رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١١

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١١

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-273-3
الصفحات: ٥٠٤

النهاية عنها في المبسوط فينبغي طرحها ، أو حملها على صورة اشتراط ذلك في ضمن العقد ؛ إذ لا ريب في ثبوت الفسخ حينئذ ؛ بناءً على استلزام انتفاء الشرط انتفاء المشروط ، وقد صرّح بذلك جماعة (١) ، وحكي عن فخر المحقّقين (٢).

وهذا أجود من حملها على ظهوره من أدنى القبائل التي انتمى إليها ؛ لعدم الدليل عليه ، بل قيام الدليل على خلافه ، ولا يترك الاحتياط على حال.

وعلى القول بالرواية ، ينبغي الاقتصار عليها ، فلا يتعدّى إلى الزوج إذا انتسبت الزوجة إلى قبيلة ليست منها ، ولا إلى الانتساب إلى الصنعة وغيرها ممّا خرج عن مورد الرواية ؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل على المتيقّن ، والتفاتاً إلى بطلان القياس.

خلافاً للإسكافي (٣) ؛ ولعلّه بناءً على أصله من حجّيته ، إلاّ أنّه محكيّ عن ابن حمزة (٤) ، ومستنده غير واضح.

( الثالثة : إذا تزوّج امرأة ، ثم علم أنها كانت زنت ) قبل العقد ( فليس له الفسخ ، ولا الرجوع على الوليّ بالمهر ) اختاره المتأخّرون ، كما في المسالك (٥) ؛ للأصل فيهما ، والنصوص الحاصرة عيوب الردّ فيما عدا الزناء‌

__________________

(١) منهم الشهيد الثاني في المسالك ١ : ٤٩٨ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٢١.

(٢) إيضاح الفوائد ٣ : ١٩٢.

(٣) على ما حكاه عنه في المختلف : ٥٥٥.

(٤) حكاه عنه في المختلف : ٥٥٥ ، وهو في الوسيلة : ٣١١.

(٥) المسالك ١ : ٥٢٧.

٣٠١

كالصحيح : « إنّما يردّ النكاح من البرص والجذام والجنون والعَفَل » (١).

وخصوص المعتبر : عن المحدود والمحدودة ، هل يردّ من النكاح؟ قال : « لا » (٢).

وليس في سنده سوى سهل الثقة عند جمع (٣) ، وضعفه سهل عند الآخرين (٤) ، ومعتضد بالشهرة ، مع أنّه مرويّ صحيحاً عن كتاب الحسين بن سعيد (٥).

خلافاً للمقنع في الأوّل (٦) ، فأوجب الفسخ ونفى الصداق (٧).

للخبرين ، أحدهما الموثّق : عن رجل تزوّج امرأة ، فلم يدخل بها ، فزنت ، قال : « يفرّق ، وتحدّ الحدّ » (٨).

وليس في سند الآخر سوى السكوني ، وهو ثقة عند بعض (٩) ، قال‌

__________________

(١) المتقدم في ص ٢٩٨.

(٢) الكافي ٥ : ٤٠٧ / ٩ ، التهذيب ٧ : ٤٢٤ / ١٦٩٧ ، الإستبصار ٣ : ٢٤٥ / ٨٧٨ ، الوسائل ٢١ : ٢١٧ أبواب العيوب والتدليس ب ٥ ح ٢.

(٣) رجال الطوسي : ٤١٦ ، الوسائل ٣٠ : ٣٨٩.

(٤) رجال النجاشي : ١٨٥ / ٤٩٠ ، الفهرست : ٨٠ / ٣٢٩ ، رجال ابن داود : ٢٤٩ / ٢٢٩ ، رجال المجلسي : ٢٢٤.

(٥) البحار ١٠٠ : ٣٦٥ / ٢٢.

(٦) وهو عدم ثبوت الخيار. منه رحمه‌الله.

(٧) المقنع : ١٠٩.

(٨) الفقيه ٣ : ٢٦٣ / ١٢٥٤ ، التهذيب ٧ : ٤٩٠ / ١٩٦٩ ، الوسائل ٢١ : ٢١٨ أبواب العيوب والتدليس ب ٦ ح ٢ ؛ وفيها : « .. قال : يفرّق بينهما وتحدّ الحد ولا صداق لها ».

(٩) انظر عدة الأُصول : ٣٨٠.

٣٠٢

« يفرّق بينهما ، ولا صداق لها ؛ لأنّ الحدث كان من قبلها » (١).

ولكنّهما لا تقاومان ما مرّ سنداً ، وعدداً ، واعتباراً ، واعتضاداً بالأصل والشهرة ، مع قصورهما عن المدّعى. إلاّ أن يستدلّ بهما عليه بالفحوى ، مع أنّ ظاهر الثاني التقييد بقبل الدخول ، الظاهر في اللزوم بعده ، وعبارته المنقولة في ثبوت الفسخ مطلقة ، ومع ذلك ظاهرهما لزوم التفريق المنافي لما مرّ من النصوص المعتبرة بجواز إمساك الزوجة المصرّة بالزناء (٢).

ووافقه المفيد (٣) وجماعة (٤) في المحدودة خاصّة.

وتردّه صريحاً المعتبرة المتقدّمة ، مع عدم الدليل عليه بالمرّة ، سوى ما قيل من اشتماله على العار فكان موجباً للفسخ (٥). وهو مع جريانه في غير المحدودة مطلقاً ، أو في الجملة ، كما إذا كانت بالزناء مشهورة مضعّفٌ بارتفاع العار بالطلاق.

وللشيخ والحلّي في الثاني (٦) ، فجوّزا الرجوع بالمهر على الولي مطلقاً (٧) ، كما عن ظاهر الأول ، ويستفاد من الخبر القاصر السند بالاشتراك ، الذي أشار إليه المصنّف بقوله : ( وفي رواية : « لها الصداق بما استحلّ من )

__________________

(١) الكافي ٥ : ٥٦٦ / ٤٥ ، الفقيه ٣ : ٢٦٣ / ١٢٥٣ ، التهذيب ٧ : ٤٩٠ / ١٩٦٨ ، علل الشرائع : ٥٠٢ / ١ ، الوسائل ٢١ : ٢١٨ أبواب العيوب والتدليس ب ٦ ح ٣.

(٢) راجع ص ١٨٩ ١٩٠.

(٣) المقنعة : ٥٠٤.

(٤) منهم المحقق في الشرائع ٢ : ٢٩٢ ، والعلاّمة في القواعد ٢ : ١٥ ، والشهيد الثاني في الروضة ٥ : ٢٠٢.

(٥) قال به صاحب الحدائق ٢٤ : ٣٦٧.

(٦) وهو عدم الرجوع بالمهر على الولي. منه رحمه‌الله.

(٧) الشيخ في النهاية : ٤٨٦ ، الحلّي في السرائر ٢ : ٦١٣.

٣٠٣

فرجها » ويرجع به على الوليّ « وإن شاء تركها » ) (١).

نعم رواها الكليني (٢) وحسين بن سعيد في كتابه (٣) صحيحاً.

إلاّ أنّه ينبغي تقييده وفاقاً للثاني بعلم الولي بالزناء ؛ للصحيح : عن المرأة تلد من الزناء ، ولا يعلم بذلك أحد إلاّ وليّها ، أيصحّ له أن يزوّجها ويسكت على ذلك إذا كان قد رأى منها توبةً ومعروفاً؟ فقال : « إن لم يذكر ذلك لزوجها ، ثم علم بذلك ، فشاء أن يأخذ صداقها من وليّها بما دلّس عليه ، كان له ذلك على وليّها ، وكان الصداق الذي أخذت لها ، لا سبيل له عليها فيه بما استحلّ من فرجها ، وإن شاء زوجها أن يمسكها فلا بأس » (٤).

والتقييد مستفاد من تعليق الحكم فيه على التدليس ، المشعر بالتعليل.

مضافاً إلى إطلاق الصحيح النافي للضمان عن الولي مع جهله بالعيب ـ : في رجل ولّته امرأة أمرها ، أو ذات قرابة ، أو جارة له ، لا يعرف دخيلة أمرها ، فوجدها قد دلّست عيباً هو بها ، قال : « يؤخذ المهر منها ، ولا يكون على الذي زوّجها شي‌ء » (٥).

وفي المعتبر : « في امرأة زوّجها وليّها وهي برصاء ، أنّ لها المهر بما استحلّ من فرجها ، وأنّ المهر على الذي زوّجها ؛ وإنّما صار المهر عليه لأنّه دلّسها ، ولو أنّ رجلاً تزوّج امرأة ، وزوّجها رجل لا يعرف دخيلة أمرها ،

__________________

(١) التهذيب ٧ : ٤٢٥ / ١٦٩٨ ، الوسائل ٢١ : ٢١٩ أبواب العيوب والتدليس ٦ ح ٤.

(٢) الكافي ٥ : ٣٥٥ / ٤.

(٣) البحار ١٠٠ : ٣٦٥ / ٢٣.

(٤) الكافي ٥ : ٤٠٨ / ١٥ ، الوسائل ٢١ : ٢١٧ أبواب العيوب والتدليس ب ٦ ح ١ ؛ بتفاوت يسير.

(٥) الكافي ٥ : ٤٠٧ / ١٠ ، الفقيه ٣ : ٥٠ / ١٧١ ، الوسائل ٢١ : ٢١٢ أبواب العيوب والتدليس ب ٢ ح ٤.

٣٠٤

لم يكن عليه شي‌ء ، وكان المهر يأخذه منها » (١).

ويستفاد منهما الرجوع إليها مع جهل الولي ، وهو حسن ؛ لصحّة الأول ، واعتبار الثاني ؛ إذ ليس فيه إلاّ سهل ، إلاّ أنّه ينبغي التقييد بما قبل الدخول ؛ لئلاّ يخلو البضع المحترم عن العوض.

ولا بأس بالمصير إلى هذه الأخبار ، وفاقاً لجماعة من المتأخّرين (٢) ؛ لوضوح سندها ، واعتضادها بعموم ما دلّ على الرجوع إلى الولي مع علمه بالعيب.

ولكن الكبرى استشكله شيخنا الشهيد في شرح الإرشاد تبعاً للعلاّمة في المختلف (٣) بأنّ التضمين إنّما هو باعتبار تدليس العيب على الزوج ، فإذا كان عيباً كان له الفسخ ، وإن لم يكن فلا.

وكلّية الكبرى ممنوعة ، وصريح الشيخ في التهذيبين عدم استلزام أخذ الصداق من الولي جواز الردّ (٤).

فالقول بعدم الفسخ وثبوت الرجوع بالمهر على المدلِّس متعيّن.

( الرابعة : لا يجوز التعريض بالخِطبة ) بالكسر ، وهو الإتيان بلفظ يحتمل الرغبة في النكاح وغيرها مع ظهور إرادتها ، ك‍ : ربّ راغب فيكِ وحريص عليكِ ؛ أو : أنّي راغب فيكِ ؛ أو : أنت عليّ كريمة ، أو عزيزة ؛

__________________

(١) الكافي ٥ : ٤٠٧ / ٩ ، التهذيب ٧ : ٤٢٤ / ١٦٩٧ ، الاستبصار ٣ : ٢٤٥ / ٨٧٨ ، مستطرفات السرائر : ٣٦ / ٥٣ ، الوسائل ٢١ : ٢١٢ أبواب العيوب والتدليس ب ٢ ح ٢ ؛ بتفاوت يسير.

(٢) منهم البحراني في الحدائق ٢٤ : ٣٧٥.

(٣) المختلف : ٥٥٣.

(٤) الاستبصار ٣ : ٢٤٦ ، التهذيب ٧ : ٤٢٥.

٣٠٥

أو : إنّ الله تعالى لسائقٌ إليك خيراً ، أو رزقاً ؛ أو نحو ذلك لذات البعل ؛ إجماعاً كما في الروضة (١) ، ولما فيه من الفساد.

و ( لذات العدّة الرجعيّة ) إجماعاً في الظاهر ؛ لأنّها في حكم الزّوجة.

إلاّ من الزوج خاصّة ، فيجوز له التعريض كالتصريح.

( ويجوز ) التعريض له ولغيره ( في ) عدّةٍ ( غيرها ) كالعدّة البائنة.

مطلقاً في الأخير ، حرمت مؤبّداً على الزوج أم لا ، على الأشهر الأظهر ؛ لما يأتي (٢).

خلافاً للمحكيّ عن الشيخ من التردّد في نحو المختلعة (٣) ، من ذلك (٤) ، ومن أنّها بعدُ في قيد عصمة الزوجيّة ؛ لجواز رجوع الزوج ولو في الجملة.

وهو حسن لو قام دليل على الكلّية في دليل المنع ، وهو مفقود ، وتوهّم الإجماع ممنوع.

ومقيّداً بعدم التحريم عليه مؤبّداً في الأول إجماعاً ، فلا يجوز له التعريض فيه.

ويجوز كالتصريح في غيره إجماعاً ، فيما إذا حلّت له بعد العدّة من دون احتياج إلى محلِّل ، وإن توقّف الحلّ على الرجوع في البذل.

وعلى الأظهر الأشهر فيما لو احتاج الحلّ إلى المحلِّل أيضاً ، ولكن في التعريض خاصّة ؛ للأصل ، وفقد المانع الذي هو الإجماع مع عموم‌

__________________

(١) الروضة ٥ : ٢٣٩.

(٢) من الأصل وإطلاق دليل الجواز. منه رحمه‌الله.

(٣) المبسوط ٤ : ٢١٧.

(٤) أي من الأصل وإطلاق دليل الجواز.

٣٠٦

الأدلّة للجواز من الكتاب والسنّة.

قال الله سبحانه ( وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاّ أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً ) (١).

وفي المعتبرة المستفيضة : هو التعريض للخطبة (٢) ، فتأمّل.

خلافاً لبعض المتأخّرين ، فحرّمه حينئذٍ (٣) كالتصريح (٤) ؛ لامتناع نكاحه لها قبل المحلِّل.

وفيه منع ؛ لعدم الدليل على التلازم الكلّي.

( ويحرم التصريح ) بها وهو الإتيان بلفظ لا يحتمل إلاّ النكاح ، ك‍ : أُريد أن أتزوّجك بعد عدّتك ، ونحوه ـ ( في الحالين ) أي في كلّ من العدّة الرجعيّة والبائنة بأنواعه مطلقاً في غير الزوج ، ومقيّداً فيه بحصول الحرمة مطلقاً (٥) أو في الجملة بالبينونة ، فيحرم عليه التصريح بالخِطبة في هاتين الصورتين خاصّة ، كالتعريض في الأُولى (٦) منهما. ويجوز له فيما عداهما ، كالرجعيّة والبائنة التي عنده على تطليقتين أو تطليقة.

والضابط في جميع ما ذكر : أنّ التصريح بالخِطبة للمعتدّة حرام مطلقاً ، إلاّ من الزوج في العدّة التي يجوز له نكاحها بعدها ، بحيث لا تكون محرّمة.

__________________

(١) البقرة : ٢٣٥.

(٢) الوسائل ٢٠ : ٤٩٧ أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب ٣٧.

(٣) أي ما إذا توقف الحلّ على المحلِّل. منه رحمه‌الله.

(٤) كالشهيدين في اللمعة والروضة البهية ٥ : ٢٣٩ ، ٢٤٠.

(٥) أي أبداً. منه رحمه‌الله.

(٦) وهو الحرمة مطلقاً ، أي مؤبّداً. منه رحمه‌الله.

٣٠٧

والتعريض جائز من كلّ من يجوز له تزويجها بعد العدّة ، ومن الزوج وإن لم يجز له تزويجها حينئذ ما لم تكن محرّمة عليه مؤبّداً.

وكلّ من حرمت عليه المرأة مؤبّداً تحرم عليه الخطبة لنفسه تصريحاً وتلويحاً.

واعلم إنّ الإجابة تابعة للخِطبة حلاًّ وحرمة ، كذا قالوا ؛ ولعلّه لما فيه من الإعانة على الإثم. ولو صرّح بها في محل المنع لم يحرم نكاحها إجماعاً في الظاهر ؛ للأصل.

( الخامسة : إذا خطب فأجابته ) هي أو وكيلها أو وليّها ( كره لغيره خطبتها ) إجماعاً ؛ لما يأتي. ولقصوره عن إثبات التحريم حمل عليها ( و ) لذا ( لا يحرم ) على أصحّ القولين ؛ للأصل.

خلافاً للشيخ والشهيد في اللمعة ، فيحرم (١) ؛ للنبوي : « لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه » (٢) فإنّ النهي ظاهر فيه.

وهو حسن لو صحّ السند ، وليس كذلك ، ولا جابر ، ومع ذلك لا قائل بعمومه أو إطلاقه.

ولما فيه من إيذاء المؤمن وإثارة الشحناء المحرَّم ، فيحرم ما كان وسيلة إليه.

وهو أخصّ من المدّعى ، ولا بأس بالتحريم حيث حصلا ، وفاقاً لبعض متأخّري الأصحاب (٣) ، والنصّ صالح للحمل عليه.

__________________

(١) الشيخ في المبسوط ٤ : ٢١٨ ، اللمعة ( الروضة البهية ٥ ) : ٢٤١.

(٢) سنن البيهقي ٧ : ١٧٩.

(٣) كالشهيد الثاني في الروضة ٥ : ٢٤١.

٣٠٨

ولو رُدّ لم يحرم إجماعاً.

ولو انتفى الأمران (١) ، فظاهر إطلاق النصّ التحريم أيضاً ، لكن لم نقف على قائل به ، وبالكراهة هنا صرّح بعض الأصحاب (٢) ، ولا بأس بها ؛ للمسامحة من إطلاق الرواية ، وإن كانت بحسب السند قاصرة.

هذا كلّه في الخاطب المسلم.

أمّا الذمّي إذا خطب الذميّة ، لم تحرم خطبة المسلم لها قطعاً ؛ للأصل ، وعدم دخوله في النهي ؛ بناءً على اختصاص مورده بخطبة الأخ المسلم.

وحيث يحرم ، فلو خالف وخطب وعقد صحّ وإن فعل محرّماً ؛ إذ لا منافاة بين حرمة الخطبة وصحّة العقد ، ولو قلنا باقتضاء النهي الفساد في المعاملات.

( السادسة : نكاح الشِّغار ) حرام و ( باطل ) بالنصّ والإجماع ( وهو ) كما في النصّ : ( أن تتزوّج امرأتان برجلين ، على أن يكون مهر كلّ واحدة نكاح الأُخرى ) (٣).

وهو بكسر الشين والغين المعجمتين من الشغر ، بمعنى : الرفع ؛ لرفع المهر فيه ، أو خلّوه عنه ، أو كأنّه شرط أن لا يرفع رجل ابنته حتى يرفع هو رجل الأُخرى.

ولعلّ المنع فيه إمّا من جهة تعليق عقد [ على عقد (٤) ] على وجه الدور ، أو شرط عقد في عقد ، أو تشريك البضع بين كونه مهراً للزوجة‌

__________________

(١) أي الإجابة والرد. منه رحمه‌الله.

(٢) كالفاضل المقداد في التنقيح الرائع ٣ : ١١٤ ، والسبزواري في الكفاية : ١٦٩ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ٢ : ٢٥٧.

(٣) الكافي ٥ : ٣٦١ / ٢ ، التهذيب ٧ : ٣٥٥ / ١٤٤٥ ، معاني الأخبار : ٢٧٤ / ١ ، الوسائل ٢٠ : ٣٠٣ أبواب عقد النكاح ب ٢٧ ح ٢.

(٤) ما بين المعقوفين أضفناه من « ح » لاستقامة العبارة.

٣٠٩

وملكاً للزوج.

قيل : ولو خلا المهر من أحد الجانبين بطل خاصّة. ولو شرط كلّ منهما تزوّج الأُخرى بمهر معلوم صحّ العقدان وبطل المسمّى ؛ لأنّه شرط معه تزويج ، وهو غير لازم ، والنكاح لا يقبل الخيار ، فيثبت مهر المثل .. وكذا لو زوّجه بمهر وشرط أن يزوّجه ولم يذكر مهراً (١).

وظاهره صحّة العقد مع فساد الشرط ، فإن كان إجماع وإلاّ ففيها معه نظر ، كيف لا؟! وانتفاء الشرط يقتضي انتفاء المشروط.

وفي الشرائع التردّد فيما مرّ (٢) ؛ ولعلّه لما ذكر ، أو للتأمّل في إطلاق الحكم بفساد الشرط ؛ للزوم الوفاء به مع الإمكان ؛ لكونه سائغاً ، فإفساد المسمّى والرجوع إلى المهر مطلقاً لا وجه له.

وهو متّجه في المقامين ، ولكن في الأول إذا كان الشرط شرطاً في أصل التزويج دون ما إذا كان شرطاً في المهر إذ غايته حينئذ انتفاؤه الغير الملازم لفساد العقد ؛ لعدم ركنيّته فيه بالإجماع فيصحّ العقد ويثبت مهر المثل.

( السابعة : يكره العقد على القابلة المربيّة وبنتها ) :

للنهي عنه في الخبرين ، في أحدهما : « لا يتزوّج المرأة التي قبلته ولا ابنتها » (٣).

ولقصور سندهما ومخالفتهما الأصل والعمومات حُمِلا على الكراهة في المشهور بين الطائفة.

__________________

(١) قال به الشهيد الثاني في الروضة ٥ : ٢٤٤.

(٢) الشرائع ٢ : ٣٠١.

(٣) التهذيب ٧ : ٤٥٥ / ١٨٢٢ ، الإستبصار ٣ : ١٧٦ / ٦٣٨ ، الوسائل ٢٠ : ٥٠٢ أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب ٣٩ ح ٨.

٣١٠

مضافاً إلى معارضتهما للصحيح النافي للتحريم عنه مطلقاً ، وفيه : « سبحان الله ما حرّم الله من ذلك » (١).

والموثِّق الآتي النافي لمطلق البأس الشامل له عن غير المربيّة ، والصريح في الكراهة فيها.

فالقول بالتحريم كما عن المقنع (٢) ضعيف جدّاً.

وظاهر الخبرين الكراهة مطلقاً ، ولكن خصّهما الشيخ (٣) والمصنّف وجماعة (٤) بالمربّية ؛ للموثّق : عن القابلة تقبل الرجل ، إله أن يتزوّجها؟

قال : « إن كانت قبلت المرّة والمرّتين والثالث فلا بأس ، وإن كانت قبلته وربّته وكفلته فإنّي أنهى نفسي عنها وولدي » (٥) ، وفي رواية أُخرى : « وصديقي » (٦) وهو صريح في الكراهة ، كما مرّت إليه الإشارة.

( وأن يزوّج ابنه بنت زوجته إذا ولدتها بعد مفارقته لها ) : للنهي عنه في الصحيح ؛ معلّلاً بأنّ أباه لها بمنزلة الأب (٧) ، ومقتضاه تعدية الحكم إلى ابنة مطلق المنكوحة ، وعكس فرض العبارة كتزويج ابنته من ابن المنكوحة ، فلا يقدح فيها أخصّية مورد الرواية ؛ إذ العبرة بعموم‌

__________________

(١) التهذيب ٧ : ٤٥٥ / ١٨٢١ ، الإستبصار ٣ : ١٧٦ / ٦٣٧ ، الوسائل ٢٠ : ٥٠٢ أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب ٣٩ ح ٦ ؛ بتفاوت يسير.

(٢) المقنع : ١٠٩.

(٣) كما في النهاية : ٤٦٠.

(٤) اللمعة والروضة ٥ : ٢٤٢ ، التنقيح الرائع ٣ : ١١٥.

(٥) التهذيب ٧ : ٤٥٥ / ١٨٢٤ ، الإستبصار ٣ : ١٧٦ / ٦٤٠ ، الوسائل ٢٠ : ٥٠٢ أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب ٣٩ ح ٧.

(٦) التهذيب ٧ : ٤٥٦ / ١٨٢٥ ، الاستبصار ٣ : ١٧٦ / ذيل حديث ٦٤٠ ، الوسائل ٢٠ : ٥٠٢ أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب ٣٩ ذيل حديث ٧.

(٧) التهذيب ٧ : ٤٥٣ / ١٨١٢ ، الإستبصار ٣ : ١٧٥ / ٦٣٥ ، الوسائل ٢٠ : ٤٧٤ أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب ٢٣ ح ٥.

٣١١

العلّة لا خصوص المورد بالضرورة.

وإنّما حمل النهي على الكراهة للأصل ، والعمومات ، وخصوص الصحيح : عن الرجل يطلّق امرأته ، ثم خلف عليها رجل بعده ، ثم ولدت للآخر ، هل يحلّ ولدها من الآخر لولد الأول من غيرها؟ قال : « نعم » قال : وسألته عن رجل أعتق سريّته ، ثم خلف عليها رجل بعده ، هل يحلّ ولدها لولد الذي أعتقها؟ قال : « نعم » (١).

أمّا لو ولدتها قبل تزويجه فلا كراهة ؛ لعدم النهي ، وانتفاء العلّة ، وللخبر : عن الرجل يتزوّج المرأة ويزوّج ابنه ابنتها ، فقال : « إن كانت لابنه لها قبل أن يتزوّج بها فلا بأس » (٢).

( وأن يتزوّج بمن كانت ضَرَّة لُامّه مع غير أبيه ).

للصحيح : « ما أُحبّ للرجل المسلم أن يتزوّج ضَرَّة كانت لُامّه مع غير أبيه » (٣).

وهو شامل لما إذا كان تزوّج ذلك الغير قبل أبيه وبعده ، فلا وجه لتخصيص الكراهة بالأول ، كما في الشرائع (٤) ، فتدبّر.

( وتكره الزانية قبل أن تتوب ) مطلقاً ، على الأشهر الأظهر كما مرّ مع الخلاف فيها فيما سبق (٥).

__________________

(١) الكافي ٥ : ٣٩٩ / ١ ، التهذيب ٧ : ٤٥١ / ١٨٠٨ ، الإستبصار ٣ : ١٧٣ / ٦٣٠ ، الوسائل ٢٠ : ٤٧٣ أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب ٢٣ ح ١ ؛ بتفاوت يسير.

(٢) الكافي ٥ : ٤٠٠ / ٤ ، الفقيه ٣ : ٢٧٢ / ١٢٩١ ، التهذيب ٧ : ٤٥٢ / ١٨١١ ، الإستبصار ٣ : ١٧٤ / ٦٣٤ ، الوسائل ٢٠ : ٤٧٤ أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب ٢٣ ح ٤.

(٣) الفقيه ٣ : ٢٥٩ / ١٢٢٩ ، التهذيب ٧ : ٤٧٢ / ١٨٩٥ ، الوسائل ٢٠ : ٥٠٤ أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب ٤٢ ح ١ ، والضرَائر جمع ضرَّة : هنّ زوجات الرجل لأنّ كلّ واحدة تضرّ بالأُخرى بالغيرة والقسم مجمع البحرين ٣ : ٣٧٤.

(٤) الشرائع ٢ : ٣٠١.

(٥) راجع ص ١٨٩.

٣١٢

( القسم الثاني )

( في النكاح المنقطع )

وهو نكاح المتعة ، ولا خلاف بين المسلمين كافّة في ثبوت شرعيّته في الجملة ، ونطقت به الآية الكريمة (١) والسنّة المتواترة من طرق الخاصّة والعامّة ، وعلى بقائها إلى يوم القيامة إجماع أهل العصمة عليهم‌السلام وشيعتهم الإماميّة ، وأخبارهم بذلك متواترة ، كما ستقف عليها في تضاعيف المباحث الآتية.

( والنظر في أركانه وأحكامه ) ‌

( وأركانه أربعة ) :

( الأول : الصيغة ، وهو ) أي النكاح المنقطع ـ ( ينعقد بإحدى الألفاظ الثلاثة ) : أنكحتك ، وزوّجتك ، ومتّعتك ، بلا خلاف ، كما حكاه جماعة (٢). وينبغي الاقتصار عليها ( خاصّة ) في المشهور بين الطائفة ، فلا ينعقد بالتمليك والهبة والإجارة والبيع والإباحة ؛ وقوفاً فيما خالف الأصل على المتيقّن.

( وقال علم الهدى ) رضي‌الله‌عنه ـ : ( ينعقد في ) التمتّع بـ ( الإماء بلفظ الإباحة والتحليل ) (٣) ولم يثبت ، فهو ضعيف كضعف المحكيّ عنه في الطبريّات من جواز العقد بالإجارة (٤) ؛ لعدم ثبوته ، مع مخالفته الأصل المتيقّن.

__________________

(١) النساء : ٢٤.

(٢) منهم : الفاضل المقداد في التنقيح الرائع ٣ : ١١٨ ، والشهيد الثاني في المسالك ١ : ٥٠٠ ، وصاحب الحدائق ٢٤ : ١٢٢.

(٣) انظر الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ٢١٠.

(٤) حكاه عنه في كشف اللثام ٢ : ٥٤.

٣١٣

ويعتبر فيها جميع ما اعتبر في صيغة الدوام ، عدا كون الإيجاب والقبول بصيغة الماضي ، فيجوز الاستقبال مع قصد الإنشاء هنا ، وفاقاً لجماعة (١) ؛ للمستفيضة :

منها الصحيح : قال : « تقول : أتزوّجك متعةً على كتاب الله تعالى وسنّة نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » الحديث (٢).

وباقي الروايات (٣) وإن قصر أسانيدها إلاّ أنّها اعتضدت به وبالكثرة البالغة حدّ الاستفاضة ، المورثة للمظنّة القويّة ، إلاّ أنّ في بلوغها حدّ المعارضة للأصل المعتضد بالشهرة نوع مناقشة.

فإذاً الأحوط الاقتصار على ما اعتبروه من الماضويّة في كلّ من طرفي الصيغة.

( الثاني : الزوجة ) المتمتّع بها ، ( ويشترط كونها مسلمة أو كتابيّة ) فلا يجوز بالوثنيّة والمجوسيّة ، ويجوز بالكتابيّة مطلقاً ، على أصحّ الأقوال المتقدّمة.

( و ) يتفرّع على اشتراط الإسلام : أنّه ( لا يصحّ ) التمتّع ( بالمشركة والناصبيّة ) لكفرهما.

ونحو الأخير : الخارجيّة ، بل هي من أعظم أقسامها.

أمّا المستضعفة والمخالفة غير الناصبيّة ، فيجوز للمؤمن التمتّع بهما ؛

__________________

(١) منهم ابن أبي عقيل كما حكاه عنه في المختلف : ٥٦١ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٥٤ ، والسبزواري في الكفاية : ١٧٠.

(٢) الكافي ٥ : ٤٥٥ / ٤ ، التهذيب ٧ : ٢٦٣ / ١١٣٧ ، الوسائل ٢١ : ٤٣ أبواب المتعة ب ١٨ ح ٢.

(٣) الوسائل ٢١ : ٤٣ أبواب المتعة ب ١٨.

٣١٤

لفحوى ما سبق من جواز تزويجهما بالدوام (١) ، فبالانقطاع أولى.

( و ) لكن ( يستحبّ اختيار المؤمنة ) العارفة ؛ للخبرين :

في أحدهما : « تمتّع من المرأة المؤمنة أحبّ إليّ » (٢).

وفي الثاني : « نعم ، إذا كانت عارفة » (٣).

والمرسل الناهي من التمتّع بها (٤) محمول على ما إذا كانت يلحقها العار والذلّ بذلك.

واختيار ( العفيفة ) للخبر : عن المتعة ، فقال لي : « حلال ، ولا تزوّج إلاّ عفيفة ، إنّ الله تعالى يقول ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ ) (٥) ولا تضع فرجك حيث لا تأمن على درهمك » (٦).

والنهي فيه للكراهة ؛ لفحوى ما مرّ من جواز العقد دائماً بالزانية ولو كانت مشهورة (٧).

مضافاً إلى الخبرين المرخّصين للتمتّع منها ، ففي أحدهما : عن الرجل يتزوّج الفاجرة متعة ، قال : « لا بأس ، وإن كان التزويج الآخر‌

__________________

(١) راجع ص ٢٨٤.

(٢) الفقيه ٣ : ٢٩٣ / ١٣٩٠ ، التهذيب ٧ : ٢٥٦ / ١١٠٩ ، الإستبصار ٣ : ١٤٥ / ٥٢٤ ، الوسائل ٢١ : ٢٦ أبواب المتعة ب ٧ ح ٣ ؛ بتفاوت يسير.

(٣) الكافي ٥ : ٤٥٤ / ٥ ، التهذيب ٧ : ٢٥٢ / ١٠٨٨ ، الوسائل ٢١ : ٢٥ أبواب المتعة ب ٧ ح ١.

(٤) التهذيب ٧ : ٢٥٣ / ١٠٨٩ ، الإستبصار ٣ : ١٤٣ / ٥١٥ ، الوسائل ٢١ : ٢٦ أبواب المتعة ب ٧ ح ٤.

(٥) المؤمنون : ٥.

(٦) الكافي ٥ : ٤٥٣ / ٢ ، التهذيب ٧ : ٢٥٢ / ١٠٨٦ ، الإستبصار ٣ : ١٤٢ / ٥١٢ ، الوسائل ٢١ : ٢٤ أبواب المتعة ب ٦ ح ٢.

(٧) راجع ص ١٨٩ ١٩٠.

٣١٥

فليحصن بابه » (١).

وفي الثاني : نساء أهل المدينة ، [ قال : ] « فواسق » قلت : فأتزوّج منهنّ؟ قال : « نعم » (٢) فتأمّل.

( و ) يستحبّ ( أن يسألها ) بل غيرها ( عن حالها ) هل هي ذات بعل وعفيفة أم لا ( مع التهمة ) بالبعل وعدم العفة.

للموثّق : عن المتعة ، فقال : « إنّ المتعة اليوم ليس كما كانت قبل اليوم ، إنّهنّ كنّ يومئذٍ يؤمَنّ » بفتح الميم على الظاهر « واليوم لا يؤمَنّ ، فاسألوا عنهنّ » (٣).

( وليس ) السؤال ( شرطاً ) في الجواز إجماعاً ، بل ولا واجباً ؛ للأصل ، وحمل تصرّف المسلم على الصحّة ، والنصوص المستفيضة الحاكمة بكون المرأة في نفسها مصدّقة ولو مع التهمة :

منها : ألقى المرأة بالفلاة التي ليس فيها أحد ، فأقول لها : هل لك زوج؟ فتقول : لا ، فأتزوّجها؟ قال : « نعم ، هي المصدّقة على نفسها » (٤).

واشتراك الراوي مجبور برواية فضالة عنه.

ومنها : « ليس هذا عليك ، إنّما عليك أن تصدّقها في نفسها » (٥).

__________________

(١) التهذيب ٧ : ٢٥٣ / ١٠٩٠ ، الإستبصار ٣ : ١٤٣ / ٥١٦ ، الوسائل ٢١ : ٢٩ أبواب المتعة ب ٩ ح ١.

(٢) التهذيب ٧ : ٢٥٣ / ١٠٩١ ، الإستبصار ٣ : ١٤٣ / ٥١٧ ، الوسائل ٢١ : ٢٩ أبواب المتعة ب ٩ ح ٢. وما بين المعقوفين أضفناه من « ر » والمصدر لاستقامة المتن.

(٣) الكافي ٥ : ٤٥٣ / ١ ، الفقيه ٣ : ٢٩٢ / ١٣٨٦ ، التهذيب ٧ : ٢٥١ / ١٠٨٤ ، الوسائل ٢١ : ٢٣ أبواب المتعة ب ٦ ح ١.

(٤) الكافي ٥ : ٤٦٢ / ٢ ، التهذيب ٧ : ٣٧٧ / ١٥٢٦ ، الوسائل ٢١ : ٣٠ أبواب المتعة ب ١٠ ح ١.

(٥) رسالة المتعة ( مصنّفات الشيخ المفيد ٦ ) : ١٤ ، المستدرك ١٤ : ٤٥٨ أبواب المتعة ب ٩ ح ١.

٣١٦

بل ربما يستفاد من بعضها كراهة السؤال عنها ، ففي الخبر : إنّي تزوّجت امرأة متعة ، فوقع في نفسي أنّ لها زوجاً ، ففتّشت عن ذلك ، فوجدت لها زوجاً ، قال : « ولِمَ فتّشت؟! » (١). وفي آخر : « إنّ فلاناً تزوّج امرأة متعة ، فقيل : إنّ لها زوجاً ، فسألها ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : « ولِمَ سألها؟! » (٢) ، ونحوهما غيرهما (٣).

ويحتمل الجمع ، بحمل هذه الأخبار على كراهة السؤال بعد وقوع التزويج ، وما سبق على استحبابه مع التهمة قبله.

( ويكره ) التمتّع ( بالزانية ) كما سبق ( وليس شرطاً ) ولا حراماً ؛ لما مرّ.

خلافاً للصدوق ، فمنع منه مطلقاً (٤) ، ولابن البرّاج ، إلاّ إذا منعها من الفجور (٥) ؛ لأخبار (٦) ، طريق الجمع بينها وبين غيرها الحمل على الكراهة ، وفاقاً للأشهر بين الطائفة.

بل ربما قال المانع من الدوام بالجواز هنا ؛ للموثّق المجوّز للتمتّع بالمعروفة بالفجور ، وفيه : « لو رفعت راية ما كان عليه في تزويجها شي‌ء ، إنّما يخرجها من حرام إلى حلال » (٧).

أقول : ونحوه المرويّ عن كشف الغمّة (٨) ، وغيره (٩) ، متضمّناً‌

__________________

(١) التهذيب ٧ : ٢٥٣ / ١٠٩٢ ، الوسائل ٢١ : ٣١ أبواب المتعة ب ١٠ ح ٣.

(٢) التهذيب ٧ : ٢٥٣ / ١٠٩٣ ، الوسائل ٢١ : ٣١ أبواب المتعة ب ١٠ ح ٤.

(٣) انظر التهذيب ٧ : ٢٥٣ / ١٠٩٤ ، الوسائل ٢١ : ٣٢ أبواب المتعة ب ١٠ ح ٥.

(٤) انظر المقنع : ١١٣.

(٥) المهذب ٢ : ٢٤١.

(٦) انظر الوسائل ٢١ : ٢٧ أبواب المتعة ب ٨.

(٧) التهذيب ٧ : ٤٨٥ / ١٩٤٩ ، الوسائل ٢١ : ٢٩ أبواب المتعة ب ٩ ح ٣.

(٨) كشف الغمة ٢ : ٤٢٣ ، الوسائل ٢١ : ٢٩ أبواب المتعة باب ٩ ج ٤.

(٩) لم نعثر على خبر آخر غيرهما مشتمل على التعليل المذكور.

٣١٧

للتعليل المزبور ، ويستفاد منه الجواز في الدائم ، لكن مع تحقّق مضمونه.

( وأن يستمتع ببكر ) مطلقاً ، كان لها أب أم ( ليس لها أب ) للصحيح : في الرجل يتزوّج البكر متعة ، قال : « يُكرَه ؛ للعيب على أهلها » (١).

والأحوط اعتبار الإذن من الأب ؛ للصحيحين ، في أحدهما : « العذراء التي لها أب لا تتزوّج متعةً إلاّ بإذن أبيها » (٢).

وليس في سنده في الفقيه عدا أبان الثقة عند جمع (٣) ، الموثّق عند آخرين (٤) ، وعدّه صحيحاً بناءً على الأول.

وفي الثاني : « البكر لا تتزوّج متعة إلاّ بإذن أبيها » (٥).

والنهي فيهما للكراهة ، لا الحرمة ، على الأظهر الأشهر بين الطائفة ؛ تمسّكاً في الجواز بعموم الأدلّة القطعيّة من الكتاب (٦) والسنّة العامّة والخاصّة ، كالصحيحة المتقدّمة والآتية ، ونحوهما الخبر المعتبر المنجبر جهالة راويه بالشهرة ، ووجود من أجمعت العصابة في سنده ـ : عن الجارية يتمتّع منها الرجل؟ قال : « نعم ، إلاّ أن تكون صبيّة تخدع » الخبر (٧).

__________________

(١) الكافي ٥ : ٤٦٢ / ١ ، الفقيه ٣ : ٢٩٣ / ١٣٩٣ ، التهذيب ٧ : ٢٥٥ / ١١٠٢ ، الإستبصار ٣ : ١٤٦ / ٥٣٠ ، الوسائل ٢١ : ٣٤ أبواب المتعة ب ١١ ح ١٠.

(٢) الفقيه ٣ : ٢٩٣ / ١٣٩٤ ، التهذيب ٧ : ٢٥٤ / ١٠٩٩ ، الإستبصار ٣ : ١٤٥ / ٥٢٧ ، الوسائل ٢١ : ٣٥ أبواب المتعة ب ١١ ح ١٢.

(٣) وهو أبان بن عثمان الأحمر البجلي الراوي عن أبي مريم ( راجع معجم الرجال ١ : ١٥٧ ) فقد وثّقه العلاّمة في الخلاصة : ٢١ ، والتفريشي في نقد الرجال : ٥.

(٤) رجال ابن داود : ٣٠.

(٥) قرب الإسناد : ٣٦٢ / ١٢٩٤ ، الوسائل ٢١ : ٣٣ أبواب المتعة ب ١١ ح ٥.

(٦) النساء : ٢٤.

(٧) الفقيه ٣ : ٢٩٣ / ١٣٩٢ ، التهذيب ٧ : ٢٥٥ / ١١٠٠ ، الإستبصار ٣ : ١٤٥ / ٥٢٨ ، الوسائل ٢١ : ٣٦ أبواب المتعة ب ١٢ ح ٤.

٣١٨

وخصوص المعتبرة المستفيضة ، كالصحيح في الظاهر : عن التمتّع من البكر إذا كانت بين أبويها ، قال : « لا بأس ، ما لم يقتضّ ما هناك لتعفف بذلك » (١).

والخبر المنجبر ضعفه بما مرّ من الشهرة : عن التمتّع من الأبكار اللواتي بين الأبوين ، فقال : « لا بأس ، ولا أقول كما يقول هؤلاء الأقشاب » (٢).

ونحوه غيره ، كالمرسل : « لا بأس بتزويج البكر إذا رضيت من غير إذن أبويها » (٣).

والخبر : جارية بكر بين أبويها ، تدعوني إلى نفسها سرّاً من أبويها ، أفأفعل ذلك؟ قال : « نعم ، واتّق موضع الفرج » الخبر (٤).

ومضى تمام التحقيق في المسألة في البحث عن الولاية (٥).

( فإن فعل فلا يقتضّها ) لما مرّ ( وليس محرّماً ) جدّاً ؛ للأصل ، وظاهر الصحيح : « لا بأس بأن يتمتّع بالبكر ما لم يفض إليها ؛ كراهة العيب على أهلها » (٦).

مضافاً إلى إطلاق النصوص بالجواز ، المعتضد بعمل الأصحاب.

__________________

(١) التهذيب ٧ : ٢٥٤ / ١٠٩٨ ، الإستبصار ٣ : ١٤٥ / ٥٢٦ ، الوسائل ٢١ : ٣٤ أبواب المتعة ب ١١ ح ٩ ؛ بتفاوت.

(٢) التهذيب ٧ : ٢٥٤ / ١٠٩٧ ، الإستبصار ٣ : ١٤٥ / ٥٢٥ ، الوسائل ٢١ : ٣٣ أبواب المتعة ب ١١ ح ٦ ؛ والأقشاب جمع قَشِب ، وهو من لا خير فيه من الرجال مجمع البحرين ٢ : ١٤٣.

(٣) التهذيب ٧ : ٢٥٤ / ١٠٩٥ ، الوسائل ٢١ : ٣٤ أبواب المتعة ب ١١ ح ٨.

(٤) التهذيب ٧ : ٢٥٤ / ١٠٩٦ ، الوسائل ٢١ : ٣٣ أبواب المتعة ب ١١ ح ٧.

(٥) راجع ص ٨٤.

(٦) الكافي ٥ : ٤٦٢ / ٢ ، الوسائل ٢١ : ٣٢ أبواب المتعة ب ١١ ح ١.

٣١٩

خلافاً للنهاية ، فحرّم ذلك إذا كان العقد عليها بدون إذن الأب (١) ؛ عملاً بظاهر النهي.

وهو جيّد لو استلزم الفساد ، وإلاّ فهو أحوط.

( ولا حصر في عددهنّ ) فله التمتّع بما شاء منهن ، كما مضى (٢).

( ويحرم أن يتمتّع أمة على حرّة ) مطلقاً ، متمتّع بها أو مزوجة دائماً كما قيل (٣) إجماعاً ونصوصاً ، كما مرّ (٤).

( إلاّ بإذنها ) فيصحّ على الصحيح ؛ للصحيح : هل للرجل أن يتمتّع من المملوكة بإذن أهلها وله امرأة حرّة؟ قال : « نعم ، إذا رضيت الحرّة » قلت : فإن أذنت الحرّة يتمتّع منها؟ قال : « نعم » (٥) بل مرّ عدم الخلاف فيه (٦).

وحكي هنا قول بالمنع مطلقاً (٧). وهو ضعيف جدّاً.

( وأن يُدخِلَ على المرأة بنت أخيها أو أُختها ما لم تأذن ) كما هو مقطوع به في كلامهم ؛ وعُلِّل بإطلاق النصوص (٨) ، وفيه ضعف.

نعم ، في بعض ما مرّ منها التعليل بالإجلال (٩) ، الظاهر في العموم في‌

__________________

(١) النهاية : ٤٩٠.

(٢) راجع ص ٢٤٠.

(٣) كما قال به الشهيد في اللمعة ( الروضة البهية ٥ ) : ١٩٢.

(٤) راجع ص ٢١٨.

(٥) الكافي ٥ : ٤٦٣ / ٣ ، التهذيب ٧ : ٢٥٧ / ١١١٢ ، الإستبصار ٣ : ١٤٦ / ٥٣٣ ، الوسائل ٢١ : ٤١ أبواب المتعة ب ١٦ ح ١.

(٦) راجع ص ٢١٨.

(٧) التنقيح الرائع ٣ : ٨٠.

(٨) راجع ص ١٨١.

(٩) في ص ١٨٢.

٣٢٠