رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٧

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٧

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-109-5
الصفحات: ٤٨٤

أو كان ينتهي أو يتقي أن يسكن الحرم كما في غيره (١).

أو بأن من خرج منها دام (٢) شوقه إليها ، كما في المرسل كالصحيح (٣) وغيره (٤).

أو بأن المجاورة بها تقسي القلوب ، كما في المراسيل المستفيضة (٥).

وعلى الثاني الصحيح : « لا ينبغي للرجل أن يقيم بمكة سنة » قلت : كيف يصنع؟ قال : « يتحوّل عنها » الخبر (٦).

وممّا يدل على استحباب المجاورة مطلقاً أو سنةً ما أشار إليه بعض الأصحاب جامعاً بينه وبين ما سبق فقال بعده : ولا ينافيه استحبابها لما ورد من الفضل فيما يوقع فيها من العبادات ، وهو ظاهر.

ولا ما في الفقيه عن علي بن الحسين عليهما‌السلام من قوله : « الطاعم بمكة كالصائم فيما سواها ، والماشي بمكة في عبادة الله عز وجل » (٧) إذ الطاعم بها إنما هو كالصائم والماشي في العبادة لكونهما نوياً بكونهما التقرب إلى الله تعالى بأداء المناسك أو غيرها من العبادات ، وهو لا ينافي أن يكون‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٢٢٧ / ٣ ، علل الشرائع : ٤٤٥ / ١ ، الوسائل ١٣ : ٢٣٢ أبواب مقدمات الطواف ب ١٦ ح ٣.

(٢) في « ح » : زاد.

(٣) الكافي ٤ : ٢٣٠ / ٢ ، الوسائل ١٣ : ٢٣٤ أبواب مقدمات الطواف ب ١٦ ح ٧.

(٤) الفقيه ٢ : ١٦٥ / ٧١٦ ، الوسائل ١٣ : ٢٣٤ أبواب مقدمات الطواف ب ١٦ ذيل الحديث ٧.

(٥) الوسائل ١٣ : ٢٣٤ أبواب مقدمات الطواف ب ١٦ الأحاديث ٦ ، ٨ ، ٩ ، ١١.

(٦) الكافي ٤ : ٢٣٠ / ١ ، الفقيه ٢ : ١٦٥ / ٧١٤ ، التهذيب ٥ : ٤٤٨ / ١٥٦٣ ، علل الشرائع : ٤٤٦ / ٤ ، الوسائل ١٣ : ٢٣٣ أبواب مقدمات الطواف ب ١٦ ح ٥.

(٧) الفقيه ٢ : ١٤٦ / ذيل الحديث ٦٤٥ ، الوسائل ١٣ : ٢٣٠ أبواب مقدمات الطواف ب ١٥ ح ١.

١٨١

الخارج منها لتشويق نفسه إليها والتحرز من الإلحاد والقسوة أيضاً كذلك.

ولا ما فيه عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام من قول : « من جاور بمكة سنة غفر الله تعالى له ذنوبه ولأهل بيته ولكل من استغفر له ولعشيرته ولجيرانه ذنوب تسع سنين قد مضت ، وعصموا من كل سوء أربعين ومائة سنة » (١) إذ ليس نصّاً في التوالي ، مع جواز كون الارتحال لأحد ما ذكر أفضل من المجاورة التي لها الفضل المذكور كما في مكروهات العبادات ، ولذا قيل بعد ما ذكر بلا فصل : والانصراف والرجوع أفضل من المجاورة ، وهو يحتمل الحديث وكلام الصدوق (٢). انتهى.

وهو حسن ، مع أن الخبرين ضعيفاً السند بالإرسال ، فلا يقاومان ما سبق من وجوه ، فلا إشكال من جهتهما.

وإنما الإشكال من جهة الرواية المقيدة بالسنة الظاهرة في عدم الكراهة فيما دونها ، ومقتضى الأُصول وإن كان لزوم تقييد إطلاق ما سبقها بها إلاّ أن التعليلات فيها كادت تلحقها بالنص على الكراهة مطلقاً ، سيّما التعليل بإيراثها قساوة القلب وأنه أمر غير اختياري ، فيكون التعارض بينهما من قبيل تعارض النصّين. ولا ريب أن الأخذ بما هو المشهور أولى ، وخصوصاً مع كونه أحوط وأولى ؛ للمسامحة في أدلة السنن بما لا يتسامح في غيرها ، بناءً على أنه ليس المفهوم من الرواية استحباب الإقامة فيما دون السنة ، وإنما غايتها كسائر الفتاوي المقيّدة عدم الكراهة فيه ، وهو أعم من الاستحباب.

__________________

(١) الفقيه ٢ : ١٤٦ / ٦٤٦ ، الوسائل ١٣ : ٢٣١ أبواب مقدمات الطواف ب ١٥ ح ٢ ، في النسخ : أربعين سنة ومائة سنة.

(٢) كشف اللثام ١ : ٣٨٤.

١٨٢

فالكراهة لا معارض لها من قبيله فصاعداً ليتوقف في الفتوى بها مسامحةً ، نعم المرسلان قد أفادا الاستحباب ولكن قد عرفت الجواب عنهما.

( والحج ) والعمرة ( على الإبل الجلاّلة ) كما في بعض المعتبرة (١).

( ومنع ) الحاج ( دور مكة ) جمع دار ( من السكنى ) بها كما في الصحاح وغيرها : « ليس ينبغي لأهل مكة أن يمنعوا الحاج شيئاً من الدور ينزلونها » (٢) كما في بعضها ، وبمعناه الباقي.

وفي الخبر : « إنّ علياً عليه‌السلام كره إجارة بيوت مكة ، وقرأ( سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ ) (٣). وبمعناه في تفسير الآية به أحد الصحاح والحسان وغيرهما ، وفي أحدهما : « ليس لأحد أن يمنع الحاج شيئاً من الدور ومنازلها » (٤).

قيل : وبه عبّر القاضي (٥). وظاهره التحريم كما عن صريح الشيخ (٦) وظاهر الإسكافي (٧).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٥٤٣ / ١٣ ، الفقيه ٢ : ٣٠٧ / ١٥٢٣ ، التهذيب ٥ : ٤٣٩ / ١٥٢٥ ، الوسائل ١١ : ٤٤٩ أبواب آداب السفر إلى الحج ب ٥٧ ح ١.

(٢) مسائل علي بن جعفر : ١٤٣ / ١٦٨ ، الوسائل ١٣ : ٢٧٠ أبواب مقدمات الطواف ب ٣٢ ح ٨.

(٣) قرب الإسناد : ١٤٠ / ٤٩٨ ، الوسائل ١٣ : ٢٦٩ أبواب مقدمات الطواف ب ٣٢ ح ٧.

(٤) التهذيب ٥ : ٤٢٠ / ١٤٥٨ ، الوسائل ١٣ : ٢٦٩ أبواب مقدمات الطواف ب ٣٢ ح ٤.

(٥) حكاه عنه في كشف اللثام ١ : ٣٨٣.

(٦) حكاه عنه في الإيضاح ١ : ٣١٩.

(٧) نقل عنه في المختلف : ٣٢١.

١٨٣

وهو ضعيف ؛ لشذوذ القول به ، ودعوى الإجماع القطعي في السرائر والمدارك (١) على خلافه ، مضافاً إلى الأصل وأظهرية دلالة الصحاح على الكراهة من الحسنة على الحرمة.

قيل : وهي وإن فتحت عنوة فهو لا يمنع من الأولوية واختصاص الآثار بمن فعلها (٢).

( وأن يرفع بناء فوق الكعبة ) للصحيح : « لا ينبغي أن يرفع بناء فوق الكعبة » (٣).

ولا يحرم على الأشهر الأظهر ؛ للأصل ، ودلالة الصحيح على الكراهة كما مرّ.

خلافاً للمحكي عن الشيخ والحلّي فحرّماه (٤) ، وعن القاضي النهي عنه (٥). وهو ضعيف.

والبناء يشمل الدار وغيرها حتى حيطان المسجد.

قيل : وظاهر رفعه أن يكون ارتفاعه أكثر من ارتفاع الكعبة ، فلا يكره البناء على الجبال حولها ، مع احتمالها (٦).

( والطواف للمجاور بمكة أفضل من الصلاة ، وللمقيم ) بها‌

__________________

(١) السرائر ١ : ٦٤٤ ، المدارك ٨ : ٢٥٦.

(٢) كشف اللثام ١ : ٣٨٣.

(٣) الكافي : ٢٣٠ / ١ ، الفقيه ٢ : ١٦٥ / ٧١٤ ، التهذيب ٥ : ٤٤٨ / ١٥٦٣ ، الوسائل ١٣ : ٢٣٣ أبواب مقدمات الطواف ب ١٦ ح ٥.

(٤) قال الفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٣٨٣ : وعن الشيخ وابن إدريس الحرمة ولم أره في كلامهما.

(٥) المهذب ١ : ٢٧٣.

(٦) كشف اللثام ١ : ٣٨٣.

١٨٤

( بالعكس ) كما عن الصحيح (١).

وفي آخر : « الطواف لغير أهل مكة أفضل من الصلاة ، والصلاة لأهل مكة والقاطنين أفضل من الطواف » (٢).

وفي ثالث : عن المقيم بمكة الطواف أفضل له أو الصلاة؟ قال : « الصلاة » (٣).

وفي رابع : « من أقام بمكة سنة فالطواف أفضل من الصلاة ، ومن أقام سنتين خلط من ذا ومن ذا ، ومن أقام ثلاث سنين كانت الصلاة له أفضل من الطواف » (٤).

وينبغي حمل إطلاق ما مر عليه وفاقا لبعض المحدثين والظاهر أن المراد بالصلاة النوافل المطلقة غير الرواتب إذ ليس في الروايات المزبورة تصريح بأفضلية الطواف على كل صلاة وينبه عليه ما مر في الصحيح المتضمن للأمر بقطع الطواف لخوف فوات الوتر والبدأة بالوتر ثم إتمام الطواف (٥).

وبذلك صرّح بعض الأصحاب قال : وبالجملة : فلا يمكن الخروج بهاتين الروايتين وأشار بهما إلى الأُولى والأخيرة عن مقتضى الأخبار الصحيحة المستفيضة المتضمنة للحثّ الأكيد على النوافل المرتّبة ، وأنها مقتضية لتكميل ما نقص من الفرائض بترك الإقبال ، إلى آخر ما قال (٦).

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٤٤٦ / ١٥٥٥ ، الوسائل ١٣ : ٣١١ أبواب الطواف ب ٩ ح ٤.

(٢) الكافي ٤ : ٤١٢ / ٢ ، الفقيه ٢ : ١٣٤ / ٥٦٨ ، الوسائل ١٣ : ٣١١ أبواب الطواف ب ٩ ح ٣ ؛ بتفاوت يسير.

(٣) قرب الإسناد : ٣٨٣ / ١٣٥٠ ، الوسائل ١٣ : ٣١١ أبواب الطواف ب ٩ ح ٥.

(٤) الكافي ٤ : ٤١٢ / ١ ، الفقيه ٢ : ٢٥٦ / ١٢٤١ ، التهذيب ٥ : ٤٤٧ / ١٥٥٦ ، الوسائل ١٣ : ٣١٠ أبواب الطواف ب ٩ ح ١.

(٥) راجع ص : ٥٣.

(٦) المدارك ٨ : ٢٧١.

١٨٥

وهو حسن ، ومرجعه إلى أن التعارض بين هذه الأخبار وأخبار الحثّ تعارض العموم والخصوص من وجه ، يمكن تقييد كلّ منهما بالآخر ، وعليه فينبغي أن يصار إلى الترجيح ، وهو مع أخبار الحثّ ، للتواتر الموجب لقطعيتها ، بخلاف هذه ، لأنها من الآحاد المفيدة للظن ، فلا يترجّح على القطع ، سيّما مع تأيّدها بما مرّ من قطع الطواف للوتر مع خوف الفوات.

( واللواحق ) للكتاب أُمور ( أربعة : )

( الأوّل : من أحدث ) شيئاً ممّا يوجب الحدّ أو التعزير أو القصاص ( ولجأ إلى الحرم لم يُقَم عليه ) فيه ( حدّ بجنايته ، ولا تعزير ) ولا قصاص ( و ) لكنه ( يُضيّق عليه في المطعم والمشرب ) والمسكن ، فلا يطعم ولا يسقى ولا يبايع ولا يؤوى ( ليخرج ) فيقام عليه.

( ولو أحدث ) ذلك ( في الحرم قوبل بما يقتضيه جنايته ) من حدّ أو تعزير أو قصاص.

كلّ ذلك بالكتاب (١) والسّنة المستفيضة ، بل المتواترة :

ففي الصحيح : عن رجل قتل رجلاً في الحلّ ثم دخل الحرم ، فقال : « لا يقتل ولا يطعم ولا يسقى ولا يبايع ولا يؤوى حتى يخرج من الحرم فيقام عليه الحدّ » قلت : فما تقول في رجل قتل في الحرم أو سرق؟ قال : يقام عليه الحدّ في الحرم صاغراً ، لانه لم ير للحرم حرمة وقد قال الله عزّ وجلّ ( فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ ) فقال : « هذا هو في الحرم » وقال : « (فَلا عُدْوانَ إِلاّ عَلَى الظّالِمِينَ ) » (٢).

__________________

(١) البقرة : ١٩٤ ، آل عمران : ٩٧.

(٢) الكافي ٤ : ٢٢٧ / ٤ ، التهذيب ٥ : ٤١٩ / ١٤٥٦ ، الوسائل ١٣ : ٢٢٥ أبواب مقدمات الطواف ب ١٤ ح ١.

١٨٦

ونحوه آخران وغيرهما (١) ، إلاّ أنه ليس فيها الاستشهاد بآية الاعتداء ، وزيد فيها النهي عن التكلّم ، وأُطلق الحدث فيها.

ولا خلاف في شي‌ء من ذلك على الظاهر ، المصرَّح به في كلام جماعة (٢) ، ولا إشكال إلاّ في تفسير الضيق بما قدّمناه ، فمن الأصحاب من فسّره بأنّه لا يمكّن من ماله إلاّ ما يسدّ به الرمق ، أو ما لا يحتمله مثله عادة ، ولا يطعم ولا يسقى سواه (٣).

ولا وجه له أصلاً ، سيّما مع اتّفاق النصوص على ما قدّمناه. اللهم إلا أن يقال : إن في العمل بمقتضاها من ترك الإطعام والسقي مطلقاً قد يوجَب تلف النفس المحترمة حيث لا تكون جنايته لنفسه مستغرقة ، بل مطلقاً ولو كانت مستغرقة ، فإن إمساك الطعام عنه والشراب إتلاف له من هذا الوجه ، فقد حصل في الحرم ما أُريد الهرب عنه.

وفيه نظر ؛ لعدم استناد الإتلاف إلى الممسك ، بل هو المتلف حيث أمسك عن الخروج ، فتأمل.

( الثاني : لو ترك الحاجّ زيارة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أُجبروا على ذلك ) على الأشهر الأظهر ( وإن كانت ) على الآحاد ( ندباً ، لأنه ) أي إطباقهم على تركها ( جفاء ) له صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولا ريب أنه حرام ، فيجب على الوالي إجبارهم على تركه.

وفي كلام جماعة (٤) : إن التعليل إشارة إلى ما في النبوي : « من أتى مكة حاجّاً ولم يزرني إلى المدينة فقد جفاني » (٥).

__________________

(١) الوسائل ١٣ : ٢٢٦ أبواب مقدمات الطواف ب ١٤ ح ٢ ، ٥ ، ١٣.

(٢) منهم : الفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٣٨٤.

(٣) انظر المسالك ١ : ١٢٦ ، والروضة ٢ : ٣٣٢.

(٤) منهم : الشهيد في المسالك ١ : ١٢٦ ، وصاحب المدارك ٨ : ٢٦٠ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٣٨٢.

(٥) الهداية : ٦٧ ، المستدرك ١٠ : ١٨٦ أبواب المزار وما يناسبه ب ٣ ح ٤ ؛ بتفاوت يسير.

١٨٧

وفيه نظر ؛ لعدم مطابقته حينئذ للمدّعى المفروض في العبارة ونحوها من عبارة الشيخ ومن تأخر عنه من الفقهاء ، وهو اتّفاق الحاج على تركها.

والرواية لو صحّت تفيد وجوبها على الآحاد وأن ترك كل منهم لها جفاء ، سواء زار الباقون أم لا ، وهذا لا يجامع كونها ندباً ، ولذا أنكر الحلّي وجوب الإجبار عليها رأساً (١) ، معلّلاً بما ذكرنا.

وعلى هذا ، فالظاهر أن مراد من علّل الحكم بهذا كالماتن هنا وفي الشرائع ، والفاضل في التذكرة والمنتهى على ما يحكى ، وغيرهما (٢) ما ذكرنا.

والأجود ترك هذا التعليل الذي قد يتراءى في النظر أنه عليل ، والاستدلال للحكم بالصحيح الصريح : « إن الناس لو تركوا زيارة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك ، فإن لم يكن لهم أموال أنفق عليهم من أموال المسلمين » (٣).

واجتهاد الحلّي مدفوع بهذا النص الجليّ عندنا وإن كان عنده غير بعيد ، بناءً على أصله في حجية الآحاد ، ولكنه ليس بأصيل.

ولا بُعد في الجبر على عدم ترك الكل المندوب بعد ورود النص الصحيح المعتضَد بالعمل ، سيّما بعد وجود النظير ، وهو ما ذكره الشهيدان من الأذان (٤).

قال ثانيهما : وقد اتفقوا على إجبار أهل البلد على الأذان ، بل على‌

__________________

(١) السرائر ١ : ٦٤٧.

(٢) الشرائع ١ : ٢٧٧ ، التذكرة ١ : ٤٠٢ ، المنتهى ٢ : ٨٨٠ ؛ وانظر الدروس ٢ : ٥.

(٣) الكافي ٤ : ٢٧٢ / ١ ، الفقيه ٢ : ٢٥٩ / ١٢٥٩ ، التهذيب ٥ : ٤٤١ / ١٥٣٢ ، الوسائل ١١ : ٢٤ أبواب وجوب الحج ب ٥ ح ٢.

(٤) الدروس ٢ : ٥ ، المسالك ١ : ١٢٧.

١٨٨

قتالهم ، إذا أطبقوا على تركه. انتهى.

فلا يحتاج إلى ما ذكره أخيراً بقوله : والجبر وإن كان عقاباً لا يدل على الوجوب لأنه دنيوي ، وإنما يستحق بترك الواجب العقاب الأُخروي.

سيّما مع تطرّق القدح إليه بما ذكره سبطه بقوله بعد ذكره : فضعيف ، لأن المعاقبة الدنيوية إنما تستحق على الإخلال بواجب أو فعل محرّم ، لا على ترك ما أذن الشارع في تركه ، كما هو واضح (١).

( الثالث : للمدينة ) المنورة على مشرّفها ألف صلاة وسلام وتحيّة ( حرم ، وحدّه ) كما في الصحيحين (٢) ( من ) ظلّ ( عائر إلى ) ظل ( وعير ) ضبطه الشهيد الأول بفتح الواو (٣) ، والثاني عن بعض بضمّها وفتح العين المهملة (٤) ، وحكاه سبطه وغيره (٥) عن المحقق الثاني ، قال : إنه وجدها كذلك في مواضع معتمدة.

وقيل أيضاً : كذا وجدته مضبوطاً بخط بعض الفضلاء (٦).

وذكر الشهيد الثاني أنهما جبلان يكتنفان المدينة شرقاً وغرباً (٧) ، وحكاه سبطه عن جماعة (٨).

قيل : وفي خلاصة الوفاء : عير ويقال عائر جبل مشهور في قبلة‌

__________________

(١) المدارك ٨ : ٢٦٠.

(٢) الكافي ٤ : ٥٦٤ / ٥ ، التهذيب ٦ : ١٢ / ٢٣ ، معاني الأخبار : ٣٣٨ / ٤ ، الوسائل ١٤ : ٣٦٢ ، ٣٦٦ أبواب المزار وما يناسبه ب ١٧ ح ١ ، ١٠.

(٣) الدروس ٢ : ٢١.

(٤) المسالك ١ : ١٢٨.

(٥) المدارك ٨ : ٢٧٤ ؛ وانظر الذخيرة : ٧٠٦.

(٦) كشف اللثام ١ : ٣٨٣.

(٧) المسالك ١ : ١٢٨.

(٨) المدارك ٨ : ٢٧٤.

١٨٩

المدينة قرب ذي الحليفة ، ولعلّ المراد بظلّ وعير فيئه ، كما في مرسلة الصدوق (١) ، والتعبير بظلّهما للتنبيه على أن الحرم داخلهما ، بل بعضه (٢).

وفي الخبر القريب من الصحيح من عير إلى وعير (٣).

وروت العامة من عير إلى ثور ، ومن عير إلى أُحد (٤).

وفي آخر من ذباب إلى واقم ، والعريض والنقيب من قبل مكة (٥).

وذباب كغراب وكتاب : جبل شامي المدينة ، يقال : كان مضرب قبّة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الأحزاب.

والعُريض مصغّراً : وادٍ في شرقي الحَرّة قرب قناة ، وهي أيضاً وادٍ.

والنقب : الطريق في الجبل.

وفي الصحيحين إنه بريد في بريد (٦).

( لا يعضد ) ولا يقطع ( شجره ) للصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة (٧) ، وفي بعضها : « ولا يختلى خلاها » (٨).

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٣٣٦ / ذيل الحديث ١٥٦٤ ، الوسائل ١٤ : ٣٦٥ أبواب المزار وما يناسبه ب ١٧ ح ٧.

(٢) كشف اللثام ١ : ٣٨٣.

(٣) الكافي ٤ : ٥٦٤ / ٣ ، التهذيب ٦ : ١٣ / ٢٦ ، الوسائل ١٤ : ٣٦٣ أبواب المزار وما يناسبه ب ١٧ ح ٢.

(٤) سنن البيهقي ٥ : ١٩٦ ، سنن أبي داود ٢ : ٢١٦ / ٢٠٣٤ بتفاوت يسير ، وانظر النهاية لابن الأثير ١ : ٢٢٩.

(٥) الكافي ٤ : ٥٦٤ / ٤ ، معاني الأخبار : ٣٣٧ / ٣ ، الوسائل ١٤ : ٣٦٣ أبواب المزار وما يناسبه ب ١٧ ح ٣.

(٦) الكافي ٤ : ٥٦٤ / ٣ ، الفقيه ٢ : ٣٣٦ / ١٥٦٢ ، التهذيب ٦ : ١٣ / ٢٦ ، الوسائل ١٤ : ٣٦٣ ، ٣٦٥ أبواب المزار وما يناسبه ب ١٧ ح ٢ ، ٥.

(٧) الوسائل ١٤ : ٣٦٢ أبواب المزار وما يناسبه ب ١٧.

(٨) الوسائل ١٤ : ٣٦٢ أبواب المزار وما يناسبه ب ١٧.

١٩٠

وظاهرها التحريم كالعبارة ، وهو الأظهر ، وفاقاً للأكثر كما في كلام جماعة (١) ، وعن التذكرة أنه المشهور (٢) ، بل عزاه في المنتهى إلى علمائنا (٣) ، مؤذناً بدعوى الإجماع ؛ وهو حجة أُخرى ، مضافاً إلى الأخبار السليمة مع ذلك عن المعارض بالكلية ، سوى الأصل ، ويجب الخروج عنه بعد قيام الأدلة.

فالقول بالكراهة كما عليه الفاضلان في الشرائع والقواعد وغيرهما (٤) ، بل في المسالك إنه المشهور (٥) لا وجه له.

قيل : واستثنى الفاضل في الكتابين والتحرير ما يحتاج إليه من الحشيش للعلف ؛ لخبر عامي ، ولأن بقرب المدينة أشجاراً وزروعاً كثيرة ، فلو منع عن الاحتشاش للحاجة لزم الحرج المنفي في الشريعة ، بخلاف حرم مكة. واستثنى ابن سعيد بعني في الجامع عودي الناضح ، كما في الصحيح (٦) : « حرّم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما بين لابتيها صيدها ، وحرّم ما حولها بريد في بريد أن يختلى خلاها أو يعضد شجرها ، إلاّ عودي الناضح » (٧).

أقول : واللابة : الحَرّة كما عن الجوهري (٨). والخلا : الرطب من‌

__________________

(١) منهم : صاحب المدارك ٨ : ٢٧٤ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ١ : ٣٩٩ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٣٨٣.

(٢) التذكرة ١ : ٣٤١.

(٣) المنتهى ٢ : ٧٩٩.

(٤) الشرائع ١ : ٢٧٨ ، القواعد ١ : ٩١ ؛ وانظر الإرشاد ١ : ٣٣٩.

(٥) المسالك ١ : ١٢٨.

(٦) الفقيه ٢ : ٣٣٦ / ١٥٦٢ ، الوسائل ١٤ : ٣٦٥ أبواب المزار وما يناسبه ب ١٧ ح ٥.

(٧) كشف اللثام ١ : ٣٨٣.

(٨) الصحاح ١ : ٢٢٠.

١٩١

النبات. واختلاؤه : جزّه ، كما عن نص أهل اللغة (١).

( ولا بأس بصيده إلاّ ما صيد في الحرّتين )

قيل : حرّة واقم هي شرقية المدينة ، وحرّة ليلى وهي غربيتها ، وهي حرّة العقيق ، ولها حرّتان أُخريان جنوباً وشمالاً تتصلان بهما ، فكأنّ الأربع حرّتان ، فلذا اكتفى بهما ، وهما حرّة قبا وحرّة الرجل ككسرى ، ويمدّ ، يترجّل فيها لكثرة حجارتها (٢).

وما اختاره الماتن من التفصيل بين ما صيد في الحرّتين فيحرم وما صيد في غيرهما فلا هو الأقوى ، وعزاه جمع إلى أكثر علمائنا (٣) ، بل عليه الإجماع عن صريح الخلاف وظاهر المنتهى (٤) ؛ للصحيح : « يحرم صيد المدينة ما صيد بين الحَرّتين » (٥).

وبهما يقيّد ما أُطلق فيه الجواز من الصحاح وغيرها بحمله على ما صيد في غيرهما.

وهذا الجمع أولى من الجمع بالكراهة وإن اعتضد بالأصل كم مرّ غير مرّة ، وعليه فيضعّف القول بها في الجملة أو مطلقاً كما عليه الفاضلان في كتابيهما المتقدم إليهما الإشارة وغيرهما ، وادّعى في المسالك هنا أيضاً الشهرة (٦).

__________________

(١) القاموس ٤ : ٣٢٧.

(٢) كشف اللثام ١ : ٣٨٣.

(٣) منهم : صاحب المدارك ٨ : ٢٧٤ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ١ : ٣٩٩.

(٤) الخلاف ٢ : ٤٢٠ ، المنتهى ٢ : ٧٩٩.

(٥) الفقيه ٢ : ٣٣٧ / ١٥٦٦ ، التهذيب ٦ : ١٣ / ٢٥ ، الوسائل ١٤ : ٣٦٥ أبواب المزار وما يناسبه ب ١٧ ح ٩.

(٦) المسالك ١ : ١٢٨.

١٩٢

وظاهر العبارة أنه لا كراهة فيما صيد في غير الحرّتين. ولا بأس ؛ به لأنه أيضاً ظاهر الأخبار أجمع ، فلا وجه للقول بكراهيته أيضاً. لكن لا بأس به بعد وجود قائل به ، مسامحةً في أدلة السنن ، فيحمل الأخبار على أن المراد عدم الحرمة والرخصة ، لا نفي الكراهة.

( الرابع : يستحب الغسل لدخولها ) كما في بحث الأغسال من كتاب الطهارة قد مضى.

( وزيارةُ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) وهو بالرفع عطف على الغسل ، لا على الدخول وإن صحّ ، لما مرّ ثمة من استحبابه لها أيضاً ، فالتقدير : يستحب زيارته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( استحباباً مؤكّداً ) ولذا جاز أن يجبر الإمام الناس عليها لو تركوها مضى ، وخصوصاً للحاج ، فقد ورد : « من أتى مكة حاجّاً ولم يزرني إلى المدينة جفوته يوم القيامة ، ومن أتاني زائراً وجبت له شفاعتي ، ومن وجبت له شفاعتي وجبت له الجنة » (١).

ونحو ذيله : الصحيح المروي بأسانيد كثيرة وألفاظ مختلفة ، منها : ما لمن زار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قاصداً؟ قال : « له الجنة » (٢).

( وزيارة ) عليّ و ( فاطمة عليهما‌السلام من ) عند ( الروضة ) بناءً على أن قبرها ( سلام الله عليها ) هناك ، كما هو ظاهر الماتن هنا وفي الشرائع (٣) ، وفاقاً‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٥٤٨ / ٥ ، الفقيه ٢ : ٣٣٨ / ١٥٧١ ، التهذيب ٦ : ٤ / ٥ ، علل الشرائع : ٤٦٠ / ٧ ، الوسائل ١٤ : ٣٣٣ أبواب المزار وما يناسبه ب ٣ ح ٣.

(٢) الكافي ٤ : ٥٤٨ / ١ وفيه : متعمداً بدل : قاصداً ، التهذيب ٦ : ٣ / ٣ ، كامل الزيارات : ١٢ ، الوسائل ١٤ : ٣٣٢ أبواب المزار وما يناسبه ب ٣ ح ١.

(٣) الشرائع ١ : ٢٧٨.

١٩٣

للنهاية (١) ؛ لرواية ، وفي اخرى إنها روضة من رياض الجنة (٢).

وقيل في البقيع ؛ لرواية أُخرى (٣) ، واستبعدها جماعة كالشيخ في التهذيب والنهاية والمبسوط ، والفاضل في التحرير والمنتهى ، والحلّي ، وابن سعيد في الجامع (٤).

والأصح وفاقاً للصدوق وجماعة (٥) أنها دفنت في بيتها ، وهو الآن داخل في المسجد ؛ للصحيح : عن قبر فاطمة ( سلام الله عليها ) ، فقال : « دفنت في بيتها ، فلمّا زادت بنو أُمية في المسجد صارت في المسجد » (٦).

وحملت الروايتان السابقتان على التقية ، مع عدم وضوح سندهما ، ولكن الأحوط زيارتها في المواضع الثلاثة ، كما في القواعد والدروس وغيرهما (٧) ، وخصوصاً في بيتها ومن عند الروضة وهي بين القبر والمنبر ، كما ذكره الشيخ وغيره.

( والأئمة ) الأربعة ( بالبقيع ) والسبعة الباقين في مشاهدهم المشرّفة المعروفة مع الإمكان ، وإلاّ فمن البعيدة.

والنصوص الواردة في فضل زيارتهم عليهم‌السلام أكثر من أن تحصى ، وتتأكد في الحسين عليه‌السلام ، بل ورد أن زيارته فرض على كل مؤمن (٨).

__________________

(١) النهاية : ٢٧٨.

(٢) الفقيه ٢ : ٣٤١ / ١٥٧٤ ، معاني الأخبار : ٢٦٧ / ١ ، الوسائل ١٤ : ٣٦٩ أبواب المزار وما يناسبه ب ١٨ ح ٤ ، ٥.

(٣) الفقيه ٢ : ٣٤١ / ١٥٧٣ ، الوسائل ١٤ : ٣٦٩ أبواب المزار وما يناسبه ح ٤.

(٤) كشف اللثام ١ : ٣٨٢.

(٥) الصدوق في الفقيه ٢ : ٣٤١ ؛ ابن إدريس في السرائر ١ : ٦٥٢ ، العلامة في التحرير ١ : ١٣١ ، والمنتهى ٢ : ٨٨٩.

(٦) الفقيه ١ : ١٤٨ / ٦٨٤ ، التهذيب ٣ : ٢٥٥ / ٧٠٥ ، معاني الأخبار : ٢٦٨ ، الوسائل ١٤ : ٣٦٨ أبواب المزار وما يناسبه ب ١٨ ح ٣.

(٧) القواعد ١ : ٩١ ، الدروس ٢ : ٦ ؛ وانظر كشف اللثام ١ : ٣٨٢.

(٨) كامل الزيارات : ١٢١ ، الوسائل ١٤ : ٤٤٣ أبواب المزار وما يناسبه ب ٤٤ ح ١.

١٩٤

وأن تركها ترك حق الله (١) تعالى (٢).

وأن تركها عقوق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣) ، وانتقاص في الإيمان والدين (٤).

وأنه حق على الغني زيارته في السنة مرّتين والفقير مرّة (٥).

وأن من أتى عليه حول ولم يأت قبره نقص من عمره حول (٦) ، وأنها تطيل العمر (٧).

وأن أيام زيارته لا تعدّ من الأجل (٨) ، وتفرّج الغم (٩) ، وتمحّص الذنوب ولكل خطوة حج مبرور له (١٠).

وبزيارته أجر عتق ألف نسمة وحمل على ألف فرس في سبيل الله ورسوله (١١). وله بكل درهم أنفقه عشرة آلاف درهم (١٢).

__________________

(١) في « ح » و « ك‍ » : الله.

(٢) التهذيب ٦ : ٤٢ / ٨٧ ، الوسائل ١٤ : ٤٢٨ أبواب المزار وما يناسبه ب ٤٤ ح ١.

(٣) التهذيب ٦ : ٤٥ / ٩٦ ، الوسائل ١٤ : ٤٢٩ أبواب المزار وما يناسبه ب ٣٨ ح ٢.

(٤) كامل الزيارات : ١٩٣ ، الوسائل ١٤ : ٤٣١ أبواب المزار وما يناسبه ب ٣٨ ح ١.

(٥) التهذيب ٦ : ٤٢ / ٨٨ ، الوسائل ١٤ : ٤٣٧ أبواب المزار وما يناسبه ب ٤٠ ح ١.

(٦) التهذيب ٦ : ٤٣ / ٩١ ، كامل الزيارات : ١٥١ ، الوسائل ١٤ : ٤٣٠ أبواب المزار وما يناسبه ب ٣٨ ح ٤.

(٧) التهذيب ٦ : ٤٢ / ٨٦ ، الوسائل ١٤ : ٤١٣ أبواب المزار وما يناسبه ب ٣٧ ح ٨.

(٨) التهذيب ٦ : ٤٣ / ٩٠ ، كامل الزيارات : ١٣٦ ، الوسائل ١٤ : ٤١٤ أبواب المزار وما يناسبه ب ٣٧ ح ٩.

(٩) فرحة الغري : ١٠٤ ، الوسائل ١٤ : ٣٨١ أبواب المزار وما يناسبه ب ٢٥ ح ٢.

(١٠) التهذيب ٦ : ٤٤ / ٩٣ ، المقنعة : ٤٦٨ ، الوسائل ١٤ : ٤٤٦ أبواب المزار وما يناسبه ب ٤٥ ح ٢.

(١١) الكافي ٤ : ٥٨١ / ٥ ، التهذيب ٦ : ٤٤ / ٩٤ ، كامل الزيارات : ١٦٤ ، الوسائل ١٤ : ٤٥٥ أبواب المزار وما يناسبه ب ٤٦ ح ١.

(١٢) كامل الزيارات : ١٢٧ ١٢٨ ، الوسائل ١٤ : ٤٨١ أبواب المزار وما يناسبه ب ٥٨ ح ٢.

١٩٥

ومن أتى بقبره عارفاً بحقه غفر الله تعالى ما تقدم من ذنوبه وما تأخر (١).

وأن زيارته خير من عشرين حجة (٢).

وأن زيارته يوم عرفة مع المعرفة بحقه ألف حجة وألف عمرة متقبّلات وألف غزوة مع نبي أو وصي (٣) ، وزيارته أول رجب مغفرة الذنوب البتة (٤) ، ونصف شعبان يصافحه مائة ألف نبي وعشرون ألف نبي (٥) ، وليلة القدر مغفرة الذنوب (٦).

وأن لمن جمع في سنة واحدة بين زيارته ليلة عرفة والفطر وليلة النصف من شعبان ثواب ألف حجة مبرورة وألف عمرة متقبلة وقضاء ألف حاجة في الدنيا والآخرة (٧).

ومن زاره يوم عاشوراء عارفاً بحقه كمن زار الله تعالى فوق عرشه (٨).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٥٨٢ / ١٠ ، الوسائل ١٤ : ٤١١ أبواب المزار وما يناسبه ب ٣٧ ح ٦.

(٢) الكافي ٤ : ٥٨٠ / ٢ ، التهذيب ٦ : ٤٧ / ١٠٢ ، كامل الزيارات : ١٦١ ، الوسائل ١٤ : ٤٤٦ أبواب المزار وما يناسبه ب ٤٥ ح ٣.

(٣) كامل الزيارات : ١٦٩ ، أمالي الطوسي : ٢٠٤ ، الوسائل ١٤ : ٤٥٩ أبواب المزار وما يناسبه ب ٤٩ ح ١ ، في « ح » و « ق » : ألف ألف حجة وألف ألف عمرة.

(٤) التهذيب ٦ : ٤٨ / ١٠٧ ، مصباح المتهجد : ٧٣٧ ، الوسائل ١٤ : ٤٦٥ أبواب المزار وما يناسبه ب ٥٠ ح ١.

(٥) التهذيب ٦ : ٤٨ / ١٠٩ ، كامل الزيارات : ١٧٩ ، الوسائل ١٤ : ٤٦٧ أبواب المزار وما يناسبه ب ٥١ ح ١.

(٦) التهذيب ٦ : ٤٩ / ١١١ ، كامل الزيارات : ١٨٤ ، الوسائل ١٤ : ٤٧٢ أبواب المزار وما يناسبه ب ٥٣ ح ١.

(٧) التهذيب ٦ : ٥١ / ١١٩ ، كامل الزيارات : ١٨٠ ، الوسائل ١٤ : ٤٧٥ أبواب المزار وما يناسبه ب ٥٤ ح ٢.

(٨) كامل الزيارات : ١٧٤ ، الوسائل ١٤ : ٤٦٩ أبواب المزار وما يناسبه ب ٥١ ح ٥.

١٩٦

ومن بعد عنه وصعد على سطحه ثم رفع رأسه إلى السماء ثم توجّه إلى قبره وقال : السلام عليك يا أبا عبد الله ، السلام عليك ورحمة الله وبركاته ، كتب له زورة ، والزورة حجة وعمرة (١).

ولو فعل ذلك كل يوم خمس مرات كتب الله تعالى له ذلك.

وكذلك زيارة الرضا عليه‌السلام فقد ورد أنها كسبعين ألف حجة (٢).

وسئل الجواد عليه‌السلام : أزيارة الرضا عليه‌السلام أفضل أم زيارة الحسين عليه‌السلام؟

قال : « زيارة أبي أفضل ، لأنه لا يزوره إلاّ الخواص من شيعته » (٣).

وعنه عليه‌السلام إن أفضله رجب (٤).

وعنه عليه‌السلام إنها تعدل ألف ألف حجة لمن يزوره عارفاً بحقه (٥).

وعن الرضا عليه‌السلام : « من زارني على بعد داري ومزاري أتيته يوم القيامة في ثلاثة مواطن حتى أُخلّصه من أهوالها : إذا تطايرت الكتب يميناً وشمالاً ، وعند الصراط ، وعند الميزان » (٦).

( والصلاة ) في مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخصوصاً ( بين القبر ) الشريف ( والمنبر وهو الروضة ) لأنها أشرف بقاع المسجد.

وفي جملة من المعتبرة وفيها الصحيح وغيرها أنها روضة من‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٥٨٩ / ٨ ، التهذيب ٦ : ١١٦ / ٢٠٥ ، كامل الزيارات : ٢٨٧ ، الوسائل ١٤ : ٤٩٣ أبواب المزار وما يناسبه ب ٦٣ ح ٢.

(٢) الكافي ٤ : ٥٨٥ / ٤ ، الوسائل ١٤ : ٥٦٥ أبواب المزار وما يناسبه ب ٨٧ ح ١.

(٣) الكافي ٤ : ٥٨٤ / ١ ، الفقيه ٢ : ٣٤٨ / ١٥٩٨ ، التهذيب ٦ : ٨٤ / ١٦٥ ، كامل الزيارات : ٣٠٦ ، الوسائل ١٤ : ٥٦٢ أبواب المزار وما يناسبه ب ٨٥ ح ١.

(٤) الكافي ٤ : ٥٨٢ / ٢ ، التهذيب ٦ : ٨٤ / ١٦٦ ، كامل الزيارات : ٣٠٥ ، الوسائل ١٤ : ٥٦٥ أبواب المزار وما يناسبه ب ٨٧ ح ٢.

(٥) الفقيه ٢ : ٣٤٩ / ١٥٩٩ ، التهذيب ٦ : ٨٥ / ١٦٨ ، الوسائل ١٤ : ٥٦٦ أبواب المزار وما يناسبه ب ٨٧ ح ٣.

(٦) الفقيه ٢ : ٣٥ / ١٦٠٦ ، التهذيب ٦ : ٨٥ / ١٦٩ ، كامل الزيارات : ٣٠٤ ، الوسائل ١٤ : ٥٥١ أبواب المزار وما يناسبه ب ٨٢ ح ٢.

١٩٧

رياض الجنة (١) ؛ ولعلّها كافية في استحباب الصلاة فيها بخصوصها وإن لم نقف فيه على رواية بخصوصها.

( وأن يصام بها ) أي بالمدينة ( الأربعاء ويومان بعده ) يعني الخميس والجمعة ( للحاجة ) والاعتكاف فيها بالمسجد.

( وأن يصلّى ليلة الأربعاء عند أُسطوانة أبي لُبابة ) وهي أُسطوانة التوبة ، قيل : وهي الرابعة من المنبر في المشرق على ما في خلاصة الوفاء ، والقعود عندها يومه (٢).

( و ) الصلاة ( ليلة الخميس عند الأُسطوانة التي تلي مقام الرسول ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )) أي المحراب ، والكون عندها يومه.

( والصلاة في المساجد ) التي بها ، كمسجد الأحزاب وهو مسجد الفتح ، ومسجد الفضيخ ، ومشربة أُم إبراهيم.

( وإتيان قبور الشهداء ) بأُحد ( خصوصاً قبر حمزة ).

كلّ ذلك للصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة :

ففي الصحيح : « إذا فرغت من الدعاء عند قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فائت المنبر ، فامسحه بيدك وخذ برمّانتيه وهما السفلا وإن وامسح عينيك ووجهك به فإنه يقال : إنه شفاء للعين ، وقم عنده فاحمد الله تعالى وأثن عليه وسل حاجتك ، فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على ترعة من ترع الجنة والترعة هي الباب الصغيرة ثم تأتي مقام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتصلّي فيه ما بدا لك ، فإذا دخلت المسجد فصلِّ على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإذا خرجت فاصنع مثل ذلك ، وأكثر من الصلاة في‌

__________________

(١) الوسائل ١٤ : ٣٤٤ أبواب المزار وما يناسبه ب ٧.

(٢) كشف اللثام ١ : ٣٨٢.

١٩٨

مسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » (١).

وفيه : « إن كان لك مقام بالمدينة ثلاثة أيام صمت أول يوم الأربعاء ، وتصلّي ليلة الأربعاء عند أُسطوانة أبي لُبابة ، وهي أُسطوانة التوبة التي ربط فيها نفسه حتى نزل عذره من السماء ، وتقعد عندها يوم الأربعاء ، ثم تأتي ليلة الخميس التي تليها ممّا يلي مقام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليلتك ويومك وتصوم يوم الخميس ، ثم تأتي الأُسطوانة التي تلي مقام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومصلاّه ليلة الجمعة فتصلّي عندها ليلتك ويومك وتصوم يوم الجمعة ، فإن استطعت أن لا تتكلم بشي‌ء في هذه الأيام فافعل إلاّ ما لا بدّ لك منه ، ولا تخرج من المسجد إلاّ لحاجة ، ولا تنام في ليل ولا في نهار فافعل ، فإنّ ذلك ممّا يعدّ فيه الفضل ، ثم احمد الله تعالى في يوم الجمعة وأثن عليه وصلِّ على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسل حاجتك ، وليكن فيما تقول : اللهم ما كانت لي إليك من حاجة ، شرعت أنا في طلبها والتماسها أو لم أشرع ، سألتكها أو لم أسألكها ، فإني أتوجه إليك بنبيك محمّد نبي الرحمة في قضاء حوائجي ، صغيرها وكبيرها ، فإنك حريّ أن تقضى حاجتك إن شاء الله » (٢).

وفي الصحيح : « صم الأربعاء والخميس والجمعة ، وصلِّ ليلة الأربعاء ويوم الأربعاء عند الأُسطوانة التي تلي رأس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وليلة الخميس ويوم الخميس عند أُسطوانة أبي لُبابة ، وليلة الجمعة ويوم الجمعة عند الأُسطوانة التي تلي مقام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وادع [ ب ] هذا الدعاء لحاجتك ، وهو : اللهم إني بعزتك وقوتك وقدرتك وجميع ما أحاط به علمك أن‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٥٥٣ / ١ ، الفقيه ٢ : ٣٣٩ ٣٤١ ، التهذيب ٦ : ٧ / ١٢ ، الوسائل ١٤ : ٣٤٤ أبواب المزار وما يناسبه ب ٧ ح ١.

(٢) التهذيب ٦ : ١٦ / ٣٥ ، الوسائل ١٤ : ٣٥٠ أبواب المزار وما يناسبه ب ١١ ح ١.

١٩٩

تصلّي على محمد وآل محمّد (١) وأن تفعل بي كذا وكذا » (٢).

ونحوه آخر ، إلاّ أنه ليس فيه ذكر الليل ولا هذا الدعاء ، وفيه الصلاة يوم الجمعة عند مقام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مقابل الأُسطوانة الكثيرة الخلوق ، والدعاء عندهنّ جميعاً لكلّ حاجة (٣).

وفيهما مخالفة لما سبقهما في الصلاة عند أُسطوانة أبي لبابة ، ففيهما أنها في ليلة الخميس ، وفيما سبقهما أنها ليلة الأربعاء ، وللتخيير وجه ، إلاّ أن الأشهر الثاني ، والأخذ به أحوط.

وفيه : « لا تدع إتيان المشاهد كلّها : مسجد قُباء فإنه المسجد الذي أُسّس على التقوى من أول يوم ، ومشربة أُم إبراهيم ، ومسجد الفضيخ ، وقبور الشهداء ، ومسجد الأحزاب وهو مسجد الفتح » قال : « وبلغنا أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إذا أتى قبور الشهداء قال : السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ، وليكن فيما تقول عند مسجد الفتح : يا صريخ المكروبين ويا مجيب دعوة المضطرين ، اكشف همّي وغمي وكربي كما كشفت عن نبيّك همّه وغمّه وكربه وكفيته هول عدّوه في هذا المكان » (٤).

__________________

(١) في « ح » و « ك‍ » زيادة : وعلى أهل بيته. وفي « ق » : أن تصلي على محمد وأهل بيته.

(٢) الكافي ٤ : ٥٥٨ / ٥ ، الوسائل ١٤ : ٣٥١ أبواب المزار وما يناسب به ب ١١ ح ٤.

(٣) الكافي ٤ : ٥٥٨ / ٤ ، الوسائل ١٤ : ٣٥١ أبواب المزار وما يناسبه ب ١١ ح ٣.

(٤) الكافي ٤ : ٥٦٠ / ١ ، الفقيه ٢ : ٣٤٣ بتفاوت يسير ، التهذيب ٦ : ١٧ / ٣٨ ، الوسائل ١٤ : ٣٥٢ أبواب المزار وما يناسبه ب ١٢ ح ١.

٢٠٠