قائمة الکتاب
68 ـ سورة القلم
69 ـ سورة الحاقة
70 ـ سورة المعارج
71 ـ سورة نوح
72 ـ سورة الجن
73 ـ سورة المزمل
74 ـ سورة المدثر
75 ـ سورة القيامة
(بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ)
٣٢٢76 ـ سورة الإنسان
77 ـ سورة المرسلات
إعدادات
تفسير التّحرير والتّنوير [ ج ٢٩ ]
تفسير التّحرير والتّنوير [ ج ٢٩ ]
المؤلف :الشيخ محمّد الطاهر ابن عاشور
الموضوع :القرآن وعلومه
الناشر :مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الصفحات :424
تحمیل
فعله في الحالين فخالف ما كلف به ومما علّمه النبي صلىاللهعليهوسلم من الدعاء : «فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت».
[١٤ ـ ١٥] (بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (١٤) وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ (١٥))
إضراب انتقالي ، وهو للترقي من مضمون (يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ) [القيامة : ١٣] إلى الإخبار بأن الكافر يعلم ما فعله لأنهم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون ، إذ هو قرأ كتاب أعماله فقال : (يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ) [الحاقة : ٢٥ ، ٢٦] ، (وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً) [الكهف : ٤٩]. وقال تعالى : (اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) [الإسراء : ١٤].
ونظم قوله : (بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) صالح لإفادة معنيين :
أولهما أن يكون (بَصِيرَةٌ) بمعنى مبصر شديد المراقبة فيكون (بَصِيرَةٌ) خبرا عن (الْإِنْسانُ). و (عَلى نَفْسِهِ) متعلقا ب (بَصِيرَةٌ) ، أي الإنسان بصير بنفسه. وعدّي بحرف (عَلى) لتضمينه معنى المراقبة وهو معنى قوله في الآية الأخرى : (كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً). وهاء (بَصِيرَةٌ) تكون للمبالغة مثل هاء علامة ونسّابة ، أي الإنسان عليم بصير قوي العلم بنفسه يومئذ.
والمعنى الثاني : أن يكون (بَصِيرَةٌ) مبتدأ ثانيا ، والمراد به قرين الإنسان من الحفظة وعلى نفسه خبر المبتدأ الثاني مقدما عليه ، ومجموع الجملة خبرا عن (الْإِنْسانُ) ، و (بَصِيرَةٌ) حينئذ يحتمل أن يكون بمعنى بصير ، أي مبصر والهاء للمبالغة ، كما تقدم في المعنى الأول ، وتكون تعدية (بَصِيرَةٌ) ب (عَلى) لتضمينه معنى الرقيب كما في المعنى الأول.
ويحتمل أن تكون (بَصِيرَةٌ) صفة لموصوف محذوف ، تقديره : حجة بصيرة ، وتكون (بَصِيرَةٌ) مجازا في كونها بينة كقوله تعالى : (قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ) [الإسراء : ١٠٢] ومنه قوله تعالى : (وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً) [الإسراء : ٥٩] والتأنيث لتأنيث الموصوف.
وقد جرت هذه الجملة مجرى المثل لإيجازها ووفرة معانيها.