رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١١

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١١

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-273-3
الصفحات: ٥٠٤

لعان ، وليس له النفي إلاّ مع العلم بالانتفاء وإن عزل أو اتهمها أو ظنّ الانتفاء.

والمستند في عدم احتياج النفي إلى لعان مضافاً إلى الإجماع المتقدّم ما سيأتي من النصوص في نفي اللعان فيها مطلقاً ؛ إذ مقتضاه انتفاء الولد مطلقاً ، وإلاّ لانسدّ باب نفيه ، ولزم كونه أقوى من ولد الزوجة الدائمة ، وهو معلوم البطلان.

( الرابعة : لا يقع بالمتعة طلاق إجماعاً ) ، حكاه جماعة (١) ، بل تبين بهبة المدّة للمستفيضة المتقدّمة أو بانقضائها ؛ للصحيحين :

في أحدهما : في المتعة تبين بغير طلاق؟ قال : « نعم » (٢).

وفي الثاني : « فإذا انقضى الأجل بانت منه بغير طلاق » (٣).

( ولا لعان على الأظهر ) الأشهر في القذف ؛ للصحيحين :

في أحدهما : « لا يلاعن الرجل المرأة التي يتمتّع بها » (٤).

وفي الثاني : « لا يلاعن الحرُّ الأمة ، ولا الذميّة ، ولا التي يتمتّع بها » (٥).

مضافاً إلى الإجماع عليه في الغنية (٦).

__________________

(١) منهم الشهيد الثاني في المسالك ١ : ٥٠٥ ، وصاحب المدارك في نهاية المرام ١ : ٢٤٩ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٥٧.

(٢) الكافي ٥ : ٤٥٩ / ٢ ، التهذيب ٧ : ٢٦٦ / ١١٤٧ ، الإستبصار ٣ : ١٥١ / ٥٥٣ ، الوسائل ٢١ : ٥٨ أبواب المتعة ب ٢٥ ح ١ ؛ بتفاوت يسير.

(٣) الكافي ٥ : ٤٥١ / ٦ ، الوسائل ٢١ : ٧٧ أبواب المتعة ب ٤٣ ح ٢.

(٤) الكافي ٦ : ١٦٦ / ١٧ ، التهذيب ٧ : ٤٧٢ / ١٨٩٢ ، الوسائل ٢٢ : ٤٣٠ أبواب اللعان ب ١٠ ح ١.

(٥) الفقيه ٣ : ٣٤٧ / ١٦٦٧ ، التهذيب ٨ : ١٨٨ / ٦٥٣ ، الإستبصار ٣ : ٣٧٣ / ١٣٣٢ ، الوسائل ٢٢ : ٤٣٠ أبواب اللعان ب ١٠ ح ٢.

(٦) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦١١.

٣٤١

خلافاً للمفيد والمرتضى ، فأثبتاه فيها (١) ؛ لعموم الآية (٢) ، والنصوص المستفيضة في وقوعها في مطلق الزوجة (٣).

وفيه أولاً : منع صدق الزوجة عليها حقيقةً ؛ لاختصاصها بحكم التبادر بالدائمة جدّاً.

وعلى تقديره ، فالتخصيص بالصحيحين الصريحين المعتضدين بالشهرة العظيمة لازمٌ جدّاً.

وإطلاق الخبرين بل العموم يشمل اللعان لنفي الولد ، وعليه حكي الإجماع كما مرّ.

خلافاً للمحكيّ عن ابن سعيد في الجامع ، فأثبته هنا أيضاً (٤). وهو ضعيف جدّاً.

( ويقع الظهار ) بها على الأشهر الأظهر ، و ( على تردّد ) من الماتن هنا دون بحثه ، فحكم بالوقوع ثمّة بدونه.

لعموم الآية (٥) المستفاد من إضافة الجمع وهو النساء الشاملة لنحو المتعة بالحقيقة بالضرورة ، وليس نحو الزوجة المتبادر منها الدائمة.

مضافاً إلى فحوى النصوص المعتبرة المعتضدة بالشهرة ، المخالفة للعامّة في وقوع الظهار بالأمة المملوكة للمظاهر (٦).

__________________

(١) المفيد في العزّية على ما حكاه عنه في كشف الرموز ٢ : ١٥٦ وفي جامع المقاصد ١٣ : ٣٥ ؛ والمرتضى في الانتصار : ١١٥.

(٢) المؤمنون : ٥.

(٣) انظر الوسائل ٢٢ : ٤٠٧ أبواب اللعان ب ١.

(٤) الجامع للشرائع : ٤٥٢.

(٥) المجادلة : ٣.

(٦) انظر الوسائل ٢٢ : ٣٢١ أبواب الظهار ب ١١.

٣٤٢

وبجميع ذلك تُخَصّ أصالة الإباحة والبقاء على الحلّية.

وتندفع الوجوه الاعتباريّة ، مثل : أنّ المظاهِر يُلزَم بالفئة أو الطلاق ، وليس في المتعة ، والإلزام بالفئة خاصّة بعيدٌ بالضرورة ، وإقامة الهبة للمدّة مقام الطلاق يحتاج إلى دلالة معتمدة ، وليس إلاّ القياس الباطل عند الإماميّة ، وأنّ المتمتَّع بها لا حقّ لها في الوطء ، فلا يقع منها المرافعة.

بناءً (١) على أنّ الإلزام بالأُمور المزبورة لا يوجب التخصيص في الأدلّة ؛ لجواز اختصاصها بمن يمكن معه أحدها (٢) ، وهو الزوجة الدائمة ؛ مع أنّ مثل ذلك جارٍ في نحو الأمة ، وقد عرفت أنّ الجواز فيها صريح ما مرّ من المعتبرة ، فليس ذلك إلاّ اجتهاد محض في مقابلة الأدلّة.

فالقول بالمنع كما عن الإسكافي والصدوق والحلّي (٣) ضعيف جدّاً.

وأمّا المرسل المشبّه للظهار بالطلاق (٤) ، فمع ضعفه وقصور سنده ، غير مكافئ لما مرّ ، مع التأمّل في وضوح دلالته ، فلعلّ المراد : أنّ الظهار حيث يقع مثل الطلاق في الشرائط ، لا أنّه مثله في الوقوع وعدمه ، فتأمّل.

( الخامسة : لا يثبت بالمتعة ميراث ) بينهما مطلقاً ، اشترط الثبوت‌

__________________

(١) علّة الاندفاع. منه رحمه‌الله.

(٢) أي الأُمور. منه رحمه‌الله.

(٣) حكاه عن الإسكافي في المختلف : ٥٩٩ ، الصدوق في الهداية : ٧١ ، الحلّي في السرائر ٢ : ٦٢٤.

(٤) الكافي ٦ : ١٥٤ / ٥ ، الفقيه ٣ : ٣٤٠ / ١٦٣٩ ، التهذيب ٨ : ١٣ / ٤٤ ، الإستبصار ٣ : ٢٦١ / ٩٣٥ ، الوسائل ٢٢ : ٣٠٧ أبواب كتاب الظهار ب ٢ ح ٣.

٣٤٣

أو العدم أم لا ، كما عن الحلبي والحلّي والعلاّمة في أحد قوليه وولده والمحقّق الشيخ عليّ (١) ، ونُسِبَ إلى أكثر المتأخّرين (٢).

للأصل ، ولأنّ الإرث حكم شرعيّ يتوقّف ثبوته على توظيف الشارع ، ولم يثبت ، بل الثابت خلافه ، ففي الخبر المعتبر بوجود المجمع (٣) على تصحيح رواياته ، ومن (٤) لا يروي إلاّ عن ثقة في سنده ـ : « من حدودها يعني المتعة إلاّ ترثك ولا ترثها » (٥) وبمعناه أخبار كثيرة : منها الحسن : « ليس بينهما ميراث ، اشترطا أو لم يشترطا » (٦).

ومنها المرسل كالحسن المرويّ عن كتاب الحسين بن سعيد أو ابن بكير في حديث في المتعة ، قال : « فإن حدث به حدث لم يكن لها ميراث » (٧).

ومنها الرضوي : « والوجه الثاني : نكاح بغير شهود ولا ميراث ، وهو نكاح المتعة بشروطها » إلى آخره (٨).

وبالجملة : الأخبار النافية للإرث عن المتعة كثيرة (٩) ، بل قيل‌

__________________

(١) الحلبي في الكافي : ٢٩٨ ، الحلّي في السرائر ٢ : ٦٢٤ ، العلاّمة في المختلف : ٥٦١ ، وولده في إيضاح الفوائد ٣ : ١٣٢ ، المحقق في جامع المقاصد ١٣ : ٣٧.

(٢) نهاية المرام ١ : ٢٥٢ ، مرآة العقول ٢٠ : ٢٤٠ ، الحدائق ٢٤ : ١٧٦.

(٣) هو حمّاد بن عثمان. منه رحمه‌الله.

(٤) جعفر بن بشير. منه رحمه‌الله.

(٥) التهذيب ٧ : ٢٦٥ / ١١٤٣ ، الإستبصار ٣ : ١٥٠ / ٥٤٩ ، الوسائل ٢١ : ٦٨ أبواب المتعة ب ٣٢ ح ٨.

(٦) التهذيب ٧ : ٢٦٤ / ١١٤٢ ، الإستبصار ٣ : ١٤٩ / ٥٤٨ ، الوسائل ٢١ : ٦٧ أبواب المتعة ب ٣٢ ح ٧ ؛ بتفاوت يسير.

(٧) الكافي ٥ : ٤٦٦ / ٥ ، الوسائل ٢١ : ٦٧ أبواب المتعة ب ٣٢ ح ٣.

(٨) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢٣٢ ، المستدرك ١٤ : ٤٦١ أبواب المتعة ب ١٤ ح ٢.

(٩) الوسائل ٢١ : ٦٦ أبواب المتعة ب ٣٢.

٣٤٤

متواترة ، إلاّ أنّ دلالتها على العموم لصورة اشتراط الميراث غير واضحة ، حتى الحسن الأول المتقدّم ؛ لاحتمال كون متعلّق الاشتراط هو النفي لا الإثبات المؤيَّد إرادته بتعارف اشتراطه دونه في نكاح الانقطاع في الزمن السابق ، كما يفصح عنه المستفيضة المتضمّنة لعدّ اشتراطه في شروط المتعة المذكورة في متن العبارة المنعقد بها عقد المتعة (١) ، وقد صرّح بذلك بعض الأجلّة (٢) وإن كان (٣) من دون ملاحظة ما ذكر بعيداً عن سياق عبارة الرواية ، ولكن لا محيص عن بعد وجود الأدلّة الآتية على ثبوت التوارث بالاشتراط البتّة ، وبها يُخَصّ الأصل والقاعدة المتقدّمتان.

نعم ، ما مرّ معها صريح في ردّ القول بالعكس (٤) وأنّها كالدائم ، كما عن القاضي (٥) وغيره (٦) ؛ ومستنده من عموم آيات التوريث وأخباره بعد تسليمه بما مرّ مخصَّص.

( و ) منه يظهر الجواب عمّا ( قال ) به ( المرتضى ) من أنّه ( يثبت ) التوريث لهما ( ما لم يشترطا السقوط ) (٧) مستنداً إلى الجمع بين ما مرّ من أدلّة إطلاق الثبوت والعدم.

وهو مع عدم موافقته للأصل الذي صار إليه غير ممكن المصير إليه ، لكون التعارض بين المثبِت على تقدير عمومه والنافي تعارض‌

__________________

(١) الوسائل ٢١ : ٤٣ أبواب المتعة باب ١٨.

(٢) كصاحب الحدائق ٢٤ : ١٨٠.

(٣) أي الاحتمال المزبور. منه رحمه‌الله.

(٤) وهو التوارث مطلقاً. منه رحمه‌الله.

(٥) المهذب ٢ : ٢٤٠.

(٦) انظر المهذّب البارع ٣ : ٣٢٠.

(٧) الانتصار : ١١٤.

٣٤٥

العموم والخصوص المطلق ، ومقتضى الأصل المسلّم عنده أيضاً حمل الأول على الثاني ، وهو يوجب نفي التوارث هنا مطلقاً ، خرج منه ما إذا اشترط كما يأتي فيبقى الباقي.

وقوله يلازم اطراح الأخبار النافية للموارثة ، أو تخصيصها بصورة اشتراط انتفائها من دون مخصِّص ، وكلاهما كما ترى ، وجعله (١) : « المؤمنون عند شروطهم » حَسَنٌ حيث يستفاد منه الثبوت مع عدم الاشتراط ، وليس كذلك.

فانحصر الأمر في اطراح الروايات ، والتمسّك بذيل الآيات ، وتخصيصها بما مرّ (٢) في صورة اشتراط الانتفاء ، وهو لا يلائم طريقتنا ، ولذا لَزِمَنا المصيرُ إلى ما قدّمناه.

نعم ، في الموثّق : في الرجل يتزوّج المرأة متعة « إنّهما يتوارثان إذا لم يشترطا » (٣).

ولا يمكنه الاستناد إليه على أصله ، وكذا على غيره (٤) ؛ لعدم مكافأته لما مرّ من الأخبار الكثيرة ، المعتضدة بالشهرة التي كادت تكون إجماعاً ، ولما سيأتي من الصحيحين المصرّحين بخلافه من عدم الثبوت إلاّ مع الاشتراط.

نعم ، ربما أشعرت المستفيضة بذكر اشتراط نفي الميراث في صيغة‌

__________________

(١) أي وجعل المخصِّص.

(٢) من : « المؤمنون عند شروطهم ». منه رحمه‌الله.

(٣) الكافي ٥ : ٤٦٥ / ١ ، التهذيب ٧ : ٢٦٥ / ١١٤٤ ، الإستبصار ٣ : ١٥٠ / ٥٥٠ ، الوسائل ٢١ : ٦٦ أبواب المتعة ب ٣٢ ح ٢.

(٤) من حجيّة أخبار الآحاد. منه رحمه‌الله.

٣٤٦

عقد المتعة (١) بالتوارث بدون الذكر ، وإلاّ لَلَغا عن الفائدة ، لكنّها قاصرة السند ، ومع ذلك كالموثّقة غير واضحة المكافأة للنصوص السابقة ؛ مع احتمال الذكر فيها لتأكيد ما يستفاد من العقد ؛ تنبيهاً للنسوة بنفي التوارث الثابت في الدوام في المتعة ؛ لئلاّ يغتررن بثبوته فيها فيتمتّعن ، ولذا أنّ بعض تلك النصوص كالرضوي وغيره (٢) صرّح بنفي التوارث هنا على الإطلاق ومع ذلك اشترط فيهما الانتفاء ، مع أنّهما كغيرهما اشترط فيهما ما لو لا الاشتراط كان كصورة الاشتراط ، كاشتراط العزل ونحوه ، كالعدّة ، فافهم.

وبالجملة : القول بإطلاق التوارث ضعيف جدّاً.

( نعم ، لو شرطا الميراث ) بينهما ( لزم ) ويتوارثان.

لعموم : « المؤمنون عند شروطهم » (٣).

وللصحيحين ، في أحدهما : « إن اشترطا الميراث فهما على شرطهما » (٤).

ونحوه في الثاني بزيادة التعبير عن المفهوم بالمنطوق (٥) ، ونحوه الصحيح الآخر المرويّ في قرب الإسناد (٦) ؛ وبهما يُخَصّ كلّ من عمومي التوارث وعدمه.

__________________

(١) انظر الوسائل ٢١ : ٤٣ أبواب المتعة ب ١٨.

(٢) المتقدم ذكرها في ص ٣٤٢.

(٣) غوالي اللئلئ ١ : ٢١٨ / ٨٤.

(٤) التهذيب ٧ : ٢٦٤ / ١١٤١ ، الإستبصار ٣ : ١٤٩ / ٥٤٧ ، الوسائل ٢١ : ٦٧ أبواب المتعة ب ٣٢ ح ٥.

(٥) الكافي ٥ : ٤٦٥ / ٢ ، التهذيب ٧ : ٢٦٤ / ١١٤٠ ، الإستبصار ٣ : ١٤٩ / ٥٤٦ ، الوسائل ٢١ : ٦٦ أبواب المتعة ب ٣٢ ح ١.

(٦) قرب الإسناد : ٣٦٢ / ١٢٩٥ ، الوسائل ٢١ : ٦٦ أبواب المتعة ب ٣٢ ح ١.

٣٤٧

وإليه ذهب كثير من الأصحاب (١) ، حتى كاد أن يكون مشهوراً بينهم ، وصرّح به الماتن في الشرائع (٢) ، وبه يضعّف إسناد الشهرة إلى القول الأول ، فلا وجه لترجيح أدلّته بها على أدلّة هذا القول ، وعلى تقدير صحّته (٣) ففي ترجيح الظنّ الحاصل منه على الحاصل من فتوى المعظم مع قوّة أدلّتهم ، ورجحانه في حدّ ذاته على أدلّة القول الأول تأمّلٌ واضح.

فإذاً القول بهذا الأخير أقرب.

وليس في الخبر الأول (٤) للقول بنفي التوارث مطلقاً دلالةٌ عليه من حيث ظهوره في كون النفي حدّا من حدود العقد ، المستلزم كون اشتراطه الثبوت معه اشتراطاً لما ينافي مقتضي العقد فيبطل لاحتمال أنّ المراد مقتضاه ذلك من دون اشتراط الخلاف ، وأمّا معه فلا. وحاصله : أنّ ذلك مقتضى العقد بنفسه من دون شرط نفي التوارث ، وذلك لا ينافي ثبوته بالاشتراط ، مع قيام الدليل عليه.

هذا ، وربما يقال : إنّ المستفاد من الخبر : عدم اقتضاء العقد الإرث ، لا اقتضاؤه العدم. وفيه نظر.

ثم إنّ شَرَطاه لهما فعلى ما شرطاه ؛ أو لأحدهما خاصّة احتمل كونه كذلك ؛ عملاً بالشرط ، وبإطلاق الصحيحين سيّما الأخير وبطلانه ؛ لمخالفته لمقتضاه ؛ لأنّ الزوجيّة إن اقتضت الإرث وانتفت موانعه ثبت من الجانبين‌

__________________

(١) كالشيخ في النهاية : ٤٩٢ ، والشهيدين في اللمعة والروضة البهية ٥ : ٢٩٦.

(٢) الشرائع ٢ : ٣٠٧.

(٣) أي صحة إسناد الشهرة إلى القول الأول.

(٤) المتقدم في ص ٣٤٢.

٣٤٨

وإلاّ انتفى منهما.

والأوّل أقوى ، والتوجيه في الثاني استبعادٌ محض ، مدفوعٌ بوجود النظير ، كإرث مسلم من الكافر دون العكس ، وولد الملاعن المقرّ به بعده منه دون العكس ؛ مع أنّ ذلك مبنيّ على كون الإرث ناشئاً من الزوجيّة ، وفيه منع ؛ لاحتمال مجيئه من الاشتراط خاصّة.

( السادسة : إذا انقضى أجلها ) أو وهب ، وكانت مدخولاً بها غير يائسة ، وجب عليها العدّة منه لغيره دونه ، حرّة كانت أو أمة ، إجماعاً.

وقد اختلف في مقدارها بعد الاتّفاق ظاهراً على اتّحادها فيهما هنا على أقوال أربعة :

منها : ما أشار إليه بقوله : ( فالعدّة ) من انقضاء الأجل أو هبته دون الوفاة ( حيضتان ) كاملتان ( على الأشهر ) كما هنا ، وحكاها (١) جماعة (٢).

لأصالة بقاء الحرمة ، والنصوص المستفيضة :

منها : الصحيح : « وإذا انقضى الأجل بانت منه بغير طلاق ، ويعطيها الشي‌ء اليسير ، وعدّتها حيضتان ، وإن كانت لا تحيض فخمسة وأربعون يوماً » (٣).

ونحوه الصحيح المرويّ في البحار عن كتاب الحسين بن سعيد ، وفيه : « فلا تحلّ لغيرك حتى تنقضي عدّتها ، وعدّتها حيضتان » (٤).

__________________

(١) أي الشهرة. منه رحمه‌الله.

(٢) منهم الفيض الكاشاني في المفاتيح ٢ : ٣٥٠ ، وقال الفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٥٧. عليه الشيخ ومن بعده.

(٣) الكافي ٥ : ٤٥١ / ٦ ، الوسائل ٢١ : ١٩ أبواب المتعة ب ٤ ح ٨.

(٤) البحار ١٠٠ : ٣١٥ / ٢٠.

٣٤٩

وبه صرّح في المرويّ في تفسير العيّاشي (١).

ومنها الصحيح : « وعدّة المطلّقة ثلاثة أشهر ، والأمة المطلّقة عليها نصف ما على الحرّة ، وكذلك المتمتّعة عليها ما على الأمة » (٢).

دلّ بعمومه على اتّحاد عدّتها مع عدّه الأمة ، وهي فيها حيضتان ؛ للنصوص المعتبرة :

منها الصحيحان : « عدّة الأمة وأجلها حيضتان » (٣).

وربما يناقش في دلالة الخبر على اتّحاد عدّتيهما في الحيضة ؛ لظهوره بحسب السياق في الأشهُر (٤).

وهو ضعيف جدّاً ؛ إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص المحلّ قطعاً ، ويعضد العموم ما ورد في النصوص المعتبرة من أنّهنّ بمنزلة الإماء (٥) ، وعموم المنزلة لُغويّة يشمل الحكم في هذه الصورة وغيرها.

خلافاً للعماني ، فحيضة (٦) ؛ للمستفيضة الأُخر :

منها الصحيحان ، أحدهما مرويّ عن قرب الإسناد : « عدّة المتعة‌

__________________

(١) تفسير العياشي ١ : ٢٣٣ / ٨٦ ، الوسائل ٢١ : ٥٦ أبواب المتعة ب ٢٣ ح ٦.

(٢) الفقيه ٣ : ٢٩٦ / ١٤٠٨ ، التهذيب ٨ : ١٥٧ / ٥٤٥ ، الإستبصار ٣ : ٣٥٠ / ١٢٥٢ ، الوسائل ٢٢ : ٢٧٥ أبواب العدد ب ٥٢ ح ٢.

(٣) ورد أحدهما في : الكافي ٦ : ١٦٩ / ١ ، الوسائل ٢٢ : ٢٥٦ أبواب العدد ب ٤٠ ح ٢ ؛ بتفاوت يسير.

والآخر في : الكافي ٦ : ١٧٠ / ٤ ، الوسائل ٢٢ : ٢٥٦ أبواب العدد ب ٤٠ ح ٣ ؛ بتفاوت يسير.

(٤) نهاية المرام ١ : ٢٥٦.

(٥) الوسائل ٢١ : ١٨ أبواب المتعة ب ٤.

(٦) كما حكاه عنه في المختلف : ٥٦٢.

٣٥٠

حيضة » (١) كما فيه ، وفي الثاني كذلك بزيادة : « إن كانت تحيض » (٢).

ومنها الخبر : « عدّتها خمسة وأربعون يوماً ، أو حيضة مستقيمة » (٣).

ومنها المرويّ في الاحتجاج عن مولانا صاحب الزمان عليه‌السلام ، مشيراً إلى عدّتها : بـ : « أنّ أقلّ العدّة حيضة وطهرة تامّة » (٤).

ومنها المرويّ في البحار من خبر المفضّل الوارد في الغَيبة ، وفيه في ذكر الشرائط : « وعليك الاستبراء خمسة وأربعون يوماً أو حيضاً واحداً » (٥) ونحوه المقطوع (٦).

وهي وإن استفاضت إلاّ أنّ ما عدا الصحيحين منها قاصرة الأسانيد ، ضعيفة التكافؤ كالصحيحين لما مرّ ؛ لاعتضاده بالشهرة والأصل ، وأوفقيّته بما سيأتي من القولين ، فإطراحها أو التأويل بما تؤول إليه لازمٌ في البين.

وللمقنع ، فحيضة ونصف (٧) ؛ للصحيح : « وإذا انقضت أيّامها وهي حيّ فحيضة ونصف مثل ما يجب على الأمة » (٨).

والجواب السابق ثمّة جارٍ هنا بطريق أولى ، مع أنّ مقتضاه كون ذلك عدّة الأمة ، وقد عرفت النصوص الصحيحة والمعتبرة المعتضدة بالشهرة‌

__________________

(١) قرب الإسناد : ٣٦١ / ١٢٩٣ ، الوسائل ٢١ : ٥٣ أبواب المتعة ب ٢٢ ح ٦.

(٢) الكافي ٥ : ٤٥٨ / ١ ، التهذيب ٨ : ١٦٥ / ٥٧٣ ، الوسائل ٢١ : ٥١ أبواب المتعة ب ٢٢ ح ١.

(٣) التهذيب ٧ : ٢٦٥ / ١١٤٣ ، الإستبصار ٣ : ١٥٠ / ٥٤٩ ، الوسائل ٢١ : ٥٢ أبواب المتعة ب ٢٢ ح ٤.

(٤) الاحتجاج : ٤٨٨ ، ٤٨٩ ، الوسائل ٢١ : ٥٣ أبواب المتعة ب ٢٢ ح ٧.

(٥) البحار ٥٣ : ٣٠.

(٦) الكافي ٥ : ٤٥٨ / ٣ ، الوسائل ٢١ : ٥٢ أبواب المتعة ب ٢٢ ح ٣.

(٧) المقنع : ١١٤.

(٨) الفقيه ٣ : ٢٩٦ / ١٤٠٧ ، الوسائل ٢١ : ٥٢ أبواب المتعة ب ٢٢ ح ٥.

٣٥١

وغيرها المصرّحة بالحيضتين فيها ، وليس يقاوم واحداً منها فضلاً عن الجميع. وهذا القول مّما لا يُرتاب في فساده جدّاً.

وللمفيد والحلّي والمختلف ، فقرءان (١) أي طُهران للصحيح في الأمة : « طلاقها تطليقتان ، وعدّتها قرءان » (٢) مع ما مرّ من الصحيح المشبِّه للمتعة بها في العدّة ، وسيأتي في اعتداد الدائمة المطلّقة بالأقراء أنّ المراد منها : الأطهار.

وفيه أولاً : أنّ القرء أعمّ لغةً من الطهر والحيض ، ومشترك لفظاً بينهما ، وإرادة الأول منه ثمّة غير ملازم لإرادته هنا.

وثانياً : إفصاح ما قدّمناه من الصحاح وغيرها عن إرادة الثاني هنا ، وإلاّ لوقوع التعارض ، والأصل العدم ، وعلى تقديره فلا ريب أنّ الرجحان معها جدّاً ؛ لوجوه لا تخفى.

وربما استُدلّ لهذا القول بأخبار الحيضة الواحدة بوجهِ ظاهر الفساد (٣).

فإذاً المصير إلى القول الأوّل أقوى.

( وإن كانت ممّن تحيض ) عادةً ( و ) لكن ( لم تحض ) لآفة ( فـ ) عدّتها حرّة كانت أو أمة ـ ( خمسة وأربعون يوماً ) إجماعاً نصّاً وفتوى.

( ولو مات عنها ) وهي حرّة حائل ( ففي ) مقدار ( العدّة ) فيها ( روايتان ، أشبههما ) وأشهرهما كما حكاه جماعة من أصحابنا (٤) أنّها‌

__________________

(١) المفيد في المقنعة : ٥٣٦ ، الحلّي في السرائر ٢ : ٦٢٥ ، المختلف : ٥٦٢.

(٢) الكافي ٦ : ١٦٧ / ١ ، التهذيب ٨ : ١٣٤ / ٤٦٦ ، الإستبصار ٣ : ٣٣٥ / ١١٩٢ ، الوسائل ٢٢ : ٢٥٦ أبواب العدد ب ٤٠ ح ١.

(٣) انظر الوسائل ٢١ : ٥١ أبواب المتعة ب ٢٢.

(٤) منهم الشهيد في المسالك ١ : ٥٠٧ ، والسبزواري في الكفاية : ١٧١ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٥٧.

٣٥٢

( أربعة أشهر وعشرة أيّام ) مطلقاً ، سواء كانت مدخولاً بها أم لا ؛ لعدم الفرق بينهما إجماعاً.

للأصل ، والصحيحين : في أحدهما : ما عدّة المتعة إذا مات الذي يتمتّع بها؟ قال : « أربعة أشهر وعشراً » (١).

وفي الثاني : عن المرأة يتزوّجها الرجل متعة ثم يتوفّى عنها ، أهَل عليها العدّة؟ قال : « تعتدّ أربعة أشهر وعشراً » (٢).

وأُيّدا بعموم الآية ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً ) الآية (٣).

وليس فيها دلالة ؛ بناءً على عدم صدق الزوجة عليها أولاً ، وإنّما هي مستأجرة. وعدم العموم فيها ؛ بناءً على عدم إفادة الجمع المنكَّر إيّاه ثانياً.

خلافاً للمفيد والمرتضى والعماني وسلاّر ، فشهران وخمسة أيّام (٤).

بناءً على أنّها عدّة الأمة ، فتثبت هنا بالإضافة إلى الصحيح المتقدّم (٥) المسوّي بينهما.

وللمرسل : عن رجل تزوّج امرأة متعة ، ثم مات عنها ، ما عدّتها؟ قال : « خمسة وستون يوماً » (٦).

__________________

(١) الفقيه ٣ : ٢٩٦ / ١٤٠٨ ، التهذيب ٨ : ١٥٧ / ٥٤٥ ، الإستبصار ٣ : ٣٥٠ / ١٢٥٢ ، الوسائل ٢٢ : ٢٧٥ أبواب العدد ب ٥٢ ح ٢.

(٢) الفقيه ٣ : ٢٩٦ / ١٤٠٧ ، التهذيب ٨ : ١٥٧ / ٥٤٤ ، الإستبصار ٣ : ٣٥٠ / ١٢٥١ ، الوسائل ٢٢ : ٢٧٥ أبواب العدد ب ٥٢ ح ١.

(٣) البقرة : ٢٣٤.

(٤) المفيد في المقنعة : ٥٣٦ ، المرتضى في الانتصار : ١١٤ ، وحكاه عن العماني في المختلف : ٥٦٢ ، سلاّر في المراسم : ١٦٥.

(٥) في ص ٣٤٧.

(٦) التهذيب ٨ : ١٥٨ / ٥٤٧ ، الإستبصار ٣ : ٣٥١ / ١٢٥٤ ، الوسائل ٢٢ : ٢٧٦ أبواب العدد ب ٥٢ ح ٤.

٣٥٣

وفي الجميع نظر ؛ لمنع إطلاق كون ذلك عدّة الأمة ، بل مختصّ بغير ذات الولد ؛ مع احتمال المنع مطلقاً ، وإن كان الأشهر الثبوت كذلك (١).

ومنع التسوية بينهما هنا على تقدير الثبوت في الأمة مطلقاً ، إمّا لظهور سياق الصحيح في التسوية في عدّة الطلاق خاصّة ، بل صريح فيه ؛ للتصريح فيه بالتسوية بينهما وبين الدائمة في عدّة الوفاة ، وأنّه أربعة أشهر وعشراً مطلقاً.

أو لزوم التخصيص بالصحيحين ، وإطلاق الأخبار الكثيرة بـ : أنّ الأمة على النصف من الحرّة (٢) ، الشامل للمقام.

والخبر لضعفه ، وإرساله ، وعدم مكافأته لما مرّ غير صالح للاستناد إليه ، ولذا حمله الشيخ (٣) وجماعة (٤) على الأمة المتمتّع بها ، بناءً على أنّ ذلك عدّتها ، إمّا مطلقاً ، كما عن المشهور بين متقدّمي الأصحاب (٥). أو مقيّداً بغير ذات الولد ، كما عن الشيخ (٦) وكثير من الأصحاب (٧) ، حتى ادّعى بعضهم بل جمع عليه الشهرة المتأخّرة (٨) ، بل والمتقدّمة.

ولا بأس به ؛ جمعاً بين المستفيضة المثبتة لذلك (٩) فيها مطلقاً ،

__________________

(١) أي مطلقاً. منه رحمه‌الله.

(٢) انظر الوسائل ٢٢ : أبواب العدد ب ٤٠ ح ٣ ، والباب ٤٢ منها ح ١٠ ، والباب ٤٧ منها ح ٢.

(٣) التهذيب ٨ : ١٥٨ والاستبصار ٣ : ٢٠٣.

(٤) كالشهيدين في اللمعة والروضة البهية ٥ : ٣٠٣ ، ٣٠٤ ، والسبزواري في الكفاية : ١٧١.

(٥) المفاتيح ٢ : ٣٤٨.

(٦) كما في التهذيب ٨ : ١٥٨ ، والاستبصار ٣ : ٢٠٣.

(٧) حكاه عنهم في الحدائق ٢٥ : ٥١٠.

(٨) الحدائق ٢٥ : ٥١٠.

(٩) أي شهران وخمسة أيام. منه رحمه‌الله.

٣٥٤

كالصحيح : « الأمة إذا توفّي عنها زوجها فعدّتها شهران وخمسة أيّام » (١).

والمثبتة لعدّة الدائمة فيها كذلك (٢) كالصحيح : « إنّ الأمة والحرّة كلتيهما إذا مات عنها زوجها سواء في العدّة ، إلاّ أنّ الحرّة تحدّ ، والأمة لا تحدّ » (٣).

لشهادة الصحيحين بذلك (٤) :

في أحدهما : عن الأمة إذا طلّقت ، ما عدّتها؟ قال : « حيضتان أو شهران » [ قلت : ] فإن توفّي عنها زوجها؟ فقال : « إنّ عليّاً عليه‌السلام قال في أُمّهات الأولاد : لا يتزوّجن حتى يعتددن أربعة أشهر وعشراً ، وهنّ إماء » (٥).

وفي الثاني : عن رجل كانت له أُمّ ولد ، فزوّجها من رجل ، فأولدها غلاماً ، ثم إنّ الرجل مات فرجعت إلى سيّدها ، إله أن يطأها؟ قال : « تعتدّ من الزوج أربعة أشهر وعشراً » الحديث (٦).

ولكن ليس فيهما التقييد بذلك حتى يقيّد بهما إطلاق الأخيرة ، ولذا رجّح القول بمضمونها جماعة (٧) ؛ حملاً للأوّلة على التقيّة وإن اشتهرت بين‌

__________________

(١) التهذيب ٨ : ١٥٤ / ٥٣٦ ، الإستبصار ٣ : ٣٤٧ / ١٢٣٩ ، الوسائل ٢٢ : ٢٦١ أبواب العدد ب ٤٢ ح ٩.

(٢) أي مطلقاً. منه رحمه‌الله.

(٣) الكافي ٦ : ١٧٠ / ١ ، التهذيب ٨ : ١٥٣ / ٥٢٩ ، الإستبصار ٣ : ٣٤٧ / ١٢٤١ ، الوسائل ٢٢ : ٢٥٩ أبواب العدد ب ٤٢ ح ٢.

(٤) أي الجمع المزبور. منه رحمه‌الله.

(٥) الكافي ٦ : ١٧٠ / ٢ ، التهذيب ٨ : ١٥٣ / ٥٣٠ ، الإستبصار ٣ : ٣٤٨ / ١٢٤٣ ، الوسائل ٢٢ : ٢٥٩ أبواب العدد ب ٤٢ ح ١ ؛ وما بين المعقوفين من المصادر.

(٦) الكافي ٦ : ١٧٢ / ١٠ ، التهذيب ٨ : ١٥٣ / ٥٣١ ، الإستبصار ٣ : ٣٤٨ / ١٢٤٤ ، الوسائل ٢٢ : ٢٥٩ أبواب العدد ب ٤٢ ح ٣.

(٧) منهم الحلّي في السرائر ٢ : ٦٢٥ ، والعلاّمة في المختلف : ٥٦٣.

٣٥٥

متقدّمي الطائفة.

وهو وإن كان محلّ مناقشة ، إلاّ أنّ أصالة بقاء الحرمة والتأيّد بظاهر إطلاق الآية (١) والاحتياط في الفروج يقتضي المصير إلى ما ذكروه البتّة ، سيّما في أُمّهات الأولاد ، بل للقطع بذلك فيهنّ مجال بالضرورة ؛ لاشتهار الحكم فيهنّ بين متأخّري الأصحاب قطعاً.

مع إشعار الصحيح الأول من الصحيحين بل ظهوره في اختصاصه بهنّ ، من حيث وقوع السؤال عن مطلق الأمة المتوفّى عنها زوجها ، وتخصيص الجواب بالحكم المذكور بهنّ ، ولو عمّ الحكم لَما كان له مع لزوم مراعاة مطابقة السؤال للجواب وجه ، سوى ما ذكرنا البتّة ، فتدبّر.

فدلالته على التفصيل واضحة ، وسلسلة السند صحيحة ، معتضدة بالشهرة المتأخّرة صريحاً والمتقدّمة في الجملة ، كاعتضادها بالأُصول المسلّمة ، وظاهر الآية كذلك. فالقول بالتفصيل غير بعيد جدّاً.

ويأتي تمام التحقيق في بحث العِدد إن شاء الله تعالى.

وإذا كانت حاملاً فأبعد الأجلين من انقضاء الأجل (٢) من الأربعة أشهر وعشراً أو النصف منه على الاختلاف ، ومنها إلى وضع الحمل ؛ بالإجماع في الظاهر ، وعموم الآية ( وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) (٣) المؤيَّد بأصالة بقاء الحرمة وعمل الطائفة ، فيُخَصّ بها أو يقيَّد إطلاق الآية الأُولى (٤) في صورة (٥) ؛ ويُعكَس في أُخرى (٦).

__________________

(١) البقرة : ٢٣٤.

(٢) إن كانت متعة مطلقاً. منه رحمه‌الله.

(٣) الطلاق : ٤.

(٤) البقرة : ٢٣٤.

(٥) وهي ما إذا كان الوضع أبعد الأجلين. منه رحمه‌الله.

(٦) وهي ما إذا كان المدة أبعد من وضع الحمل. منه رحمه‌الله.

٣٥٦

( السابعة : لا يصحّ تجديد العقد ) عليها مطلقاً دائماً أو منقطعاً ـ ( قبل انقضاء الأجل ) على الأشهر الأظهر ، كما عن الطوسي والقاضي والحلّي (١).

لمفهوم الصحيح : « لا بأس بأن تزيدك وتزيدها إذا انقضى الأجل فيما بينكما » (٢).

وصريح الخبر : يتزوّج المرأة متعة ، فيتزوّجها على شهر ، ثم إنّها تقع في قلبه فيحبّ أن يكون شرطه أكثر من شهر ، فهل يجوز أن يزيدها في أجرها ويزداد في الأيّام قبل أن تنقضي أيّامه التي شرط عليها؟ فقال : « لا يجوز شرطان في شرط » ، قلت : فكيف يصنع؟ قال : « يتصدّق عليها بما بقي من الأيّام ، ثم يستأنف شرطاً جديداً » (٣).

خلافاً لصريح ابن حمزة (٤) وظاهر العماني والمختلف (٥) ، فجوّزاه (٦) قبل الأجل.

للأصل السالم عن معارضة شغلها بعقد غيره.

وكونها مشغولة بعقده لا يمنع من العقد عليها مدّة أُخرى ، كما لو كانت مشغولة بعدّته.

والأصل يجب الخروج عنه بما مرّ.

__________________

(١) الطوسي في النهاية : ٤٩٢ ، القاضي في المهذب ٢ : ٢٤٣ ، الحلّي في السرائر ٢ : ٦٢٥.

(٢) الكافي ٥ : ٤٥٨ / ١ ، التهذيب ٧ : ٢٦٨ / ١١٥٢ ، الوسائل ٢١ : ٥٤ أبواب المتعة ب ٢٣ ح ٢.

(٣) الكافي ٥ : ٤٥٨ / ٢ ، التهذيب ٧ : ٢٦٨ / ١١٥٣ ، الوسائل ٢١ : ٥٧ أبواب المتعة ب ٢٤ ح ١.

(٤) الوسيلة : ٣١٠.

(٥) المختلف : ٥٦٤ ، وحكاه فيه عن العماني.

(٦) كذا ولعلّ الأنسب : فجوّزوه.

٣٥٧

والثاني اجتهاد في مقابلته ، وهو غير جائز ، إلاّ على تقدير عدم حجّية المفهوم وعدم جابر للخبر ، وهما في محلّ المنع.

وليس في الخبرين منافاة للقول بجواز العقد منفصلاً ؛ لاحتمال كون المنع فيهما من حيث الجمع لا مطلقاً ، وربّما أفصح عنه التعليل في الأخير ، فالقدح بهما عليه ليس في محلّه ظاهراً.

( و ) مقتضاهما أنّه ( لو أراد ) العقد عليها مطلقاً ( وهبها المدّة واستأنف ) العقد ولا عدّة عليها منه.

وعليه دلّت النصوص الأُخر ، كالصحيحين : « فإذا مضت تلك الأيّام كان طلاقها في شرطها ولا عدّة لها عليك » (١).

ونحوهما المرسل لمن أجمع على تصحيح ما يصحّ عنه : « إنّ الرجل إذا تزوّج المرأة متعة كان عليها عدّة لغيره ، فإذا أراد هو أن يتزوّجها لم يكن عليها منه عدّة ، يتزوّجها إذا شاء » (٢).

وظاهرهم الإجماع عليه ، وهو مقتضى الأصل مع انتفاء المانع.

__________________

(١) الأول في : الكافي ٥ : ٤٥٥ / ٥ ، الوسائل ٢١ : ٤٤ أبواب المتعة ب ١٨ ح ٣.

الثاني في : التهذيب ٧ : ٢٦٧ / ١١٥١ ، الإستبصار ٣ : ١٥٢ / ٥٥٦ ، الوسائل ٢١ : ٤٨ أبواب المتعة ب ٢٠ ح ٣.

(٢) الكافي ٥ : ٤٥٩ / ٣ ، الوسائل ٢١ : ٥٤ أبواب المتعة ب ٢٣ ح ٣.

٣٥٨

( القسم الثالث )

(في ) بيان ( نكاح الإماء ) والعبيد

( والنظر ) فيه : ( إمّا في العقد ، وإمّا في الملك ).

( أمّا العقد : فليس للعبد ولا للأمة أن يعقدا لأنفسهما نكاحاً ما لم يأذن المولى ) إجماعاً ؛ للنصوص المستفيضة الآتية ، مع أنّهما ملك له ، فلا يتصرّفان في ملكه بغير إذنه ؛ لقبحه.

( ولو بادر أحدهما ) فعقد لنفسه بدون إذنه ( ففي وقوفه على الإجازة ) وصحّته معها ، وعدمها مع العدم ( قولان ، ووقوفه على الإجازة أشبه ) وأشهر ؛ لما مضى في الدوام من الإجماع عن الانتصار مطلقاً (١) ، والخلاف هنا (٢) ، والنصوص المستفيضة :

منها الصحيح : عن مملوك تزوّج بغير إذن سيّده ، فقال : « ذلك إلى سيّده ، إن شاء أجازه ، وإن شاء فرّق بينهما » (٣).

ومنها الصحيح : إنّي كنت مملوكاً لقوم ، وإنّي تزوّجت امرأة حرّة بغير إذن مواليّ ، ثم أعتقوني بعد ذلك ، أفأُجدّد نكاحي إيّاها حين اعتقت؟ فقال له : « أكانوا علموا أنّك تزوّجت امرأة وأنت مملوك لهم؟ » فقال : نعم ، وسكتوا عنّي ولم يعيّروا عليّ ، قال : « فسكوتهم عنك بعد علمهم إقرارٌ‌

__________________

(١) في ص ١٠٣.

(٢) الخلاف ٤ : ٢٦٦.

(٣) الكافي ٥ : ٤٧٨ / ٣ ، التهذيب ٧ : ٣٥١ / ١٤٣٢ ، الوسائل ٢١ : ١١٤ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٢٤ ح ١.

٣٥٩

منهم ، اثبت على نكاحك الأول » (١).

وعلى هذا تكون الإجازة كاشفة عن الصحّة من حين إيقاع الصيغة كغيره من العقود الفضوليّة.

خلافاً للنهاية ، فهي كصيغة مستأنفة (٢) ؛ وربما أُوِّل بما يؤول إلى الأول (٣) ، فلا مخالفة.

ولجماعة ، فحكموا بالبطلان :

إمّا مطلقاً (٤) ؛ بناءً على بطلان عقد الفضولي ، إمّا مطلقاً ، أو النكاح منه خاصّة ، أو بطلان هذا خاصّة.

نظراً إلى أنّه منهيّ عنه ؛ لقبح التصرّف في ملك الغير ، وللنصوص (٥) ، فيكون فاسداً.

ولما روي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أيّما مملوك تزوّج بغير إذن مولاه فنكاحه باطل » (٦).

وكلّية الكبرى والسند ممنوعان ؛ مع أنّهما لما مضى غير مكافئين ، فتُخَصّ به الاولى ، ويُرفع اليد عن الثاني ، أو يؤوّل إلى البطلان في صورة دوام عدم الإذن أو النهي عنه ابتداءً.

__________________

(١) الكافي ٥ : ٤٧٨ / ٤ ، التهذيب ٨ : ٢٠٤ / ٧١٩ ، الوسائل ٢١ : ١١٧ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٢٦ ح ١ ؛ بتفاوت يسير.

(٢) النهاية : ٤٧٦.

(٣) المسالك ١ : ٥٠٨.

(٤) منهم الشيخ في المبسوط ٤ : ١٦٣ ، وفخر المحققين في الإيضاح ٣ : ٢٧.

(٥) الوسائل ٢١ : ١١٣ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٢٣.

(٦) انظر سنن البيهقي ٧ : ١٢٧ ، مسند أحمد ٣ : ٣٧٧ ، سنن ابن ماجة ١ : ٦٣٠ ؛ بتفاوت.

٣٦٠