الإقتباس من القرآن الكريم - ج ٢

أبي منصور عبد الملك بن محمّد بن اسماعيل الثعالبي

الإقتباس من القرآن الكريم - ج ٢

المؤلف:

أبي منصور عبد الملك بن محمّد بن اسماعيل الثعالبي


المحقق: الدكتورة ابتسام مرهون الصفار
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٠٧
الجزء ١ الجزء ٢

١
٢

الباب الحادي عشر

في

ذكر النساء والأولاد ، والإخوان

٣
٤

الباب الحادي عشر

في ذكر النساء ، والأولاد ، والإخوان

فصل

في النكاح وذكر النساء

قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«من جاءكم ممّن ترضون دينه وأمانته خاطبا ، فزوّجوه كائنا من كان إلّا تفعلوا تكن [فتنة] (١) في الأرض ، وفساد كبير».

وقال بعض الحكماء :

لا يسكن الإنسان إلى شيء كسكونه إلى زوجته ، وذلك أنّ الله تعالى خلق حوّاء ليسكن إليها ، فالسكون إلى الأزواج ، والأنس بهن مما ورثه بنو آدم أباهم (٢).

قال الأصمعي (٣) :

كانت العرب تستحبّ (٤) من الخاطب الإطالة ، ومن المخطوب إليه الإيجاز (٥).

__________________

(١) زيادة ليست في الأصل ، والحديث رواه ابن ماجة ١ / ٦٣٢ وفيه : (إذا أتاكم من ...).

(٢) في الأصل : (أباه) تحريف ، وفي النص إشارة إلى قوله تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها) الروم : ٢١.

(٣) كذا قال الجاحظ في البيان والتبيين ١ / ٦٤ ، وزهر الآداب ٢ / ٣١ عن الأصمعي مختصرا.

(٤) في الأصل : (يستحب) تصحيف. نعتذر عن تكرار بعض التراجم التي وردت في الجزء الأول ، ولم ننتبه إليها.

(٥) في الأصل : (والإنجاز).

٥

وأتى محمد بن الوليد (١) عتبة عمر بن عبد العزيز يخطب إليه أخته ، فتكلم فأسهب ، فقال عمر : الحمد لله ذي الكبرياء ، وصلواته على محمد خير الأنبياء. أما بعد ، فإنّ الرغبة منك دعتك (٢) إلينا ، والرغبة فيك أجابتك عنا (٣) ، فقد أحسن بك ظنا من أودعك كريمته ، واختارك (٤) ولم يختر عليك ، وقد زوّجناك على ما في (٥) كتاب الله ، إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان (٦).

وحضر المأمون إملاكا ، وهو أمير ، فسئل أن يخطب فقال :

المحمود الله ، والمصطفى محمد رسول الله ، وخير ما يعمل به كتاب الله قال الله تعالى :

(وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ) (٧) وقد خطب إليكم فلان فتاتكم (٨) فلانة ، وبذل (٩) لها من الصداق كذا ، فشفعّوا شافعنا ، وأنكحوا خاطبنا ، خار الله لنا ولكم.

وحضر (١٠) ابن عباد إملاكا فخطب :

الحمد لله ناظم الأشتات ، ومسبّب الأرحام المتشابهات ، جامع القلوب بعد افتراقها ، ورادّها عن تباينها لاتفقاقها ، حمدا يلفى (١١) لديه ، ويقرب إليه ، وصلّى الله على الصادع بأوامره ، الدّال على زواجره ؛ محمد المختار ، وعلى آله الأبرار.

__________________

(١) الخبر في سيرة عمر لابن الجوزي وينتهي إلى قوله : (ولم يختر عليك).

(٢) في سيرة عمر : (دعيت إلينا ... أجابت منا).

(٣) في الأصل : (منا).

(٤) في الأصل : (واختابك).

(٥) في سيرة عمر : (زوجتكها).

(٦) إشارة إلى قوله تعالى : (فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) البقرة : ٢٢٩.

(٧) النور : ٣٢.

(٨) في الأصل : (فتياتكم).

(٩) في الأصل : (بدل).

(١٠) في الأصل : (وحصر).

(١١) في الأصل : (أحمد بن لف لديه) وهو تصحيف.

٦

أما بعد ، فإنّ أحقّ ما عمل به العاملون ، وانتهى إليه التالون كتاب الله الذي تعبّد عباده ، وأظهر فيه مراده ، فممّا حضّنا (١) عليه ، وأهاب بنا إليه ؛ طيب النكاح المغني عن السفاح. قال الله عزّ من قائل : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) (٢) وقد خطب إليكم فلان عقيلتكم فلانة ، وبذل لها من الصّداق كذا ، فاشفعوا الراغب ، وأنكحوا الخاطب ، خار الله لنا ، ولكم.

قال بعض السلف :

المرأة الصالحة إحدى (٣) الحسنيين.

فصل

في كيدهنّ

قال بعض السلف :

إنّ كيد النساء أعظم من كيد الشيطان ، لأن الله تعالى يقول : (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً) (٤) ويقول : (إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) (٥).

قال يحيى بن علي المنجم (٦) من قصيدة :

__________________

(١) في الأصل : (فما خصنا).

(٢) النور : ٣٢.

(٣) في الأصل : (أخدي) تصحيف.

(٤) النساء : ٧٦.

(٥) يوسف : ٢٨.

(٦) هو أبو أحمد يحيى المنجم أديب متكلم من المعتزلة ، نادم من خلفاء بني العباس الموفق بالله وغيره ، وله مؤلفات ، توفي سنة ٣٠٠ ه‍ راجع معجم الأدباء ٧ / ٢٨٧ ، تاريخ بغداد ١٤ / ٢٣٠.

٧

ربّ يوم عاشرته فتقضّى

بعد حمد عن آخر مذموم

يا لقوم لضعفه ولكيده

مثل كيد النساء (١) منه عظيم

في خبر المرأة التي كانت لا تتكلم إلّا بألفاظ القرآن

قال بعض الرواة (٢) :

خرجت حاجّا ، فإذا أنا بامرأة على بعير (٣) ، وهي تتلو : من يهده الله فلا مضل له (٤) ومن يضلل فلا هادي له فقلت لها : يا أمة الله ، أحسبك ضالة (٥)؟.

فقالت : (فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً) (٦).

فقلت لها : من أين أنت؟

فقالت : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) (٧).

فعلمت أنها مقدسية (٨) فقلت : لم لا تتكلمين (٩)؟.

__________________

(١) في الأصل : (الناس) وهو تحريف.

(٢) في الأصل : (الذواة) والخبر ورد عن الأصمعي في روضة العقلاء ص ٣٥ قال : بينما أنا أطوف بالبادية إذا أنا بأعرابية تمشي وحدها على بعير لها ، فقلت : يا أمة الجبار من تطلبين؟ فقالت : من يهد الله ... وفيه أنها لم تتكلم منذ أربعين سنة إلا من كتاب الله. وهناك فروق أخرى في الرواية. وراجع : ثمرات الأوراق ٢ / ٢١٢.

(٣) في الأصل : (بقير).

(٤) في الأصل : (من يهده .. فلا فضل .. ومن يضل) وما أثبتناه هو في روضة العقلاء وفيه تضمين لقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الذي أخرجه الإمام أحمد في مسنده ١٥ / ٣٠٢ وابن ماجة ١ / ٦٠٩.

(٥) في الأصل : (حسبك).

(٦) الأنبياء : ٧٩.

(٧) الإسراء : ١.

(٨) في الأصل : (مقدسة).

(٩) في الأصل : (يتكلمين).

٨

فقالت : (ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) (١).

فقلت لأصحابي : لأحسبنّها (٢) حرورية ، لا ترى (٣) كلامنا.

فقالت : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) (٤).

فعلمت أنها لا تتكلم إلّا بألفاظ القرآن من كتاب الله.

قال : فأخذت بزمام بعيرها أقودها (٥) تريد مكة ، فأشرفت (٦) على قافلة شامية (٧) تريد مكة فأشارت بيدها (٨) تريد : (وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) (٩).

فعلمت بأنها اهتدت لمن فقدت.

فقلت : فمن أنادي؟.

قالت : (يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى) (١٠). وقالت : (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ) (١١).

__________________

(١) ق : ١٨.

(٢) في الأصل : (لاحسنها).

(٣) في الأصل : (لا يرى).

(٤) الإسراء : ٣٦.

(٥) في الأصل : (بعيرها أتريدها).

(٦) في الأصل : (ما شرقت).

(٧) في الأصل : (على ... شامة).

(٨) في الأصل : (أيادي).

(٩) النحل : ١٦.

(١٠) مريم : ٧.

(١١) ص : ٢٦.

٩

فناديت : يا يحيى ، يا زكريا ، يا داود (١)! فجاء فتيان (٢) يتعادون (٣) ، فإذا هم بنوها ، فلما رأتهم قالت : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ) (٤).

وقالوا لي : جزاك الله عنّا وعنك خيرا ، فسألتهم عنها ، فقالوا : هذه أمنا ، لم تتكلم (٥) ثلاثين سنة إلّا بالقرآن. وأنزلوني وأكرموني.

فقالت : (فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ) (٦).

فمضى أحدهم وجاء بفاكهة وطعام طيب ، فأكلت ، وخرجت (٧) ساعة. ثم قلت : أوصني (٨).

فقالت : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (٩).

فعلمت أنها متشيعة ، فركبت ، وانصرفت.

__________________

(١) في الأصل : (يا داوود).

(٢) في الأصل : (قبيان).

(٣) يتعادون أي يتبارون.

(٤) فاطر : ٣٤.

(٥) في الأصل : (يتكلم).

(٦) في الأصل : (برورقكم) والآية من سورة الكهف : ١٩.

(٧) في الأصل : (واستخرجت).

(٨) في الأصل : (أوصى).

(٩) الشورى : ٢٣.

١٠

فصل

في نوادر النساء والجواري

قال الجاحظ (١) :

مرّت امرأة بمجلس من مجالس بني تميم ، فتأملها قوم منهم ، فقالت : تبّا لكم ، يا بني تميم ، لا قول الله سمعتم ، ولا قول الشاعر اتبعتم ؛ قال الله تعالى : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ) (٢). وقال الشاعر :

فغضّ الطرف إنّك من نمير

فلا كعبا بلغت ولا كلابا (٣)

اجتمع مجلس في المدينة فيه نساء من الأشراف ، فلما أخذن في الأحاديث ، قالت حفصة بنت مروان بن الحكم لتامورة بنت عمرو بن العاص (٤) : من الذي يقول :

ما زلت ألثمها وأرشف ريقها

حتى سكرت [و] (٥) ما شربت مداما

فقالت : خيب (٦) الله سعى الفاسق المخزومي ـ تعني عمر (٧) بن أبي ربيعة ـ ؛ حللت به ، فحللت (بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ) (٨) ، تعني أنها لم تجد عنده هبوبا (٩) على النساء.

__________________

(١) الخبر في البيان والتبيين ٤ / ٣٩ مع فروق في الرواية ، وعلق عليه الجاحظ بقوله : (وأخلق بهذا الحديث أن يكون مولدا ، ولقد أحسن من ولده) والخبر في العمدة ١ / ٢٦.

(٢) في الأصل : يعصو .. والآية من سورة النور : ٣٠.

(٣) في الأصل : (فلا كعب) والبيت لجرير في ديوانه ص : ٧٥.

(٤) لم نقف على ترجمة حفصة وتامورة فيما تيسر بين أيدينا من المصادر.

(٥) زيادة ليست في الأصل والبيت غير موجود في ديوانه.

(٦) في الأصل : (ما خيب).

(٧) في الأصل : (يعني عمرو).

(٨) إبراهيم : ٣٧ ، وفي الأصل : (بوادي).

(٩) في الأصل : (هيوابا).

١١

فقالت أم كلثوم بنت علي بن عبد الله بن العباس : الحمد لله الذي عصمه منك فاستعصم.

ثم سألتها قريبة بنت عبد الرحمن بن عوف (٢) قصتها مع عمر حتى قال فيها :

حبّذا رجعها إليها يديها

في يدي درعها تحلّ الإزارا (٣)

فقالت : أما أبعد الله الكذب؟! نمت (٤) ليلة معه في وحشة الوحدة ، فلما برق الصبح ظلّ ينشدني هذا الشعر ، وقد كنت خائبة خاسرة ، ناصبة ، أصلى نارا حامية (٥).

ثم قالت هند بنت معاوية لعائشة بنت طلحة (٦) :

يا بنت الحواري تشهدين الله وتصدقيني (٧) فيما بينك وبين عمر (٨) بن أبي ربيعة؟

فقالت : قد كان يتخالج (٩) قلبي منه شيء ، ولكنني أغالب نفسي ، وأخفض (١٠) من جائش الهوى وما كنت أسلم لو لا أنني رأيته من حيث لا يراني ، وهو ينشد :

فبيتت في تبياتاها سوادا (١١)

فأنهيت نفسي عنه

__________________

(٢) لم يذكر في أسماء ولد عبد الرحمن بن عوف وبناته إلا أم القاسم بنت عبد الرحمن بن عوف ، وهذه ولدت في الجاهلية ، وذكرت له جويرية بنت عبد الرحمن ، وأمها بارونة بنت غيلان بن سلمة الثقفي.

(٣) في الأصل : (رجعتها ... يديها يدي ذرعها كل الأزارا) والبيت في شرح ديوان عمر بن أبي ربيعة ص : ١٤١.

(٤) في الأصل : (تمت) تصحيف.

(٥) إشارة إلى قوله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ (٢) عامِلَةٌ ناصِبَةٌ (٣) تَصْلى ناراً حامِيَةً) الغاشية : ٢ ـ ٤.

(٦) عائشة بنت طلحة بن عبيد الله أديبة عالمة بأخبار العرب ، فصيحة ، أمها أم كلثوم بنت أبي بكر وخالتها عائشة أم المؤمنين ، لها أخبار مع شعراء عصرها وعمر بن أبي ربيعة (ت ١٠١ ه‍) راجع العقد الفريد ٦ / ١٠٩ ، الأعلام ٤ / ٥.

(٧) في الأصل : (تشريك الله ، فيما صدفتني).

(٨) في الأصل : (عمرو).

(٩) في الأصل : (يتحالج) تصحيف.

(١٠) في الأصل : (واحفظي من حاشى) تحريف.

(١١) كذا في الأصل ، ولم نقف عليه في الديوان المطبوع.

١٢

فقالت كلثوم بنت يزيد (١) : هذا (يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ) (٢) ، ويوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم (٣) ، فاصدقيني ودعي (٤) عنك بنيّات الطرق (٥).

ولما زفت بوران بنت الحسن بن سهل إلى المأمون حاضت (٦) من هيبة الخلافة ، فلما (٧) خلا بها ، ومدّ يده إليها ، قالت : يا أمير المؤمنين (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) (٨).

فوقف على حالها وازداد عجبا بها (٩).

قال الأمير يوما لبعض خدمه :

ايتني بأحسن جارية لي ، فدخل المقاصير ينتقي (١٠) الجواري (١١) ، فاستحسن واحدة.

فقال لها : أجيبي (١٢) ابن الخليفة ، ففعلت ، ثم استقبلته (١٣) أخرى أحسن من الأولى ، فأخذها معها ، ثم نظر إلى أخرى أحسن منها فضمها إليهما ، وجاء بهن إلى الأمير ، وعرّفه القصة. فقال لهن : أيتكن جاءت بآية من كتاب الله توافق (١٤) الحال التي جرت ؛ فهي صاحبتي التي تضاجعني.

__________________

(١) لم نجد لها ترجمة في المصادر المتيسرة بين أيدينا.

(٢) الطارق : ٩.

(٣) إشارة إلى قوله تعالى : (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) النور : ٢٤.

(٤) في الأصل : (ودعا).

(٥) بنيات الطرق : هي الطرق الصغار تتشعب من الجادة ، ويراد بها الترّهات.

(٦) في الأصل : (خاضت).

(٧) في الأصل : (فلا خلا).

(٨) النحل : ١.

(٩) الخبر بمضمونه برواية أخرى في وفيات الأعيان ١ / ٢٨٩.

(١٠) في الأصل : يتنقى).

(١١) في الأصل : (الحواري).

(١٢) في الأصل : (أحيين الخليفة).

(١٣) في الأصل : (استقبله).

(١٤) في الأصل : (يوافق).

١٣

فقالت الأولى : يا أمير المؤمنين ؛ (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) (١).

وقالت الثانية : (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) (٢).

وقالت الثالثة : (وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى) (٣).

فخلا بها ، ونحّى الثنتين ، وقال لهما : أنتما على موعد لا يخلف (٤).

قال : اعترض [رجل] (٥) جاريتين إحداهما (٦) بكر فمال إليها ، وكانت نفسه إلى الثيب أتوق لجمالها. فقالت له :

يا سيدي لم لا تشتريني (٧)؟

فقال لها : والله إني حريص عليك ، ولكن البكر أعجب إليّ.

فقالت : وما بيني وبينها إلّا يوم واحد.

فقالت البكر : يا فاعلة ؛ (وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) (٨).

__________________

(١) الواقعة : ١٠ ، ١١.

(٢) البقرة : ٢٣٨.

(٣) في الأصل : (والآخرة) والآية من سورة الضحى : ٤.

(٤) إشارة إلى قوله تعالى : (وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ) طه : ٩٧.

(٥) زيادة يقتضيها السياق ، ولعلها رجل أو أمير.

(٦) في الأصل : (أحدهما).

(٧) في الأصل : (تشترني).

(٨) الحج : ٤٧.

١٤

فصل

في الأولاد

قال أبو العيناء (١) :

قال لي أبي (٢) : إنّ الله رضيني لك ، ولم (٣) يرضك لي ؛ فأوصاك بي. فقلت له : لقد والله اتهمك على قتلي ؛ فقال : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ) (٤).

كان عمر بن عبد العزيز إذا نظر إلى ابنه عبد الملك قال (٥) : صدق الله (إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) (٦).

وقال بعضهم في ذم الأولاد (٧) : ملوك صغارا ، وأعداء كبارا.

قال ابن عباس في قوله (يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ (٤٩) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ [عَقِيماً]) (٨).

قال : زوّجت إبلي أي قرنت (٩) بعضها ببعض.

__________________

(١) أبو العيناء : ترجمته في الاقتباس ١ / ١٤٩.

(٢) النص في نثر الدر ٣ / ٢١٤ وفيه : (يا بني إن الله قرن طاعته بطاعتي ، فقال : (اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ) فقلت : يا أبتي إن الله ائتمنني عليك ، ولم يأتمنك عليّ ، فقال : ... الآية.

(٣) في الأصل : (فلم).

(٤) الإسراء : ٣١.

(٥) لم نعثر على الخبر في سيرة عمر بن عبد العزيز لابن عبد الحكم ، ولابن الجوزي. وقد ورد في الأخير ص : ٣٠٦ أنه قال في ابنه لما هلك : لقد كنت في الدنيا كما قال الله تعالى : (الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا).

(٦) التغابن : ١٥.

(٧) النص لبعض الحكماء في تحسين القبيح ص : ١٠٧.

(٨) ما بين القوسين زيادة ليست في الأصل ، والآية من سورة الشورى : ٤٨ ، ٤٩.

(٩) في الأصل : (قربت) جاء في أساس البلاغة : (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ) وقرناءهم ، وزوجت إبلي أي قرنت بعضها ببعض.

١٥

قال : نزلت في الأنبياء ثم عمّت ، (يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً) (١) يعني لوطا لم يولد (٢) له ولد.

(وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ) يعني إبراهيم عليه‌السلام ، لم يولد له بنت.

(أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً) يعني محمدا (٣) صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً) يعني عيسى ويحيى عليهما‌السلام (٤).

فصل

في الإخوان

كان (٥) علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول : عليكم باعتقاد (٦) الإخوان فإنهم من عدد الدنيا والآخرة ، ألا تسمعون (٧) قوله تعالى حكاية عن أهل النار : (فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ (١٠٠) وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ) (٨) وقال : (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ) (٩).

__________________

(١) في الأصل : (بولد).

(٢) في الأصل : (إبني).

(٣) في الأصل : (محمد).

(٤) قول ابن عباس في تفسيره المسمّى تنوير المقباس ص : ٤١٠ وفيه : عن لوط لم يكن له ولد ذكر ، وإبراهيم لم يكن له أنثى ، وذكر يحيى بن زكريا وحده في الصنف الأخير والتفسير غير منسوب لابن عباس في تفسير البغوي والخازن ٦ / ١٢٨.

(٥) في الأصل : (إن كان).

(٦) في قولهم : أعتقد بينهما الإخاء إذا صدق وثبت.

(٧) في الأصل : (يسمعون).

(٨) الشعراء : ١٠٠ ، ١٠١.

(٩) الزخرف : ٦٧.

١٦

الباب الثاني عشر

في

ذكر الطعام والشراب

١٧
١٨

الباب الثاني عشر

في ذكر الطعام والشراب

قال الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (١).

وقال عزّ ذكره : (لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ) (٢).

وحضر أبو العيناء مائدة ، فقدمت فالوذجة غير صادقة الحلواء.

فقال : هذه عملت قبل ان أوحى ربك إلى النحل (٣) ، إذ (٤) ليس فيها عسل.

وكان شعبة (٥) يقول :

لو علم الله للنفساء طعاما خيرا من التمرة ، لأطعمه مريم عليها‌السلام (٦).

وقال أبو شراعة (٧) في التين :

يا تين يا سيّد الفواكه يا

أطيب (٨) ما يجتنى من الشجر

قدّمك الله في الكتاب على

الزيتون في آية من السور (٩)

__________________

(١) البقرة : ١٧٢.

(٢) المائدة : ٨٧.

(٣) إشارة إلى قوله تعالى : (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً) النحل : ٦٧.

(٤) في الأصل : (إن) تحريف.

(٥) شعبة بن الحجاج : من أئمة الحديث عالم بالأدب والشعر ، ولد ونشأ بواسط وتوفي بالبصرة سنة ١٦٠ ه‍ راجع الحلية ٧ / ١٤٤.

(٦) إشارة إلى قوله تعالى : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا) مريم : ٢٥. وفي تفسير الطبري ١٦ / ٧٢ عن عمرو بن ميمون أنه قال : ما من شيء خير للنفساء من التمر والرطب.

(٧) هو أحمد بن محمد بن شراعة شاعر بصري من شعراء الدولة العباسية عاش إلى أيام المتوكل ومدح المهدي ، جيد الشعر ، له رسائل وخطب جيدة ، راجع أخباره في الأغاني ٢١ / ٣٥ فما بعدها ، وطبقات الشعراء : ٣٧٥.

(٨) في الأصل : (ما أطيب).

(٩) إشارة إلى قوله تعالى : (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١) وَطُورِ سِينِينَ) التين : ١ ، ٢.

١٩

كانت عائشة رضي الله عنها تأكل العنب ، فجاءت سائلة تسأل ، فأعطتها حبّة واحدة من العنب ، فضحك من حولها ، فقالت :

إنّ فيها ذرّا كثيرا [تريد] (١) قوله تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) (٢).

وقال بعض الحكماء :

إنّ العاقل يريد الأكل للعيش ، والجاهل يريد الحياة للأكل وقال مجاهد في قوله تعالى : (لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ) (٣) قال :

الرجل يجتاز بالرجل فلا يقربه ، ولا يطعمه.

قتادة : في قوله : (فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً) (٤) قال :

الأزكى قوله : (لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا) (٥) قال : السمك.

أبو قلابة (٦) في قوله : (لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) (٧) قال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (ناس من أمتي يعقدون النقّى (٨) في الطعام بالسمن والعسل).

وكان ابن أحمد النديم يقول :

__________________

(١) زيادة ليست في الأصل.

(٢) الزلزلة : ٧.

(٣) النساء : ١٤٨.

(٤) الكهف : ١٩.

(٥) النحل : ١٤.

(٦) أبو قلابة هو عبد الله بن زيد بن عمرو الحرمي ، عالم بالقضاء والأحكام هرب من البصرة إلى الشام حين أرادوه للقضاء ، وكان من رجال الحديث الثقاة. راجع الحلية ٢ / ٢٨٢ ، تهذيب تاريخ دمشق ٧ / ٤٢٦.

(٧) التكاثر : ٨. ذكر الطبري في جامع البيان ٣٠ / ٢٨٣ اختلاف المفسرين في تفسير النعيم في هذه الآية ، ولم يذكر رأي قتادة بل أورد روايات بأسانيد مختلفة عنه.

(٨) النقى والنقو : كل عظم فيه مخ ، والجمع أنقاء.

٢٠