تاريخ مدينة دمشق - ج ٥٤

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٥٤

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٦
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

قال محمّد بن جبير :

فجئت ابن الزبير فكلمته بنحو ما كلمت به ابن الحنفية ، فقال : أنا رجل قد اجتمع عليّ وبايعني الناس ، وهؤلاء أهل خلاف. فقلت : إن خيرا لك الكفّ. فقال : أفعل.

ثم جئت نجدة الحروري فأجده في أصحابه وأجد عكرمة غلام ابن عباس عنده. فقلت : استأذن لي على صاحبك ، قال : ؛ فدخل فلم ينشب أن أذن لي ، فدخلت فعظّمت عليه وكلمته بما كلمت به الرجلين ، فقال : أما أن أبتدئ أحدا بقتال فلا ، ولكن من بدأنا بقتال قاتلناه. قلت : فإني رأيت الرجلين لا يريدان قتالك.

ثم جئت شيعة بني أمية فكلمتهم بنحو مما كلمت به القوم ، فقالوا : نحن على لوائنا لا نقاتل أحدا إلّا أن يقاتلنا. فلم أر في تلك الألوية أسكن ولا أسلم دفعة من أصحاب ابن الحنفية.

قال محمّد بن جبير :

وقفت تلك العشية إلى جنب محمّد بن الحنفية ، فلما غابت الشمس التفت إليّ فقال : يا أبا سعيد ادفع ، فدفع ودفعت معه ، فكان أول من دفع.

أنبأنا أبو الغنائم بن النرسي ، أنبأنا محمّد بن علي بن الحسن الحسني ، أنبأنا محمّد بن جعفر التميمي ـ مناولة ـ أنبأنا عبد العزيز بن يحيى ـ إجازة ـ حدّثني أحمد بن عمرو ، ثنا عبد الله بن عمر بن عبد الرّحمن ، ثنا الحكم بن زبالة ، ثنا خالد بن يزيد ـ يعني القربي ـ ثنا عمّار ابن أبي معاوية الدهني عن أبي جعفر قال : لما فتن عبد الله بن الزبير أرسل إلى من كان بحضرته من بني هاشم فجمعهم في شعب أبي طالب وأراد أن يحرقهم بالنار ، فبلغ ذلك ناسا من أهل الكوفة ، فخرجوا ينصرونهم ، حتى إذا كانوا ببعض الطريق إلى ابن الحنفيّة سمعوا هاتفا يهتف وهو يقول :

يا أيّها الركب إلى المهديّ

على عناجيج من المطيّ

أعناقها كالقضب الخطيّ

لتنصروا عاقبة النبيّ

محمّدا خير بني علي

فدخلوه على محمّد بن الحنفيّة فأخبروه بما سمعوا من الهاتف ، فقال : ذاك بعض مسلمي الجن.

٣٤١

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنبأنا أبو عمر ، أنبأنا أحمد ، ثنا الحسين ، ثنا ابن سعد (١) ، أنبأنا محمّد بن عمر ، حدّثني جعفر بن محمّد بن خالد بن الزبير ، عن عثمان بن عروة ، عن أبيه.

قال : وأنبأنا إسحاق بن يحيى بن طلحة وغيرهما قالوا : كان المختار لما قدم الكوفة كان أشدّ الناس على ابن الزبير ، وأعيبه له ، وجعل يلقي إلى الناس أنّ ابن الزبير كان يطلب هذا الأمر لأبي القاسم ـ يعني ـ ابن الحنفيّة ثم ظلمه إياه ، وجعل يذكر ابن الحنفيّة وحاله وورعه ، وأنه بعثه إلى الكوفة يدعو له ، وأنه كتب له كتابا فهو لا يعدوه إلى غيره ، ويقرأ ذلك الكتاب على من يثق به ، وجعل يدعو الناس إلى البيعة لمحمّد بن الحنفيّة فيبايعونه له سرا ، فشكّ قوم ممن بايعه في أمره وقالوا : أعطينا هذا الرجل عهودنا أن زعم أنه رسول ابن الحنفيّة ، وابن الحنفيّة بمكة ليس منا ببعيد ، ولا مستتر ، فلو شخص منا قوم إليه عمّا جاءنا به هذا الرجل ، فإن كان صادقا نصرناه وأعناه على أمره ، فشخص منهم قوم ، فلقوا ابن الحنفيّة بمكة فأعلموه أمر المختار وما دعاهم إليه ، فقالوا : نحن حيث ترون محبسون (٢) وما أحبّ أنّ لي سلطان الدنيا بقتل مؤمن بغير حق ، ولوددت أن الله انتصر لنا بمن شاء من خلقه ، فاحذروا الكذابين ، وانظروا لأنفسكم ودينكم ، فانصرفوا على هذا ، وكتب المختار كتابا على لسان محمّد بن الحنفيّة إلى إبراهيم بن الأشتر ، وجاء فاستأذن عليه ، وقيل المختار أمين آل محمّد ورسولهم (٣) ، فاذن له وحيّاه ورحّب به وأجلسه معه على فراشه ، فتكلم المختار ، وكان مفوها ، فحمد الله وأثنى عليه ، وصلّى على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم قال : إنّكم أهل بيت قد أكرمكم الله بنصرة آل محمّد ، وقد ركب منهم ما قد علمت ، وحرموا ، ومنعوا حقهم وصاروا إلى ما رأيت ، وقد كتب إليك المهدي كتابا ، وهؤلاء الشهود عليه ، فقال يزيد بن أنس الأسدي ، وأحمر بن شميط البجلي ، وعبد الله بن كامل الشاكري ، وأبو عمرة كيسان مولى بجيلة : نشهد أن هذا كتابه قد شهدناه حين دفعه إليه ، فقبضه إبراهيم وقرأه ثم قال : أنا أوّل من يجيب ، قد أمرنا بطاعتك ومؤازرتك ، فقل ما بدا لك ، وادع إلى من شئت.

ثم كان إبراهيم يركب إليه في كل يوم فزرع ذلك في صدور الناس ، وورد الخبر على

__________________

(١) طبقات ابن سعد ٥ / ٩٨ ـ ٩٩ ومن طريق الواقدي روى في سير أعلام النبلاء ٤ / ١٢١.

(٢) في طبقات ابن سعد : «محتسبون» وفي سير أعلام النبلاء : «محبوسون».

(٣) في طبقات ابن سعد : ورسوله.

٣٤٢

ابن الزبير فتنكر لمحمّد بن الحنفيّة ، وجعل أمر المختار يغلظ في كل يوم ويكثر تبعه ، فجعل يتتبع قتلة الحسين ومن أعان عليه ، فيقتلهم ، ثم بعث إبراهيم بن الأشتر في عشرين ألفا إلى عبيد الله بن زياد فقتله وبعث برأسه إلى المختار ، فعهد إليه المختار ، فجعله في جونة ، ثم بعث به إلى محمّد بن الحنفيّة ، وعلي بن الحسين وسائر بني (١) هاشم ، فلمّا رأى علي بن الحسين رأس عبيد الله ترحّم على الحسين وقال : أتي عبيد الله بن زياد برأس الحسين وهو يتغدى وأتينا برأس عبيد الله ونحن نتغدى ، ولم يبق من بني هاشم أحد إلّا قام بخطبة في الثناء على المختار ، والدعاء له ، وجميل القول فيه. وكان ابن الحنفيّة يكره أمر المختار وما يبلغه عنه ، ولا يحب كثيرا ممّا يأتي به ، وكان ابن عبّاس يقول : بثأرنا وأدرك وغمنا وآثرنا ووصلنا ، فكان يظهر الجميل فيه للعامّة ، فلما اتّسق الأمر للمختار كتب لمحمّد (٢) بن علي المهدي : من المختار ابن أبي عبيد الطالب بثأر آل محمّد ، أما بعد ، فإنّ الله لم ينتقم من قوم حتى يعذر إليهم ، وإنّ الله قد أهلك الفسقة وأشياع الفسقة ، وقد بقيت بقايا فأرجو أن يلحق آخرهم (٣) بأوّلهم.

أخبرنا أبو السعود أحمد بن علي بن المجلي ، ثنا أبو الحسين بن المهتدي الخطيب ، أنبأنا أبو الفضل محمّد بن الحسن بن المأمون ، ثنا أبو بكر محمّد بن القاسم الأنباري ، أنبأنا أبي ، أنبأنا أحمد بن عبيد ، أنبأنا الأصمعي قال : حدّثنا أن محمّد بن الحنفيّة أراد أن يقدم الكوفة أيام المختار ـ يعني ـ ليكذبه ، فقال المختار حين بلغه : إنّ في المهدي علامة يضربه رجل في السّوق ضربة بالسّيف فلا يضره ، فلمّا بلغ ذلك محمّدا أقام يعني أنه أخاف أن يجرب فيه فيموت.

رواها الخطيب عن ابن المهتدي.

أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد في كتابه ، أنبأنا أبو نعيم الحافظ (٤) ، ثنا أحمد بن محمّد بن عبد الوهّاب ، ثنا محمّد بن إسحاق ، ثنا حاتم بن الليث (٥) ، ثنا هوذة بن خليفة ، ثنا عوف الأعرابي عن ميمون ، عن وردان قال : كنت في العصابة الذين انتدبوا (٦) إلى محمّد بن

__________________

(١) بالأصل : «بنو».

(٢) غير واضحة بالأصل ، والمثبت عن د ، و «ز» ، وابن سعد.

(٣) بالأصل : أولهم بأولهم ، وفوق اللفظتين ضبتان ، والتصويب عن د ، و «ز» ، وابن سعد.

(٤) رواه أبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء ٣ / ١٧٤.

(٥) صحفت في الحلية إلى : اللبيب.

(٦) في الحلية : ابتدروا.

٣٤٣

[علي بن](١) الحنفيّة ، وكان ابن الزبير يمنعه أن يدخل مكة حتى يبايعه ، وأراد الشام أن يدخلها فمنعه عبد الملك بن مروان أن يدخلها حتى يبايعه ، فأبى ، فسرنا معه ، ولو أمرنا بالقتال لقاتلنا معه ، فجمعنا يوما يقسم فينا (٢) شيئا وهو يسير ، ثم حمد الله وأثنى عليه ، وقال : الحقوا برجالكم واتقوا الله ، وعليكم بما تعرفون ، ودعوا ما تنكرون ، وعليكم بخاصة أنفسكم ، ودعوا أمر العامة ، واستقروا في أمرنا كما استقرّ [ت](٣) السماء والأرض ، فإنّ أمرنا إذا جاء كان كالشمس الضّاحية.

قال (٤) : وحدّثنا أبو حامد بن حبلة ، ثنا أبو العباس الثقفي ، ثنا محمّد بن الصّبّاح (٥) ، ثنا جرير ، عن عمرو يعني : ابن ثابت ـ قال : قال محمّد بن الحنفيّة : ترون أمرنا؟ لهو أبين من هذه الشمس ، فلا تعجلوا ولا تقتلوا أنفسكم.

قال : (٦) وحدّثنا أبو حامد ، ثنا أبو العبّاس ، ثنا علي بن سعيد البغدادي ، ثنا ضمرة بن ربيعة ، عن سعيد بن الحسن (٧) قال : قال محمّد بن الحنفيّة : رحم الله من كفّ يده ولسانه ، وجلس في بيته ، فإن ذنوب بني أميّة أسرع إليهم من سيوف المسلمين.

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنبأنا أبو عمر بن حيّوية ، أنبأنا أحمد بن معروف ، أنبأنا الحسين بن الفهم ، ثنا محمّد بن سعد (٨) ، أنبأنا مالك بن إسماعيل أبو غسّان النّهدي ، ثنا عمر بن زياد الهذلي ، عن الأسود بن قيس حدّثه قال :

لقيت بخراسان رجلا من عنزة (٩) ، قال : قلت للأسود : ما اسمه؟ قال : لا أدري ، قال : ألا أعرض عليك خطبة ابن الحنفية؟ قال : قلت : بلى ، قال : انتهيت إليه وهو في رهط يحدّثهم ، فقلت : السّلام عليك يا مهدي ، قال : وعليك السّلام ، قال : قلت : إنّ لي إليك حاجة ، قال : أسرّ هي أم علانية؟ قال : قلت : بل سرّ ، قال : اجلس ، فجلست ، وحدّث القوم ساعة ثم قام فقمت معه ، فلمّا أن دخل دخلت معه بيته ، قال : قل لحاجتك؟ قال : فحمدت

__________________

(١) «علي بن» كتبا بين السطرين فوق الكلام بالأصل.

(٢) في حلية الأولياء : فيئا.

(٣) زيادة عن حلية الأولياء.

(٤) القائل : أبو نعيم الحافظ ، والخبر في حلية الأولياء ٣ / ١٧٥.

(٥) صحفت بالأصل إلى : «الصياح» وفي «ز» إلى : «الصاخ» والمثبت عن د ، والحلية.

(٦) حلية الأولياء ٣ / ١٧٥.

(٧) في الحلية : سعيد بن الحسين.

(٨) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٥ / ٩٥.

(٩) صحفت في ابن سعد إلى : عزه.

٣٤٤

الله وأثنيت عليه ، وشهدت أن لا إله إلّا الله وشهدت أنّ محمّدا عبد الله ورسوله ، ثم قلت : أمّا بعد ، فو الله ما كنتم أقرب قريش إلينا قرابة فنحبّكم على قرابتكم ، ولكن كنتم أقرب قريش إلى نبيّنا قرابة فلذلك أحببناكم على قرابتكم من نبيّنا ، فما زال بنا الشين (١) في حبّكم حتى ضربت عليه الأعناق وأبطلت الشهادات ، وشرّدنا في البلاد ، وأوذينا حتى لقد هممت أن؟؟؟ أذهب في الأرض ، قفرا فأعبد الله حتى ألقاه ، لو لا أن يخفى علي أمر آل محمّد ، ولقد هممت أن أخرج مع قوم شهادتنا وشهادتهم (٢) واحدة على أمرائنا فيخرجون فيقاتلون ونغنم (٣) ، قال عمر : يعني الخوارج ، وقد كانت تبلغ عنك أحاديث من وراء وراء فأحببت أن أشافهك بالكلام ، فلا أسأل عنك أحدا ، وكنت أوثق الناس في نفسي وأحبّ إليّ أن أفتدي به ، فأرى برأيك ، وكيف المخرج. أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ، قال : فحمد الله محمّد بن علي وأثنى عليه ، وشهد أن لا إله إلّا الله ، وشهد أن محمّدا عبده ورسوله ، ثم قال : أمّا بعد ، فإيّاكم وهذه الأحاديث ، فإنها عيب عليكم ، وعليكم بكتاب الله فإنه به هدي أوّلكم وبه يهدي آخركم ، ولعمري لئن أوذيتم لقد أوذي من كان خيرا منكم. لقد هممت أن أذهب في الأرض قفرا فأعبد الله حتى ألقاه ، أو أجتنب أمور الناس لو لا أن يخفى عليّ أمر آل محمّدا ، فلا تفعل ، فإذن ذلك البدعة الرهبانية ، ولعمري لأمر آل محمّد أبين من طلوع هذه الشمس ، وأمّا قيلك لقد هممت أن أخرج مع أقوام شهادتنا وشهادتهم واحدة على أمرائنا فيخرجون فيقاتلون ونغنم (٤) فلا تفعل ، ولا تفارق الأمة ، اتق هؤلاء القوم بتقيّتهم ، قال عمر ويعني : بني أمية ، ولا تقاتل معهم ، قال : قلت : وما تقيّتهم؟ قال : تحضرهم وجهك عند دعوتهم ، فيدفع الله بذلك عنك عن دمّك ودينك وتصيب من مال الله الذي أنت أحقّ به منهم ، قال : قلت : أرأيت إن أطاف بي قتال ليس لي منه بدّ؟ قال : تبايع بإحدى يديك الأخرى (٥) لله ، [وتقاتل لله](٦) فإن الله سيدخل أقواما بسرائرهم الجنة ، وسيدخل أقواما بسرائرهم النار ، وإنّي أذكّرك الله أن تبلغ عني ما لم تسمع مني أو أن تقول عليّ ما لم أقل ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

قال : وحدّثنا محمّد بن سعد (٧) ، أنبأنا محمّد بن عبد الله الأسدي ، ثنا الوليد بن

__________________

(١) الأصل ود ، و «ز» : التسنن ، والمثبت عن ابن سعد.

(٢) بالأصل : «شهادتنا وشهادتنا» والمثبت عن د ، و «ز» ، وابن سعد.

(٣) كذا بالأصل ود ، و «ز» ، وعند ابن سعد : ونقيم.

(٤) راجع الحاشية السابقة.

(٥) بالأصل كررت اللفظة.

(٦) الزيادة عن د ، و «ز» ، وابن سعد.

(٧) طبقات ابن سعد ٥ / ٩٧.

٣٤٥

جميع ، عن أبي الطفيل ، عن محمّد بن الحنفيّة أنه قال له :

الزم هذا المكان ، وكن حمامة من حمام الحرم حتى يأتي أمرنا ، فإنّ أمرنا إذا جاء فليس به خفاء ، كما ليس بالشمس إذا طلعت خفاء ، وما يدريك إن قال لك الناس تأتي من الشرق ويأتي الله بها من المغرب ، وما يدريك إن قال لك الناس تأتي من المغرب ويأتي الله بها من المشرق ، وما يدريك لعلنا سنؤتى بها كما يؤتى بالعروس.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو الفضل بن البقّال ، أنبأنا أبو الحسين بن بشران ، أنبأنا عثمان بن أحمد ، ثنا حنبل بن إسحاق ، ثنا الحميدي (١) ، ثنا سفيان (٢) ، ثنا أبو الجحّاف ، وكان من الشيعة ، عن رجل من أهل البصرة ، قال : أتيت محمّد بن عليّ بن الحنفيّة حين خرج المختار ، فقلت : إن هذا يعني المختار قد خرج علينا ، وانه يدعو إليكم ، فإن كان من أمركم اتبعناه ، فإنّي سآمرك بما كنت آمر به (٣) ابني هذا إنّا أهل بيت لا نبتز هذه الأمة أمرها ولا نأتيها من غير وجهها ، وإنّ عليا قد كان يرى أنه له ولكنه لم يقاتل حتى جرت له بيعة.

قال : وحدّثنا حنبل ، حدّثنا الحميدي (٤) ، ثنا سفيان (٥) ، ثنا ليث بن أبي سليم ، عن منذر الثوري ، عن ابن الحنفيّة قال : سمعت أبا هريرة يقول : لا حرج إلّا في دم امرئ [مسلم](٦) ، قال : فقيل لابن الحنفيّة : تطعن على أبيك قال : إنّي لست أطعن على أبي ، بايعه أولو الأمر ، فنكث ناكث فقاتله ، وإنّ ابن الزبير يحسدني على مكاني هذا ، ودّ أني ألحد في الحرم كما ألحد.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا [عاصم](٧) ابن الحسن ، أنبأنا أبو عمر بن مهدي ، أنبأنا أبو العبّاس بن عقدة ، ثنا أحمد بن يحيى الصوفي ، ثنا عبد الرّحمن بن شريك ، ثنا أبي ، ثنا ليث بن أبي سليم ، عن منذر الثوري ، عن محمّد بن علي ، عن أبي هريرة عن

__________________

(١) كذا بالأصل ود ، وفي «ز» : الجنيدي.

(٢) من طريق سفيان بن عيينة روي الخبر في سير أعلام النبلاء ٤ / ١٢٢.

(٣) أقحم بعدها بالأصل : «أمري به».

(٤) بالأصل : «الحميد» والمثبت عن د ، و «ز».

(٥) من طريق سفيان بن عيينة روي الخبر في سير أعلام النبلاء ٤ / ١٢٢.

(٦) زيادة للإيضاح عن سير أعلام النبلاء.

(٧) زيادة للإيضاح عن د ، و «ز».

٣٤٦

النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلّا الله ، فإذا فعلوها حرمت عليّ دماؤهم وأموالهم إلّا بحقّها وحسابهم على الله» [فقال رجل لمحمّد : إنك لتزرى على أبيك ، فقال : لست أزري على أبي ، إن أبي بايعه أهل الأمر ، فنكث ناكث](١) فقاتله ومرق مارق فقاتله ، ولست كأبي ليست لي بيعة في أعناق الناس ، فأقاتل ، وقد كان قيل له : ألا تخرج.

أنبأنا أبو علي محمّد بن سعيد ، أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان ، أنبأنا عثمان بن أحمد الدقاق ، ثنا يحيى بن جعفر ، أنبأنا عبد الرّحمن بن علقمة المروزي ، ثنا عبد الله بن المبارك ، أنبأنا أبو جعفر الرازي ، عن ليث ، عن منذر الثوري ، عن محمّد بن الحنفية ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا حرج إلّا في قتل مسلم» ثلاثا يقولها [١١٥٢٣] ، وقال ابن الحنفية : لو أنّ الناس بايعوني إلّا رجل لم يشتد سلطاني إلّا به ما قتلته.

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي محمّد الحسن بن علي ، أنبأنا محمّد بن العبّاس ، أنبأنا أحمد بن معروف ، ثنا الحسين ، ثنا ابن سعد (٢) ، أنبأنا قبيصة بن عقبة ، ثنا سفيان ، عن الحارث الأزدي ، قال : قال ابن الحنفيّة : رحم الله امرأ أغنى نفسه ، وكفّ يده ، وأمسك لسانه ، وجلس في بيته ، له ما احتسب ، وهو مع من أحبّ ، ألا إنّ أعمال بني أميّة أسرع فيهم من سيوف المسلمين ، ألا إنّ لأهل الحق دولة يأتي بها الله إذا شاء ، فمن أدرك ذلك منكم ومنا كان عندنا في السنام (٣) الأعلى ، ومن يمت فما عند الله خير وأبقى.

قرأنا على أبي غالب ، وأبي عبد الله ، عن أبي الحسن محمّد بن محمّد بن مخلد ، أنبأنا عليّ بن محمّد بن خزفة (٤) ، ثنا محمّد بن الحسين ، ثنا ابن [أبي] خيثمة ، ثنا عفّان بن مسلم ، ثنا أبو عوانة ، ثنا أبو جمرة (٥) قال (٦) : كانوا يسلمون على محمّد بن علي : سلام عليك يا مهدي ، فقال : أجل ، أنا مهدي ، أهدي إلى الرشد والخير ، اسمي اسم نبي الله ، وكنيتي كنية نبي الله ، فإذا سلّم أحدكم فليقل : سلام عليك يا محمّد ، سلام عليك يا أبا القاسم.

__________________

(١) الزيادة بين معكوفتين لتقويم المعنى ورفع الخلل ، عن د ، و «ز».

(٢) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٥ / ٩٧ ، ومن طريق سفيان الثوري في سير الأعلام ٤ / ١٢٣.

(٣) في سير الأعلام : السهم الأعلى.

(٤) صحفت في «ز» إلى خزقة.

(٥) بالأصل و «ز» ود : «حمزة» والمثبت عن سير أعلام النبلاء. وهو نصر بن عمران الضبعي.

(٦) سير أعلام النبلاء ٤ / ١٢٣.

٣٤٧

قال : وحدّثنا ابن أبي خيثمة ، ثنا محمّد بن عمران الأخنسي ، ثنا محمّد بن فضيل ، ثنا سالم بن أبي حفصة ، عن منذر الثوري قال : رأيت محمّد بن الحنفيّة يتلو على فراشه وينفخ ، فقالت له امرأته : ما يكربك (١) يا مهدي.

أخبرنا أبو الحسن الفرضي ، أنبأنا أبو عبد الله محمّد بن أبي نعيم النسوي ، أنبأنا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنبأنا عمي أبو علي محمّد بن القاسم ، ثنا عليّ بن بكر ، عن أحمد بن الخليل قال : قال عمر بن عبيد عبيدة وقال كثير بن كثير السّهمي :

ألا إنّ الأئمة من قريش

ولاة الحقّ أربعة سواء

عليّ والثلاثة من بنيه

هم الأسباط ليس بهم خفاء

فسبط سبط إيمان وبرّ

وسبط غيّبته كربلاء

وسبط لا يذوق الموت حتى

يقود الخيل يقدمها اللواء

توارى لا يرى عنهم سنينا

برضوى عنده عسل وماء

وقيل : قيل إن هذه الأبيات لكثير عزّة وقد تقدمت في أول الترجمة.

قرأت على أبي غالب ، عن أبي [محمّد](٢) الحسن بن علي (٣) ، أنبأنا أبو عمر ، أنبأنا أحمد ، أنبأ الحسين ، ثنا ابن سعد (٤) ، أنبأنا الفضل بن دكين ، ثنا أبو العلاء الخفاف ، عن المنهال بن عمرو قال : جاء رجل إلى ابن الحنفيّة فسلّم عليه ، فردّ عليه‌السلام ، فقال : كيف أنت؟ فحرّك يده ، فقال : [كيف](٥) أنتم ، أما آن لكم أن تعرفوا كيف نحن ، إنّما مثلنا في هذه الأمة مثل بني إسرائيل في آل فرعون ، كان يذبّح أبناءهم ويستحيى نساءهم وإنّ هؤلاء يذبّحون أبناءنا وينكحون نساءنا بغير أمرنا ، فزعمت العرب أنّ لها فضلا على العجم ، فقالت العجم : وما ذاك؟ قالوا : كان محمّد [عربيا ، قالوا : صدقتم ، قالوا : وزعمت قريش أن لها فضلا على العرب ، فقالت العرب : وبم ذا؟ قالوا : قد كان محمّد](٦) قرشيا ، فإن كان القوم صدقوا فلنا فضل على الناس.

قرأنا على أبي غالب ، وأبي عبد الله ، عن أبي الحسن محمّد بن محمّد ، أنبأنا عليّ بن

__________________

(١) صحفت في «ز» إلى : يكرثك.

(٢) زيادة لازمة منا للإيضاح ، والسند معروف.

(٣) أقحم بعدها بالأصل : أنبأنا أبو علي.

(٤) الطبقات الكبرى لابن سعد ٥ / ٩٥.

(٥) زيادة للإيضاح عن ابن سعد.

(٦) ما بين معكوفتين سقط من الأصل ، واستدرك للإيضاح عن د ، و «ز» ، وابن سعد.

٣٤٨

محمّد بن خزفة (١) ، أنبأنا محمّد بن الحسين ، ثنا ابن [أبي](٢) خيثمة ، ثنا محمّد بن الصلت ، ثنا الربيع بن منذر ، عن أبيه قال : قال ابن الحنفيّة : لوددت لو فديت شيعتنا هؤلاء ببعض دمي ، ثم وضع يده اليمنى على يده اليسرى ثم قال : لحديثهم الكذب ، وأذاعتهم السرّ حتى لو كانت أم أحدهم التي ولدته لأغرى بها حتى تقتل (٣).

قال : وحدّثنا ابن أبي خيثمة ، ثنا أبي ، ثنا جرير ، عن ليث عن (٤) منذر الثوري أبي يعلى أو غيره عن ابن الحنفيّة قال : ما من هذه الأمة أحد أشهد عليه بالنجاة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قالوا : ولا أبوك؟ قال : ولا أبي الذي ولدني.

قرأت على أبي غالب الجريري ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنبأنا محمّد بن العبّاس ، أنبأنا أبو الحسن أحمد بن معروف ، ثنا الحسين بن الفهم ، ثنا محمّد بن سعد (٥) قال : قالوا :

وقتل المختار ابن أبي عبيد في سنة ثمان وستين ، فلمّا دخلت سنة تسع وستين أرسل عبد الله بن الزبير عروة بن الزبير إلى محمّد بن الحنفيّة : إنّ أمير المؤمنين يقول لك إنّي غير تاركك أبدا حتى تبايعني أو أعيدك في الحبس ، وقد قتل الله الكذّاب الذي كنت تدعي نصرته ، وأجمع أهل العراقين (٦) عليّ فبايع ، وإلّا فهي الحرب بيني وبينك إن امتنعت ، فقال ابن الحنفية لعروة : ما أسرع أخاك إلى قطع الرحم والاستخفاف بالحقّ ، وأغفله عن تعجيل عقوبة الله ، ما يشك أخوك في الخلود وإلّا فقد كان أحمد للمختار وهديه مني ، والله ما بعثت المختار داعيا ولا ناصرا ، وللمختار كان إليه أشدّ انقطاعا منه إلينا ، فإن كان كذّابا فطال ما قرّبه على كذبه ، وإن كان على غير ذلك فهو أعلم به ، وما عندي خلاف ، ولو كان خلاف ما أقمت في جواره ، ولخرجت إلى من يدعوني ، فأبيت ذلك عليه ، ولكن هاهنا والله لأخيك قرينا يطلب مثل ما يطلب أخوك ، كلاهما يقاتلان على الدنيا (٧) : عبد الملك بن مروان ؛ والله لكأنك بجيوشه قد أحاطت برقبة أخيك ، وإنّي لأحسب أن جوار عبد الملك خير لي من جوار أخيك ، ولقد كتب إليّ يعرض عليّ ما قبله وتدعوني إليه ، قال عروة : فما يمنعك من ذلك؟ قال : أستخير الله ، وذلك أحبّ إلى صاحبك ، قال : أذكر ذلك له ، فقال بعض أصحاب محمّد

__________________

(١) في «ز» : خزقه ، تصحيف.

(٢) زيادة عن د ، و «ز».

(٣) سير أعلام النبلاء ٤ / ١٢٣.

(٤) بالأصل : «بن» تصحيف ، والمثبت عن د ، و «ز».

(٥) طبقات ابن سعد ٥ / ١٠٥ ـ ١٠٦ ومن طريق ابن سعد رواه الذهبي في سير الأعلام ٤ / ١٢٣ ـ ١٢٤.

(٦) في سير الأعلام : العراق.

(٧) في المختصر : الدماء.

٣٤٩

ابن الحنفيّة [والله لو أطعتنا لضرب عنقه ، فقال ابن الحنفية](١) وعلى ما أضرب عنقه؟ جاءنا برسالة من أخيه وجاورنا فجرى بيننا وبينه كلام ، فرددناه إلى أخيه ، والذي قلتم غدر ، وليس في الغدر خير ، لو فعلت الذي تقولون لكان القتال بمكة ، وأنتم تعلمون أنّ رأيي لو اجتمع الناس عليّ كلهم إلّا إنسان واحد لما قاتلته ، فانصرف عروة ، فأخبر ابن الزبير بكلّ ما قال له محمّد بن الحنفيّة ، وقال : والله ما أرى أن تعرض له ، دعه فليخرج عنك ويغيّب وجهه ، عبد الملك أمامه ولا يتركه يحل بالشام حتى يبايعه ، وابن الحنفية لا يبايعه أبدا حتى يجتمع الناس عليه ، فإن صار كفاكه ، إمّا حبسه ، وإمّا قتله ، فتكون أنت قد برئت من ذلك ، فأفثأ ابن الزبير عنه.

قال : وأنبأنا محمّد بن سعد (٢) ، أنبأنا موسى بن إسماعيل ، حدّثنا أبو عوانة ، عن أبي جمرة (٣) قال : كنت مع محمّد بن علي فسرنا من الطائف إلى أيلة بعد موت ابن عبّاس بزيادة على أربعين ليلة ، قال : وكان عبد الملك قد كتب لمحمّد عهدا على أن يدخل في أرضه هو وأصحابه حتى يصطلح الناس على رجل ، فإذا اصطلحوا على رجل بعهد من الله وميثاق كتبه عبد الملك ، فلمّا قدم محمّد الشام بعث إليه عبد الملك : إمّا أن تبايعني وإمّا أن تخرج من أرضي ، ونحن يومئذ معه سبعة آلاف ، فبعث إليه محمّد بن علي : على أن تؤمن أصحابي ، ففعل ، فقام محمّد ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إنّ الله وليّ الأمور كلّها ، وحاكمها ، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ، كلّ ما هو آت قريب ، عجلتم بالأمر قبل نزوله ، والذي نفسي بيده إنّ في أصلابكم لمن يقاتل مع آل محمّد [ما يخفى على أهل الشرك أمر آل محمّد وأمر آل محمّد مستأخر ، والذي نفس محمّد بيده ليعودن فيكم](٤) كما بدأ ، الحمد لله الذي حقن دماءكم وأحرز دينكم! من أحبّ منكم أن يأتي مأمنه إلى بلده آمنا محفوظا فليفعل ، فبقي معه تسع مائة رجل ، فأحرم بعمرة ، وقلّد هديا ، فعمدنا إلى البيت ، فلمّا أردنا أن ندخل الحرم تلقتنا خيل ابن الزبير ، فمنعتنا أن ندخل ، فأرسل إليه محمّد : لقد خرجت وما أريد أن أقاتلك ، ورجعت ما أريد أن أقاتلك ، دعنا فلندخل فلنقض نسكنا ثم لنخرج عنك ، فأبى ، ومعنا البدن قد قلّدناها ، فرجعنا إلى المدينة ، فكنا بها حتى قدم الحجّاج فقتل ابن الزبير ، ثم صار إلى البصرة والكوفة ، فلمّا سار مضينا فقضينا نسكنا ، وقد رأيت القمل يتناثر من محمّد

__________________

(١) الزيادة للإيضاح عن د ، و «ز» ، وابن سعد.

(٢) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٥ / ١٠٨ ـ ١٠٩ والذهبي في سير أعلام النبلاء ٤ / ١٢٤ ـ ١٢٥.

(٣) بالأصل ود ، و «ز» ، وابن سعد : «أبي حمزة» والمثبت عن سير الأعلام.

(٤) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن د ، و «ز» ، وابن سعد.

٣٥٠

ابن علي ، فلمّا قضينا نسكنا رجعنا إلى المدينة فمكث ثلاثة أشهر ثم توفي.

قال : وأنبأنا ابن سعد (١) ، أنبأنا محمّد بن عمر ، حدّثني عبد الله بن جعفر ، عن صالح ابن كيسان ، عن الحسن بن محمّد بن علي قال : لم يبايع أبي الحجّاج لمّا قتل ابن الزبير بعث الحجاج إليه فجاء ، فقال : قد قتل الله عدو الله ، فقال ابن الحنفيّة : إذا بايع الناس بايعت ، قال : والله لأقتلنك ، قال : أولا تدري ، قال : والله لأقتلنك ، قال : أولا تدري (٢) إنّ لله في كل يوم ثلاثمائة وستين لحظة ، في كلّ لحظة ثلاثمائة وستون قضية ، فلعله أن يكفيناك في قضية من قضاياه.

قال : فكتب بذلك الحجّاج إلى عبد الملك ، فأتاه كتابه ، فأعجبه ، وكتب به إلى صاحب الروم ، وذلك أن صاحب الروم كتب إليه يتهدده أنه قد جمع إليه جموعا كثيرة ، فكتب عبد الملك بذلك الكلام إلى صاحب الروم ، وكتب : قد عرفنا أن محمّدا ليس عنده خلاف وهو يأتيك ويبايعك ، فارفق به ، فلما اجتمع الناس على عبد الملك ، وبايع ابن عمر قال ابن عمر لابن الحنفيّة : ما بقي شيء فبايع. فكتب ابن الحنفيّة إلى عبد الملك : بسم الله الرّحمن الرحيم ، لعبد الملك أمير المؤمنين من محمّد بن علي ، أمّا بعد ، فإنّي لما رأيت الأمة قد اختلفت اعتزلتهم ، فلمّا أفضى هذا الأمر إليك ، وبايعك الناس كنت كرجل منهم أدخل في صالح ما دخلوا فيه ، فقد بايعناك وبايعت الحجّاج لك ، وبعثت إليك ببيعتي ، ورأيت الناس قد اجتمعوا عليك ، ونحن نحب أن تؤمننا وتعطينا ميثاقنا على الوفاء ، فإن الغدر لا خير فيه ، فإن أبيت فأرض الله واسعة ، فلمّا قرأ عبد الملك الكتاب قال قبيصة بن ذؤيب [وروح](٣) بن زنباع ما لك عليه سبيل ، ولو أراد فتقا لقدر عليه ، ولقد سلّم وبايع فنرى أن نكتب إليه بالعهد والميثاق بالأمان له ولأصحابه ، ففعل ، فكتب إليه عبد الملك : إنك عندنا محمود ، أنت أحبّ إلينا ، وأقرب بنا رحما من ابن الزبير ، فلك العهد والميثاق ، وذمة الله ، وذمة رسوله أن لا تهاج ولا أحد من أصحابك بشيء تكرهه ، ارجع إلى بلدك ، واذهب حيث شئت ، ولست أدع صلتك (٤) وعونك ما حييت ، وكتب إلى الحجّاج يأمره بحسن جواره وإكرامه ، فرجع ابن الحنفيّة إلى المدينة.

__________________

(١) طبقات ابن سعد ٥ / ١١٠ ـ ١١١.

(٢) كذا كررت الجملة بالأصل ود ، و «ز» ، ولم تكرر عند ابن سعد.

(٣) زيادة عن د ، و «ز» ، وابن سعد للإيضاح.

(٤) بالأصل : «صلاتك» والمثبت عن د ، و «ز» ، وابن سعد.

٣٥١

أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله ـ إذنا ومناولة ـ وقرأ عليّ إسناده ، أنبأنا محمّد بن الحسين ، أنبأنا المعافي بن زكريا (١) ، ثنا الحسين بن القاسم الكوكبي ، ثنا أبو محمّد عبد الله ابن عمرو (٢) بن بشر الورّاق ، ثنا أبو زكريا يحيى بن خليفة الدارمي ، حدّثني محمّد بن هشام السعدي التميمي قال :

خرج الحجّاج بن يوسف وابن الحنفيّة من عند عبد الملك بن مروان ، فلمّا صارا في الطريق قال الحجّاج لمحمّد بن الحنفيّة : لقد بلغني أن أباك كان إذا فرغ من القنوت يقول كلاما حسنا أحببت أن أعرفه ، فتحفظه؟ قال : لا ، قال : سبحان الله ، ما أوحش لقاءكم ، وأفظع لفظكم ، وأشدّ خنزوانتكم ، ما تعدّون الناس إلّا عبيدا ، ولقد خضتم الفتنة خوضا ، وقللتم (٣) المهاجرين والأنصار ، فنظر إليه ابن الحنفية وأنكر لفظه وأحفظه ، فوقف وسار الحجّاج ، ورجع ابن الحنفيّة إلى باب عبد الملك فقال للآذن : استأذن لي ، فقال : ألم تكن عنده وخرجت آنفا ، فما ردّك وقد ارتفع أمير المؤمنين؟ قال : لست أبرح حتى ألقاه ، فكره الآذن غضب الخليفة فدخل عليه فقال : يا أمير المؤمنين ، هذا محمّد بن الحنفيّة يستأذن عليك ، فقال : ألم يكن عندي قبيل؟ قال : لقد رده أمر ، ائذن له ، فلما دخل عليه تحلحل عن مجلسه كما كان يفعل ، فقال : يا أمير المؤمنين هذا الحجاج أسمعني كلاما تكمشت (٤) له ، وذكر أبي بكلام تقمعت له ، وما أحرت حرفا ، قال : فما قال لك حتى أعمل على حبسه (٥)؟ قال : وكأنما تفقأ في وجهه الرمان ونخسه شوك ، فخبره عما سأله عنه ، فقال لصاحب شرطه عليّ بالحجاج الساعة. فأتاه في منزله حين خلع ثيابه فحمله حملا عنيفا ، وانصرف ابن الحنفية ، فجاء الحجاج فوقفه بالباب طويلا ثم قال : ائذن له. فدخل ، فسلّم عليه ، فقال له عبد الملك :

لا أنعم الله بعمرو عينا

تحية السخط إذا التقينا (٦)

يا لكع وهراوة البقار ، ما أنت ومحمّد بن الحنفيّة؟ قال : يا أمير المؤمنين ، ما كان إلّا

__________________

(١) رواه القاضي المعافي بن زكريا في الجليس الصالح الكافي ٤ / ١٩٠ وما بعدها.

(٢) بالأصل : «عمر» والمثبت عن د ، و «ز» ، والجليس الصالح الكافي.

(٣) في الجليس الصالح : «وقتلتم».

(٤) أي تقبضت ، يقال : تكمش الجلد : تقبض.

(٥) بالأصل : «حسابه» وفي «ز» : «حسبه» والمثبت عن الجليس الصالح.

(٦) «إذا التقينا» ليس في «ز».

٣٥٢

خير (١) ، قال : كذبت والله لهو أصدق منك وأبرّ. ذكرته وذكرت أباه ، فو الله ما بين لابتيها أفضل من أبيه ؛ وما جرى بينك وبينه؟ قال : سألته يا أمير المؤمنين عن شيء بلغني كان أبوه يقوله بعد القنوت ، قال : لا أعرفه. فعلمت أن ذاك مقت منه لنا ولدولتنا ، فأجبته بالذي بلغك. قال له عبد الملك : أسأت ولؤمت (٢). والله لو لا أبوه وابن عمه لكنا حيارى ضلّالا ، وما أنبت الشعر على رءوسنا إلّا الله وهم ، وما أعزنا بما ترى إلّا رحمهم وريحهم الطيبة ، والله لا كلمتك كلمة أبدا ، أو تجيئني بالرضا منه ، وتسلّ سخيمته. قال : فمضى الحجاج من فوره ، فألفاه وهو يتغدى مع أصحابه ، قال : فاستأذن فأبى أن يأذن له ، فقال بعض أصحابه : إنه أتى برسالة أمير المؤمنين ، فأذن له ، فقال : إن أمير المؤمنين أرسلني أن أسلّ سغيمتك ، وأقسم أن لا يكلمني أبدا حتى آتيه بالرضي منك ، وأنا أحب ، برحمك من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلّا عفوت عني عما كان ، وغفرت ذنبا إن كان. قال : قد فعلت على شريطة فتفعلها ، قال : نعم ، قال : على صرم الدهر. قال : ثم انصرف الحجاج ، فدخل على عبد الملك ، فقال ما صنعت؟ قال جئت برضاه وسللت سخيمته وأجاب إلى ما أحب وهو أهل ذلك. قال : فأبى شيء آخر ما كان بينك وبينه؟ قال : رضي على شريطة ، على صرم الدهر ، فقال : شنشنة أعرفها من أخزم (٣) ، انصرف.

فلما كان من الغد دخل ابن الحنفية على عبد الملك فقال له : أتاك الحجاج؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين ، قال : فرضيت وأجبته؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين ، قال ثم مال إليه فقال : هل تحفظ ما سألك عنه؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين ، وما منعني أن أبثه إياه إلّا مقتى له فإنه من بقية ثمود. فضمك عبد الملك ثم قال يا سليمان ـ لغليم له ـ هات دواة وقرطاسا ، قال : فكتب بخطه :

بسم الله الرّحمن الرحيم ، كان أمير المؤمنين رضي‌الله‌عنه إذا فرغ من وتره رفع يديه (٤) إلى السماء [وقال :](٥) اللهمّ حاجتي العظمى التي إن قضيتها لم يضرّني ما منعتني ، [وإن منعتني](٦) لم ينفعني ما أعطيتني ، فكّاك الرقاب ، فكّ رقبتي من النار ، ربّ ما أنا إن تقصد

__________________

(١) في الجليس الصالح : خيرا.

(٢) بالأصل ود ، و «ز» : ولمت. والمثبت عن الجليس الصالح.

(٣) مثل. تقدم الكلام عليه.

(٤) في الجليس الصالح : يده.

(٥) زيادة عن د ، و «ز» ، والجليس الصالح.

(٦) زيادة عن د ، و «ز» ، والجليس الصالح.

٣٥٣

قصدي بغضب منك يدوم عليّ ، فو عزتك ما يحسّن ملك إحساني ، ولا تقبّحه إساءتي ، ولا ينقص من خزائنك غنائي ، ولا يزيد فيها فقري ، يا من هو هكذا ، اسمع دعائي وأجب ندائي ، وأقلني عثرتي ، وارحم غربتي ، ووحشتي ، ووحدتي في قبري ، ها أنا ذا يا رب برمتي ، ويأخذ بتلابيبه [ثم](١) يركع ، فقال عبد الملك : حسن والله ، رضي‌الله‌عنه.

قال القاضي : قول محمّد بن الحنفيّة : أسمعني كلاما تكمشت له أي انقبضت ، يقال لما تقبّض (٢) وتشنّج من الفاكهة وغيرها : قد تكمّش ، فهو متكمّش.

وقوله : وذكر أبي بكلام تقمّعت له ، يقال : قد تقمّع الرجل وانقمع إذا انخذل (٣) وانكسر ، وقول عبد الملك للحجّاج : يا لكع ، يريد يا عبد أو يا لئيم. وقوله : وهراوة البقار ؛ يعني عصا الراعي التي يذود بها البقر ، يريد لا تصلح إلّا لأداني الأمور.

وما رواه محمّد بن الحنفيّة من قول أمير المؤمنين عليه‌السلام في دعائه : ها أنا ذا يا ربّ برمّتي ، العرب تقول : أخذ فلان كذا وكذا برمّته ، يريدون أخذه كله ، واستوفاه ، ولم يغادر شيئا منه ، وكذلك قولهم : أخذه بأسره ، والأسر : القيد (٤) وبه سمي الأسير أسيرا ، وهو الأخيذ (٥) بمعنى المأخوذ ، وكانوا يشدونه بالقدّ إذا أسروه ، فأمّا الرمّة فالحبل البالي كانوا يشدون الأمتعة به ، ومنه قول ذي الرّمّة :

أشعت باقي رمة التقليد (٦)

وقيل : إنّما سمّي ذا الرّمّة لقوله هذا ، وهو غيلان بن عقبة ، وأمّا الرمّة بالكسر فالعظم البالي يقال : رمّ العظم يرم ، وهو رميم ، ومنه قول الشاعر : (٧)

والنيب إن تعرفني رمة خلقا

بعد الممات فإنّي كنت أثّئر (٨)

وهذا من أبيات المعاني ، ومعناه [أن النيب ، وهو جمع ناب ، وهي الناقة المسنة ، قيل

__________________

(١) زيادة عن د ، و «ز».

(٢) في الجليس الصالح : «تغضّن» ومثله في «ز» ، ود.

(٣) في د ، و «ز» ، والجليس الصالح : انخزل.

(٤) بالأصل ود : القد ، وفي «ز» : الغد.

(٥) في الجليس الصالح : الآخذ.

(٦) ديوان ذي الرمة ص ١٥٥ وصدره فيه : وغير مرضوخ القفا موتود.

(٧) البيت للبيد ، ديوانه ص ٥٧ (ط. بيروت).

(٨) أثئر : أخذ بالثأر.

٣٥٤

لها ذلك فإنها لم يبن منها مرّ السنين عليها إلّا نابا ،](١) إني كما يقال فلان رأس وفلان بطن ، ومن الناب قول جرير (٢) :

لقد سرني ألا تعدّ مشاجع

من المجد إلّا عقر ناب بصوأر

وقال أيضا (٣) :

تعدون عقر النّاب (٤) أفضل مجدكم

بني ضوطرى (٥) لو لا الكميّ المقنّعا

قال : كانت تأكل عظام الموتى طلبا لملوحتها ، فقال هذا الشاعر : إن تعر مني رمة خلقا ، يريد إن تأكل عظامي بعد موتي ، فإنّي كنت أتّئر آخذ منها بثأري سالفا في حياتي ـ يعني ـ انه كان ينحرها للأضياف ، وقوله : اتئر من الثأر ، وأصله : اثتأر فقلبت الثاء تاء ، وأدغمت في التي بعدها ، وكذلك مذكر أصله مذتكر ، ومظلم أصله مظتلم (٦) ، ولما وصفنا من القلب علة هي مرسومة في موضعها ومن العرب من يقول : أثئر بالثاء ، ومذكر بالذال ، ومطّلم بالطاء (٧) إلّا أن المختار الأفصح الأوضح في القياس ، والأشهر من الرواية مدّكر ومتئر ومظّلم ، ومثله مذخر (٨) ، ومدّخر.

قال زهير بن أبي سلمى يمدح هرم بن سنان (٩) :

هل الجواد الذي يعطيك نائلة

عفوا ويظلم أحيانا فيظلم

يروى على الوجهين ، والطاء (١٠) أشهرهما ، والمشهور من القراءة في قول الله عزوجل : (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)(١١) الدال ، وكذلك قوله : (وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ)(١٢).

أخبرنا أبو الحسن عليّ بن محمّد ، أنبأنا أبو منصور محمّد بن الحسن ، أنبأنا أبو العبّاس أحمد بن الحسين ، أنبأنا عبد الله بن محمّد بن عبد الرّحمن ، ثنا محمّد بن إسماعيل ،

__________________

(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك للإيضاح عن د ، و «ز» والجليس الصالح.

(٢) ديوان جرير ص ٢٠٢ (ط. بيروت).

(٣) ديوان جرير ص ٢٥٤ (ط. بيروت).

(٤) في الديوان : النيب.

(٥) بالأصل : «ضوطر» والمثبت عن د ، و «ز» ، والجليس الصالح ، والديوان.

(٦) بالأصل ود ، و «ز» : «ويظلم من تظلم» والمثبت عن الجليس الصالح.

(٧) بالأصل ود ، و «ز» : ومظلم بالظاء ، والمثبت عن الجليس الصالح.

(٨) بالأصل : «مد نمر» وفوقها ضبة ، وفي د : مدمر ، وفي «ز» : مدخر ، والمثبت عن الجليس الصالح.

(٩) شرح ديوان زهير ص ١٥٢.

(١٠) في الجليس الصالح : والظاء.

(١١) سورة القمر ، الآية : ١٥.

(١٢) سورة آل عمران ، الآية : ٤٩.

٣٥٥

ثنا موسى ، ثنا أبو عوانة ، ح وأنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي ، ثم حدّثنا أبو الفضل السلامي ، أنبأنا أبو الحسين ، وأبو الغنائم ، واللفظ له ، قالا : أنبأنا أبو أحمد ، أنبأنا أحمد بن عبدان ، أنبأنا محمّد بن سهل ، أنبأنا البخاري (١) قال : قال لنا موسى بن إسماعيل عن أبي عوانة ، عن أبي حمزة (٢) قال : قضينا نسكنا حين قتل ابن الزبير ، ورجعنا إلى المدينة مع محمّد ، فمكث ثلاثة أيام ثم توفي.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون ، أنبأنا القاضي أبو العلاء محمّد بن علي الواسطي ، أنبأنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن محمّد بن موسى البابسيري ، أنبأنا أبو أمية الأحوص بن المفضل القاضي ، أنبأنا أبي المفضل بن غسّان ، ثنا أحمد بن حنبل ، قال : وحدّثنا أبو نعيم قال : سمعت قيس بن الربيع يقول : [ابن الحنفية](٣) سنة ثمانين يعني مات.

أخبرنا أبو البركات أيضا ، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون ، أنبأنا أبو القاسم عبد الملك بن محمّد ، أنبأنا أبو عليّ بن الصّوّاف ، ثنا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة قال : قال أبي.

ح وأخبرنا أبو الفضل الفضيلي ، أنبأنا أبو القاسم الخليلي ، أنبأنا أبو القاسم الخزاعي ، أنبأنا الهيثم بن كليب قال : سمعت أبا عبد الله محمّد بن صالح يقول : سمعت عثمان بن أبي شيبة يقول : سمعت أبا نعيم يقول : مات ابن الحنفيّة سنة ثمانين.

أخبرنا أبو الحسن الخطيب ، أنبأنا محمّد (٤) بن الحسن ، أنبأنا أحمد بن الحسن ، أنبأنا عبد الله بن محمّد بن إسماعيل قال : وقال أبو نعيم : مات محمّد بن الحنفيّة سنة ثمانين.

أخبرنا أبو الحسن الفرضي ، ثنا عبد العزيز الكتّاني ، أنبأنا أبو خازم (٥) بن الفرّاء ، أنبأنا يوسف بن عمر ، ثنا محمّد بن مخلد ، ثنا عباس بن محمّد ، ثنا أبو نعيم.

ح وأخبرنا أبو سعد إسماعيل بن أبي صالح ، وأبو الحسن مكي بن أبي [طالب قالا :

__________________

(١) التاريخ الكبير ١ / ١ / ١٨٢.

(٢) كذا بالأصل ود ، و «ز» ، والتاريخ الكبير ، وهو عمران بن أبي عطاء القصاب وقد روى أبو عوانة الوضاح بن عبد الله ستين حديثا ، وروى أبو عوانة أيضا عن أبي جمرة نصر بن عمران بن عصام ، حديثا واحدا. (راجع ترجمة أبي جمرة في تهذيب الكمال ١٩ / ٧٠).

(٣) زيادة عن د ، و «ز».

(٤) سقطت من «ز».

(٥) بالأصل ود ، و «ز» : حازم ، تصحيف.

٣٥٦

أنا أبو بكر بن خلف ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا عبد الله محمّد بن عبد الله الصغار ، أنا أبو إسماعيل](١) الترمذي ، قال : سمعت أبا نعيم ، ح وأنبأنا أبو سعد المطرز ، وأبو علي الحدّاد ، وأبو القاسم غانم بن محمّد بن عبيد الله ، ح ثم أخبرنا أبو المعالي عبد الله بن أحمد بن محمّد ، أنبأنا أبو علي ، قالوا : أنبأنا أبو نعيم ، ثنا أبو بكر أحمد بن جعفر ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدّثني أبي [نا أبو](٢) نعيم.

ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو الفضل بن البقّال ، أنبأنا أبو الحسين بن بشران ، أنبأنا أبو عمرو بن السّمّاك ، ثنا حنبل بن إسحاق ، ثنا أبو نعيم قال : وابن الحنفيّة ـ يعني ـ مات سنة ثمانين.

قرأت على أبي محمّد السّلمي ، عن أبي محمّد التميمي ، أنبأنا مكي بن محمّد ، أنبأنا أبو سليمان بن زبر قال : قال أبو نعيم : ومات محمّد بن الحنفيّة سنة ثمانين ، قال المدائني : وفيها مات السائب بن يزيد الكندي ، وعبيد الله بن أبي بكرة ، ومحمّد بن الحنفيّة ، وسويد بن غفلة ، وذكر ابن زبر : أن الهروي أخبره عن إسحاق عن سيار ، عن أبي نعيم ؛ وأن أباه أخبره عن أحمد بن عبيد بن ناصح عن المدائني.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون ، أنبأنا محمّد بن علي الواسطي ، أنبأنا محمّد بن أحمد بن محمّد ، أنبأنا أبو أميّة القاضي ، أنبأنا أبي (٣) المفضل بن غسّان ، ثنا أحمد بن حنبل ، قال : وابن الحنفيّة سنة ثمانين ـ يعني ـ مات.

[أخبرنا أبو الفضل بن ناصر](٤) أخبرنا أبو الفضل بن خيرون أنبأنا أبو العلاء محمّد بن عليّ بن يعقوب ، أنبأنا عليّ بن الجراحي (٥) الجراحي ، قال ابن خيرون : وأنبأنا الحسن بن الحسين بن العبّاس ، أنبأنا جدي لأبي إسحاق بن محمّد ، قالا : أنبأنا عبد الله بن إسحاق المدائني ، حدّثنا أبو عمرو قعنب بن المحرر الباهلي قال : مات محمّد بن الحنفيّة سنة ثمانين بين الشام والمدينة.

أخبرنا أبو بكر اللفتواني ، أنبأنا أبو عمرو بن مندة ، أنبأنا أبو محمّد الحسن بن محمّد ،

__________________

(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل ، واستدرك لتقويم السند عن د ، و «ز».

(٢) الزيادة لازمة للإيضاح عن د ، و «ز».

(٣) في «ز» : «أبو» تصحيف.

(٤) الزيادة لازمة لتقويم السند عن د ، و «ز».

(٥) بالأصل : الحسين ، تصحيف ، والمثبت عن د ، و «ز».

٣٥٧

أنبأنا أحمد بن محمّد بن عمر ، ثنا ابن أبي الدنيا ، أنبأنا محمّد بن سعد (١) ، أنبأنا محمّد بن عمر ، ثنا عليّ بن عمر بن عليّ بن حسين ، عن عبد الله بن محمّد بن عقيل قال : سمعت محمّد بن الحنفيّة يقول : سنة الجحاف حين دخلت إحدى وثمانين هذه لي خمس وستون سنة قد جاوزت سن أبي ، قلت : كم كانت سنه يوم قتل؟ قال : ثلاث وستون.

قال : ومات أبو القاسم في تلك السنة (٢).

قال : وأنبأنا محمّد بن عمر ، أنبأنا زيد بن السائب قال : سألت أبا هاشم عبد الله بن محمّد بن الحنفية : أين دفن أبوك؟ قال : بالبقيع ، قلت : أيّ سنة ، قال : [سنة](٣) إحدى وثمانين ، وهو ابن خمس وستين سنة لم يستكملها ولا نعلمه روى عن عمر شيئا.

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنبأنا أبو عمر ، أنبأنا أحمد ، ثنا الحسين ، ثنا ابن سعد (٤) ، أنبأنا محمّد بن عمر (٥) ، حدّثني زيد بن السائب قال : سمعت أبا هاشم عبد الله بن محمّد بن الحنفيّة يقول : وأشار إلى ناحية من البقيع : فقال : هذا قبر أبي القاسم ، يعني أباه ، مات في المحرم سنة إحدى وثمانين ، وهي سنة الجحاف ، سيل أصاب أهل مكة جحف الحاجّ؟ قال : فلمّا وضعناه في البقيع جاء أبان بن عثمان بن عفان وهو الوالي يومئذ على المدينة لعبد الملك بن مروان ليصلي (٦) عليه ، فقال أخي : ما ترى؟ فقلت : لا يصلي (٧) عليه أبان إلّا أن يطلب ذلك إلينا ، فقال أبان : أنتم أولى بجنازتكم ، من شئتم ، فقدّموا [من](٨) يصلّي عليه ، فقلنا : تقدم فصلّ ، فتقدم فصلّى عليه ، قال محمّد بن عمر (٩) : فحدّثت زيد بن السائب فقلت : إن عبد الملك بن وهب أخبرني عن سليمان بن عبد الله بن عويمر الأسلمي أن أبا هاشم قال يومئذ : نحن نعلم [أن](١٠) الإمام أولى بالصلاة ولو لا ذلك ما قدمناك. فقال زيد بن السّائب : هكذا سمعت أبا هاشم يقول ، فتقدم فصلى عليه.

قرأت على أبي محمّد السّلمي ، عن عبد العزيز [بن] أحمد التميمي ، أنبأنا مكي ، أنبأنا

__________________

(١) الخبر برواية ابن أبي الدنيا ليس في الطبقات الكبرى الكبرى المطبوع لابن سعد.

(٢) سير أعلام النبلاء ٤ / ١٢٨ وراجع طبقات ابن سعد ٥ / ١١٥.

(٣) زيادة عن «ز» ، ود.

(٤) طبقات ابن سعد ٥ / ١١٦.

(٥) بالأصل : «أحمد بن عمار» تصحيف ، والمثبت عن د ، و «ز» ، وابن سعد.

(٦) بالأصل : «ليصل».

(٧) بالأصل : «يصل».

(٨) زيادة لازمة عن د ، و «ز» ، وابن سعد.

(٩) طبقات ابن سعد ٥ / ١١٦.

(١٠) زيادة لازمة عن د ، و «ز» ، وابن سعد.

٣٥٨

أبو سليمان قال : وقال الواقدي وعمرو بن نمير : فيها ـ يعني سنة إحدى وثمانين ـ مات محمّد ابن الحنفيّة في المحرّم ، يكنى أبا القاسم ، وهو ابن خمس وستين.

وذكر ابن زبر : أن أباه أخبره عن إبراهيم بن عبد الله عن محمّد بن سعد ، عن الواقدي وأن مصعب بن إسماعيل أخبره عن محمّد بن أحمد بن ماهان عن عمرو ، وأن الهروي أخبره عن محمّد بن عبد الله بن سليمان عن ابن نمير بذلك.

أخبرنا أبو الأعز قراتكين بن الأسعد ، أنبأنا أبو محمّد الجوهري ، أنبأنا أبو الحسن علي ابن محمّد بن أحمد بن نصير ، أنبأنا محمّد بن الحسين بن شهريار ، ثنا أبو حفص الفلاس قال : ومات محمّد بن الحنفيّة سنة إحدى وثمانين ، ويكنى أبا القاسم ، ومات ابن خمس وستين.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو القاسم عليّ بن أحمد بن محمّد ، أنبأنا أبو طاهر المخلص ـ إجازة ـ ثنا عبيد الله بن عبد الرّحمن ، أخبرني عبد الرّحمن (١) بن محمّد بن المغيرة ، أخبرني أبي ، حدّثني أبو عبيد القاسم بن سلّام قال : مات محمّد بن الحنفيّة بالمدينة وصلى عليه أبان بن عثمان في سنة إحدى وثمانين.

قرأنا على أبي غالب ، وأبي عبد الله ابني البنّا ، عن أبي الحسن بن مخلد ، أنبأنا أبو الحسن بن خزفة (٢) ، أنبأنا محمّد بن الحسين الزعفراني ، ثنا ابن أبي خيثمة قال : قال المدائني : مات ابن الحنفية سنة ثلاث وثمانين ، وإبراهيم بن هشام على المدينة.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو بكر محمّد بن هبة الله ، أنبأنا أبو الحسين بن بشران ، أنبأنا أبو الحسين بن بشران ، أنبأنا عثمان بن أحمد ، ثنا محمّد بن أحمد بن البراء قال : قال عليّ بن المديني : مات محمّد بن الحنفيّة سنة ثنتين وتسعين أو ثلاث.

٦٧٩٨ ـ محمّد بن عليّ بن طرخان بن عبد الله بن جبّاش (٣)

أبو بكر ـ ويقال : أبو عبد الله ـ البلخي ثم البيكندي (٤)

أحد القراء.

__________________

(١) قوله : «أخبرني عبد الرحمن» سقط من «ز» ، فاختل السند.

(٢) في «ز» : حزقه.

(٣) بالأصل : «حياش» وفي «ز» : «جياش» والمثبت عن د ،.

(٤) ترجمته في معجم البلدان (بلخ) ، وتذكرة الحفاظ ٢ / ٦٩٤ وراجع الأنساب (الطرخاني) وتبصير المنتبه.

٣٥٩

سمع بدمشق وغيرها محمّد بن الخليل البلاطي الخشني ، ومحمّد بن الفضل ، وقتيبة بن سعيد ، ومحمّد بن سليمان لوينا ، وهشام بن عمّار ، وزياد بن أيّوب ، والحسن بن محمّد الزعفراني ، وأحمد بن أبي بزّة المكي.

روى عنه : أبو علي الحسن بن عليّ بن نصر بن منصور الطوسي ، وأبو محمّد عبد الرّحمن بن أحمد بن الحسن الفارسي ، وابنه أبو بكر عبد الله بن محمّد بن علي ، وأبو المفضل أحمد بن محمّد بن محمود بن نور (١) البلخي ، وأبو حرب محمّد بن أحمد الحافظ.

أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنبأنا أبو عثمان الصابوني ، أنبأنا أبو المذكر أحمد بن محمّد بن حمدان الدّهّان البلخي قدم علينا حاجا ، أنبأنا أبو حرب محمّد بن أحمد (٢) بن أبي عيسى الحافظ ، ثنا محمّد بن علي ـ يعني ابن طرخان ـ ثنا محمّد بن يحيى بن أبي عمر (٣) ، ثنا سفيان بن عيينة ـ قال : وأنبأنا ابن المقرئ : عن ابن عيينة ـ عن أبي الزناد ، عن الأعرج عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّ لله تسعة وتسعين اسما ، مائة إلّا واحدا (٤) ، من أحصاها دخل الجنّة ، إنه ، وتر يحبّ الوتر» [١١٥٢٤].

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنبأنا أبو الحسن عبيد الله بن محمّد بن إسحاق بن مندة ، أنبأنا أبو الفضل العاصمي (٥) ، أنبأنا أبو محمّد عبد الرّحمن بن أحمد بن الحسن الفارسي ، ثنا محمّد بن عليّ بن طرخان ، ثنا محمّد بن الخليل الخشني البلاطي ـ بدمشق ـ ثنا سويد بن عبد العزيز عن أبي عجلان ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«إن الله تبارك وتعالى ليدخل الجنّة بلقمة الخبز ، وقبضة التمر ، ومثله ما ينفع به المسكين (٦) ثلاثة : صاحب البيت الآمر به ، والزوجة ، والخادم الذي يناول المسكين» [١١٥٢٥].

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الحمد لله الذي لم ينس خادمنا» [١١٥٢٦].

قال : وأنبأنا العاصمي ، أنبأنا الفارسي ، حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن عليّ بن طرخان ، ثنا محمّد بن إبراهيم ، ثنا سعيد بن عنبسة (٧) ، ثنا الهيثم بن عدي قال : عدنا مريضا من القرّاء

__________________

(١) بدون إعجام بالأصل ود ، والمثبت عن «ز».

(٢) في د ، و «ز» : بن أحمد بن أحمد بن أبي عيسى.

(٣) في «ز» : بن أبي عثمان.

(٤) بالأصل ود ، و «ز» : واحدة.

(٥) كذا رسمها بالأصل ود ، وفي «ز» : القاضي.

(٦) في «ز» : المسلمين.

(٧) في «ز» : عبسة.

٣٦٠