رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٣

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٣

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-091-9
الصفحات: ٤٢٨

١
٢

٣
٤

( الخامسة ) :

( في ) بيان أحكام ( مكان المصلّي )

اعلم : أنه يجوز أن ( يصلّى في كل مكان ) خال عن نجاسة متعدّية إلى المصلّي ( إذا كان مملوكا ) عينا ومنفعة ، أو منفعة خاصّة ( أو مأذونا فيه ) صريحا ، كالكون أو الصلاة فيه ، أو فحوى ، كإدخال الضيف منزله مع عدم ما يدلّ على كراهة المضيف لصلاته من نحو المخالفة في الاعتقاد وهيئات الصلاة على وجه تشهد القرائن بكراهته لها على تلك الحال ، إذ معه لا فحوى.

قالوا : أو بشاهد الحال (١) ، كما إذا كان هناك أمارة تشهد أن المالك لا يكره ، كما في الصحاري والبساتين الخالية من أمارات الضرر ونهي المالك ، فإن الصلاة فيها جائزة وإن لم يعلم مالكها ، بشهادة الحال. وفي حكم الصحاري الأماكن المأذون في غشيانها على وجه مخصوص إذا اتصف بها المصلّى ، كالحمّامات والخانات والأرحية وغيرها.

وهو حسن إن أفادت الأمارة القطع بالإذن ، وإلاّ فيشكل ، لعدم دليل على جواز الاعتماد على الظنون في نحو المقامات.

وأضعف منه ما يقال من أن الأقرب جواز الصلاة في كل موضع لم يتضرر المالك بالكون فيه ، وجرت العادة بعدم المضايقة في أمثاله وإن فرضنا عدم العلم بالرضا ، نعم لو ظهرت من المالك أمارة عدم الرضا لم تجز الصلاة فيه مطلقا (٢).

__________________

(١) كما في الشرائع ١ : ٧١ ، وروض الجنان : ٢١٩.

(٢) الكفاية : ١٦ ، البحار ٨٠ : ٢٨١.

٥

وذلك فإن مناط جواز التصرف في ملك الغير إذنه لا عدم تضرّره بالتصرّف فيه ، ولذا مع ظهور كراهته لم يجز قطعا ، كما اعترف به.

وبالجملة : فالمتّجه اعتبار القطع بالرضا عادة ، ولا يجوز الاعتماد على الظن إلاّ مع قيام دليل عليه ، والظاهر قيامه في الصلاة في نحو الصحاري والبساتين مع عدم العلم بكراهة المالك ، فقد نفى عنه الخلاف على الإطلاق جماعة ، ومنهم شيخنا الشهيد في الذكرى وصاحب الذخيرة (١). لكن ظاهر الأوّل كون الإذن فيها بالفحوى ، فيكون مقطوعا ، وعليه فلا يظهر شمول دعواه نفي الخلاف لما أفاد شاهد الحال في هذه المواضع ظنّا ، وكيف كان فالاحتياط يقتضي التورع عن الصلاة مع عدم القطع بالإذن عادة مطلقا.

( ولا تصح ) الصلاة ( في المكان المغصوب ) ولو منفعة ( مع العلم ) بالغصبية حال الصلاة اختيارا ، بإجماعنا الظاهر ، المنقول في جملة من العبائر ، كالناصريات ونهاية الإحكام والمنتهى والذكرى وشرح القواعد للمحقق الثاني والمدارك (٢) ، وفي الذخيرة نفى الخلاف عنه بين الأصحاب (٣) ، وهو الحجة ، مضافا إلى ما مرّ في بحث اللباس من القاعدة (٤).

وفي وصية مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام لكميل : « يا كميل ، انظر فيما تصلّي وعلى ما تصلّي ، إن لم يكن من وجهه وحلّه فلا قبول » رويت في الوسائل وغيره (٥).

__________________

(١) الذكرى : ١٤٩ ، الذخيرة : ٢٣٨.

(٢) الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ١٩٥ ، نهاية الإحكام ١ : ٣٤٠ ، المنتهى ١ : ٢٤١ ، الذكرى : ١٤٩ ، جامع المقاصد ٢ : ١١٦ ، المدارك ٣ : ٢١٧.

(٣) الذخيرة : ٢٣٨.

(٤) راجع ج ٢ : ص ٣٣٣ ، ٣٣٤.

(٥) تحف العقول : ١١٧ ، بشارة المصطفى : ٢٨ ، الوسائل ٥ : ١١٩ أبواب مكان المصلي بـ ٢ ح ٢.

٦

وظاهر ما حكاه في الكافي ـ في باب الفرق بين من طلّق على غير السنّة وبين المطلّقة إذا خرجت وهي في عدّتها أو أخرجها زوجها ـ عن الفضل الصحة (١).

ولكنه شاذ ، قيل : ويحتمل كلامه الإلزام (٢).

ولا فرق بين الفريضة والنافلة ، كما صرّح به جماعة (٣) ، ويقتضيه إطلاق الفتوى والرواية ، وكثير من الإجماعات المحكية ، بل والقاعدة.

خلافا للمحكي عن الماتن ، فقال بصحة النافلة (٤) ، لأن الكون ليس جزءا منها ولا شرطا فيها ، يعني أنها تصحّ ماشيا موميا للركوع والسجود ، فيجوز فعلها في ضمن الخروج المأمور به.

وفيه ـ بعد تسليمه ـ أنه مختص بما إذا صلّيت كذلك ، لا إن قام وركع وسجد ، فإن هذه الأفعال وإن لم تتعيّن عليه فيها ، لكنها أحد أفراد الواجب فيها.

وعن المرتضى وأبي الفتح الكراجكي (٥) وجه بالصحة في الصحاري المغصوبة ، استصحابا لما كانت الحال تشهد به من الإذن.

وليس فيه مخالفة لما ذكرنا من البطلان مع العلم بالغصبيّة وعدم الإذن‌

__________________

(١) الكافي ٦ : ٩٢.

(٢) كشف اللثام ١ : ١٩٤.

(٣) منهم العلامة في التذكرة ١ : ٨٧ ، والشهيد الأول في الذكري : ١٥٠ ، والشهيد الثاني في روض الجنان : ٢١٩.

(٤) لم نعثر عليه في كتب المحقق ، نعم قال في كشف اللثام ( ج ١ ص ١٩٤ ) : وعن المحقق صحة النافلة لأن الكون ليس جزءا منها ولا شرطا فيها ، يعني أنها تصحّ ماشيا موميا .. ، ولعلّ مستند هذه النسبة كلام الذكرى ( ص ١٥٠ ) حيث قال : حكم النافلة حكم الفريضة هنا ، وكذا الطهارة ، وفي المعتبر ( ج ٢ ص ١٠٩ ) : لا تبطل في المكان المغصوب لأن الكون ليس جزءا منها ولا شرطا فيها .. ، فتوهّم أن قوله : لا تبطل راجع إلى النافلة ، وهو غير صحيح بل يرجع إلى الطهارة.

(٥) حكى عنهما في كشف اللثام ١ : ١٩٤.

٧

للمصلّي حال الصلاة ، بل مرجعه إلى دعوى حصوله ولو استصحابا. وهو من السيد غريب ، لعدم مصيره إلى حجّيته.

وعن المبسوط أنه قال : فإن صلّى في مكان مغصوب مع الاختيار لم تجز الصلاة فيه ، ولا فرق بين أن يكون هو الغاصب أو غيره ممن اذن له في الصلاة فيه ، لأنه إذا كان الأصل مغصوبا لم تجز الصلاة فيه (١).

وليس فيه أيضا مخالفة لما ذكرنا من ( الصحة مع الإذن ) (٢) لاحتمال كون المراد من الآذن هو الغاصب لا المالك ، كما فهمه الفاضل في كتبه (٣) ، وإن استبعده الشهيد وقرّب العكس ـ وفاقا للماتن (٤) ـ قال : لأنه لا يذهب الوهم إلى احتماله ، ولأن التعليل لا يطابقه. وفيه منع.

ووجّهه بأن المالك لما لم يكن متمكّنا من التصرف فيه لم يفد إذنه الإباحة ، كما لو باعه ، فإنه باطل لا يبيح المشتري التصرف فيه. واحتمل أن يريد الإذن المستند إلى شاهد الحال ، لأن طريان الغصب يمنع من استصحابه ، كما صرّح به الحلّي ، قال : ويكون فيه التنبيه على مخالفة المرتضى ، وتعليل الشيخ مشعر بهذا (٥) ، انتهى.

أقول ـ وفاقا لبعض المحققين (٦) ـ : والظاهر اختلاف الأمكنة والملاّك والمصلّين والأحوال والأوقات في منع الغصب من استصحاب الإذن الذي شهدت به الحال.

__________________

(١) المبسوط ١ : ٨٤.

(٢) بدل ما بين القوسين في « م » و « لـ » : البطلان.

(٣) كالمنتهى ١ : ٢٤١.

(٤) في المعتبر ٢ : ١٠٩.

(٥) الذكرى : ١٥٠.

(٦) الفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ١٩٤.

٨

ويلحق بالعلم بالغصبيّة جاهل حكمها. أما ناسيها وجاهلها فلا ، كما مضى في بحث اللباس (١) ، وعلى الأخير هنا الإجماع في المنتهى (٢). وفي ناسي الحكم ما مضى (٣).

( وفي جواز صلاة المرأة إلى جانب المصلّي ) أو أمامه مع عدم الحائل بينهما ولا التباعد عشرة أذرع ( قولان ) مشهوران :

( أحدهما : المنع ، سواء صلّت بصلاته أو منفردة ، محرما ) له ( كانت أو أجنبيّة ) ذهب إليه أكثر القدماء (٤) ، بل ادعى عليه في الخلاف والغنية (٥) الإجماع.

ولعله الحجة لهم ، مضافا إلى النصوص المستفيضة ، ففي الصحيح : عن المرأة تزامل الرجل في المحمل ، يصليان جميعا؟ فقال : « لا ، ولكن يصلّي الرجل فإذا فرغ صلّت المرأة » (٦) ونحوه الخبر (٧).

وفي آخر : « وإن كانت تصلّي ـ يعني المرأة بجنبه ـ فلا » (٨).

وفي الموثق عن الرجل يستقيم له أن يصلّي وبين يديه امرأة تصلّي؟

__________________

(١) راجع ج ٢ : ص ٣٤٠.

(٢) المنتهى ١ : ٢٤١.

(٣) راجع ج ٢ : ص ٣٤١.

(٤) منهم : المفيد في المقنعة : ١٥٢ ، والطوسي في المبسوط ١ : ٨٦ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٨٩.

(٥) الخلاف ١ : ٤٢٣ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٨.

(٦) الكافي ٣ : ٢٩٨ / ٤ بتفاوت يسير ، التهذيب ٢ : ٢٣١ / ٩٠٧ ، الاستبصار ١ : ٣٩٩ / ١٥٢٢ ، الوسائل ٥ : ١٢٤ أبواب مكان المصلي بـ ٥ ح ٢.

(٧) التهذيب ٥ : ٤٠٣ / ١٤٠٤ ، الوسائل ٥ : ١٣٢ أبواب مكان المصلي بـ ١٠ ح ٢.

(٨) الكافي ٣ : ٢٩٨ / ٥ ، التهذيب ٢ : ٢٣١ / ٩١٠ ، الوسائل ٥ : ١٢١ أبواب مكان المصلي بـ ٤ ح ١.

٩

فقال : « إن كانت المرأة قاعدة أو قائمة في غير صلاة فلا بأس » (١).

ونحوه غيره في إثبات البأس في المحاذاة والامام (٢).

وهو وإن كان أعم من التحريم ، إلاّ أنه محمول عليه بقرينة النهي في الأخبار السابقة الظاهر فيه ، مضافا إلى الإجماعين المصرّحين به ، والصحيح المصرّح بالفساد : عن إمام في الظهر قامت امرأته بحياله تصلّي وهي تحسب أنها العصر ، هل يفسد ذلك على القوم؟ وما حال المرأة في صلاتها وقد كانت صلت الظهر؟ فقال عليه‌السلام : « لا يفسد ذلك على القوم وتعيد المرأة » (٣).

وأكثر هذه النصوص وإن شملت بإطلاقها صورتي وجود الحائل والتباعد بعشرة أذرع المرتفع فيهما المنع كراهة وتحريما إجماعا كما يأتي (٤) ، إلاّ أنها مقيّدة بغيرهما ، لذلك ، مضافا إلى الموثق : عن الرجل يستقيم له أن يصلّي وبين يديه امرأة تصلّي؟ قال : « لا يصلّي حتى يجعل ما بينه وبينها أكثر من عشرة أذرع ، وإن كانت عن يمينه ويساره جعل بينه مثل ذلك ، فإن كانت تصلّي خلفه فلا بأس وإن كانت تصيب ثوبه » (٥). ونحوه آخر (٦).

وفي هذا الموثق أيضا دلالة على المنع ، بل هو العمدة في دليلهم عليه ،

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٢٣١ / ٩١١ ، الاستبصار ١ : ٣٩٩ / ١٥٢٦ ، الوسائل ٥ : ١٢٢ أبواب مكان المصلي بـ ٤ ح ٦.

(٢) الظاهر هو قطعة من الموثق السابق لا غيره ، وهي : « إن كانت تصلّي خلفه فلا بأس » ومنشأ توهم المصنف هو تقطيع الرواية في الوسائل ، فقد أورد قطعة منها في بـ ٤ ح ٦ كما مرّ ، وقطعة اخرى ـ وهي مراد المصنف هنا ـ في بـ ٦ ح ٤ ، وأورد تمامها في بـ ٧ ح ١ ، كما سيذكر المصنف تمامها أيضا عن قريب.

(٣) التهذيب ٢ : ٢٣٢ / ٩١٣ ، الوسائل ٥ : ١٣٠ أبواب مكان المصلي بـ ٩ ح ١.

(٤) في ص : ١٤.

(٥) التهذيب ٢ : ٢٣١ / ٩١١ ، الاستبصار ١ : ٣٩٩ / ١٥٢٦ ، الوسائل ٥ : ١٢٨ أبواب مكان المصلي بـ ٧ ح ١.

(٦) قرب الإسناد : ٢٠٤ / ٧٨٨ ، الوسائل ٥ : ١٢٨ أبواب مكان المصليّ بـ ٧ ح ٢.

١٠

كما يظهر من الحلي (١).

( و ) القول ( الآخر : الجواز على كراهية ) ذهب إليه المرتضى والحلي (٢) ، ويحتمله كلام الشيخ في الاستبصار ، حيث حمل بعض الأخبار المانعة على الاستحباب (٣) ، وتبعهما عامة المتأخرين عدا الماتن هنا ، فظاهرة التردّد ، كالصيمري ، والفاضل المقداد (٤) ، حيث اقتصروا على نقل القولين من غير ترجيح ، ولكن جعل الأخير الكراهة أحوط. وهو غريب ، فإن الاحتياط في القول بالحرمة ، وإن كان في تعيّنه نظر.

للأصل ، والصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة المصرّحة بعدم المنع ، إمّا مطلقا ، كما في الصحيح : « لا بأس أن تصلّي المرأة بحيال الرجل وهو يصلّي » (٥) الخبر ، ونحوه المرسل لراويه (٦).

وأصرح منهما الخبر : عن امرأة صلّت مع الرجال وخلفها صفوف وقدّامها صفوف ، قال : « مضت صلاتها ولم تفسد على أحد ولا تعيد » (٧).

أو إذا كان بينهما شبر ، كما في الصحيحين (٨) وغيرهما (٩) ، أو قدر ما‌

__________________

(١) السرائر ١ : ٢٦٧.

(٢) المرتضى على ما حكاه عنه في السرائر ١ : ٢٦٧ ، الحلي في السرائر ١ : ٢٦٧.

(٣) الاستبصار ١ : ٣٩٩.

(٤) التنقيح الرائع ١ : ١٨٧.

(٥) الفقيه ١ : ١٥٩ / ٧٤٩ ، الوسائل ٥ : ١٢٢ أبواب مكان المصلي بـ ٤ ح ٤.

(٦) التهذيب ٢ : ٢٣٢ / ٩١٢ ، الاستبصار ١ : ٤٠٠ / ١٥٢٧ ، الوسائل ٥ : ١٢٥ أبواب مكان المصلي بـ ٥ ح ٦.

(٧) لم نعثر عليه في كتب الحديث ، وذكره في كشف اللثام ( ج ١ ص ١٩٤ ) معبّرا عنه بخبر عيسى ابن عبد الله القمي.

(٨) الكافي ٣ : ٢٩٨ / ٤ ، الفقيه ١ : ١٥٩ / ٧٤٧ ، التهذيب ٢ : ٢٣٠ / ٩٠٥ ، الاستبصار ١ : ٣٩٨ / ١٥٢٠ ، الوسائل ٥ : ١٢٣ ، ١٢٥ ، أبواب مكان المصلي بـ ٥ ح ١ ، ٧.

(٩) التهذيب ٢ : ٢٣٠ / ٩٠٦ ، الاستبصار ١ : ٣٩٨ / ١٥٢١ ، الوسائل ٥ : ١٢٤ أبواب مكان

١١

لا يتخطى أو قدر عظم الذراع ، كما في آخرين (١) ، أو موضع رحل (٢) ، كما في مثلهما سندا (٣) ، أو بتقدمها بصدره ، كما في الصحيح (٤) ، أو إذا كان سجودها مع ركوعه ، كما في المرسلين (٥).

والبأس المفهوم منها بغير هذه المقادير وإن احتمل التحريم ، إلاّ أنه مندفع بالأصل وضمّ بعضها إلى بعض ، مضافا إلى الإجماع ، وعدم قائل بالمنع تحريما بغيرها والجواز معها إلاّ الجعفي ، فقال بالمنع فيما دون عظم الذراع والجواز معه (٦). ولكن الدال عليه من النصوص قليل ، ومع ذلك معارض بما يدل على ارتفاع المنع بشبر ، وهو دون عظم الذراع بيقين ، ومع ذلك فهو شاذ لم ينقله إلاّ قليل ، بل ظاهر جمع الإجماع على خلافه ، حيث ادّعوا عدم القول بالفرق بين القولين المشهورين ، مؤذنين بدعوى الإجماع على فساد القول‌

__________________

المصلي بـ ٥ ح ٣.

(١) الأول :

مستطرفات السرائر : ٧٤ / ١٥ ، الوسائل ٥ : ١٢٦ أبواب مكان المصلي بـ ٥ ح ١٣.

الثاني :

الفقيه ١ : ١٥٩ / ٧٤٨ وفيه : ما يتخطّى ، وهو موافق لنسخة « ح » من الكتاب ، الوسائل ٥ : ١٢٥ أبواب مكان المصلي بـ ٥ ح ٨.

(٢) في « لـ » و « ح » : رجل.

(٣) الكافي ٣ : ٢٩٨ / ١ ، الوسائل ٥ : ١٢٦ أبواب مكان المصلي بـ ٥ ح ١١. وفيه : موضع رجل.

(٤) التهذيب ٢ : ٣٧٩ / ١٥٨٢ ، الاستبصار ١ : ٣٩٩ / ١٥٢٥ ، الوسائل ٥ : ١٢٧ أبواب مكان المصلي بـ ٦ ح ٢.

(٥) الأول :

التهذيب ٢ : ٣٧٩ / ١٥٨١ ، الاستبصار ١ : ٣٩٩ / ١٥٢٤ الوسائل ٥ : ١٢٧ أبواب مكان المصلي بـ ٦ ح ٣.

الثاني :

الكافي ٣ : ٢٩٩ / ٧ ، الوسائل ٥ : ١٢٨ أبواب مكان المصلي بـ ٦ ح ٥.

(٦) كما حكاه عنه في الذكرى : ١٥٠.

١٢

الثالث.

وبالجملة : فهذه النصوص ـ مع صحة أكثرها ، واستفاضتها ، واعتضادها بالشهرة العظيمة المتأخرّة القريبة من الإجماع ، بل هي إجماع في الحقيقة ـ واضحة الدلالة على نفي الحرمة ، وإثبات الكراهة ولو مختلفة المراتب ضعفا وقوة ، ومع ذلك معتضدة بأصالة البراءة ، والإطلاقات ، بل استدل بهما أيضا جلّ الطائفة.

ولا ريب أنها أرجح بالإضافة إلى الأدلّة السابقة ، مع قصور أكثر أخبارها سندا ودلالة ، وقبولها الحمل على الكراهة دون هذه الأدلّة ، إذ لا تقبل أكثرها الحمل على شي‌ء يجمع به بينها وبين تلك ، مع مراعاة عدم القائل بالفرق بين الطائفة الظاهر ، المصرح به في كلام جماعة كما عرفته ، فالعمل بتلك يوجب ترك هذه بالمرّة ، ولا كذلك العكس ، لقبولها الحمل على الكراهة دون هذه.

نعم ، يبقى الكلام في دعوى الإجماع على المنع ، فإن تأويلها إلى الكراهة في غاية البعد ، لنص الشيخ الناقل له ببطلان الصلاة ، حيث منع عنها (١) ، وهو لا يجتمع مع الكراهة.

لكن إطراحها أولى من إطراح هذه الأدلّة القويّة بما عرفته.

مضافا إلى الصحيحين المعبّرين عن المنع بـ « لا ينبغي » كما في أحدهما (٢) ، مع الاكتفاء في رفعه فيه بشبر على إحدى النسختين (٣)

__________________

(١) راجع ص : ٩.

(٢) الكافي ٣ : ٢٩٨ / ٤ ، التهذيب ٢ : ٢٣٠ / ٩٠٥ ، الاستبصار ١ : ٣٩٨ / ١٥٢٠ ، الوسائل ٥ : ١٢٣ أبواب مكان المصلي بـ ٥ ح ١.

(٣) النسخة موجودة في الكافي وغيره ، والاولى في التهذيبين. منه رحمه الله.

١٣

والاحتمالين (١) ، وب « يكره » كما في الثاني المروي في العلل (٢).

ودلالتهما على كل من التحريم والكراهة وإن كان غير ظاهر ظهورا معتدا به ، إلاّ أن الإشعار فيهما بالكراهة حاصل ، سيّما في الأول ، مضافا إلى ضمّ باقي الأخبار إليهما. فالقول بالجواز أقوى ، وإن كان التجنّب أحوط بلا شبهة.

ويتفرع على القول بالحرمة فروعات جليلة لا فائدة لنا في ذكرها مهمة بعد اختيارنا الكراهة.

( ولو كان بينهما حائل ) من نحو ستر دون ظلمة وفقد بصر على الأظهر ( أو تباعد عشرة أذرع فصاعدا ) بين موقفيهما كما هو المتبادر ( أو كانت متأخّرة عنه ولو بمسقط الجسد ) بحيث لا يحاذي جزء منها جزءا منه ، ارتفع المنع و ( صحّت صلاتهما ) إجماعا كما في المعتبر والمنتهى (٣) وغيرهما (٤).

وللمعتبرة المستفيضة المتقدم إلى بعضها الإشارة.

بل ظاهر جملة من الصحاح المتقدمة انتفاء المنع مطلقا بالذراع والشبر ونحوهما (٥) كما عن الجامع (٦) ، وهو ظاهر الفاضلين في المعتبر والمنتهى ، لكن في صورة تأخّرها لا مطلقا كما احتمله الشيخ في كتابي الحديث (٧) ، وبه قال في الذخيرة أيضا (٨).

__________________

(١) الاحتمال هنا إشارة إلى أن في تتمة الحديث تفسيرا محتملا كونه من الحديث المبني عليه الكلام كونها من الشيخ. منه رحمه الله.

(٢) علل الشرائع : ٣٩٧ / ٤ ، الوسائل ٥ : ١٢٦ أبواب مكان المصلي بـ ٥ ح ١٠.

(٣) المعتبر ٢ : ١١١ ، المنتهى ١ : ٢٤٣.

(٤) انظر البحار ٨٠ : ٣٣٦.

(٥) راجع ص : ١١ و١٢.

(٦) الجامع للشرائع : ٦٩.

(٧) التهذيب ٢ : ٢٣٢ ، الاستبصار ١ : ٤٠٠.

(٨) الذخيرة : ٢٤٣.

١٤

ولا بأس به لو لا الموثقة السابقة (١) الظاهرة في بقاء المنع في صورة التأخّر إلى أن تتأخّر عنه بحيث لا يحاذي جزء منها جزءا منه. والأخبار الصحيحة وإن ترجّحت عليها من وجوه عديدة ، ولكن الأخذ بها أولى في مقام الكراهة ، بناء على المسامحة في أدلّتها ، مع اشتهار العمل بها أيضا ، فلتحمل الصحاح على خفّة الكراهة لا انتفائها ، وعليه تحمل الموثقة.

وهل يعتبر في الحائل كونه ستيرا بحيث لا يرى أحدهما الآخر مطلقا ، كما هو المتبادر من النص والفتوى؟

أم يكفي مطلقا ولو لم يكن ستيرا ، كما في الصحيح : عن الرجل يصلّي في مسجد حيطانه كوى (٢) كله قبلته وجانباه ، وامرأته تصلّي حياله يراها ولا تراه ، قال : « لا بأس » (٣)؟

وجهان ، والأوّل أنسب بمقام الكراهة.

ويرتفع المنع أيضا مطلقا مع الضرورة ، كما صرّح به جماعة (٤) ، اقتصارا فيما خالف الأصل على المتيقن من النص والفتوى ، لاختصاصهما بحكم التبادر وغيره بحال الاختيار.

مضافا إلى فحوى ما دلّ على جواز الصلاة في المغصوب مع الضرورة. وفي الصحيح المروي في العلل : « إنما سمّيت مكّة بكّة لأنها يبتكّ (٥) بها الرجال والنساء ، والمرأة تصلّي بين يديك وعن يمينك وعن يسارك ومعك ، ولا‌

__________________

(١) في ص : ١٠.

(٢) الكوّة ـ بالضم والفتح والتشديد ـ النقبة في الحائط غير نافذة. مجمع البحرين ١ : ٣٦٤.

(٣) التهذيب ٢ : ٣٧٣ / ١٥٥٣ ، الوسائل ٥ : ١٢٩ أبواب مكان المصلي بـ ٨ ح ١.

(٤) منهم فخر المحققين في الإيضاح ١ : ٨٩ ، وصاحب المدارك ٣ : ٢٢٤ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ١٩٥.

(٥) أي : يزاحم ويدافع. مجمع البحرين ٥ : ٢٥٩.

١٥

بأس بذلك ، وإنما يكره في سائر البلدان » (١).

( و ) عليه فـ ( لو كان ) كل منهما ( في مكان لا يمكن فيه التباعد ) ولا الحائل ، ولا يقدران على غيره وضاق الوقت ارتفع المنع مطلقا. ومع عدم الضيق ( صلّى الرجل أوّلا ثمَّ المرأة ) استحبابا ، للأمر به في بعض الصحاح المتقدمة (٢) المحمول عليه عندنا قطعا ، وكذا عند جملة من القائلين بالمنع ، إذ هو لا يقتضي تعين تقدم الرجل ، بل تقدم أحدهما ، كما في ظاهر الموثق كالصحيح : أصلّي والمرأة إلى جنبي تصلّي؟ فقال : « لا ، إلاّ أن تتقدّم هي أو أنت » (٣).

خلافا للمحكي عن الشيخ (٤) ، فعيّن تقديم الرجل.

ولعله لظاهر الأمر في الصحيح ، وعدم وضوح الصحيح الآخر في إرادة التقديم الفعلي ، لاحتماله المكاني ، بل فهمه منه صاحبا المدارك والذخيرة (٥) ، فاستدلاّ به على جواز تقديم المرأة مكانا من غير حرمة.

ولكنه بعيد ، لظهور الاحتمال الأول ، للإجماع على ثبوت المنع ولو كراهة في تقدّم المرأة مكانا بعد توافقهما فعلا ، فهو أقوى قرينة على تعيّن الاحتمال الأوّل ، فيصرف به الأمر في الصحيح الأول عن ظاهره إلى الاستحباب.

ثمَّ إنّ هذا إذا لم يختص المكان بها عينا أو منفعة ، بل تساويا فيه ملكا أو إباحة. وإن اختصّ بها دونه فلا أولوية للرجل في تقديمه إلاّ أن تأذن له فيه.

__________________

(١) علل الشرائع : ٣٩٧ / ٤ ، الوسائل ٥ : ١٢٦ أبواب مكان المصلي بـ ٥ ح ١٠.

(٢) في ص : ٩.

(٣) التهذيب ٢ : ٢٣١ / ٩٠٩ ، الوسائل ٥ : ١٢٤ أبواب مكان المصلي بـ ٥ ح ٥.

(٤) في النهاية : ١٠١.

(٥) المدارك ٣ : ٢٢٢ ، الذخيرة : ٢٤٣.

١٦

وهل الأولى لها أن تأذن له في ذلك أم لا؟ كل محتمل ، وبالأوّل صرّح جمع (١) ، ولا بأس به.

( ولا يشترط طهارة موضع الصلاة إذا لم تتعدّ نجاسته ) إلى المصلّي أو محمولة الذي يشترط طهارته على وجه يمنع من الصلاة ( ولا طهارة مواقع المساجد ) السبعة ( عدا موقع الجبهة ) فيعتبر طهارة القدر المعتبر منه في السجود مطلقا ، إجماعا فيه كما يأتي.

وعدم اعتبار الطهارة فيما عداه مطلقا مشهور بين الأصحاب على الظاهر المصرح به في كلام جماعة (٢) ، بل لا يكاد يعرف فيه خلاف إلاّ من المرتضى والحلبي (٣) ، فاعتبرا طهارة مكان المصلّي مطلقا ، وإن اختلفا في تفسيره بالمساجد السبعة خاصة ، كما عليه الثاني ، أو مطلق مكان المصلّي ، كما عليه المرتضى.

ولا حجّة لهما يعتدّ بها عدا ما يستدلّ لهما من الموثقين المانع أحدهما عن الصلاة على الموضع القذر يكون في البيت أو غيره فلا تصيبه الشمس ولكنه قد يبس (٤) ، وثانيهما عن الصلاة على الشاذكونة (٥) التي يصيبها الاحتلام (٦).

__________________

(١) كصاحب المدارك ٣ : ٢٢٥ والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ١٩٥ وصاحب الحدائق ٧ : ١٩٠.

(٢) منهم : العلامة في التذكرة ١ : ٨٧ والشهيد في الذكرى : ١٥٠ ، والسبزواري في الكفاية : ١٦ ، وصاحب الحدائق ٧ : ١٩٤.

(٣) حكاه عن المرتضى في الذكرى : ١٥٠ ، الحلبي في الكافي : ١٤١.

(٤) التهذيب ٢ : ٣٧٢ / ١٥٤٨ ، الوسائل ٣ : ٤٥٢ أبواب النجاسات بـ ٢٩ ح ٤.

(٥) بفتح الذال ، ثياب غلاظ مضرّبة تعمل باليمن ، والى بيعها نسب أبو أيوب الحافظ لأن أباه كان يبيعها. القاموس المحيط ٤ : ٢٤١.

(٦) التهذيب ٢ : ٣٦٩ / ١٥٣٦ ، الاستبصار ١ : ٣٩٣ / ١٥٠١ ، الوسائل ٣ : ٤٥٥ أبواب النجاسات بـ ٣٠ ح ٦.

١٧

ومن قوله تعالى ( وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ) (١) ولا هجر إذا صلّى عليه.

ووجوب تجنيب المساجد النجاسة (٢) ، وإنما هو لكونها مواضع الصلاة.

والنهي عنها في المزابل والحمامات (٣) ، وهي مواطن النجاسة.

وفي الجميع نظر ، لضعف الخبرين بمعارضتهما بالمعتبرة المستفيضة المجوّزة للصلاة في كل من الموضعين الممنوع عن الصلاة عليهما في الخبرين ، ففي الصحيح : عن البيت والدار لا تصيبهما الشمس ويصيبهما البول ، ويغتسل فيهما من الجنابة ، أيصلى فيهما إذا جفّا؟ قال : « نعم » (٤) ونحوه غيره من الصحيح (٥) وغيره (٦) وهو كثير.

وفي الصحيح : عن الشاذكونة تكون عليها الجنابة ، أيصلّي عليها في المحمل؟ فقال : « لا بأس » (٧) ونحوه الخبر بدون قوله : « في المحمل » (٨).

وهي ـ مع كثرتها ، وصحة جملة منها ، واستفاضتها ، واعتضادها بالأصل والإطلاقات والشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعا ، بل هي إجماع ظاهرا ـ تترجح على الخبرين ، فليطرحا ، أو يحملا على الكراهة ، أو النجاسة‌

__________________

(١) المدثر : ٥.

(٢) انظر الوسائل ٥ : ٢٢٩ أبواب أحكام المساجد بـ ٢٤ ح ٢.

(٣) سنن ابن ماجه ١ : ٢٤٦.

(٤) الفقيه ١ : ١٥٨ / ٧٣٧ ، قرب الإسناد : ١٩٦ / ٧٤٣ ، الوسائل ٣ : ٤٥٣ أبواب النجاسات بـ ٣٠ ح ١.

(٥) التهذيب ٢ : ٣٧٣ / ١٥٥٣ ، قرب الإسناد : ٢١٢ / ٨٣٠ ، الوسائل ٣ : ٤٥٣ أبواب النجاسات بـ ٣٠ ح ٢.

(٦) الوسائل ٣ : ٤٥١ ، ٤٥٣ ، أبواب النجاسات بـ ٢٩ ، ٣٠.

(٧) التهذيب ٢ : ٣٦٩ / ١٥٣٧ ، الاستبصار ١ : ٣٩٣ / ١٤٩٩ ، الوسائل ٣ : ٤٥٤ أبواب النجاسات بـ ٣٠ ح ٣.

(٨) التهذيب ٢ : ٣٧٠ / ١٥٣٨ ، الاستبصار ١ : ٣٩٣ / ١٥٠٠ ، الوسائل ٣ : ٤٥٤ أبواب النجاسات بـ ٣٠ ح ٤.

١٨

المتعدّية ، أو موضع الجبهة خاصة.

وعلى أحد هذه يحمل النهي في الرواية الأخيرة على تقدير تسليمها ، مع أن النهي فيها بالإضافة إلى الحمام للكراهة ، فليحمل بالإضافة إلى الباقي عليها ، جمعا بين الأدلة.

ولا دليل على أن المراد بالرجز النجاسة ، فلعلّ المراد به العذاب والغضب.

ودعوى كون وجوب تجنيب المساجد لكونها مواضع الصلاة ممنوعة ، مع احتمال المساجد في أخباره مواضع السجود ، وأن العلّة صلاحيتها للسجود على أيّ موضع أريد منها.

ثمَّ إن كل ذا إذا صلّى على نفس الموضع النجس من غير أن يستره بطاهر يصلي عليه ، وإلاّ صحّت صلاته قولا واحدا ، وعليه نبّه في الذكرى (١) ، وفي التحرير الإجماع عليه (٢) ، وهو الحجة.

مضافاً إلى النصوص الكثيرة الناطقة بجواز اتخاذ الحشّ (٣) مسجدا إذا القي عليه من التراب ما يواريه ، ففي الصحيح : عن المكان يكون حشّا زمانا فينظف ويتّخذ مسجدا ، فقال : « ألق عليه من التراب حتى يتوارى ، فإن ذلك يطهّره إن شاء الله تعالى » (٤).

( ويستحب صلاة الفريضة ) المكتوبة ( في المسجد ) بالإجماع ، بل الضرورة ، والنصوص المستفيضة بل المتواترة ( إلاّ ) العيدين بغير مكة ، كما‌

__________________

(١) الذكرى : ١٥٠.

(٢) التحرير ١ : ٣٢.

(٣) الحشّ : البستان ، فقولهم : بيت الحش ، مجاز لأن العرب كانوا يقضون حوائجهم في البساتين فلما اتّخذوا الكنف وجعلوها خلفا عنها أطلقوا عليها ذلك الاسم. المصباح المنير : ١٣٧.

(٤) التهذيب ٣ : ٢٦٠ / ٧٣٠ ، الاستبصار ١ : ٤٤٢ / ١٧٠٣ ، الوسائل ٥ : ٢١٠ أبواب أحكام المساجد بـ ١١ ح ٤.

١٩

سيأتي إليه الإشارة (١) ، وكذا الفريضة ( في ) جوف ( الكعبة ) فيكره ، أو يحرم ، على الخلاف المتقدم إليه الإشارة في بحث القبلة (٢).

( و ) أما ( النافلة ) فـ ( في المنزل ) أفضل ، كما عن النهاية والمبسوط والمهذب والجامع ، وفي الشرائع والإرشاد والقواعد وشرحه للمحقق الثاني وروض الجنان (٣) وبالجملة المشهور على الظاهر ، المصرح به في الذخيرة (٤) ، بل فيها عن المعتبر والمنتهى أنه فتوى علمائنا (٥) ، وحكى عن غيرهما أيضا ، وهو ظاهر في الإجماع عليه.

واستدلّ عليه بعده بأنها فيه أقرب إلى الإخلاص وأبعد عن الوسواس (٦) ، ولذا كان الإسرار بالصدقات المندوبة أفضل.

والنصوص النبوية منها : « أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلاّ المكتوبة » (٧).

ومنها : أمر صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يصلّوا النوافل في بيوتهم (٨).

ومنها : في وصيته لأبي ذر المروية في مجالس الشيخ : « يا أبا ذر ، أيّما رجل تطوّع في يوم باثني عشر ركعة سوى المكتوبة كان له حقا واجبا بيت في الجنة. يا أبا ذر ، صلاة في مسجدي هذا تعدل مائة ألف صلاة في غيره من‌

__________________

(١) في ص ٣٩٢ و٣٩٣.

(٢) راجع ج ٢ : ص ٢٦٠.

(٣) النهاية : ١١١ ، المبسوط ١ : ١٦٢ ، المهذّب ١ : ٧٧ ، الجامع للشرائع : ١٠٣ ، الشرائع ١ : ١٢٨ ، الإرشاد ١ : ٢٤٩ ، القواعد ١ : ٢٩ ، جامع المقاصد ٢ : ١٤٣ ، روض الجنان : ٢٣٤.

(٤) الذخيرة : ٢٤٨.

(٥) المعتبر ٢ : ١١٢ ، المنتهى ١ : ٢٤٤.

(٦) في « ش » : الرياء.

(٧) مسند أحمد ٥ : ١٨٦ ، سنن الترمذي ١ : ٢٧٩ / ٤٤٩ وفيه بتفاوت يسير.

(٨) سنن الدارمي ١ : ٣١٧.

٢٠