رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٧

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٧

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-109-5
الصفحات: ٤٨٤

في قدرتها على الإتيان بطواف النساء بعد الوقوفين ولو بالاستعداء على الجمّال ورفقتها ؛ مع أن ما فيه من إطلاق الاستعداء عليهم مخالف للأُصول والصحيح الوارد في مثل القضية المتضمن لقوله عليه‌السلام : « تمضي وقد تمّ حجّها » (١) بعد أن سئل عن التي لم تطف طواف النساء ولا يقيم عليها جمّالها ، حيث لم يأمرها بالاستعداء ، بل أمرها بالمضي معهم وقد حكم بأنها تمّ حجّها.

فلم يبق للحلّي دليل على قوله ، سوى ما قيل من الأصل ، واتّساع وقته ، والرخصة في الاستنابة فيه (٢).

والأصل عندنا مخصَّص بما مرّ ، واتّساع الوقت مخالف للفرض ، والرخصة إنما هي في صورة النسيان خاصة ، وإلحاق الضرورة به قياس فاسد في الشريعة.

( ويجوز للقارن والمفرد تقديم الطواف اختياراً ) طواف الحج وسعيه على الوقوفين بلا خلاف ، إلاّ من الحلّي (٣). وهو نادر ، بل على خلافه الإجماع في صريح الغنية (٤) ، وظاهر المعتبر وغيره (٥) ، وعن الشيخ (٦) ؛ وهو الحجّة.

مضافاً إلى الصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة ، منها زيادةً على الأخبار الصحيحة الواردة بذلك في حجة الوداع (٧) الصحيح : عن‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٥١ / ٥ ، الفقيه ٢ : ٢٤٥ / ١١٧٦ ، الوسائل ١٣ : ٤٥٢ أبواب الطواف ب ٨٤ ح ١٣.

(٢) كشف اللثام ١ : ٣٤٤.

(٣) السرائر ١ : ٥٧٥.

(٤) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٨.

(٥) المعتبر ٢ : ٧٩٣ ؛ وانظر المفاتيح ١ : ٣٦٦.

(٦) الخلاف ٢ : ٣٥٠.

(٧) انظر الوسائل ١١ : ٢١٣ أبواب أقسام الحج ب ٢ الأحاديث ٤ ، ١٤ ، ١٥ ، ٣٢ ، ٣٣.

١٠١

مفرد الحج يقدّم طوافه أو يؤخّره؟ فقال : « هو والله سواء ، عجّله أو أخّره » (١) ونحوه أخبار أُخر موثقة.

واعترض الفاضلان في المعتبر والمنتهى والمختلف (٢) على هذه الأخبار الأخيرة باحتمال إرادة التعجيل بعد مناسك منى قبل انقضاء أيام التشريق وبعده.

وأجابا بجملة من الأخبار الغير المحتملة لذلك ، منها : زيادةً على الموثقة الآتية قريباً « إن كنت أحرمت بالمتعة فقدمت يوم التروية ، فلا متعة لك فاجعلها حجة مفردة تطوف بالبيت وتسعى بين الصفا والمروة ثم تخرج إلى منى ولا هدي عليك » (٣).

ونحوها أخبار حجة الوداع ، فإنها صريحة في ذلك.

وظاهرها عدم الكراهة أيضاً ، كما هو ظاهر العبارة.

خلافاً للفاضلين في الشرائع والقواعد (٤) ، فحكما بها.

ولعلّها إما للشبهة الناشئة من خلاف الحلّي.

ولكنه ضعيف في الغاية فلا يصلح لمعارضة أخبار حجة الوداع التي عليها بناء المناسك ، وفيها قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « خذوا عني مناسككم » (٥) المؤيدة بظاهر الأخبار المتقدمة المصرِّحة بالتسوية.

أو للموثق : عن مفرد الحج يقدّم طوافه أو يؤخّره؟ قال : « يقدّمه » ‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٥٩ / ٢ ، التهذيب ٥ : ١٣٢ / ٤٣٤ ، الوسائل ١١ : ٢٨٢ أبواب أقسام الحج ب ١٤ ح ١.

(٢) المعتبر ٢ : ٧٩٤ ، المنتهى ٢ : ٧٠٩ ، المختلف : ٢٩٢.

(٣) لم نعثر عليه فيما تتبعناه من كتب الأخبار ، وأورده المحقق في المعتبر ٢ : ٧٩٤.

(٤) الشرائع ١ : ٢٧١ ، القواعد ١ : ٨٤.

(٥) عوالي اللئلئ ٤ : ٣٤ / ١١٨ ، المستدرك ٩ : ٤٢٠ أبواب الطواف ب ٤ ح ٤.

١٠٢

فقال رجل إلى جنبه : لكن شيخي لم يفعل ذلك ، كان إذا قدم أقام بفَخّ حتى إذا رجع الناس إلى منى راح معهم ، فقلت له : من شيخك؟ فقال : علي بن الحسين عليهما‌السلام ، فسألت عن الرجل فإذا هو أخو علي بن الحسين عليهما‌السلام لُامّه (١).

والاحتجاج به مع قصور السند والمكافأة لما مرّ على عدم الكراهية أوجه منه على الكراهية وحيث يقدّمان يجدّدان التلبية عقيب صلاة كل طواف ، كما مرّ في صدر الكتاب في بيان أنواع الحج.

( ولا يجوز تقديم طواف النساء على الوقوفين لمتمتع ولا غيره ) اختياراً بلا خلاف ؛ للأصل ، وللموثق كالصحيح بل الصحيح كما قيل (٢) ـ : عن المفرد بالحج إذا طاف بالبيت والصفا والمروة ، أيعجّل طواف النساء؟

قال : « لا ، إنما طواف النساء؟ قال : « لا ، إنما طواف النساء بعد أن يأتي منى » (٣).

وهو وإن اختص بالمفرد إلاّ أن قوله « إنما » يعمّه والآخَرَين ، مضافاً إلى عدم القائل بالفرق.

( ويجوز ) تقديمه عليهما ( مع الضرورة والخوف من ) نحو ( الحيض ) على الأشهر الأظهر كما مرّ.

( ولا ) يجوز لمتمتع ولا غيره أن ( يقدّم ) طواف النساء ( على السعي ) لتأخّره عنه بأصل الشرع بالنص والإجماع.

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٥٩ / ٣ ، التهذيب ٥ : ٤٥ / ١٣٦ ، الوسائل ١١ : ٢٨٣ أبواب أقسام الحج ب ١٤ ح ٣.

(٢) مجمع الفائدة ٧ : ١٤٢.

(٣) الكافي ٤ : ٤٥٧ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٣٢ / ٤٣٥ ، الإستبصار ٢ : ٢٣٠ / ٧٩٧ ، الوسائل ١١ : ٢٨٣ أبواب أقسام الحج ب ١٤ ح ٤.

١٠٣

ففي المرسل : متمتع زار البيت وطاف طواف الحج ثم طاف طواف النساء ثم سعى ، قال : « لا يكون السعي إلاّ من قبل طواف النساء » فقلت : أفعليه شي‌ء؟ فقال : « لا يكون السعي إلاّ قبل طواف النساء » (١).

( ولو قدّمه عليه ساهياً ) أو ناسياً ( لم يُعد ) وأجزأه ؛ للموثق : عن رجل طاف طواف الحج وطواف النساء قبل أن يسعى بين الصفا والمروة ، قال : « لا يصرّه ، يطوف بين الصفا والمروة وقد فرغ من حجه » (٢).

ونفي الضرر على الإطلاق مع السكوت من الأمر بالإعادة مع كون المقام مقام الحاجة ظاهر في الإجزاء ، مضافاً إلى فهم الأصحاب.

وهو وإن عمّ العالم والجاهل ، لكنهما خارجان :

أمّا الأول فلأنه لا يتصور منه التعبّد والتقرّب به.

وأمّا الجاهل فلأنه في حكمه عند أكثر الأصحاب.

مضافاً إلى الأصل وعموم النص المتقدم لهما ، بل وللساهي أيضاً ، لكنه خرج بالنص والإجماع ظاهراً فيبقيان.

فلا يجزئ التقدّم فيهما إلاّ مع الضرورة كالمرض وخوف الحيض ، فيجزئ حينئذ ، كما في كلام جماعة (٣) ؛ لإطلاق الموثق ، مضافاً إلى انتفاء العسر والحرج ، المؤيد بجواز تقديمه على الموقفين.

قيل : ويحتمل العدم ؛ لأُصول عدم الإجزاء مع مخالفته الترتيب ،

__________________

(١) الكافي ٤ : ٥١٢ / ٥ ، التهذيب ٥ : ١٣٣ / ٤٣٨ ، الإستبصار ٢ : ٢٣١ / ٧٩٩ ، الوسائل ١٣ : ٤١٧ أبواب الطواف ب ٦٥ ح ١.

(٢) الكافي ٤ : ٥١٤ / ٧ ، الفقيه ٢ : ٢٤٤ / ١١٦٦ ، التهذيب ٥ : ١٣٣ / ٤٣٩ ، الإستبصار ٢ : ٢٣١ / ٨٠٠ ، الوسائل ١٣ : ٤١٨ أبواب الطواف ب ٦٥ ح ٢.

(٣) منهم : المحقق في الشرائع ١ : ٢٧١ ، وصاحب المدارك ٨ : ١٩١ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ١ : ٣٦٧.

١٠٤

وبقائه على الذمة ، وبقائهنّ على الحرمة ؛ واندفاع الحرج بالاستنابة ، وسكوت أكثر الأصحاب عنه (١).

وفيه نظر ، سيّما وقد قال جماعة : إنّ جواز التقديم مع النسيان والضرورة مقطوع به في كلام الأصحاب (٢) ، مشعرين بدعوى الإجماع.

وربما أُيّد بفحوى الصحيح الوارد في التي لم تطف طواف النساء ويأبى الجمّال أن يقيم عليها (٣) ، الدالّ على أنها تمضي وقد تمّ حجها ، فإنه إذا جاز ترك الطواف من أصله فتقديمه أولى. وفيه نظر جدّاً.

( السادس : قيل ) في النهاية ( لا يجوز الطواف وعليه بُرْطُلة ) (٤) بضمّ الموحّدة والطاء المهملة ، وسكون الراء المهملة بينهما ، ولام خفيفة أو شديدة.

وفسّرها جماعة (٥) بأنها قلنسوة طويلة كانت تلبس قديماً.

للخبر : « لا تطوفنّ بالبيت وعليك برطلة » (٦) .

__________________

(١) كشف اللثام ١ : ٣٤٤.

(٢) منهم : صاحب المدارك ٨ : ١٩١ ، والسبزواري في الذخيرة : ٦٤٢.

(٣) تقدّم مصدره في ص ٣١٩٩.

(٤) النهاية : ٢٤٢.

(٥) منهم الشهيد الثاني في المسالك ١ : ١٢٤ ، صاحب المدارك ٨ : ١٩٢ ، السبزواري في الذخيرة : ٤٦٢.

(٦) الكافي ٤ : ٤٢٧ / ٤ ، التهذيب ٥ : ١٣٤ / ٤٤٢ ، الوسائل ١٣ : ٤٢٠ أبواب الطواف ب ٦٧ ح ١.

١٠٥

وفي آخر : « لا تلبسها حول الكعبة فإنّها من زيّ اليهود » (١).

والتعليل فيه ظاهر في الكراهة ، ولذا استدل به عليها في التنقيح (٢).

وربما استدل به على التحريم. وهو ضعيف ، سيّما مع ضعف السند ، فلا يخصّص الأصل ؛ ( و ) لذا كانت ( الكراهية أشبه ) لكن لا مطلقاً كما في التهذيب (٣) بل ( ما لم يكن الستر ) على الطائف المزبور ( محرّماً ) كما إذا كان في طواف الحج بعد الوقوفين. وأما إذا كان محرّماً كما إذا كان في طوافه قبل الوقوفين ، أو في طواف العمرة مطلقاً فيحرم قطعاً ، كما عليه الحلّي وأكثر المتأخرين عنه (٤).

والحقّ الكراهة مطلقاً ؛ لخصوصية اللباس في الطواف. ولا ينافيه عروض التحريم أحياناً ؛ وذلك لظهور الخصوصية من الفتوى والرواية ، وإلاّ فالتحريم مع الستر حيث يحرم لا خصوصية له بالبرطلة ، بل يظهر من الرواية الأخيرة أن الكراهية من حيث اللبس حول الكعبة ، سواء كان هناك أم لا ، بل وربما أشعر التعليل فيها بأنها من حيث اللبس خاصة كما قيل (٥) ، للصحيح : إنه كره لبس البرطلة (٦).

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٥٥ / ١٢٣٥ ، التهذيب ٥ : ١٣٤ / ٤٤٣ ، الوسائل ١٣ : ٤٢٠ أبواب الطواف ب ٦٧ ح ٢.

(٢) التنقيح الرائع ١ : ٥١٢.

(٣) التهذيب ٥ : ١٣٤.

(٤) الحلي في السرائر ١ : ٥٧٦ ؛ وانظر المنتهى ٢ : ٧٠٢ ، والمسالك ١ : ١٢٤.

(٥) الحدائق ١٦ : ٢٤٣.

(٦) الكافي ٦ : ٤٧٩ / ٥ ، الوسائل ٥ : ٥٨ أبواب أحكام لباس المصلي ب ٣١ ح ١.

١٠٦

ولكن يستفاد من الرواية الأُولى وفتوى الأصحاب أن للطواف بها خصوصية في الكراهية ، والجمع بينها وبين الصحيح يقتضي حمل الرواية على تأكد الكراهة وعلى الأقوال فحيث طاف معها كان طوافه صحيحاً.

أما عندنا فواضح ، وأما عند المحرِّم فقيل : لتعلّق النهي بالخارج (١).

وفيه نظر ؛ لتصريح الرواية الأُولى بالنهي عن نفس الطواف ، فيكون البطلان موجهاً.

( السابع : كلّ محرم يلزمه طواف النساء ، رجلاً كان أو امرأة أو صبيّاً أو خصيّاً ) في حج كان بجميع أنواعه أو عمرة بأنواعها. ( إلاّ في العمرة المتمتع بها ).

أما وجوبه في الحج بأنواعه فمجمع عليه عندنا على الظاهر ، المصرَّح به في كلام جماعة مستفيضاً ، كالغنية والتذكرة والمنتهى وغيرها (٢) ، والصحاح به مع ذلك مستفيضة كغيرها :

ففي الصحيح : « على المتمتع بالعمرة إلى الحج ثلاثة أطواف بالبيت ، ويصلّي لكل طواف ركعتين ، وسعيان بين الصفا والمروة » (٣).

وفيه : « لا يكون القارن إلاّ بسياق الهدي ، وعليه طوافان بالبيت وسعي بين الصفا والمروة كما يفعل المفرد ، وليس بأفضل من المفرد إلاّ بسياق الهدي » (٤).

__________________

(١) انظر المدارك ٨ : ١٩٣.

(٢) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٧ ، التذكرة ١ : ٣٩١ ، المنتهى ٢ : ٧٦٨ ؛ وانظر مفاتيح الشرائع ١ : ٣٦٤.

(٣) الكافي ٤ : ٢٩٥ / ٣ ، التهذيب ٥ : ٣٦ / ١٠٦ ، الوسائل ١١ : ٢٢٠ أبواب أقسام الحج ب ٢ ح ٩.

(٤) الكافي ٤ : ٢٩٥ / ١ ، التهذيب ٥ : ٤٢ / ١٢٣ ، الوسائل ١١ : ٢٢٠ أبواب أقسام الحج ب ٢ ح ١٠.

١٠٧

وأما وجوبه في العمرة المبتولة مطلقاً فهو الأظهر الأشهر ، بل كاد أن يكون إجماعاً ، بل عليه إجماعنا في الغنية وعن التذكرة والمنتهى (١) ، والمعتبرة به مع ذلك مستفيضة أيضاً :

ففي الصحيح : عن العمرة هل على صاحبها طواف النساء؟ وعن التي يتمتع بها إلى الحج؟ فكتب : أما العمرة المبتولة فعلى صاحبها طواف النساء ، وأما التي يتمتع بها إلى الحج فليس على صاحبها طواف النساء » (٢).

وفيه : عن العمرة المفردة ، على صاحبها طواف النساء؟ .. فجاء الجواب : « نعم وهو واجب لا بدّ منه » (٣).

ونحوه الخبر كالصحيح بابن أبي عمير الذي لا يروي إلاّ عن ثقة (٤) ، فلا يضرّ جهالة من بعده.

وفي المرسل : « المعتمر يطوف ويسعى ويحلق » قال : « ولا بدّ له بعد الحلق من طواف آخر » (٥) وهو يعمّ المفردة والمتمتّع بها ، والأخيرة خارجة بما سيأتي من الأدلّة ، والمبتولة ولا مخرج لها كما ستعرفه. وضعف السند فيه وقصوره في سابقه مجبور بالعمل.

خلافاً للمحكي في الدروس عن الجعفي ، فأسقطه هنا (٦) ؛ للأصل ،

__________________

(١) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٨٣ ، التذكرة ١ : ٣٩٢ ، المنتهى ٢ : ٧٦٨.

(٢) الكافي ٤ : ٥٣٨ / ٩ ، التهذيب ٥ : ٢٥٤ / ٨٦١ ، الإستبصار ٢ : ٢٣٢ / ٨٠٤ ، الوسائل ١٣ : ٤٤٢ أبواب الطواف ب ٨٢ ح ١.

(٣) التهذيب ٥ : ٤٣٩ / ١٥٢٤ ، الوسائل ١٣ : ٤٤٤ أبواب الطواف ب ٨٢ ح ٥.

(٤) الكافي ٤ : ٥٣٨ / ١٠٨ ، التهذيب ٥ : ٢٥٣ / ٨٥٨ ، الإستبصار ٢ : ٢٣١ / ٨٠١ ، الوسائل ١٣ : ٤٤٥ الطواف ب ٨٢ ح ٨.

(٥) الكافي ٤ : ٥٣٨ / ٧ ، التهذيب ٥ : ٢٥٤ / ٨٥٩ ، الإستبصار ٢ : ٢٣١ / ٨٠٢ ، الوسائل ١٣ : ٤٤٣ أبواب الطواف ب ٨٢ ح ٢.

(٦) الدروس ١ : ٣٢٩.

١٠٨

ويخصَّص بما مرّ.

وللصحيح : عن رجل تمتّع بالعمرة إلى الحج طاف وسعى وقصّر ، هل عليه طواف النساء؟ قال : « إنما طواف النساء بعد الرجوع [ من ] منى » (١).

وفيه : أنه يجوز أن يكون المراد : إنما طواف النساء عليه (٢) ، لا مطلقاً.

ولآخر : « إذا دخل المعتمر مكّة من غير تمتّع وطاف بالبيت وصلّى ركعتين عند مقام إبراهيم عليه‌السلام وسعى بين الصفا والمروة فيلحق بأهله إن شاء » (٣).

وفيه : أنه ليس نصّاً في وحدة الطواف ، فيحتمل إرادة طواف ما يجب عليه ، بل قيل : إنّ ظاهره ذلك (٤).

ولخبرين (٥) ضعف سندهما مع قصورهما عن المكافأة لما مضى من وجوه شتّى ، يمنع عن العمل بهما.

وأما عدم وجوبه في المتمتّع بها فبالأصل ، والإجماع الظاهر ، المصرّح به في بعض العبائر (٦) ، والصحاح المستفيضة المتقدم إلى جملة‌

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٢٥٤ / ٨٦٢ ، الإستبصار ٢ : ٢٣٢ / ٨٠٥ ، الوسائل ١٣ : ٤٤٤ أبواب الطواف ب ٨٢ ح ٦.

(٢) أي : على المتمتع المسئول عنه في الرواية ، فيكون الحصر إضافياً بالنسبة إليه.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٧٥ / ١٣٤٢ ، الوسائل ١٤ : ٣١٦ أبواب العمرة ب ٩ ح ٢.

(٤) كشف اللثام ١ : ٣٤٣.

(٥) الأول : التهذيب ٥ : ٢٥٤ / ٨٦٠ ، الإستبصار ٢ : ٢٣٢ / ٨٠٣ ، الوسائل ١٣ : ٤٤٥ أبواب الطواف ب ٨٢ ح ٩.

(٦) مفاتيح الشرائع ١ : ٣٦٤.

١٠٩

منها الإشارة.

وعن بعض الأصحاب وجوبه فيها (١) ؛ لإطلاق بعض ما مرّ من الصحاح ، ويقيّد بالمبتولة لما عرفته من الأدلّة ؛ وللخبر (٢) ، وفي سنده ضعف بالجهالة ، وفي متنه قصور في الدلالة ، ومع ذلك قاصر عن المقاومة لما عرفته من الأدلّة.

وأما عموم وجوبه لمن مرّ فللإجماع ، كما عن المنتهى والتذكرة (٣).

والصحيح : عن الخصيان والمرأة الكبيرة ، أعليهم طواف النساء؟

قال : « نعم عليهم الطواف كلّهم » (٤).

وفي الموثّق : « لولا ما منّ الله تعالى به على الناس من طواف الوداع لرجعوا إلى منازلهم ولا ينبغي لهم أن تمسّوا نساءهم ، يعني لا تحلّ لهم النساء حتى يرجع فيطوف بالبيت أُسبوعاً آخر بعد ما يسعى بين الصفا والمروة ، وذلك على النساء والرجال واجب » (٥).

قال الشهيد رحمه‌الله : وليس طواف النساء مخصوصاً بمن يغشى النساء إجماعاً ، فيجب على الخصيّ والمرأة والهِمّ ، وعلى من لا إربه له في النساء (٦).

__________________

(١) انظر الدروس ١ : ٣٢٩.

(٢) التهذيب ٥ : ١٦٢ / ٥٤٤ ، الإستبصار ٢ : ٢٤٤ / ٨٥٣ ، الوسائل ١٣ : ٤٤٤ أبواب الطواف ب ٨٢ ح ٧.

(٣) المنتهى ٢ : ٧٦٨ ، التذكرة ١ : ٣٩١.

(٤) الكافي ٤ : ٥١٣ / ٤ ، التهذيب ٥ : ٢٥٥ / ٨٦٤ ، الوسائل ١٣ : ٢٩٨ أبواب الطواف ب ٢ ح ١.

(٥) التهذيب ٥ : ٢٥٣ / ٨٥٦ ، الوسائل ١٣ : ٢٩٩ أبواب الطواف ب ٢ ح ٣.

(٦) انظر الدروس ١ : ٤٥٧.

١١٠

وقيل : إن وجوبه غير معلّل بإمكان الاستمتاع ، ولذا يجب قضاؤه عن الميّت كما مرّ (١).

والمراد بالخصيّ : ما يعمّ المجبوب ، بل المقصود أوّلاً من عبارات الأصحاب والسائل في الصحيح المتقدم هو الذي لا يتمكن من الوطء.

وبوجوبه على الصبي : أن على الوليّ أمر المميّز به ، والطواف بغير المميّز ، فإن لم يفعلوه حَرٌ من عليهم إذا بلغوا حتى يفعلوه أو يستنيبوا فيه ، استصحاباً لحرمتهن المستفادة من عموم نحو قوله تعالى ( فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ ) الآية (٢).

( الثامن : لو نذر ) أحد ( أن يطوف على أربع ، قيل ) كما في النهاية واللمعة وعن المبسوط والتهذيب والمهذّب والجامع (٣) ( يجب عليه طوافان ) على النهج المعهود ، طواف ليديه ، وطواف لرجليه ( وروى ذلك في ) خبرين (٤) أحدهما القوي بالسكوني وصاحبه ، لكن موردهما ( امرأة نذرت ) ذلك خاصة.

( وقيل ) في السرائر (٥) ( لا ينعقد ) هذا النذر ( لأنه لا يتعبّد بصورة النذر ) إجماعاً ، وإيجاب ما في الخبرين بدله يحتاج إلى دلالة هي‌

__________________

(١) كشف اللثام ١ : ٣٤٣.

(٢) البقرة : ١٩٧.

(٣) النهاية : ٢٤٢ ، اللمعة ( الروضة البهية ٢ ) : ٢٥٩ ، المبسوط ١ : ٣٦٠ ، التهذيب ٥ : ١٣٥ ، المهذب ١ : ٢٣١ ، الجامع للشرائع : ٢٠٠.

(٤) الأول : الكافي ٤ : ٤٣٠ / ١٨ ، الفقيه ٢ : ٣٠٨ / ١٣٥١ ، التهذيب ٥ : ١٣٥ / ٤٤٦ ، الوسائل ١٣ : ٤٢١ أبواب الطواف ب ٧٠ ح ١.

الثاني : الكافي ٤ : ٤٢٩ / ١١ ، التهذيب ٥ : ١٣٥ / ٤٤٧ ، الوسائل ١٣ : ٤٢٢ أبواب الطواف ب ٧٠ ح ٢.

(٥) السرائر ١ : ٥٧٦.

١١١

في المقام مفقودة ، إذ ليس إلاّ الخبرين ، وفي الاعتماد عليهما في تخصيص الأصل مناقشة ، لقصورهما عن الصحة.

ومع ذلك فهما مختصّان بالمرأة ، فالتعدية إلى الرجل تحتاج إلى دلالة هي في المقام مفقودة ، ولا إجماع مركّباً في المسألة ، فقد حكي القول بالتفصيل بينهما ، فالقول الثاني في الرجل والأول في المرأة (١).

وهو أحوط ؛ لاعتبار أحد الخبرين بالقوة ، واعتضاده مع ذلك بالموافقة للخبر الآخر والشهرة المحكيّة في الروضة (٢).

وأحوط منه القول الأول وإن كان الثاني لعلّه أظهر وبين المتأخرين أشهر.

وعليه فهل الباطل الهيئة خاصة كما عن المنتهى (٣) فيجب عليه طواف واحد ، إلاّ أن ينوي عند النذر أن لا يطوف إلاّ على هذه الهيئة رأساً ؛ أو الطواف رأساً؟ وجهان ، والأول أحوط وإن كان في تعيّنه نظر.

__________________

(١) كما حكاه الشهيد الثاني في الروضة ٢ : ٢٥٩.

(٢) الروضة ٢ : ٢٥٩.

(٣) المنتهى ٢ : ٧٠٣.

١١٢

( القول في السعي )

( والنظر في مقدمته ، وكيفيته ، وأحكامه ) ‌

( أما المقدمة فمندوبات عشرة ) :

( الطهارة ) من الأحداث بلا خلاف ، إلاّ من العماني فأوجبها (١) ؛ للنهي عن السعي بدونها في الصحيح (٢) وغيره (٣).

وهو نادر ، بل على خلافه الإجماع على الظاهر ، المنقول عن ظاهر المنتهى (٤) ، حيث أسند الاستحباب إلى علمائنا ، مؤذناً بدعوى الإجماع عليه ؛ وهو الحجّة.

مضافاً إلى الأصل ، والصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة الصريحة في عدم الوجوب (٥) ، بها يحمل الخبران الأوّلان على الكراهة ، جمعاً بين الأدلّة.

ومن الأخباث ، كما في كلام جماعة (٦) ؛ ولم أقف لهم على رواية وحجّة ، عدا ما قيل من أنه للتعظيم (٧).

__________________

(١) حكاه عنه في المختلف : ٢٩٣.

(٢) التهذيب ٥ : ٣٩٤ / ١٣٧٣ ، الإستبصار ٢ : ٣١٤ / ١١١٤ ، الوسائل ١٣ : ٤٩٤ أبواب السعي ب ١٥ ح ٣.

(٣) الكافي ٤ : ٤٣٨ / ٣ ، التهذيب ٥ : ١٥٤ / ٥٠٨ ، الإستبصار ٢ : ٢٤١ / ٨٣٩ ، الوسائل ١٣ : ٤٩٥ أبواب السعي ب ١٥ ح ٧.

(٤) المنتهى ٢ : ٧٠٣.

(٥) الوسائل ١٣ : ٤٩٣ أبواب السعي ب ١٥.

(٦) منهم : الشهيد الأول في الدروس ١ : ٤٠٩ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ١ : ٣٧٤.

(٧) قال به الفيض الكاشاني في المفاتيح ١ : ٣٧٤.

١١٣

( واستلام الحجر ) وتقبيله مع الإمكان ، والإشارة إليه مع العدم إذا أراد الخروج للسعي.

( والشرب من زمزم ) بعد إتيانه.

( والاغتسال ) بل الصبّ على الرأس والجسد ( من الدلو المقابل للحجر إن أمكن ) وإلاّ فمن غيره ، والأفضل استقاؤه بنفسه ، ويقول عند الشرب والصبّ : « اللهم اجعله علماً نافعاً ورزقاً واسعاً وشفاءً من كلّ داء وسُقم » (١).

( والخروج ) للسعي ( من باب الصفا ) المقابل للحجر ، قيل : وهو الآن داخل في المسجد كباب بني شيبة ، إلاّ أنه مُعلَّم بأُسطوانتين فليخرج من بينهما (٢).

وفي الدروس : الظاهر استحباب الخروج من الباب الموازي لهما (٣).

على سكينة ووقار.

( وصعود الصفا ) إلى حيث يرى الكعبة من بابه.

قيل : ويكفي فيه الصعود على الدرجة الرابعة التي كانت تحت التراب وظهرت الآن حيث أزالوا التراب.

والوقوف عليه بقدر قراءة سورة البقرة بتأنٍّ.

( واستقبال ) الـ ( ركن ) العراقي الذي فيه ( الحجر ) والتحميد ( والتكبير والتهليل سبعاً ) والصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( والدعاء بالمأثور ).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٣٠ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٤٤ / ٤٧٦ ، الوسائل ١٣ : ٤٧٢ أبواب السعي ب ٢ ح ١.

(٢) الروضة ٢ : ٢٦٢.

(٣) الدروس ١ : ٤٠٩.

١١٤

كلّ ذلك بالإجماع ، والصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة :

ففي الصحيح : « إذا فرغت من الركعتين فأت الحجر الأسود فقبّله واستلمه [ أو ] أشر إليه فإنه لا بدّ منه » وقال : « إن قدرت أن تشرب من ماء زمزم قبل أن تخرج إلى الصفا فافعل » (١).

وفيه : « يستحب أن تستقي من ماء زمزم دلواً أو دلوين ونضبّ على رأسك وجسدك ، وليكن ذلك من الدلو الذي بحذاء الحجر » (٢).

وفيه : « ثم اخرج إلى الصفا من الباب الذي خرج منه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو الباب الذي يقابل الحجر الأسود حتى تقطع الوادي ، وعليك السكينة والوقار » (٣).

وفيه : « فاصعد على الصفا حتى تنظر إلى البيت وتستقبل الركن الذي فيه الحجر الأسود ، فاحمد الله تعالى وأثن عليه ، ثم اذكر من الآية وبلائه وحسن ما صنع إليك ما قدرت على ذكره ، ثم كبّر الله تعالى سبعاً ، وأحمده سبعاً ، وهلّله سبعاً ، وقل : لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت (٤) ، وهو حي لا يموت (٥) ، وهو على كلّ شي‌ء قدير ، ثلاث مرّات ، ثم صلِّ على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقل : الله أكبر ، الحمد لله على ما هدانا ، والحمد لله على ما أولانا ، والحمد لله الحي القيّوم ، والحمد لله‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٣٠ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٤٤ / ٤٧٦ ، الوسائل ١٣ : ٤٧٢ أبواب السعي ب ٢ ح ١ بدل ما بين المعقوفين في النسخ : وما أثبتناه من المصادر.

(٢) التهذيب ٥ : ١٤٥ / ٤٧٨ ، الوسائل ١٣ : ٤٧٤ أبواب السعي ب ٢ ح ٤.

(٣) الكافي ٤ : ٤٣١ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٤٥ / ٤٨١ ، الوسائل ١٣ : ٤٧٥ أبواب السعي ب ٣ ح ٢.

(٤) في « ح » و « ك‍ » زيادة : ويميت ويحيي.

(٥) في « ح » و « ك‍ » زيادة : بيده الخير.

١١٥

الحي الدائم ، ثلاث مرّات ، وقل : أشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله ، لا نعبد إلاّ إياه مخلصين له الدين ولو كره المشركون ، ثلاث مرّات ، اللهم إني أسألك العفو والعافية واليقين في الدنيا والآخرة ، ثلاث مرّات ، اللهم ( آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النّارِ ) ، ثلاث مرّات ، ثم كبّر الله مائة مرّة ، وهلّل الله مائة مرّة ، واحمد الله مائة مرّة ، وتسبّح مائة مرّة وتقول : لا إله إلاّ الله وحده ، أنجز وعده ، ونَصَر عبده ، وغلب الأحزاب وحده ، فله الملك وله الحمد ، وحده وحده ، اللهم بارك لي في الموت وفيما بعد الموت ، اللهم إنّي أعوذ بك من ظلمة القبر ووحشته ، اللهم أظلّني في ظلّ عرشك يوم لا ظلّ إلاّ ظلّك وأكثر من أن تستودع ربك دينك ونفسك وأهلك ، ثم تقول : أستودع الله الرحمن الرحيم الذي لا يضيع ودائعه ديني ونفسي وأهلي ، اللهم استعملني على كتابك وسنّة نبيّك ، وتوفّني على ملّته ، وأعذني من الفتنة ، ثم تكبّر ثلاثاً ، ثم تعيدها مرّتين ، ثم تكبّر واحدة ، ثم تعيدها ، فإن لم تستطع هذا فبعضه » (١).

وروى غير ذلك (٢) ، وأنه ليس فيه شي‌ء موقت (٣).

( وأما الكيفيّة : ففيها الواجب والندب )

( والواجب أربعة : النيّة ) المشتملة على الفعل ، أعني به السعي المخصوص ، فلا بدّ من تصور معناه المتضمّن للذهاب من الصفا إلى‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٣١ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٤٥ / ٤٨١ ، الوسائل ١٣ : ٤٧٦ أبواب السعي ب ٤ ح ١.

(٢) الكافي ٤ : ٤٣٢ / ٥ ، التهذيب ٥ : ١٤٧ / ٤٨٢ ، الوسائل ١٣ : ٤٧٨ أبواب السعي ب ٤ ح ٣.

(٣) الكافي ٤ : ٤٣٣ / ٧ ، التهذيب ٥ : ١٤٧ / ٤٨٥ ، الوسائل ١٣ : ٤٨٠ أبواب السعي ب ٥ ح ٣.

١١٦

المروة والعود وهكذا سبعاً ؛ وعلى وجهه من الوجوب والندب ( إن وجب ) (١) وكونه سعي حجّ الإسلام أو غيره من عمرة الإسلام أو غيرها ؛ والتقرب به إلى الله تعالى مقارنة لأوّله.

ويجب استدامة حكمها حتى الفراغ إن أتى به متّصلاً إلى الآخر ، فإن فصل جدّدها ثانياً فما بعده.

( والبدأه بالصفا والختم بالمروة ) فلو عكس بطل مطلقاً ولو سهواً أو جهلاً.

( والسعي ) بينهما ( سبعاً ، يعدّ ذهابه ) إلى المروة ( شوطاً ، وعوده ) منها إلى الصفا ( آخر ) وهكذا إلى أن يكمّلها سبعاً.

كلّ ذلك بالإجماع الظاهر ، المصرَّح به في جملة من العبائر مستفيضاً (٢) ، والصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة التي كادت تكون متواترة ، بل متواترة.

ففي الصحيح : « طف بينهما سبعة أشواط ، تبدأ بالصفا وتختم بالمروة » (٣).

وفيه : « إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين فرغ من طوافه قال : ابدءوا بما بدأ الله به من إتيان الصفا ، إنّ الله عز وجل يقول : ( إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ ) (٤) (٥). وفيه : « من بدأ بالمروة قبل الصفا فليطرح ما سعى ويبدأ بالصفا قبل‌

__________________

(١) ما بين القوسين ليست في « ك‍ ».

(٢) كالمنتهى ٢ : ٧٠٥ ، والتذكرة ١ : ٣٦٦ ، والمفاتيح ١ : ٣٧٥.

(٣) الكافي ٤ : ٤٣٤ / ٦ ، التهذيب ٥ : ١٤٨ / ٤٨٧ ، الوسائل ١٣ : ٤٨١ ، ٤٨٢ أبواب السعي ب ٦ ح ١ ، ٢.

(٤) البقرة : ١٥٨.

(٥) الكافي ٤ : ٤٣١ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٤٥ / ٤٨١ ، الوسائل ١٣ : ٤٨٣ أبواب السعي ب ٦ ح ٧.

١١٧

المروة » (١) ونحوه غيره (٢).

وظاهر إطلاقهما وجوب الإعادة لو عكس في كلّ ما قدّمناه من الأحوال الثلاثة (٣) ، ويعضده الأُصول ، لعدم الإتيان بالمأمور به على وجهه.

وفي الصحيح : سعيت بين الصفا والمروة أنا وعبد الله بن راشد فقلت له : تحفّظ عليّ ، فجعل يعدّ ذاهباً وجائياً شوطاً أحداً إلى أن قال ـ : فأتممنا أربعة عشر شوطاً ، فذكرنا ذلك لأبي عبد الله عليه‌السلام فقال : « قد زادوا على ما عليهم ، ليس عليهم شي‌ء » (٤).

ويحصل البدأة بالصفا والختم بالمروة إما بالصعود عليهما ، أو بجعل عقبه وكعبه أعني ما بين الساق والقدم ملاصقاً للصفا ، وأصابع قدميه قدميه جميعاً ملاصقة للصفا ، وأصابع قدميه جميعاً ملاصقة للمروة.

ولا يجب صعودهما إجماعاً على الظاهر ، المصرّح به في عبائر جماعة ومنهم : الشيخ في الخلاف والقاضي (٥) فيما حكي ، وعن الفاضل في المنتهى والتذكرة (٦) أيضاً ؛ للأصل ، والصحيح : عن النساء يطفن على الإبل والدواب أيجزئهنّ أن يقفن تحت الصفا حيث يرين؟ فقال : « نعم » (٧).

وعن التذكرة والمنتهى : أن من أوجب الصعود أوجبه من باب‌

__________________

(١) التهذيب ٥ : ١٥١ / ٤٩١ ، الوسائل ١٣ : ٤٨٧ أبواب السعي ب ١٠ ح ١.

(٢) التهذيب ٥ : ١٥٣ / ٥٠٣ ، الإستبصار ٢ : ٢٤٠ / ٧٣٦ ، الوسائل ١٣ : ٤٨٧ أبواب السعي ب ١٠ ح ٢.

(٣) أي : في صورة العمد والسهو والجهل.

(٤) التهذيب ٥ : ١٥٢ / ٥٠١ ، الإستبصار ٢ : ٢٣٩ / ٨٣٤ ، الوسائل ١٣ : ٤٨٨ أبواب السعي ب ١١ ح ١.

(٥) الخلاف ٢ : ٣٢٩ ، القاضي في جواهر الفقه : ٤٢.

(٦) المنتهى ٢ : ٧٠٤ ، التذكرة ١ : ٣٦٦.

(٧) الكافي ٤ : ٤٣٧ / ٥ ، الفقيه ٢ : ٢٥٧ / ١٢٤٩ ، التهذيب ٥ : ١٥٦ / ٥١٧ ، الوسائل ١٣ : ٤٩٨ أبواب السعي ب ١٧ ح ١.

١١٨

المقدّمة ، لأنه لا يمكن استيفاء ما بينهما إلاّ به ، كغسل جزء من الرأس في الوضوء ، وصيام جزء من الليل. قال : وهذا ليس بصحيح ؛ لأن الواجبات هنا لا تنفصل بمفصل حسّي يمكن معه استيفاء الواجب دون فعل بعضه ، فلهذا أوجبنا غسل جزء من الرأس وصيام جزء من الليل ، بخلاف صورة النزاع فإنه يمكنه أن يجعل عقبه ملاصقاً للصفا (١). انتهى.

وهو حسن ، بل اتفاق الأصحاب في الظاهر على وجوب إلصاق العقب بالصفا ، والأصابع بالمروة ، لكان القول بعدم لزوم هذه الدقة والاكتفاء بأقلّ من ذلك ممّا يصدق معه السعي بين الصفا والمروة عرفاً وعادةً كما اختاره بعض المعاصرين لا يخلو عن قوّة ؛ لما ذكر من أن المفهوم من الأخبار أن الأمر أوسع من ذلك ، فإنّ السعي على الإبل الذي دلّت عليه الأخبار وأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يسعى على ناقته (٢) لا يتّفق فيه هذا التضييق ، مِن جعل عقبه يلصقه بالصفا في الابتداء ، وأصابعه يلصقها بالصفا موضع العقب بعد العود ، فضلاً عن ركوب الدرج ، بل يكفي فيه الأمر العرفي (٣).

ولكن الأحوط ما ذكروه.

وفي الدروس : الأحوط الترقّي إلى الدرج ، وتكفي الرابعة (٤).

قيل (٥) : لما روي أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صعده في حجة الوداع (٦) ، مع قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) التذكرة ١ : ٣٦٦ ، المنتهى ٢ : ٧٠٤.

(٢) كصاحب الحدائق ١٦ : ٢٦٥.

(٣) الدروس ١ : ٤١٠.

(٤) الدروس ١ : ٤١٠.

(٥) كشف اللثام ١ : ٣٤٦.

(٦) الكافي ٤ : ٢٤٥ / ٤ ، التهذيب ٥ : ٤٥٤ / ١٥٨٨ ، الوسائل ١٣ : ٢١٣ أبواب أقسام الحج ب ٢ ح ٤.

١١٩

« خذوا عنّي مناسككم » (١).

أما كفاية الرابعة فلما روي أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رَقِيَ قدر قامة (٢) حتى رأى الكعبة (٣).

وزيد في الدروس وغيره (٤) على الأربعة وجوب الذهاب بالطريق المعهود ، واستقبال المطلوب بوجهه ، فلو اقتحم المسجد الحرام ثم خرج من باب آخر لم يجز ، وكذلك لو سلك سوق الليل ، وكذا لو أعرض أو مشى القهقرى لم يجز.

قيل : لأنهما المعهود من الشارع (٥). ولا بأس به.

( والمندوب ) أيضاً أُمور ( أربعة : المشي طرفيه ) أي طرفي السعي أي في أوّله وآخره ، أو طرفي المشي من البطء والإسراع ، ويعبّر عنه بالاقتصاد.

( والإسراع ) يعني الهرولة ، ويقال له الرَّمَل أيضاً ( ما بين المنارة وزقاق العطّارين ) للرجل خاصة.

بلا خلاف ظاهر ولا محكي ، إلاّ عن الحلبي في الإسراع فأوجبه (٦) ، وعبارته المحكية عن إفادة الوجوب قاصرة ، ومع ذلك فهو نادر ، بل على خلافه الإجماع في الغنية وغيرها (٧).

__________________

(١) عوالي اللآلي ٤ : ٣٤ / ١١٨ ، المستدرك ٩ : ٤٢٠ أبواب الطواف ب ٥٤ ح ٤.

(٢) في « ح » : قامته.

(٣) سنن النسائي ٥ : ٢٤٠ ، سنن البيهقي ٥ : ٩٣ ، ٩٤ ؛ بتفاوت يسير.

(٤) الدروس ١ : ٤١٠ ؛ وانظر الحدائق ١٦ : ٢٦٨ ، المدارك ٨ : ٢٠٧.

(٥) المفاتيح ١ : ٣٧٥.

(٦) الكافي في الفقه : ١٩٦.

(٧) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٩ ؛ وانظر المنتهى ٢ : ٧٠٥.

١٢٠