح : الأوّل (٣) ، والنهاية الأثيريّة : الثاني (٤) ، والأول أوفق بمقتضى المسامحة في أدلّة السنن.

وظاهر إطلاق النصّ والفتاوى عدم الفرق في الأهل بين الزوجة وغيرها ، وإن كان الحكم فيها آكد ، وبباب النكاح أنسب.

( السابعة : ) ( إذا دخل ) الزوج ( بصبية لم تبلغ تسعاً فأفضاها ) بالوطء ، بأن صيّر مسلك الحيض والبول واحداً كما هو الغالب المشهور في تفسيره فإنّه الإيصال ، وقيل : أو مسلك الحيض والغائط (٥) ، والأصل في المطلق يقتضي المصير إلى الأول ؛ بناءً على كونه الغالب ، ولعلّ إلحاق الأخير به من باب فحوى الخطاب ، وعموم تعليل بعض الأحكام المترتّبة عليه من التعطيل للأزواج له ، ولا قائل بالفرق ، فتأمّل جدّاً.

__________________

(١) كابن سعيد في الجامع للشرائع : ٤٥٣.

(٢) الكافي ٥ : ٤٩٩ / ٤ ، التهذيب ٧ : ٤١٢ / ١٦٤٥ ، الوسائل ٢٠ : ١٣١ أبواب مقدمات النكاح ب ٦٥ ح ١.

(٣) الصحاح ٤ : ١٥١٥.

(٤) النهاية ٣ : ١٢١.

(٥) قال به الشهيد الثاني في الروضة ٥ : ١٠٤ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٣٩.

٦٨

( حَرُمَ عليه مؤبّداً وطؤها ) مطلقاً (١) ، بل مطلق الاستمتاع في قولٍ أحوط في المشهور بين الأصحاب ، بل قيل : بلا خلاف (٢) ، وعن صريح الإيضاح (٣) وظاهر غيره (٤) الإجماع عليه.

للمرسل المتقدّم (٥) ، المعتضد ضعفه هنا بالشهرة ، ولا يقدح فيه عدم ذكر الإفضاء فيه بعد عمومه له ، بل وظهوره فيه ؛ للغلبة. فالقول بالحِلّ كما عن النزهة (٦) محلّ المناقشة.

( و ) لكن ( لم تخرج من حباله ) بل زوجته على الأظهر ، وفاقاً لجماعة ، كما في الشرائع والروضة والسرائر والجامع (٧).

للأصل ، وظاهر الخبرين ، في أحدهما : رجل اقتضّ جارية فأفضاها ، قال : « عليه الدية إن كان دخل بها قبل أن تبلغ تسع سنين » قال : « فإن أمسكها ولم يطلّقها فلا شي‌ء عليه ، إن شاء أمسك وإن شاء طلّق » (٨).

وفي الثاني وهو صحيح ـ : عن رجل تزوّج جارية بكراً لم تدرك ، فلمّا دخل بها اقتضّها فأفضاها ، قال : « إن كان دخل بها حين دخل بها ولها تسع سنين فلا شي‌ء عليه ، وإن كانت لم تبلغ تسع سنين أو كان أقلّ من‌

__________________

(١) أي قبلاً أو دبراً. منه رحمه‌الله.

(٢) قال به البحراني في الحدائق ٢٣ : ٩١.

(٣) إيضاح الفوائد ٣ : ٧٦.

(٤) انظر التنقيح الرائع ٣ : ٢٦ ، السرائر ٢ : ٥٣١.

(٥) في ص ٦٦.

(٦) نزهة الناظر : ٩٦.

(٧) الشرائع ٢ : ٢٧٠ ، الروضة ٥ : ١٠٤ ، السرائر ٢ : ٥٣١ ، الجامع للشرائع : ٤٢٨.

(٨) الكافي ٧ : ٣١٤ / ١٨ ، التهذيب ١٠ : ٢٤٩ / ٩٨٤ ، الإستبصار ٤ : ٢٩٤ / ١١٠٩ ، الوسائل ٢٩ : ٢٨١ أبواب موجبات الضمان ب ٤٤ ح ١ ؛ واقتضّ الجارية : افترعها وأزال بكارتها ، والافتضاض بالفاء بمعناه مجمع البحرين ٤ : ٢٢٨.

٦٩

ذلك بقليل حين دخل بها فاقتضّها فإنّه قد أفسدها وعطّلها على الأزواج ، فعلى الإمام أن يغرمه ديتها ، وإن أمسكها ولم يطلّقها حتى تموت فلا شي‌ء عليه » (١).

وقيل بالخروج (٢) ؛ لظاهر المرسل المتقدّم (٣). ويحتمل التفريق فيه : الكناية عن الطلاق والإرشاد إليه ؛ خوفاً من الوقوع في المحرّم ، فلا يعارض شيئاً ممّا قدّمناه.

وعلى المختار : تحرم الأُخت والخامسة مع عدم الطلاق ، أو الخروج عن العدّة إن قلنا بها.

وعليه الإنفاق عليها في الجملة إجماعاً ؛ للصحيح : عن رجل تزوّج جارية فوقع بها فأفضاها ، قال : « عليه الإجراء عليها ما دامت حيّة » (٤).

ولإطلاقه يتّجه إطلاق القول بوجوبه حتى مع الطلاق ولو بائناً ، بل ولو تزوّجت بغيره في وجه ، وفي آخر : العدم ؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل على الفرد المتبادر من المستند.

ولكن الاستصحاب يؤيّد الأول ، فهو الأحوط لو لم يكن أولى ، وأولى منه بالوجوب لو طلّقها الثاني بائناً أو رجعيّاً وتمّ عدّتها ، وكذا لو تعذّر إنفاقه عليها لغيبة أو فقر.

قيل : ولا فرق في الحكم بين الدائم والمتمتّع بها (٥).

__________________

(١) الفقيه ٣ : ٢٧٢ / ١٢٩٤ ، الوسائل ٢٠ : ١٠٣ أبواب مقدمات النكاح ب ٤٥ ح ٩.

(٢) قال به فخر المحققين في إيضاح الفوائد ٣ : ٧٨.

(٣) في ص ٦٦.

(٤) الفقيه ٤ : ١٠١ / ٣٣٨ ، التهذيب ١٠ : ٢٤٩ / ٩٨٥ ، الإستبصار ٤ : ٢٩٤ / ١١١٠ ، الوسائل ٢٩ : ٢٨٢ أبواب موجبات الضمان ب ٤٤ ح ٢ ، الإجراء أي النفقة والكسوة وما يلزمه. روضة المتقين ١٠ : ٣٩٧.

(٥) كما قال به الشهيد الثاني في الروضة ٥ : ١٠٥.

٧٠

وفيه لو لم يكن عليه إجماع نظر ؛ لمخالفته الأصل ، فيقتصر على المتبادر من النصّ الدالّ عليه. وعموم التعليل بالإفساد والتعطيل عن الأزواج في الصحيح (١) مختصٌّ بمعلوله ، وهو وجوب الدية ، ولا كلام فيه.

ومنه ينقدح قوّة القول باختصاص الحكم بالزوجة دون الأجنبيّة ، بل هو أقوى ؛ لعدم شمول النصّ لها بالمرّة ، ولا أولويّة إلاّ على تقدير كون الأحكام للعقوبة ، وهي ممنوعة. وعلى تقديرها فلعلّه لا ينفع في الأجنبي ؛ لزيادة إثمه وفحش فعله ، كذا قيل (٢) ، فتأمّل.

والتحقيق أن يقال : إنّ العمدة في ثبوت الأحكام المخالفة للأصل هو الإجماع ؛ لضعف الرواية ، وهو فيما نحن فيه مفقود ؛ للاختلاف ، والأولويّة لعلّها لا تجري فيما مستند أصله الإجماع ، فتأمّل. مضافاً إلى اختصاصها بالزناء ، فلا يعمّ الشبهة.

ولا ريب أنّ التعميم أحوط وأولى في التحريم ، بل والإنفاق ، وإن قيل بعدم لزومه ولو مع القول بسابقه ، كما عن الخلاف والسرائر في الزناء (٣).

وفي الأمة : الوجهان ، وأولى بالتحريم ، ويقوى الإشكال في الإنفاق لو أعتقها.

ولو أفضى الزوجة بعد التسع ، ففي تحريمها الوجهان ، أوجههما : العدم ؛ للصحيح المتقدّم (٤) كسابقه. وأولى بالعدم : إفضاء الأجنبي‌

__________________

(١) المتقدم في ص ٦٩.

(٢) قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٣٩.

(٣) حكاه عنهما في كشف اللثام ٢ : ٣٩ ، وهو في الخلاف ٥ : ٢٥٧ ، والسرائر ٢ : ٦٠٥.

(٤) في ص ٦٩.

٧١

كذلك (١).

وفي تعدّي الحكم في الإفضاء بغير الوطء وجهان ، أجودهما : العدم ؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل على المتيقّن ، وإن وجبت الدية في الجميع ، والله أعلم (٢).

__________________

(١) أي بعد التسع. منه رحمه‌الله.

(٢) لم يتعرض الشارح رحمه‌الله. لهذه العبارة من المختصر : ولم يُفْضِها لم يحرم على الأصحّ ؛ ولعلّه لم يكن موجوداً في النسخة الموجودة لديه ، والله أعلم.

٧٢

( الفصل الثاني ) :

( في أولياء العقد ) المتصرّفين فيه بدون إذن الزوج أو الزوجة‌

( لا ولاية في النكاح لغير الأب ، والجد للأب وإن علا ، والوصيّ ، والمولى ، والحاكم ) إجماعاً منّا فيما عدا الامّ وأبيها ؛ للأصل ، والنصوص الحاصرة لها في الأب خاصّة :

كالصحيح : « يستأمرها كلّ أحد ما عدا الأب » (١) ونحوه الموثّقان (٢).

ولا مخصّص معتبراً لها فيما عدا المذكورين.

مضافاً إلى النصوص في نفي الولاية عن الأخ والعمّ بالخصوص :

كالضعيف بسهل الذي ضعفه سهل في المشهور ، بل قيل بوثاقته (٣) ، فصحيح ـ : في رجل زوّج أُخته ، قال : « يؤامرها ، فإن سكتت فهو إقرارها ، وإن أبت لم يُزوِّجها » (٤) ونحوه الصحيح أو الحسن (٥).

__________________

(١) الكافي ٥ : ٣٩٣ / ٢ ، التهذيب ٧ : ٣٨٠ / ١٥٣٧ ، الإستبصار ٣ : ٢٣٥ / ٨٤٩ ، الوسائل ٢٠ : ٢٧٢ أبواب عقد النكاح ب ٤ ح ٣.

(٢) الأول في : الكافي ٥ : ٣٩٤ / ٥ ، الوسائل ٢٠ : ٢٦٩ أبواب عقد النكاح ب ٣ ح ٦. الثاني في : التهذيب ٧ : ٣٧٩ / ١٥٣٣ ، الإستبصار ٣ : ٢٣٥ / ٨٤٧ ، الوسائل ٢٠ : ٢٧٣ أبواب عقد النكاح ب ٤ ح ٥.

(٣) قال به الطوسي في رجاله : ٤١٦.

(٤) الكافي ٥ : ٣٩٣ / ٣ ، الفقيه ٣ : ٢٥١ / ١١٩٦ ، التهذيب ٧ : ٣٨٦ / ١٥٥٠ ، الإستبصار ٣ : ٢٣٩ / ٨٥٦ ، الوسائل ٢٠ : ٢٦٨ أبواب عقد النكاح ب ٣ ح ٣.

(٥) الكافي ٥ : ٣٩٦ / ١ ، التهذيب ٧ : ٣٨٦ / ١٥٥٢ ، الإستبصار ٣ : ٢٤٠ / ٨٥٩ ، الوسائل ٢٠ : ٢٨٠ أبواب عقد النكاح ب ٧ ح ٢.

٧٣

وما ربما يتوهّم منه ثبوت الولاية له كالخبرين (١) فمع ضعفه سنداً قاصرٌ دلالةً ؛ لاحتمال إرادة أولويّة عدم مخالفته ، مع احتماله الحمل على التقيّة ، فتأمّل.

والصحيح : في صبيّة زوّجها عمّها ، فلمّا كبرت أبت التزويج ، فكتب عليه‌السلام بخطّه : « لا تكره على ذلك ، والأمر أمرها » (٢).

وعلى الأشهر الأظهر في الأُمّ وأبيها ؛ للأصل ، والنصوص المتقدّمة ، بل عليه الإجماع في التذكرة (٣) ، وصرّح به بعض فضلاء الأصحاب أيضاً (٤).

والخبر : عن رجل زوّجته امّه وهو غائب ، قال : « النكاح جائز ، إن شاء المتزوّج قبل ، وإن شاء ترك » الحديث (٥).

ولعمومه الناشئ عن ترك الاستفصال من وقوع تزويجها حال البلوغ أو عدمه شاملٌ لمحلّ النزاع.

وإذا انتفى ولاية الأُمّ انتفى ولاية أبيها بطريق أولى ، مضافاً إلى عدم القول بالفصل.

__________________

(١) الأول : التهذيب ٧ : ٣٩٣ / ١٥٧٣ ، الوسائل ٢٠ : ٢٨٣ أبواب عقد النكاح ب ٨ ح ٤. الثاني : التهذيب ٧ : ٣٩٣ / ١٥٧٥ ، الإستبصار ٣ : ٢٤٠ / ٨٦٠ ، الوسائل ٢٠ : ٢٨٣ أبواب عقد النكاح ب ٨ ح ٦.

(٢) الكافي ٥ : ٣٩٣ / ٧ ، التهذيب ٧ : ٣٨٦ / ١٥٥١ ، الإستبصار ٣ : ٢٣٩ / ٨٥٧ ، الوسائل ٢٠ : ٢٧٦ أبواب عقد النكاح ب ٦ ح ٢.

(٣) التذكرة ٢ : ٥٨٦.

(٤) كالفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ١٥.

(٥) الكافي ٥ : ٤٠١ / ٢ ، التهذيب ٧ : ٣٧٦ / ١٥٢٣ ، الوسائل ٢٠ : ٢٨٠ أبواب عقد النكاح ب ٧ ح ٣.

٧٤

وقصور السند معتضد بالأصل ، والشهرة ، وعموم النصوص المتقدّمة.

ومفهوم الصحيحين في تزويج الصبي للصبيّة ـ : « إن كان أبواهما اللّذان زوّجاهما فنعم جائز » (١).

والخبر : عن الذي بيده عقدة النكاح ، قال : « هو الأب ، والأخ ، والرجل يوصى إليه ، والذي يجوز أمره في مال المرأة فيبتاع لها ويشتري ، فأيّ هؤلاء عفا جاز » (٢) فتأمّل.

ومنه يظهر الجواب عمّا دلّ على ولاية الجدّ بقول مطلق ، كالنصوص الدالّة على تقديمه على الأب (٣) بعد التعارض ، مضافاً إلى عدم تبادر جدّ الامّ منها ، سيّما مع مراعاة سياقها ، فتدبّر.

خلافاً للإسكافي (٤) ؛ لأمر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نعيم بن نجاح بأن يستأمر أُمّ ابنته في أمرها (٥) ، وهو مع ضعفه ليس نصّاً في الولاية كالخبر : « إذا كانت الجارية بين أبويها فليس لها مع أبويها أمر » (٦).

ألا ترى إلى الصحيح : « لا تستأمر الجارية إذا كانت بين أبويها ، ليس لها مع الأب أمر » وقال : « يستأمرها كلّ أحد ما عدا الأب » (٧).

__________________

(١) الأول : التهذيب ٧ : ٣٨٢ / ١٥٤٣ ، الإستبصار ٣ : ٢٣٦ / ٨٥٤ ، الوسائل ٢٠ : ٢٧٧ أبواب عقد النكاح ب ٦ ح ٨.

الثاني : التهذيب ٧ : ٣٨٨ / ١٥٥٦ ، الوسائل ٢٠ : ٢٩٢ أبواب عقد النكاح ب ١٢ ح ١.

(٢) التهذيب ٧ : ٣٩٣ / ١٥٧٣ ، الوسائل ٢٠ : ٢٨٣ أبواب عقد النكاح ب ٨ ح ٤.

(٣) الوسائل ٢٠ : ٢٨٩ أبواب عقد النكاح ب ١١.

(٤) كما حكاه عنه في المختلف : ٥٣٦.

(٥) مسند أحمد ٢ : ٩٧ وفيه : نعيم بن النحام.

(٦) التهذيب ٧ : ٣٨٠ / ١٥٣٦ ، الإستبصار ٣ : ٢٣٥ / ٨٤٨ ، الوسائل ٢٠ : ٢٨٤ أبواب عقد النكاح ب ٩ ح ٣.

(٧) الكافي ٥ : ٣٩٣ / ٢ ، التهذيب ٧ : ٣٨٠ / ١٥٣٧ ، الإستبصار ٣ : ٢٣٥ / ٨٤٩ ، الوسائل ٢٠ : ٢٧٣ أبواب عقد النكاح ب ٤ ح ٣.

٧٥

ولبعض العامّة في جميع من ذكر وغيرهم من ذوي الأنساب ، فأثبت الولاية لهم كما حكي (١).

( و ) أمّا ( ولاية الأب والجدّ ) فـ ( ثابتة على ) الصغير و ( الصغيرة ولو ذهبت بكارتها بزناء أو غيره ) إجماعاً في الأول ، وعلى الأشهر الأظهر في الثاني. خلافاً للعماني ، فلم يذكره (٢).

والمعتبرة المستفيضة المشتملة على الصحيح والموثّق وغيره في ترجيح الجدّ على الأب مع التعارض (٣) حجّة عليه ، ولاعتضادها بالشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً بل إجماع في الحقيقة كما في التذكرة وعن الناصريّات (٤) ، وعن السرائر : أنّه نفي الخلاف عنه (٥) ترجّحت على النصوص الحاصرة للولاية في الأب خاصّة (٦) ، فتُخصَّص بها بالبديهة ، سيّما مع قوّة احتمال إرادة الجدّ منه.

ثم إنّ الظاهر المتبادر من الجدّ في الأخبار ليس جدّ أُمّ الأب ، ولذا عن التذكرة : إنّ جدّ أُمّ الأب لا ولاية له مع جدّ الأب ، ومع انفراده نظر (٧). ولعلّ وجهه ما مرّ (٨).

وتعميم الصغيرة للباكرة والثيّبة مطلقاً (٩) مستندٌ إلى ظاهر الأخبار‌

__________________

(١) انظر كشف اللثام ٢ : ١٥.

(٢) كما حكاه عنه في المختلف : ٥٣٥.

(٣) الوسائل ٢٠ : ٢٨٩ أبواب عقد النكاح ب ١١.

(٤) التذكرة ٢ : ٥٨٧ ، الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ٢١١.

(٥) السرائر ٢ : ٥٦١.

(٦) الوسائل ٢٠ : ٢٧٥ أبواب عقد النكاح ب ٦.

(٧) التذكرة ٢ : ٥٨٧.

(٨) في ص ٧٤.

(٩) أي بزناء أو غيره. منه رحمه‌الله.

٧٦

المثبتة لولايتهما عليها وعلى الجارية (١) ، الشاملتين بإطلاقهما الأمرين ، وليس فيما دلّ من الأخبار على نفيها عنهما في الثيّب (٢) منافاةٌ لها ، بعد تبادر البالغة المنكوحة بالعقد الصحيح منها ، ولذا علّق النفي (٣) عليها في بعض الأخبار (٤).

( ولا يشترط في ولاية الجدّ بقاء الأب ) على الأظهر الأشهر ؛ لاستصحاب الولاية ، والصحيح : « إنّ الذي بيده عقدة النكاح وليّ أمرها » (٥) بعد الإجماع على ثبوت الولاية له فيما عدا محلّ البحث.

ويؤيّده كونه أقوى من الأب ؛ لتقديمه عليه بعد التعارض كما يأتي (٦) ، وأنّه له الولاية على الأب ، وفوت الأضعف لا يؤثّر في فوت الأقوى.

( وقيل ) وهو : الصدوق والشيخ والتقي وسلاّر وبنو جنيد وبرّاج وزهرة وحمزة (٧) ـ : ( يشترط ) عكس العامّة ؛ لاشتراطهم في ولايته فقده.

( وفي المستند ) وهو رواية الفضل بن عبد الملك ، عن مولانا‌

__________________

(١) الوسائل ٢٠ : ٢٧٥ أبواب عقد النكاح ب ٦.

(٢) الوسائل ٢٠ : ٢٦٧ أبواب عقد النكاح ب ٣.

(٣) أي نفي ولاية الأبوين. منه رحمه‌الله.

(٤) الكافي ٥ : ٣٩٢ / ٥ ، الوسائل ٢٠ : ٢٦٩ أبواب عقد النكاح ب ٣ ح ٤.

(٥) التهذيب ٧ : ٣٩٢ / ١٥٧٠ ، الوسائل ٢٠ : ٢٨٢ أبواب عقد النكاح ب ٨ ح ٢.

(٦) في ص ٨١.

(٧) الصدوق في الفقيه ٣ : ٢٥١ ، والهداية : ٦٨ ، الشيخ في الخلاف ٤ : ٢٦٥ ، والنهاية : ٤٦٦ ، التقي في الكافي : ٢٩٢ ، سلار في المراسم : ١٤٨ ، وحكاه عن ابن الجنيد في المختلف : ٥٣٥ ، ابن البراج في المهذب ٢ : ١٩٧ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٩ ، ابن حمزة في الوسيلة : ٢٩٩.

٧٧

الصادق عليه‌السلام قال : « إنّ الجدّ إذا زوّج ابنة ابنه ، وكان أبوها حيّاً ، وكان الجدّ مرضيّاً ، جاز » (١). ( ضعفٌ ) بحسب الدلالة ، وإن كان مفهوم الشرط حجّة ؛ لقوّة احتمال كون الوجه فيه التنبيه على الفرد الأخفى أعني عقد الجدّ مع وجود الأب ردّاً على العامّة ، كما عرفت.

مضافاً إلى عدم مقاومته للصحيح المتقدّم ، المعتضد بالشهرة ، والاستصحاب ، والمؤيّدات.

وفي تقييد الضعف بالدلالة تنبيهٌ على عدمه في السند ؛ إذ ليس فيه سوى جعفر بن محمّد بن سماعة ، والحسن بن محمّد بن سماعة ، وهما وإن كانا واقفيّين إلاّ أنّهما ثقتان ، كما نصّ عليه النجاشي وشيخنا العلاّمة في الخلاصة (٢) ، فيعدّ موثّقاً وليس بضعيف اصطلاحاً.

( ولا خيار للصبيّة مع البلوغ ) لو زوّجها الولي قبله إجماعاً ، حكاه جماعة (٣) ؛ للأصل ، والصحاح المستفيضة :

منها : عن الجارية الصغيرة يُزوّجها أبوها ، إلها أمر إذا بلغت؟ قال : « لا » (٤).

ومنها : إذا بلغت الجارية فلم ترض فما حالها؟ قال : « لا بأس إذا رضي أبوها أو وليّها » (٥).

__________________

(١) الكافي ٥ : ٣٩٦ / ٥ ، التهذيب ٧ : ٣٩١ / ١٥٦٤ ، الوسائل ٢٠ : ٢٩٠ أبواب عقد النكاح ب ١١ ح ٤.

(٢) رجال النجاشي : ١١٩ / ٣٠٥ ، ٤٠ / ٨٤ ، الخلاصة : ٢٠٩ ، ٢١٢.

(٣) منهم الشيخ في الخلاف ( ٤ : ٢٦٦ ) وابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية : ٦٠٩ ) منه رحمه‌الله.

(٤) الكافي ٥ : ٣٩٤ / ٦ ، التهذيب ٧ : ٣٨١ / ١٥٤٠ ، الإستبصار ٣ : ٢٣٦ / ٨٥١ ، الوسائل ٢٠ : ٢٧٦ أبواب عقد النكاح ب ٦ ح ٣.

(٥) التهذيب ٧ : ٣٨١ / ١٥٤٢ ، الإستبصار ٣ : ٢٣٦ / ٨٥٣ ، الوسائل ٢٠ : ٢٧٧ أبواب عقد النكاح ب ٦ ح ٧.

٧٨

ومنها : عن الصبيّة يُزوّجها أبوها ، ثم يموت وهي صغيرة ، ثم تكبر قبل أن يدخل بها زوجها ، أيجوز عليها التزويج ، أم الأمر إليها؟ قال : « يجوز عليها تزويج أبيها » (١).

ولا يعارضها ما يخالفها مع شذوذه.

( وفي الصبي قولان ، أظهرهما ) وأشهرهما ( أنّه كذلك ) لأصالة بقاء الصحّة ، والصحيح المرويّ في الكافي في باب تزويج الصبيان ، المتضمّن ذيله لقوله عليه‌السلام : « ويجوز عليها تزويج الأب ، ويجوز على الغلام ، والمهر على الأب للجارية » (٢).

ولا ينافيه صدره المثبت لهما الخيار بعد الإدراك مع تزويج الوليّ لهما لاحتمال الوليّ فيه المعنى العرفي أو العامّي ، فيكون ردّاً عليهم ، مع عدم القائل به لو حمل على الوليّ الشرعي ، فتأمّل.

ويؤيّده إطلاق ما دلّ على توارثهما مع تزويج الوليّ لهما قبل الإدراك ، المنافي ذلك لإلحاقه بالفضولي ، ففي الصحيح : الصبي يتزوّج الصبية ، يتوارثان؟ قال : « إذا كان أبواهما اللذان زوّجاهما فنعم » الحديث (٣) ، فتأمّل.

خلافاً للشيخ (٤) وجماعة (٥) ، فأثبتوا له الخيار بعد الإدراك ؛ للخبر‌

__________________

(١) الكافي ٥ : ٣٩٤ / ٩ ، الفقيه ٣ : ٢٥٠ / ١١٩١ ، التهذيب ٧ : ٣٨١ / ١٥٤١ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٦ / ٨٥٢ ، عيون الأخبار ٢ : ١٧ / ٤٤ ، الوسائل ٢٠ : ٢٧٥ أبواب عقد النكاح ب ٦ ح ١.

(٢) الكافي ٥ : ٤٠١ / ٤ ، الوسائل ٢٦ : ٢١٩ أبواب ميراث الأزواج ب ١١ ح ١.

(٣) التهذيب ٧ : ٣٨٨ / ١٥٥٦ ، الوسائل ٢٠ : ٢٩٢ أبواب عقد النكاح ب ١٢ ح ١.

(٤) النهاية : ٤٦٧.

(٥) منهم القاضي في المهذّب ٢ : ١٩٧ ، ابن حمزة في الوسيلة : ٣٠٠ ، الحلّي في السرائر ٢ : ٥٦٨.

٧٩

المُعدّ من الحسن ، وهو طويل ، في آخره : « إنّ الغلام إذا زوّجه أبوه ولم يدرك كان له الخيار إذا أدرك وبلغ خمس عشرة سنة ، أو يشعر في وجهه أو ينبت في عانته قبل ذلك » الحديث (١).

وهو مع ضعفه عند جمع (٢) بجهالة الراوي (٣) وإن عُدّ حسناً مشتملٌ على أحكام مخالفة للأصل والإجماع ، كاشتراط التجاوز عن التسع في ولاية الأب على الجارية ، وثبوت الخيار لها بعد الإدراك ، وصحّة طلاق الصبي مع الدخول وعدمه بدونه. ولا قائل بها كذلك ، فلا يعارَض بمثله الأدلّة المتقدّمة.

وأمّا ما في الصحيح : عن الصبي يتزوّج الصبيّة ، قال : « إذا كان أبواهما اللذان زوّجاهما فنعم جائز ، ولكن لهما الخيار إذا أدركا ، فإن رضيا بعد فإنّ المهر على الأب » الحديث (٤).

فلا قائل به ، ومثله لا يقبل التخصيص ؛ للنصوصيّة ، وليس إلاّ مثل : أكرم زيداً وعمرواً ، لا تكرم عمرواً. ولذا حمل على محامل أُخر غير بعيدة في مقام الجمع بين الأدلّة ؛ تفادياً من الطرح بالكلّية.

( ولو ) كان الجدّ والأب ( زوّجاها ) من رجلين واختلفا زماناً ( فالعقد للسابق ) منهما وإن كان أباً ، عَلما بعقد الآخر أم جهلا ، إجماعاً منّا كما عن السرائر والغنية وفي التذكرة (٥).

__________________

(١) التهذيب ٧ : ٣٨٢ / ١٥٤٤ ، الإستبصار ٣ : ٢٣٧ / ٨٥٥ ، الوسائل ٢٠ : ٢٧٨ أبواب عقد النكاح ب ٦ ح ٩.

(٢) منهم الشهيد الثاني في المسالك ١ : ٤٥٨ ، الفاضل الهندي ٢ : ٢١.

(٣) هو يزيد الكناسي. منه رحمه‌الله.

(٤) التهذيب ٧ : ٣٨٢ / ١٥٤٣ ، الإستبصار ٣ : ٢٣٦ / ٨٥٤ ، الوسائل ٢٠ : ٢٧٧ أبواب عقد النكاح ب ٦ ح ٨.

(٥) حكاه عن السرائر والغنية في كشف اللثام ٢ : ١٦ ، وهو في السرائر ٢ : ٥٦١ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٩ ، التذكرة ٢ : ٥٩٤.

٨٠