رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١١

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١١

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-273-3
الصفحات: ٥٠٤

بينهما ، لكنّه لا يعدّ طلاقاً شرعيّاً ، ولا يلحقه أحكامه ظاهراً مطلقاً على المختار.

وقيل : إنّ الفسخ الواقع من المولى طلاق مطلقاً ، ويعدّ من الطلقات (١).

وقيل : إنّه كذلك إن وقع بلفظ الطلاق ، فيبطل باختلال شي‌ء من شرائطه لا مطلقاً (٢).

وهما مع مخالفتهما الأصل ، سيّما الأول لا دليل عليهما يعتدّ به ، لكن في الروضة : ولو أوقع لفظ الطلاق مع كون السابق عقداً فظاهر الأصحاب لحوق أحكامه واشتراطه بشرائطه ؛ عملاً بالعموم (٣).

وظاهره الإجماع ، لكنّه ينافيه احتماله العدم فيما بعد ؛ معلّلاً بأنّه إباحة وإن وقع بعقد. والاحتياط سبيله واضح.

( النظر الثاني )

(في ) جواز استباحة الرجل بضع المرأة بـ ( [ الملك ] (٤) ).

وهو نوعان ) :

( الأول : ملك الرقبة ) وهو موضع وفاق ؛ مدلول عليه بالكتاب (٥) والسنّة المتواترة من طرق الخاصّة والعامّة.

__________________

(١) انظر التنقيح الرائع ٣ : ١٦٧ والمسالك ١ : ٥١٩.

(٢) انظر التنقيح الرائع ٣ : ١٦٧ والمسالك ١ : ٥١٩.

(٣) الروضة البهية ٥ : ٣٣٤.

(٤) بدل ما بين المعقوفين في « ص » : ب ملك الرقبة ، وفي « ح » : بملك الرقبة ، وما أثبتناه من المطبوع هو الأنسب.

(٥) النساء : ٢٥.

٤٢١

( ولا حصر في ) عددهنّ بـ ( النكاح به ) بالإجماع والنصوص ، وقد مرّ شطر منها دليلاً لعدم انحصار المتعة في عدد ؛ معلّلاً بأنّهنّ بمنزلة الإماء (١) ، فله نكاح ما شاء من النسوة به.

وفي تخصيص الاستباحة به بالرجل إشارةٌ إلى عدمها للمرأة ؛ للإجماع والنصّ المستفيض.

ففي الصحيح : « قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في امرأة مكّنت من نفسها عبداً لها أن يباع بصغر منها ، ويحرم على كلّ مسلم أن يبيعها عبداً مدركاً بعد ذلك » (٢).

وروى أيضاً بزيادة : « أنّها تضرب مائة سوط ، ويضرب العبد خمسين جلدة » (٣).

( وإذا زوّج أمته ) من عبده أو غيره ( حرمت ) وجوه الاستمتاع منها ( عليه : وطئاً ولمساً ونظراً ) إليها ( بشهوة ) مطلقاً ، وبدونها فيما عدا الوجه والكفّين ( ما دامت في العقد ) أو العدّة ، كما أطلقه جماعة منهم العلاّمة (٤) وربما ادّعى عليه بعض المتأخّرين الإجماع (٥).

والنصوص في حرمة الوطء مستفيضة.

__________________

(١) راجع ص ٢٤٤.

(٢) الفقيه ٣ : ٢٨٩ / ١٣٧٣ ، الوسائل ٢١ : ١٦٠ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٥١ ح ١.

(٣) الكافي ٥ : ٤٩٣ / ١ ، التهذيب ٨ : ٢٠٦ / ٧٢٧.

(٤) القواعد ٢ : ٣٠.

(٥) انظر كشف اللثام ٢ : ٦٦.

٤٢٢

ففي الخبرين : « عشر لا يحلّ نكاحهنّ ولا غشيانهن » إلى أن قال : « وأمتك ولها زوج » (١).

وربما استفيد من سياقهما اتّحادها في الحكم مع المحرّمات المعدودات اللواتي هنّ أجنبيات ، وجارٍ فيهنّ الأحكام (٢) المذكورات في العبارة.

وعُلِّل أيضاً بأنّ الاستمتاع بالمرأة الواحدة لا يكون مملوكاً بتمامه لرجلين معاً ، وقد ملكه الزوج (٣). وفيه نظر.

والإجماع على الإطلاق إن تمّ كان هو الحجّة ، والظاهر التماميّة بالإضافة إلى الأولين (٤) ، وللنظر إلى العورة مطلقاً (٥) ، وإلى ما عدا الوجه والكفّين إذا كان بشهوة.

مضافاً إلى بعض المعتبرة في الأول مطلقاً وفي الثاني في الجملة ، المرويّة في قرب الإسناد : « إذا زوّج الرجل أمته فلا ينظر إلى عورتها ، والعورة ما بين الركبة والسرّة » (٦).

__________________

(١) الأول في : التهذيب ٨ : ١٩٨ / ٦٩٦ ، الوسائل ٢١ : ١٠٦ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ١٩ ح ٢.

الثاني في : الفقيه ٣ : ٢٨٦ / ١٣٦٠ ، التهذيب ٨ : ١٩٨ / ٦٩٥ ، الخصال : ٤٣٨ / ٢٧ ، الوسائل ٢١ : ١٠٦ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ١٩ ح ١.

(٢) من حرمة الوطء واللمس والنظر إليهنّ بشهوة. منه رحمه‌الله.

(٣) كشف اللثام ٢ : ٦٦.

(٤) وهما الوطء واللمس. منه رحمه‌الله.

(٥) بشهوة كان أم لا. منه رحمه‌الله.

(٦) قرب الإسناد : ١٠٣ / ٣٤٥ ، الوسائل ٢١ : ١٤٨ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٤٤ ح ٧.

٤٢٣

ولكن يستفاد منه جواز النظر إلى ما عدا العورة بالمعنى المفسّرة به فيه مطلقاً (١) ، مضافاً إلى أصالتي الإباحة وبقاء حلّية النظر السابقة. والمستفاد من تخصيص العبارة التحريم بالوطء واللمس والنظر بشهوة : ٢ إباحة النظر إلى جميع جسدها حتى العورة بغير شهوة.

ففي تماميّة الإجماع مناقشة ، إلاّ أنّ الشهرة متيقّنة ، وتكون هي الجابرة للمعتبرة المتقدّمة ، مضافاً إلى التأيّد بحكاية الإجماع اللازم الحجّية ؛ لعدم القدح بخروج المعلوم النسب النادر بالضرورة ، فيخصّ بها الأصلان المتقدّمان.

هذا ، مضافاً إلى الصحيح : عن الرجل يزوّج مملوكته عبده ، أتقوم كما كانت تقوم فتراه منكشفاً أو يراها على تلك الحال؟ فكره ذلك ، وقال : « قد منعني أبي أن أُزوّج بعض غلماني أمتي لذلك » (٢).

والموثّق : في الرجل يزوّج جاريته ، هل ينبغي له أن ترى عورته؟ قال : « لا » (٣).

ولكنّهما ليسا نصّاً في المطلوب.

والعمدة هو ما قدّمناه ، ولكن في ثبوت الحكم فيما عدا ما ذكرناه وهو النظر إلى ما عدا العورة وما في معناها بغير شهوة إشكال ، والإجماع‌

__________________

(١) أي بشهوة كان أم لا. منه رحمه‌الله.

(٢) الكافي ٥ : ٤٨٠ / ٣ ، التهذيب ٨ : ١٩٩ / ٦٩٨ ، الوسائل ٢١ : ١٤٧ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٤٤ ح ١ ؛ بتفاوت يسير.

(٣) التهذيب ٨ : ٢٠٨ / ٧٣٦ ، الوسائل ٢١ : ١٤٨ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٤٤ ح ٤.

٤٢٤

المحكيّ موهون هنا قطعاً ؛ لمصير جماعة إلى العدم (١) ، والأصلان المشار إليهما يقتضيانه. إلاّ أنّ الأحوط الاجتناب جدّاً.

قيل : وفي معنى الأمة المزوّجة : المحلَّل وطؤها للغير ، ولو حُلّل منها ما دون الوطء ففي تحريمها بذلك على المالك نظر (٢). ومقتضى الأصلين العدم.

ثم إنّ غاية التحريم في المقامين خروجها من النكاح والعدّة ، سواء كانت بائنة أم رجعيّة.

( وليس للمولى انتزاعها ) منه إذا لم يكن عبده مطلقاً ، بلا خلاف في الظاهر ، وحكي صريحاً ؛ للنصوص المستفيضة :

منها الصحيح : عن رجل يزوّج أمته من حرّ أو عبد لقوم آخرين ، إله أن ينزعها؟ قال : « لا ، إلاّ أن يبيعها » الخبر (٣).

والصحيح : « وإن كان زوّجها حرّا فإن طلاقها صفقتها » (٤).

والموثّق : في الرجل يزوّج أمته من حرّ ، قال : « ليس له أن ينزعها » (٥).

__________________

(١) منهم صاحب المدارك في نهاية المرام ١ : ٣١٠ ، وانظر الكفاية : ١٧٤.

(٢) قال به صاحب المدارك في نهاية المرام ١ : ٣١٠.

(٣) التهذيب ٧ : ٣٣٩ / ١٣٨٨ ، الإستبصار ٣ : ٢٠٦ / ٧٤٥ ، الوسائل ٢١ : ١٨١ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٦٤ ح ٥.

(٤) التهذيب ٧ : ٣٤٠ / ١٣٩٢ ، الإستبصار ٣ : ٢٠٧ / ٧٤٩ ، الوسائل ٢١ : ١٨٢ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٦٤ ح ٨.

(٥) التهذيب ٧ : ٣٣٧ / ١٣٨٠ ، الوسائل ٢١ : ١٨٠ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٦٤ ح ١.

٤٢٥

وما ورد بخلافها من المستفيضة (١) فمع شذوذها وعدم صراحة دلالتها محمولة على الانتزاع بالبيع لا الطلاق ، وما وقع فيه منها التصريح به محمول عليه ؛ لشيوع التعبير به عنه في كثير من النصوص الماضية (٢) في بيع الأمة وأنّه طلاقها.

( ولو باعها تخيّر المشتري ) للإطلاقات ( دونه ) للأصل ، وقد مضى مفصّلاً (٣).

( ولا يحلّ لأحد الشريكين وطء ) الأمة ( المشتركة ) بينهما ، إلاّ بتحليل أحدهما للآخر على الأصح ، كما مضى.

( ويجوز ابتياع ذوات الأزواج ) اللواتي هنّ ( من أهل الحرب ) والكفّار الغير القائمين بشرائط الذمّة ( وأبنائهم ) من أزواجهنّ وآبائهنّ ، وغيرهم من أهل الضلال السابين لهم بلا خلاف ؛ لأنّهنّ كآبائهنّ وأزواجهنّ في‌ءٌ للمسلمين يجوز التوصّل إلى أخذهم بكلّ وجه من ابتياع أو غيره ومع حصوله يدخلون في ملك المستولي عليهم ، ويترتّب عليه أحكامه ، التي من جملتها : حلّ الوطء المقصود بالمقام ؛ والنصوص به مستفيضة.

ففي الخبر : عن رجل يشتري من رجل من أهل الشرك ابنته فيتّخذها أي للوطء قال : « لا بأس » (٤).

__________________

(١) انظر الوسائل ٢١ : ١٨١ ، ١٨٢ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٦٤ ح ٣ ، ٦ ، والوسائل ٢٢ : ١٠١ أبواب مقدمات الطلاق ب ٤٤ ح ٣.

(٢) راجع ص ٤٠٧.

(٣) ما بين القوسين ليس في « ص ».

(٤) التهذيب ٨ : ٢٠٠ / ٧٠٥ ، الإستبصار ٣ : ٨٣ / ٢٨١ ، الوسائل ٢١ : ١٩٠ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٦٩ ح ٢ ؛ بتفاوت يسير.

٤٢٦

وفي آخر : عن الرجل يشتري امرأة رجل من أهل الشرك يتّخذها ، قال : « لا بأس » (١).

وإطلاقه يشمل الشراء منهم ومن غيرهم من أهل الضلال السابين لهم.

مضافاً إلى النصّ : عن سبي الأكراد إذا حاربوا [ و ] من حارب من المشركين ، هل يحلّ نكاحهم وشراؤهم؟ قال : « نعم » (٢).

إلى غير ذلك من النصوص الصريحة في إذنهم عليهم‌السلام لنا في ذلك وإن كان الجميع أو البعض لهم عليهم‌السلام (٣).

( ولو ملك الأمة ) بأحد الوجوه المملّكة لها ، وجب عليه الاستبراء مع عدم العلم بعدم الوطء المحترم مطلقاً ، كان عالماً به أم لا ، إلاّ في صور مضى أكثرها في بحث البيع ، بقي منها : ما لو ملكها ( فأعتقها ) فظاهر الأصحاب من غير خلاف يعرف بل عليه الوفاق في المسالك (٤) أنّه بذلك ( حلّ ) للمعتق ( وطؤها بالعقد ) والتزويج بعده ( وإن لم يستبرئ ).

للنصوص المستفيضة ، منها الصحيح : في رجل يشتري الجارية فيعتقها ثم يتزوّجها ، هل يقع عليها قبل أن يستبرئ رحمها؟ قال : « يستبرئ رحمها بحيضة » قلت : فإن وقع عليها؟ قال : « لا بأس » (٥).

__________________

(١) التهذيب ٨ : ٢٠٠ / ٧٠٢ ، الإستبصار ٣ : ٨٣ / ٢٨٠ ، الوسائل ٢١ : ١٨٩ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٦٩ ح ١.

(٢) التهذيب ٦ : ١٦١ / ٢٩٢ ، الوسائل ١٥ : ١٢٩ أبواب جهاد العدو وما يناسبه ب ٥٠ ح ١.

(٣) الوسائل ٩ : ٥٤٣ أبواب الأنفال ب ٤.

(٤) المسالك ١ : ٥٢٢.

(٥) التهذيب ٨ : ١٧٥ / ٦١٢ ، الإستبصار ٣ : ٣٦١ / ١٢٩٥ ، الوسائل ٢١ : ١٠٣ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ١٦ ح ١.

٤٢٧

وإطلاقها كالعبارة وكلام أكثر الأصحاب يقتضي عدم الفرق بين العلم بالوطء المحترم لها وعدمه ، وقيّده جماعة منهم العلاّمة (١) بما عدا الأول ، موجبين للاستبراء فيه ؛ تمسّكاً بوجود المقتضي حينئذ. بخلاف ما لو جهل الحال ، فإنّ الأصل عدم الوطء ، إلاّ ما دلّ الدليل على وجوب الاستبراء فيه ولو مع الجهل ، وذلك في المملوكة ، فيبقى غيرها على الأصل.

وهو حسن إن تمّ المقتضي بالتنصيص به ، وليس ، وإنّما هو مستنبط ، ومع ذلك لا بأس به احتياطاً ، وتمسّكاً بأصالة الوجوب واستصحابه ، مع عدم المقتضي لتخصيصها ، سوى إطلاق النصوص ، وشمولها لمثل الصورة غير معلوم.

مضافاً إلى أنّ الاستنباط هنا ليس ناشئاً عن محض الاعتبار ، بل مستفاد من تتبّع الأخبار ، ولذا اشتهر بين الأخيار عدم اختصاص وجوب الاستبراء بمورد الأخبار الدالّة عليه ، وهو الشراء.

ثم مقتضى إطلاق النصوص هنا عموم الحكم لصورتي دخوله بها وعدمه ، مضافاً إلى الصحيح في الأول : عن رجل يعتق سريّته ، أيصلح له أن يتزوّجها بغير عدّة؟ قال : « نعم » قلت : فغيره؟ قال : « لا ، حتى تعتدّ ثلاثة أشهر » (٢).

ويستفاد من الصحيح السابق وغيره (٣) أفضليّة الاستبراء مطلقاً ، وعليه‌

__________________

(١) القواعد ٢ : ٣١.

(٢) الكافي ٥ : ٤٧٦ / ٤ ، التهذيب ٨ : ١٧٤ / ٦١٠ بسند آخر ، الوسائل ٢١ : ٩٩ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ١٣ ح ١.

(٣) الوسائل ٢١ : ١٠٣ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ١٦.

٤٢٨

فتوى الأصحاب.

( و ) لكن ( لا تحلّ لغيره ) لو زوّجها منه ( حتى تعتدّ كالحرّة ) للمعتبرة المستفيضة ، منها الصحيحان ، مضى أحدهما ، وفي الثاني عن رجل أعتق سريّته ، له أن يتزوّجها بغير عدّة؟ قال : « نعم » ، قلت : فغيره؟ قال : « لا ، حتى تعتدّ ثلاثة أشهر » (١).

وإطلاقهما كالعبارة يقتضي عدم الفرق بين العلم بوطء المولى لها أم لا.

ولا ريب في الأول قطعاً ، ونحوه صورة الجهل به أيضاً.

ويشكل في الثالثة ، وهي العلم بعدم وطئه لها بالمرّة ، وقد حكم جماعة بأن ليس لها عدّة ؛ لعدم المقتضي ، وإن هو حينئذٍ إلاّ كالمولى ، وليس في الصحيحين عموم لها ؛ لإطلاقهما وانصرافه إلى ما عداها.

وهو حسن مع العلم بعدم وطء المولى لها ، وكذا مَن انتقلت منه إليه أصلاً. ويشكل فيما عداه ، وهو العلم بوطء الثاني لها مع عدم الاستبراء أو احتماله ؛ لما تقدّم من المقتضي له ، الثابت بتتبّع الأخبار ، الموجب له هنا في المولى ، ففي الغير بطريق أولى (٢). إلاّ أنّ مقتضى ذلك ثبوت الاستبراء ، وهو غير العدّة قطعاً ، وكيف كان فالعمل بإطلاق العبارة والصحيحين أولى.

( ويملك الأب ) مطلقاً (٣) ( موطوءة ابنه ) كذلك (٤) ( وإن حرم عليه

__________________

(١) التهذيب ٨ : ١٧٥ / ٦١١ ، الوسائل ٢١ : ٩٩ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ١٣ ذيل حديث ١.

(٢) منشأ الأولوية إطلاق ما سبق من الأخبار بعدم الاستبراء على المولى والأخبار هنا بثبوت العدّة على غيرها مطلقاً. منه رحمه‌الله.

(٣) سببيّاً كان أم رضاعيا. منه رحمه‌الله.

(٤) أي مطلقاً. منه رحمه‌الله.

٤٢٩

وطؤها ، وكذا ) الكلام في ( الابن ) إجماعاً ونصّاً ، والكلام فيه وفي أمثاله قد مضى (١)

( النوع الثاني ) من نوعي جواز النكاح بالملك : النكاح بـ ( ملك المنفعة ) بتحليل الأمة دون الهبة والعارية ، ولا ريب فيه ؛ لإجماع الطائفة ، والصحاح المستفيضة ونحوها من المعتبرة التي كادت تكون متواترة ، بل صرّح بذلك جماعة (٢).

ففي الصحيح : في الرجل يحلّ لأخيه فرج جاريته وهي تخرج في حوائجه قال : « لا بأس » (٣).

والقول بالمنع المحكيّ في المبسوط (٤) شاذّ ، ومستنده ضعيف ؛ بناءً على أنّ مثله عقد أو تمليك ، فليس من ارتكبه مرتكباً عدواناً. وعلى تقدير خروجه عنهما فآية ( فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ ) (٥) بما قدّمناه من الأدلّة مخصَّصة.

والصحيح : عن الرجل يحلّ فرج جاريته؟ قال : « لا أُحبّ ذلك » (٦) ظاهرٌ في الكراهة ، وعلى تقدير الظهور أو الصراحة في الحرمة محمولٌ على التقيّة بالضرورة.

__________________

(١) في بحث المصاهرة. منه رحمه‌الله.

(٢) منهم الحلّي في السرائر ٢ : ٦٢٧ ، والمحقق الكركي في جامع المقاصد ١٣ : ١٧٨ ، وصاحب المدارك في نهاية المرام ١ : ٣١٤.

(٣) الفقيه ٣ : ٢٩٠ / ١٣٧٨ ، التهذيب ٧ : ٢٤٨ / ١٠٧٤ ، الإستبصار ٣ : ١٤٠ / ٥٠٣ ، الوسائل ٢١ : ١٣٥ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٣٧ ح ١ ؛ بتفاوت.

(٤) المبسوط ٤ : ٢٤٦.

(٥) المؤمنون : ٧.

(٦) التهذيب ٧ : ٢٤٣ / ١٠٥٩ ، الإستبصار ٣ : ١٣٧ / ٤٩٢ ، الوسائل ٢١ : ١٢٦ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٣١ ح ٧.

٤٣٠

وبالجملة : ليست المسألة محلّ شبهة ، ولكنّها مشروطة بشرائط : كون التحليل من المالك ، ولمن يجوز له التزويج بها ، وقد تقدّمت شرائطه ، التي من جملتها : كونه مؤمناً في المؤمنة ، ومسلماً في المسلمة ، وكونها كتابيّة لو كانت كافرة ، وغير ذلك من أحكام النسب والمصاهرة وغيرهما.

( و ) لا خلاف في اعتبار ( صيغته ) لعدم حلّ الفروج بمجرّد التراضي إجماعاً ، وتمسّكاً بالأصل ، وفحوى ما دلّ على المنع من العارية (١) ، مع إفصاحها عنه لفظاً ، فالمنع مع عدمه أولى.

وهي قسمان : وفاقيّة كما حكاه جماعة (٢) وخلافيّة ، فالأول ( أن يقول : أحللت وطأها ، أو جعلتك في حِلّ من وطئها ) وذلك لتضمّنها النصوص (٣) بالخصوص ، فيخصَّص بها الأُصول قطعاً ، ولا مخصِّص لها فيما عداه ( و ) لذا ( لم يتعدّهما الشيخ ) (٤) وأتباعه (٥) ، والمرتضى والعلاّمة في أحد قوليه (٦) ، وأكثر الأصحاب كما حكاه جماعة منهم (٧).

( و ) لكن ( اتّسع آخرون ) بجوازه ( بلفظ الإباحة ) وهو الثاني ، كما في الشرائع وعن المبسوط والسرائر (٨) ، واختاره من المتأخّرين‌

__________________

(١) انظر الوسائل ٢١ : ١٣١ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٣٤.

(٢) منهم الشهيد في المسالك ١ : ٥٢٢ ، والروضة ٥ : ٣٣٤ ، والسبزواري في الكفاية : ١٧٥ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٦٧.

(٣) الوسائل ٢١ : أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٣١ ، والإماء ب ٣١ ، والباب ٣٧ ح ٥ ، ٦.

(٤) النهاية : ٤٩٤.

(٥) كابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦١٢.

(٦) المرتضى في الانتصار : ١١٨ ، العلاّمة في الإرشاد ٢ : ١٤.

(٧) منهم المحقق الكركي في جامع المقاصد ١٣ : ١٨٢ ١٨٣ ، والشهيد الثاني في المسالك ١ : ٥٢٣ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٦٧.

(٨) الشرائع ٢ : ٣١٦ ، المبسوط ٣ : ٥٧ ، السرائر ٢ : ٦٣٣.

٤٣١

جماعة (١) ؛ للتساوي مع الأول في المعنى ، فيكون كالمرادف الذي يجوز إقامته مقام رديفه.

ورُدّ بمنع المرادفة أولاً. ثم بمنع الاكتفاء بالمرادف مطلقاً ثانياً ؛ فإنّ كثيراً من أحكام النكاح توقيفيّة ، وفيه شائبة العبادة ، والاحتياط فيه مهم (٢).

وهو في محلّه بالنظر إلى كيفيّة الاستدلال ، وليس لو غُيِّرت بما ذكره بعض الأفاضل ولنِعمَ ما ذكر ـ : إنّ الوجه فيه عموم الأخبار ؛ لتضمّنها التحليل ، وهو أعمّ من أن يكون بلفظه أو مرادفه ؛ إذ كلاهما تحليل (٣).

ويعضده الخبر المعتبر ، المجبور قصور سنده بجهالة راويه بوجود المجمع على تصحيح رواياته فيه ، وفيه : قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : « يا محمّد ، خذ هذه الجارية تخدمك وتصيب منها ، فإذا خرجت فاردُدها إلينا » (٤).

ولقائل أن يقول : إنّ التحليل وإن كان مطلقاً إلاّ أنّ الخروج بمجرّده بالإضافة إلى بعض أفراده مع شهرة خلافه مشكل جدّاً ، ومع ذلك ربما دلّ ما سيأتي من النصّ في المنع عن التحليل بالعارية على إرادة المعنى الأخصّ منه هنا ، حيث إنّه بعد المنع عنها قال : « لكن لا بأس أن يحلّ الرجل جاريته لأخيه » (٥) فلولا أنّ المراد منه ما (٦) مرّ لكان العارية منه‌

__________________

(١) منهم العلاّمة في القواعد ٢ : ٣١ ، وصاحب الحدائق ٢٤ : ٣١٦.

(٢) الروضة ٥ : ٣٣٥.

(٣) كشف اللثام ٢ : ٦٧.

(٤) التهذيب ٧ : ٢٤٢ / ١٠٥٥ ، الإستبصار ٣ : ١٣٦ / ٤٨٨ ، الوسائل ٢١ : ١٢٦ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٣١ ح ٦.

(٥) الكافي ٥ : ٤٧ / ١٦ ، التهذيب ٧ : ٢٤٤ / ١٠٦٣ ، الوسائل ٢١ : ١٣١ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٣٤ ح ١.

(٦) أي المعنى الأخصّ. منه رحمه‌الله.

٤٣٢

بالمعنى الأعمّ ، فهي قسم منه بهذا المعنى ، وقد جُعِلت في الخبر قسيماً له ، فتدبّر.

وأمّا الخبر ، فمع قصور سنده ضعيف الدلالة ؛ لاحتمال إرادة الخدمة ونحوها ممّا ليس متعلّقاً للتحليل المعنيّ هنا من متعلّق الإصابة ، دون حلّ الوطء واللمس والقبلة والنظر بشهوة. وعلى تقدير تسليم الدلالة ، فليس لسنده جابر بالمرّة بحيث يعارض الأُصول المعتضدة بالشهرة ، والاعتبار في الجملة غير كافٍ في تخصيصها.

فالقول بالمنع أقوى ، وعلى غيره (١) قيل : كفى : أذنتُ ، وسوّغتُ ، وملّكتُ ، ووهبتُ ، ونحوها (٢).

( ومنع الجميع ) فيه إيذان بالإجماع ، وهو محكيّ صريحاً عن الانتصار وفي كشف الحقّ ونهج الصدق (٣) ( لفظ العارية ).

للخبر المعتبر إذ ليس في سنده سوى قاسم بن عروة ، وقد حسّنه جماعة ، وجهالته المشهورة مجبورة بالشهرة العظيمة ورواية ابن أبي عمير عنه ، وهو ممّن أجمعت على تصحيح ما يصحّ عنه العصابة ـ : عن عارية الفرج ، فقال : « حرام » ثم مكث قليلاً وقال : « لكن لا بأس بأن يحلّ الرجل جاريته لأخيه » (٤).

ولكن في معتبر آخر بالسبب (٥) الذي مرّ : عن عارية الفرج ، فقال‌

__________________

(١) وهو الاكتفاء بالإباحة. منه رحمه‌الله.

(٢) قال به الشهيد الثاني في الروضة ٥ : ٣٣٥.

(٣) الانتصار : ١١٨ ، نهج الحق وكشف الصدق : ٥٢٢.

(٤) تقدّمت مصادره في ص ٤٢٩.

(٥) وهو وجود من وقع إجماع العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه في سنده منه رحمه‌الله.

٤٣٣

« لا بأس به » (١).

ولكن لا يقاوم ما قابلة بوجه وإن تساويا في السند ؛ لاعتضاد الأول بالأصل والإجماع المحكيّ بل القطعي والشهرة العظيمة ، فمخالفة الحلّي (٢) ضعيفة شاذّة.

( وهل هو ) أي التحليل ـ ( إباحة ) محضة وتمليك منفعة؟ كما عليه مشهور الطائفة ، ( أو عقد ) متعة؟ كما ( قال ) به ( علم الهدى ) (٣) قولان ، أصحّهما : الأول ؛ لانحصار العقد في الدائم والمتعة ، وكلاهما منتفيان.

لتوقّف رفع الأول على الطلاق في غير الفسخ بأُمور محصورة ليس هذا منها ، ولزوم المهر فيه بالدخول ، وغير ذلك من لوازمه ، وانتفاء اللازم يدلّ على انتفاء الملزوم ، مضافاً إلى مسلّميّته عند الخصم.

وتوقّف الثاني و ( هو ) كونه ( عقد متعة ) على المهر والأجل المنتفيين هنا أيضاً بالأصل وتسليم الخصم على الظاهر. خلافاً للمحكيّ عن المبسوط في الثاني ، فاعتبره (٤) ، ولا ريب في ضعفه.

ولأنّ عقد النكاح لازم ، ولا شي‌ء من التحليل كذلك.

وإذا انتفى كونه عقداً ثبت الملك ؛ لانحصار حلّ النكاح فيهما بمقتضى القولين ، فيصرف ( ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) عمّا هو ظاهر فيه بالتبادر وهو ملك الرقبة إلى ما يعمّه وملك المنفعة ؛ هرباً ممّا هو أشدّ‌

__________________

(١) التهذيب ٧ : ٢٤٦ / ١٠٦٩ ، الإستبصار ٣ : ١٣٨ / ٤٩٨ ، الوسائل ٢١ : ١٣٥ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٣٧ ح ٢.

(٢) السرائر ٢ : ٦٣٣.

(٣) الانتصار : ١١٨.

(٤) حكاه عنه في كشف اللثام ٢ : ٦٨ ، وهو في المبسوط ٤ : ٢٤٦.

٤٣٤

محذوراً ، أو يبقى على ظاهره ، ويُخَصّ عموم ( فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ ) بما عدا التحليل ، وهو شائع ، بل وأظهر من الأول إن لم يكن مخالفاً للإجماع ؛ بناءً على المختار من رجحانه على المجاز حيث تعارضا ، وبه صرّح بعض متأخّري الأصحاب (١). فسقط حجّة المرتضى ، وتعيّن المصير إلى ما عليه باقي أصحابنا.

وعلى القولين ، لا بُدّ من القبول ؛ لتوقّف الملك عليه ، كذا قيل (٢) ، وظاهرهم الوفاق عليه ، والنصوص خالية من اعتباره.

ومع ذلك ، ذكر المفلح الصيمري عن إطلاق الأكثر : عدم اعتباره ، وحكى عن الحلّي ما يدلّ على تفرّع ذلك (٣) على كلام المرتضى. فالوجه العدم ، ومراعاة الاحتياط أولى.

وقيل : إنّ الفائدة بين القولين تظهر فيما لو أباح أمته لعبده ، فإن قلنا : إنّه عقد أو تمليك وأنّ العبد يملك ، حلّت ، وإلاّ فلا. وفيه نظر ؛ لأنّ الملك فيه ليس على حدّه الملك المحض ، بحيث لا يكون العبد أهلاً له ، بل المراد به الاستحقاق ، كما يقال : يملك زيد إحضار مجلس الحكم ، ونحوه ، ومثله يستوي فيه الحرّ والعبد ، فصحّة التحليل في حقّه على القول (٤) متّجهة إن جوّزناه في حقّه (٥).

وقيل (٦) : مُظهرها اعتبار إذن الحرّة أو العمّة والخالة إذا كانتا عنده‌

__________________

(١) مبادئ الأُصول للعلاّمة الحلّي : ٨٣.

(٢) انظر الروضة ٥ : ٣٣٦.

(٣) أي وجوب القبول. منه رحمه‌الله.

(٤) بأن العبد لا يملك. منه رحمه‌الله.

(٥) حكاه في الروضة ٥ : ٣٣٦ ٣٣٧.

(٦) انظر المهذب البارع ٣ : ٣٥٥ ٣٥٦.

٤٣٥

على قول المرتضى ، ولا على غيره ، وعدم جواز نظر السيّد إليها ولمسها وتقبيلها بشهوة وغير شهوة على الأول ، دون الثاني.

والأخير ينافي ما حكيناه عن بعض الأصحاب فيما مضى قريباً من اتّحاد الأمة المزوّجة والمحلّلة في حرمة الأُمور المزبورة على مولاهما (١).

( وفي تحليل أمته لمملوكه ) أو مملوك غيره بإذنه ( تردّد ) ينشأ :

من الصحيح : عن المملوك يحلّ له أن يطأ الأمة من غير تزويج إذا أحلّ له مولاه؟ قال : « لا تحلّ له » (٢).

ومن المعتبر كالصحيح بوجود ابن أبي عمير في سنده ، فلا يقدح جهالة راويه ـ : لمولاي في يدي مال ، فسألته أن يحلّ لي ما أشتري من الجواري؟ فقال : إن كان يحلّ لي أن أُحلّ فهو لك حلال ، فسألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن ذلك ، فقال : « إن أحلّ لك جارية بعينها فهي لك حلال » الخبر (٣).

ويعضده الصحيح : عن قوله تعالى ( وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) (٤) « هو أن يأمر الرجل عبده وتحته أمته ، فيقول له : اعتزل امرأتك ولا تقربها ، ثم يحبسها عنه حتى تحيض ، ثم يمسكها ، فإذا حاضت بعد مسّه إيّاها ردّها عليه بغير نكاح » (٥) وظاهره كما ترى كونه‌

__________________

(١) راجع ص ٤٢٢.

(٢) التهذيب ٧ : ٢٤٣ / ١٠٦٢ ، الإستبصار ٣ : ١٣٧ / ٤٩٥ ، الوسائل ٢١ : ١٣٠ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٣٣ ح ٢.

(٣) التهذيب ٧ : ٢٣٨ / ١٠٤٠ ، الإستبصار ٣ : ١٣٨ / ٤٩٦ ، الوسائل ٢١ : ١٣٠ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٣٣ ح ١.

(٤) النساء : ٢٤.

(٥) الكافي ٥ : ٤٨١ / ٢ ، التهذيب ٧ : ٣٤٦ / ١٤١٧ ، الوسائل ٢١ : ١٤٩ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٤٥ ح ١ ؛ بتفاوت يسير.

٤٣٦

عقداً كما ذهب إليه المرتضى (١) ، فتأمّل.

والمعتبرة المستفيضة الدالّة على جواز تسرّي العبد الجواري بإذن مولاه ، كالصحيح : « لا بأس أن يأذن الرجل لمملوكه أن يشتري من ماله إن كان له جارية أو جواري يطؤهنّ ورقيقه له حلال » الحديث (٢) ، وفي معناه غيره (٣).

ولا يخفى عليك قوّة هذه الأدلّة ، وعدم معارضة الصحيح المتقدّم لها بالمرّة ، مع ظهور حمله على التقيّة ؛ لاتّفاق العامّة على المنع من التحليل مطلقاً ، ويعضده كون الراوي وزير الخليفة ، والمرويّ عنه ممّن اشتدّت في زمانه التقيّة.

( و ) لذا يكون ( مساواته ) أي العبد ( للأجنبي ) في جواز تحليل المولى أمته له ( أشبه ) وفاقاً للحلّي (٤) وجماعة (٥). وخلافاً للشيخ (٦) وآخرين (٧) ، وهو ضعيف جدّاً. وإن كان الاقتصار في تزويج المولى عبده أمته على نحو قوله : أنكحتك لفلانة ، وإعطائها شيئاً من قبله ، أولى‌

__________________

(١) انظر الانتصار : ١١٨.

(٢) التهذيب ٨ : ٢١١ / ٧٥٥ ، الإستبصار ٣ : ٢١٤ / ٧٧٨ ، الوسائل ٢١ : ١١٢ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٢٢ ح ٨.

(٣) التهذيب ٨ : ٢١٠ / ٧٤٧ ، الإستبصار ٣ : ٢١٣ / ٧٧٦ ، الوسائل ٢١ : ١١٠ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٢٢ ح ١.

(٤) السرائر ٢ : ٦٣٣.

(٥) منهم المحقق الثاني في جامع المقاصد ١٣ : ١٨٩ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٦٨ ، وصاحب الحدائق ٢٤ : ٣٢١.

(٦) النهاية : ٤٩٤.

(٧) كالعلاّمة في المختلف : ٥٧١ ، وفخر المحققين في الإيضاح ٣ : ١٦٧ ، والفاضل المقداد في التنقيح ٣ : ١٧٥.

٤٣٧

وأحوط.

( ولو ملك بعض الأمة ) التي هي في البعض الآخر حرّة ( فأحلّت نفسها ) له ( لم يصحّ ) ؛ لعدم تبعّض البضع ، وللصحيح وقد مضى (١).

( وفي تحليل الشريك ) حصّته منها لشريكه ( تردّد ) مضى وجهه (٢) ، ( و ) أنّ ( الوجه ) الجواز ، خلافاً للمصنّف تبعاً للأكثر فاستوجه ( المنع ) وهو أحوط.

( و ) حيث كان الانتفاع بأمة الغير بدون إذنه محرّماً مطلقاً قطعاً ، وجب الاقتصار فيه على ما يتناوله اللفظ المتضمّن له عرفاً ، فلا ( يستبيح ) إلاّ ( ما يتناوله اللفظ ) كذلك (٣) ( فلو أحلّ ) له بعض مقدّمات الوطء كـ ( التقبيل ) والنظر ( اقتصر عليه ) ولم يحلّ له الوطء ولا الآخر.

( وكذا ) لو أحلّ ( اللمس ) وجب الاقتصار عليه.

وكذا لو أحلّه بعضها في عضو مخصوص اختصّ به.

و ( لكن لو أحلّ ) له ( الوطء حلّ له ما دونه ) من المقدّمات ؛ لشهادة الحال ، ولعدم انفكاكه عنها غالباً ولا موقع له بدونها ، ولأنّ تحليل الأقوى يدلّ على الأضعف بطريق أولى ؛ بخلاف المساوي والعكس.

هذا ، مضافاً إلى النصوص المعتبرة المستفيضة :

منها الصحيح : « ليس له إلاّ ما أحلّ له منها ، ولو أحلّ له قبلة منها لم يحلّ له سوى ذلك » (٤).

__________________

(١) راجع ص ٣٨٥.

(٢) راجع ص ٣٨٣.

(٣) أي عرفاً. منه رحمه‌الله.

(٤) الكافي ٥ : ٤٦٨ / ١ ، الفقيه ٣ : ٢٨٩ / ١٣٧٧ ، التهذيب ٧ : ٢٤٤ / ١٠٦٤ ، الوسائل ٢١ : ١٣٢ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٣٥ ح ١.

٤٣٨

والصحيح : في الرجل يقول لامرأته : أحلّي لي جاريتك فإنّي أكره أن تراني منكشفاً ، فتحلّها له ، فقال : لا يحلّ له منها إلاّ ذلك ، وليس له أن يمسّها ولا أن يطأها » ثم قال : « لا تحلّ له إلاّ الذي قالت له » (١).

والخبر : « إذا أحلّ الرجل من جاريته قبلة لم يحلّ له غيرها ، وإن أحلّ له منها دون الفرج لم يحلّ له غيره ، وإن أحلّ له الفرج حلّ له جميعها » (٢).

ولو أحلّ القبلة فهل يدخل فيه اللمس بشهوة؟ نظر ، من الأولويّة المتقدّمة في الجملة ، ومن أن اللازم دخول لمس ما استلزمته القبلة لا مطلقاً ، فلا يدخل إلاّ ما يتوقّف عليه خاصّة ، وهو أحوط لو لم يكن أقوى.

( ولو أحلّ الخدمة ) منها ( لم يتعرّض للوطء ) ولا يستبيحه بذلك ( وكذا لا يستبيح ) الخدمة ( بتحليل ) المولى له ( الوطء ) بها خاصّة ؛ لعدم التلازم بين الأمرين في المقامين.

( وولد المحلّلة ) من العبد إن جوّزنا التحليل له رقّ إجماعاً ، ومن الحرّ ( حرّ ) مع اشتراط الحرّية كذلك ، ومع العدم رقّ مع اشتراط الرقّية إن قلنا بصحّته ، وإلاّ فهو كالإطلاق ، وفيه الخلاف ، والأصحّ الأشهر واختاره المرتضى والحلّي (٣) أنّه كالأول ؛ لعموم أكثر النصوص وظواهر الأُصول الماضية في ولد الأمة المزوّجة (٤).

__________________

(١) الكافي ٥ : ٤٦٩ / ٧ ، التهذيب ٧ : ٢٤٥ / ١٠٦٥ ، الوسائل ٢١ : ١٣٣ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٣٥ ح ٤ ؛ بتفاوت يسير.

(٢) الكافي ٥ : ٤٧٠ / ١٥ ، التهذيب ٧ : ٢٤٥ / ١٠٦٦ ، الوسائل ٢١ : ١٣٤ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٣٦ ح ١.

(٣) المرتضى في مسألة تخطئة العامل بخبر الواحد ( رسائل الشريف المرتضى ٣ ) : ٢٧١ ، الحلّي في السرائر ٢ : ٦٢٨.

(٤) تعرّض إليهما في ص ٣٦٤.

٤٣٩

مضافاً إلى خصوص المعتبرة المستفيضة هنا.

ففي الصحيحين : الرجل يحلّ لأخيه جاريته ، قال : « لا بأس به » قال : قلت : فإنّها جاءت بولد ، قال : « ليضمّ إليه ولده وتردّ الجارية إلى صاحبها » قلت : إنّه لم يأذن له في ذلك ، قال : « إنّه قد أذن ، وهو لا يأمن أن يكون ذلك » (١).

والحسن بل الصحيح ـ : الرجل يحلّ جاريته لأخيه ، أو حرّة حلّلت جاريتها لأخيها ، قال : « يحلّ له من ذلك ما أُحلّ له » قلت : فجاءت بولد؟ قال : « يلحق بالحرّ من أبويه » (٢).

والخبر : عن الرجل يقول لأخيه : جاريتي لك حلال ، قال : « قد حلّت له » قلت : فإنّها ولدت ، قال : « الولد له والأُمّ للمولى » الحديث (٣).

وهي مع استفاضتها واعتبار سند أكثرها ، واعتضادها بالشهرة العظيمة والإطلاقات مع الأُصول المتقدّمة ، وفتوى من لا يرى العمل إلاّ بالأخبار المتواترة أو المحفوفة بالقرائن القطعيّة ، كالحلّي ونحوه واضحة الدلالة‌

__________________

(١) الكافي ٥ : ٤٦٩ / ٦ ، الفقيه ٣ : ٢٩٠ / ١٣٧٩ ، التهذيب ٧ : ٢٤٧ / ١٠٧٣ ، الإستبصار ٣ : ١٣٩ / ٥٠٢ ، الوسائل ٢١ : ١٣٦ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٣٧ ذيل ح ٤.

والآخر في : الكافي ٥ : ٤٦٩ / ٥ ، الوسائل ٢١ : ١٣٦ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٣٧ ح ٤.

(٢) التهذيب ٧ : ٢٤٧ / ١٠٧١ ، الإستبصار ٣ : ١٣٩ / ٥٠٠ ، الوسائل ٢١ : ١٣٧ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٣٧ ح ٧.

(٣) التهذيب ٧ : ٢٤٧ / ١٠٧٢ ، الإستبصار ٣ : ١٣٩ / ٥٠١ ، الوسائل ٢١ : ١٣٧ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٣٧ ح ٦.

٤٤٠