رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٧

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٧

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-109-5
الصفحات: ٤٨٤

فيجبر بعمل الأكثر ، مع أخصيته من المدّعى ، واشتماله على وجوب الكفارة على الجاهل مع اتفاق الأصحاب والأخبار على أنه لا كفارة عليه إلاّ في الصيد خاصة كما يأتي ، ومضى الإشارة إليه مراراً.

ولا فرق بين استعماله اختياراً واضطراراً كما عن الأوّلين ، خلافاً للمحكي عن ابن سعيد فإنما أوجب الدم باستعماله اختياراً (١).

( وكذا قيل في قلع الضرس ) يجب فيه شاة ، والقائل الشيخ في النهاية والمبسوط والقاضي في المهذّب والحلبي والجامع كما حكي (٢) ، لكن الأخير خصّه بالاختيار ؛ للمرسل : محرم قلع ضرسه ، فكتب عليه‌السلام: « يهريق دماً » (٣).

خلافاً لأكثر المتأخرين فردّوه (٤) ؛ لضعف السند ، والدلالة باحتمال أن يكون قد أدمى كما هو الغالب ، ويكون الدم لأجله.

قيل : وقد قيل في الإدماء شاة ، وفي الكافي فيه طعام مسكين ، وفي الغنية مدّ من طعام ، والمعنى واحد (٥).

أقول : وهو الوجه وإن كان الوجوب أحوط ، سيّما مع دعوى بعضهم اشتهاره بين الأصحاب (٦).

__________________

(١) الجامع للشرائع : ١٩٤.

(٢) حكاه عنهم في كشف اللثام ١ : ٤١٠ ، وهو في النهاية : ٢٣٥ ، والمبسوط ١ : ٣٥٠ ، والمهذَّب ١ : ٢٢٣ ، الحلبي في الكافي : ٢٠٤ ، الجامع : ١٩٤.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٨٥ / ١٣٤٤ ، الوسائل ١٣ : ١٧٥ أبواب بقية كفارات الإحرام ب ١٩ ح ١.

(٤) منهم : صاحب المدارك ٨ : ٤٤٩ ، والسبزواري في الذخيرة : ٦٢٣ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٤١١ ، وصاحب الحدائق ١٥ : ٥٢٧.

(٥) كشف اللثام ١ : ٤١١.

(٦) المسالك ١ : ١٤٦.

٤٦١

وهنا‌ ( مسائل ثلاث : )

( الاولى : في قلع شجرة الحرم الإثم ) في جميع أقسامه ( عدا ما استثني ) ممّا مرّ ذكره في بحث تروك الإحرام على كل من حكمي المستثنى منه والمستثنى.

والحكم الأول مطلق ( سواء كان أصلها في الحرم أو فرعها ) كما صرّح به جماعة (١) ، من غير خلاف بينهم أجده ؛ للصحيح : عن شجرة أصلها في الحرم وفرعها في الحلّ ، قال : « حرم فرعها لمكان أصلها » قال ، قلت : فإن أصلها في الحل وفرعها في الحرم ، قال : « يحرم أصلها لمكان فرعها » (٢).

وظاهر المتن هنا وفي الشرائع (٣) أنه لا كفارة فيه أصلاً ، كما عن ظاهر الحلّي (٤) ، أو تردّده فيها. وهو ضعيف جدّاً ؛ لما ستقف عليه إن شاء الله ، مع أن المشهور الذي كاد أن يكون إجماعاً ثبوتها في الجملة وإن اختلفوا في بيانها :

فالإسكافي على أنها قيمتها وثمنها مطلقاً ، واختاره الفاضل في المختلف (٥) ؛ للموثق ، وروى في الفقيه بسند حسن ، بل صحيح : عن‌

__________________

(١) منهم : ابن سعيد في الجامع : ١٩٥ ، والعلامة في التذكرة ١ : ٣٤١ ، والشهيد الأول في الدروس ١ : ٣٨٩ ، والشهيد الثاني في المسالك ١ : ١٤٦.

(٢) الكافي ٤ : ٢٣١ / ٤ ، الفقيه ٢ : ١٦٥ / ٧١٧ ، التهذيب ٥ : ٣٧٩ / ١٣٢١ ، الوسائل ١٢ : ٥٥٩ أبواب تروك الإحرام ب ٩٠ ح ١.

(٣) الشرائع ١ : ٢٩٧.

(٤) السرائر ١ : ٥٥٤.

(٥) انظر المختلف : ٢٨٦ ، وقد حكاه فيه عن الإسكافي.

٤٦٢

الرجل يقطع من الأراك الذي بمكة ، قال : « عليه ثمنه يتصدّق به » (١).

وقريب منه الصحيح المروي في الفقيه : عن الأراك يكون في الحرم فأقطعه ، قال : « عليك فداؤه » (٢).

وفيه : أن الفداء أعم من الثمن ، فلا ينافي القول بوجوب البقرة مطلقاً ، أو مع الشاة على التفصيل الآتي.

ومع ذلك فمورده كالسابق إنما هو القطع من الأراك الظاهر في قطع بعض أغصانه ، لا قلع أصله الذي هو المتنازع فيه ، ولا تلازم بينهما ، لمصير الأكثر كما سيظهر إلى الفرق بينهما بإثبات الثمن في الأول كما في الخبرين ، والبقرة أو الشاة في الثاني ، فهذا القول كسابقه ضعيف.

( وقيل : فيها ) أي في قلعها ( بقرة ) والقائل : القاضي (٣) ، وأطلق ، فلم يفصّل بين الصغيرة والكبيرة ؛ للمرسل : « إذا كان في دار الرجل شجرة من شجر الحرم لم تنزع ، فإن أراد نزعها نزعها وكفّر بذبح بقرة يتصدق بلحمها على المساكين » (٤).

وردّ بضعف السند ومتروكية الظاهر (٥).

وفيه نظر ؛ لأنه الإرسال إنما هو بقول الراوي الثقة : « روى أصحابنا » ‌

__________________

(١) الفقيه ٢ : ١٦٦ / ٧٢٠ ، التهذيب ٥ : ٣٨١ / ١٣٣١ ، الوسائل ١٣ : ١٧٤ أبواب بقية كفارات الإحرام ب ١٨ ح ٢.

(٢) الفقيه ٢ : ١٦٦ / ٧٢٣ ، الوسائل ١٣ : ١٧٤ أبواب بقية كفارات الإحرام ب ١٨ ح ١.

(٣) المهذب ١ : ٢٢٣.

(٤) التهذيب ٥ : ٣٨١ / ١٣٣١ ، الوسائل ١٣ : ١٧٤ أبواب بقية كفارات الإحرام ب ١٨ ح ٣.

(٥) كما في المدارك ٨ : ٤٤٧.

٤٦٣

بصيغة الجمع المضاف المفيد للعموم ، ومثله يلحق بالصحيح على الصحيح ، مع أنه منجبر بشهرة العمل به في الجملة ، مع نقل الإجماع عليه كما ستعرفه.

ومتروكية الظاهر : الظاهر أنه إنما هو من حيث دلالته على المنع عن قلع الرجل الشجر في داره مع أنه كما سبق من جملة ما استثني ، وقد مرّ الكلام فيه ، وأن القدر الثابت منه إنما هو استثناء ما غرسه الإنسان وأنبته ، سواء كان في ملكه أو غيره ، أو ما نبت في ملكه بعد ملكيته ، والخبر هنا ليس نصاً فيهما ، فيحتمل التقييد بغيرهما ، والعامّ المخصَّص والمطلق المقيَّد حجة في الباقي.

فهذا القول متوجه لولا الإجماع المنقول على التفصيل الآتي ، المؤيد بغيره.

( وقيل : في الصغيرة ) منها ( شاة ، وفي الكبيرة بقرة ) وفي الأغصان القيمة.

والقائل : الشيخ وجماعة كما في المدارك وغيره (١) ، بل في شرح القواعد للمحقّق الثاني والمسالك والروضة إن عليه الشهرة (٢) ، وفي الخلاف الإجماع عليه (٣).

ولا يخلو عن قوة ، للإجماع المنقول ، المعتضد بالشهرة المتأخرة الظاهرة ، والمطلقة المحكية في عبائر هؤلاء الأجلّة.

المؤيد زيادةً على ذلك بما روي عن ابن عباس أنه قال : « في الدوحة‌

__________________

(١) المدارك ٨ : ٤٤٧ ؛ والذخيرة : ٦٢٤.

(٢) جامع المقاصد ٣ : ٣٥٩ ، المسالك ١ : ١٤٦ ، الروضة ٢ : ٣٦٢.

(٣) الخلاف ٢ : ٤٠٨.

٤٦٤

بقرة وفي الجزلة شاة » (١).

مضافاً إلى الرواية السابقة بالبقرة وإن أطلقها ، لكنها مقيدة بالكبيرة ، جمعاً بين الأدلة.

وأما الأغصان فقد مرّ من الأخبار المعتبرة ما يدل على أن فيها القيمة ، فلا إشكال في المسألة بحمد الله سبحانه.

والمرجع في الصغيرة والكبيرة إلى العرف والعادة.

وفي المتوسطة والمشكوك في صغرها وكبرها شاة ؛ لأصالة البراءة. ويحتمل الإلحاق بالكبيرة احتياطاً من باب المقدمة ، فتأمل (٢).

( الثانية : لو تكرر الوطء ) الموجب للكفارة ( تكررت ) مطلقاً ( الكفارة ) على الأظهر الأشهر بين الطائفة على الظاهر ، المصرَّح به في عبائر جماعة (٣) ؛ بل عليه الإجماع في صريح الانتصار والغنية (٤) ، وفيهما التصريح بعدم الفرق بين وقوعه في مجلس واحد أو مجالس متعددة ، كفّر عن الأول أم لا ؛ وهو الحجة ، المؤيدة بعموم النصوص الموجبة للكفارة.

مضافاً إلى الشهرة العظيمة القريبة من الإجماع ؛ لعدم ظهور مخالف عدا الشيخ في الخلاف وابن حمزة (٥) ، فقيّده الأول بما إذا تكرر بعد تخلل‌

__________________

(١) المغني والشرح الكبير ٣ : ٣٦٧.

(٢) وجهه : أن الاحتياط المزبور يقتضي إيجاب الشاة والبقرة معاً ، لا البقرة خاصة ، فتدبّر. ( منه رحمه‌الله ).

(٣) منهم : صاحب المدارك ٨ : ٤٥١ ، والسبزواري في الذخيرة : ٦٢٤ ، وصاحب الحدائق ١٥ : ٥٤٨.

(٤) الانتصار : ١٠١ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٦.

(٥) الخلاف ٢ : ٣٦٥ ، ابن حمزة في الوسيلة : ٦٨٨.

٤٦٥

التكفير دون غيره ، والثاني بما إذا كان غير مفسد للحج وتكرّر بدفعات ، دون المفسد والمتكرر دفعة ، وقوّاه الفاضل في المختلف (١) ؛ وحجتهما غير واضحة ، عدا ما في الخلاف لقوله من أن الأصل براءة الذمة.

قيل : يعني أن النصوص إنما أفادت على المجامع بدنة ، وهو أعم من المجامع مرة ومرات ، وأُيّد بأنها أفادت أن الجماع قبل الوقوف يوجب بدنة ، والإتمام ، والحج من قابل ، وبيّن أن الأمور الثلاثة إنما تترتب على الجماع الأول ، فالقول بترتب البدنة خاصة على كل جماع دون الباقيين تحكّم. وفيه : أن القائل بتكرر البدنة لا ينفي ترتب الباقيين ، لكنه يقول لا يتصور فيهما التكرار ، وإلاّ فهما أيضاً مترتبان على كل جماع كالبدنة ، نعم يحتمل البدنة أن تكون مثلهما في أن تكون واحدة تترتب على الجماع مرة ومرات (٢). انتهى.

والأجود الجواب عنه أوّلاً : بالإجماع المنقول الذي هو في حكم النص الصحيح ، المؤيد بما عرفته ، مع أنه في الخلاف قبل تلك الفتوى أفتى بالتكرار مطلقاً ، كما عليه من عداه.

وثانياً : بأن ما ذكره على تقدير تماميته ينفي التكرر مطلقاً ، كفّر عن الأول أم لا ، فالتفصيل بينهما غير متوجه على كلّ تقدير.

واعلم أنه يتحقق التكرر بتكرر الإيلاج والنزع مطلقاً ، كما في عبائر جمع (٣) ، واستند بعضهم إلى العرف. وفي إطلاق الصدق العرفي بذلك نظر ؛ فإنّ من كرّر الأمرين بامرأة واحدة في حالة واحدة لا يصدق عليه في‌

__________________

(١) المختلف : ٢٧٨.

(٢) كشف اللثام ١ : ٤١١.

(٣) منهم : الشهيد الثاني في المسالك ١ : ١٤٦.

٤٦٦

العرف أنه جامعها مراراً كثيرة ، بل يقال إنه جامعها مرّة ، نعم لو تعدد الموطوءة أو الحالات أمكن فيه ذلك.

ولعلّ هذا هو الوجه في نفي ابن حمزة الكفارة عن المتكرر دفعةً ، وأما نفيه لها عن المفسد للحج فلما مرّ من التأييد في توجيه الخلاف ، ومرجعه إلى منع عموم ما يدلّ على وجوب الكفارة لمثله ، لاختصاص النص المثبت لها فيه بما يترتب عليه الأُمور الثلاثة حقيقةً ، وهي لا تترتب إلاّ على الأول منه ، فالثاني مثلاً غير داخل فيه.

فهذا القول في غاية المتانة ، لولا الإجماعات المنقولة ، المعتضدة بالشهرة العظيمة ، إلاّ أن شمولها لمثل تكرر الإيلاج والنزع دفعةً بالموطوءة الواحدة في حالة واحدة محل مناقشة ؛ لما مرّ من المنع عن صدق التكرر العرفي الذي يجب صرف الإطلاقات فتوًى ونصاً إليه عليه ، بل الإطلاقات الموجبة للبدنة وما بعدها مرةً الغالب فيها الذي ينصرف إليه بحكم العادة والغلبة تكرر الأمرين فيه مراراً عديدة وإن أمكن فرض وقوعهما مرة ، ومع ذلك حكم فيها بوجوب البدنة مثلاً مرةً ، فالوجه عدم تكرر الكفارة في هذه الصورة ، لا لمنع الحكم ، بل لمنع تكرر الموضوع والسبب عرفاً ، فليس فيه مخالفة للإجماعات المزبورة بوجه.

( ولو تكرّر اللبس فإن اتّحد المجلس لم يتكرر ) عند المصنف مطلقاً ، سواء اتّحد الوقت أيضاً أو تعدّد كما مرّ. وفيه نظر ، بل الوجه ما مرّ من التكرر بتكرر اللبس ، سواء اتّحد المجلس أو تعدّد ، اختلف الملبوس صنفاً أو اتّحد ، كفّر عن الأول أم لا ، ووجهه مع إشباع الكلام في المسألة قد مرّ.

( وكذا لو تكرر التطيب ).

٤٦٧

( ويتكرر ) الكفارة فيهما ( مع اختلاف المجلس ) ولا مع وحدته عند المصنف.

ويتبدل المجلس بالوقت عند غيره ، وهو الوجه كما مرّ ، وعن الخلاف نفي الخلاف عنه ، حيث ذكر تكرر الكفارة بتكرر اللبس والطيب إذا فعل ثم صبر ساعة ، وهكذا ، كفّر عن الأول أم لا ، واستدل بأنه لا خلاف أنه يلزمه بكل لبسة كفارة ، فمن ادّعى تداخلها فعليه الدلالة (١).

واعلم أن الماتن لم يذكر الأسباب الأُخر هل بتكرر الكفارة فيها بتكررها أم لا ، وهو مما ينبغي تحقيقه في المقام :

ومجمل الكلام فيه بنحو يوافق الأصل والدليل ما أشار إليه بعض الأعلام فقال : ولو تعدّدت الأسباب مختلفة كالصيد والوطء والطيب واللبس تعددت الكفارة اتفاقاً ، اتحد الوقت أو اختلف ، كفّر عن السابق أولا ؛ لوجود المقتضي وانتفاء المسقط.

ولو تكرّر سبب واحد فإن كان إتلافاً مضمّناً للمثل أو القيمة تعددت بحسبه اتفاقاً ؛ لأن المثل إنما يتحقق بذلك ، وإلاّ فإن لم يفصّل العرف أو الشرع فيه بين مجلس واحد ومجلسين ، أو وقت وقتين ، مثل الوطء فإنه يتعدد بتعدد الإيلاج حقيقةً وعرفاً وشرعاً تعددت الكفارة أيضاً بتعدده ولو في مجلس واحد ، وكذا اللبس إذا ليس ثياباً ، واحداً بعد واحد ، أو ثوباً واحداً لبساً بعد نزع ، وكذا التطيب إذا فعله مرة بعد اخرى ، والتقبيل إذا نزع فاه ثم أعاد فقبّل ، أما إذا كثر منه فلم ينزع فاه فيمكن أن يكون واحداً ، وكذا ستر الرأس والتظليل.

__________________

(١) الخلاف ٢ : ٢٩٩.

٤٦٨

ولو تكرّر ما يفصّل فيه العرف أو الشرع بين مجلس ومجلسين ، أو وقت ووقتين ، مثل الحلق الذي يفصّل فيه العرف ، والقلم الذي يفصّل فيه الشرع ، تعددت الكفارة إن تغاير الوقت ، كأن حلق بعض رأسه غدرةً وبعضه عشيةً ، وإلاّ فلا ؛ لعدّه في العرف حلقاً واحداً ، كما أنّ لبس ثياب دفعةً لبس واحد ، لكن في الصحيح : عن المحرم إذا احتاج إلى ضروب من الثياب ، فقال : « عليه لكل صنف منها فداء » (١) وهم يعمّ لبسها دفعةً ودفعات ، وقد يمنع كون لبسها دفعةً لبساً واحداً ، وعرفت الفرق بين القلم في مجلس ومجلسين (٢).

انتهى المقصود من كلامه وهو في غاية الجودة ، إلاّ أن في بعض كلماته مناقشة ، مثل دعواه صدق تكرر الجماع بتكرر الإيلاج مطلقاً عرفاً ، فإنّ فيه ما مضى ، ومنع كون لبس الثياب دفعةً لبساً واحداً ، فإنه ليس في محلّه ، والأجود في الجواب عن الصحيح حمله على لبسها دفعات ، كما هو الغالب فيه ، وقد قدّمناه.

( الثالثة : إذا أكل المحرم أو لبس ما يحرم عليه ) لبسه ممّا لا تقدير فيه بالخصوص عامداً عالماً ( لزمه دم شاة ) بلا خلاف أجده ؛ للصحيح المتقدم غير مرة : « من نتف إبطه ، أو قلم ظفره ، أو حلق رأسه ، أو لبس ثوباً لا ينبغي له لبسه ، أو أكل طعاماً لا ينبغي له أكله وهو محرم ففعل ذلك ناسياً أو جاهلاً فليس عليه شي‌ء ، ومن فعل متعمداً فعليه دم شاة » (٣).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٤٨ / ٢ ، الفقيه ٢ : ٢١٩ / ١٠٠٥ ، التهذيب ٥ : ٣٨٤ / ١٣٤٠ ، الوسائل ١٣ : ١٥٩ أبواب بقية كفارات الإحرام ب ٩ ح ١.

(٢) انظر كشف اللثام ١ : ٤١١.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٦٩ / ١٢٨٧ ، الوسائل ١٣ : ١٥٧ أبواب بقية كفارات الإحرام ب ٨ ح ١.

٤٦٩

( و ) يستفاد منه أنه ( يسقط الكفارة عن الناسي والجاهل ) ولا خلاف فيه أيضاً مطلقاً حتى في غير ما تضمنه الصحيح من جملة ما يحرم على المحرم ( إلاّ الصيد ) والنصوص به مع ذلك مستفيضة جدّاً ، عموماً وخصوصاً ، فقد ورد : « أيّ رجل ركب أمراً بجهالة فلا شي‌ء عليه » (١).

وفي الصحيح : « ليس عليك فداء ما أتيته بجهالة إلاّ الصيد ، فإنّ عليك الفداء بجهل كان أو بعمد » (٢).

وفي آخر : « اعلم أنه ليس عليك فداء شي‌ء أتيت وأنت محرم جاهلاً به إذا كنت محرماً [ في حجك ] أو عمرتك ، إلاّ الصيد ، فإن عليك الفداء بجهالة كان أو عمد » (٣).

وما ورد بمعناها في جملة من محرّمات الإحرام بالخصوص حيث اشترطت في إيجابها العمد والعلم كثير (٤).

ويستفاد من الصحيحين وما في معناهما عدم سقوطها عن الناسي والجاهل في الصيد ، كما دلّ عليه الاستثناء في المتن أيضاً.

ونحوه كلمة الأصحاب جملةً ، حتى حكي الإجماع عليه عن الخلاف‌

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٧٢ / ٢٣٩ ، الوسائل ١٢ : ٤٨٨ أبواب تروك الإحرام ب ٤٥ ح ٣.

(٢) الكافي ٤ : ٣٨١ / ٣ ، التهذيب ٥ : ٣١٥ / ١٠٨٥ ، الوسائل ١٣ : ٦٨ أبواب كفارات الصيد ب ٣١ ح ١.

(٣) الكافي ٤ : ٣٨٢ / ١٠ ، الوسائل ١٣ : ٧٠ أبواب كفارات الصيد ب ٣١ ح ٤ وما بين المعقوفين أضفناه من الوسائل.

(٤) انظر الوسائل ١٣ : أبواب بقية كفارات الإحرام ب ٤ ح ١ ، وب ٦ ، ب ٨ ، وب ١١ ح ١ ، وب ١٤.

٤٧٠

والغنية والتذكرة والمنتهى (١) ، ولا مخالف فيه صريحاً ، بل ولا ظاهراً ، إلاّ ما يحكى عن العماني أنه حكى السقوط عن الناسي هنا أيضاً قولاً (٢) ، وهو ضعيف جدّاً ، ولا مستند له عدا حديث رفع القلم (٣) ، وهو على تقدير وضوح دلالته على رفع الكفارة مع أن الظاهر المتبادر منه خصوص رفع الإثم والمؤاخذة مخصوص أو مقيد بما عرفته من الأدلة.

وذكر جماعة عدم سقوطها في الصيد عن المجنون والصبي أيضاً (٤).

قيل : والظاهر أن الكفارة على المجنون في ماله يخرجه بنفسه إن أفاق ، وإلاّ فالوليّ ، وأما لو كان مجنوناً أحرم به الوليّ وهو مجنون فالكفارة على الوليّ كما في الغنية ، كالصبي ، ولم يذكر بعضهم الصبي ، لأن كفارته على الوليّ كما سلف (٥).

والحمد لله تعالى أوّلاً وآخراً وظاهراً وباطناً ، والصلاة على سيّد الأنبياء وعترته الأئمة النجباء عليهم‌السلام.

__________________

(١) حكاه عنهم في كشف اللثام ١ : ٤١١ ، وهو في الخلاف ٢ : ٣٩٦ ، والغنية ( الجوامع الفقهية ) ٥٧٥ ، والتذكرة ١ : ٣٥١ ، والمنتهى ٢ : ٨١٩.

(٢) حكاه عنه في كشف اللثام ١ : ٤١١.

(٣) الخصال : ٩٣ / ٤٠ ، الوسائل ١ : ٤٥ أبواب مقدمة العبارات ب ٤ ح ١١.

(٤) منهم : الشيخ في الخلاف ٢ : ٣٦٠ ، ٤٤٨ ، والعلاّمة في القواعد ١ : ١٠٠ ، والشهيد الثاني في الروضة ٢ : ٣٦٦.

(٥) كشف اللثام ١ : ٤١١.

٤٧١
٤٧٢

فهس الجزء السابع

الطواف

اشتراط الطهارة من الحدث..................................................... ٥

اشتراط إزلة النجاسة من الثوب والبدن.......................................... ٦

اشتراط الختان في الرجل....................................................... ٨

استحباب مضغ الاذخر قبل دخول مكة......................................... ٩

استحباب دخول مكة من أعلاها.............................................. ١٠

استحباب دخول مكة حافياً على سكينة ووقار.................................. ١٢

استحباب الاغتسال من بئر ميمون أو فخ....................................... ١٢

استحباب الدخول من باب بني شيبة........................................... ١٣

استحباب الدعاء عند الدخول................................................. ١٤

وأمّا الكيفية......................................................................

وجوب النية................................................................ ١٤

وجوب البدأة بالحجر والختم به............................................... ١٥

٤٧٣

وجوب الطواف على اليسار وإدخال الحجر فيه................................. ١٦

وجوب الطواف سبعاً بين المقام والبيت......................................... ١٨

صلاة الطواف ومكانها....................................................... ١٩

مكان صلاة طواف النافلة.................................................... ٢٥

لو نسي صلاة الطواف....................................................... ٢٥

لو مات ولم يصلّ صلاة الطواف............................................... ٢٩

حكم القران بين الطوافين.................................................... ٣٠

معنى القران................................................................. ٣٣

لوزاد في الطواف سهواً....................................................... ٣٦

حكم الطواف في ثوب نجس.................................................. ٤١

وقت صلاة الطواف......................................................... ٤٤

حكم النقص من أشواط الطواف.............................................. ٤٦

حكم من قطع الطواف لحدث أو حاجة........................................ ٤٨

حكم من قطع الطواف لصلاة فريضة حاضرة................................... ٥١

حكم من قطع الطواف لصلاة الوتر............................................ ٥٣

لو دخل في السعي وذكر أنه لم يطف أو لم يتمه................................ ٥٣

سنن الطواف.....................................................................

الوقوف عند الحجر والدعاء.................................................. ٥٥

استلام الحجر قبل الطواف.................................................... ٥٦

معنى الاستلام............................................................... ٥٧

تقبيل الحجر................................................................ ٥٩

استحباب الإشارة باليد لمن لم يقدر على الاستلام............................... ٦٠

الاقتصاد في المشي........................................................... ٦١

ذكر الله سبحانه في حال الطواف.............................................. ٦٤

التزام المستجار.............................................................. ٦٥

٤٧٤

لو نسي الالتزام حتى جاوز المستجار........................................... ٦٧

استلام الأركان الأربعة....................................................... ٦٩

التطوع بثلاثمائة وستين طوافاً................................................. ٧١

ما يستحب أن يقرأ في صلاة الطواف.......................................... ٧٣

كراهة الكلام بغير الدعاء والقراءة............................................. ٧٤

أحكام الطواف...................................................................

ركنية طواف الحج والعمرة................................................... ٧٦

لو ترك الطواف ناسياً........................................................ ٧٧

لو ترك الطواف جاهلاً....................................................... ٨١

أحكام الشك في عدد الأشواط................................................ ٨٣

حكم الطواف من غير طهارة................................................. ٨٨

حكم الكفارة لو نسي الطواف وواقع أهله..................................... ٨٨

لو نسي طواف النساء........................................................ ٩٠

لو مات ولم يطف........................................................... ٩٤

عدم جواز تأخير السعي إلى الغد.............................................. ٩٥

عدم جواز تقديم طواف الحج وسعيه على سائر المناسك إلا لعذر.................. ٩٦

حكم تقديم طواف النساء على الوقوفين عند الضرورة........................... ٩٩

جواز تقديم طواف الحج والسعي للمفرد والقارن.............................. ١٠١

عدم جواز تقديم طواف النساء على السعي................................... ١٠٣

حكم الطواف في برطلة..................................................... ١٠٥

مواضع وجوب طواف النساء................................................ ١٠٧

لو نذر أن يطوف على أربع................................................. ١١١

السعي

ما يستحبّ قبل السعي‌..................................................... ١١٣

٤٧٥

كيفية السعي.....................................................................

واجب النيّة............................................................... ١١٦

البدأه بالسفا والختم بالمروة.................................................. ١١٧

السعي سبعة أشواط........................................................ ١١٧

مندوبات السعي..................................................................

المشي في طرفي السعي...................................................... ١٢٠

الهرولة.................................................................... ١٢٢

الدعاء والسعي ماشياً....................................................... ١٢٣

جواز الجلوس في أثناء السعي للاستراحة...................................... ١٢٣

أحكام السعي............................................................... ١٢٤

بطلان الحج والعمرة بترك السعي عمداً....................................... ١٢٤

حكم ترك السعي سهواً..................................................... ١٢٥

بطلان السعي بزيادة أشواطه عمداً........................................... ١٢٦

حكم زيادة أشواط السعي سهواً............................................. ١٢٦

لو تيقن عدد الاشواط وشك فيما بدأ به ..................................... ١٣٠

لو تيفن نفصان بعض الأشواط.............................................. ١٣١

لو تيقن نفصان بعض الاشواط.............................................. ١٣١

لو قطع سعيه لصلاة أو لحاجة............................................... ١٣٢

حكم القطع من غير داع................................................... ١٣٥

لو أحل ثم ذكر أنه نسي شوطاً واحداً........................................ ١٣٦

أفعال متى بعد العود من مكة

وجوب المبيت بمنى......................................................... ١٣٩

لو بات بغير منى........................................................... ١٤٠

٤٧٦

حد المبيت بمنى............................................................. ١٤٦

جواز ترك المبيت لذوي الأعذار............................................. ١٤٩

وجوب رمي الجمار الثلاث................................................. ١٥٠

وجوب الابتداء بالجمرة الاُولى ثم الوسطى ثم العقبة............................ ١٥١

حصول الترتيب باربع حصيات.............................................. ١٥٢

وقت الرمي............................................................... ١٥٣

لو نسي رمي يوم.......................................................... ١٥٥

عدم جواز الرمي ليلاً من غير عذر........................................... ١٥٨

جواز الرمي عن المعذور..................................................... ١٥٨

خكم نسيان رمي حصاة.................................................... ١٦٠

ما يستحب عند الرمي..................................................... ١٦٠

حكم ترك الرمي........................................................... ١٦١

استحباب الإقامة يمنى ايام التشريق........................................... ١٦٤

زمان النفر من منى وشرائطه................................................. ١٦٥

استحباب خطبة الإمام وإعلامه وقت النفر.................................... ١٧٠

استحباب التكبير بمنى بعد خمس عشر صلاة................................... ١٧٠

استحباب العود إلى مكة لوداع البيت ودخول الكعبة.......................... ١٧١

ما يستحب بعد النفر من منى................................................ ١٧٢

كراهة المجاورة بمكة........................................................ ١٨٠

كراهة الحج والعمرة على الإبل الجلالة....................................... ١٨٣

كراهة منع الحاج دور مكة من السكنى....................................... ١٨٣

كراهة رفع البناء فوق الكعبة................................................ ١٨٤

هل الافضل لمجاور مكة الطواف أو الصلاة؟................................... ١٨٤

اللواحق ، وهي أمور أربعة................................................... ١٨٦

الأوّل : حكم من أحدث جناية ولجأ إلى الحرم................................ ١٨٦

٤٧٧

حكم من أحدث جناية في الحرم............................................. ١٨٦

الثاني : إجبار الوالي الحاج على زيارة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لو تركوها.................... ١٨٧

الثالث : حد المدينة وبعض أحكامها......................................... ١٨٩

الرابع : ما يستحب في المدينة............................................... ١٩٣

الغسل لدخولها............................................................ ١٩٣

زيارة النبي والإمام علي وفاطمة عليهم‌السلام........................................ ١٩٣

زيارة ائمة البقيع عليهم‌السلام..................................................... ١٩٤

فضل زيارة الحسين عليه‌السلام .................................................. ١٩٤

فضل زيارة الرضا عليه‌السلام..................................................... ١٩٧

الصلاة بين القبر والمنبر..................................................... ١٩٧

صوم الاربعاء والخميس والجمعة بالمدينة....................................... ١٩٨

الصلاة ليلة الاربعاء عند اسطوانة أبي لبابة.................................... ١٩٨

الصلاة ليلة الخميس عند الاسطوانة وفي مساجد المدينة......................... ١٩٨

إتيان قبور الشهداء خصوصاً قبر حمزة........................................ ١٩٨

أحكام العمرة

وجوب العمرة المفردة...................................................... ٢٠١

وجوبها بالنذر والاستيجار والفوات وبدخول مكة.............................. ٢٠٢

أفعال العمرة.............................................................. ٢٠٣

وقت العمرة............................................................... ٢٠٣

فضل عمرة رجب......................................................... ٢٠٤

جواز التمتع بالعمرة المفردة في أشهر الحج.................................... ٢٠٤

إتباع عمرة بأخرى وأحكامه................................................ ٢٠٧

أجزاء عمرة التمتع عن المفردة............................................... ٢١١

لزوم عمرة التمتع على من كان نائياً عن المسجد الحرام......................... ٢١١

اشتراط وقوع عمرة التمتع في أشهر الحج..................................... ٢١١

٤٧٨

تعيين التقصير في عمرة التمتع............................................... ٢١١

لزوم الفداء بشاة لو حلق قبل التقصير........................................ ٢١٢

عدم وجوب طواف النساء في عمرة التمتع.................................... ٢١٥

حكم الخورج من مكة بعد عمرة التمتع...................................... ٢١٦

أحكام الإحصار والصد

معنى المصدود.............................................................. ٢٢٤

أحكام المصدود............................................................ ٢٢٦

من يتحقق به الصد........................................................ ٢٢٩

سقوط الحج المندوب من الصد.............................................. ٢٣١

هل يجب الهدي عى المصدود؟............................................... ٢٣١

اشتراط تحلل المصدود بالهدي ونية التحلل..................................... ٢٣٣

هل يسقط الهدي لو شرط حله حيث حبسه؟................................. ٢٣٤

هل يجزئ هدي السياق عن هدي التحلل؟................................... ٢٣٥

معنى المحصور وأحكامه..................................................... ٢٣٨

اشتراط تحلل المحصور ببلوغ الهدي محله....................................... ٢٤٠

بيان ما يحل للمحصور بعد التحلل والتقصير.................................. ٢٤٣

لو بان أن هديه لم يذبح.................................................... ٢٤٨

حكم زوال العارض بعد بعث الهدي......................................... ٢٥٢

حكم المعتمر إذا تحلل فزال المانع............................................. ٢٥٣

حكم القارن لو أحصر..................................................... ٢٥٤

ما يستحب فعله للمحصور................................................. ٢٥٦

كفارات الصيد

بيان الحيوان المحرم على المحرم................................................ ٢٦١

حلية صيد البحر........................................................... ٢٦٦

٤٧٩

حلية صيد الدجاج الحبشي.................................................. ٢٦٨

جواز قتل الحية والعقرب والفارة............................................. ٢٦٨

جواز رمي الغراب والحدأة.................................................. ٢٧١

نفي الكفارة في قتل السباع................................................. ٢٧٢

كفارة قتل الأسد.......................................................... ٢٧٣

كفارة قتل الزنبور......................................................... ٢٧٥

حكم شراء القماري والدباسي وإخراجها من مكة............................. ٢٧٨

بيان ما لكفارته نبدل على الخصوص :............................................

ثبوت البدنة في قتل النعامة.................................................. ٢٨٠

لو لم توجد البدنة ......................................................... ٢٨٣

ثبوت بقرة أهلية في قتل بقرة الوحش......................................... ٢٨٧

لو لم تجد بقرة أهلية........................................................ ٢٨٧

حكم قتل حمار الوحش..................................................... ٢٨٩

ثبوت الشاة في قتل الظبي................................................... ٢٩٠

هل الابدال في الأقسام الثلاثة على التخيير؟................................... ٢٩٠

كفارة قتل الثعلب والأرنب................................................. ٢٩٣

كفارة كسر بيض النعام إذا تحرك الفرخ...................................... ٢٩٥

كفارته إذا لم يتحرك الفرخ................................................. ٢٩٨

كفارة كسر بيض القطاة والقبج إذا تحرك الفرخ.............................. ٣٠١

كفارته إذا لم يترك الفرخ................................................... ٣٠٣

بيان ما لا بدل لكفارته على الخصوص : .........................................

الحمام والمراد منه.......................................................... ٣٠٨

كفارة قتل الحمامة......................................................... ٣١٠

كفارة فرخها وبيضها...................................................... ٣١٠

لو كان صائد الحمامة محلاً في الحرم.......................................... ٣١١

لو كان الصائد محرماً في الحرم............................................... ٣١٢

٤٨٠