ألف على صيغة الأمر ، فتكون الجملة استئنافا. والتقدير : أوحي إلي أنه لما قام عبد الله إلى آخره قل إنما أدعو ربي ، فهو من تمام ما أوحي به إليه.
و (إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي) ، يفيد قصرا ، أي لا أدعو غيره ، أي لا أعبد غيره دونه.
وعطف عليه (وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً) تأكيدا لمفهوم القصر ، وأصله أن لا يعطف فعطفه لمجرد التشريك للعناية باستقلاله بالإبلاغ.
[٢١ ـ ٢٣] (قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً (٢١) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (٢٢) إِلاَّ بَلاغاً مِنَ اللهِ وَرِسالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً (٢٣))
(قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً (٢١) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (٢٢) إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللهِ وَرِسالاتِهِ).
هذا استئناف ابتدائي. وهو انتقال من ذكر ما أوحي به إلى النبي صلىاللهعليهوسلم إلى توجيه خطاب مستأنف إليه ، فبعد أن حكي في هذه السورة ما أوحى الله إلى رسوله صلىاللهعليهوسلم مما خفي عليه من الشئون المتعلقة به من اتّباع متابعين وإعراض معرضين ، انتقل إلى تلقينه ما يرد على الذين أظهروا له العناد والتورك.
ويجوز أن يكون (قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ) إلخ ، تكريرا لجملة (قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي) [الجن : ٢٠] على قراءة حمزة وعاصم وأبي جعفر.
والضر : إشارة إلى ما يتوركون به من طلب إنجاز ما يتوعدهم به من النصر عليهم.
وقوله : (وَلا رَشَداً) تتميم.
وفي الكلام احتباك لأن الضر يقابله النفع ، والرشد يقابله الضلال ، فالتقدير : لا أملك لكم ضرا ولا نفعا ولا ضلالا ولا رشدا.
والرّشد بفتحتين : مصدر رشد ، والرّشد ، بضم فسكون : الاسم ، وهو معرفة الصواب ، وقد تقدم قريبا في قوله : (يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ) [الجن : ٢].
وتركيب (لا أَمْلِكُ لَكُمْ) معناه لا أقدر قدرة لأجلكم على ضرّ ولا نفع ، وقد تقدم عند قوله تعالى : (وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ) في سورة الممتحنة [٤] وتقدم أيضا