على الظرف لا يخفضه سوى حرف. وفسره بظرف (عند) ولا خصوصية ل (عند) بل ذلك في جميع الظروف غير المتصرفة.
وتكرير وصف (الرَّحْمنُ) عقب الآية السابقة للوجه الذي ذكرنا في إيثار هذا الوصف في الآية السابقة.
وذيل هذا بالاعتراض بقوله : (إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ) ، أي ذلك شأن الكافرين كلهم وهم أهل الشرك من المخاطبين وغيرهم ، أي في غرور من الغفلة عن توقع بأس الله تعالى ، أو في غرور من اعتمادهم على الأصنام فكما غر الأمم السالفة دينهم بأن الأوثان تنفعهم وتدفع عنهم العذاب فلم يجدوا ذلك منهم وقت الحاجة فكذلك سيقع لأمثالهم قال تعالى : (وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها) [محمد : ١٠] وقال (أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ) [القمر : ٤٣] فتعريف (الْكافِرُونَ) للاستغراق. وليس المراد به كافرون معهودون حتى يكون من وضع المظهر موضع الضمير.
والغرور : ظن النفس وقوع أمر نافع لها بمخائل تتوهمها ، وهو بخلاف ذلك أو هو غير واقع. وتقدم في قوله تعالى : (لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ) في آخر آل عمران [١٩٦] وقوله : (يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً) في الأنعام [١١٢] وقوله : (فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) في سورة فاطر [٥].
والظرفية مجازية مستعملة في شدة التلبس بالغرور حتى كأنّ الغرور محيط بهم إحاطة الظرف.
والمعنى : ما الكافرون في حال من الأحوال إلّا في حال الغرور ، وهذا قصر إضافي لقلب اعتقادهم أنهم في مأمن من الكوارث بحماية آلهتهم.
(أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (٢١))
(أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ)
انتقال آخر والكلام على أسلوب قوله : (أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ) [الملك :٢٠] ، وهذا الكلام ناظر إلى قوله : (وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ) [الملك : ١٥] على طريقة اللف والنشر المعكوس.