رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١١

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١١

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-273-3
الصفحات: ٥٠٤

الموجب لظهور السياق منطوقاً ومفهوماً في الحكم لخصوص التزويج نفياً وإثباتاً.

وفي وجوب قبول الأمة بعد تمام الصيغة أم العدم ، قولان ، ناشئان من اشتمال الصيغة على عقد النكاح المركّب شرعاً من الإيجاب والقبول ، ولا يمنع منه كونها حال الصيغة رقيقة ؛ لأنّها بمنزلة الحرّة حيث تصير حرّة بتمامه ، فرقّيّتها غير مستقرّة ، ولو لا ذلك امتنع تزويجها.

ومن أنّ مستند شرعيّة هذه الصيغة هو النقل المستفيض عنهم عليهم‌السلام ، وليس في شي‌ء منه ما يدلّ على اعتبار القبول ، ولو وقع لنُقِل ؛ لأنّه ممّا يعمّ به البلوى. وأنّ حِلَّ الوطء مملوك له ، فهو بمنزلة التزويج ، فإذا أعتقها على هذا الوجه كان في معنى استثناء بقاء الحلّ من مقتضيات العتق. وأنّ القبول إنّما يعتبر من الزوج لا من المرأة ، وإنّما وظيفتها الإيجاب ولم يقع منها.

وهذا أشهر وأقوى ، لا لما ذكر لتطرّق الوهن إلى جملتها ، كتطرّقه إلى الوجه للقول الذي مضى بل لما مضى من الصحيح الصريح في نفي مشيّتها واختيارها عن الزوجيّة (١) ، ولزومها بما ذكر في ذيلها من الصيغة ، سيّما على النسخة الأخيرة. ولو شرط القبول في الصحّة لانتفت بانتفائه ، فلم يكن النكاح بمجرّد تلك الصيغة واجباً ولازماً ، وهو خلاف نصّه.

نعم ، الأحوط ذلك ؛ لأصالة بقاء أحكام الأمتية ، وعدم ترتّب أحكام الزوجيّة ، وظاهر الموثّقة : عن رجل له [ زوجة و ] سريّة ، يبدو له أن يعتق سريّته ويتزوّجها ، قال : « إن شاء شرط عليها أنّ عتقها صداقها ، فإنّ ذلك‌

__________________

(١) راجع ص ٣٩٦.

٤٠١

حلال ، أو يشترط عليها إن شاء قسم لها ، وإن شاء لم يقسم ، وإن شاء فضّل الحرّة ، فإن رضيت بذلك فلا بأس » (١) فتأمّل.

ثم إنّ ظاهر إطلاق أكثر النصوص والفتاوي الاكتفاء في العتق الممهورة به بذكره في الصيغة بغير لفظ الإعتاق ، كقوله : جعلت عتقك صداقك ؛ وربما استدلّ له بالصحيح (٢). فإن قال : قد تزوّجتك وجعلت مهرك هذا الثوب ، فإنّها تملكه بتمام العقد ، من غير احتياج إلى صيغة تمليك ، فكذا إذا جعل مهراً ، فإنّها تملك نفسها ، ولا حاجة للعتق إلى صيغة أُخرى. وقولهم : تملك نفسها ، مجاز ، من حيث حصول غاية الملك ، فلا يرد عليه : أنّ الملك إضافة فلا بُدَّ فيها من تغاير المضافين بالذات.

خلافاً للمحكيّ عن ظاهر المفيد والحلبي ، فاعتبرا لفظ الإعتاق ونحوه من الألفاظ الصريحة في العتق (٣) ؛ لعدم وقوعه إلاّ بها. وهو أحوط.

وربما كان فيما قدّمناه من المعتبرة لتجويز تقديم لفظ العتق على التزويج (٤) عليه دلالة ؛ إذ مفهوم ما مضى من الحسن اشتراط ذكر لفظ الإعتاق في جواز الصيغة ونفوذ حكمها ، مضافاً إلى ظهور كثير من أخبار الباب فيه.

ففي الموثّق : « أيّما رجل شاء أن يعتق جاريته ويتزوّجها ويجعل‌

__________________

(١) الكافي ٥ : ٤٧٦ / ٥ ، الوسائل ٢١ : ١٠١ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ١٤ ح ١ ؛ وما بين المعقوفين من المصدر.

(٢) المتقدم في ص ٣٩٦.

(٣) حكاه عنهما في التنقيح ٣ : ١٥١ ، وجامع المقاصد ١٣ : ١٢١.

(٤) راجع ص ٣٩٧ ٣٩٨.

٤٠٢

صداقها عتقها فعل » (١).

وفي الخبر : « إن شاء الرجل أعتق وليدته وجعل عتقها مهرها » (٢).

وبهذه الظواهر مضافاً إلى الأصل يقيّد إطلاق ما مرّ من النصوص ، مع احتمال الاتّكال فيها والحوالة إلى الظهور ، وهو أحوط لو لم يكن أقوى.

وحيث كان الحكم في هذه الصورة مخالفاً للأُصول المقرّرة ، وجب الاقتصار فيها على القدر المتيقّن والمتبادر من النصوص الواردة فيها ، وليس إلاّ عتق الجميع ، فالتعدّي إلى عتق البعض للإطلاق ضعيف جدّاً.

( وأُمّ الولد ) للمولى ( رقّ ) إجماعاً ؛ للأصل ، وانتفاء ما يوجب العتق عليه أو على الولد ( و ) لكن ( إن كان ولدها باقياً ) تشبّثت بذيل الحرّية في الجملة.

( ولو مات ) الولد في حياة أبيه ( جاز بيعها ) لعودها إلى الرقّية المحضة.

( وتنعتق بموت المولى من نصيب ولدها ) : من نفسها إن وفى بها ، أو منها ومن غيرها من التركة إن كان مع عدم الوفاء ؛ لانعتاق المملوك له منها عليه كلاًّ أو بعضها ؛ لعموم ما دلّ على انعتاق الوالدين على الولد إذا ملكهما (٣). وأمّا انعتاق المتخلّف الزائد عن نصيبه منها من نصيبه من‌

__________________

(١) التهذيب ٨ : ٢٠١ / ٧٠٦ ، الإستبصار ٣ : ٢٠٩ / ٧٥٦ ، الوسائل ٢١ : ٩٧ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ١١ ح ٥.

(٢) التهذيب ٨ : ٢٠١ / ٧٠٨ ، الوسائل ٢١ : ٩٨ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ١١ ح ٧ ؛ بتفاوت يسير.

(٣) الوسائل ٢٣ : ١٨ أبواب العتق ب ٧.

٤٠٣

التركة فلعموم النصوص بانعتاقها من نصيب ولدها (١) ، الشامل لنصيبه منها ومن أصل التركة.

( ولو عجز النصيب ) له منها ومن أصل التركة عن فكّها كملاً ( سعت ) هي خاصّة في الأشهر ( في ) فكّ ( المتخلّف ) منها.

( ولا يلزم الولد ) شراؤه وفكّه من ماله من غير التركة ، خلافاً للمبسوط ، فأوجبه (٢).

ولا ( السعي ) في فكّه مع عدم المال ( على الأشبه ) الأشهر هنا وفي السابق ، خلافاً لابن حمزة هنا ، فأوجب السعي (٣).

ومستندهما غير واضح كما صرّح به جماعة (٤) ، مع مخالفتهما للأصل ، ولظواهر النصوص الحاكمة بانعتاقها عليه من نصيبه ، المشعرة باختصاص ذلك بالنصيب ، وإلاّ لعبّر بانعتاقها عليه من ماله ، فتدبّر.

مضافاً إلى صريح الخبر : « وإن كانت بين شركاء فقد عُتِقت من نصيب ولدها ، وتستسعى في بقيّة ثمنها » (٥).

نعم ، ذكر ابن المفلح بعد نسبة الأخير إليهما ـ : الرواية يونس بن يعقوب (٦). ولم أقف عليها ، ولا على ما يحتمل الدلالة عليه ، سوى الخبر‌

__________________

(١) انظر الوسائل ٢٣ : ١٧٥ أبواب الاستيلاد ب ٦.

(٢) المبسوط ٦ : ١٨٥.

(٣) الوسيلة : ٣٤٣.

(٤) منهم صاحب المدارك في نهاية المرام ١ : ٢٩٣ ، والسبزواري في الكفاية : ١٧٣ ، وصاحب الحدائق ٢٤ : ٢٦٩.

(٥) الكافي ٦ : ١٩٣ / ٦ ، التهذيب ٨ : ٢٣٩ / ٨٦٣ ، الوسائل ٢٣ : ١٧٣ أبواب الاستيلاد ب ٥ ح ٣.

(٦) وكذا قد استدل بها السيوري في تنقيح الرائع ٣ : ١٥٥ ، والظاهر أنّ المراد منها ما ذكره

٤٠٤

المشار إليه ؛ بناءً على احتمال تبديل التاء الاولى في : « تستسعى » بالياء ، لكنّه مضبوط كما ذكرنا من دون تبديل.

وتمام الكلام يأتي في بحث الاستيلاد إن شاء الله تعالى ؛ وإنّما ذكر ذلك هنا ليتفرّع عليه بعض ما سيجي‌ء (١) ، فإنّه من مسائل النكاح.

( وتباع مع وجود الولد في ثَمن رقبتها إذا لم يكن غيرها ) بلا خلاف عندنا مع وفاة المولى ، بل مطلقاً على الأظهر الأشهر بين أصحابنا.

لإطلاق الخبر : عن أُمّ الولد تباع في الدين؟ قال : « نعم في ثَمن رقبتها » (٢) وقصور السند بالشهرة انجبر.

وللصحيح : « أيّما رجل اشترى جارية ، فأولدها ، ثم لم يؤدّ ثمنها ، ولم يدع من المال ما يؤدّى عنه ، أُخذ ولدها منها وبيعت وأُدّي ثمنها » قلت : فيُبَعن فيما سوى ذلك من دين؟ قال : « لا » (٣).

وفي شموله لحياة المولى إشكال ؛ لظهور قوله فيه : « ولم يدع من المال ما يؤدّى عنه » في البيع بعد الموت ، فلا يتمّ الاستدلال به على الجواز مطلقاً ، ولذا قيل : إنّ القول بالمنع هنا لا يخلو عن قوّة وإن كان في غاية الندرة (٤).

وربما يمكن أن يوجّه بمنع انحصار وجه البيع والأداء عنه في‌

__________________

الصدوق في الفقيه ٣ : ٢٦١ / ٢٨ ، والشيخ في التهذيب ٧ : ٤٨٢ / ١٩٣٩ ، ولا يخلو عن وجه.

(١) من قوله : ولو اشترى الأمة نسيئة ، إلى آخره. منه رحمه‌الله.

(٢) الكافي ٦ : ١٩٢ / ٢ ، التهذيب ٨ : ٢٣٨ / ٨٥٩ ، الوسائل ١٨ : ٢٧٨ أبواب بيع الحيوان ب ٢٤ ح ٢.

(٣) الكافي ٦ : ١٩٣ / ٥ ، التهذيب ٨ : ٢٣٨ / ٨٦٢ ، الوسائل ١٨ : ٢٧٨ أبواب بيع الحيوان ب ٢٤ ح ١.

(٤) نهاية المرام ١ : ٢٩٤.

٤٠٥

الموت ؛ إذ غايته الدلالة على عدم مباشرته لهما ، والسبب فيه أعمّ منه ، فلعلّه الغيبة أو الممانعة والليّ عن أداء المال بالمرّة ، فيتولاّهما (١) حاكم الشرع البتّة ؛ وربما يؤيّد العموم سؤال الراوي عمّا سوى الثمن من الديون ، ولم يسأل عنه في حال حياة السيّد وأنّه هل تباع فيها كحال الموت أم لا ، وهو مشعر بفهمه العموم من الكلام ، بحيث يشمل حال الموت والحياة ، فتأمّل.

ويأتي تمام التحقيق فيه في بحثه بعون الله وتوفيقه.

( ولو اشترى الأمة نسيئة ، فأعتقها وتزوجها ، وجعل عتقها مهرها ، فحملت ، ثم مات ولم يترك ما يقوم بثمنها ، فالأشبه ) الأشهر سيّما بين المتأخّرين ( أنّ العتق لا يبطل ) وكذا التزويج ؛ لوقوعهما من أهلهما في محلّهما.

( ولا يرقّ الولد ) لنشوئه بين حرّين ، فيتبعهما إجماعاً.

( وقيل : ) هو الإسكافي والطوسي والقاضي (٢) ـ : ( تباع في ثمنها ، ويكون حملها كهيئتها ) في الرقيّة.

( لرواية هشام بن سالم ) الصحيحة ، المرويّة في الكافي وموضع من التهذيب عنه عن مولانا الصادق عليه‌السلام (٣) ، وفي موضع آخر منه عنه ، عن أبي بصير عنه عليه‌السلام (٤) ، فهي مضطربة عند مشهور الطائفة ، وفيها : عن رجل‌

__________________

(١) أي البيع والأداء. منه رحمه‌الله.

(٢) حكاه عن الإسكافي في التنقيح ٣ : ١٥٦ ، الطوسي في النهاية : ٤٩٨ ، القاضي في المهذب ٢ : ٢٤٨.

(٣) الكافي ٦ : ١٩٣ / ١ ، التهذيب ٨ : ٢٣١ / ٨٣٨ ، الوسائل ٢٣ : ٥٠ أبواب العتق ب ٢٥ ح ١.

(٤) التهذيب ٨ : ٢٠٢ / ٧١٤ ، الوسائل ٢١ : ١٩١ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٧١ ح ١.

٤٠٦

باع جارية بكراً إلى سنة ، فلمّا قبضها المشتري أعتقها من الغد ، وتزوّجها ، وجعل مهرها عتقها ، ثم مات بعد ذلك بشهر ، فقال عليه‌السلام : « إن كان للّذي اشتراها إلى سنة مال ، أو عقدة (١) تحيط بقضاء ما عليه من الدين في رقبتها ، كان عتقها ونكاحها جائزاً ، وإن لم يملك ما يحيط بقضاء ما عليه من الدين في رقبتها كان عتقه ونكاحه باطلاً ؛ لأنّه أعتق ما لا يملك ، وأرى أنّها رقّ لمولاها الأول » قيل له : فإن كان علقت من الذي أعتقها وتزوّجها ، ما حال الذي في بطنها؟ قال : « الذي في بطنها مع أُمّه كهيئتها ».

وهي وإن صحّت سندها إلاّ أنّ باضطرابها ومخالفتها الأُصول القطعيّة المجمع عليها ، المعتضدة بالشهرة هنا لا يجسر في تخصيصها بها ، وقد ورد في رواياتنا : أنّهم عليهم‌السلام أمرونا بعرض ما يرد علينا من أخبارهم بسائر أحكامهم ، ثم قبول ما وافقها وطرح ما خالفها (٢) ، والأمر هنا كذلك جدّاً ، ولذا تفادياً من طرحها تأوّلها جماعة من أصحابنا (٣) بتأويلات بعيدة جمعاً بينها وبين الأُصول المرعيّة لكن لا يلائم شي‌ء منها الرواية ، ولذا أنّ المصنّف تبعاً للحلّي (٤) أطرحها رأساً ، وتبعهما جماعة (٥).

( وأمّا البيع : فإذا بيعت ) الأمة ( ذات البعل ) حرّا كان أو عبداً ، كانا لمالك أو مالكين ، بالتشريك بينهما أو الانفراد ( تخيّر المشتري ) واحداً‌

__________________

(١) العقدة بالضم الضيعة والعقار. القاموس المحيط ١ : ٣٢٧.

(٢) الوسائل ٢٧ : ١٠٦ أبواب صفات القاضي ب ٩.

(٣) منهم الشهيد الثاني في المسالك ١ : ٥١٥ ، والسبزواري في الكفاية : ١٧٣ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٦٤.

(٤) السرائر ٢ : ٦٣٩ ، و ٣ : ١٤.

(٥) منهم الفاضل الآبي في كشف الرموز ٢ : ١٦٩ ، وصاحب المدارك في نهاية المرام ١ : ٢٩٧.

٤٠٧

كان أم متعدّداً ( في الإجازة ) إجازة النكاح السابق ( والفسخ ) مطلقاً كان البيع قبل الدخول أم بعده إجماعاً ، حكاه جماعة (١) ، وللصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة :

منها الصحيح : عن رجل يزوّج أمته من رجل حرّ أو عبد لقوم آخرين ، إله أن ينزعها منه؟ قال : « لا ، إلاّ أن يبيعها ، فإن باعها فشاء الذي اشتراها أن يفرّق بينهما فرّق بينهما » (٢).

( تخيّراً على الفور ) بلا خلاف في الظاهر ، وظاهرهم الإجماع عليه ؛ للخبر : « إذا بيعت الأمة ولها زوج ، فالذي اشتراها بالخيار ، فإن شاء فرّق بينهما ، وإن شاء تركها معه ، فإن هو تركها معه فليس له أن يفرّق بينهما بعد التراضي » (٣) ، فتأمّل.

ويؤيّده ما مرّ مراراً من النصوص في : أنّ سكوت الموالي بعد بلوغ تزويج العبد إليهم إجازة له (٤) ، فافهم.

إلاّ مع الجهل بالخيار ، فله ذلك بعد العلم على الفور بلا خلاف ؛ للأصل ، وعدم تبادر مثله من النصّ.

وفي إلحاق الجهل بالفوريّة به ، وجهان وقولان ، مقتضى الأصل (٥) : الأول ، وإطلاق النصّ مع ما قيل من لزوم الاقتصار فيما خالف الأصل‌

__________________

(١) منهم المحقّق الثاني في جامع المقاصد ١٣ : ١٤٠ ، وصاحب المدارك في نهاية المرام ١ : ٢٩٧ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٦٥.

(٢) التهذيب ٧ : ٣٣٩ / ١٣٨٨ ، الإستبصار ٣ : ٢٠٦ / ٧٤٥ ، الوسائل ٢١ : ١٨١ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٦٤ ح ٥.

(٣) الفقيه ٣ : ٣٥١ / ١٦٨٢ ، الوسائل ٢١ : ١٥٦ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٤٨ ح ١.

(٤) راجع ص ١٠٤.

(٥) أي أصالة بقاء الخيار. منه رحمه‌الله.

٤٠٨

على المتيقّن (١) ـ : الثاني ، إلاّ أنّ ثاني الوجهين له مضى ما فيه من أنّ الأصل الذي قدّمناه أخصّ منه. نعم ، التمسّك بإطلاق النصّ حسن إن حصل الجابر له هنا ، فتأمّل جدّاً.

( وكذا لو بيع العبد وتحته أمة ) فللمشتري الخيار في فسخ النكاح وإبقائه ، بلا خلاف كما حكي (٢) ؛ للصحيح : « طلاق الأمة بيعها أو بيع زوجها » (٣).

( و ) اختلفوا في ثبوت الحكم ( كذا ) لك لو كانت تحته حرّة ، فالحلّي (٤) وجماعة (٥) إلى العدم ؛ للأصل ، واختصاص المثبت للحكم بغير محلّ الفرض ، مع حرمة القياس.

و ( قيل ) كما عن الطوسي والقاضي وابن حمزة والعلاّمة (٦) ، بل حكى الشهرة عليه جماعة (٧) بثبوت الحكم كذلك ( لو كان تحته حرّة ؛ لرواية فيها ضعف ) منجبر بالشهرة : « إذا تزوّج المملوك حرّة فللمولى أن يفرّق بينهما ، فإن زوّجه المولى حرّة فله أن يفرّق بينهما » (٨) ، وليس‌

__________________

(١) قال به السبزواري في الكفاية : ١٧٤ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٦٥.

(٢) حكاه في الكفاية : ١٧٤ ، والحدائق ٢٤ : ٢٧٧.

(٣) الكافي ٥ : ٤٨٣ / ٤ ، التهذيب ٧ : ٣٣٧ / ١٣٨٢ ، الإستبصار ٣ : ٢٠٨ / ٧٥٢ ، الوسائل ٢١ : ١٥٤ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٤٧ ح ١.

(٤) السرائر ٢ : ٥٩٨.

(٥) كالفاضل المقداد في التنقيح الرائع ٣ : ١٦١ ، والشهيد الثاني في المسالك ١ : ٥١٧ ، وسبطه في نهاية المرام ١ : ٣٠٠.

(٦) حكاه عنهم في الإيضاح ٣ : ١٦٠ ، وهو في النهاية : ٤٧٧ ، والمهذّب ٢ : ٢١٩ ، والوسيلة : ٣٠٦ ، والمختلف : ٥٦٧.

(٧) منهم ابن فهد الحلّي في المهذب البارع ٣ : ٣٤٩ ، والسبزواري في الكفاية : ١٧٤ ، وصاحب الحدائق ٢٤ : ٢٧٨ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٦٥.

(٨) التهذيب ٧ : ٣٣٩ / ١٣٨٧ ، الوسائل ٢١ : ١٨١ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٦٤ ح ٤.

٤٠٩

التفريق بغير البيع إجماعاً ، فانحصر في البيع.

والأجود الاستدلال عليه بالتعليل في الخبرين :

في أحدهما المعتبر بوجود المجمع على تصحيح رواياته في سنده ، فلا يضرّه اشتراك راويه ـ : عن رجل اشترى جارية يطؤها فبلغه أنّ لها زوجاً ، قال : « يطؤها ، إنّ بيعها طلاقها ؛ وذلك أنّهما لا يقدران على شي‌ء من أمرهما إذا بيعا » (١).

وفي الثاني : عن امرأة حرّة تكون تحت المملوك فتشتريه ، هل يبطل نكاحه؟ قال : « نعم ؛ لأنّه عبد مملوك لا يقدر على شي‌ء » (٢).

مضافاً إلى إطلاق بعض الأخبار المنجبر قصور سنده بالاشتهار ـ : « وإن بيع العبد ، فإن شاء مولاه الذي اشتراه أن يصنع مثل الذي صنع صاحب الجارية فذلك [ له ] ، وإن سلّم فليس له أن يفرّق بينهما بعد ما سلّم » (٣).

ويؤيّد الإطلاق ويقرّبه إلى المطلوب تشبيه مشتري العبد بمشتري الجارية ، وأنّ له أن يصنع بنكاح العبد مطلقاً ما لمشتري الأمة مطلقاً أن يصنع بنكاحها ما شاء ، ولا خلاف في ثبوت الحكم فيها لو كانت تحت حرّ ، فينبغي إجراء الحكم هنا كذلك ، والاحتياط لا يترك.

ثم إنّ ظاهر الحكم بالخيار للمشتري في العبد والأمة إذا كان الآخر رقّاً يقتضي اختصاص الخيار بالمشتري ، فليس لمولى الآخر اعتراض مع‌

__________________

(١) الكافي ٥ : ٤٨٣ / ١ ، الوسائل ٢١ : ١٥٤ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٤٧ ح ٢.

(٢) الكافي ٥ : ٤٨٥ / ٤ ، التهذيب ٨ : ٢٠٥ / ٧٢٤ ، الوسائل ٢١ : ١٥٨ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٤٩ ح ٢.

(٣) الفقيه ٣ : ٣٥١ / ١٦٨٢ ، الوسائل ٢١ : ١٥٦ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٤٨ ح ١ ؛ وما بين المعقوفين من المصدر.

٤١٠

إجازة المشتري ، وهو أحد القولين في المسألة وأشهرهما وأظهرهما ؛ للأصل ، وانتفاء المخرج عنه ؛ لاختصاصه بالمشتري ، والإلحاق قياس لا نقول به.

خلافاً للطوسي والقاضي والمختلف (١). وهو ضعيف.

( ولو كانا ) أي المملوكان المزوّج أحدهما من الآخر ـ ( لمالك ) واحد ( فباعهما لاثنين ) بالتشريك أو الانفراد ( فلكلّ منهما الخيار ) بلا خلاف ؛ للإطلاق. فإن اتّفقا على الإبقاء لزم ، ولو فسخا أو أحدُهما انفسخ ؛ ووجهه واضح.

( وكذا لو باع ) المالك الواحد لهما ( أحدهما لم يثبت العقد ) ، بل متزلزل ( ما لم يرض ) بالنكاح ( كلّ واحد منهما ).

أمّا المشتري فواضح ؛ لإطلاق النصوص (٢).

وأمّا البائع فعُلِّل (٣) بإطلاقها بأنّ البيع طلاق ؛ إذ معناه : ثبوت التسلّط على فسخ العقد المتناول لهما.

وباشتراكهما في المعنى المقتضي لجواز الفسخ فإنّ المشتري كما يتضرّر بتزويج مملوكه لغير مملوكه كذلك البائع ، وحينئذٍ يتوقّف عقدهما على رضاء المتبايعين معاً.

وربما يضعّف الأول بمنع كون البيع طلاقاً بالمعنى المتقدّم مطلقاً ، بل ظاهر النصوص اختصاصه بالإضافة إلى المشتري ، ألا ترى إلى الحسن (٤)

__________________

(١) الطوسي في النهاية : ٤٧٩ ، القاضي في المهذب ٢ : ٢١٨ ، المختلف : ٥٦٨.

(٢) الوسائل ٢١ : ١٥٤ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٤٧.

(٣) انظر المسالك ١ : ٥١٧.

(٤) الكافي ٥ : ٤٨٣ / ٣ ، التهذيب ٨ : ١٩٩ / ٧٠٠ ، الإستبصار ٣ : ٢٠٨ / ٧٥١ ، الوسائل ٢١ : ١٥٤ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٤٧ ح ٤.

٤١١

المفرّع قوله عليه‌السلام : « فإن شاء المشتري فرّق بينهما ، وإن شاء تركهما على نكاحهما » على قوله : « من اشترى مملوكة لها زوج فإنّ بيعها طلاقها »؟!

والثاني : بأنّه استنباط من غير نصّ ، وهو قياس لا نقول به.

ويمكن المناقشة في الأول : بأنّ التفريع لا يوجب التخصيص ، فقد يكون أحد آثار المفرّع عليه ، فافهم.

والأجود الاستدلال على ذلك في مفروض (١) العبارة بأصالة بقاء الخيار للبائع ؛ إذ هو قبل بيع أحدهما كان له فسخ نكاحهما من دون طلاق إجماعاً ونصّاً كما يأتي (٢) فكذا بعده ؛ للأصل ، فعدم ثبوت الخيار يحتاج إلى دليل ؛ لمخالفته الأصل هنا.

نعم ، لو كان مالك الآخر الذي لم يُبَع غير البائع اتّجه القول بمنع الخيار ؛ لمخالفته الأصل ، فيحتاج ثبوته إلى دليل.

فظهر الفرق بين المقامين ، وهو ظاهر المتن وحكي عن جماعة (٣) ؛ ولعلّ وجهه ما ذكرنا إن لم يكن الاستناد إلى إطلاق النص ، وإلاّ فالوجه عدم الفرق وثبوت الخيار في المقامين ؛ التفاتاً إلى تخصيص الأصل المتقدّم به.

وكيف كان ، فالقول بثبوت الخيار للبائع المالك للآخر الذي لم يُبَع مشهورٌ ومتوجّه قطعاً ، بل القول بإطلاق الثبوت غير بعيد جدّاً.

ولو حصل منهما أولاد كانوا لمواليّ الأبوين على الأشهر الأظهر. خلافاً للقاضي ، فلمولى الأمّ خاصّة (٤). وهو ضعيف.

__________________

(١) وهو كون مالك الذي لم يُبَع هو البائع. منه رحمه‌الله.

(٢) في ص ٤١٧.

(٣) حكاه عنهم السبزواري في الكفاية : ١٧٤.

(٤) المهذب ٢ : ٢١٨.

٤١٢

( ويملك المولى ) للأمة ( المهر ) لها ( بالعقد ) لمقابلته للبضع المملوك له. ( فإن دخل الزوج استقرّ ، ولا يسقط لو باع ) بعده مطلقاً أجاز المشتري أم لا لاستقراره به في الحرّة والأمة لحصول مقصود المعاوضة ، حتى لو طلّق الزوج والحال هذه لم يسقط منه شي‌ء بلا خلاف ، فعدم السقوط بالبيع أولى ، ولا خلاف فيه كالسابق على الظاهر.

والوجه واضح في النكاح الدائم ، ويشكل في المنقطع ؛ لتوزّع المهر على البضع ، وتوقّف استحقاقها أو المولى منه على استيفاء القدر المقابل له ، ومقتضاه كونه بإزاء البضع شيئاً فشيئاً ، فاستحقاق المولى تمام المهر لا وجه له مطلقاً مع عدم استيفاء البضع بفسخ المشتري أو معه بعدمه وإمضائه ، بل ينبغي أن لا يكون له إلاّ ما قابل البضع المستوفى في ملكه ، وأمّا الباقي فينبغي أن لا يستحقّه أحد أصلاً على الأول (١) ، أو يأخذه المشتري خاصّة على الثاني (٢). ولعلّ مرادهم الدائم ، فتأمّل.

( أمّا لو باع قبل الدخول ، سقط ) المهر إن لم يجز المشتري ؛ لأنّه بمنزلة الفسخ وقد جاء من قبل المستحقّ له وهو المولى فلا شي‌ء له منه قطعاً ، قبض منه شيئاً أم لا. ويستردّه منه الزوج على الأول في المشهور بين الأصحاب.

خلافاً للمحكيّ عن المبسوط ، حيث أطلق أنّه إن قبض المهر كان له النصف وردّ النصف (٣) ؛ لأنّ البيع طلاق كما في النصوص (٤) ، وهو موجب‌

__________________

(١) أي مع فسخ المشتري. منه رحمه‌الله.

(٢) أي عدم فسخه وإمضائه. منه رحمه‌الله.

(٣) المبسوط ٤ : ١٩٨.

(٤) الوسائل ٢١ : ١٥٤ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٤٧.

٤١٣

للتنصيف قبل الدخول.

وربما يضعف بمجازيّة إطلاق الطلاق على البيع ، وهو أعمّ من الحقيقة ، والأصل المجازيّة ؛ لضعف الاشتراك ، فإطلاقه عليه استعارة أو تشبيه يقتضيان الشركة مع المستعار منه أو المشبّه به فيما هو المتبادر من أحكامهما ، وليس التنصيف بمتبادر منها في سياق النصوص جدّاً ، بل الظاهر من سياقها ثبوت أصل التفريق وتزلزل النكاح به ، ولذا فرّع عليه في بعضها ثبوت الخيار للمشتري ، فتأمّل جدّاً.

مع أنّه لا قائل بكونه كالطلاق في أحكامه ، بل مجمع على فساده ؛ لاتّفاقهم على عدم اشتراطه بشرائطه وتعلّق باقي أحكامه به ، فعموم المنزلة لو سلّم هنا لكان موهوناً بخروج الأكثر ، المانع عن العمل به على الأصحّ الأشهر.

( وإن أجاز المشتري كان المهر له ) في الأشهر بين متأخّري الأصحاب ؛ ( لأنّ الإجازة كالعقد ) المستأنف ؛ لانقطاع العقد الأول بالبيع ؛ لأنّه طلاق كما مرّ.

وفيه ما مرّ ؛ مع أنّ ظاهر النصوص صحّة الأول بالإجازة ، مضافاً إلى أنّ اللازم من هذا تنصيف المهر بالبيع كالطلاق كما عن المبسوط (١) لا سقوط الجميع عن البائع وثبوته للمشتري خاصّة.

وعُلِّل أيضاً بانتقال البضع إلى المشتري وتعذّر تسليمه على البائع ، فانتفى العوض من قبله ، وإذا انتفى العوض من قبله وجب أن يسقط استحقاقه له ، ويصير للثاني مع الإجازة ؛ لصيرورة العوض حقّا له (٢).

__________________

(١) المبسوط ٤ : ١٩٨.

(٢) انظر جامع المقاصد ١٣ : ١٤٦.

٤١٤

ويضعّف بأنّ انتفاء العوض إنّما يتحقّق بفسخ المشتري ، ومعه لا ريب في سقوطه ونفي استحقاقه عنه ؛ لمجي‌ء الفرقة من قبله. وأمّا مع عدمه وإمضائه وتسليمه للمعوّض بالفعل فلا.

قيل : ويحتمل قويّاً القول بكون المهر للأول مع إجازة الثاني ؛ لدخوله في ملكه بالعقد ، والإجازة تقرير له ، وليست عقداً مستأنفاً ؛ ويؤيّده الأصل واتّفاق الأصحاب ظاهراً وقد حكاه جماعة على أنّ الأمة المزوّجة إذا أُعتقت قبل الدخول فأجازت العقد يكون المهر للسيّد ، والحكم في إجازة الأمة بعد العتق أو إجازة المشتري واحد. وربما فُرِّق بينهما بأن البيع معاوضة يقتضي تمليك المنافع تبعاً للعين ، فتصير منافع البضع مملوكة للمشتري. بخلاف العتق ، فإنّه لا يقتضي تمليكاً ، وإنّما هو فك ملك ، ففي الأمة المعتقة تكون المنافع كالمستثناة للسيّد ، وفي البيع ينتقل إلى المشتري. وفي الفرق نظر يعلم ممّا قرّرناه (١).

وفي المسألة أقوال أُخر ضعيفة ، والاحتياط لا يترك فيها البتّة.

( وأمّا الطلاق : فإذا كانت زوجة العبد ) التي تزوّجها بإذن سيّده ابتداءً أو استدامةً ( حرّة أو أمة لغير مولاه ، فالطلاق بيده ، وليس لمولاه إجباره ) عليه على الأشهر الأظهر.

للنبوي العامّ : « الطلاق بيد من أخذ بالساق » (٢).

وللمعتبرة المستفيضة ، منها الصحيح : عن الرجل يأذن لعبده أن يتزوّج الحرّة أو أمة قوم ، الطلاق إلى السيد أو إلى العبد؟ قال : « الطلاق إلى‌

__________________

(١) قال به صاحب المدارك في نهاية المرام ١ : ٣٠٣.

(٢) سنن البيهقي ٧ : ٣٦٠ ؛ وانظر درر اللئلئ ٢ : ٢ ، المستدرك ١٥ : ٣٠٦ أبواب مقدمات الطلاق ب ٢٥ ح ٣.

٤١٥

العبد » (١).

ونحوه الصحيحان المرويّان عن كتاب عليّ بن جعفر (٢).

ونحوها الموثّقات الثلاث (٣) وغيرها (٤) ، المعتضدة بالشهرة العظيمة وصراحة الدلالة.

وليست مخالفةً للكتاب ( عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ‌ءٍ ) (٥) فقد ورد في بعض الأخبار أنّه في طلاق العبد أمة مولاه التي زوّجها إيّاه ، ففيه : عن العبد هل يجوز طلاقه؟ فقال : « إن كانت أمتك فلا ؛ إنّ الله عزّ وجلّ يقول ( عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ‌ءٍ ) ، وإن كانت أمة قوم آخرين أو حرّة جاز طلاقه » (٦).

وليس في سنده سوى المفضّل بن صالح ، وقد روى عنه ابن فضّال المجمع على تصحيح رواياته ، فيُجبر به مضافاً إلى الشهرة ضعفه ، وهو مع ذلك ظاهر في المدّعى ، بل صريح فيه ، بعد ضمّ الإجماع إليه ؛ بناءً على دلالته على جواز طلاق العبد ، وهو ملازم لعدم جوازه من المولى ؛ لعدم القول بالتشريك بينهما ؛ إذ الأقوال في المسألة ثلاثة :

أحدهما : ما مرّ ، وهو المشتهر بين الطائفة.

والثاني : عدم اختياره أصلاً ، وثبوته للمولى خاصّة ، كما عن‌

__________________

(١) الكافي ٦ : ١٦٨ / ٣ ، الوسائل ٢٢ : ٩٩ أبواب مقدمات الطلاق ب ٤٣ ح ٣.

(٢) مسائل علي بن جعفر : ١٩٦ ١٩٧ / ٤١٧ ، ٤١٩ ، الوسائل ٢١ : ١٥٧ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٤٨ ح ٢.

(٣) انظر الوسائل ٢٢ : ٩٨ أبواب مقدمات الطلاق ب ٤٣.

(٤) انظر الوسائل ٢٢ : ٩٨ أبواب مقدمات الطلاق ب ٤٣.

(٥) النحل : ٧٥.

(٦) الكافي ٦ : ١٦٨ / ٢ ، التهذيب ٧ : ٣٤٨ / ١٤٢٣ ، الإستبصار ٣ : ٢١٦ / ٧٨٥ ، الوسائل ٢٢ : ٩٩ أبواب مقدمات الطلاق ب ٤٣ ح ٢.

٤١٦

الإسكافي والعماني (١).

للصحاح المستفيضة ، منها : « المملوك لا يجوز طلاقه ولا نكاحه إلاّ بإذن سيّده » قلت : فإنّ السيّد كان زوّجه ، بيد مَن الطلاق؟ قال : « بيد السيّد ( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ‌ءٍ ) (٢).

وليست ناصّة في المطلوب ، بل غايتها العموم المحتمل لأن يراد منه طلاقه لأمة مولاه ، ولا خلاف فيه كما سيأتي ، بخلاف ما مرّ ، فإنّها ناصّة بالتفصيل. ومقتضى الأُصول المسلّمة بناءً على حصول التكافؤ بينهما ؛ لاعتضاد الأولة بالكثرة والشهرة العظيمة الجمع بينهما بالتخصيص ، وصحّة السند مشترك بينهما وإن تُوهِّم عدم وجود صحيح في الأولة (٣) ، ومع ذلك فالشهرة العظيمة لا يقاومها شي‌ء من المرجّحات المنصوصة والاعتباريّة ، إلاّ على الندرة ، فلا يعارضها ظاهر الآية ؛ مع ما عرفت ممّا ورد في تفسيرها من الرواية المعتبرة الصريحة في المراد منها.

وليس في المرويّ في تفسير العيّاشي بسنده فيه عن الحسين بن زيد ، أنّ عليّ بن جعفر بن محمّد بن عليّ عليهم‌السلام قال : كان علي بن أبي طالب عليه‌السلام يقول : « (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً ) الآية ، يقول : للعبد لا طلاق ولا نكاح ، ذلك إلى سيّده ، والناس يروون خلاف ذلك إذا أذن السيّد لعبده ، لا يرون له أنّ يفرّق بينهما » (٤).

__________________

(١) حكاه عنهما في المختلف : ٥٦٩ ، والتنقيح الرائع ٣ : ١٦٤.

(٢) الفقيه ٣ : ٣٥٠ / ١٦٧٣ ، التهذيب ٧ : ٣٤٧ / ١٤١٩ ، الإستبصار ٣ : ٢١٤ / ٧٨٠ ، الوسائل ٢٢ : ١٠١ أبواب مقدمات الطلاق ب ٤٥ ح ١.

(٣) انظر المسالك ١ : ٥١٨.

(٤) تفسير العياشي ٢ : ٢٦٦ / ٥٤ وفيه : عن الحسين بن زيد بن علي ، عن جعفر بن

٤١٧

دلالة على شمول الآية لطلاق العبد زوجته التي ليست أمة مولاه ، بل هو مطلق يحتمل التقييد بغيره ، كما أفصح عنه الخبر المتقدّم ، ومعه لا دلالة على كون اختيار الطلاق إلى العبد مطلقاً مذهب العامّة ؛ لاحتمال اختصاصه بالصورة المتّفق عليها بيننا ، وهي التي استند عليه‌السلام فيها إلى الآية المخصَّصة بها فيما قدّمناه من الخبر. وأخبارهم عليهم‌السلام يكشف بعضها عن بعض ، فتأمّل.

وعلى التسليم ، فلا يعارض الشهرة المخالفة للتقيّة إن تمّت إذ لم يذكرها أحد ، سوى نادر من الأجلّة (١) ؛ لتوهّمه إيّاها من الرواية المتقدّمة بناءً على رجحان الموافقة للشهرة عليها ؛ لثبوت اعتبارها بالنصّ والاعتبار ، دون مخالفة التقيّة ؛ لاختصاص المثبت لاعتبارها في الأول ، وبعد تعارض معتبرهما منه والتساقط يبقى الاعتبار المثبت لها سليماً عن المعارض. وتمام التحقيق موكول إلى محلّه.

ومع ذلك ، ما عدا الصحيح المتقدّم منها غير واضحة الدلالة ؛ إذ قصاراها الحكم بتوقّف طلاق العبد على إذن السيّد ، لا أنّ طلاقه بيده ، وربما جمع بين الأخبار بذلك ، فقيل بوجوب استئذان العبد مولاه في الطلاق (٢).

وهو مع أنّه يأباه بعض النصوص إحداث قول ، ولعلّه أحوط.

فإذاً القول بذلك ضعيف كضعف الثالث المحكيّ عن الحلبي ، من الموافقة للمشهور في إثبات الطلاق للعبد ، والمخالفة لهم في عدم تجويز‌

__________________

محمّد ، عن أبيه عليهم‌السلام ، قال .. ، المستدرك ١٥ : ١٥ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ١٧ ح ٣ ، وفيه : عن الحسين بن زيد بن علي ، عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام ، قال ..

(١) انظر الحدائق ٢٤ : ٢٩٤.

(٢) قال به السبزواري في الكفاية : ١٧٤.

٤١٨

إجبار السيّد له فيه ؛ حيث جوّز ذلك مستنداً إلى لزوم الإطاعة (١).

والكلّية ممنوعة ، وإلاّ لانتقضت بطلاق الولد لو أمره أحد أبويه ، ولم يقل به أحد ، ومع ذلك تردّه النصوص المتقدّمة ، سيّما الخبر بل الحسن كما قيل (٢) ـ : « إنّ علياً عليه‌السلام أتاه رجل بعبده ، فقال : إنّ عبدي تزوّج بغير إذني ، فقال عليّ عليه‌السلام لسيّده : فرّق بينهما ، فقال السيّد لعبده : يا عدوّ الله طلّق ، فقال عليّ عليه‌السلام : كيف قلت له؟ قال : قلت : طلّق ، فقال عليّ عليه‌السلام للعبد : الآن فإن شئت فطلّق ، وإن شئت فأمسك » الخبر (٣).

ألا ترى إلى إثباته عليه‌السلام المشيّة له في الطلاق بعد أمر السيّد له بذلك؟! ولو صحّ الإجبار ووجب كما ادّعاه لكان اللاّزم إيجاب الطلاق عليه ، لا تخييره فيه.

( ولو كانت ) زوجة العبد ( أمة لمولاه ) المزوّج إيّاها منه ( كان التفريق إلى المولى ) إجماعاً حكاه جماعة (٤) للنصوص المستفيضة مضافاً إلى ما مر.

منها الصحيح : عن قول الله عزّ وجلّ ( وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) (٥) قال : « هو أن يأمر الرجل عبده وتحته أمته ، فيقول : اعتزل امرأتك ولا تقربها ، ثم يحبسها عنه حتى تحيض ، ثم يمسّها ، فإذا‌

__________________

(١) حكاه عنه في المختلف : ٥٦٩ ، وهو في الكافي : ٢٩٧.

(٢) قال به العلاّمة في المختلف : ٥٦٩.

(٣) التهذيب ٧ : ٣٥٢ / ١٤٣٣ ، الوسائل ٢١ : ١١٨ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٢٧ ح ١ ؛ بتفاوت يسير.

(٤) منهم صاحب المدارك في نهارية المرام ١ : ٣٠٧ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ٢ : ٣١٠ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٦٦.

(٥) النساء : ٢٤.

٤١٩

حاضت بعد مسّه إيّاها ردّها عليه بغير نكاح » (١).

والحسين : « إذا زوّج الرجل عبده أمته ثم اشتهاها ، قال له : اعتزلها ، فإذا طمثت وطِئها ، ثم يردّها عليه إن شاء » (٢).

( و ) يستفاد منها سيّما الخبرين المذكورين وكذا من الأصحاب حتى القائلين بكون تزويجه نكاحاً أنّه ( لا يشترط ) في الفراق ( لفظ الطلاق ) بل يكفي فيه كلّ ما دلّ عليه من الأمر بالاعتزال والافتراق.

وهو على ما اخترناه فيما مضى من أنّ تزويج السيّد عبده أمته ليس عقداً ، بل هو إمّا إباحة محضة يكتفى فيها بكلّ لفظ دلّ عليها ، كما عن الحلّي (٣) ؛ أو لا بدّ فيها من صيغة مضى إليها الإشارة في النصوص المتقدّمة (٤) ، كما اختاره العلاّمة (٥) وجماعة (٦) واضح ؛ لارتفاع الإباحة بكلّ لفظ دالّ على الرجوع عنها.

وأمّا على القول بكونه عقداً ، فلأنّ مقتضى النصوص كون رفع هذا العقد بيد المولى ، فلا يقدح في ارتفاعه بغير الطلاق ، كما يرتفع النكاح بالفسخ ونحوه في مواضع كثيرة.

ولو أتى بلفظ الطلاق انفسخ النكاح ؛ لدلالته على إرادة التفريق‌

__________________

(١) الكافي ٥ : ٤٨١ / ٢ ، التهذيب ٧ : ٣٤٦ / ١٤١٧ ، الوسائل ٢١ : ١٤٩ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٤٥ ح ١.

(٢) الكافي ٥ : ٤٨١ / ١ ، الوسائل ٢١ : ١٤٩ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٤٥ ح ٢.

(٣) السرائر ٢ : ٦٠٠.

(٤) راجع ص ٣٨٨.

(٥) لم نعثر عليه كما أشرنا إليه في ص ٣٨٩.

(٦) منهم المحقق والشهيد الثانيان في جامع المقاصد ١٣ : ٨٧ والمسالك ١ : ٥١٩ ، وصاحب الحدائق ٢٤ : ٢٩٥.

٤٢٠