الإقتباس من القرآن الكريم - ج ١

أبي منصور عبد الملك بن محمّد بن اسماعيل الثعالبي

الإقتباس من القرآن الكريم - ج ١

المؤلف:

أبي منصور عبد الملك بن محمّد بن اسماعيل الثعالبي


المحقق: الدكتورة ابتسام مرهون الصفار
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٧٠
الجزء ١ الجزء ٢

مفقود.

* بهجة المشتاق

مفقود.

* تحفة الأرواح وموائد السرور والأفراح :

مفقود.

* تحفة الظرفاء وفاكهة اللطفاء

مخطوط بالمدينة المنورة مكتبة عارف حكمت برقم ١٥٤.

* التدلي في التسلي

مخطوط في مكتبة عارف حكت بالمدينة المنورة (٣١ مجاميع).

* التغزل بمائتي غلام ـ الغلمان

ذكر الأستاذ هلال ناجي أن هناك نسخة منه في برلين برقم ٨٣٣٤.

* التفاحة

مفقود.

* تفضيل المقتدرين وتنصل المعتذرين

مفقود.

* تفضيل الشعر

مخطوط ضمن مجموع رقم ٩٤٠ حكيم أوغلو. تركيا.

* الثلج والمطر

مفقود.

* جوامع الكلم

مفقود.

٦١

* حشو اللوزينج

مفقود.

* خصائص البلدان

مفقود.

* وذكر الأستاذ هلال ناجي أن هناك قطعة منه في برلين يحققها الآن د. محمد المعيبد.

* خصائص الفضائل

مفقود.

* خصائص اللغة

انفرد بذكره د. قاسم السامرائي وأشار إلى نسخة منه في المكتبة الظاهرية برقم ٢٠٦.

* الخوارزميات

مفقود.

* ديوان شعره

مفقود.

* زاد سفر الملوك

مخطوط في جستربتي برقم ٥٠٦٧ (ذكر الأستاذ هلال ناجي أنه يعكف على تحقيقه).

* سجع المنثور :

مخطوط في معهد إحياء المخطوطات بجامعة الدول العربية برقم (١٠٥٥ ق ٤٩٥) نسخة في طوب قبو سراي بتركيا رقم ٢٣٣٧.

* سر البلاغة وملح البراعة

مخطوط بدار الكتب رقم (٤ ش).

* سر البيان ـ سحر البيان.

مفقود ذكر د. محمد جبار المعيبد أن لديه نسخة يحققها (عن هلال ناجي).

* سر الحقيقة

مخطوط في مكتبة فيض الله رقم ٢١٣٣.

٦٢

* سر الصناعة

مفقود.

* شعار الندماء

مفقود.

* الشوق ـ المشوق ـ المشرق

مفقود.

* صنعة الشعر والنثر

مفقود.

* طبقات الملوك

مفقود.

* الطرف من شعر البستي

مفقود.

* العشرة المختارة

ذكر هلال ناجي أن هناك نسخة منه في رامبور رقم ٣٧٥٨ (٣).

* عمل في الأدب

ذكره د. قاسم السامرائي وفي بروكلمان ١ / ٥٠٢ (الملحق).

* عنوان المعارف

مفقود.

* عيون الآداب

مفقود.

* عيون المعارف ـ عنوان المعارف

مفقود. ذكره الحلو في مقدمة التمثيل والمحاضرة.

* عين النوادر

مفقود.

٦٣

* غرر البلاغة ـ غرر البلاغة وطرف البراعة

مخطوط في مكتبة بشير أغا أيوب برقم ١٥٠ برلين ٨٣٤١ ، كوبرلي ١٢٩٠.

* المتحف البريطاني ٧٧٥٨ (ثلث ٦٣) بطرسبورع ثان ٦٦٩ ، فيض الله ١٦٧٦ ، الفاتح ٣٥٤٣٢.

* الفصول الفارسية

مفقود.

* الفصول في الفضول ـ الأصول في الفصول

مفقود.

* فضل من اسمه الفضل

مفقود.

* الفوائد والأمثال

مخطوط في مكتبة عارف حكمت بالمدينة برقم (٥٢ قديم ـ ٣١ جديد).

* قراضة الذهب

انفرد بذكره الأستاذ هلال ناجي ، وأشار إلى نسخة مخطوطة في مكتبة بايزيد برقم (٣٢٠٧). ونود أن نذكر أن لابن رشيق كتابا مطبوعا بهذا الاسم.

* لباب الأحاسن

مفقود.

* لباب الأدب ـ لباب الآداب. (كما ذكره بروكلمان)

مخطوط في المكتبة السليمانية بتركيا برقم ٢٨٧٩.

* لطائف الظرائف ـ ولعله لطائف الصحاب أو لطائف الظراف

(بروكلمان ١ / ٣٤٠).

مخطوط في معهد شعوب آسيا بالاتحاد السوفييتي.

* اللطيف في الطب ـ الطبيب

مفقود.

٦٤

* اللمع الفضة

مفقود.

* محاسن الأدب

مخطوط لدى الأستاذ هلال ناجي لم يذكر أصلها ولا رقمها.

* مدح الشيء وذمه

مفقود.

* المديح (ولعله الكتاب السابق نفسه)

مفقود.

* مفتاح الفصاحة

مفقود.

* الملح والطرف

مفقود.

* ملح النوادر

مفقود.

* الملوكي ـ أدب الملوك ـ منادمة الملوك ـ سراج الملوك

مخطوط ذكر د. قاسم السامرائي أن له نسخة في مكتبة عزة أفندي برقم ١٨٠٨ ، المتحف البريطاني (ثالث ٦٤) ٦٣٦٨ ..OR.

* من غاب عنه المؤنس

مفقود.

* المهذب من اختيار ديوان أبي الطيب وأحواله وسيرته وما جرى بينه وبين الملوك والشعراء.

مخطوط في مكتبة فيض الله ضمن مجموع برقم ٢١٣٣ / ٦ وذكره الأستاذ هلال ناجي.

* مؤنس الوحيد

مخطوط في كمبردج رقم ١٢٨٧.

٦٥

* نتائج المذاكرة

مخطوط مكتبة عارف حكمت بالمدينة برقم (٣١ مجاميع).

* نزهة الألباب وعمدة الكتاب

٦٦

كتاب الاقتباس

ألف الثعالبي كتاب الاقتباس من القرآن الكريم للأمير الغزنوي نصر بن ناصر الدين أخي السلطان محمود بن سبكتكين ، وكان أميرا للجيش في خراسان حتى وفاته سنة ٤١٢ ه‍ ، وأهدى إليه هذا الكتاب فضلا عن كتابين آخرين هما غرر السير والمتشابه (١) ويبدو أن علاقة صداقة وطيدة قد ربطت بينهما. وهذا شأن الثعالبي فيمن يختارهم لإهداء كتبه ومؤلفاته ، فمعظمهم كما أسلفنا من الأدباء أو المولعين بالأدب والشعر ، وقد اقتبس الثعالبي فعلا كثيرا من أقوال نصر بن ناصر الدين هذا ، وتمثل بها في كثير من كتبه بما فيها كتبه التي أهداها إلى غيره مثل ثمار القلوب ، وخاص الخاص ، والإيجاز والإعجاز (٢).

وقد ذكر الثعالبي كتاب الاقتباس في كتابه يتيمة الدهر (٣) في الباب الثالث في ذكر أبي إسحاق الصابي ، ووصف أدبه ومحاسن كلامه مشيرا إلى أنه اختار كلامه المقتبس من القرآن الكريم ، وأورده في فصول كتاب الاقتباس قائلا :

(وكان يعاشر المسلمين أحسن عشرة ، ويخدم الأكابر أرفع خدمة ، ويساعدهم على صيام شهر رمضان ، ويحفظ القرآن حفظا يدور على طرف لسانه ، وسن قلمه وبرهان ذلك ما أوردته في كتاب الاقتباس من فصوله التي أحسن فيها كل الإحسان وحلاها بآي القرآن).

وذكره أيضا في كتابه الكناية والتعريض في فصل سماه (الكناية عن الغلام) وذكر فيه ما سماه بمكروه الاقتباس (نبهت عليه في كتاب الاقتباس من القرآن) (٤).

وهكذا يثبت اسم هذا الكتاب ، وإن كان قد سماه بالاقتباس فقط على سبيل الاختصار في إشارة اليتيمة ، وباسمه الكامل (الاقتباس من القرآن) في كتاب الكناية والتعريض.

__________________

(١) ملاحظات عن سيرة الثعالبي ٢٣٤.

(٢) نفسه.

(٣) يتيمة الدهر ٢ / ٢٤٣.

(٤) الكناية والتعريض : ١٩.

٦٧

أما سنة تأليف كتاب الاقتباس ، فيمكن تحديدها على التقريب من خلال تتبع الإشارتين السابقتين. فقد كتب الثعالبي كتاب اليتيمة أول مرة سنة ٣٨٣ ه‍ (١). وكان تولي السلطان محمود الغزنوي السلطة سنة ٣٨٩ ه‍ (٢) وأن أخاه نصرا قد تولى إمارة الجيش في عهده فإن إشارة الثعالبي لا بد أن تكون في النسخة الثانية التي كتب فيها كتاب اليتيمة بشكله النهائي سنة ٤٠٣ ه‍ (٣). وعلى هذا تكون سنة تأليف الاقتباس بعد سنة ٣٨٩ ه‍ ، وذكر د. محمود الجادر أنه صحّ لديه أن سنة تأليف الثعالبي لكتاب الاقتباس هي قبل سنة ٣٩٦ ه‍ (٤).

منهج الكتاب :

وهب الثعالبي قدرة على استيعاب المادة التي يكتب فيها وتبويبها وفق منهج علمي دقيق لا يحيد عنه ولا يتناساه. ويبدو منهجه واضحا في يتيمة الدهر وثمار القلوب. أما كتاب الاقتباس هذا فقد صرح في مقدمته بنظرته الفاحصة ورغبته في تتبع النصوص المتعلقة بالاقتباس من القرآن الكريم ثم تبويبها وترتيبها. وهو ينبهنا على توفر الرغبة الشديدة في نفسه قبل البدء بالكتابة ، والرغبة الأكيدة في التصنيف في هذا الموضوع واتباع منهج يبوب فيه المادة ويصنفها. إن هذه الرغبة وعملية البحث قد أخذتا من الثعالبي وقتا طويلا شهورا وأعواما وليس هذا من باب المبالغة والثناء ؛ لأن الثعالبي كان صادقا في وصف حالة كثيرا ما تنتاب المؤلفين والكتاب ، وهي حصول الرغبة الأكيدة في التأليف التي تحث صاحبها على الكتابة ، ثم يعتورها فتور يقصر أو يطول أياما وشهورا إلى أن تجتمع إليه الهمة مرة أخرى ، فيكمل المشروع الذي بدأه من فترة طويلة ، وقد يكون الحافز على إتمام البحث والكتابة حدثا ما أو شخصية لها مكانتها الاجتماعية والسياسية يهدى إليها الكتاب. المهم أن فكرة التأليف لم تبدأ برغبته في الحصول على الحظوة لدى من أهدي إليه الكتاب ، وإنما سبقتها بأعوام ، فهي

__________________

(١) ملاحظات عن سيرة الثعالبي ٢٣٤.

(٢) الكامل لابن الأثير : حوادث سنة ٣٨٩ فما بعدها.

(٣) ملاحظات عن سيرة الثعالبي ٢٣٤.

(٤) دراسة توثيقية : ٢٥٣.

٦٨

رغبة خالصة في البحث ذاته ، لكن شخصية المهدى إليه كانت حافزا على إتمام البحث ، وإشباع الرغبة وتحقيقها في استكمال مادة الكتاب وتبويبها. وهكذا نقل الثعالبي تجربته في تأليف هذا الكتاب منذ أن كان مجرد رغبة ، إلى أن تحقق في فترات كتابة متفرقة حتى إتمامه وإهدائه إلى الأمير نصر بن ناصر الدين أخي أبي القاسم محمود بن سبكتكين الغزنوي :

(هذا كتاب طالما كانت تحضرني النية القوية في تصنيفه وترصيفه ، وتعدني الأيام معونة على تبويبه وترتيبه ، فتخلف ، وكنت آخذ في تأليفه يوما ، وأدعه أياما ، وأقبل عليه شهرا وأعرض عنه عاما إلى أن لاح استفتاح مدخله واستتمام عمله لأوحد الزمان ، وحسنة القرآن ، ومن فضله الله تعالى ذكره بشرف الانتساب والاكتساب ، وجمع له محاسن ذوي الألباب وآتاه الحكمة وفصل الخطاب ، وأحيا به جميع العلوم والآداب الأمير الأجل صاحب الجيش أبي المظفر) (١).

إن دراسة كتاب الاقتباس تدلنا على توافر ظاهرتين مهمتين فيه :

الأولى : المنهج الذي التزم به الثعالبي في جميع أبواب الكتاب وفصوله.

الثانية : ذوقه الرفيع في اختيار النصوص الأدبية شعرا ونثرا.

لقد كان الثعالبي أديبا شاعرا ومؤلفا ناقدا واسع الاطلاع ذا ذوق رفيع في اختيار النصوص الشعرية ، وآراء سديدة في نقد الأدب بصورة عامة (٢). وقد وجد أن القرآن الكريم معجزة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم العظيمة كان ـ وما يزال ـ المعين الثر الذي يقتبس منه الشعراء والأدباء ألفاظهم وصورهم ومعانيهم متمثلين بآياته الكريمة في مخاطباتهم وأشعارهم ، عارفين أن هذا الاقتباس يكسي كلامهم (معرضا ما لحسنه غاية ، ومأخذا ما لرونقه نهاية ، ويكسبه حلاوة وطلاوة ما فيها إلا معسولة الجملة والتفصيل ، ويستفيد جلالة وفخامة ليست فيهما إلا مقبولة الغرة والتحجيل) (٣).

__________________

(١) الاقتباس ١ / ٢١.

(٢) راجع كتاب (الثعالبي ناقدا واديبا).

(٣) الاقتباس ١ / ٢٤.

٦٩

وقد وجد الثعالبي أن الاقتباس من القرآن الكريم ظاهرة عامة في الأدب العربي ، والرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم نفسه وهو أفصح العرب لهجة ، وأحسنهم فصاحة وبيانا ، قد اقتبس من معاني القرآن وألفاظه الكثير في حديثه وخطبه ، وكذلك فعل السلف الصالح من الصحابة والتابعين لكن الثعالبي لم يكتف بإيراد هذه الأقوال المأثورة عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم وصحابته ، بل تجاوزها إلى الشعراء والأدباء بدءا من عصر صدر الإسلام حتى شعراء زمانه إلا أن نصوصه الشعرية والأدبية جاءت موزعة حسب الأبواب والفصول ، وما اختار لها من موضوعات لا حسب الشخصيات والعصور. لذا تجدها موزعة يجمعها رباط واحد هو الموضوع أو المحور الذي عنون به الباب أولا والفصول التي اندرجت تحته ثانيا. فقد يختار من الرسالة الواحدة أكثر من فقرة ويوردها في أكثر من فصل لأن كل فقرة تتحدث عن فكرة معينة يمكن أن تدرج ضمن عنوان خاص في فصل يختاره لها فقد وجدناه مثلا يلجأ إلى رسالة واحدة من رسائل أبي إسحاق الصابي فيقسمها في ذهنه إلى معان يوزعها على أكثر من فصل ففي الباب الثامن عشر الذي ذكر فيه فضل الخط والكتاب والحساب وفصوص من فصول العهود وقسمه إلى (٤١) فصلا تمثل بكتابات أبي إسحاق الصابي وابن العميد والإسكافي وفي فصل ما قيل في (تقوية أيدي الحكام والعمال) اقتبس فقرة من نسخة العهد الذي كتبه أبو إسحاق الصابي عن الطائع لله إلى أبي الحسين علي بن ركن الدولة الملقب بفخر الدولة (١) ، وتبعه فصل في (اختيار العمال وتوصية كل منهم ما يقتضيه عمله) اختار له أيضا من الرسالة ذاتها ، ثم تبعه فصل في (تعيير الموازين والمكاييل والمنع من التطفيف) ونصه الوحيد الذي أورده في هذا الفصل هو من عهد أبي إسحاق الصابي .. كل هذا بتقسيم واع لمنهجه في اختيار النصوص وفق المعاني التي تتفرع من موضوع الباب الكبير الذي يكتب فيه.

لقد قسم الثعالبي كتابه إلى خمسة وعشرين بابا وقسم كل باب إلى فصول تفاوتت في الطول والقصر وتفاوت عددها في كل باب وعدد النصوص التي اندرجت تحتها.

فالباب الأول في التحاميد المقتبسة من القرآن وما يتصل بها من الثناء على الله تعالى بما هو أهله ، وذكر طرف من فضله ونعمته وسعة رحمته وسائر صفاته وأفعاله ـ جلّ جلاله ـ

__________________

(١) راجع الرسالة في المختار من رسائل الصابي : ٩٦ ، ١٠٨.

٧٠

وقد قسمه إلى ستة عشر فصلا.

الباب الثاني في ذكر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأجزاء من بعض محاسنه وخصائصه التي أفرده بها ، وفضله على جميع خلقه. وقد قسمه إلى اثني عشر فصلا ذكر فيها كرامته على الله ـ عز ذكره ـ وارتفاع مقداره عنده ، ثم فصل في الصلاة عليه ، وفصل في ذكر أخلاقه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وفصل في نبذ من محاسنه وخصائصه عليه‌السلام ، وفصل آخر مثله وفصلين آخرين في ذكر خصائص الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم الأخرى. وتبعتها فصول قصار عن ذكر الحكمة في كونه عليه‌السلام بشرا ، وآخر في ذكر الحكمة من كونه أميا. ثم يختتم الباب بفصلين عن بعض ما جاء من الكلام المقتبس معناه من القرآن الكريم.

أما الباب الثالث فقد خصه في ذكر العترة الزكية رضي الله عنهم ، ونبذ من فضائلهم. وقد قسمه إلى ستة فصول : الأول في ذكر طرفهم وشرفهم ومجدهم ، وفصل في فقر من أخبارهم. وقد يوحي عنوان هذا الفصل أن فيه أخبارا تاريخية لا علاقة لها بموضوع الكتاب ، ولكن تتبع نصوصه يدلنا على ان الثعالبي ما يزال قيد منهجه الدقيق ، فهو يختار فقرا من أخبار العترة الزكية مما يرد فيها أقوال فيها اقتباس من الذكر الحكيم. ثم يليه فصل في بعض ما قيل فيهم من الأشعار ويورد فيه أيضا ما قيل فيهم من أشعار مقتبسة معانيها من القرآن الكريم. ويليه فصلان من كلام لعلي والحسن وولده ، وآخر في كلام الحسين وولده رضي الله عنهم. ويختم الباب بفصل شامل سماه (فصل في أن الله أذهب عنهم الرجس أهل البيت وطهرهم تطهيرا) أورد فيه نصين متأخرين الأول من خطبة للسفاح ، والآخر من كتاب لابن أبي البغل كاتب المقتدر ينضويان ، تحت معنى هذا الفصل.

أما الباب الرابع فهو في ذكر الصحابة وما خصهم الله به من الفضل والشرف ، وأقاويل بعضهم في بعض ، وغرر من محاسن كلامهم ونكت أخبارهم. ويقع في عشرين فصلا ، بدأه بفصل في ذكرهم عامة ، ثم بدأ بإيراد فصول عن الصحابة متبعا المنهج التاريخي في إيراد أسمائهم ففصل في ذكر أبي بكر الصديق ، وفصل في حسن آثاره في الإسلام وفصل في ذكر شيء من كلامه أيام الردة ، وآخر في مكاتباته. ويختم هذه الفصول المتعلقة بالخليفة أبي بكر رضي الله عنه بفصل في ذكر استخلافه عمر رضي الله عنه. وبعدها تبدأ الفصول

٧١

التي خصها للخليفة الثاني. ففصل في ذكره ، وقطعة من أخباره ذكر فيه فقرا من مكاتباته ورسائله وخطبه ، ثم فصل في قتله وثناء المسلمين عليه ، ويلحقه بأربعة فصول تخص الخليفة عثمان ثم ستة فصول أخرى تخص الإمام علي وختمه بفصل عن تسليم الحسن الأمر إلى معاوية ليختم الباب بعده بفصل في لمع من أقوال الصحابة وأخبارهم. كل هذه الأقوال والأخبار التاريخية اختارها الثعالبي لما تضمنته من كلام مقتبس من القرآن الكريم.

ومن الواضح أنه تتبع في هذه الأبواب الأربعة منهجا لعلنا نستطيع وصفه بأنه منهج ديني إذ اختار موضوعاته حسب أهميتها من الناحية الدينية فبدأه بذكر الله تعالى وصفاته ثم بذكر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم عترته الزكية ثم باب في الصحابة رتبهم كما قلنا حسب دورهم وتسلسلهم التاريخي ،

وأما الباب الخامس فإنه يبدأ في ذكر الأنبياء عليهم‌السلام وغيرهم ممن نطق القرآن بأخبارهم ، وما اقتبس الناس من فنون أغراضهم في قصصهم. وقد قسم هذا الباب إلى فصول تتبع فيها ذكر الأنبياء بمسار تاريخي حيث يبتدأ بفصل في الاقتباس من قصة آدم عليه‌السلام ، ثم في ذكر قصة نوح ، وفصل في الاقتباس من قصة إبراهيم عليه‌السلام ، وفصل في الاقتباس من قصة يعقوب ويوسف عليهما‌السلام.

وبعد موضوع الأنبياء يختار الثعالبي الباب السادس في ذكر فضل العلم والعلماء ويقع في عشرة فصول مترابطة مع موضوع الباب الرئيس.

أما الباب السابع فهو في ذكر الأدب والعقل والحكمة والموعظة الحسنة. ويعطي هذا الباب مفتاحا للثعالبي في تفرع الأبواب التي تليه حيث يعدد في الباب الثامن محاسن الأخلاق والخصال إذ يدرجها في تسعة عشر فصلا. ويليه الباب التاسع حيث يتناول فيه عكس هذه الخصال وهو في ذكر معائب الأخلاق وذم الغاغة والسقّاط والجهال. ويقع في ثلاثة عشر فصلا.

أما الباب العاشر فإنه يركّب فيه بعض الصفات الواردة في البابين السابقين. أعني أنه خصه لذكر أنواع من الأضداد والأعداد وقسمه إلى ثمانية فصول : فصل في ذكر الغنى والفقر وآخر في فضل المال والسعي في كسبه وذكر التجارة واعتماد الصنعة ، ثم فصل في

٧٢

ضد ذلك وفصل في التأني والعجلة وفي الحب والبغض والشباب والشيب ، وفصل في ذكر القلة والكثرة. والفصل الأخير في الأعداد.

في كل هذه الأبواب السابقة وجدنا العلاقة قوية بين الباب والذي يليه وهي علاقة تسلسل تاريخي أو علاقة منطقية في تسلسل موضوعات الأبواب. أما بعد هذا فإن أبواب الكتاب تأتي موضوعاتها منفصلة الواحدة عن التي تليها. وهذا أمر طبيعي لأن الأبواب العشرة الأولى مترابطة من حيث موضوعاتها ومادتها كترابط ذكر الله تعالى وصفاته بذكر صفات الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ومآثره ، وصلتهما بالباب الثالث الذي خصه للعترة الزكية حيث تلاه باب في ذكر الصحابة ، إلا أن أبواب الكتاب الأخرى لا يمكن أن نجد لها هذا الترابط لطبيعة موضوعاتها وليس بسبب منهج الثعالبي ذاته. فالباب الحادي عشر في ذكر النساء والأولاد والإخوان ، والباب الثاني عشر في ذكر الطعام والشراب ، والباب الثالث عشر في ذكر البيان والخطابة وثمرات الفصاحة ، والباب الرابع عشر في الجوابات المسكتة ، والباب الخامس عشر في ملح النوادر. والباب السادس عشر في الخروج عن حد الاقتباس. وذكر فيه فصلين الأول فيه قول أبي تمام مستفرغا قصة يوسف والثاني في ذكر المكروه في وصف الخلق ، وكأن الثعالبي يختم بهذا الباب موضوعات الأبواب السابقة التي يمكن وضعها في إطار خاص من المعاني.

أما الأبواب السابع عشر إلى الخامس والعشرين فقد تناول فيها موضوعات شتى. فالباب السابع عشر في الرؤيا وعجائبها والتعبيرات وبدائعها. والباب الثامن عشر في ذكر الخط والكتاب والحساب. وطبيعة هذا تحدد مختارات الثعالبي الأدبية إذ نجدها لا تتجاوز النثر إلى الشعر ـ ومعظمها من كتب ورسائل الكتاب وكتاباتهم وعهودهم. والباب التاسع عشر في الأمثال والألفاظ وهو باب قصير لا يتجاوز الأربع صفحات. أما الباب العشرون فهو في ذكر الشعر والشعراء وأنواع اقتباساتهم من ألفاظ القرآن الكريم تناول فيه الثعالبي اقتباسات الشعراء لمعنى من معاني القرآن الكريم ، وتداولهم لمعنى أصله في القرآن ، وفي اقتباساتهم الخفية اللطيفة. ثم يبدأ بعد هذا بتقسيم اقتباساتهم وفق منهج جديد يوزع النصوص حسب المعاني الشعرية ، ففصل في الغزل والنسيب وفصل في المدح ، وآخر في العتاب ثم في

٧٣

التشبيهات ، وفي التأذي بالمطر .. الخ. وينتقل بعد هذا إلى إيراد فصول تتعلق بالأسلوب ، ففصل في ذكر التجنيس وفصل في الطباق ، موردا في كل هذا نصوصا شعرية اقتبس فيها الشعراء معانيهم ، أو أساليبهم في الذكر الحكيم.

أما الباب الحادي والعشرون فهو يكاد يكون مكملا للقسم الثاني من الباب العشرين أعني بها الفصول التي خصها للتجنيس أو الطباق. فالباب الحادي والعشرون أورد فيه فصولا في ذكر الإيجاز والإعجاز ، وفصل في ذكر التشبيه وآخر في الاستعارة وآخر في المجاز والالتفات وما يجري مجراه.

أما الباب الثاني والعشرون فقد خصّه لظرائف التلاوات وبدأه بفصل في نقد التفاسير وإيراد الغريب أو الطريف منها. أما عنوان الباب الثالث والعشرون فهو في فنون شتى مختلفة الترتيب أورد منها فصلا عن الفرج بعد الشدة ، وآخر في التفاؤل بالقرآن ، وآخر في ذكر القرعة ثم فصل في حب الوطن ، وفصل في ذكر السلطان ، وفصل في الهدية ، وآخر في ذكر النار وفي ذكر الإبل ، وفي ذكر الخيل. وحق لأبي منصور الثعالبي أن يدرج هذه الفصول ضمن باب فنون مختلفة.

وبعدها ويأتي الباب الرابع والعشرون في الدعوات المستجابة. وقد اتبع فيه المنهج السابق نفسه في تقسيمه الباب إلى فصول متفرعة ، ففصل في فضل الدعاء وما يتصل به ، وفصل في أدعية المكروبين ، ثم فصل في سائر الدعوات حيث يقسم هذه الدعوات إلى حالة الداعين ، ففصل في الدعاء عند الحاجة ، وفصل في دعاء الدين ، ودعاء الخوف ، ودعاء الصدقة ، والدعاء عند مواقعة العدو.

ثم يختم الكتاب بالباب الخامس والعشرين وهو في الرقى والأحراز ، ويقسمه إلى فقرات أيضا حسب المعاني والأغراض ، مثلما فعل في باب الأدعية ، ففصل في الرقى من الأوجاع ، أو الأمراض ، كرقى الحمى ، ورقية وجع البطن ، وفصل في سائر الرقى للمضروب ، ثم يختمه بفصل في الأحراز.

لقد أثار البابان الأخيران من كتاب الاقتباس شك الدكتور محمود الجادر ، فخيل إليه أن (أصل الكتاب ثلاثة وعشرون بابا وأن البابين الأخيرين مقحمان عليه لبعدهما التام عما

٧٤

هو مألوف في كتب الثعالبي من منهج ومادة ، فضلا عما يعزز القناعة بهذه الحقيقة من أن عنوان الباب الثالث والعشرون هو في فنون شتى مختلفة الترتيب. وهو عنوان يستخدمه الثعالبي عادة في الفصول الختامية من كتبه) (١).

إن هذا الرأي يعتمد على فرضيتين :

الأولى : إن البابين الأخيرين بعيدان عما هو مألوف في كتب الثعالبي منهجا ومادة ، والواقع أن طبيعة كتاب الاقتباس ومادته تختلف بحد ذاتها عن مواد كتب الثعالبي الأخرى فهي تدور جميعها حول القرآن الكريم وما اقتبس من آياته وألفاظه فإذا راجعت البابين الأخيرين وجدتهما لم يخرجا عن إطار الأبواب السابقة ؛ لكونهما مستمدين من القرآن الكريم. فجميع فصول الأدعية والأحراز إنما هي اقتباسات من آي الذكر الحكيم. وحري بالثعالبي أن يختم كتابه بهما بعد أن تطرق إلى سائر الموضوعات والمعاني التي تدور على ألسنة الكتاب والشعراء. وقد مرّ بنا أن الثعالبي قسم البابين الأخيرين إلى فصول متبعا المنهج نفسه الذي سار عليه في سائر أبواب الكتاب. ويجرنا هذا القول إلى ملاحظة أخرى لها علاقة بفكرة كون البابين الأخيرين مختلفين عما هو مألوف في كتب الثعالبي وهي أن موضوع كتاب الاقتباس ألزمت الثعالبي ، أن تكون نصوصه في جميع أبواب الكتاب من نمط النصوص المختارة ، وعلى مستوى رفيع من الجمال الفني ، والترفع عن الابتذال والمجون ، وكل ما يخدش الذوق والأخلاق. فالثعالبي لم يختر إلّا الاقتباس الجيد من القرآن الكريم ، لذا وجدنا نصوصه في هذا الكتاب رفيعة بخلاف نصوصه في كتبه الأخرى التي تجدها متنوعة بتنوع الشعراء الذين يتمثل بهم ، أو يترجم لهم. أما موضوع كتاب الاقتباس فقد أظهر ذوق الثعالبي الرفيع في اختيار النصوص شعرا ونثرا ؛ لأن قصده كما أوضحه في مقدمة كتابه هو إبراز فضل القرآن الكريم في مدّ السلف الصالح من الصحابة والأدباء والشعراء بمعين من الأفكار والصور الثرة التي استمدوها من القرآن الكريم ، ووشحوا بها مخاطباتهم ومحاوراتهم وأشعارهم ليمنحوا كتاباتهم شيئا من جمال الآيات القرآنية ، وروعة معانيها وإشاراتها. وقد

__________________

(١) دراسة توثيقية : ٢٥٣ ، ٢٥٤.

٧٥

اشترط الثعالبي في مقدمته إيراد الجيد الجميل مما اقتبس من القرآن الكريم وأنه يورد (في هذا الكتاب من محاسنها كل ما تروق أصوله وفصوله ويفيد مسموعه ومحصوله).

أما الفرضية الثانية التي اعتمد عليها الأخ الدكتور محمود الجادر في افتراض كون البابين الأخيرين من كتاب الاقتباس مقحمين عليه ، فهي ما حمله الباب الثالث والعشرون من عنوان هو (فنون شتى مختلفة الترتيب) وأن هذا العنوان يستخدمه الثعالبي عادة في الفصول الختامية من كتبه. إن هذه الفرضية مردودة أيضا لأن الثعالبي نفسه قد استخدم عنوان هذا الباب في غير الفصول الختامية من أبواب كتاب الاقتباس من القرآن الكريم نفسه فالباب الثامن عشر الذي عنونه الثعالبي ب (ذكر الخط والكتاب والحساب) يقع في واحد وأربعين فصلا ، كان عنوان الفصل السابع والعشرين هو (في معان شتى) ومع ذلك لم يختم الثعالبي به الباب بل أورد بعده أربعة عشر فصلا.

يضاف إلى هذا كله أن الثعالبي ذكر بعد المقدمة بأنه سيذكر أبواب كتابه ليسهل للقارئ معرفته. وفعلا عرض بعد ذلك أبواب الكتاب عرضا موجزا ، ذاكرا عناوين فقراته وفصوله وعددها أحيانا ، قائلا (وإذ قد استمررت في تصديره فأنا ذاكر أبوابه ليفرد كل منهما بذاته ، وتقرب على الناظر فيه وجوه إيراده). ثم عرض الثعالبي بعد هذا القول أبواب الكتاب بما فيهما البابين الأخيرين ـ مما يرجح أن الكتاب الذي بين أيدينا يقع في خمسة وعشرين بابا حسب ما قسمّه الثعالبي.

مخطوطة كتاب الاقتباس :

لم نعثر إلّا على نسخة واحدة من كتاب الاقتباس في القرآن الكريم ، صورناها عن نسخة مصورة في مكتبة معهد المخطوطات العربية التابعة لجامعة الدول العربية. وأصل هذه المصورة عن مكتبة سليم أغا برقم ٣٨. ورقم المخطوط المصور في معهد المخطوطات العربية هو ن ٨٢٦ في ٧٧٥ / ٨٩٨. وقد وجدنا في الورقة ٥٠ والورقة ٩٠ من المخطوط ختما للسلطان سليم أغا ورد فيه :

٧٦

(قد وقف هذا الكتاب المستطاب لوجه الله الملك الوهاب الحاج سليم أغا وشرط بأن لا يخرج ، ولا يرهن. ومن بدّله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه).

يقع المخطوط في مائة وتسع عشرة ورقة قياس الواحدة منها ٢٢* ١٥ سم ومكتوب بخط يعود إلى القرن الحادي عشر ، وخطه مقروء إلا أن فيه كثيرا من التحريف والتصحيف والأخطاء الإملائية التي شوهت نصوصه ، ومسخت أخباره في كثير من الأحيان. وإذا كانت النسخ الكثيرة المتعددة للمخطوط الواحد تجهد المحقق لما يقتضي ذلك منه المقارنة والمقابلة بينها فإنّ انفراد المخطوط بنسخة واحدة من كتاب ما يعني بذل الكثير من الجهد للوصول إلى النص الذي يقرب من النسخة الأم التي كتبها المؤلف.

إن التصحيف والتحريف اللذين وقعا في المخطوط متنوعان يشملان أخطاء إملائية وأخرى إعرابية ، وتصحيفا كثبرا للآيات الكريمة ، وتشويها للنصوص الشعرية فضلا عن التحريف في كتابة كلمات المخطوط مما يخرج النص المقروء في كثير من المواضع عن مستواه الذي طلبه له المؤلف. إلا أن الله سبحانه وتعالى فتح لنا في كثير من المواضع ما استغلق فهمه أو قراءته ، فكان لنا الرأي الذي اعتقدناه ونرجو أن يكون صائبا في تقويم ما أخطأ الناسخ في نسخه ، وتحقيق أسماء الأعلام والمواضع التي صحفت أو حرفت. وسنورد أمثلة إساءات النسخ في النسخ تتعلق بالأخطاء الإملائية والإعرابية ، وأخرى في تصحيف أسماء الأعلام والمواضع والأشعار فتجد مثلا :

فإن قضاؤه حق ـ فإن قضاءه حق.

أقسم بحياة أحد ـ أحد.

أمر طاهر بن الحسين الكتاب ـ الكتاب.

موسى بغا هزم مساور الشارى ـ مساور.

كانوا هاشمين مياسيرا ـ مياسير.

ثبوت أبواب الكتاب ـ أبواب.

توجه يوم ـ يوما.

٧٧

ونشير إلى بعض مواضع التصحيف الواقعة في أسماء الأعلام منها :

(مزبد) وهو من أصحاب النوادر نسخ الناسخ اسمه : ب (مزيد بد) مرة ، ونسخه بشكل (من يد) مرة أخرى.

(ابن الرومي) الشاعر ، نسخ اسمه (الدومي).

(أبو الأسود الدؤلي) كتب في المخطوط (أبو السود).

(أبو دلامة زند بن الجون) كتب (زيد).

(محمد بن الحنفية) كتب (محمد بن الحنيفية).

(عبيدة بن الحارث بن المطلب) كتبه الناسخ محرفا اسمه واسم جده ب (يزيد بن الحارث بن عبد المطلب).

(قال أبو جنيفة الشيطان الطلق) وأبو حنيفة هذا هو الإمام المعروف ولا يمكن أن يوصف باللفظين الواردين في نص المخطوط ، وإنما صوابه (لشيطان الطاق) وهو محمد بن علي بن النعمان البجلي ولاء ، نسب إلى سوق في طاق المحامل بالكوفة ، كان يجلس للصرف عليه.

(الوليد بن عتبة) والي المدينة أيام يزيد بن معاوية كتب (الوليد بن عقبة).

(عمرو بن العاص) كتب (الحسين بن العاص).

ومن أمثلة التصحيف ما يأتي :

(إنهم كالأنعام ..) صوابها (إن هم إلا كالأنعام). وهي الآية ٤٤ من سورة الفرقان.

(يعتلل الله) صوابه (تعتاله العلة) أي تصيبه العلة.

(إلى الوزارتين العلاق) صوابها إلى (ذي) الوزارتين إلى (ذي) العلا.

يبكون من قتلت سيوفهم

ظلما بكا منقطع القلب

كتب هذا البيت في المخطوط :

ظلما بكاء قوله .. الكلب

٧٨

ونكتفي بهذه الأمثلة وعشرات غيرها كثيرة تحفل بها هوامش الكتاب لنقول إننا بذلنا ما استطعنا بذله من جهد وعناية في ضبط النصوص وتحقيقها. وقد مضى على تحقيق القسم الأول ما يزيد عن العشر سنوات ظهرت خلالها دواوين بعض الشعراء وحققت كتب تراثية كثيرة أعانتنا على تصويب بعض النصوص. وقد عنّت لنا أيضا ملاحظات وإضافات أغنت الكتاب ، وأوجبت إعادة تحقيقه وطبعه لاستدراك ما فات تحقيقه في الطبعة الأولى.

(لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ).

صدق الله العظيم

٧٩

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي علّم بالقلم ، علّم الإنسان ما لم يعلم. والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله ، والحمد لله رب العالمين ، حمد الشاكرين على نعمه التي لا يبلغ أقاصي حمد الحامدين أوائل (١) حدودها ، ومنحه التي لا تؤدى بها باب شكر الشاكرين أداء (٢) حقوقها. وصلواته على أشرف الخلق جرثومة ، وأزكاهم أرومة ، وأبعد الأنبياء في الفضل غاية ، وأبهرهم معجزة وآية محمد خير مولود دعا إلى خير معبود. وعلى آله المنتجبين.

هذا كتاب طالما كانت تحضرني النيّة القوية في تصنيفه وترصيفه ، وتعدني الأيام معونة على تبويبه وترتيبه فتخلف ، وكنت آخذ في تأليفه يوما ، وأدعه أياما ، وأقبل عليه شهرا ، وأعرض عنه عاما إلى أن لاح لي استفتاح مدخله ، واستتمام علمه لأوحد الزمان ، وحسنة القرآن ، ومن فضّل الله تعالى ذكره بشرف الانتساب والاكتساب ، وجمع له محاسن ذوي الألباب ، وآتاه الحكمة وفصل الخطاب ، وأحيا به جميع العلوم والآداب ، وخصّه بالمعالي المشهورة ، وأفرده بالمآثر المأثورة ، الأمير الأجل صاحب الجيش أبي المظفر (٣) ، فسهل الطريق وساعد (على) (٤) التوفيق ، ويسّر ورد المنهل فوردته ، وأصاب الغرض فقصدته ، واستنبت بدولته إتمام ما حاولته. واستوى النظام على ما دبّرته ، وتهيأ الفراغ من هذا الكتاب الذي لو لا ما أتهمه من حسن رأيي فيه ، وأخافه من فتنة إعجابي به ، لقلت : إنه كتاب بديع المصنع ، شريف المودع ، جليل الموقع ، هنيّ المرتع ، مريّ المكرع (٥) لذيذ المترع ، أنيس المرأى والمسمع ، أنيق المبدأ والمقطع ، مفيد المغزى والمنتجع. وجعلته مجتمعا على كل ما استحسنته ،

__________________

(١) في الأصل : (اوابك) وهو تحريف في النسخ.

(٢) في الأصل : (اداى).

(٣) أبو المظفر هو نصر بن ناصر الدين صاحب الجيش ، وهو أخو أبي القاسم محمود سبكتكين الغزنوي كان حاكما على نيسابور سنة ٣٨٩ ه‍ ، ذكره الثعالبي في لطائف المعارف ٢٠٥ ، وانظر أيضا : معجم الأنساب والأسرات الحاكمة ص ٨.

(٤) زيادة ليست في الأصل.

(٥) في الأصل : (المركع) صوابه : المكرع كما أثبتناه والمكرع : المشرب ، من كرع في الماء يكرع كروعا ، إذا تناوله في موضعه من غير أن يشرب بكفيه ولا إناء. انظر : الصحاح (كرع).

٨٠