رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٧

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٧

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-109-5
الصفحات: ٤٨٤

( ولو أمنى بنظره إلى غير أهله فبدنة إن كان موسراً ، وبقرة إن كان متوسطاً ، وشاة إن كان معسراً ) كما في الموثق (١) ، وعليه الأكثر.

خلافاً للمقنع فجزور أو بقرة ، وإن لم يجد فشاة (٢) ؛ للصحيح (٣).

ولبعض المتأخرين ، فأحتمل الاكتفاء بالشاة مطلقاً (٤) ، كما عن ابن حمزة (٥) ، حيث لم يذكر هنا إلاّ الشاة ؛ للحسن أو الصحيح : في حرم نظر إلى غير أهله فأنزل ، قال : « عليه دم ، لأنه نظر إلى غير ما يحل له ، وإن لم يكن أنزل فليتّق ولا يعد ، وليس عليه شي‌ء » (٦).

وفيهما نظر ؛ لقبول الخبرين التنزيل على الموثق ، بحمل « أو » على التخيير بنحو يجامع الترتيب. ويقيّد الدم الذي هو عبارة عن الشاة بصورة الفقر ، أو يراد منه ما يعمّ كلاًّ من الثلاثة ، وينزّل على التفصيل المزبور في الرواية ، جمعاً بينهما وبين الموثق ، لصراحته بالإضافة إليهما وإن قصر سنده عنهما ، لانجباره أو اعتضاده بالشهرة العظيمة التي تجعلها أقوى من الصحيح بمراتب شتّى ، سيّما مع اعتضاده هنا بالاحتياط.

والمرجع في المفهومات الثلاثة إلى العرف.

وقيل : ينزل ذلك على الترتيب ، فيجب البدنة على القادر عليها ، فإن‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٧ / ٧ ، الفقيه ٢ : ٢١٣ / ٩٧١ ، التهذيب ٥ : ٣٢٥ / ١١١٥ ، المحاسن : ٣١٩ / ٥١ ، الوسائل ١٣ : ١٣٣ أبواب كفارات الاستمتاع ب ١٦ ح ٢.

(٢) المقنع : ٧٦.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٢٥ / ١١١٦ ، الوسائل ١٣ : ١٣٣ أبواب كفارات الاستمتاع ب ١٦ ح ١.

(٤) المدارك ٨ : ٤٢٥.

(٥) الوسيلة : ١٦٧.

(٦) الكافي ٤ : ٣٧٧ / ٨ ، الوسائل ١٣ : ١٣٥ أبواب كفارات الاستمتاع ب ١٦ ح ٥.

٤٢١

عجز عنها فالبقرة ، وإن عجز عنها فالشاة (١).

وبه قطه الفاضل في الإرشاد والشهيد في الدروس (٢).

والرواية تدل على الأول ، ولعلّ وجه تنزيلها على ما ذكره البناء على الغالب من أن شأن المتوسط أن يعجز عن البدنة ، والفقير عن البقرة. ولا يخلو عن نظر.

ثم إن ظاهر الموثق كون الكفارة للنظر ، لا للإمناء ؛ لما فيه من تعليلها بذلك ، كما مرّ في الحسن ، لكنه مع ذلك صريح في عدم الكفارة مع عدم الإمناء ، وبه يصرف أيضاً ظاهر التعليل في الموثق.

وإطلاق النص والفتوى يقتضي عدم الفرق في الحكم بين ما لو قصد بالنظر الإمناء أم لا ، كان النظر بشهوة أم بدونها.

خلافاً لشيخنا الشهيد الثاني ، فقيّدهما بما إذا لم يقصد به الإمناء ، ولا كان من عادته ذلك أيضاً ، قال : وإلاّ فكالمستمني (٣).

وفيه نظر مرّ وجهه ، فالعمل بإطلاق النص والفتوى هنا أولى.

ولم يذكر الماتن ولا الأكثر حكم ما لو عجز عن الشاة ، والظاهر لزوم الصيام ثلاثة أيام كما مرّ ، من أنه أصل عام ، وحكي القول به هنا عن المفيد والديلمي وابن زهرة (٤).

( ولو نظر إلى امرأته لم يلزمه شي‌ء ) وإن أمنى ( إلاّ أن ينظر إليها‌

__________________

(١) حكاه في المسالك ١ : ١٤٥.

(٢) الإرشاد ١ : ٣٢٢ ، الدروس ١ : ٣٧١.

(٣) الروضة البهية ٢ : ٣٥٧.

(٤) المفيد في المقنعة : ٤٣٣ ، الديلمي في المراسم : ١٢٠ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٦.

٤٢٢

بشهوة فيمني فعليه بدنة ) فيما قطع به الأصحاب ، كما في كلام جماعة (١) ، مؤذنين بدعوى الإجماع ، كما حكوه عن المنتهى (٢) ، مع أنه حكي عن المفيد والمرتضى ـ ( رحمهما الله ) أنهما أطلقا نفي الكفارة عمن نظر إلى أهله (٣) ، ولعلّهما نظرا إلى إطلاق الصحيح أو عمومه : عن محرم نظر إلى امرأته فأمنى أو أمذى وهو محرم ، قال : « لا شي‌ء عليه » (٤).

وصريح الموثق : في محرم نظر إلى امرأته بشهوة ، قال : « ليس عليه شي‌ء » (٥).

وعن الحلبي أنه ذكر بدل البدنة شاة (٦) ، ولم أعرف مستنده.

وقول المفيد والمرتضى لا يخلو عن قوة لولا الإجماع المنقول المعتضد بالشهرة وخصوص الحسن : « ومن نظر إلى امرأته بشهوة فأمنى فعليه جزور » (٧) فيقيد بهما إطلاق صحيحهما ، مع أن في ذيله أيضاً ما يوافق الحسن ، فإن فيه : قال في المحرم ينظر إلى امرأته وينزّلها بشهوة حتى ينزل ، قال : « عليه بدنة ».

__________________

(١) منهم : صاحب المدارك ٨ : ٤٢٦ ، والمجلسي في ملاذ الأخيار ٨ : ٢٤٠.

(٢) المنتهى ٢ : ٨٤٢.

(٣) المفيد في المقنعة : ٤٣٣ ، المرتضى في جمل العلم والعمل ( رسائل السيد المرتضى ٣ ) : ٧٠.

(٤) الكافي ٤ : ٣٧٥ / ١ ، التهذيب ٥ : ٣٢٥ / ١١١٧ ، الإستبصار ٢ : ١٩١ / ٦٤٢ ، الوسائل ١٣ : ١٣٥ أبواب كفارات الاستمتاع ب ١٧ ح ١.

(٥) التهذيب ٥ : ٣٢٧ / ١١٢٢ ، الإستبصار ٢ : ١٩٢ / ٦٤٣ ، الوسائل ١٣ : ١٣٨ أبواب كفارات الاستمتاع ب ١٧ ح ٧.

(٦) الكافي في الفقه : ٢٠٣.

(٧) الكافي ٤ : ٣٧٦ / ٤ ، التهذيب ٥ : ٣٢٦ / ١١٢١ ، الإستبصار ٢ : ١٩١ / ٦٤١ ، الوسائل ١٣ : ١٣٦ أبواب كفارات الاستمتاع ب ١٧ ح ٣.

٤٢٣

وقوله « بشهوة » إن خصّ به الإنزال لتباين الصدر والذيل تبايناً كلّياً ، فليرجع إلى النظر أيضاً ليمكن الجمع بينهما : إما بحمل الذيل على الاستحباب ، أو تقييد الصدر بالنظر بغير شهوة ، وهو الوجه ، لرجحان التخصيص على المجاز وإن وافق الأصل.

فلم يبق غير الموثق ، ولا يكافئ ما سبق ، ولذا حمل على السهو.

ومن الأصحاب من ألحق نظر معتاد الإمناء بالنظر بشهوة (١). ولا بأس به ، بل لا إلحاق ، فإنه لا ينفك نظره عن الشهوة.

( ولو مسّها ) أي أهله بغير شهوة فلا شي‌ء عليه وإن أمنى ، بلا خلاف فتوًى ونصاً.

وإن مسّها ( بشهوة فـ ) عليه ( شاة ) مطلقاً ( أمنى أو لم يمن ) وفاقاً للأكثر ؛ للخبر : عن رجل حمل امرأته وهو محرم فأمنى أو أمذى ، قال : « إن كان حملها أو مسّها بشي‌ء من الشهوة فأمنى أو لم يمن أمذى أو لم يمذ فعليه دم يهريقه » الخبر (٢).

ويعضده إطلاق الصحيح : المحرم يضع يده بشهوة يعني على امرأته قال : « يهريق دم شاة » قلت : فإن قبّل؟ قال : « هذا أشدّ ينحر بدنة » (٣).

ونحوه الحسن : « من مسّ امرأته بيده وهو محرم على شهوة فعليه دم شاة » (٤).

__________________

(١) الشهيد الثاني في المسالك ١ : ١٤٥ ، المدارك ٨ : ٤٢٧.

(٢) الفقيه ٢ : ٢١٤ / ٩٧٢ ، التهذيب ٥ : ٣٢٦ / ١١١٩ ، الوسائل ١٣ : ١٣٧ أبواب كفارات الاستمتاع ب ١٧ ح ٦.

(٣) الكافي ٤ : ٣٧٥ / ٢ ، الوسائل ١٣ : ١٣٨ أبواب كفارات الاستمتاع ب ١٨ ح ١.

(٤) الكافي ٤ : ٣٧٦ / ٤ ، التهذيب ٥ : ٣٢٦ / ١١٢١ ، الإستبصار ٢ : ١٩١ / ٦٤١ ، الوسائل ١٢ : ٤٣٤ أبواب تروك الإحرام ب ١٢ ح ٣.

٤٢٤

خلافاً للحلّي ، فخصّ الشاة بما إذا لم يمن ، وأوجب البدنة مع الإمناء (١).

ويمكن الاستدلال له بأنه أفحش من النظر ، وفيه بدنة ، فهو أولى بها ، فليحمل الصحيحان على ما إذا لم يمن ، كما هو الغالب في المسّ ولو بشهوة.

مضافاً إلى الصحيح المتقدم الموجب للبدنة فيمن ينزّل امرأته بشهوة حتى ينزل ، كالنظر بشهوة فيمني المذكور فيه أيضاً.

والخبر المتقدم ضعيف.

وهو قوي متين ، لولا جبر ضعف الخبر بالشهرة العظيمة التي تكاد تبلغ الإجماع ، فيترجح على الصحيحة ، مع أن في العمل بالخبر إبقاءً لإطلاق الصحيحين ، بل عموم أحدهما الناشئ عن ترك الاستفصال على حاله ، فلتطرح الصحيحة ، أو تحمل على الاستحباب ، أو الاستمناء ، وهو الوجه ، وربما يشعر به قوله : « ينزّلها حتى ينزل » فتدبّر.

( ولو قبّلها بشهوة كان عليه جزور ) للصحيح المتقدم المتضمن لقوله : قلت : فإن قبّل؟ قال : « هذا أشدّ ينحر بدنة » وسياقه ظاهر في التقبيل بشهوة ، مضافاً إلى أنه الغالب المنصرف إليه الإطلاق.

مضافاً إلى الحسن : « إن قبّل امرأته على غير شهوة وهو محرم فعليه دم شاة ، وإن قبّل امرأته على شهوة فأنزل فعليه جزور وليستغفر » (٢).

وبه يقيّد الصحيح على تقدير ثبوت إطلاقه.

لكن ظاهره اشتراط الإنزال في الجزور ، كما عليه الحلّي والديلمي‌

__________________

(١) السرائر ١ : ٥٥٢.

(٢) تقدم مصدره في ص : ٣٥١١ الهامش (٤).

٤٢٥

وابن زهرة وغيرهم (١).

ولكن الأكثر لم يشترطوه ؛ ولعلّه للخبر : في رجل قبّل امرأته وهو محرم : « عليه بدنة وإن لم ينزل » (٢).

وإطلاقه ينزل على التقبيل بشهوة لما مرّ ، وهو صريح في لزوم البدنة مع عدم الإمناء ، والحسنة ظاهرة في اشتراطه بالمفهوم الضعيف ، واللازم دفع الظاهر بالنص ، وضعف السند لعلّه مجبور بعمل الأكثر ، مع أن ضعفه بسهل وهو سهل ، وبالبطائني وقد ادّعى الشيخ إجماع الطائفة على العمل بخبره (٣).

هذا إن قبّلها بشهوة ، وإن قبّلها بغير شهوة فشاة ؛ للحسنة المتقدمة السالمة عما يصلح للمعارضة ، سوى إطلاق الصحيح وغيره ، وقد مرّ اختصاصه بحكم السياق وغيره بالتقبيل بشهوة.

فتلخّص مما اخترناه في المسألة واستفدناه من الجمع بين أخبارها أنه لو قبّلها بغير شهوة فشاة مطلقاً ، وبشهوة جزور كذلك ، أمنى أولا ، وفاقاً للنهاية والمبسوط والشرائع والقواعد والتحرير والدروس (٤) ، وفيه التصريح بالتعميم للإمناء وعدمه في لزوم البدنة.

وفي المسألة أقوال أُخر ، منها : لزوم البدنة مطلقاً ، كما عن الصدوق‌

__________________

(١) الحلي في السرائر ١ : ٥٥٢ ، الديلمي في المراسم : ١١٩ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٦ ؛ وانظر المختلف : ٢٨٤.

(٢) الكافي ٤ : ٣٧٦ / ٣ ، التهذيب ٥ : ٣٢٧ / ١١٢٣ ، الوسائل ١٣ : ١٣٩ أبواب كفارات الاستمتاع ب ١٨ ح ٤.

(٣) عدّة الأُصول ١ : ٣٨١.

(٤) النهاية : ٢٣٢ ، المبسوط ١ : ٣٣٨ ، الشرائع ١ : ٢٩٥ ، القواعد ١ : ٩٩ ، التحرير ١ : ١٢٠ ، الدروس ١ : ٣٧١.

٤٢٦

والمفيد والمرتضى (١) ؛ وإذا أنزل إما مطلقاً ، كما عن الديلمي (٢) ؛ أو إذا كان بشهوة ، كما عن ابن سعيد (٣).

وآخر لزوم الشاة كذلك عن الفقيه (٤).

وقولٌ للحلّي قريب مما اخترناه ، لكن مشترطاً في البدنة زيادة على الشهوة الإمناء كما مضى.

( وكذا لو أمنى عن ملاعبة ) فعليه جزور ، وكذا على المرأة إن طاوعت كما في التهذيب وغيره (٥) ؛ للصحيح : عن الرجل يعبث بامرأته حتى يمني وهو محرم من غير جماع ، أو يفعل ذلك في شهر رمضان ، فقال : « عليهما جميعاً الكفارة مثل ما على الذي يجامع » (٦) ومقتضاه وجوب البدنة ؛ لأنها الواجب بالجماع.

( ولو كان ) الإمناء ( عن تسمّع على مجامع ، أو استماع إلى كلام امرأة ) أو وصفها ( من غير نظر ) إليها ( لم يلزمه شي‌ء ) من الكفارة بلا خلاف أجده ، ولا حكي إلاّ عن الحلبي في الإصغاء إليها مع الإمناء فقال : عليه شاة (٧). ولم أعرف مستنده ، ويدفعه الأصل ، وهو الحجة في المسألة ، مضافاً إلى المعتبرة‌

__________________

(١) الصدوق في المقنع : ٧٦ ، المفيد في المقنعة : ٤٣٤ ، المرتضى في جمل العلم والعمل ( رسائل السيد المرتضى ٣ ) : ٧٠.

(٢) المراسم : ١١٩.

(٣) الجامع للشرائع : ١٩٤.

(٤) الفقيه ٢ : ٢١٣.

(٥) التهذيب ٥ : ٣٢٧ ؛ وانظر كشف اللثام ١ : ٤٠٧.

(٦) الكافي ٤ : ٣٧٦ / ٥ ، التهذيب ٥ : ٣٢٧ / ١١٢٤ ، الوسائل ١٣ : ١٣١ أبواب كفارات الاستمتاع ب ١٤ ح ١.

(٧) الكافي في الفقه : ٢٠٣.

٤٢٧

منها الموثق : في محرم استمع على رجل يجامع أهله فأمنى ، قال : « ليس عليه شي‌ء » (١) ونحوه آخر مرسل (٢).

وفي ثالث كالصحيح : في المحرم تنعت له المرأة الجميلة الخلقة فيمني ، قال : « ليس عليه شي‌ء » (٣).

واحترز بقوله « من غير نظر » عما لو نظر فعليه الكفارة ، ولا إشكال فيه إذا كان النظر إليها ، أما إذا كان النظر إلى المجامع خاصة فالظاهر العدم ، وكذا إذا نظر إلى المتجامعين وهما ذكران أو ذكر وبهيمة ؛ للأصل.

وإطلاق المتن ونحوه شرطَ انتفاء النظر لعلّ المراد به الاحتراز عن خصوص الأول ، بل هو الظاهر.

واستثنى جماعة ومنهم شيخنا الشهيد الثاني (٤) معتاد الإمناء بذلك ، قالوا : فهو من الاستمناء ، وقصدوا به إيجاب البدنة فيه كما سبق في بحثه ، وقد مرّ ثمة وفي غيره ما فيه ، فيشكل الحكم بإيجابها هنا ، سيّما مع إطلاق النص بالعدم وكذا الفتوى ، ولكنه أحوط وأولى.

( و ) الثاني : ( الطيب ، ويلزم باستعماله شاة ) مطلقاً ( صبغاً ) بالكسر أي إداماً ، أو بالفتح ، قيل : وكأنه أولى ؛ لإغناء الأكل عن الأوّل (٥).

( وإطلاءً وبخوراً ) بفتح الباء وهو ما يبخر به ، قيل : ولا يجي‌ء‌

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٢٨ / ١١٢٦ ، الوسائل ١٣ : ١٤٢ أبواب كفارات الاستمتاع ب ٢٠ ح ٤.

(٢) الكافي ٤ : ٣٧٧ / ١١ ، الوسائل ١٣ : ١٤١ أبواب كفارات الاستمتاع ب ٢٠ ح ٢.

(٣) الكافي ٤ : ٣٧٧ / ١٢ ، الوسائل ١٣ : ١٤١ أبواب كفارات الاستمتاع ب ٢٠ ح ١.

(٤) المسالك ١ : ١٤٥.

(٥) كشف اللثام ١ : ٤٠٨.

٤٢٨

مصدره بهذه الصورة ولو قال « وتبخراً » كان أولى (١).

( و ) أكلاً ( في الطعام ) كما هنا ، وفي الشرائع إجماعاً ، كما في المنتهى (٢).

وزيد فيهما وفي الإرشاد والقواعد (٣) بعد الاطلاء : ابتداءً واستدامةً. وفي المنتهى لا نعلم فيه خلافاً.

وزيد في التحرير أيضاً : وسواء استعمله لعضو كامل أو بعضه ، وسواء مسّت الطعام النار أم لا (٤).

وحكي أيضاً عن التذكرة بزيادة قوله : شمّاً ومسّاً ، علّق به بالبدن أو عنقت به الرائحة ، واحتقاناً واكتحالاً وإسعاطاً لا لضرورة ، ولبساً لثوب مطيب ، وافتراشاً له بحيث يشم الريح أو يباشر به بدنه وثياب بدنه ، قال : ولو داس بنعله طيباً فعلّق بنعله فإن تعمّد ذلك وجبت الفدية (٥).

قيل : واستدل على الجميع بالعمومات ، ولم أظفر من الأخبار إلاّ بالصحيح : « من أكل طعاماً لا ينبغي له أكله وهو محرم ففعل ذلك ناسياً أو جاهلاً فليس عليه شي‌ء ، ومن فعله متعمداً فعليه شاة » (٦).

وما في قرب الإسناد للحميري من قول الكاظم عليه‌السلام لأخيه علي رحمه‌الله :

__________________

(١) المسالك ١ : ١٤٥.

(٢) الشرائع ١ : ٢٩٥ ، المنتهى ٢ : ٨١٣.

(٣) الإرشاد ١ : ٣٢٣ ، القواعد ١ : ٩٩.

(٤) التحرير ١ : ١١٣.

(٥) حكاه عنه في كشف اللثام ١ : ٤٠٨ ، وهو في التذكرة ١ : ٣٣٣ ، ٣٣٤.

(٦) التهذيب ٥ : ٣٦٩ / ١٢٨٧ ، الوسائل ١٣ : ١٥٧ أبواب بقية كفارات الإحرام ب ٨ ح ١.

٤٢٩

« لكل شي‌ء خرجت من حجك فعليك دم تهريقه حيث شئت » (١).

والصحيح في الفقيه : « من أكل زعفراناً متعمداً أو طعاماً فيه طيب فعليه دم ، فإن كان ناسياً فلا شي‌ء عليه ويستغفر الله ويتوب إليه » (٢).

والصحيح المقطوع : في محرم كانت به قرحة فداواها بدهن بنفسج ، فقال : « إن كان فعله بجهالة فعليه طعام مسكين ، وإن كان تعمّد فعليه دم شاة يهريقه » (٣).

وأرسل المفيد عن الصادق عليه‌السلام : « كفارة مسّ الطيب للمحرم أن يستغفر الله تعالى » (٤) ولم يذكر له في باب الكفارات ولا في باب الكفارة عن خطأ المحرم كفارة إلاّ ما ذكره من أنه إن أكل طعاماً لا يحل له متعمداً فعليه دم شاة.

ونحوه ابن حمزة ، ولم يذكر له سلاّر كفارة ، ولا السيّد في الجمل ، ولكنه قال أخيراً : فأما إذا اختلف النوع كالطيب واللبس فالكفارة واجبة على كل نوع منه. ولا ابن سعيد إلاّ قوله : روي فيمن داوى قرحة له بدهن بنفسج بجهالة طعام مسكين ، وقوله في الدهن الطيّب مختاراً دم.

وفي الصحيح والمرسل : « لا يمس المحرم شيئاً من الطيب ولا الريحان ولا يتلذذ به ولا بريح طيّبة ، فمن ابتلى بشي‌ء من ذلك فليتصدق‌

__________________

(١) قرب الإسناد : ٢٣٧ / ٩٢٨ ، الوسائل ١٣ : ١٥٨ أبواب بقية كفارات الإحرام ب ٨ ح ٥.

(٢) الفقيه ٢ : ٢٢٣ / ١٠٤٦ ، الوسائل ١٣ : ١٥٠ أبواب بقية كفارات الإحرام ب ٤ ح ١.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٠٤ / ١٠٣٨ ، الوسائل ١٣ : ١٥١ أبواب بقية كفارات الإحرام ب ٤ ح ٥.

(٤) المقنعة : ٤٤٦ ، الوسائل ١٣ : ١٥٣ أبواب بقية كفارات الإحرام ب ٤ ح ٩.

٤٣٠

بقدر ما صنع قدر شبعه » (١).

وفي الصحيح : « واتّق قتل الدواب كلّها ، ولا تمسّ شيئاً من الطيب ولا من الدهن في إحرامك ، واتّق الطيب في زادك ، وأمسك على أنفك من الريح الطيبة ، ولا تمسك من الريح المنتنة ، فإنه لا ينبغي أن يتلذذ بريح طيبة ، فمن ابتلى بشي‌ء من ذلك فعليه غسله وليتصدّق بقدر ما صنع » (٢).

وفي الخبر : قلت له : أكلت خبيصاً فيه زعفران حتى شبعت ، قال : « إذا فرغت من مناسك وأردت الخروج من مكة فاشتر تمراً ثم تصدّق به يكون كفارة لما أكلت ولما دخل عليك في إحرامك ممّا لا تعلم » (٣).

واقتصر في المقنع على الإفتاء بمضمونيهما مع الصحيح الوارد فيمن أكل ما لا ينبغي أكله متعمداً فعليه دم ، وقد تقدم (٤) ، وحملت هذه الأخبار [ في المنتهى ] على السهو أو الضرورة ، وأيدها بقوله عليه‌السلام : « فمن ابتلى بشي‌ء من ذلك » إلى آخره (٥).

أقول : وفي المختلف بعد نقل ذلك عن المقنع : فإن قصد بالأول يعني به مضمون الخبر غير الصحيح النسيان ، والصدقة بدرهم استحباباً كما هو المشهور فهو حق ، وإن قصد العمد فهو في مقام المنع ، ويجب‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٥٣ / ٢ ، الوسائل ١٣ : ١٥٢ أبواب بقية كفارات الإحرام ب ٤ ح ٦. وفي المصدرين : قدر سعته.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٩٧ / ١٠٠٦ ، الإستبصار ٢ : ١٧٨ / ٥٩٠ ، الوسائل ١٢ : ٤٤٤ أبواب تروك الإحرام ب ١٨ ح ٩.

(٣) التهذيب ٥ : ٢٩٨ / ١٠٠٨ ، الإستبصار ٢ : ١٧٨ / ٥٩٢ ، الوسائل ١٣ : ١٤٩ أبواب بقية كفارات الإحرام ب ٣ ح ١.

(٤) في ص : ٣٥١٥.

(٥) كشف اللثام ١ : ٤٠٨.

٤٣١

عليه شاة على ما هو متفق عليه بين الأصحاب (١).

وعن الخلاف : لا خلاف في أن في الدهن الطيّب الفدية على أيّ وجه استعمله ، وأن ما عدا المسك والعنبر والكافور والزعفران والورس والعود لا كفارة فيه عندنا ؛ للإجماع ، والأخبار ، وأصل البراءة ، وأن في أكل طعام فيه طيب الفدية على جميع الأحوال ، إلى آخر ما نقل عنه (٢).

وعن الحلبي في شمّ المسك والعنبر والزعفران والورس وأكل طعام فيه شي‌ء منها دم شاة ، وفيما عدا ذلك من الطيب الإثم دون الكفارة (٣).

وعن النزهة : إذا استعمل المحرم المسك أو العنبر أو العود أو الكافور أو الزعفران مختاراً وجب عليه شاة ، ولم أقف في التهذيب على خبر يتضمن وجوب الشاة في استعمال الكافور ، والمعتمد في ذلك على عمل أصحابنا (٤). انتهى.

والمقصود من التطويل بنقل هذه الكلمات والأقوال أن العمدة في إثبات كفارة الطيب في جميع الأحوال (٥) الإجماع المنقول في ظاهر الخلاف وصريح المنتهى وظاهر غيرهما (٦) ، وأنه لا يظهر من فتاوى القوم ما يخالفه ، عدا سكوت بعضهم عنها مطلقاً ، أو في الجملة ، وفتوى الصدوق بما عرفته ، وقد عرفت الكلام فيها ، مع أنه على تقدير ظهور مخالفته فقوله‌

__________________

(١) المختلف : ٢٨٧.

(٢) الخلاف ٢ : ٣٠٣.

(٣) الكافي في الفقه : ٢٠٤.

(٤) نزهة الناظر : ٦٢.

(٥) في « ح » و « ك‍ » : الأقوال.

(٦) الخلاف ٢ : ٣٠٢ ، المنتهى ٢ : ٧٨٧ ؛ وانظر مجمع الفائدة ٧ : ٣١ ، والمدارك ٨ : ٤٣٠.

٤٣٢

مضعّف بالإجماعات المنقولة والأخبار الصحيحة ، وأما السكوت عنها فعدم دلالته على المخالفة أظهر من أن يخفى.

قيل : ولمّا حرمت الاستدامة وأوجبت الكفارة كالابتداء فإن كان عليه أو على ثوبه طيب وسها عن إزالته إلى أن أحرم ، أو وقع عليه وهو محرم ، أو سها فتطيّب وجبت إزالته بنفسه أو بغيره ، ولا كفارة عليه بغسله بيده ، لأنه بذلك تارك للطيب ، ولا متطيّب ، كالماشي في الأرض المغصوبة للخروج عنها ، ولقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمن رأى عليه طيباً : « اغسل عنك الطيب » (١) ويستحب الاستعانة فيه بحلال ، كما في التذكرة والمنتهى والمبسوط (٢).

( ولا بأس بخلوق الكعبة وإن مازجه الزعفران ) بلا خلاف أجده ، بل عن الخلاف والمنتهى (٣) الإجماع عليه ؛ للصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة.

ففي الصحيح : عن خلوق الكعبة وخلوق القبر يكون في ثوب الإحرام ، قال : « لا بأس به ، هما طهوران » (٤).

وفيه : المحرم يصيب ثيابه الزعفران من الكعبة وخلوق القبر يكون في ثوب الإحرام ، فقال : « لا بأس بهما ، هما طهوران » (٥).

__________________

(١) مسند أحمد ٤ : ٢٢٤ ، صحيح البخاري ٢ : ١٦٧.

(٢) كشف اللثام ١ : ٤٠٨.

(٣) الخلاف ٢ : ٣٠٦ ، المنتهى ٢ : ٨١٣.

(٤) الفقيه ٢ : ٢١٧ / ٩٩٣ ، التهذيب ٥ : ٢٩٩ / ١٠١٦ ، الوسائل ١٢ : ٤٤٩ أبواب تروك الإحرام ب ٢١ ح ٣.

(٥) لم نعثر على رواية بهذا المضمون ، والموجود هو صحيح يعقوب بن شعيب : قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : المحرم يصيب ثيابه الزعفران من الكعبة ، قال : « لا يضرّه ولا يغسله ». ولعلّه سهو من قلمه الشريف.

٤٣٣

ونحوه الموثق ، من غير زيادة خلوق القبر ، وبزيادة : « فلا تتّقه أن يصيبك » (١).

وظاهرهما عدم البأس بزعفران الكعبة مطلقاً ، كما أفتى به جماعة ومنهم الشيخ في التهذيب والنهاية (٢) ، والحلّي في السرائر (٣) ، والفاضل في التحرير والمنتهى والتذكرة (٤).

وظاهر الصحيحين عدم البأس بخلوق القبر أيضاً ، كما عن ابن سعيد (٥) ، وتبعه جماعة ممن تأخر عنه (٦) ، قالوا : والظاهر أن المراد به قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

ولا بأس به ولا بسابقه إن تمّ دلالة الروايات من أصلها على رفع المنع عن الخلوق من حيث كونه طيباً ، ولكن لا يخلو عن مناقشة ، بل ظاهر التعليل فيها بأنه طهور ربما يفيد أن رفع المنع إنما هو من حيث احتمال النجاسة باحتمال حصولها فيه بمساورة الخاصة والعامة ممن لا يتورع النجاسة ، وعلى هذا فلا دخل لها بمفروض المسألة ، ولقد تنبّه لذلك في الذخيرة ، إلاّ أنه جبرها بفهم الأصحاب فقال : لكن فهم الأصحاب واتفاقهم يكفي مئونة هذه المناقشة (٧). انتهى. وهو حسن.

قيل : والخلوق كما في المغرب والمعرب ضرب من الطيب مائع فيه‌

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٢١٧ / ٩٩٤ ، الوسائل ١٢ : ٤٤٩ أبواب تروك الإحرام ب ٢١ ح ٤.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٩٩ ، النهاية : ٢١٧.

(٣) السرائر ١ : ٥٤٣.

(٤) التحرير ١ : ١٢٠ ، المنتهى ٢ : ٨١٣ ، التذكرة : ٣٥٣.

(٥) الجامع للشرائع : ١٨٦.

(٦) منهم : العلامة في المنتهى ٢ : ٧٨٥ ، وصاحب الحدائق ١٥ : ٤٢٠.

(٧) الذخيرة : ٥٩١.

٤٣٤

صفرة ؛ وقال الجزري في نهايته : طيب معروف مركب من الزعفران وغيره من أنواع الطيب ويغلب عليه الحمرة والصفرة ؛ وقال ابن جزلة المتطيّب في منهاجه : إن صنعته زعفران ثلاثة دراهم ، وقصب الذريرة خمسة دراهم ، اشنَة درهماً ، قَرَنفُل وقِرفَة عن كل واحد درهم يدقّ ناعماً وينخل ويعجن بماء ورد ودهن ورد حتى يصير كالرهشي في قوامه ، والرهشي هو السمسم المطحون قبل أن يعصر ويستخرج دهنه.

وأجاز في التذكرة والمنتهى الجلوس عند الكعبة وهي تجمّر ، حملاً على الخلوق.

وفي الدروس عن الشيخ : لو دخل الكعبة وهي تجمّر أو تطيّب لم يكره له الشم. والذي ظفرت به حكايته له في الخلاف عن الشافعي ، وأجاد في المسالك حيث حرّم غير الخلوق إذا طيّبت به الكعبة بالتجمير أو غيره ؛ اقتصاراً على المنصوص ، قال : لكن لا يحرم عليه الجلوس فيها وعندها حينئذ ، وإنما يحرم الشم ، ولا كذلك الجلوس في سوق العطّارين وعند المتطيّب فإنه يحرم. انتهى.

وقيل في الاحتجاج لجواز شم ما يجمّر به الكعبة ، إنه ورد في الصحيح نفي البأس عن الرائحة الطيبة بين الصفا والمروة وأن لا يمسك أنفه منها (١) ، فرائحة الكعبة أولى.

قلت : ويمكن إدخال جميع ذلك في الشم اضطراراً ، وهو جائز اتفاقاً ؛ لانتفاء العسر والحرج في الدين ، وخصوص الصحيح الوارد في‌

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٠٠ / ١٠١٨ ، الإستبصار ٢ : ١٨٠ / ٥٩٩ ، الوسائل ١٢ : ٤٤٨ أبواب تروك الإحرام ب ٢٠ ح ١.

٤٣٥

السعوط (١) ، لكن يأتي أن عليه الفدية في الدهن الطيّب (٢).

انتهى كلام القائل إلى هنا ، وإنما ذكرناه بطوله لتضمنه تحقيق الخلوق في المسألة ، وتحقيق ما هو الحقّ من الحكم ، وذكر الأقوال فيما يتفرع عليها ويناسبها.

ولكن الأقرب جواز شم طيب الكعبة مطلقاً ؛ لفحوى الخطاب الذي مضى ، ومنه يظهر ما في دليل المسالك من لزوم الاقتصار على المنصوص ، فإنّ هذا أيضاً منصوص ، إذ لا يشترط في النص الدلالة الصريحة بنحو من التضمن أو المطابقة ، بل يكفي الدلالة الالتزامية ، سيّما نحو الأولوية التي لا خلاف في حجيتها ولا شبهة.

( و ) الثالث : ( القلم ، وفي ) قلم ( كلّ ظفر مدّ من طعام ) إلى أن يبلغ عشرة بلا خلاف ، إلاّ من الحلبي فكف إلى أن يبلغ خمسة فصاع (٣) ، ومن الإسكافي ففي كل ظفر مدّ أو قيمته إلى أن يبلغ خمسة فدم شاة (٤) ، وهما نادران ، بل على خلافهما الإجماع عن الخلاف والغنية والمنتهى (٥).

للمعتبرة ، ومنها الموثق بل الصحيح كما قيل (٦) : عن رجل قصّ ظفراً من أظافيره وهو محرم ، قال : « عليه في كل ظفر مدّ من طعام حتى يبلغ‌

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٢٤ / ١٠٥٤ ، التهذيب ٥ : ٢٩٨ / ١٠١٢ ، الإستبصار ٢ : ١٧٩ / ٥٩٥ ، الوسائل ١٢ : ٤٤٧ أبواب تروك الإحرام ب ١٩ ح ١.

(٢) كشف اللثام ١ : ٣٢٥.

(٣) الكافي في الفقه : ٢٠٤.

(٤) نقله عنه في المختلف : ٢٨٥.

(٥) الخلاف ٢ : ٣٠٩ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٧ ، المنتهى ٢ : ٨١٧.

(٦) قاله المجلسي في ملاذ الأخيار ٨ : ٢٥١ ، وصاحب الحدائق ١٥ : ٥٤٠.

٤٣٦

عشرة ، فإن قلم أصابع يديه كلّها فعليه دم شاة » [ قلت : ] فإن قلم أظافير يديه ورجليه جميعاً ، فقال : « إن كان فعل ذلك في مجلس واحد فعليه دم ، وإن كان فعله متفرقاً في مجلسين فعليه دمان » (١).

لكن في نسخة اخرى بدل « مدّ من طعام » قيمته ، ولعلّه لهذا خيّر الإسكافي بينهما.

إلاّ أن النسخة الأُولى أرجح ؛ للشهرة والإجماعات المنقولة ، مضافاً إلى الاحتياط ولزوم الأخذ بالمتيقن ، والموافقة للخبر المنجبر ضعفه بالعمل : عن محرم قلم أظافيره ، قال : « عليه مدّ في كل إصبع ، فإن هو قلم أظافيره عشرتها فإن عليه دم شاة » (٢).

ولا يعارضهما الصحيح : عن محرم يقلم أظفاره أو ينكسر بعضها فيؤذيه ، قال : « لا يقصّ منها شيئاً إن استطاع ، فإن كانت تؤذيه فليقصّها وليطعم مكان كل ظفر قبضة من طعام » (٣).

والصحيح : في المحرم ينسى فيقلم ظفراً من أظافيره ، قال : « يتصدق بكف من الطعام » قلت : فاثنين ، قال : « كفين » قلت : فثلاثة ، قال : « ثلاث أكف ، كل ظفر كف حتى يصير خمسة ، فإذا قلم خمسة فعليه دم واحد ،

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٢٧ / ١٠٧٥ ، التهذيب ٥ : ٣٣٢ / ١١٤١ ، الإستبصار ٢ : ١٩٤ / ٦٥١ ، الوسائل ١٣ : ١٦٢ أبواب بقية كفارات الإحرام ب ١٢ ح ١ ؛ بتفاوت يسير. وما بين المعقوفين أضفناه من المصادر.

(٢) التهذيب ٥ : ٣٣٢ / ١١٤٢ ، الإستبصار ٢ : ١٩٤ / ٦٥٢ ، الوسائل ١٣ : ١٦٢ أبواب بقية كفارات الإحرام ب ١٢ ح ٢.

(٣) الكافي ٤ : ٣٦٠ / ٣ ، الفقيه ٢ : ٢٢٨ / ١٠٧٧ ، التهذيب ٥ : ٣١٤ / ١٠٨٣ ، الوسائل ١٣ : ١٦٣ أبواب بقية كفارات الإحرام ب ١٢ ح ٤.

٤٣٧

خمسة كان أو عشرة أو ما كان » (١).

والمرسل : في محرم قلم ظفراً ، قال : « يتصدق بكف من طعام » قلت : ظفرين ، قال : « كفين » قلت : ثلاثة ، قال : « ثلاث أكف » قلت : أربعة ، قال : « أربع أكف » قلت : خمسة ، قال : « عليه دم يهريقه ، فإن قصّ عشرة أو أكثر من ذلك فليس عليه إلاّ دم يهريقه » (٢).

لشذوذها ؛ وعدم قائل بها حتى الحلبي والإسكافي وإن تضمّنت ما ربما يوهم الموافقة لهما لشمول إطلاق الرواية الأُولى قلم الأظافير كلّها ، وهو موجب للدم إجماعاً ، وتقييدها بما إذا لم يبلغ العشرة أو الخمسة وإن أمكن إلاّ أنه ليس بأولى من التقييد بحال الضرورة كما هو صريح موردها.

وتصريحِ الثانية بثبوت ذلك مع النسيان ، وهو خلاف الاتفاق فتوًى ونصاً على أنه لا شي‌ء على الناسي مطلقاً ، فليحمل على الاستحباب جمعاً.

ومع ذلك فما فيها وفي الأخيرة مع إرسالها من التفصيل بكف من طعام لكل ظفر إلى أن يبلغ خمسة فدم لم يقل به الحلبي ولا الإسكافي ؛ لإيجاب الأول في الخمسة الصاع من الطعام ، لا الدم ، فلا ينفعه ما فيهما من الكف لكل ظفر إلى الخمسة ، وإيجاب الثاني المدّ من الطعام لكل ظفر إلى الخمسة ، فلا ينفعه ما فيهما من الدم للخمسة ، مع أن إيجابه لها يحتمل الورود مورد التقية كما ذكره بعض الأجلة ، قال : لأنه مذهب أبي حنيفة (٣).

ومن هنا يتوجه ما ذكره جماعة (٤) من أن مستندهما غير واضح في‌

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٣٢ / ١١٤٣ ، الإستبصار ٢ : ١٩٤ / ٦٥٣ ، الوسائل ١٣ : ١٦٣ أبواب بقية كفارات الإحرام ب ١٢ ح ٣.

(٢) الكافي ٤ : ٣٦٠ / ٤ ، الوسائل ١٣ : ١٦٤ أبواب بقية كفارات الإحرام ب ١٢ ح ٥.

(٣) الحدائق ١٥ : ٥٤٣.

(٤) منهم : صاحب المدارك ٨ : ٤٣٥ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ١ : ٣٤٠.

٤٣٨

المسألة ، وهو كذلك كما عرفته ، وخصوصاً الصاع في قول الحلبي للخمسة ، فإن أخبار المسألة خالية عنه بالكلية.

قيل : وقد يكون أراد بالصاع صاع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي هو خمسة أمداد (١). أقول : فيوافق المختار في المسألة ، مستنداً إلى الأخبار المتقدمة.

( و ) يستفاد منها أن ( في ) قلم أظفار ( يديه ورجليه شاة إذا كان في مجلس ) واحد ( و ) أنه ( لو كان كل واحد منهما ) أي من قلم أظفار يديه وقلم أظفار رجليه ( في مجلس ) غير مجلس الآخر ( فـ ) عليه ( دمان ) لكل مجلس دم.

ولا خلاف فيهما ظاهراً ، بل عن الكتب المتقدمة الإجماع على لزوم الشاة في قلم أظفار اليدين (٢) ، وما مرّ في الأخبار مما تعارض ذلك شاذّ.

وإنما يجب الدم أو الدمان بتقليم أصابع اليدين أو الرجلين إذا لم يتخلل التكفير عن السابق قبل البلوغ إلى حدّ يوجب الشاة ؛ لأنه المتبادر المتيقن من إطلاق الفتوى والنص ، وإلاّ تعدّد المدّ خاصة بحسب تعدد الأصابع.

ولو كفّر بشاة لليدين أو الرجلين ثم أكمل الباقي في المجلس وجب عليه شاة أُخرى ، وإلاّ لزم خلوّ الباقي عن الكفارة مع تحريمه ، وهو باطل قطعاً.

ولا ينافيه إطلاق النص والفتوى ؛ إذ المتبادر عدم تخلل التكفير ، ووقوعه بعد قلم أظفار اليدين والرجلين معاً في المجلس الواحد ، فتأمل.

__________________

(١) كشف اللثام ١ : ٤٠٨.

(٢) انظر الخلاف ٢ : ٣١٠ ، والغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٧ ، والمنتهى ٢ : ٨١٧.

٤٣٩

والظاهر أن بعض الظفر كالكل ، وفاقاً لجمع (١).

ولو قصّه في دفعات مع اتحاد المجلس لم تتعدد الفدية ؛ للأصل.

وفي التعدد مع الاختلاف نظر.

( ولو أفتاه ) مفت ( بالقلم ) محرماً أو محلاًّ فقيهاً أولا على الأقوى ، لإطلاق النص وأكثر الفتاوي ( فأدمى ظفره فعلى المفتي شاة ) كما في النص (٢) وإن ضعف السند ، لأن الأصحاب عملوا به ، كما في كلام جمع (٣).

وأما الموثق : إن رجلاً أفتاه أن يقلمها وأن يغتسل ويعيد إحرامه ففعل ، قال : « عليه دم » (٤) فيحتمل عود الضمير على المستفتي ، وإن عاد على المفتي فإنه مطلق ينبغي تقييده بصورة الإدماء ، خصوصاً ويخالف الأصل.

وظاهر جماعة اعتبار الاجتهاد في المفتي (٥). وفيه تقييد لإطلاق النص ، إلاّ أن يدّعى تبادر المجتهد منه ، دون غيره.

وفي تعدّد الشاة بتعدّد المفتي مطلقاً ، أو وحدتها موزّعة عليهما كذلك مع الإفتاء دفعةً ، وإلاّ فعلى الأول خاصة ، أوجه ، أحوطها الأول ،

__________________

(١) منهم : العلامة في المنتهى ٢ : ٨١٧ ، والشهيد الأول في الدروس ١ : ٣٨١ ، وصاحب المدارك ٨ : ٤٣٥ ، وصاحب الحدائق ١٥ : ٥٤٧.

(٢) التهذيب ٥ : ٣٣٣ / ١١٤٦ ، الوسائل ١٣ : ١٦٤ أبواب بقية كفارات الإحرام ب ١٣ ح ١.

(٣) منهم الفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٤٠٩ ؛ وانظر الحدائق ١٥ : ٥٤٥.

(٤) الكافي ٤ : ٣٦٠ / ٦ ، التهذيب ٥ : ٣١٤ / ١٠٨٢ ، الوسائل ١٢ : ٥٣٨ أبواب تروك الإحرام ب ٧٧ ح ٢.

(٥) انظر جامع المقاصد ٣ : ٣٥٦ ، والمسالك ١ : ١٤٥.

٤٤٠