رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١١

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١١

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-273-3
الصفحات: ٥٠٤

بالاستيفاء على بعض الوجوه لا مطلقاً ، والعقد الموجب له لم يثبت فلم يثبت موجَبُه ، وعلى تقدير ضمانه مطلقاً فالمثل لا المسمّى المتوقّف على صحّة العقد ، وضرر الغرر يندفع بالأول ، إلاّ أن يحمل المهر في العبارة عليه ، وفيه تكلّف.

وقيل بلزوم المهر مع دعوى الوكالة منتصفاً ؛ لوقوع الفرقة قبل الدخول (١).

وفيه : منع استلزامها التنصيف مطلقاً ، بل الأصل يقتضي لزومه كَملاً ، إلاّ في الطلاق أو الموت على الاختلاف فيه ، فينتصف فيهما ، ولم يقعا ، فلا وجه للقول بالانتصاف هنا ، بل اللازم الجميع ، كما هو ظاهر المتن والشرائع والقواعد (٢) ، وهو الأقوى على تقدير صحّة دعوى أنّ ادّعاء الوكالة بمجرّده يوجب المهر ، وإلاّ فالبحث فيه ساقط من أصله كما ترى.

وظاهر كلام المصنّف ـ : ( ويمكن حمله على دعوى ) الامّ ( الوكالة ) إرجاع الحمل إلى القول ، ولا ضرورة إليه ، بل قد لا يمكن ، مع تصريح القائل بخلافه. ولعلّ المراد : حمل المستند أي الرواية وإن لم تساعده العبارة.

( ويستحبّ للمرأة أن تستأذن أباها ) وجدّها مطلقاً ( بكراً كانت أو ثيّباً ) ؛ لما تقدّم من الأخبار المحمولة عليه (٣) ؛ إذ هو أقلّ مراتبها ، ولأنّ الأب في الأغلب أخبرُ بمن هو من الرجال أنسب.

ولا فرق فيه بين البكر والثيّب وإن كان في الأوّل آكد ؛ للشبهة في نفي‌

__________________

(١) قال به الشهيد في اللمعة ( الروضة البهية ٥ ) : ١٥١ ١٥٢.

(٢) الشرائع ٢ : ٢٨٠ ، القواعد ٢ : ٨.

(٣) في ص ٩٢.

١٢١

استقلالها دونها ، مع أنّ العلّة في جانبها بعدم الاطّلاع على أحوال الرجال أقوى.

( وأن توكِّل ) أو تستأذن ( أخاها إذا لم يكن لها أب ولا جدّ ) أو كانا وتعسّر استئذانهما بعضل أو غَيبة منقطعة أو طويلة ؛ لعدّه في جملة مَن بيده عقدة النكاح فيما تقدّم من الأخبار (١) ، مضافاً إلى جريان العلّة في الأبوين هنا أيضاً.

( وأن تعوّل ) مع التعدّد ( على الأكبر ، وأن تختار خيرته من الأزواج ) بشرط التساوي في الرجحان ، أو رجحان رأي الأكبر ، وإلاّ فرأي من ترجّح كما مرّ (٢).

__________________

(١) في ص ٧٥.

(٢) في ص ١١٥.

١٢٢

( الفصل الثالث ) :

( في ) بيان ( أسباب التحريم ) وموجباته

( وهي ستة ) :

( الأول : النسب ، ويحرم به ) على الذكر ( سبع ) نسوة مذكورات في الآية الشريفة (١) :

( الامّ وإن علت ) وهي كلّ امرأة ولدَته أو انتهى نسبه إليها من العلوّ بالولادة ، لأب كانت أو لُامّ.

( والبنت وإن سفلت ) وتشمل السافلات : بنت البنت وبنت الابن ، وضابطهما من ينتهي إليه نسبه بالتولّد ولو بوسائط.

( والأُخت وبناتها وإن سفلن ) وهي كلّ امرأة ولدَها أبواه أو أحدهما ، أو انتهى نسبها إليهما أو إلى أحدهما بالتولّد.

( والعمّة وإن ارتفعت ) وهي كلّ أُنثى أُخت ذكر ولدَه بواسطة أو غيرها ، من جهة الأب أو الأُمّ أو منهما (٢).

( وكذا الخالة ) تحرم وإن ارتفعت ، وهي كلّ أُنثى هي أُخت أُنثى ولدَته بواسطة أو غيرها ، وقد تكون من جهة الأب ، كأُخت أُمّ الأب.

والمراد بالمرتفع فيهما : عمّة الأب والأُمّ وخالتهما ، وعمّة الجدّ والجدّة وخالتهما ، وهكذا ، لا عمّة العمّة وخالة الخالة ؛ فإنّهما قد لا تكونان محرّمتين ، كما لو كانت العمّة القريبة عمّة للأُمّ خاصّة أي أُخت أبيه من‌

__________________

(١) النساء : ٢٣.

(٢) أي سواء كانت أُخت الذكر أُخته من جهة الأب فقط أو الأُم كذلك أو من جهتهما. منه رحمه‌الله.

١٢٣

امّه فإنّ عمّتها حينئذٍ تكون أُخت زوج جدّته أُمّ أبيه ، وأُخت زوج الامّ لا تحرم ، فأُخت زوج الجدّة أولى.

وكما لو كانت الخالة القريبة خالة لأب خاصّة أي أُخت امّه من أبيها فإنّ خالتها تكون أُخت امرأة الجدّ ، وأُخت امرأة الأب لا تحرم ، فأُخت امرأة الجدّ أولى.

( وبنات الأخ ) لأب أو لُامّ أو لهما ( وإن هبطن ) وضابطها كلّ امرأة ولدَها أخوه مطلقاً ، بواسطة أو بغيرها.

وحرمة المذكورات على قريبهنّ الذكر يستلزم العكس ، ولذا اكتفي بتحريمهنّ عليه في الآية ، فهي على الأمرين واضحة الدلالة.

ثم إنّها ليست ناهضة لإثبات تحريمهنّ جميعاً ، إلاّ على تقدير كون السافلات والمرتفعات يصدق عليهنّ حقيقةً ألفاظ المذكورات ، أو جواز استعمال اللفظ في معنييه الحقيقي والمجازي ، وكلاهما خلاف التحقيق.

وعلى تقدير الثاني وصحّته نقول : مشروط بالقرينة ، وإلاّ فالحقيقة خاصّة ، وليس في الآية إيماء إليها ولا إشارة ، فإذاً الحجّة التامّة هي إجماع الأُمّة.

ويجمعهنّ مع من حرمن عليه عبارةٌ مختصرة ذكرها العلاّمة كبعض العامّة (١) وهي أنّه يحرم على الإنسان أُصوله ، وفصوله ، وفصول أول أُصوله ، وأول فصل من كلّ أصل بعد أول الأُصول (٢).

ويدخل في الأول : الآباء والأُمّهات ، وفي الثاني : البنون والبنات ، وفي الثالث : الإخوة والأخوات وأولادهم سافلين وسافلات ، وفي الرابع‌

__________________

(١) المجموع ١٦ : ٢١٥.

(٢) انظر التذكرة ٢ : ٦١٣ ، والتحرير ٢ : ٨ ، والقواعد ٢ : ٩.

١٢٤

الأعمام والعمّات والأخوال والخالات دون أولادهم من بنين أو بنات.

وأخصر منها قولهم : يحرم على الإنسان كلّ قريب عدا أولاد العمومة والخُؤولة.

وإنّما يثبت النسب بالوطء الصحيح بنكاح أو تحليل ولو عرضه التحريم بوقوعه في حيض وشبهه وبالوطء لشبهة ، كأن يكون غير مستحقّ في الواقع ، مع عدم العلم بالتحريم أو بمتعلّقه. ويختصّ النسب هنا بمن اختصّت به.

وأمّا الزناء فلا ، إجماعاً ، إلاّ في التحريم المتعلّق بالنسب ، فإنّ ظاهر أصحابنا ثبوته به ، بل عليه الإجماع عن التذكرة وغيره (١) ؛ وهو الحجّة .. دون صدق النسبة في العرف واللغة ؛ لعدم الاكتفاء بها بمجرّدها في الشريعة ، مع استلزامها ثبوت الأحكام الباقية ، كحلّ النظر ، والانعتاق بملك الفرع أو الأصل ، والشهادة على الأب إن قبلت منه على غيره ، والقود به من الأب ، وتحريم الحليلة ، وغير ذلك من توابع النسب.

وقد استشكل فيه بعض ؛ لذلك (٢) ، ولانتفاء النسب معه شرعاً (٣) ، وصرّح بعدمه بعض ؛ للأخير (٤) ، وهو ظاهر جمع (٥) ، فلو كان ذلك الحجّة لما استشكل وصرّح بالعدم ، ولعلّه الأقوى وإن كان الاحتياط فيما يتعلّق بالدماء والنكاح أولى للأصل (٦) ، مع الشكّ في المسبّب بالشكّ في شمول‌

__________________

(١) التذكرة ٢ : ٦١٣ إيضاح الفوائد ٣ : ٤٢ ، جامع المقاصد ١٢ : ١٩٠.

(٢) أي : وقد استشكل في ثبوت التحريم بالزناء بعض ؛ لصدق النسبة في العرف واللغة ..

(٣) كالفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٢٦.

(٤) حكاه في المسالك ١ : ٤٦٣ عن الشافعيّة.

(٥) انظر التحرير ٢ : ٨ والمفاتيح ٢ : ٢٣٤.

(٦) أي أصالة عدم ترتّب الأحكام. منه رحمه‌الله.

١٢٥

أدلّتها (١) لمثله. ولو احتيط في الجميع كان أولى.

ولو اجتمع السببان الأوّلان (٢) مع انقطاع الفراش بنحو الطلاق ، يثبت النسب لمن أمكن في حقّه دون غيره.

ومع الإمكان فيهما كما لو كان الولادة لستّة أشهر من وطء الثاني للشبهة ، ولأقلّ من أقصى مدّة الحمل من وطء الأول للنكاح قيل بالقرعة ، محكيّ عن المبسوط (٣) ، مشعراً بالإجماع.

والأشهر الأظهر : إلحاقه بالثاني ؛ لأصالة التأخّر ، ورجحانه بالفراش الثابت ؛ قيل : وللأخبار (٤). ولم أقف عليها (٥).

والإجماع على تقدير تماميّة دعواه موهونٌ بمصير معظم الأصحاب إلى الخلاف.

وتمام الكلام في صور تعارض السببين يأتي إن شاء الله تعالى في أحكام الأولاد.

( الثاني : الرضاع ، ويحرم منه ما يحرم من النسب ) بإجماع الأُمّة ، والنصوص المستفيضة.

ففي النبويّ : « يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب » (٦).

وفي الصحيح : عن امرأة أرضعت غلاماً مملوكاً لها من لبنها حتى فطمته ، هل يحلّ لها بيعه؟ قال : فقال : « لا ، هو ابنها من الرضاع ، وحرم‌

__________________

(١) أي أدلّة الأحكام الباقية.

(٢) أي الوطء بالنكاح والوطء بالشبهة. منه رحمه‌الله.

(٣) حكاه عنه في كشف اللثام ٢ : ٢٦.

(٤) قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٢٦.

(٥) وقف صاحب الجواهر على تلك الأخبار واستدل بها. راجع الجواهر ٢٩ : ٢٦٠.

(٦) الفقيه ٣ : ٣٠٥ / ١٤٦٧ ، الوسائل ٢٠ : ٣٧١ أبواب ما يحرم بالرضاع ب ١ ح ١.

١٢٦

عليها بيعه وأكل ثمنه » قال : « أليس قد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب؟! » (١).

ونحوه الحسن : « يحرم من الرضاع ما يحرم من القرابة » (٢) ، إلى غير ذلك من الأخبار (٣).

ويستفاد من العبارة : أنّ كلّ موضع ثبتت فيه من جهة النسب المحرميّة ثبتت من جهة الرضاع بمثل تلك القرابة ، فتصير المرضعة بمنزلة الأُمّ ، وفحلها بمنزلة الأب ، وعلى هذا القياس.

وهذه قاعدة كلّية من راعاها حقّ المراعاة ظهر عليه الحكم ، ولا حاجة إلى استثناء شي‌ء منها غير ما يأتي كما وقع في التذكرة (٤) فإنّ المحارم كلّهنّ داخلات ، وغيرهنّ خارجات.

والآية (٥) وإن اختصّت بالأُمّ والأُخت ومن لزمهما دون الفحل وتوابعه ، إلاّ أنّ ذلك جاء من قِبَل الشريعة ، فالمحرّمات من الرضاع أيضاً سبعة.

فالامّ من الرضاعة هي كلّ امرأة أرضعتك ، أو رجع نسب من أرضعتك أو صاحب اللبن إليها ، أو أرضعت من يرجع نسبك إليه من ذكر أو أُنثى وإن علا ، كمرضعة أحد أبويك أو أجدادك أو جدّاتك. وأُختها خالتك من الرضاعة وأخوها خالك ، وأبوها جدّك ، كما أنّ ابن مرضعتك أخ ، وبنتها أُخت ، إلى آخر أحكام النسب.

__________________

(١) الكافي ٥ : ٤٤٦ / ١٦ ، الوسائل ٢٠ : ٤٠٥ أبواب ما يحرم بالرضاع ب ١٧ ح ١ ؛ بتفاوت يسير.

(٢) الكافي ٥ : ٤٣٧ / ١ ، التهذيب ٧ : ٢٩١ / ١٢٢٢ ، الوسائل ٢٠ : ٣٧١ أبواب ما يحرم بالرضاع ب ١ ح ٢.

(٣) الوسائل ٢٠ : ٣٧١ أبواب ما يحرم بالرضاع ب ١.

(٤) التذكرة ٢ : ٦٢٢.

(٥) النساء : ٢٣.

١٢٧

والبنت من الرضاعة : كلّ أُنثى رضعت من لبنك أو لبن من ولدْته ، أو أرضعتها امرأة ولدْتها ، وكذا بناتها من النسب والرضاع.

والعمّات والخالات : أخوات الفحل والمرضعة ، وأخوات من ولدهما من النسب والرضاع ، وكذا كلّ امرأة أرضعتها واحدة من جدّاتك ، أو أُرضعت بلبن واحد من أجدادك من النسب والرضاع.

وبنات الأخ وبنات الأُخت بنات أولاد المرضعة والفحل من الرضاع والنسب ، وكذا كلّ أُنثى أرضعتها أُختك وبنت أخيك ، وبنات كلّ ذكر أرضعته أُمّك أو أرتضع بلبن أبيك.

وكما يمنع الرضاع من النكاح سابقاً كذا يبطله لاحقاً ، فلو تزوّج رضيعة فأرضعتها من يفسد نكاح الصغيرة بإرضاعها كأُمّه وأُخته ، وزوجة الأب والأخ إذا كان اللبن منهما فسد النكاح ؛ للعمومات (١) ، وخصوص النصوص المستفيضة ، وسيأتي بعض منها.

وإنّما يحرم الرضاع بشروط أشار إليها بقوله : ( وشروطه أربعة ) :

( الأوّل : أن يكون اللبن عن نكاح ) أي وطء صحيح إجماعاً وإن كان شبهة ، كما هو المشهور ؛ للعمومات (٢) ، وإلحاقها بالعقد في النسب.

وتردّد فيه الحلّي (٣) ؛ ولعلّه للأصل ، ومنع العموم في الرضاع المطلق في الآية (٤) والأخبار (٥) ، المنصرف إلى غير الشبهة ؛ لندرتها ، واختصاص الملحق لها بالنسب من الإجماع بغير محلّ الخلاف ، ولا نصّ عامّاً يدلّ عليه (٦) ..

__________________

(١) الوسائل ٢٠ : ٣٩٩ أبواب ما يحرم بالرضاع ب ١٠.

(٢) الوسائل ٢٠ : ٣٨٨ أبواب ما يحرم بالرضاع ب ٦.

(٣) السرائر ٢ : ٥٥٢.

(٤) النساء : ٢٣.

(٥) الوسائل ٢٠ : ٣٧١ أبواب ما يحرم بالرضاع ب ١.

(٦) أي الإلحاق. منه رحمه‌الله.

١٢٨

مضافاً إلى ما سيأتي من أدلّتهم لنفي النشر عن لبن الزناء من مفهوم الصحيح وغيره (١) ، ومال إليه بعض المتأخّرين (٢) ؛ لذلك.

ولا يبعد جعل الشهرة العظيمة كاشتراكها مع المنكوحة بالمناكحة الصحيحة في أغلب الأحكام الشرعيّة قرينةً لإدخالها في إطلاق الأدلّة.

ويمكن نقض أدلّته بمثلها في جانب الحرمة ، بمعارضة أصالة الإباحة بأصالة الحرمة السابقة على المناكحة. ومنع العموم فيما دلّ على إباحة نكاح النسوة ؛ لانصرافه إلى غير الشبهة ؛ لندرتها. وبعد التعارض يرجع إلى الترجيح ، ولا ريب أنّه من جهة الشهرة مع أصالة الحرمة ، وبعد تسليم التساوي الموجب للتساقط تحتاج الإباحة إلى دلالة ، فتأمّل جدّاً.

وسيأتي الجواب عن الصحيح وغيره (٣).

وكيف كان ، فالعمل على المشهور إن أمكن (٤) ، وإلاّ فيحتاط بالطلاق ونحوه.

وعلى تقدير الأشهر ، يختصّ النشر بمن اختصّت به ، فلا نشر في الآخر ؛ لإلحاقه بالزناء الغير الناشر.

ويعتبر مع صحّة النكاح صدور اللبن عن ذات حمل أو ولد بالنكاح المزبور ، ( فلو درّ ) اللبن من الخالية منهما لم يعتبر وإن كانت منكوحة نكاحاً صحيحاً ؛ للأصل ، وعدم شمول أدلّة النشر لمثله ، مع دعوى الإجماع صريحاً (٥) وعدم الخلاف فيه ظاهراً.

__________________

(١) انظر ص ١٣٠.

(٢) نهاية المرام ١ : ١٠٠ ، الكفاية : ١٥٨.

(٣) انظر ص ١٣٠.

(٤) كما إذا لم يكن العقد واقعاً. منه رحمه‌الله.

(٥) في التذكرة ( ٢ : ٦١٥ ) ، والسرائر ( ٢ : ٥٢٠ ) ، وشرح القواعد للفاضل الهندي ( كشف اللثام ٢ : ٢٧ ). منه رحمه‌الله.

١٢٩

وخصوص الموثّق : عن امرأة درّ لبنها من غير ولادة ، فأرضعت جارية وغلاماً بذلك اللبن ، هل يحرم بذلك اللبن ما يحرم من الرضاعة؟ قال : « لا » (١).

ومنه يظهر وجه عدم اعتبار الدرّ من دون نكاح ، فإنّه بطريق أولى.

( أو ) معه ولكن ( كان من زناء ) فإنّه ( لم ينشر ) حرمة ، مع دعوى الإجماع هنا أيضاً (٢) ، بل لعلّه ظاهر.

وربما استدلّ له بالصحيح : عن لبن الفحل ، قال : « ما أرضعت امرأتك من لبنك ولبن ولدك وَلَدَ امرأة أُخرى فهو حرام » (٣).

وفيه نظر ؛ لاحتمال الورود مورد الغالب ، مع عدم اشتراط كون المرضعة زوجة لصاحب اللبن ، بل يكفي كونها مملوكة أو موطوءة شبهة أو متعة ، مع عدم صدق : « امرأتك » المتبادر منها الزوجة الدائمة على المذكورات. فالعمدة هو الإجماع.

وفي اشتراط الولادة ، أم الاكتفاء بالحمل ، قولان ، أصحّهما وأشهرهما كما قيل (٤) ـ : الأوّل ، وفاقاً للتحرير والتذكرة والنهاية وحكي عن السرائر والخلاف والغنية مدّعين الإجماع عليه (٥) ؛ وهو الحجّة ، مع الأصل ، وفقد المخصِّص ؛ لعدم انصراف الإطلاق إليه ؛ للندرة ، وخصوص‌

__________________

(١) الكافي ٥ : ٤٤٦ / ١٢ ، الفقيه ٣ : ٣٠٨ / ١٤٨٤ ، الوسائل ٢٠ : ٣٩٨ أبواب ما يحرم بالرضاع ب ٩ ح ١.

(٢) كشف اللثام ٢ : ٢٧.

(٣) الكافي ٥ : ٤٤٠ / ١ ، التهذيب ٧ : ٣١٩ / ١٣١٦ ، الإستبصار ٣ : ١٩٩ / ٧١٩ ، الوسائل ٢٠ : ٣٨٩ أبواب ما يحرم بالرضاع ب ٦ ح ٤.

(٤) جامع المقاصد ١٢ : ٢٠٤ ، وفيه التعبير بالأصحيّة فقط.

(٥) التحرير ٢ : ٩ ، التذكرة ٢ : ٦١٧ ، النهاية : ٤٦١ ، السرائر ٢ : ٥٢٠ ، الخلاف ٥ : ١٠٨ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٩ ، حكاه عنهم في كشف اللثام ٢ : ٢٧.

١٣٠

الموثّق المتقدّم.

ونحوه الخبر : عن امرأة درّ لبنها من غير ولادة ، فأرضعت ذكراناً وأُناثاً ، أيحرم من ذلك ما يحرم من الرضاع؟ فقال : « لا » (١).

خلافاً للقواعد والمسالك وظاهر الروضة والمحكيّ عن المصنّف وموضع من المبسوط فالثاني (٢) ؛ للعموم ، وهو ضعيف.

ولا يشترط البقاء على الحبالة ، فلو طلّقها أو مات عنها وهي حامل أو مرضع ، فأرضعت ولداً رضعةً ناشرةً للحرمة ، نَشَرَ الحرمة كما لو كانت في حبالته ، وإن تزوّجت بغيره مطلقاً ، حملت منه أم لا ، بقي اللبن بحاله أم زاد بعد انقطاع ؛ للعموم ، مع دعوى الإجماع عليه.

إلاّ أن تلد منه وترضع بلبنها المستمرّ إلى الولادة ، فلا تنشر الحرمة في حقّ من خرجت من حبالته ، وفي التذكرة : الإجماع عليه من الكلّ (٣).

وكذا لو حبلت منه وانقطع اللبن انقطاعاً بيّناً ، ثم يعود من وقت يمكن أن يكون للثاني ، فلا ينشر حرمةً في الأول ، كما نُسِبَ إلى الأصحاب (٤). وفي نشره لها في الثاني الخلاف المتقدّم ، والأصحّ : العدم ، كما تقدّم.

ويعتبر في النشر حياة المرضعة وفاقاً ، كما يظهر من التذكرة (٥) والصيمري ، فلو ماتت في أثناء الرضاع فأكمل النصب ميتةً لم ينشر حرمة‌

__________________

(١) التهذيب ٧ : ٣٢٥ / ١٣٣٩ ، الوسائل ٢٠ : ٣٩٩ أبواب ما يحرم بالرضاع ب ٩ ح ٢.

(٢) القواعد ٢ : ٩ ، المسالك ١ : ٤٦٤ ، الروضة ٥ : ١٥٦ ، وحكاه عن المصنّف في كشف اللثام ٢ : ٢٧ ، المبسوط ٥ : ٣١٠.

(٣) التذكرة ٢ : ٦١٦.

(٤) انظر المسالك ١ : ٤٦٥ ، الكفاية : ١٥٨.

(٥) التذكرة ٢ : ٦١٥.

١٣١

وإن تناوله إطلاق العبارة (١) وصَدَق عليه اسم الرضاع ؛ حملاً له كإطلاق الأدلّة على الأفراد المعهودة المتعارفة وهو إرضاع الحيّة ودلالةِ الأدلّة اللفظيّة على الإرضاع بالاختيار ، كقوله سبحانه ( وَأُمَّهاتُكُمُ اللاّتِي أَرْضَعْنَكُمْ ) (٢) مع أصالة الإباحة.

( الثاني : الكميّة ) معتبرة بإجماع الطائفة خلافاً للمحكيّ عن مالك وأبي حنيفة (٣) فالرضعة الحاصلة بأقلّ المسمّى غير كافية.

( وهي ) تعتبر على الأشهر الأظهر بأُمور ثلاثة :

إمّا ( ما أنبت اللحم وشدّ العظم ) وهو تقدير بالأثر المترتّب عليه ، ولا خلاف في اعتباره بين الطائفة ، بل صرّح بالإجماع عليه جماعة (٤) ؛ للنصوص المستفيضة : منها الصحيح : قلت : ما يحرم من الرضاع؟ قال : « ما أنبت اللحم وشدّ العظم » قلت : فيحرم عشر رضعات؟ قال : « لا ؛ لأنّه لا ينبت اللحم ولا يشدّ العظم » (٥).

والمستفاد منه كغيره اعتبار الأمرين معاً ، وهو ظاهر الأكثر.

وفي اللمعة : الاكتفاء بأحدهما (٦) ؛ ولعلّه للصحيحين : « لا يحرم من الرضاع إلاّ ما أنبت اللحم والدم » (٧).

__________________

(١) أي عبارة المتن. منه رحمه‌الله.

(٢) النساء : ٢٣.

(٣) حكاه عنهما في التذكرة ٢ : ٦١٩.

(٤) منهم ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٩ ، والعلاّمة في التذكرة ٢ : ٦٢١. وصاحب الحدائق ٢٣ : ٣٣٠.

(٥) التهذيب ٧ : ٣١٣ / ١٢٩٨ ، الإستبصار ٣ : ١٩٥ / ٧٠٤ ، الوسائل ٢٠ : ٣٧٤ أبواب ما يحرم بالرضاع ب ٢ ح ٢ ؛ بتفاوت يسير.

(٦) اللمعة ( الروضة البهية ٥ ) : ١٥٦.

(٧) الأول في : الكافي ٥ : ٤٣٨ / ٥ ، التهذيب ٧ : ٣١٢ / ١٢٩٤ ، الإستبصار ٣

١٣٢

وهو قويّ إن لم يتلازما ، وإلاّ فلا ثمرة للخلاف.

والمرجع فيهما بناءً على كونهما أصلين برأسهما إلى أهل الخبرة ، ولا ريب في اشتراط عدالة المخبر. وفي اشتراط التعدّد إشكال ، وفي عدمه احتمال قوي ، إلاّ أنّ الأشهر الأول (١).

ثم إنّ حصر التحريم بالرضاع في الأخبار في الأمرين ، مع التعليل لعدم النشر بالعشر بعدمهما في الصحيح الأول ، يعرب عن كونهما الأصل في ثبوت النشر ، وكون الأمرين الآتيين علامتين لهما ، كما هو أظهر الأقوال ، محكيّ عن جدّي المجلسي ، واختاره الفاضل الهندي طاب ثراهما وهو ظاهر الإستبصار (٢).

وقيل : إنّهما والأمرين الآتيين كلّ منها أُصول (٣). وقيل : الأصل هو العدد ، وإنّما يعتبر الآخران عند عدم الانضباط بالعدد ، كما عن المبسوط (٤). ولا دليل عليهما.

( أو رضاع يوم وليلة ) بحيث يشرب كلّما أراد حتى يروي ويصدر ، مطلقاً كما عن المشهور (٥) أو بشرط عدم انضباط العدد كما عن‌

__________________

: ١٩٣ / ٦٩٩ ، الوسائل ٢٠ : ٣٨٢ أبواب ما يحرم بالرضاع ب ٣ ح ١. الثاني في : الكافي ٥ : ٤٣٩ / ٩ ، التهذيب ٧ : ٣١٣ / ١٢٩٦ ، الإستبصار ٣ : ١٩٤ / ٧٠١ ، الوسائل ٢٠ : ٣٧٩ أبواب ما يحرم بالرضاع ب ٢ ح ١٨.

(١) وهو الأظهر. منه رحمه‌الله.

(٢) المجلسي في روضة المتقين ٨ : ٥٦٩ ، الفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٢٨ ، الاستبصار ٣ : ١٩٤.

(٣) المسالك ١ : ٤٦٦ ، ٤٦٧.

(٤) حكاه عنه في جامع المقاصد ١٢ : ٢١٤ ، وهو في المبسوط ٥ : ٢٩٢.

(٥) انظر ملاذ الأخيار ١٢ : ١٤٣ ، مرآة العقول ٢٠ : ٢٠٥.

١٣٣

المبسوط والتذكرة (١) كما تقدّم.

وتظهر الثمرة بنقصان العدد في اليوم والليلة ، كأن رضع فيهما سبعة أو ثمانية ، فينشر على الأول ، ولا على الثاني.

ويدفعه إطلاق المستند ، وهو الموثّق : « لا يحرم الرضاع أقلّ من رضاع يوم وليلة ، أو خمس عشرة رضعة متوالية من امرأة واحدة من لبن فحل واحد لم يفصل بينها رضعة امرأة غيرها » الحديث (٢).

ولا يقدح قصور السند عن الصحّة ، بعد اعتباره بالموثّقية ، والاعتضاد بعمل الطائفة والإجماعات المنقولة.

ثم إنّه لا فرق بين اليوم الطويل وغيره ؛ لانجباره بالليلة أبداً.

وفي الاكتفاء بالملفّق منهما لو ابتدأ في أثناء أحدهما ، إشكالٌ : من الشكّ في صدق الشرط ، ومن تحقّق المعنى ، ولعلّ الأول أظهر ؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل على المتيقّن ، فتأمّل جدّاً.

أو (٣) خمس عشرة رضعة متوالية على الأصحّ ، كما يأتي (٤).

( ولا حكم لما دون العشر ) رضعات ، إجماعاً في الرضعة القاصرة ، وعلى الأشهر الأظهر مطلقاً ؛ للنصوص المتقدّمة والآتية (٥) ، المعتضدة بعمل الطائفة.

خلافاً للإسكافي ، فاكتفى بالرضعة الكاملة (٦) ؛ للعموم ، والصحيح‌

__________________

(١) حكاه عنهما في كشف اللثام ٢ : ٢٨ ، وهو في المبسوط ٥ : ٢٩٢ ، والتذكرة ٢ : ٦٢٠.

(٢) التهذيب ٧ : ٣١٥ / ١٣٠٤ ، الإستبصار ٣ : ١٩٢ / ٦٩٦ ، الوسائل ٢٠ : ٣٧٤ أبواب ما يحرم بالرضاع ب ٢ ح ١.

(٣) عطف على قوله : ما أنبت اللحم وشدّ العظم ، أو رضاع يوم وليلة.

(٤) في ص ١٣٩.

(٥) المتقدمة في ص ١٣٢ ، والآتية في ص ١٣٦.

(٦) حكاه عنه في المختلف : ٥١٨.

١٣٤

المتضمّن للمكاتبة إلى أبي الحسن عليه‌السلام : يسأله عمّا يحرم من الرضاع؟ فكتب : « قليله وكثيرة حرام » (١).

ونحوه الخبر الذي رواته من العامّة (٢).

وهو ضعيف ؛ لتخصيص العموم بما تقدّم ، وعدم مكافأة الصحيح له ، فضلاً عن غيره ، مع متروكيّة ظاهره ؛ لصدق القليل على الرضعة الغير الكاملة ، ولا يقول بها.

ولا يبعد حملهما على التقيّة من مذهب مالك وأبي حنيفة (٣) ، بل نسبه الشيخ إلى جميع العامّة (٤) ، ويؤيّده كون الأول مكاتبة ، ورواة الثاني من العامّة ، فلا يترك بمثلهما شي‌ءٌ ممّا تقدّم من المستفيضة ، المعتضدة بعمل الطائفة ، كما لا يترك بما دلّ على اعتبار الحولين كالصحيحين ونحوهما (٥) والسنة كالصحيح (٦) لشذوذ الجميع ، واحتمال الموافقة للعامّة ، فتطرح ، أو تؤوّل بما يؤول إلى الأول.

وعلى تقدير عدم الشذوذ ووجود القائل بها كما نسب إلى الصدوق في الفقيه (٧) فهي للمستفيضة غير مكافئة ؛ لاعتضادها بالشهرة ، ومخالفة العامّة ، وموافقة الكتاب في الجملة دونها ، فلا وجه للتأمّل في المسألة‌

__________________

(١) التهذيب ٧ : ٣١٦ / ١٣٠٨ ، الإستبصار ٣ : ١٩٦ / ٧١١ ، الوسائل ٢٠ : ٣٧٧ أبواب ما يحرم بالرضاع ب ٢ ح ١٠.

(٢) التهذيب ٧ : ٣١٧ / ١٣٠٩ ، الإستبصار ٣ : ١٩٧ / ٧١٢ ، الوسائل ٢٠ : ٣٧٨ أبواب ما يحرم بالرضاع ب ٢ ح ١٢.

(٣) حكاه عنهما في المغني لابن قدامة ٩ : ١٩٣.

(٤) راجع الخلاف ٥ : ٩٦.

(٥) الوسائل ٢٠ : ٣٨٤ أبواب ما يحرم بالرضاع ب ٥.

(٦) الفقيه ٣ : ٣٠٧ / ١٤٧٥ ، التهذيب ٧ : ٣١٨ / ١٣١٥ ، الإستبصار ٣ : ١٩٨ / ٧١٨ ، الوسائل ٢٠ : ٣٧٨ أبواب ما يحرم بالرضاع ب ٢ ح ١٣.

(٧) الفقيه ٣ : ٣٠٧.

١٣٥

بمثلها ، كما صدر عن صاحب الكفاية (١) ، وإن هو إلاّ غفلة واضحة.

وصحّة النسبة إلى الصدوق غير معلومة ؛ لنقله المتضمّن للحولين والمتضمّن للسنة ، والمعارضة بينهما واضحة ، فلا يعلم منه المصير إلى أيّهما من دون قرينة ، وغايته حينئذٍ التردّد ، فلا يصحّ معه النسبة.

( وفي ) ثبوت النشر بـ ( العشر روايتان ، أشهرهما ) بين المتأخّرين ( أنّها لا تنشر ) ، وإليه ذهب الشيخ في كتابي الأخبار والنهاية والمبسوط والعلاّمة في أكثر كتبه والمحقّق الثاني والمسالك والروضة (٢) ، وغيرهم من سائر المتأخّرين (٣) ، وهو الأظهر ؛ للأصل ، والمعتبرة المستفيضة :

منها الموثّقة المتقدّمة في رضاع يوم وليلة ، وفيها زيادةً على العبارة المتقدّمة ـ : « ولو أنّ امرأة أرضعت غلاماً أو جارية عشر رضعات من لبن فحل واحد ، وأرضعتها امرأة أُخرى من لبن فحل آخر عشر رضعات ، لم يحرم نكاحها » (٤).

وهي ناصّة على نفي النشر عن العشر ، كالصحيح المتقدّم في الأمر الأول (٥) ، والموثّقين : « عشر رضعات لا يحرّمن شيئاً » (٦) مضافاً إلى‌

__________________

(١) الكفاية : ١٥٩.

(٢) التهذيب ٧ : ٣١٤ ، الإستبصار ٣ : ١٩٥ ، النهاية : ٢٦١ ، المبسوط ٥ : ٢٩٢ ، العلاّمة في القواعد ٢ : ١٠ ، والتحرير ٢ : ٩ ، والمختلف : ٥١٨ ، المحقق الثاني في جامع المقاصد ١٢ : ٢١٧ ، المسالك ١ : ٤٦٦ ، الروضة ٥ : ١٦٠.

(٣) منهم المحقق في الشرائع ٢ : ٢٨٢ والسيوري في التنقيح ٣ : ٤٦ والكاشاني في المفاتيح ٢ : ٢٣٧.

(٤) التهذيب ٧ : ٣١٥ / ١٣٠٤ ، الإستبصار ٣ : ١٩٢ / ٦٩٦ ، الوسائل ٢٠ : ٣٧٤ أبواب ما يحرم بالرضاع ب ٢ ح ١ وفيه : وأرضعتهما ، بدل : وأرضعتها.

(٥) في ص ١٣٢.

(٦) الأول في : التهذيب ٧ : ٣١٣ / ١٢٩٩ ، الإستبصار ٣ : ١٩٥ / ٧٠٥ ، الوسائل ٢٠ :

١٣٦

الصحيح الآتي.

خلافاً لأكثر المتقدّمين (١) ؛ اقتصاراً في الخروج عن العموم المستفاد من الكتاب والسنّة على المتيقّن (٢) ؛ لضعف قول الإسكافي كما مرّ.

والتفاتاً إلى المستفيضة الدالّة على النشر باشتداد العظم وإنبات اللحم (٣) ؛ بناءً على حصولهما بالعشر ؛ للصحيح : وما الذي ينبت اللحم والدم؟ فقال : « كان يقال : عشر رضعات » (٤) ، ونحوه غيره (٥).

واستناداً إلى الموثّق : في الغلام يرضع الرضعة والثنتين ، فقال : « لا يحرم » فعددت عليه حتى أكملت عشر رضعات ، قال : « إذا كانت متفرّقة فلا » (٦) ، وهو يدلّ بمفهومه على التحريم مع عدم التفريق. ونحوه غيره (٧).

__________________

٣٧٤ أبواب ما يحرم بالرضاع ب ٢ ح ٣.

الثاني في : التهذيب ٧ : ٣١٣ / ١٣٠٠ ، الإستبصار ٣ : ١٩٥ / ٧٠٦ ، الوسائل ٢٠ : ٣٧٥ أبواب ما يحرم بالرضاع ب ٢ ح ٤.

(١) كالمفيد في المقنعة : ٥٠٢ ، الديلمي في المراسم : ١٤٩ ، القاضي في المهذّب ٢ : ١٩٠ ، الحلبي في الكافي : ٢٨٥.

(٢) وهو ما عدا العشر. منه رحمه‌الله.

(٣) الوسائل ٢٠ : ٣٨٢ أبواب ما يحرم بالرضاع ب ٣.

(٤) الكافي ٥ : ٤٣٩ / ٩ ، التهذيب ٧ : ٣١٣ / ١٢٩٦ ، الإستبصار ٣ : ١٩٤ / ٧٠١ ، الوسائل ٢٠ : ٣٧٩ أبواب ما يحرم بالرضاع ب ٢ ح ١٨.

(٥) الكافي ٥ : ٤٣٨ / ٢ ، الوسائل ٢٠ : ٣٨٠ أبواب ما يحرم بالرضاع ب ٢ ح ٢١.

(٦) الكافي ٥ : ٤٣٩ / ٨ ، التهذيب ٧ : ٣١٤ / ١٣٠٢ ، الإستبصار ٣ : ١٩٤ / ٧٠٣ ، الوسائل ٢٠ : ٣٧٥ أبواب ما يحرم بالرضاع ب ٢ ح ٥.

(٧) الكافي ٥ : ٤٣٩ / ١٠ ، التهذيب ٧ : ٣١٣ / ١٢٩٧ ، الإستبصار ٣ : ١٩٤ / ٧٠٢ ، الوسائل ٢٠ : ٣٨٠ أبواب ما يحرم بالرضاع ب ٢ ح ١٩ ؛ بتفاوتٍ في السند.

١٣٧

ويدلّ عليه أيضاً الخبر : « لا يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب إلاّ المجبور » (١) قال : قلت : وما المجبور؟ قال : « أُمٌّ تربّي أو ظئرٌ (٢) تستأجر أو أمةٌ تُشترى ، ثم ترضع عشر رضعات تروي الصبي وينام » (٣).

وفي الجميع نظر ؛ لتخصيص العموم بما تقدّم ، كتخصيصه بما عدا العشر المتيقّن.

ومنعِ حصول الإنباتين بالعشر ، والصحيح غير دالّ عليه ؛ لنسبته عليه‌السلام ذلك إلى القيل ، المشعر بالتمريض. مع ما في آخره ممّا هو في قوّة التصريح بعدم النشر به ، فإنّ السائل لمّا فهم منه عليه‌السلام عدم إرادته قال له : يحرم عشر رضعات؟ فقال : « دع هذا » وقال : « يحرم من النسب ما يحرم من الرضاع ».

فلو كان حكم العشر حقّا لما نسبه عليه‌السلام إلى غيره ، بل كان يحكم به من غير نسبة ، ومع ذلك أعرض عنه ثانياً مجيباً بما لا دخل له بالمقام ، ففيه أقوى دلالة بورود ما دلّ على النشر بالعشر مورد التقيّة ، أو غيرها من المصالح الخفيّة.

هذا ، مع معارضته للصحيح المتقدّم في الأمر الأول (٤) ، الناصّ بعدم‌

__________________

(١) قال الطريحي في مجمع البحرين ٣ : ٢٤٣ ( جبر ) : قال في شرح الشرائع : المَجْبُور وجدتها مضبوطة بخط الصدوق بالجيم والباء في كتابه المقنع ، فإنّه عندي بخطه. وقال في ج ٣ : ٢٥٧ ( حبر ) : وقد اضطربت النسخ في ذلك ..

(٢) قال في مجمع البحرين ٣ : ٣٨٦ : سمّيت المرضعة ظِئراً لأنّها تعطف على الرضيع.

(٣) التهذيب ٧ : ٣١٥ / ١٣٠٥ ، الإستبصار ٣ : ١٩٦ / ٧٠٩ ، الوسائل ٢٠ : ٣٧٧ أبواب ما يحرم بالرضاع ب ٢ ح ١١ ، بتفاوت.

(٤) في ص ١٣٢.

١٣٨

الإنبات بالعشر ، واختصاصه به مع زيادة عليه بنصفه (١).

ونحوه الموثّقان المتقدّمان (٢) ، المصرّحان بعدم النشر به ، المستلزم لعدم الإنبات.

والموثّق المتأخّر (٣) كمضاهيه (٤) وإن دلّ على النشر به بالمفهوم ، إلاّ أنّه لا يعارض ما دلّ على العدم سنداً وعدداً ودلالةً ، مع احتمال كون الحكم فيه تقيةً.

ونحوه الجواب عن الخبر الأخير ، مضافاً إلى ضعفه بمحمّد بن سنان على الأشهر وإن قيل بوثاقته (٥) لعدم مقاومته ما خلا عن مثله ، سيّما مع مخالفته الإجماع من وجهين (٦) ، واضطرابه باختلاف ألفاظه ؛ لروايته تارةً كما تقدّم ، وتارةً بغيره ، وأُخرى صحيحة بعبارة خالية عن العدد مرويّة في الفقيه (٧) ، الذي هو أضبط.

( ولو رضع خمس عشرة رضعة نشر ) الحرمة إجماعاً ، كما في المسالك والسرائر (٨) ، خلافاً لشاذّ منّا ، فخمسة عشر يوماً متوالية بلياليها (٩) ؛ والنصوص المتقدّمة حجّة عليه ، مضافاً إلى عدم دليل يدلّ عليه ، مع مخالفته لعموم الكتاب والسنّة المستفيضة.

__________________

(١) أي واختصاص الإنبات بالعشر مع زيادة على العشر بنصف العشر.

(٢) في ص ١٣٧.

(٣) المتقدم في ص ١٣٧.

(٤) المتقدم في ص ١٣٧.

(٥) قال به المفيد في الإرشاد : ٣٠٤.

(٦) الحصر واعتبار النوم. منه رحمه‌الله.

(٧) الفقيه ٣ : ٣٠٧ / ١٤٧٤ ، الوسائل ٢٠ : ٣٧٦ أبواب ما يحرم بالرضاع ب ٢ ح ٧.

(٨) المسالك ١ : ٤٦٦ ، السرائر ٢ : ٥٥١.

(٩) كما في الهداية : ٧٠ وحكاه في المختلف : ٥١٨ عن المقنع.

١٣٩

( ويعتبر في الرضعات ) العدديّة والزمانيّة ( قيود ثلاثة : كمال الرضعة ) التفاتاً إلى الأصل ، وحملاً لإطلاق الرضاع في الآية (١) والأخبار عليه ؛ للتبادر ، مع التصريح به في المعتبرة المنجبر قصور أسانيدها بعمل الطائفة :

كالمرسل كالموثّق لابن أبي عمير : « الرضاع الذي ينبت اللحم والدم هو الذي يرضع حتى يتضلّع ويتملّى وينهي نفسه » (٢) ، ونحوه آخر (٣).

وبهما فسّر الكمال بعض الأصحاب (٤) ، واعتمد الباقون فيه على العرف ، ولعلّهما متقاربان ، فلا عبرة بالناقصة مطلقاً ، واحدة كانت أم متعدّدة ، إلاّ مع حصول الإنبات بها ، فتعتبر من جهته.

وتحسب الرضعات المتخلّل بينها لفظ الثديين للتنفّس ، أو الملاعبة ، أو المنع من المرضعة مع المعاودة وحصول الكماليّة بها ، رضعة واحدة إن لم يطل الفصل ، وإلاّ احتسب الجميع كالآحاد رضعة ناقصة ، فلا تنشر حرمة.

( وامتصاصها من الثدي ) لعين ما تقدّم ، بل لا يحصل مسمّى الرضاع والإرضاع والارتضاع إلاّ بذلك ، واعتباره مطلقاً (٥) هو المعروف من مذهب الأصحاب.

__________________

(١) النساء : ٢٣.

(٢) الكافي ٥ : ٤٤٥ / ٧ ، التهذيب ٧ : ٣١٦ / ١٣٠٦ ، الإستبصار ٣ : ١٩٥ / ٧٠٧ ، الوسائل ٢٠ : ٣٨٣ أبواب ما يحرم بالرضاع ب ٤ ح ٢.

(٣) التهذيب ٧ : ٣١٦ / ١٣٠٧ ، الإستبصار ٣ : ١٩٥ / ٧٠٨ ، الوسائل ٢٠ : ٢٨٣ أبواب ما يحرم بالرضاع ب ٤ ح ١.

(٤) انظر الخلاف ٥ : ١٠٠.

(٥) أي حتى في إنبات اللحم واشتداد العظم. منه رحمه‌الله.

١٤٠