رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١١

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١١

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-273-3
الصفحات: ٥٠٤

وللصدوق ، فردّ به في المرأة خاصّة مع لحوق العقد مطلقاً (١).

ولأكثر القدماء في المحدودة خاصّة (٢).

وقد مضى الكلام فيه في بحث الكفّارة ، وأنّ الأصحّ مختار الماتن وأكثر المتأخّرين.

( ولا بالعَرَج على الأشبه ) وفاقاً للمقنع وظاهر المبسوط والخلاف والقاضي (٣) ؛ لما مضى.

خلافاً للأكثر ، بل عن الغنية الإجماع عليه (٤) ، وهو الأظهر ؛ للمعتبرين اللذين مضيا في الإقعاد والعمى (٥) ، وليس فيهما التقييد بالبيّن إن أُريد به ما يزيد على مفهوم العرج كما عن الحلّي والمختلف والتحرير (٦) ولا البلوغ حدّ الإقعاد كما في الشرائع والقواعد والإرشاد (٧) فلا وجه لهما .. وليس في عدّ الزمانة عيباً في الصحيحين (٨) ما يوجب التقييد بالأخير ، فالأقوى عدّ مطلق العرج عيباً بعد تحقّقه ؛ تمسّكاً بظاهر المعتبرين ، ويُخصّ بهما ما مضى من أدلّة المنع في البين.

__________________

(١) المقنع : ١٠٩.

(٢) انظر الوسيلة : ٣١١ ، والغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦١١ ، والمهذَّب ٢ : ٢٣١ ، والمبسوط ٤ : ٢٣٩.

(٣) المقنع : ١٠٤ ، المبسوط ٤ : ٢٤٩ ، الخلاف ٤ : ٣٤٦ ، القاضي في المهذب ٢ : ٢٣١.

(٤) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦١١.

(٥) راجع ص ٤٥٥.

(٦) الحلّي في السرائر ٢ : ٦١٣ ، المختلف : ٥٥٣ ، التحرير ٢ : ٢٩.

(٧) الشرائع ٢ : ٣٢٠ ، القواعد ٢ : ٣٣ ، الإرشاد ٢ : ٢٨.

(٨) المتقدمين في ص ٤٥٣ ٤٥٥.

٤٦١

( وأمّا الأحكام ) المتعلّقة بالعيوب ( فمسائل ) سبع‌

( الاولى : لا يفسخ النكاح بالعيب المتجدّد بعد الدخول ) مطلقاً ، في امرأة كان أو رجل.

( وفي ) العيب ( المتجدّد بعد العقد تردّد ، عدا العنن ) فلا تردّد له فيه كما يأتي.

( وقيل : تفسخ المرأة بجنون الرجل المستغرق لأوقات الصلاة وإن ) (١) ( تجدّد ) بعد العقد مطلقاً ، ومضى تفصيل الكلام في ذلك ذيل كلّ عيب ، ويظهر منه أنّ إطلاق العبارة ليس في محلّه ، بل الأجود ما قدّمناه.

( الثانية : الخيار على الفور ) بلا خلاف ، بل عليه الإجماع كما حكاه جماعة (٢) ؛ وهو الحجّة فيه ، لا الاقتصار في الخروج عن أصالة اللزوم على القدر المتيقّن ؛ لانعكاس الأصل بثبوت الخيار واقتضائه بقاءه ، مع اعتضاده بإطلاق النصوص ، نعم في بعضها ما يدلّ على السقوط بالدخول (٣) ، ولكنّه غير الفوريّة ، فتدبّر.

وكيف كان ، فلو أخّر مَن إليه الفسخ مختاراً مع علمه بها ، بطل خياره ، سواء الرجل والمرأة.

ولو جهل الخيار أو الفوريّة ، فالأقوى أنّه عذر ؛ للأصل ، والإطلاقات ، مع انتفاء المخصِّص لهما ؛ بناءً على اختصاص الإجماع الذي هو العمدة‌

__________________

(١) القائل هو الشيخ في المبسوط ٤ : ٢٥٢ ، والخلاف ٤ : ٣٤٩ ، والقاضي في المهذب ٢ : ٢٣٥.

(٢) جامع المقاصد ١٣ : ٢٤٩ ، المسالك ١ : ٥٢٨ ، الروضة ٥ : ٣٩٢ ، نهاية المرام ١ : ٣٣٨ ، الكفاية : ١٧٧ ، مفاتيح الشرائع ٢ : ٣٠٩ ، كشف اللثام ٢ : ٧٢ ، الحدائق ٢٤ : ٣٧٢.

(٣) الوسائل ٢١ : أبواب العيوب والتدليس ب ١ ح ١٤ ، وب ٣ ح ٢.

٤٦٢

في التخصيص بغيره ، فيختار بعد العلم على الفور.

وكذا لو نسيهما ، أو مُنِع منه بالقبض على فيه ، أو التهديد على وجهٍ يعدّ إكراهاً ، فالخيار بحاله إلى زوال المانع ؛ ثم يعتبر الفوريّة حينئذ.

( الثالثة : الفسخ فيه ) أي العيب بأنواعه ( ليس طلاقاً ) شرعيّاً إجماعاً ونصّاً ؛ لوقوع التصريح به في الصحيح (١) وغيره (٢) ، فلا يعتبر فيه ما يعتبر في الطلاق ، ولا يعدّ في الثلاث ( ولا يطّرد معه تنصيف المهر ) وإن ثبت في بعض موارده كما يأتي.

( الرابعة : لا يفتقر الفسخ بالعيوب ) الثابتة عندهما في أيّهما كانت ـ ( إلى الحاكم ) على الأظهر الأشهر ، بل كاد أن يكون إجماعاً ؛ للأصل ، وإطلاق النصوص ، مع انتفاء المخرج عنهما.

خلافاً للإسكافي والطوسي (٣) ؛ وهو شاذّ.

( و ) لكن ( يفتقر ) إليه ( في العنن لضرب الأجل ) وتعيينه ، لا فسخها (٤) بعده ، بل تستقلّ به حينئذ.

( الخامسة : إذا فسخ الزوج قبل الدخول فلا مهر ) عليه للزوجة إجماعاً ؛ للأصل ، والنصوص :

منها الصحيح : « وإن لم يكن دخل بها فلا عدّة لها ولا مهر لها » (٥) ، ونحوه الصحيح الآتي.

__________________

(١) الوسائل ٢١ : ٢١١ أبواب العيوب والتدليس ب ٢ ح ١.

(٢) الوسائل ٢١ : ٢١٢ أبواب العيوب والتدليس ب ٢ ح ٢.

(٣) حكاه عن الإسكافي في المختلف : ٥٥٧ ، الطوسي في المبسوط ٤ : ٢٥٣.

(٤) أي المرأة. منه رحمه‌الله.

(٥) الكافي ٥ : ٤٠٨ / ١٤ ، التهذيب ٧ : ٤٢٥ / ١٦٩٩ ، الإستبصار ٣ : ٢٤٧ / ٨٨٥ ، الوسائل ٢١ : ٢١١ أبواب العيوب والتدليس ب ٢ ح ١.

٤٦٣

وفي الخبر : « ولو أنّ رجلاً تزوّج امرأة ، أو زوّجها رجل لا يعرف دخيلة أمرها ، لم يكن عليه شي‌ء ، وكان المهر يأخذه منها » (١).

( و ) أمّا ( لو فسخ بعده ، فلها المسمّى ) على الأشهر الأظهر ؛ لإطلاق النصوص :

منها الصحيح : في رجل تزوّج امرأة من وليّها ، فوجد بها عيباً بعد ما دخل بها ، قال : فقال : « إذا دلّست العفلاء والبرصاء والمجنونة والمفضاة ومن كان بها زمانة ظاهرة فإنّها تردّ على أهلها من غير طلاق ، ويأخذ الزوج المهر من وليّها الذي كان دلّسها ، فإن لم يكن وليّها علم بشي‌ء من ذلك فلا شي‌ء عليه وتردّ إلى أهلها » قال : « وإن أصاب الزوج شيئاً ممّا أخذت منه فهو له ، وإن لم يصب شيئاً فلا شي‌ء له » الخبر (٢).

والصحيح : « من زوّج امرأة فيها عيب دلّسته فلم يبيّن ذلك لزوجها ، فإنّه يكون لها الصداق بما استحلّ من فرجها ، ويكون الذي ساق الرجل إليها على الذي زوّجها » (٣) ونحوهما غيرهما (٤).

خلافاً للشيخ ، فخصّه بالفسخ بالمتجدّد بعد الدخول ، وحكم بالمثل في المتجدّد قبله مطلقاً (٥). وهو شاذّ ، ومستنده ضعيف واجتهاد في مقابلة‌

__________________

(١) الكافي ٥ : ٤٠٧ / ٩ ، التهذيب ٧ : ٤٢٤ / ١٦٩٧ ، الإستبصار ٣ : ٢٤٥ / ٨٧٨ ، الوسائل ٢١ : ٢١٢ أبواب العيوب والتدليس ب ٢ ح ٢ ؛ بتفاوت يسير.

(٢) تقدمت مصادره في الهامش (٥) من الصفحة السابقة.

(٣) التهذيب ٧ : ٤٣٢ / ١٧٢٣ ، الوسائل ٢١ : ٢١٤ أبواب العيوب والتدليس ب ٢ ح ٧ ؛ بتفاوت يسير.

(٤) الفقيه ٣ : ٢٧٣ / ١٢٩٩ ، التهذيب ٧ : ٤٢٦ / ١٧٠١ ، الإستبصار ٣ : ٢٤٦ / ٨٨٤ ، الوسائل ٢١ : ٢١٣ أبواب العيوب والتدليس ب ٢ ح ٥.

(٥) المبسوط ٤ : ٢٥٣.

٤٦٤

النصوص.

( و ) يستفاد منها أنّه ( يرجع به ) أي المهر ( الزوج على المدلِّس ) وبه أفتى جماعة (١) مطلقاً ، وليّاً كان أم غيره ، حتى لو كان المدلِّس هو المرأة رجع به عليها أيضاً.

ويدلّ على الأخير بالخصوص الصحيح : في رجل ولّته امرأة أمرها أو ذات قرابة أو جار لها لا يعلم دخيلة أمرها ، فوجدها قد دلّست عيباً هو بها ، قال : « يؤخذ المهر منها ، ولا يكون على الذي زوّجها شي‌ء » (٢) وقريب منه الخبر الذي مرّ قريباً.

ويستفاد منهما الرجوع بالمهر إليها مطلقاً من دون استثناء شي‌ء مطلقاً ، وبه صرّح جماعة (٣) ، وهو أقوى.

خلافاً للمحكيّ عن الأكثر ، فاستثنوا منه شيئاً ، أمّا مهر أمثالها كما عن الإسكافي (٤) ، أو أقلّ ما يتموّل كما عن الأكثر (٥) ؛ لئلاّ يخلو البضع عن العوض ، وهو الأحوط وإن كان في تعيينه نظر.

وعليه ، فالأصل ولزوم الاقتصار في مخالفة النصوص الحاكمة بالرجوع إلى الجميع على القدر الذي يندفع به الضرر يقتضي المصير إلى‌

__________________

(١) منهم المحقق في الشرائع ٢ : ٣٢١ ، والسبزواري في الكفاية : ١٧٧ ، وصاحب الحدائق ٢٤ : ٣٧٧.

(٢) الكافي ٥ : ٤٠٧ / ١٠ ، الفقيه ٣ : ٥٠ / ١٧١ ، الوسائل ٢١ : ٢١٢ أبواب العيوب والتدليس ب ٢ ح ٤.

(٣) منهم الشهيد الثاني في المسالك ١ : ٥٢٩ ، وسبطه في نهاية المرام ١ : ٣٤١ ، وصاحب الحدائق ٢٤ : ٣٧٨.

(٤) فقد حكاه عنه في المختلف : ٥٥٧.

(٥) جامع المقاصد ١٣ : ٢٥٨ ، نهاية المرام ١ : ٣٤١.

٤٦٥

ما قدّره الأكثر ، وتعليل الاستثناء يقتضي المصير إلى ما قدّره الإسكافي ، وهو الأحوط.

ثم إنّ إطلاق إثبات المهر لها والحكم بالرجوع به إلى المدلِّس يقتضي ثبوته حيث لا مدلِّس ، وهو كذلك ؛ وربما دلّت عليه النصوص المتقدّمة الحاكمة بأنّ لها المهر بما استحلّ من فرجها (١) ، وهي كالمنصوص العلّة في الحكم كما لا يخفى ، ومقتضاها ثبوت المسمّى لا المثل ظاهراً.

( وإذا فسخت الزوجة قبل الدخول ) بها ( فلا مهر ) لها بلا خلاف ؛ لمجي‌ء الفسخ من قبلها ( إلاّ في العَنَن ) فلها ذلك على الأشهر الأقوى كما يأتي.

( ولو كان ) الفسخ ( بعده ) أي الدخول ـ ( فلها المسمّى ) إجماعاً ؛ لاستقراره بالدخول ، ولا صارف عنه إلاّ الفسخ ، وهو غير معلوم الصلوح لذلك.

( ولو فسخت ) الزوجة النكاح ( بالخصاء ) فالأشهر الأقوى أنّه ( يثبت لها المهر ) كملاً ( مع الخلوة ) بها والدخول ؛ لما مضى من النصوص فيه (٢) ، وإطلاقها كإطلاق العبارة يقتضي ثبوت الجميع بمجرّد الخلوة وإن لم يدخل بها.

وفي الرضوي : « وإن تزوّجها خصي وقد دلّس نفسه لها وهي لا تعلم فرّق بينهما ، ويوجّع ظهره كما دلّس نفسه ، وعليه نصف الصداق ، ولا عدّة عليها منه » (٣) وإطلاقه يقتضي التنصيف مطلقاً.

__________________

(١) راجع ص ٤٦١.

(٢) راجع ص ٤٤٣ ٤٤٤.

(٣) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢٣٧ ، المستدرك ١٥ : ٥٣ أبواب العيوب والتدليس ب ١٢ ح ٢.

٤٦٦

وربما يجمع بينهما بحمل الأول على صورة الدخول ، والثاني على العدم. وهو حسن ؛ للصحيح المفصِّل المرويّ عن قرب الإسناد : عن خصيّ دلّس نفسه لامرأة ، ما عليه؟ قال : « يوجع ظهره ويفرّق بينهما وعليه المهر كاملاً إن دخل بها ، وإن لم يدخل بها فعليه نصف المهر » (١).

لكن القول به غير معروف ؛ لأنّهم ما بين مصرّح بثبوت الجميع بالخلوة مطلقاً كما عن الشيخ (٢) وأكثر الأصحاب (٣) ومثبت للنصف خاصّة كذلك كما عن الصدوقين (٤) عملاً بإطلاق الرضوي المتقدّم ، ونافٍ للحكم من أصله كما عن الحلّي (٥) للأصل. فالقول به مشكل.

وينبغي القطع بثبوت الجميع بالدخول ؛ لاستقراره به ، مع عدم الخلاف فيه في الظاهر ، والنصف مع عدمه إن خلا بها ؛ للوفاق من العاملين بالنصوص عليه حينئذ ، ويبقى الشكّ في النصف الآخر ، والاحتياط فيه لا يترك.

( و ) قد ظهر من النصوص الدلالة على أنّه ( يعزَّر ) ؛ لمكان التدليس.

( السادسة : لو ادّعت عنَنَه ) أو غيره ( فأنكر ، فالقول قوله مع يمينه ) للأُصول السليمة عن المعارض ، فإن حلف استقرّ النكاح ، وإن نكل‌

__________________

(١) قرب الإسناد : ٢٤٨ / ٩٨٢ ، الوسائل ٢١ : ٢٢٨ أبواب العيوب والتدليس ب ١٣ ح ٥.

(٢) النهاية : ٤٨٨.

(٣) انظر نهاية المرام ١ : ٣٤٣.

(٤) حكاه عنهما العلاّمة في المختلف : ٥٥٦. ولكن الموجود في المقنع : ١٠٤ : فُرّق بينهما وتأخذ منه صداقها.

(٥) السرائر ٢ : ٦١٧.

٤٦٧

عنه وعن ردّه إليها ثبت العيب لو حُكِم به ، وإلاّ رُدَّت اليمين على المرأة ، فإن حلفت ثبت العيب. وليس لها ذلك إلاّ مع العلم به بممارستها له ، على وجه يحصل لها ذلك بتعاضد القرائن الموجبة له.

وأمّا اختباره (١) بجلوسه في الماء البارد ، فإن استرخى ذكره فهو عنّين ، وإن تشنّج فليس به كما عن ابني بابويه وابن حمزة (٢) ، وذكره الأطبّاء ، وبه رواية مرسلة في الفقيه (٣) والرضوي (٤) فلم يعتبره المتأخّرون ؛ زعماً منهم عدم النصّ لذلك ، وليس كذلك.

وفي المرسل : أنّه يختبر بإطعامه السمك الطريّ ثلاثة أيّام ، ثم يقال له : بُل على الرماد ، فإن ثقب بوله الرماد فليس بعنّين ، وإن لم يثقب بوله الرماد فهو عنّين (٥). وظاهر الفقيه العمل به ؛ لروايته له فيه.

( ومع ثبوته ) أي العنن ـ ( يثبت لها الخيار ) فيما إذا سبق العقد إجماعاً.

( و ) كذا ( لو كان متجدّداً ) بعده :

مطلقاً على قول المفيد (٦) وجماعة (٧) ؛ لإطلاق النصوص.

ومقيّداً بقبليّة الدخول ، كما عن الأكثر (٨) ، بل عن ابن زهرة عليه‌

__________________

(١) أي العنن. منه رحمه‌الله.

(٢) الصدوق في المقنع : ١٠٧ ، وحكاه عن والده في المختلف : ٥٥٦ ، ابن حمزة في الوسيلة : ٣١١.

(٣) الفقيه ٣ : ٣٥٧ / ١٧٠٥ ، الوسائل ٢١ : ٢٣٤ أبواب العيوب والتدليس ب ١٥ ح ٤.

(٤) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢٣٧ ، المستدرك ١٥ : ٥٦ أبواب العيوب والتدليس ب ١٤ ح ١.

(٥) الفقيه ٣ : ٣٥٧ / ١٧٠٦ ، الوسائل ٢١ : ٢٣٤ أبواب العيوب والتدليس ب ١٥ ح ٥.

(٦) المقنعة : ٥٢٠.

(٧) انظر المقنع : ١٠٥ ، والتنقيح الرائع ٣ : ١٩٥.

(٨) حكاه عنهم في نهاية المرام ١ : ٣٤٤ ، وفي الحدائق ٢٤ : ٣٨٤.

٤٦٨

الإجماع (١) ، وهو الأظهر ؛ للأصل ، واختصاص النصوص بحكم التبادر بغير محلّ الفرض ، والخبرين :

أحدهما الموثّق : « إذا تزوّج الرجل امرأة ، فوقع عليها مرّة ثم أعرض عنها ، فليس لها الخيار ، فلتصبر فقد ابتُليت ، وليس لأُمّهات الأولاد ولا للإماء ما لم يمسّها من الدهر إلاّ مرّة واحدة خيار » (٢).

ونحوه الثاني (٣) ، وضعفه كقصور الأول منجبر بالأصل والشهرة والإجماع المحكي ، فلا وجه للتوقّف في المسألة.

ثم مقتضى الأصل ، واختصاص العنّين المطلق في الأخبار بحكم التبادر بالعاجز عن النساء مطلقاً ، توقُف الخيار على ما ( إذا عجز عن وطئها قبلاً ودبراً ، وعن وطء غيرها ) وهو الأشهر بين أصحابنا ؛ وينصّ عليه الخبر : في العنّين « إذا علم أنّه عنّين لا يأتي النساء فرّق بينهما » (٤) ونحوه آخر (٥) ، وقصور السندين بالشهرة قد انجبر ، مضافاً إلى ما مرّ.

خلافاً للمحكيّ عن المفيد ، فلم يشترط العجز عن غيرها ، واكتفى بالعجز عنها (٦) ؛ لظاهر الصحيح : « إذا ذكرت أنّها عذراء فعلى الإمام أن‌

__________________

(١) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦١١.

(٢) التهذيب ٧ : ٤٣٠ / ١٧١٥ ، الإستبصار ٣ : ٢٥٠ / ٨٩٧ ، الوسائل ٢١ : ٢٣١ أبواب العيوب والتدليس ب ١٤ ح ٨.

(٣) الكافي ٥ : ٤١٢ / ١٠ ، الفقيه ٣ : ٣٥٨ / ١٧٠٩ ، التهذيب ٧ : ٤٣٠ / ١٧١٢ ، الإستبصار ٣ : ٢٥٠ / ٨٩٥ ، الوسائل ٢١ : ٢٣٠ أبواب العيوب والتدليس ب ١٤ ح ٤.

(٤) الكافي ٥ : ٤١٠ / ٤ ، الفقيه ٣ : ٣٥٧ / ١٧٠٧ ، التهذيب ٧ : ٤٣٠ / ١٧١٤ ، الإستبصار ٣ : ٢٥٠ / ٨٩٦ ، الوسائل ٢١ : ٢٢٩ أبواب العيوب والتدليس ب ١٤ ح ٢.

(٥) قرب الإسناد : ٢٤٩ / ٩٨٣ ، الوسائل ٢١ : ٢٣٢ أبواب العيوب والتدليس ب ١٤ ح ١٣.

(٦) المقنعة : ٥٢٠.

٤٦٩

يؤجّله سنة ، فإن وصل إليها ، وإلاّ فرّق بينهما » (١) إذ مقتضاه الاكتفاء في الفسخ بعجزه عن وطئها وإن لم يعلم عجزه عن وطء غيرها ، وفيه نظر.

( ولو ادّعى الوطء ) قبلاً أو دبراً منها أو من غيرها ( فأنكرت ) ذلك ( فالقول قوله مع يمينه ) مطلقاً كان الدعوى قبل ثبوت العُنَّة ، أو بعده على الأشهر.

وهو الأظهر في الأول ؛ لرجوع الدعوى إلى إنكار العُنَّة ، وللصحيح : « إذا تزوّج الرجل المرأة التي قد تزوّجت زوجاً غيره ، فزعمت أنّه لم يقربها منذ دخل بها ، فإنّ القول في ذلك قول الرجل ، وعليه أن يحلف بالله لقد جامعها ؛ لأنّها المدّعية » قال : « فإن تزوّجها وهي بكر ، فزعمت أنّه لم يصل إليها ، فإنّ مثل هذا يعرف النساء ، فلينظر إليها من يوثق به منهن ، فإذا ذكرت أنّها عذراء فعلى الإمام أن يؤجّله [ سنة ] ، فإن وصل إليها ، وإلاّ فرّق بينهما ، وأُعطيت نصف الصداق ، ولا عدّة عليها » (٢).

والرضوي : « وإذا ادّعت أنّه لا يجامعها عنّيناً كان أو غير عنّين فيقول الرجل : إنّه قد جامعها ، فعليه اليمين ، وعليها البيّنة ؛ لأنّها المدّعية » (٣).

ومشكل في الثاني ؛ لكونه فيه مدّعياً زوال ما ثبت ، فلا يلائم قبول قوله ، وعُلِّل بأحد أمرين :

إمّا لعدم معلوميّة الفعل إلاّ من قَبله ، فيقبل قوله فيه ، كدعوى المرأة‌

__________________

(١ و ٢) الكافي ٥ : ٤١١ / ٧ ، التهذيب ٧ : ٤٢٩ / ١٧٠٩ ، الإستبصار ٣ : ٢٥١ / ٨٩٩ ، الوسائل ٢١ : ٢٣٣ أبواب العيوب والتدليس ب ١٥ ح ١ ، وما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.

(٣) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢٣٧ ، المستدرك ١٥ : ٥٦ أبواب العيوب والتدليس ب ١٤ ح ١.

٤٧٠

انقضاء عدّتها بالأقراء.

وإمّا لعدم ثبوت العُنَّة قبل مضيّ السنة ، وإنّما الثابت العجز الذي يمكن معه العُنَّة وعدمها ، ولذا يؤجّل سنة ، لينظر أيقدر على الوطء أم لا ، فإن قدر فلا عُنَّة ، وإلاّ ثبت فيرجع دعواه إلى إنكارها ، فيصير كالأول (١).

وهو حسن إن تمّ كلّية الكبرى بإجماعٍ ونحوه في الأول ، وصحّ دعوى كون التأجيل سنة لأجل إثبات العُنَّة. ولا بُدّ من التأمّل فيهما ، سيّما الأخير.

وربما احتجّ (٢) له أيضاً بإطلاق الصحيح ، والتبادر مع التعليل فيه يقتضيان اختصاص الحكم بالأول.

ثم إنّ مقتضاه اختصاص الحكم بالثيّبة ، ولزوم العمل بشهادة النساء في الباكرة ، وهو ينافي إطلاق الأكثر ، كالعبارة وعبارة الرضوي المتقدّمة.

وينبغي العمل عليه فيما لو ادّعى وطء قبلها ولا فيما عداه ، بل ينبغي حينئذٍ قبول قوله مع اليمين ؛ لموافقته الأصل ، وعدم الوطء في القبل على تقدير ثبوت البكارة لا يستلزم العنن ؛ لإمكان وطئه الدبر أو قبل غيرها ، ومعه لا عُنَّة على الأشهر الأقوى كما مضى (٣).

وبهذا (٤) صرّح بعض الأصحاب (٥) ، وهو حسن لولا الرضوي المطلق المعتضد بعمل الأصحاب ، فلا يعارضه ذيل الصحيح.

__________________

(١) كذا فهمه صاحب الحدائق ( ٢٤ : ٣٨٩ ٤٠٠ ) من كلام المحقق الشيخ علي في جامع المقاصد ١٣ : ٢٦١ ، ٢٦٤.

(٢) انظر المختلف : ٥٥٥ ، التنقيح الرائع ٣ : ١٩٥.

(٣) راجع ص ٤٦٦.

(٤) أي باختصاص الحكم بالثيّب أو الباكر التي لم يدّع وطء قبلها. منه رحمه‌الله.

(٥) انظر الكفاية : ١٧٧.

٤٧١

نعم ، عليه جماعة من قدماء الأصحاب ، لكن في البكر خاصّة (١) .. وحكموا في الثيّب مع دعواه الوطء في قبلها بحشو الخَلُوق (٢) في قبلها ، ثم أمره بوطئها ، فإن خرج على ذكره صدق ، وإلاّ فلا ؛ للإجماع المحكيّ في الخلاف (٣). وهو موهون بمصير الأكثر إلى الخلاف.

والخبرين ، أحدهما المرسل : عن رجل تدّعي عليه امرأته أنّه عنّين ، وينكر الرجل ، قال : « تحشوها القابلة بالخَلُوق ولا يعلم الرجل ، ويدخل عليها الرجل ، فإن خرج وعلى ذكره الخَلُوق صدق وكذبت ، وإلاّ صدقت وكذب » (٤) ونحوه الثاني (٥).

وهما مع قصور سندهما زيادة على الإرسال في الأول ضعيفا الدلالة ؛ لظهورهما في الحكم مع عدم ثبوت العُنَّة ، والجماعة كما حكي عنهم خصّوه ببعد الثبوت ، وظاهر الحكاية موافقة الجماعة للأكثر في تقديم قول الرجل مع اليمين مع عدم ثبوت العُنَّة ؛ ومع ذلك فليسا كالإجماع المتقدّم يعارضان المعتبرين اللذين مضيا ، فتأمّل جدّاً.

( السابعة : إن صبرت ) الزوجة ( مع العنن ) بعد ثبوته بإحدى الطرق السابقة من دون مرافعة إلى الحاكم ( فلا بحث ) في لزوم العقد ؛

__________________

(١) منهم الصدوق في المقنع : ١٠٤.

(٢) الخَلُوق : طيب مركب يتخذ من الزعفران وغيره من أنواع الطيب والغالب عليه الصفرة أو الحمرة. مجمع البحرين ٥ : ١٥٧.

(٣) الخلاف ٤ : ٣٥٧.

(٤) الكافي ٥ : ٤١١ / ٨ ، الفقيه ٣ : ٣٥٧ / ١٧٠٤ ، التهذيب ٧ : ٤٢٩ / ١٧١٠ ، الإستبصار ٣ : ٢٥١ / ٩٠٠ ، الوسائل ٢١ : ٢٣٣ أبواب العيوب والتدليس ب ١٥ ح ٢.

(٥) الكافي ٥ : ٤١٢ / ١١ ، التهذيب ٧ : ٤٣٠ / ١٧١٣ ، الإستبصار ٣ : ٢٥١ / ٩٠١ ، الوسائل ٢١ : ٢٣٤ أبواب العيوب والتدليس ب ١٥ ح ٣.

٤٧٢

لفوريّة المرافعة ، كما صرّح به الشيخ (١) وجماعة (٢).

( وإن ) لم تصبر ، بل ( رفعت أمرها إلى الحاكم ، أجّلها سنة ) ابتداؤها ( من حين الترافع ) بلا خلاف ؛ للمرويّ في قرب الإسناد عن عليّ عليه‌السلام : « أنّه كان يقضي في العنّين أنّه يؤجّل سنة من يوم مرافعة المرأة » (٣).

( فإن عجز عنها ) مطلقاً ( وعن غيرها ) كذلك ( فلها الفسخ ونصف المهر ) على الأشهر الأظهر مطلقاً ؛ للصحيح المتقدّم (٤) ، وفيه التأجيل وتنصيف المهر ، ونحوه في الأول الآخر : « العنّين يتربّص به سنة ، ثم إن شاءت امرأته تزوّجت ، وإن شاءت أقامت » (٥) مضافاً إلى الإجماعات المحكيّة في كلام جماعة (٦) فيه (٧).

خلافاً للإسكافي في الموضعين ، فنفى التأجيل وأجاز الفسخ من دونه إذا سبق العنن العقد (٨) ؛ للخبرين :

في أحدهما : « إذا علم أنّه عنّين لا يأتي النساء فرّق بينهما » (٩).

__________________

(١) المبسوط ٤ : ٢٦٤.

(٢) منهم القاضي في المهذب ٢ : ٢٣٦ ، والشهيد الثاني في المسالك ١ : ٥٣٠ ، العلاّمة في التحرير ٢ : ٢٩ ، نهاية المرام ١ : ٣٤٩.

(٣) قرب الإسناد : ١٠٥ / ٣٥٧ ، الوسائل ٢١ : ٢٣٢ أبواب العيوب والتدليس ب ١٤ ح ١٢.

(٤) في ص ٤٦٧.

(٥) التهذيب ٧ : ٤٣١ / ١٧١٦ ، الإستبصار ٣ : ٢٤٩ / ٨٩١ ، الوسائل ٢١ : ٢٣١ أبواب العيوب والتدليس ب ١٤ ح ٥.

(٦) انظر جامع المقاصد ١٣ : ٢٦٦ ، والمسالك ١ : ٥٣٠.

(٧) أي في الأول. منه رحمه‌الله.

(٨) حكاه عنه في المختلف : ٥٥٥.

(٩) الكافي ٥ : ٤١٠ / ٤ ، الفقيه ٣ : ٣٥٧ / ١٧٠٧ ، التهذيب ٧ : ٤٣٠ / ١٧١٤ ، الإستبصار ٣ : ٢٥٠ / ٨٩٦ ، الوسائل ٢١ : ٢٢٩ أبواب العيوب والتدليس ب ١٤ ح ٢.

٤٧٣

وفي الثاني : عن امرأة ابتلى زوجها فلا يقدر على الجماع ، تفارقه؟ قال : « نعم ، إن شاءت » (١).

وليس فيهما مع قصور السند وعدم التكافؤ لما مرّ مخالفة له ، إلاّ من جهة الإطلاق ، واللازم حمله عليه ؛ لوجوب حمل المطلق على المقيّد. مع أنّه ليس فيهما التفصيل الذي ذكر ، بل الثاني ظاهر في التجدّد ، المحتاج إلى التأجيل بلا خلاف.

وأوجب المهر كملاً إذا خلا بها وإن لم يدخل بها (٢) ؛ عملاً على أصله الغير الأصيل كما سيأتي ، مع معارضته بخصوص ما مرّ من الصحيح المنصّف له ، ونحوه الرضوي : « عليها أن تصبر حتى يعالج نفسه سنة ، فإن صلح فهي امرأته على النكاح الأول ، وإن لم يصلح فرّق بينهما ولها نصف الصداق ولا عدّة عليها منه ، فإن رضيت لا يفرّق بينهما ، وليس لها خيار بعد ذلك » (٣).

نعم ، في المرويّ في قرب الإسناد : عن عنّين دلّس نفسه لامرأة ، ما حاله؟ قال : « عليه المهر ويفرّق بينهما إذا علم أنه لا يأتي النساء » (٤) وهو مع قصور السند ، وعدم المقاومة لما مرّ ليس فيه التقييد بالخلوة كما ذكر.

__________________

(١) الكافي ٥ : ٤١١ / ٥ ، الوسائل ٢١ : ٢٢٩ أبواب العيوب والتدليس ب ١٤ ح ١.

(٢) حكاه عنه أيضاً في المختلف : ٥٥٥.

(٣) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢٣٧ ، المستدرك ١٥ : ٥٥ أبواب العيوب والتدليس ب ١٣ ح ٤ ؛ بتفاوت يسير.

(٤) قرب الإسناد : ٢٤٩ / ٩٨٣ ، الوسائل ٢١ : ٢٣٢ أبواب العيوب والتدليس ب ١٤ ح ١٣.

٤٧٤

( تتمّة )

مشتملة على أحكام التدليس

ويتحقّق بأحد أمرين :

إمّا السكوت عن العيب مع العلم به.

أو دعوى صفة كمال من الزوجة أو من بحكمها للمتزوّج أو من بحكمه مع عدمها.

والمراد به هنا الثاني .. ومن فروعه :

ما‌ ( لو تزوّج ) امرأة ( على أنّها حرّة ) أي شرط ذلك في متن العقد ( فبانت ) كلاًّ أو بعضاً ( أمة ) صحّ العقد على الأشهر الأظهر ، بل عن السرائر الإجماع عليه (١) ؛ للأصل ، وعموم الأمر بالوفاء بالعقد (٢).

خلافاً للمبسوط والخلاف ، فأبطل (٣) ؛ ومستنده غير واضح ، سوى لزوم الوفاء بالشرط ، ويندفع بمنع العموم ، واختصاصه بغير المستحقّ ، وإلاّ فله الإسقاط ؛ لكونه من حقوقه ، فله رفع اليد عنه.

وربما بُني البطلان على بطلان نكاح الأمة بغير إذن المولى (٤).

وهو بعد تسليم المبنيّ عليه يقتضي اختصاصه بصورة عدم إذن المولى ، والمفروض أعمّ منه. ومع ذلك ، البطلان حينئذٍ ليس باعتبار التدليس ، بل باعتبار عدم إذن المولى ، وليس ممّا نحن فيه.

__________________

(١) السرائر ٢ : ٦١٤.

(٢) المائدة : ١.

(٣) المبسوط ٤ : ٢٥٤ ، الخلاف ٤ : ٣٥٢.

(٤) المسالك ١ : ٥٣٠.

٤٧٥

وعلى الأول : ( فله الفسخ ) وإن دخل بها ؛ عملاً بمقتضى الشرط ، وله الإمضاء أيضاً ؛ بناءً على صحّة العقد كما مضى. لكن إذا كان الزوج ممّن يجوز له نكاح الأمة ، ووقع بإذن مواليها أو مباشرته ، وإلاّ بطل في الأول على القول به ، ووقع موقوفاً على إجازته في الثاني على الأقوى كما مضى.

ولو لم يشترط الحرّية في متن العقد ، بل تزوّجها على أنّها حرّة ، وأخبرته بها قبله أو أخبره مخبر ، ففي إلحاقه بما لو شرط نظر :

من ظهور التدليس الموجب للخيار.

وعدم الاعتبار بما تقدّم العقد من الشروط كما مضى في النصوص (١) ، مع الأصل وعموم الأمر بالوفاء بالعقود.

وهذا أقوى ، وفاقاً للمبسوط والمسالك (٢) ؛ لقوّة أدلّته ، ومنع كلّية (٣) دليل خلافه.

خلافاً لظاهر عبارة المتن والأكثر.

وربما احتجّ (٤) للحكم في الصورتين بالصحيح : في رجل تزوّج امرأة حرّة ، فوجدها أمة قد دلّست نفسها ، قال : « إن كان الذي زوّجها إيّاه من غير مواليها فالنكاح فاسد » قلت : فكيف يصنع بالمهر الذي أخذت منه؟ قال : « إن وجد ممّا أعطاها شيئاً فليأخذه ، وإن لم يجد شيئاً فلا شي‌ء له عليها ، وإن كان زوّجها إيّاه وليّ لها ارتجع على وليّها بما أخذت منه ،

__________________

(١) راجع ص ٣٣٤.

(٢) المبسوط ٤ : ٢٥٤ ، المسالك ١ : ٥٣١.

(٣) وهي أنّ كلّ تدليس يوجب الخيار. منه رحمه‌الله.

(٤) انظر الكفاية : ١٧٨ ، كشف اللثام ٢ : ٧٤ ٧٥.

٤٧٦

ولمواليها عُشر قيمتها إن كانت بكراً ، وإن كانت غير بكر فنصف عُشر قيمتها ، بما استحلّ من فرجها » (١) وليس فيه دلالة ، كما صرّح به جماعة (٢).

( ولا مهر لها ) مطلقاً مع الفسخ ( لو لم يدخل ) بلا خلاف في الظاهر ؛ وعُلِّل بمجيئه بشي‌ء هو من قبلها (٣).

( ولو ) فسخ بعد ما ( دخل ) بها وكان التزويج بإذن المولى ( فلها المهر ) المسمّى ( على الأشبه ) الأشهر ؛ لاستقراره بالدخول.

وقيل بالمثل (٤) ، ويدفعه كون الفسخ رفعاً للنكاح من حينه لا من أصله.

( ويرجع به ) أي المهر حيث غرمه ( على المدلِّس ) بلا خلاف في الظاهر ، وإن كان هو المرأة ، إلاّ أنّه إنّما يرجع عليها على تقدير عتقها ويسارها.

وفي لزوم استثناء أقلّ ما يتموّل كما هو الأشهر أو مهر المثل كما عن الإسكافي أو العدم مطلقاً كما هو الأظهر خلافٌ قد مضى (٥).

ولو كان المدلِّس مولاها ، اعتبر عدم تلفّظه بما يقتضي العتق ، وإلاّ حكم بحريّتها ظاهراً ، وصحّ العقد ، وكان المهر لها مع رضاها سابقاً أو إجازتها لاحقاً.

__________________

(١) الكافي ٥ : ٤٠٤ / ١ ، التهذيب ٧ : ٣٤٩ / ١٤٢٦ ، الإستبصار ٣ : ٢١٦ / ٧٨٧ ، الوسائل ٢١ : ١٨٥ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٦٧ ح ١.

(٢) منهم صاحب المدارك في نهاية المرام ١ : ٣٥٢ ، وصاحب الحدائق ٢٤ : ٣٩٥.

(٣) راجع جامع المقاصد ١٣ : ٢٦٠ ، كشف اللثام ٢ : ٧٤.

(٤) حكاه في الإيضاح ٣ : ١٨٣ ، وكشف اللثام ٢ : ٧٤ عن ابن الجنيد.

(٥) في ص ٤٦٢.

٤٧٧

( وقيل ) كما عن الصدوق والنهاية (١) وغيرهما (٢) : إنّ ( لمولاها العُشر إن لم يكن مدلِّساً ) للصحيح المتقدّم ، ولا يخلو عن قوّة هنا وفيما إذا تزوّجها بغير إذن مولاها كما مضى.

هذا ، إذا لم تكن عالمة بالتحريم ، وإلاّ جاء فيه الخلاف أيضاً في مهر البغيّ إذا كان مملوكاً ، والأصحّ عدم الفرق كما مضى (٣).

( وكذا تفسخ الحرّة لو بان زوجها ) الذي تزوّجته على أنّه حرّ سواء كان بالشرط في متن العقد أو قبله ؛ لإطلاق الصحيح الآتي ، بل عمومه ـ ( مملوكاً ) تزوّج بإذن مولاه.

( ولا مهر لها ) لو فسخت ( قبل الدخول ) بها قطعاً ؛ لمجي‌ء الفسخ من قبلها.

( ولها المهر ) المسمّى لو فسخت ( بعده ) على المولى لو تزوّج بإذنه ، وإلاّ فعليه ، يتبع به بعد العتق.

ولا خلاف في شي‌ء من ذلك ؛ وهو الحجّة فيها ، كالصحيح : عن امرأة حرّة تزوّجت مملوكاً على أنّه حرّ ، فعلمت بعد أنّه مملوك ، قال : « هي أملك بنفسها ، إن شاءت أقرّت معه ، وإن شاءت فلا ، فإن كان دخل بها فلها الصداق ، وإن لم يكن دخل بها فليس لها شي‌ء ، وإن هو دخل بها بعد ما علمت أنّه مملوك وأقرّت ذلك فهو أملك بها » (٤).

وفي الصحيح : « قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في امرأة حرّة دلّس لها عبدٌ‌

__________________

(١) الصدوق في المقنع : ١٠٤ ، النهاية : ٤٧٧.

(٢) انظر الحدائق ٢٤ : ٣٩٧ ، نهاية المرام ١ : ٣٥٢.

(٣) راجع ص ٣٦٩.

(٤) الكافي ٥ : ٤١٠ / ٢ ، الفقيه ٣ : ٢٨٧ / ١٣٦٩ ، التهذيب ٧ : ٤٢٨ / ١٧٠٧ ، الوسائل ٢١ : ٢٢٤ أبواب العيوب والتدليس ب ١١ ح ١.

٤٧٨

فنكحها ولم تعلم إلاّ أنّه حرّ ، قال : يفرّق بينهما إن شاءت المرأة » (١).

( ولو ) تزوّج امرأة و ( اشترط ) عليها أو على وليّها ( كونها بنت مَهِيرة ) بفتح الميم وكسر الهاء ، فَعِيلة بمعنى : مفعولة ، أي بنت حرّة تنكح بمهر وإن كانت معتقة في أظهر الوجهين ، خلاف الأمة ، فإنّها قد توطأ بالملك ـ ( فبانت بنت أمة ، فله الفسخ ) إجماعاً في الظاهر ، وصرّح به بعض الأصحاب أيضاً (٢) ؛ عملاً بمقتضى الشرط إن فسخ ، والتفاتاً إلى لزوم الوفاء بالعقد إن لم يفسخ ، وأنّ الشرط حقّ من حقوقه فله رفع اليد عنه.

وتقييد الحكم بالشرط هنا مشهور بين متأخّري الأصحاب ؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل على المتيقّن.

خلافاً لأكثر متقدّميهم كالنهاية والمهذّب والسرائر والوسيلة (٣) وغيرهم (٤) فأطلقوا كالسابق ، ولا دليل عليه.

( ولا مهر ) لها لو فسخ قبل الدخول بها على الزوج إجماعاً ، وكذا على الوليّ إن زوّجها على الأشهر الأظهر ؛ للأصل ، مع انتفاء المقتضي له.

خلافاً للشيخ في النهاية ، فأثبت عليه (٥) المهر (٦) ؛ وعلّله الأصحاب بالرواية ، ولم نقف عليها إلاّ في المسألة الثانية ، فإن أُريدت هي منها فلا وجه للتعدية ، وهل هو إلاّ قياس فاسد عند الإماميّة ، بل وعند العامّة‌

__________________

(١) الكافي ٥ : ٤١٠ / ١ ، الوسائل ٢١ : ٢٢٤ أبواب العيوب والتدليس ب ١١ ح ٢.

(٢) انظر الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦١١.

(٣) النهاية : ٤٥٨ ، المهذب ٢ : ٢٣٧ ، السرائر ٢ : ٦١٤ ، الوسيلة : ٣١١.

(٤) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦١١.

(٥) أي على الوليّ.

(٦) النهاية : ٤٨٥.

٤٧٩

هنا ؛ لكونه مع الفارق بالضرورة. وإن أُريد غيرها فهي مرسلة غير صالحة لتخصيص الأصل البتة ، سيّما مع مخالفتها الشهرة العظيمة.

( ويثبت ) المسمّى ( لو ) فسخ بعد ما ( دخل ) بها ؛ للأصل ، مع استقراره بالدخول. ويرجع الزوج به على من دلّسها ، أباً كان أم غيره ، حتى لو كانت هي المدلِّسة ، فلا شي‌ء لها على الأقوى ، ويأتي فيه القولان اللذان مضيا (١). ولا خلاف في شي‌ء من ذلك.

( ولو تزوّج بنت المَهِيرة ، فأُدخلت عليه بنت الأمة ) حرم عليه وطؤها بعد معرفتها ، ولزمه ( ردّها ) لأنّها ليست زوجته ( ولها ) مع جهلها ( المهر مع الوطء ) بها بإجماع الطائفة في الجملة ( للشبهة ) والمعتبرة المستفيضة :

منها الصحيح : عن الرجل يخطب إلى الرجل ابنته من مَهِيرة ، فأتاه بغيرها ، قال : « تردّ إليه التي سمّيت له بمهر آخر من عند أبيها ، والمهر الأول للّتي دخل بها » (٢).

ونحوه الموثّق (٣) ، والصحيح المرويّ كذلك (٤) عن نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى (٥) ، ومرسلاً عن المقنع (٦) ، والمرسل المرويّ عن ابن‌

__________________

(١) في ص ٤٧٤.

(٢) الكافي ٥ : ٤٠٦ / ٥ ، التهذيب ٧ : ٤٢٣ / ١٦٩١ ، الوسائل ٢١ : ٢٢٠ أبواب العيوب والتدليس ب ٨ ح ١.

(٣) الكافي ٥ : ٤٠٦ / ٤ ، التهذيب ٧ : ٤٢٣ / ١٦٩٢ ، الوسائل ٢١ : ٢٢١ أبواب العيوب والتدليس ب ٨ ح ٢.

(٤) أي صحيحاً. منه رحمه‌الله.

(٥) نوادر أحمد بن محمد بن عيسى : ٨٠ / ١٧٧ ، الوسائل ٢١ : ٢٢١ أبواب العيوب والتدليس ب ٨ ح ٣.

(٦) المقنع : ١٠٥ ، الوسائل ٢١ : ٢٢١ أبواب العيوب والتدليس ب ٨ ح ٢.

٤٨٠