رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١١

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١١

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-273-3
الصفحات: ٥٠٤

الداخلة (١) والمدخول عليها.

( الثالث : المهر ، وذكره ) في ضمن العقد ( شرط ) في الصحّة ؛ بالإجماع ، والمستفيضة :

منها الصحيح : عن المتعة ، فقال : « هو مهر معلوم إلى أجل معلوم » (٢).

وأصرح منه الآخر : « لا يكون متعة إلاّ بأمرين : بأجل مسمّى ، ومهر مسمّى » (٣) ، ونحوه في الصراحة غيره (٤).

فيبطل العقد بالإخلال به مطلقاً ، عمداً كان أو سهواً.

بخلاف الدائم ، فليس ركناً فيه إجماعاً ، وهو الفارق ، مع النصوص الموجّهة بأنّ الغرض الأصلي من الدوام التناسل ، ومن المنقطع قضاء الشهوة والاستمتاع (٥) ، فنكاحُه شديد الشباهة بالمعاوضات ، ولذا سمّيت متعة ومستأجرة ، ومهرها في الغالب اجرة.

( و ) يشترط فيه الملكيّة والعلم بالمقدار إجماعاً ، و ( يكفي فيه المشاهدة ) حتى فيما لا يكتفى بها فيه من المعاوضات الصرفة بشرط الحضور ، ومع الغيبة فلا بُدَّ من الوصف بما يرفع الجهالة ، وظاهرهم القطع بذلك ، وإن تردّد فيه بعض الأجلة (٦).

__________________

(١) بالإضافة إلى المتمتع بها والدائمة. منه رحمه‌الله.

(٢) التهذيب ٧ : ٢٦٢ / ١١٣٥ ، الوسائل ٢١ : ٤٢ أبواب المتعة ب ١٧ ح ٣.

(٣) الكافي ٥ : ٤٥٥ / ١ ، التهذيب ٧ : ٢٦٢ / ١١٣٣ ، الوسائل ٢١ : ٤٢ أبواب المتعة ب ١٧ ح ١ ؛ بتفاوت يسير.

(٤) الكافي ٥ : ٤٥٥ / ٢ ، التهذيب ٧ : ٢٦٣ / ١١٣٨ ، الوسائل ٢١ : ٤٤ أبواب المتعة ب ١٨ ح ٤.

(٥) انظر الوسائل ٢١ : ٧٢ أبواب المتعة ب ٣٦.

(٦) نهاية المرام ١ : ٢٣١ والحدائق ٢٤ : ١٥٧.

٣٢١

( ويتقدّر بالتراضي ) بكلّ ما يقع عليه ممّا يتموّل ( ولو بكفّ من بُرّ ) على الأشهر الأظهر ؛ للأصل ، والإطلاقات ، وخصوص النصوص الدالّة عليه بالعموم والخصوص.

وهي في الأول مستفيضة ، ففي الصحاح (١) : « المهر ما تراضى عليه الناس » وزيد في بعضها : « من قليل أو كثير ».

وكذلك في الثاني ، منها الصحيح : كم المهر يعني في المتعة؟ قال : « ما تراضيا عليه إلى ما شاءا من الأجل » (٢).

والحسن : عن أدنى ما يتزوّج به الرجل متعة ، قال : « كفّين من بُرّ » (٣).

وفي المعتبرة المنجبر قصور أسانيدها بما مرّ مع الشهرة التقدير بكفّ من بُرّ كما في بعضها (٤) ، أو دقيق أو سويق أو تمر ، كما في غيره (٥).

خلافاً للمحكيّ عن الصدوق ، فالدرهم فما زاد (٦) ؛ للصحيح : « أنّه يجزي فيه الدرهم فما فوقه » (٧).

وليس نصّاً فيه ، بل ولا ظاهراً ؛ إذ الحكم بإجزاء الدرهم غير منافٍ‌

__________________

(١) الوسائل ٢١ : ٢٣٩ أبواب المهور ب ١.

(٢) الكافي ٥ : ٤٥٧ / ١ ، التهذيب ٧ : ٢٦٠ / ١١٢٧ ، الإستبصار ٣ : ١٤٩ / ٥٤٧ ، الوسائل ٢١ : ٤٩ أبواب المتعة ب ٢١ ح ٣.

(٣) الفقيه ٣ : ٢٩٤ / ١٣٩٨ ، التهذيب ٧ : ٢٦٣ / ١١٣٦ ، المقنع : ١١٤ ، الوسائل ٢١ : ٤٤ أبواب المتعة ب ١٨ ح ٥.

(٤) الكافي ٥ : ٤٥٧ / ٢ ، التهذيب ٧ : ٢٦٠ / ١١٢٥ ، الوسائل ٢١ : ٤٩ أبواب المتعة ب ٢١ ح ٢.

(٥) الكافي ٥ : ٤٥٧ / ٤ ، الوسائل ٢١ : ٥٠ أبواب المتعة ب ٢١ ح ٥.

(٦) المقنع : ١١٣.

(٧) الكافي ٥ : ٤٥٧ / ٣ ، التهذيب ٧ : ٢٦٠ / ١١٢٦ ، الوسائل ٢١ : ٤٨ أبواب المتعة ب ٢١ ح ١.

٣٢٢

لإجزاء الأقلّ ، إلاّ بالمفهوم المردود عند الكلّ ، الغير المكافئ لشي‌ء ممّا مرّ ، فضلاً عن الجميع.

( ولو لم يدخل ) بها ( ووهبها ) ما بقي من ( المدّة ) المضروبة كملاً ( فلها النصف ) من المسمّى ، فتأخذه منه مع عدم الأداء ( ويرجع ) الزوج ( بالنصف لو كان دفع المهر ) إليها ، فيما قطع به الأصحاب ، بل عن الحلّي والمحقّق الشيخ عليّ عليه الإجماع (١) ؛ وهو الحجّة فيه ، والموثّق : « وإن خلاّها قبل أن يدخل بها ردّت المرأة على الرجل نصف الصداق » (٢).

ولمخالفة الحكم للأصل يجب الاقتصار فيه على محلّ الوفاق والمتبادر من النصّ ، فلا ردّ مطلقاً ولو مقسّطاً في هبة البعض وإبقاء الباقي.

ومن هنا يظهر جواز هبة المدّة مطلقاً (٣) ، وهي بمعنى إبراء الذمّة ، فلا يحتاج إلى القبول ظاهراً ؛ والنصوص فيه بعد ما مرّ من الإجماع والنصّ مستفيضة.

ففي الصحيح عن رجل تمتّع بامرأة ، ثم وهب لها أيّامها قبل أن يفضي إليها ، أو وهب لها أيّامها بعد ما أفضى إليها ، هل له أن يرجع فيما وهب لها من ذلك؟ فوقّع عليه‌السلام : « لا يرجع » (٤).

فلا وجه للشكّ في الجواز من حيث التجدّد شيئاً فشيئاً ، وأنّ الثابت في الذمّة حال البراءة ليس هو الحقّ المتجدّد (٥) ؛ لأنّه اجتهاد في مقابلة الأدلّة القويّة. ومع ذلك فربما اقتضته الحكمة الربّانية ، فإنّه لا يقع هنا‌

__________________

(١) الحلّي في السرائر ٢ : ٦٢٢ ، الشيخ علي في جامع المقاصد ١٣ : ٢٣.

(٢) التهذيب ٧ : ٢٦١ / ١١٣٠ ، الوسائل ٢١ : ٦٣ أبواب المتعة ب ٣٠ ح ١.

(٣) أي قبل الدخول وبعده. ومنه رحمه‌الله.

(٤) الفقيه ٣ : ٢٩٣ / ١٣٩١ ، الوسائل ٢١ : ٦٣ أبواب المتعة ب ٢٩ ح ١.

(٥) انظر المسالك ١ : ٥٠٢.

٣٢٣

طلاق بالوفاق ، فربما أُريد قبل انقضاء الأجل الفراق ، فلولا صحّة الهبة لما وقع بوجه ، وهو حرج عظيم ، كما لا يخفى على البصير المداقّ.

ثم ما مرّ إذا لم يدخل.

( و ) أمّا ( إذا دخل ) بها ( استقرّ المهر ) في ذمّته كملاً ، بشرط الوفاء بكمال المدّة ، أو هبته لها ؛ للأصل ، والوفاق.

( و ) أمّا مع فقد الشرطين ، كما ( لو أخلّت بشي‌ء من المدّة ) من دون هبة اختياراً ( قاصّها ) من المهر بنسبة ما أخلّت به من المدّة ، بأن يبسط المهر على جميعها ، ويسقط منه بحسابه ، حتى لو أخلّت بها أجمع سقط عنه المهر. ويتصوّر ذلك بالإخلال بها قبل الدخول.

ولا فرق في الحكم المذكور بينه وبين بعده ؛ للإجماع عليه في الظاهر مطلقاً ، وإطلاق النصوص ، كالصحيح أو الحسن : أتزوّج المرأة شهراً أو شهرين ، فتريد منّي المهر كملاً وأتخوّف أن تخلفني ، فقال : « يجوز أن تحبس ما قدرت عليه ، فإن هي أخلفتك فخذ منها بقدر ما تخلفك فيه » (١).

وفي آخر مثله كذلك ، وفيه : « خذ منها بقدر ما تخلفك ، إن كان نصف شهر فالنصف ، وإن كان ثلثاً فالثلث » (٢).

ويستثنى منه أيّام الطمث ؛ للموثّق : « ينظر ما قطعت من الشرط ، فيحبس عنها من مهرها بمقدار ما لم تف له ، ما خلا أيّام الطمث فإنّها لها ، [ فلا يكون له ] إلاّ ما أحلّ له فرجها » (٣).

__________________

(١) الكافي ٥ : ٤٦٠ / ١ وفيه : لا يجوز ، الوسائل ٢١ : ٦١ أبواب المتعة ب ٢٧ ح ١ ؛ بتفاوت يسير.

(٢) الكافي ٥ : ٤٦١ / ٣ ، التهذيب ٧ : ٢٦٠ / ١١٢٨ ، الوسائل ٢١ : ٦١ أبواب المتعة ب ٢٧ ح ٢.

(٣) الكافي ٥ : ٤٦١ / ٤ ، الوسائل ٢١ : ٦١ أبواب المتعة ب ٢٧ ح ٣ ؛ بتفاوت يسير ، وما بين المعقوفين أضفناه من الكافي.

٣٢٤

وفي إلحاق ما عداه من الأعذار كالمرض ، والخوف من ظالم وجهان ، أوجههما : العدم ؛ تمسّكاً بالأصل ، والتفاتاً إلى اختصاص النصّ بالحيض ، من دون إشعارٍ فضلاً عن ظهور بالعموم.

وتعليل الإلحاق بالمشاركة في المعنى لعدم القطع به ، ولا الدليل عليه سوى الاستنباط قياسٌ باطل بلا التباس.

ويستفاد من النصّ الأول والثالث وغيرهما (١) جواز تأخير المهر ، وعدم وجوب المبادرة بدفعه بعد العقد ؛ وهو الأوفق بمقتضى الأصل.

خلافاً لجماعة كما عن المفيد والمرتضى والمهذب (٢) فأوجبوا المبادرة ؛ ولعلّه لوجود : « لا يجوز » بدل : « يجوز » في أكثر نسخ الرواية الأُولى (٣) ، المؤيّدة بتفريع جملة : « فإن هي أخلفتك فخذ منها » على السابق ؛ إذ لا معنى للأخذ منها بعد حبس المهر عنها.

وهو أحوط ، إلاّ أنّ في تعيّنه نظراً ؛ لظهور الموثّق المزبور بجواز الحبس ، المعتضد بالأصل والشباهيّة بالإجارة الجائز فيها ذلك ، وهو بحسب السند أولى منه ، مع اختلاف نسخة ، فتأمّل.

( ولو بان فساد العقد ) إمّا بظهور زوج ، أو عدّة ، أو كونها محرّمة عليه جمعاً أو عيناً ، أو غير ذلك من المفسدات ( فلا مهر ) لها ( إن لم يدخل ) بها مطلقاً ، إجماعاً ؛ للأصل.

( ولو دخل فلها ما أخذت منه ، وتمنع ما بقي ) مطلقاً فيهما ، قليلاً كانا أو كثيراً ، كانا بقدر ما مضى من المدّة وما بقي منها أم لا ، لكن بشرط‌

__________________

(١) الفقيه ٣ : ٢٩٤ / ١٣٩٧ ، الوسائل ٢١ : ٦٢ أبواب المتعة ب ٢٧ ح ٤.

(٢) المفيد في المقنعة : ٥٠٩ ، المرتضى في الانتصار : ١١١ ، المهذب ٢ : ٢٤١.

(٣) انظر الكافي ٥ : ٤٦٠ / ١.

٣٢٥

جهلها بالفساد لا مطلقاً على الأصحّ ، وفاقاً للمحكيّ عن المقنعة والنهاية والمهذّب (١).

للحسن بل الصحيح على الصحيح ـ : « إذا بقي عليه شي‌ء من المهر ، وعلم أنّ لها زوجاً ، فما أخذته فلها بما استحلّ من فرجها ، ويحبس عنها ما بقي عنده » (٢).

وإطلاقه كإطلاق كلام الجماعة محمولٌ على الشرط المتقدّم ؛ للأدلّة القطعيّة على عدم المهر للزانية.

مضافاً إلى خصوص الرواية : الرجل يتزوّج المرأة متعةً بمهر إلى أجل معلوم ، وأعطاها بعض مهرها وأخّرته بالباقي ، ثم دخل بها ، وعلم بعد دخوله بها قبل أن يوفيها باقي مهرها أنّها زوّجته نفسها ولها زوج مقيم معها ، أيجوز له حبس باقي مهرها أم لا؟ فكتب : « لا يعطيها شيئاً ؛ لأنّها عصت الله عزّ وجلّ » (٣).

فلا إشكال في العمل بالخبر مع صحّته من جهة عمومه لصورتي الجهل وعدمه ، كيف لا؟! والعامّ بعد التخصيص حجّة في الباقي ، مع احتمال وروده على ظاهر الصحّة في فعل كلّ مسلم ومسلمة ، فيخصّ به بالنظر إلى مورده عموم ما سيأتي من القاعدة : من ثبوت مهر المثل بفساد المناكحة ووطء الشبهة ، ويعمل بها فيما عداه ، كما إذا أخذت الجميع ، أو لم تأخذ شيئاً مطلقاً.

__________________

(١) المقنعة : ٥١٩ ، النهاية : ٤٩١ ، المهذب ٢ : ٢٤٢.

(٢) الكافي ٥ : ٤٦١ / ٢ ، التهذيب ٧ : ٢٦١ / ١١٢٩ ، الوسائل ٢١ : ٦٢ أبواب المتعة ب ٢٨ ح ١.

(٣) الكافي ٥ : ٤٦١ / ٥ ، الوسائل ٢١ : ٦٢ أبواب المتعة ب ٢٨ ح ٢.

٣٢٦

( و ) هنا أقوال أُخر :

منها : أنّ ( الوجه أنّها تستوفيه ) جميعاً ( مع جهالتها ) مطلقاً ، انقضت المدّة بكمالها أم لا ، أخذت منه شيئاً أم لا.

وهو ضعيف جدّاً ، كيف لا؟! ولزوم المسمّى إنّما هو بالعقد الصحيح لا مطلقاً ، ومجرّد التراضي غير مقتضٍ له أصلاً. وعلى تقدير الاقتضاء ، فلا ريب في اشتراط الرضاء ، وتوقّفه على انقضاء المدّة كملاً لا مطلقاً ، فلا وجه للإطلاق قطعاً.

( و ) أمّا أنّه ( يستعاد منها ) مع الأخذ ، ولا تُعطي شيئاً مع العدم ( مع علمها ) فلا ريب فيه قطعاً ؛ لما مضى.

ومنها : ما اختاره المصنّف هنا بقوله : ( ولو قيل بمهر المثل مع الدخول وجهلها ) وعدم المهر مع الدخول والعلم منها مطلقاً (١) ( كان حسناً ).

أمّا الثاني فلما مضى.

وأمّا الأول فلأنّه الأصل في كلّ عقد فاسد ووطء شبهة قطعاً.

والحُسن في محلّه فيما عدا مورد النصّ المتقدّم ؛ لخلوّه عن المعارض ، وأمّا فيه فلا ؛ لتعيّن تخصيص الأصل به ، مع اعتبار سنده ، ووضوح دلالته ، وعمل جماعة به (٢). وحمله على كون المقبوض بقدر المثل ليوافق الأصل كما في الروضة ـ (٣) ليس بأولى من تخصيصه به ، بل هو أولى ؛ لأخصّيته بالإضافة إليه ، فلا يضرّه الإطلاق قطعاً ، والتعارض‌

__________________

(١) أي لا المثل ولا المسمّى. منه رحمه‌الله.

(٢) راجع ص ٣٢٣.

(٣) الروضة البهية ٥ : ٢٨٨.

٣٢٧

بينهما تعارض العموم والخصوص مطلقاً ، فيتعيّن المصير إلى التخصيص ، لا إلى الحمل المتقدّم ، مع عدم الداعي إليه.

ثم إن قلنا بالمثل مطلقاً ، أو حيث أوجبناه ، فهل المراد به مهر المثل لتلك المدّة ، أو مهر المثل للنكاح الدائم؟ قولان :

من أنّ عوض بضع الموطوءة شبهةً هو الثاني جدّاً ، ولذا لو وُطِئت هذه المنكوحة بالعقد الفاسد بدونه شبهةً لزمه ذلك قطعاً ، والعقد الفاسد كالعدم جدّاً.

ومن أنّ الشبهة إنّما هي للعقد المخصوص ، فيجب مهر المثل به.

وضعفه يظهر بما قرّرنا ، فإذاً الثاني أقوى.

ولو قيل بلزوم أقلّ الأمرين تمسّكاً بأصالة البراءة عن الزائد لم يكن بعيداً ؛ التفاتاً إلى عدم دليل على ثبوت مهر المثل للدائم للموطوءة شبهة مطلقاً ، حتى في المقام ؛ إذ ليس إلاّ الإجماع ، وليس ؛ للخلاف ، أو عدم خلوّ البضع عن العوض ، وهو يحصل بأقلّ الأمرين جدّاً ، فلا مخصّص لأصالة البراءة هنا ، فتأمّل.

وهنا قول رابع في أصل المسألة ، نافٍ للمهر مطلقاً مع علمها كما في الأقوال السابقة موجبٌ مع جهلها للأقلّ من المثل أو المسمّى ؛ لموافقة الأصل المتقدّم (١) مع أقلّية المثل عن المسمّى ، وإقدامها بالأقلّ مع العكس (٢).

ويضعّف بوقوعه على وجه مخصوص وهو كونها زوجة لا مطلقاً ، فلا يلزم الإقدام والرضاء بالمسمّى على غيره قطعاً.

__________________

(١) وهو كون المثل عوض البضع حيث تبيّن فساد العقد. منه رحمه‌الله.

(٢) أي كون المسمّى أقلّ من المثل. منه رحمه‌الله.

٣٢٨

( الرابع : الأجل ، وهو ) أي ذكره ـ ( شرط في ) صحّة ( العقد ) بالإجماع والنصوص ، وقد مرّت في المهر (١).

( و ) لا تقدير له شرعاً ، بل ( يتقدّر بتراضيهما ) عليه كائناً ما كان ( كاليوم والسنة والشهر ) والشهرين.

وإطلاق النصّ وكلام الأصحاب وبه صرّح جماعة (٢) يقتضي عدم الفرق في الزمان الطويل بين صورتي العلم بإمكان البقاء إلى الغاية وعدمه ، وعُلِّل بعدم المانع ؛ لأنّ الموت قبله غير قادح (٣). ولم ينقَل فيه خلاف ، وظاهرهم الإجماع عليه ، ولولاه لأُشكِل واحتاج إلى تأمّل.

وفي الزمان القصير بين صورتي إمكان الجماع فيه وعدمه ؛ لعدم انحصار الغاية فيه.

خلافاً للمحكيّ عن ابن حمزة ، فقدّرة هنا بما بين طلوع الشمس ونصف النهار (٤) ؛ ولا دليل عليه ، ولعلّه أراد المَثَل.

( ولا بُدَّ من تعيينه ) بأن يكون محروساً من الزيادة والنقصان كغيره ؛ دفعاً للغرر والضرر ، والتفاتاً إلى الصحيح : الرجل يتزوّج متعةً سنةً وأقلّ وأكثر ، قال : « إذا كان شي‌ء معلوم إلى أجل معلوم » (٥).

وفي اعتبار اتصال المدّة المضروبة بالعقد ، أو جواز الانفصال ، قولان.

__________________

(١) الوسائل ٢١ : ٤٢ أبواب المتعة ب ١٧.

(٢) منهم الشهيدان في اللمعة والروضة ٥ : ٢٨٥ ، وصاحب المدارك في نهاية المرام ١ : ٢٣٩ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٥٥ ، وصاحب الحدائق ٢٤ : ١٣٨.

(٣) المسالك ١ : ٥٠٣.

(٤) الوسيلة : ٣١٠.

(٥) الكافي ٥ : ٤٥٩ / ٢ ، التهذيب ٧ : ٢٦٦ / ١١٤٧ ، الإستبصار ٣ : ١٥١ / ٥٥٣ ، الوسائل ٢١ : ٥٨ أبواب المتعة ب ٢٥ ح ١ ؛ بتفاوت يسير.

٣٢٩

قيل : أحوطهما الأول ؛ لأنّ الوظائف الشرعيّة إنّما تثبت بالتوقيف ، ولم ينقل تجويزه كذلك ، وإنّما المنقول في النصوص بحكم التبادر صورة الاتّصال ، فيجب القول بنفي ما عداه إلى ثبوت دليل الجواز (١) ؛ تمسّكاً بأصالة الحرمة.

وقيل بالثاني (٢) ؛ لوجود المقتضي ، وهو العقد المشتمل على الأجل المضبوط ، فيلزم الوفاء به ؛ لعموم الأمر به (٣) ، وهو كافٍ في ثبوت التوقيف ، كيف لا؟! واشتراط التوقيف بعنوان الخصوص غير لازم ، ولذا يتمسّك به فيما لم يرد بشرعيّته دليل بالخصوص.

وهذا أجود ، وفاقاً للمحكيّ عن الحلّي والماتن في النكت وصرّح به في الشرائع والمسالك والقواعد (٤) ، وعن إطلاق الأكثر (٥).

وهو ظاهر الخبر : الرجل يلقى المرأة فيقول لها : زوّجيني نفسك شهراً ، ولا يسمّي الشهر بعينه ، ثم يمضي فيلقاها بعد سنين ، فقال : « له شهره إن كان سمّاه ، وإن لم يكن سمّاه فلا سبيل له عليها » (٦) فإنّ الظاهر كون الشهر المسمّى بعد سنين.

وقصور السند معتضد بما مرّ من القاعدة ، وفتوى الجماعة ، والشهرة المحكيّة في كلام جماعة (٧).

__________________

(١) قال به صاحب المدارك في نهاية المرام ١ : ٢٤٠.

(٢) كما قال به الفاضل الهندي ٢ : ٥٦.

(٣) المائدة : ١.

(٤) الحلّي في السرائر ٢ : ٦٢٣ ، النهاية ونكتها ٢ : ٣٧٩ ، الشرائع ٢ : ٣٠٥ ، المسالك ١ : ٥٠٣ ، القواعد ٢ : ٢٦.

(٥) حكاه الفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٥٦.

(٦) الكافي ٥ : ٤٦٦ / ٤ ، الفقيه ٣ : ٢٩٧ / ١٤١٠ ، التهذيب ٧ : ٢٦٧ / ١١٥٠ ، الوسائل ٢١ : ٧٢ أبواب المتعة ب ٣٥ ح ١.

(٧) منهم المجلسي في مرآة العقول ٢٠ : ٢٥٥ ، وصاحب الحدائق ٢٤ : ١٤٨.

٣٣٠

والاحتياط مشترك بين القولين ، فلا يترك مراعاته على حال.

وعلى المختار ، ففي جواز العقد عليها في المدّة المتخلّلة بين العقد ومبدأ المدّة المشروطة ، أم العدم ، قولان :

أجودهما : الأول ، إذا وفت المدّة المتخلّلة بالأجل المعقود عليه ثانياً ، والعدّة بالنسبة إليه ؛ للأصل ، ومنع صدق ذات البعل عليها في هذه المدّة .. وعلى تقديره ، فاندراجها في إطلاق النصوص المانعة عن العقد على ذات البعل غير معلوم ؛ بناءً على اختصاصه بحكم التبادر بغير محلّ الفرض ، وهو ذات البعل بالفعل ، وهو كافٍ في عدم الخروج عن الأصل ، والاحتياط سبيله واضح.

ثم كلّ ذا مع تعيين المبدأ ، ومع الإطلاق ينصرف إلى الاتّصال على الأصحّ الأشهر ؛ لقضاء العرف به.

خلافاً للحلّي (١) ؛ للجهالة (٢) ، وترتفع بما مرّ وللخبر الذي مرّ ، وهو لا يدلّ إلاّ على البطلان مع عدم التسمية لكونه بعد سنين ، ونحن نقول به.

( ولا يصحّ ذكر المرّة والمرّات مجرّدة عن زمان مقدّر ) لهما ، على الأشهر الأظهر ؛ لفقد التعيين في الأجل المشترط بما مرّ ؛ بناءً على وقوعهما في الزمن الطويل والقصير.

خلافاً للشيخ في النهاية والتهذيب ، فيصحّ وينقلب دائماً (٣) ؛ للخبر : أتزوّج المرأة متعة مرّة مبهمة؟ فقال : « ذلك أشدّ عليك ، ترثها وترثك ،

__________________

(١) السرائر ٢ : ٦٢٣.

(٢) أي في الأجل. منه رحمه‌الله.

(٣) النهاية : ٤٩١ ، التهذيب ٧ : ٢٦٧.

٣٣١

ولا يجوز لك أن تطلّقها إلاّ على طُهر وشاهدين » (١).

وفيه مع ضعف السند وعدم المكافأة لما مرّ بوجه ما سيأتي في انقلاب العقد المجرّد عن الأجل دائماً.

( وفيه رواية بالجواز ) بل روايات ( وفيها ضعف ) وقصور من حيث السند ، أجودها الموثّق : هل يجوز أن يتمتّع الرجل من المرأة ساعة وساعتين؟ فقال : « الساعة والساعتين لا يوقف على حدّهما ، ولكن العَرْد والعَرْدين ، واليوم واليومين ، والليلة ، وأشباه ذلك » (٢).

وسنده وإن اعتبر إلاّ أنّه شاذّ ، والعامل به غير معروف ، غير مكافئ لما مرّ ؛ لصحّة السند ، والكثرة ، والاعتضاد بما هو الأشهر ، ومع ذلك فظاهره المنع عن نحو الساعة والساعتين ، ولا قائل به ، مع إمكان تحديدهما وتعيينهما.

وحمله على اشتراطهما بهذه العبارة أي الساعتين والساعة فيصحّ المنع ؛ للجهالة ، كما تصدّى له بعض الأجلّة (٣).

محلّ مناقشة ، يظهر وجهها بالتعليل فيه بعدم الوقوف على حدّ ، ولم يعلَّل بما مرّ (٤) ، ولو صحّ كان التعليل به أولى. مضافاً إلى تجويزه اليوم واليومين ، وهي بعين العبارة المتقدّمة.

__________________

(١) التهذيب ٧ : ٢٦٧ / ١١٥١ ، الإستبصار ٣ : ١٥٢ / ٥٥٦ ، الوسائل ٢١ : ٤٨ أبواب المتعة ب ٢٠ ح ٣.

(٢) الكافي ٥ : ٤٥٩ / ٣ ، التهذيب ٧ : ٢٦٦ / ١١٤٨ ، الإستبصار ٣ : ١٥١ / ٥٥٤ ، الوسائل ٢١ : ٥٨ أبواب المتعة ب ٢٥ ح ٢. والمراد بالعَرد : المرّة الواحدة من المواقعة. مجمع البحرين ٣ : ١٠١.

(٣) الوسائل ٢١ : ٥٨.

(٤) أي الجهالة. منه رحمه‌الله.

٣٣٢

فظهر أنّ الوجه في المنع ما عُلِّل فيه ، دون ما مرّ من الجهالة.

وبالجملة : فالإعراض عنه لازم.

ويمكن حمله على صورة ذكرهما مع تقدير الزمان الظرف لهما ، والأجل للعقد ، زاد عليهما أم لا ، ولا كلام فيه ؛ لعموم : « المؤمنون عند شروطهم » (١) فلا يجوز له الزيادة عن العدد المشروط بغير إذنها ، ولا يتعيّن عليه فعله ؛ إذ الوطء غير واجب.

ولا تخرج عن الزوجيّة إلاّ بانقضاء الأجل ، فيجوز له الاستمتاع منها بعد استيفاء العدد المشترط بغير الوطء إن زاد الأجل على العدد.

وفي جواز الوطء بها حينئذٍ مع الإذن قولان ، أجودهما : الأول ، وفاقاً للأشهر ؛ للأصل ، وفقد الدليل المحرِّم هنا ، وصريح الموثّق أو الحسن : رجل تزوّج بجارية عاتق (٢) على أن لا يقتضّها ، ثم أذنت له بعد ذلك ، قال : « إذا أذنت له فلا بأس » (٣) ؛ فتدبّر.

( أمّا الأحكام فمسائل ) سبع :

( الاولى : الإخلال بذكر المهر مع ذكر الأجل ) المشترطين في صحّة العقد ( يبطل العقد ) بالنصّ والإجماع ، كما في المختلف والمسالك (٤) ، فلا ينقلب دائماً هنا إجماعاً.

( و ) أمّا لو عكس فـ ( ذكر المهر من دون الأجل ) ففيه أقوال ،

__________________

(١) غوالي اللئلئ ١ : ٢١٨ / ٨٤.

(٢) أي الجارية أول ما أدركت والتي لم تتزوّج. منه رحمه‌الله.

(٣) الفقيه ٣ : ٢٩٧ / ١٤١٣ ، الوسائل ٢١ : ٣٣ أبواب المتعة ب ١١ ح ٣.

(٤) المختلف : ٥٥٩ ، المسالك ١ : ٥٠٥.

٣٣٣

أشهرها : أنّه ( يقلبه دائماً ) لصلاحيّة العقد لكلّ منهما ، وإنّما يتمحّض للمتعة بذكر الأجل ، وللدوام بعدمه ، فمع انتفاء الأول يثبت الثاني ؛ لأنّ الأصل في العقد الصحّة.

وللنصوص ، منها الموثّق : « إن سمّى الأجل فهو متعة ، وإن لم يسمّ الأجل فهو نكاح باتّ (١) » (٢).

وقيل : لا ؛ لأنّ المتعة شرطها الأجل إجماعاً ، والمشروط عدمٌ عند عدم شرطه ، وللصحيح (٣) وغيره (٤) : « لا يكون متعة إلاّ بأمرين : بأجل مسمّى ومهر مسمّى » ، وأنّ الدوام لم يقصد ، والعقود تابعة للقصود ، وصلاحيّة الإيجاب لهما لا توجب حمل المشترك على أحد المعنيين مع إرادة المعنى الآخر المباين له (٥).

هذا ، مع التأمّل في صلاحيّة مطلق الإيجاب لهما ، وإنّما هي في خصوص لفظ النكاح والتزويج دون التمتّع ؛ لما مضى في عقد الدوام (٦).

وهذا هو الأقوى ، سيّما إذا وقع العقد بلفظ التمتّع وكان ترك الأجل‌

__________________

(١) قال في مرآة العقول ( ٢٠ : ٢٣٩ ) : قوله عليه‌السلام : « باتّ » قال العلاّمة رحمه‌الله : أي دائم بحسب الواقع كما فهمه الأصحاب ، أو يحكم عليه ظاهراً كما في سائر الأقارير ولا يقع واقعاً ، لأنّ ما قصده لم يقع وما وقع لم يقصد.

(٢) الكافي ٥ : ٤٥٦ / ١ ، التهذيب ٧ : ٢٦٢ / ١١٣٤ ، الوسائل ٢١ : ٤٧ أبواب المتعة ب ٢٠ ح ١.

(٣) الكافي ٥ : ٤٥٥ / ١ ، التهذيب ٧ : ٢٦٢ / ١١٣٣ ، الوسائل ٢١ : ٤٢ أبواب المتعة ب ١٧ ح ١.

(٤) المتعة ( مصنفات المفيد ٦ ) : ٤٧ ، المستدرك ١٤ : ٤٦٠ أبواب المتعة ب ١٣ ح ١.

(٥) قال به الشهيد الثاني في الروضة ٥ : ٢٨٧.

(٦) راجع ص ١٠.

٣٣٤

نسياناً ، وفاقاً للعلاّمة ووالده وولده والروضة وسبطه (١) وجماعة (٢).

والرواية مع اختلاف نسخها ففي بعضها بدل باتّ : « بان » (٣) وهذه صريحة في البطلان ليس فيها تصريح بأنّهما أرادا المتعة وأخلاّ بالأجل ، بل مضمونها : أنّ النكاح مع الأجل متعة ، وبدونه دوام ، ولا نزاع فيه.

نعم ، في رواية قاصرة السند : إنّي أستحيي ذكر شرط الأيّام ، قال : « هو أضرّ عليك » ، قلت : وكيف؟ قال : « إنّك إن لم تشترط كان تزويج مقام ، ولزمتك النفقة في العدّة ، وكانت وارثة ، لم تقدر على أن تطلّقها إلاّ طلاق السنّة » (٤).

وذكر شيخنا الشهيد في النكت عدم قابليّتها للتأويل.

وليس كذلك ؛ لإمكان أن يكون المراد : إثبات الأضرّية بالإضافة إلى ظاهر الشريعة ، بمعنى : أنّ المرأة لو ادّعت الدوام ، وأثبتت ذكر الألفاظ بدون الأجل ، أُخذ الرجل في ظاهر الشرع بأحكام الدائمة ، من النفقة والكسوة وسائر أحكام الدائمة. ولا يلازم ذلك ثبوت الزوجيّة الدائمة بمجرّد الألفاظ المجرّدة عن بيان المدّة فيما بينه وبين الله تعالى ، حتى يجوز له التمتّع منها في نفس الأمر.

مع احتمال أن يكون المراد من الاستحياء من ذكر الأجل : الحياء من التمتّع بها وإيجابه العدول إلى الدوام ، فكأنّه قال : أتزوّج دائماً لا متعة ؛

__________________

(١) العلاّمة ووالده في المختلف : ٥٥٩ ، وولده في إيضاح الفوائد ٣ : ١٢٨ ، الروضة البهية ٥ : ٢٨٧ ، ونهاية المرام ١ : ٢٤٤.

(٢) منهم المحقق الثاني في جامع المقاصد ١٣ : ٢٦ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٥٥ ، وصاحب الحدائق ٢٤ : ١٤٢.

(٣) لم نعثر عليها في مصادر الحديث. نعم أشار إليها في ملاذ الأخيار ١٢ : ٥٤.

(٤) الكافي ٥ : ٤٥٥ / ٣ ، التهذيب ٧ : ٢٦٥ / ١١٤٥ ، الإستبصار ٣ : ١٥٠ / ٥٥١ ، الوسائل ٢١ : ٤٧ أبواب المتعة ب ٢٠ ح ٢.

٣٣٥

لحيائي منها.

ومع احتمال جميع ذلك ، كيف يُجسَر في تخصيص الأدلّة القطعيّة بها (١)؟! سيّما في صورة النسيان ؛ للزوم الانقلاب دواماً فيها التكاليف الشاقّة المخالفة للأُصول بمجرّد النسيان ، ولم يُعهَد في الشريعة ثبوت التكاليف بمجرّده ؛ مع أنّه مخالف للأدلّة العقليّة.

وأمّا القول : بأنّ العقد إن وقع بلفظ التزويج أو النكاح انقلب دائماً ، أو بلفظ التمتّع بطل كما عن الحلّي (٢) ولعلّه نظر إلى ما قدّمناه في منع صلاحيّة عقد المتعة مطلقاً للدوام.

أو بأنّ ترك الأجل إن كان جهلاً منهما أو أحدهما أو نسياناً كذلك (٣) بطل ، وإن كان عمداً بالدوام انقلب ، كما حُكي قولاً (٤).

فقد ظهر ضعفه ممّا ذكرناه ، مع عدم وضوح الدليل على الثاني.

فالقول بالبطلان مطلقاً مع قصد التمتّع الذي هو موضع النزاع أوجه ، ولكن الاحتياط لا يُترَك ، فيعقد للدوام ثانياً إن أرادها ، وإلاّ فليطلّقها ويعطي نصف المهر ، أو تعفو عنه.

( الثانية : لا حكم للشروط ) إذا كانت ( قبل العقد ) مطلقاً سائغةً كانت أم لا إجماعاً ؛ للنصوص المستفيضة :

منها الموثّق : « ما كان من شرطٍ قبل النكاح هدمه النكاح ، وما كان بعد النكاح فهو جائز » (٥).

__________________

(١) أي بالرواية. منه رحمه‌الله.

(٢) السرائر ٢ : ٦٢٠.

(٣) أي منهما أو من أحدهما. منه رحمه‌الله.

(٤) حكاه في الروضة البهية ٥ : ٢٨٧.

(٥) الكافي ٥ : ٤٥٦ / ١ ، التهذيب ٧ : ٢٦٢ / ١١٣٤ ، الوسائل ٢١ : ٤٦ أبواب المتعة ب ١٩ ح ٢.

٣٣٦

ونحوه الآخر : « إنّما الشرط بعد النكاح » (١).

وبها يُخَصّ عموم ما دلّ على لزوم الوفاء بالشروط (٢).

مضافاً إلى الإجماع على عدم لزوم الوفاء بما يشترط لا في عقد وأنّه بمنزلة الوعد كما حكاه بعض الأصحاب (٣) ومقتضاه عدم لزوم الوفاء بالشروط المتأخّرة كالسابقة ، وظاهرهم الاتّفاق عليه بخصوصه ، وبه يُخَصّ العموم المتقدّم ، وتُصرَف النصوص عن ظواهرها ، بحمل النكاح اللازم ما يشترط بعده فيها على أحد طرفي العقد ، كما يشعر به بعضها ، وفيه : « إن اشترطت على المرأة شروط المتعة فرضيت بها وأوجبت عليها التزويج فاردد عليها شرطك الأول بعد النكاح ، فإن أجازته جاز ، وإن لم تجزه فلا يجوز عليها ما كان من الشروط قبل النكاح » (٤).

وأظهر منه الرضوي بل صريح فيه وفيه : « وكلّ شرط قبل النكاح فاسد ، وإنّما ينعقد الأمر بالقول الثاني ، فإذا قالت في الثاني : نعم ، دفع إليها المهر أو ما حضر [ منه ] » الخبر (٥) ، ونحوه المرويّ في البحار من خبر المفضّل الوارد في الغَيبة (٦).

( و ) تدلّ حينئذٍ على أنّها ( تلزم لو ) كانت سائغة و ( ذكرت فيه ) أي متن العقد وعليه الإجماع أيضاً كما حكي (٧).

__________________

(١) الكافي ٥ : ٤٥٦ / ٤ ، الوسائل ٢١ : ٤٧ أبواب المتعة ب ١٩ ح ٤.

(٢) غوالي اللئلئ ١ : ٢١٨ / ٨٤.

(٣) كالفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٥٦.

(٤) الكافي ٥ : ٤٥٦ / ٣ ، التهذيب ٧ : ٢٦٣ / ١١٣٩ ، الوسائل ٢١ : ٤٥ أبواب المتعة ب ١٩ ح ١.

(٥) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢٣٢ ، المستدرك ١٤ : ٤٦١ أبواب المتعة ب ١٤ ح ٢ ، بدل ما بين المعقوفين في النسخ : ما حضرته ، وما أثبتناه من المصدر.

(٦) البحار ٥٣ : ٢٦ ٣٢ ، المستدرك ١٤ : ٤٧٤ أبواب المتعة ب ٣٢ ح ١.

(٧) حكاه صاحب المدارك في نهاية المرام ١ : ٢٤٦ ، والسبزواري في الكفاية : ١٧١.

٣٣٧

والأشهر الأظهر الاكتفاء بذكرها فيه في اللزوم ؛ لكونها من جملة العقد المأمور بالوفاء به ، والإعادة منفيّة بالأصل.

خلافاً للنهاية ، فأوجبها (١) ؛ لظواهر ما مرّ من المستفيضة.

وفي صحّة النسبة مناقشة ؛ لظهور سياق عبارته فيها فيما حملنا عليه المستفيضة.

وعلى تقديرها ، فليس في المستفيضة بعد الإبقاء على ظواهرها دلالة على اعتبار الإعادة ، وإنّما ظاهرها الاكتفاء بالشروط اللاحقة وإن لم يقع فيها إعادة بعدم ذكرها في العقد بالمرّة ، ولم يقل بلزوم الوفاء بمثلها أحد ، حتى هو في النهاية ؛ لاعتباره فيها ذكر الشروط في العقد البتّة ، وإنّما أوجب ذكرها بعد العقد ثانية ، ولم يكتف بذكرها خاصّة ، وهذا قرينة واضحة على عدم مخالفته للمشهور في المسألة ، وبه صرّح بعض الأجلة (٢).

( الثالثة : يجوز ) له ولها ( اشتراط إتيانها ليلاً أو نهاراً ) أو وقتاً دون آخر ، أو تمتّعاً دون آخر ، إجماعاً في الظاهر.

للأصل ، ويلزم ؛ لعموم الأمر بالوفاء بالشرط ، مع كونه من جملة العقد اللازم الوفاء ، فلا يتعدّاه.

وللصحيح : عن امرأة زوّجت نفسها من رجل على أن يلتمس منها ما شاء إلاّ الدخول ، فقال عليه‌السلام : « لا بأس ، ليس له إلاّ ما شرط » (٣). ( و ) هو‌

__________________

(١) النهاية : ٤٩٣.

(٢) قال في نهاية المرام ١ : ٢٤٧ : والظاهر أن ذلك مراد الشيخ في النهاية حيث اعتبر فيها وقوع الشرط بعد العقد ، فلا يتحقق الخلاف في المسألة. وهكذا قال في كشف اللثام ٢ : ٥٦.

(٣) الكافي ٥ : ٤٦٧ / ٩ ، التهذيب ٧ : ٢٧٠ / ١١٦٠ ، الوسائل ٢١ : ٧٢ أبواب المتعة ب ٣٦ ح ١ ؛ بتفاوت.

٣٣٨

نصّ في جواز اشتراط ( أن لا يطأها في الفرج ) مضافاً إلى ما مرّ.

وهل يجوز إتيانها في الوقت المستثنى مع الرضا؟

قيل : لا (١) ؛ التفاتاً إلى لزوم الوفاء بالشرط مطلقاً حتى هنا.

والأجود : نعم ، وفاقاً لجماعة من أصحابنا (٢) ؛ لصريح الموثّق : تزوّج بجارية على أن لا يقتضّها ، ثم أذنت له بعد ذلك ، فقال : « إذا أذنت له فلا بأس » (٣).

ولعلّ الوجه فيه (٤) ما قيل : إنّ العقد مسوّغ للوطء مطلقاً ، والامتناع منه لَحقّ الزوجة إذا اشترطت عليه ذلك ، فإذا رضيت جاز (٥).

وبه يظهر الجواب عن توجيه المنع مطلقاً ؛ ولذا اختار المصنّف الجواز بقوله : ( ولو رضيت به ) أي الوطء ( بعد العقد جاز ) ولعلّه الأشهر بين الأصحاب.

( و ) يجوز ( العزل ) عنها هنا ولو ( من دون إذنها ) إجماعاً ؛ للأصل ، وفحوى ما دلّ على جوازه في الدائم (٦) كما اخترناه فهنا أولى ، ولأنّ الغرض الأصلي هنا الاستمتاع دون النسل بخلاف الدوام ، وللصحيح لكنّه مقطوع ـ : « الماء ماء الرجل يضعه حيث شاء ، إلاّ أنّه إن جاء بولد‌

__________________

(١) في المختلف (٥٦٤). منه رحمه‌الله.

(٢) منهم صاحب المدارك في نهاية المرام ١ : ٢٤٨ ، والسبزواري في الكفاية : ١٧١ ، وصاحب الحدائق ٢٤ : ١٥٤.

(٣) الفقيه ٣ : ٢٩٧ / ١٤١٣ ، الوسائل ٢١ : ٣٣ أبواب المتعة ب ١١ ح ٣.

(٤) أي في تصريح الموثق بالجواز. منه رحمه‌الله.

(٥) قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٥٦.

(٦) انظر الوسائل ٢٠ : ١٤٩ أبواب مقدمات النكاح ب ٧٥.

٣٣٩

لم ينكره » الخبر (١).

ولكن الأحوط الاشتراط ؛ لوروده في النصّ في بيان شروط المتعة المذكورة ضمن العقد ، وفيه : « يقول لها : زوّجيني نفسك متعة على كتاب الله تعالى وسنّة نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نكاحاً غير سفاح ، على أن لا أرثك ولا ترثيني ، ولا أطلب ولدك ، إلى أجل مسمّى ، فإن بدا لي زدتك وزدتيني » (٢).

( و ) الصحيح نصّ في أنّه ( يلحق ) به ( الولد وإن عزل ).

ونحوه الصحيح : عن الرجل يتزوّج المرأة متعة ويشترط ألاّ يطلب ولدها ، فتأتي بعد ذلك بولد فينكر الولد ، فشدّد في ذلك وقال : « يجحد! وكيف يجحد؟! » عظاماً لذلك ، الخبر (٣).

ويعضده عموم ما دلّ على لحوق الولد به ، كالصحيح : أرأيت إن حبلت؟ قال : « هو ولد » (٤) وكذا في كلّ وطء صحيح ، فإنّ المني سبّاق ، والولد للفراش ، وظاهرهم الوفاق عليه بشرط الإمكان.

و ( لكن لو نفاه ) انتفى و ( لم يحتج إلى لعان ) هنا مطلقاً ولو لم يعزل بالإجماع كما حكي (٥) ، بخلاف الدوام ، فيحتاج النفي فيه إلى‌

__________________

(١) الكافي ٥ : ٤٦٤ / ٢ ، التهذيب ٧ : ٢٦٩ / ١١٥٥ ، الإستبصار ٣ : ١٥٢ / ٥٥٨ ، الوسائل ٢١ : ٧٠ أبواب المتعة ب ٣٣ ح ٥.

(٢) الفقيه ٣ : ٢٩٤ / ١٣٩٨ ، التهذيب ٧ : ٢٦٣ / ١١٣٦ ، الوسائل ٢١ : ٤٤ أبواب المتعة ب ١٨ ح ٥.

(٣) التهذيب ٧ : ٢٦٩ / ١١٥٧ ، الإستبصار ٣ : ١٥٣ / ٥٦٠ ، الوسائل ٢١ : ٦٩ أبواب المتعة ب ٣٣ ح ٢.

(٤) الكافي ٥ : ٤٦٤ / ١ ، التهذيب ٧ : ٢٦٩ / ١١٥٤ ، الإستبصار ٣ : ١٥٢ / ٥٥٧ ، الوسائل ٢١ : ٦٩ أبواب المتعة ب ٣٣ ح ١.

(٥) حكاه الشهيد الثاني في المسالك ١ : ٥٠٥.

٣٤٠