تاريخ مدينة دمشق - ج ١٧

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ١٧

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٠
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

عليه إلّا الحاجة ، قال : فقال لها : قومي ، فهي لك ، ثم قال : هذه لم تذنب ، وأنا عملت ما عملت لا أعصي الله أبدا ، فمات من ليلته ، فقالت بنو إسرائيل مات الكفل وهم لا يريدون أن يصلّوا عليه ، فأصبحوا فوجدوا مكتوبا على بابه ، إن الله عزوجل قد غفر للكفل فأقر به علي.

وأما حديث شيبان :

فأخبرناه أبو الحسن علي بن محمّد بن العلاف في كتابه ، وأخبرني أبو المعمّر المبارك بن أحمد بن عبد العزيز عنه.

وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأ أبو علي محمّد بن محمّد بن أحمد ، وأبو الحسن علي بن محمّد ، قالا : أنا أبو القاسم عبد الملك بن محمّد بن بشران ، أنا أحمد بن إبراهيم الكندي ، أنا محمّد بن جعفر الخرائطي ، نا عباس بن محمّد الدوري ، نا عبيد الله بن موسى ، نا شيبان بن عبد الرّحمن ، عن الأعمش ، عن عبد الله ، عن سعد مولى طلحة ، عن ابن عمر ، قال : لقد سمعت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حديثا لو لم أسمعه إلّا مرة أو مرتين حتى عد سبع مرات ، ما حدثت به ، ولكن سمعته أكثر من ذلك ، قال : كان الكفل من بني إسرائيل لا يتورّع من ذنب عمله فأتته امرأة فأعطاها ستين دينارا على أن يطأها فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأته ارتعدت وبكت فقال : ما يبكيك أكرهتك؟ قالت : لا ولكن هذا عمل لم أعمله قط ، قال : فتفعلين هذا ولم تفعليه قط؟ قالت : حملتني عليه الحاجة ، قال : فنزل ثم قال : اذهبي بالدنانير لك ، ثم قال : والله لا يعصي الله الكفل أبدا ، فمات من ليلته فأصبح مكتوبا على بابه غفر الله للكفل.

بلغني : أن ذا الكفل كان عمره خمسا وسبعين سنة (١).

__________________

(١) الطبري ١ / ٣٢٥.

٣٨١

[ذكر من اسمه :](١) ذو الكلاع

٢١١٠ ـ ذو الكلاع وهو أسميفع (٢) بن باكورا (٣)

ويقال سميفع بن حوشب بن عمرو بن قعقر (٤) بن يزيد ،

وهو ذو الكلاع الأكبر بن النعمان

أبو شرحبيل ، ويقال أبو شراحيل الحميري الأحاظي (٥)

ابن عم كعب الأحبار ، أدرك النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولم يره (٦) ، وراسله بجرير البجلي.

[روى](٧) : عن عمر بن الخطاب ، وعمرو بن العاص ، وعوف بن مالك.

روى عنه : أزهر بن سعيد ، وزامل بن عمرو الحذامي ، وأبو نوح الحميري.

وكان يسكن حمص ، وكانت له بدمشق حوانيت ، وشهد وقعة اليرموك ، وفتح

__________________

(١) زيادة منا.

(٢) الأصل وم : بالقاف ، وفي الاستيعاب : أيفع ، والصواب ما أثبت عن أسد الغابة والإصابة وضبطت اللفظة عن الإصابة بالنص.

ويقال : سميفع.

(٣) الاستيعاب وأسد الغابة : ناكور.

(٤) الإصابة : يعفر وفي م : جعفر.

(٥) ترجمته في الاستيعاب ١ / ٤٨٥ هامش الإصابة ، أسد الغابة ٢ / ٢٤ الإصابة ١ / ٤٩٢ الوافي بالوفيات ١٤ / ٤٦.

(٦) قوله : «ولم يره» جاءت بالأصل بعد لفظة «البجلي» وفوق اللفظتين علامة تحويل إلى أنها وقعت في غير مكانها. وهذا ما أثبتناه وهو يوافق عبارة م.

(٧) الزيادة عن الوافي بالوفيات.

٣٨٢

دمشق وصفّين ، وكان على أهل حمص وهم الميمنة ، ويقال : إن معاوية أنزله حين قدم دمشق بدار المدنيين (١).

أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن غانم بن أحمد الحداد ، أنا عبد الرّحمن بن محمّد بن إسحاق ، أنبأ أبي ، أنبأ محمّد بن سعد البيوردي (٢) ، ومحمّد بن أحمد بن أحمد بن إبراهيم ، قالا : نا محمّد بن أيوب ، حدّثنا عبد الله بن محمّد العبسي ، نا ابن إدريس ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، عن جرير قال : كنت باليمن فلقيت رجلين من أهل اليمن : ذا الكلاع ، وذا عمرو ؛ فجعلت أحدثهم عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٣) ، واستخلف أبو بكر والناس صالحون قال : فقالا : أخبر صاحبك إنا قد جئنا وسنعود إن شاء الله ، فرجعت فأخبرت أبا بكر بحديثهما قال : ألا جئت بهم ، فلما كان بعده قال لي ذو عمرو : يا جرير إنّ بك كرامة ، وإنّي مخبرك خبرا ، إنكم معشر العرب لن تزالوا بخير ما كنتم إذا هلك أمير أمّرتم آخر ، فإذا كان السيف كانوا ملوكا يغضبون غضب الملوك ، ويرضون رضا الملوك (٤).

أخبرناه عاليا أبو القاسم بن الحصين ، أنبأ أبو علي بن المذهب ، أنا أحمد بن جعفر ، حدّثنا عبد الله بن أحمد (٥) ، حدّثني أبي ، نا عبد الله بن محمّد ، قال عبد الله : وسمعته أنا من ابن أبي شيبة ، نا عبد الله بن إدريس ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، عن جرير ، قال : بعثني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى اليمن فلقيت بها رجلين : ذا كلاع وذا عمرو ، قال : وأخبرتهما شيئا من خبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : ثم أقبلنا فإذا قد رفع لنا ركب من قبل المدينة قال : فسألناهم ما الخبر؟ قال : فقالوا : قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم واستخلف أبو بكر والناس صالحون ، قال فقال لي أخبر صاحبك : [إنا قد جئنا وسنعود إن شاء الله ، فرجعت فأخبرت أبا بكر بحديثهما قال : ألا جئت بهم ، فلما كان بعد قال : فرجعنا](٦) ثم لقيت ذا عمرو فقال لي : يا جرير إنكم لن تزالوا بخير ما إذا هلك

__________________

(١) الوافي بالوفيات ١٤ / ٤٧.

(٢) هذه النسبة إلى أبيورد بلدة من بلاد خراسان ، والنسبة الصحيحة إليه «أبيوردي» (الأنساب).

(٣) كذا الرواية بالأصل ، وثمة سقط بالكلام ، انظر الخبر في الإصابة.

(٤). ١ / ٤٩٢ وأسد الغابة ٢ / ٢٣ ورد فيهما في ترجمة ذي الكلاع.

(٥) مسند الإمام أحمد ٤ / ٣٦٣.

(٦) العبارة ما بين المعقوفتين لم ترد في المسند ، ومكانها فيه : قال : فرجعا ويتابع : ثم لقيت ...

٣٨٣

أمير [ثم](١) تأمرتم في آخر ، وإذا كانت بالسيف غضبتم غضب الملوك ورضيتم رضا الملوك.

رواه مسلم عن ابن أبي شيبة.

أخبرنا أبو الحسين بن الفراء وأبو غالب بن البنّا ، قالا : أنا أبو يعلى بن الفراء ، أنا أبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن علي الصّيدلاني ، نا عبد الله بن محمّد بن زياد النيسابوري ، نا علي بن حرب ، نا هارون بن عمران ، نا يونس بن أبي إسحاق ، عن أبي إسحاق ، عن جرير ، قال : بعثني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى ذي الكلاع وذي عمرو ، فأما ذو الكلاع فقال : ادخل على أم شرحبيل ، والله ما دخل أحد بعد أبي شرحبيل قبلك ، وأسلما. وأما ذو عمرو فقال : يا جرير ، هل شعرت أن من بادئ كرامة الله جل وعز للعبد أن يحسن صورته. وكان أمر لي بدجاجة وقال : لو لا أن أمنعك دجاجتك لأنباتك (٢) أن صاحبك الذي جئت من عنده إن كان نبيا فقد مات اليوم ، فأهويت إلى قائم سيفي لأضربه به ، ثم كففت فلما كنت ببعض الطريق لقيني وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٣).

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنبأ الحسن بن علي ، أنا محمّد بن العباس ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحارث بن أبي أسامة ، أنا محمّد بن سعد (٤) ، أنبأ محمّد بن عمر الأسلمي ، حدّثني معمر بن راشد ، ومحمّد بن عبد الله ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس ح.

قال : ونا أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ، عن المسور بن رفاعة ، قال : وحدّثنا عبد الحميد بن جعفر ، عن أبيه ، قال : ونا عمر بن سليمان بن أبي حثمة ، عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة ، عن جدته الشّفاء قال : ونا أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ، عن محمّد بن يوسف ، عن السائب بن يزيد ، عن العلاء بن الحضرمي (٥) ، قال : ونا معاذ بن محمّد الأنصاري ، عن جعفر بن عمرو بن جعفر بن عمرو بن أمية الضّمري

__________________

(١) الزيادة عن مسند أحمد.

(٢) بالأصل : «لإتيانك» والمثبت عن م.

(٣) انظر الخبر مختصرا في الإصابة في ترجمة ذي عمرو ١ / ٤٩٢.

(٤) الخبر في طبقات ابن سعد ١ / ٢٥٨ في ذكر بعثة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الرسل بكتبه. و ١ / ٢٦٥ ـ ٢٦٦.

(٥) تقرأ بالأصل «الحضري» والصواب ما أثبت عن ابن سعد وم.

٣٨٤

عن أهله عن عمرو بن أمية الضّمري دخل حديث بعضهم في حديث بعض قالوا : وبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم جرير بن عبد الله البجلي إلى ذي الكلاع بن ناكور بن حبيب بن مالك بن حسّان بن تبّع ، وإلى ذي عمرو يدعوهما إلى الإسلام فأسلما ، وأسلمت ضريبة (١) بنت أبرهة بن الصباح امرأة ذي الكلاع وتوفي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وجرير عندهم ، فأخبره ذو عمرو بوفاته فرجع جرير إلى المدينة.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأ أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن عبد الله بن يوسف ، نا السّري بن يحيى ، نا شعيب بن إبراهيم ، نا سيف بن عمر ، نا طلحة بن الأعلم ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : وبعث ـ يعني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ جرير بن عبد الله إلى ذي الكلاع أسميفع بن ناكورا وإلى ذي ظليم حوشب بن طخمة.

وقال سيف : وكان ذو الكلاع على كردوس ـ يعني يوم اليرموك (٢) ـ.

أخبرنا أبو سهل محمّد بن إبراهيم بن سعدوية ، أنا إبراهيم بن منصور السلمي ، أنا أبو بكر محمّد بن إبراهيم بن المقرئ ، أنا أبو يعلى الموصلي ، حدّثنا علي بن الجعد ، نا عمرو بن شمر ، نا جابر الجعفي ، عن الشعبي ، عن صعصعة بن صوحان ، قال : سمعت زامل بن عمرو الجذامي (٣) يحدث عن ذي كلاع الحميري ، قال : سمعت عمر يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إنما يبعث المقتتلون على النّيّات» [٤١٤١].

أخبرنا أبو الوفاء عبد الواحد بن حمد الشرابي ، وأم المجتبى فاطمة بنت ناصر ، قالا : أنا أبو طاهر أحمد بن محمود ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، أنبأ أبو العباس بن قتيبة ، نا حرملة ، نا ابن وهب ، أنا معاوية بن صالح ، عن أزهر بن سعيد ، قال : سمعت الكلاع يقول : كان كعب يقصّ في إمارة معاوية ، فقال لي عوف بن مالك : يا أبا شرحبيل أرأيت ابن عمك هذا بأمر الأمير يقصّ؟ قال : لا أدري ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «القاصّ ثلاثة : أمير أو مأمور أو محتال» ، كذا قال سمعت الكلاع [٤١٤٢].

وأخبرناه أبو سهل محمّد بن إبراهيم ، أنبأ أبو الفضل الرازي ، أنا جعفر بن

__________________

(١) مهملة بالأصل بدون نقط ، والمثبت عن ابن سعد.

(٢) الطبري (ط بيروت) ٢ / ٣٣٦.

(٣) بالأصل : «الحذامي» والمثبت عن م ، وهذه النسبة إلى جذام قبيلة نزلت بالشام.

٣٨٥

عبد الله ، نا محمّد بن هارون ، نا محمّد بن بشار ، نا عبد الرّحمن بن مهدي ، نا معاوية بن صالح ، عن أزهر بن سعيد ، عن ذي الكلاع ، عن عوف بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «القصّاص ثلاثة : أمير أو مأمور أو محتال» [٤١٤٣].

ذكر أبو الحسين الرازي عن مشايخه الدمشقيين : أن الصف القبلي من الحوانيت عند باب الجابية كانت لذي الكلاع.

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنبأ أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد ، قال (١) في الطبقة الأولى من تابعي أهل الشام : ذو الكلاع واسمه سميفع بن حوشب.

أخبرنا أبو سعد إسماعيل بن أحمد بن عبد الملك وأبو الحسن مكي بن أبي طالب ، قالا : أنبأ أبو بكر أحمد بن علي بن خلف ، أنا أبو عبد الله الحافظ ح.

وأخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر ، أنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك بن علي ، أنا أبو الحسن علي بن علي ، وعبد الرّحمن بن محمّد بن أحمد بن بالوية ، قالوا : حدّثنا أبو العباس الأصم ، قال : سمعت العباس بن محمّد الدوري يقول : سمعت يحيى بن معين يقول : ذو الكلاع ح.

وأخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا أبو الفضل بن خيرون ، نا أبو المعالي ثابت بن بندار ، قال : نا أبو العلاء المقرئ ، أنا أبو بكر البابسيري ، أنا الأحوص بن المفضّل ، نا أبي ، عن يحيى ، قال : كان ذو الكلاع يكنى أبا شرحبيل.

أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي الحافظ ، ثم حدّثنا أبو الفضل محمّد بن ناصر الحافظ ، أنبأ أبو الفضل بن خيرون ، وأبو الحسين بن الطّيّوري ، وأبو الغنائم ـ واللفظ له ، ـ قالوا : أنبأ عبد الوهاب بن محمّد ، ـ زاد ابن خيرون : ومحمّد بن الحسن الأصبهاني ، قالا : ـ أنا أحمد بن عبدان ، أنا محمّد بن سهل ، أنا محمّد بن إسماعيل ، قال (٢) : ذو الكلاع أبو شراحيل ابن عم كعب يعد في الشاميين. قال ابن المنذر : حدّثنا معن سمع معاوية ، عن أزهر بن سعيد ، عن ذي الكلاع : كان كعب يقصّ في إمارة معاوية

__________________

(١) طبقات ابن سعد ٧ / ٤٤٠.

(٢) التاريخ الكبير ٢ / ١ / ٢٦٦.

٣٨٦

فقال عوف بن مالك لذي الكلاع : يا أبا شراحيل أرأيت ابن عمك أبأمر الأمير يقصّ؟ فإني سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «القصّاص ثلاثة أمير أو مأمور أو محتال (١)» ، فمكث كعب سنة لا يقص حين أرسل إليه معاوية فأمر بأن يقص ، ويقال : أبو شرحبيل (٢) قدم الشام [٤١٤٤].

قرأت على أبي الفضل بن ناصر ، عن جعفر بن يحيى بن إبراهيم ، أنبأ عبيد الله بن سعيد بن حاتم ، أنا أبو الحسن الخصيب بن عبد الله بن الخصيب.

أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرّحمن ، أخبرني أبي قال : أبو شرحبيل ذو الكلاع.

قرأنا على أبي الفضل ، عن أبي طاهر الأنباري ، أنا هبة الله بن إبراهيم ، أنا أبو بكر المهندس ، أنا أبو نضر الدّولابي ، قال : أبو شرحبيل ذو الكلاع.

كتب إليّ أبو جعفر الهمذاني (٣) ، قال : أنا أبو بكر الصقل ، أنا أبو بكر بن منجويه ، قال : أنا أبو أحمد محمّد بن محمّد الحاكم ، قال : أبو شرحبيل ويقال أبو شراحيل ذو الكلاع ابن عم كعب بن ماتع الحميري ، عن أبي عبد الرّحمن عوف بن مالك الأشجعي ، روى عنه أزهر بن سعيد الحرازي (٤) ، حديثه في الشاميين.

قرأت على أبي محمّد السّلمي ، عن أبي نصر بن ماكولا ، قال (٥) : سميفع بن ناكور بن عمرو بن يعفر بن يزيد وهو ذو الكلاع الأكبر بن النعمان (٦) ، وهو الذي كتب إليه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مع جرير بن عبد الله فأعتق أربعة آلاف بيت (٧) كانوا ثيبا (٨) له وقتل يوم

__________________

(١) في البخاري : مختال.

(٢) في البخاري : «أبو شراحيل» كذا ، وقد مرّ في أول الترجمة في البخاري : أبو شراحيل ، فإحداهما تصحيف ، والصواب ما ورد بالأصل عن البخاري.

(٣) الأصل بالدال المهملة.

(٤) بالأصل الحراري «براءين» والمثبت عن ترجمته في التاريخ الكبير ١ / ١ / ٤٥٦.

(٥) الاكمال لابن ماكولا ٧ / ٣٣٤ في باب يعفر.

(٦) عن الاكمال وبالأصل «ابن البهني».

(٧) مهملة بالأصل ورسمها «بيت» وتقرأ في م : بنت والمثبت عن الاكمال.

(٨) كذا بالأصل ، وإن كانت هذه اللفظة صوابا فيفترض باللفظة التي قبلها والتي أثبتناها «بيت» أن تكون «بنت» والذي في الاكمال «أربعة آلاف بيت كانوا قنّا». وفي الوافي عن ابن ماكولا : «بنت» وفي م : «بنت كانوا قبا».

٣٨٧

صفّين مع معاوية وكان رؤبة يقول : يعفر بضم الياء والفاء وهي لغة حكاها يونس عنه ، ويقال : يعفر بضم الياء وكسر الفاء ، وهو اختيار ابن الأعرابي ، ويقال بفتح الياء وضم الفاء يعفر مثل يشكر وكله مأخوذ من العفر [والعفر](١) وهما التراب.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا ثابت بن بندار ، أنا محمّد بن علي الواسطي ، أنا محمّد بن أحمد البابسيري ، نا الأحوص بن المفضّل بن [غسان](٢) قال : قال أبي ................ (٣).

أخبرنا أبو العزّ بن كادش ، أنبأ أبو يعلى بن الفراء ، أنبأ إسماعيل بن سعيد بن إسماعيل بن محمّد بن سويد ، أنبأ أبو علي الحسين بن القاسم بن جعفر الكوكبي ، حدّثني أبو العباس الهروي ، حدّثني سليمان بن معبد ، نا ابن عفير ، حدّثني علوان بن داود ، عن رجل من قومه قال : بعثني أهلي بهدية إلى الكلاع في الجاهلية ، فلبثت على بابه حولا لا أصل إليه ، ثم إنه أشرف ذات يوم من القصر ، فلم يبق أحد حول القصر إلّا خرّ له ساجدا ؛ قال : فأمر بهديتي فقبلت. ثم رأيته بعد في الإسلام وقد اشترى لحما بدرهم ، فسمّطه (٤) على فرسه وهو يقول :

أفّ للدّنيا إذا كانت كذا

أنا منها كل يوم في أذى

ولقد كنت إذا ما قيل : من

أنعم الناس معاشا؟ قيل : ذا

ثم بدّلت بعيشي شقوة

حبّذا هذا شقاء حبّذا (٥)

رواه أبو عبد الله محمّد بن الوضاح ، عن أبي داود سليمان بن معبد السّنجي ، عن سعيد بن عفير فقال : إلى ذي الكلاع.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا محمّد بن محمّد بن أحمد بن المسلمة ، أنبأ علي بن أحمد بن عمر ، أنبأ محمّد بن أحمد بن الحسن ، نا الحسن بن علي القطان ، نا إسماعيل بن عيسى العطار ، نا إسحاق بن بشر ، قال : قال ابن إسحاق : فسمعت من

__________________

(١) الزيادة عن القاموس وم ، وفيه : العفر محركة ظاهر التراب ، ويسكّن.

(٢) مكان اللفظة بياض بالأصل ، والصواب ما أثبتناه ، انظر الأنساب (الغلابي).

(٣) بياض بالأصل قدره عدة كلمات.

(٤) أي علّقه.

(٥) الخبر والأبيات في الوافي بالوفيات ١٤ / ٤٧.

٣٨٨

حدّثني عن أنس بن مالك ، قال : أتيت أهل اليمن ، فبدأت بهم حيا حيا أقرأ عليهم كتاب أبي بكر ، حتى إذا فرغت قلت : الحمد لله وأشهد أن لا إله إلّا الله وأن محمّدا عبده ورسوله ، أما بعد ، فإني رسول خليفة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ورسول المؤمنين ألا واني تركتهم معسكرين ، ليس يثقلهم عن الشخوص إلى عدوهم إلّا انتظاركم ، فاحتملوا إلى إخوانكم بالنصر ، رحمة الله عليكم أيها المسلمون ؛ قال : فكل من اقرأ عليه ذلك الكتاب ويسمع مني هذا القول يرد أحسن الرد ويقول : نحن سائرون إلى إخواننا حين انتهينا إلى ذي الكلاع فلما قرأنا عليه الكتاب وقلت هذا القول ، فدعا بفرسه وسلاحه ، ثم نهض في قومه وأمر بالمعسكر ، فما برحنا حتى عسكر وقام فيهم فقال لهم : أيها الناس إنّ من رحمة الله عليكم ، ونعمته فيكم أن بعث منكم نبيا ، أنزل عليه الكتاب وأحسن عنه البلاغ ، فعلّمكم ما يرشدكم ، ونهاكم عما يفسدكم حتى علّمكم ما لم تكونوا تعلمون ، ورغّبكم فيما لم تكونوا ترغبون فيه من الخير ، وقد دعاكم إخوانكم الصالحون إلى جهاد المشركين ، واكتساب الأجر العظيم ، فلينفر من أراد النفر معي ، قال : فنفر معه بعدة من الناس ، وأقبل إلى أبي بكر ، قال : ورجعنا نحن فسبقناه بأيام ، فوجدنا أبا بكر بالمدينة ، ووجدنا ذلك العسكر على حاله ، وأبو عبيدة يصلّي بأهل العسكر ، فلما قدمت حمير معها أولادها ونساؤها ، قال لهم أبو بكر : عباد الله ، ألم نكن نتحدث فنقول : إذا مرت حمير معها نساؤها وأولادها نصر الله المسلمين ، وخذل المشركين. أبشروا أيها الناس فقد جاءكم النصر.

كتب إليّ أبو الحسن علي بن محمّد بن العلّاف ، وأخبرني أبو المعمر الأنصاري عنه.

وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو علي بن أبي جعفر ، وأبو الحسن بن العلّاف ، قالا : أنا عبد الملك بن محمّد ، أنا أحمد بن إبراهيم ، أنبأ محمّد بن جعفر الخرائطي ، أنا علي بن الأعرابي ، نا علي بن عمروس ، عن هشام بن محمّد بن السائب الكلبي ، عن أبيه ، عن أبي صالح ، قال : كان يدخل مكة رجال متعمّمون من جمالهم مخافة أن يفتتن بهم منهم : عمرو الطّهوي ، وأعيفر اليربوعي ، وسبيع الطهوي ، وحنظلة بن مرثد من بني قيس بن ثعلبة ، والزّبرقان بن بدر ، وعمرو بن حممة وأبو خيثمة بن رافع ، وزيد الخليل بن مهلهل الطائي ، وقيس بن سلمة بن شراحيل

٣٨٩

الجعفي (١) ، وذو الكلاع الحميري ، وامرؤ القيس بن حجر الكندي ، وجرير بن عبد الله البجلي (٢).

أنبأنا أبو محمّد هبة الله بن أحمد ، وعبد الله بن أحمد ، قالا : ثنا عبد العزيز بن أحمد ، أنبأ أبو محمّد بن أبي نصر ، نا أبو بكر أحمد بن محمّد بن سعد بن فطيس ، قال : قرئ على أبي عبد الملك ، نا ابن عائذ (٣) ، قال : وأخبرني الهيثم بن عمران ، قال : سمعت إسماعيل بن عبيد الله (٤) يحدّث : أن ذا الكلاع رأى أن ملكا نزل من السماء فقام إليه رجل من أهل العراق فقال : إن الله بعث إلينا رسولا فعمل فينا بكتاب الله حتى قبضه الله ، ثم استخلف أبو بكر فعمل بمثل ذلك حتى قبضه الله ، ثم استخلف عمر فعمل بمثل ذلك حتى قبضه الله ، ثم استخلف عثمان فعمل بغير ذلك ، فأنكرنا عليه فقتلناه ، ثم قمت إليه فقلت مثل ما قال حتى انتهيت إلى عثمان فقلت غير ما قال : فألقى حصا بيضا وحصا سودا ، فلقطت الحصا البيض ولقط الحصا السود ؛ فقلت : اقض بيننا ، فقال : قد فعلت. أو قال : ألم أفعل؟

أخبرنا أبو الفتوح أسامة بن محمّد بن زيد ، أنا أبو جعفر بن المسلمة إجازة ، قال : أجاز لنا أبو عبيد الله محمّد بن عمران بن موسى ، قال (٥) : ذو الكلاع الأصغر اسمه سميفع بن ناكول (٦) مخضرم له مع عمر بن الخطاب أخبار وبقي إلى أيام معاوية ، ولما بلغ عمر كثرة شرب (٧) الناس للخمر بالشام وإقامة الحدود عليهم أمر أن يطبخ كل عصير بالشام حتى يذهب ثلثاه ، فقال ذو الكلاع (٨) :

صبرت ولم أجزع وقد مات إخوتي

ولست عن الصهباء يوما بصابر

__________________

(١) بالأصل وم «الجعفري» والصواب ما أثبت ، وهو من ولد جعفي بن سعد العشيرة انظر جمهرة ابن حزم ص ٤٠٩.

(٢) الخبر في الإصابة ١ / ٤٩٣ والوافي ١٤ / ٤٧ واختصرا بعض الأسماء.

(٣) بالأصل بإهمال الدال ، والصواب ما أثبت بالذال المعجمة.

(٤) في المختصر : عبد الله.

(٥) الخبر نقله ابن حجر في الإصابة ١ / ٤٩٣ عن المرزباني عن معجم الشعراء ، وليس لذي الكلاع ترجمة في معجم الشعراء المطبوع.

(٦) كذا بالأصل هنا ، وانظر ما مرّ فيه وفي م : باكورا.

(٧) بالأصل : «صرف» والمثبت عن الإصابة وفي م : «حثرة سور الناس».

(٨) البيتان الثاني والثالث في الإصابة.

٣٩٠

رماها أمير المؤمنين بحتفها

فخلّانها يبكون حول المعاصر

فلا تجلدوني ) واجلدوها فإنها

هي العيش للباقي ومن في المقابر

أخبرنا أبو عبد الله البلخي ، أنبأ أبو الفضل بن خيرون ، أنبأ أبو علي بن شاذان ، أنبأ أبو الحسن أحمد بن إسحاق بن نيخاب الطيبي ، نا إبراهيم بن الحسين بن علي الكسائي ، ثنا يحيى بن سليمان الجعفي ، حدّثني خلّاد بن يزيد الجعفي ، نا عمرو بن سمر الجعفي ، نا جابر الجعفي ، عن عامر الشعبي ، قال أو عن أبي جعفر محمّد بن علي شك خلاد ، قال : لما ظهر أمر معاوية بالشام وبايعوه على أمره دعا عليّ رجلا فأمره أن يتجهز وأن يسير إلى دمشق ، وأمره إذا دخل دمشق أناخ راحلته ـ يعني ويقول لهم تركت عليا قد نهد إليكم ـ فذكره ، وقال فخرج معاوية حتى صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس ، إن عليا قد نهد إليكم في أهل العراق فما الرأي؟ فقام ذو الكلاع الحميري فقال : عليك الرأي وعلينا أمر فعال ، قال : وهي بالحميرية ـ يعني الفعال ـ.

وأخبرني أبو عبد الله أيضا ، أنبأ أبو غالب محمّد بن الحسن بن أحمد الباقلاني ، أنبأ أبو علي بن شاذان ، أنا أبو الحسن بن نيخاب ، نا إبراهيم بن الحسين ، نا علي بن الجعد ، أنبأ عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن الشعبي ، عن صعصعة بن صوحان ، قال : سمعت زامل بن عمرو الجذامي (٢) قال : طلب معاوية إلى ذي الكلاع أن يخطب الناس ويحرّضهم على قتال علي ومن معه من أهل العراق ، فقعد (٣) على فرسه ـ وكان من أعظم أصحاب معاوية خطرا ـ فقال :

الحمد لله حمدا كثيرا ناميا جزيلا واضحا منيرا ، بكرة وأصيلا ، أحمده وأستعينه وأؤمن به وأتوكّل عليه ، وكفى بالله وكيلا ، ثم إني أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأن محمّدا عبده ورسوله ، أرسله بالفرقان إماما ، وبالهدى ودين الحق حين ظهرت المعاصي ، ودرست الطاعة ، وامتلأت الأرض جورا (٤) وضلالة ، واضطرمت الدنيا كلها نيرانا وفتنة ، وورّك (٥) عدو الله إبليس على أن يكون قد عبد في أكنافها ، واستولى على

__________________

(١) في الإصابة : فلا تجلدوهم.

(٢) الخبر نقله في وقعة صفين لنصر بن مزاحم ص ٢٣٩ ـ ٢٤٠.

(٣) وقعة صفين : فعقد فرسه.

(٤) بالأصل : وجورا والمثبت عن م.

(٥) ورك بالمكان : أقام ، وورّك على الأمر : قدر عليه.

٣٩١

جميع أهلها ، فكان الذي أطفأ نيرانها ونزع أوبارها (١) ، وأوهن (٢) به قوى إبليس وآيسه مما كان قد طمع من ظفره بهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم محمّد بن عبد الله فأظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، صلى الله على محمّد والسلام عليه ورحمة الله وبركاته ، وقد كان مما قضى الله أن ضمّ بيننا وبين أهل ديننا بصفّين ، وإنا لنعلم أن منهم قوما قد كانت لهم مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سابقة ذات شأن وخطر عظيم ؛ ولكنّي قلّبت (٣) هذا الأمر ظهرا وبطنا ، فلم أر أن يسعنا أن يهدر دم ابن عفان ، صهر نبينا صلى‌الله‌عليه‌وسلم ومجهّز جيش العسرة (٤) ، واللاحق في مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بيتا ، وباني سقاية المسلمين ، وبايع له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بيده اليمنى على اليسرى ، واختصّه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بكريمتيه أم كلثوم ورقية ابنتي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فإن كان أذنب ذنبا فقد أذنب من هو خير منه ، قال الله عزوجل من قائل لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ)(٥) وقتل موسى عليه‌السلام نفسا ثم استغفر الله فغفر له ، وقد أذنب نوح عليه‌السلام ثم استغفر الله فغفر له ، وقد أذنب أبوكم آدم عليه‌السلام ثم استغفر الله فغفر له ، فلم يعرّ أحد من الذنوب ، وإنا لنعلم أنه قد كانت لابن أبي طالب سابقة حسنة مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فإن لم يكن مالأ على قتل عثمان فقد خذله ، وإنّه لأخوه في دينه ، وابن عمه ، وسلفه ، وابن عمّته (٦) ، وقد أقبلوا من عراقهم حتى نزلوا شامكم وبلادكم وبيضتكم ، وإنما عامتهم بين قاتل وخاذل ، فاستعينوا بالله واصبروا فقد ابتليتم ، أيتها الأمة ، والله لقد رأيت في منامي في ليلتي هذه ، لكأنا وأهل العراق قد اعتورنا مصحفا نضربه بأسيافنا ، ونحن في ذلك ننادي : ويحكم ، الله الله! مع إنا والله ما نحن بمفارقي العرصة (٧) حتى نموت ، عليكم بتقوى الله ، ولتكن النيّات لله عزوجل ، فإني سمعت عمر بن الخطاب يقول : إنما يبعث المقتتلون على النيّات (٨) ، أفرغ

__________________

(١) وقعة صفّين : أوتادها.

(٢) وقعة صفّين : وأوهى.

(٣) وقعة صفّين : ضربت.

(٤) يريد في غزوة تبوك.

(٥) سورة الفتح ، الآية : ٢.

(٦) أم عثمان هي أروى بنت كريز ، وأم أمّه البيضاء بنت عبد المطلب.

(٧) أي ساحة الحرب.

(٨) كذا ، وقد مرّ قريبا حديثا مرفوعا ، وفي وقعة صفّين : سمعت عمر بن الخطاب يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : وذكره.

٣٩٢

الله علينا الصبر ، وأعزّ لنا ولكم النصر ، وكان لنا ولكم وليا وناصرا ، وحافظا في كل أمر ، وأستغفر الله لي ولكم.

قال : وثنا إبراهيم بن الحسين ، نا يحيى ـ هو ـ ابن سليمان ، نا نصر ـ هو ـ ابن مزاحم (١) ، نا عمر (٢) بن سعد ، عن عبد الرّحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي ، وذكر أهل صفّين ، فقال : كانوا عربا يعرف بعضهم بعضا في الجاهلية والتقوا في الإسلام ، معهم تلك الحمية ونية الإسلام ، فتصابروا واستحيوا من الفرار ، وكانوا إذا تحاجزوا دخل هؤلاء في عسكر هؤلاء وهؤلاء في عسكر هؤلاء ، فيستخرجون قتلاهم فيدفنونهم ، فلما أصبحوا يوما ـ وذلك يوم الثلاثاء ـ خرج الناس إلى مصافّهم فقال أبو نوح الحميري : وكنت في خيل عليّ ، فبينا أنا واقف إذ نادى رجل من أهل الشام : من دلّني على أبي نوح الحميري؟ قال أبو نوح : فقلت : أيهم تريد؟ فقال : الكلاعي ، فقلت : قد وجدته ، فمن أنت؟ قال : أنا ذو الكلاع فسر إليّ ، قال أبو نوح : فقلت : معاذ الله أن أسير إليك إلّا في كتيبة ، فقال : سر فلك ذمة الله وذمة رسوله ، وذمة ذي الكلاع حتى ترجع ، فإنما أريد أن أسألك عن أمر فيكم ، فسار إليه أبو نوح وسار إليه ذو الكلاع حتى التقيا فقال له ذو الكلاع : إنما دعوتك أحدثك حديثا حدّثناه عمرو بن العاص في إمارة عمر ؛ فقال أبو نوح : وما هو؟ فقال ذو الكلاع : حدّثنا عمرو بن العاص أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم [قال :] يلتقي أهل الشام وأهل العراق ، في إحدى الكتيبتين الحق ـ أو قال الهدى ـ ومعها عمار بن ياسر ، فقال أبو نوح : نعم والله إن عمارا لمعنا وفينا ، فقال : أجادّ هو على قتالنا؟ فقال أبو نوح : نعم ورب الكعبة ، لهو أجدّ على قتالكم مني ، ولوددت أنكم خلق واحد فذبحته.

أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنا أبو الحسن محمّد بن علي السيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى بن زكريا ، نا خليفة بن خيّاط ، قال : قال أبو عبيدة ، وكان على أهل حمص الميمنة ذو الكلاع ـ يعني بصفّين ـ مع معاوية (٣).

أخبرني أبو عبد الله الحسين بن محمّد ، أنبأ محمّد بن الحسن بن أحمد ، أنبأ أبو

__________________

(١) الخبر في وقعة صفّين ص ٣٣٢ ـ ٣٣٣.

(٢) في وقعة صفّين : نصر : عمر ، حدثني صديق أبي ، عن الافريقي ابن أنعم قال :.

(٣) تاريخ خليفة بن خياط ص ١٩٥.

٣٩٣

علي بن شاذان ، أنا أبو الحسن بن نيخاب ، نا إبراهيم بن الحسين ، نا يحيى بن سليمان ، حدّثني نصر بن مزاحم (١) ، نا عمر بن سعد ، عن الحارث بن حصيرة (٢) : أن ابن ذي الكلاع أرسل إلى الأشعث بن قيس رسولا فقال له : إنّ ابن عمك ابن ذي الكلاع يقرأ عليك السلام ويقول لك : إنّ ذا الكلاع قد أصيب وهو في الميسرة ، أفتأذن لنا فيه؟ فقال له الأشعث : أقرئه السلام ، وقل له : إني أخاف أن يتهمني أمير المؤمنين ، فاطلبوا ذاك إلى سعيد بن قيس الهمداني فإنه في الميمنة ، فذهب إلى معاوية فأخبره ـ وذلك بينهم يتراسلون في اليوم والأيام ـ فقال معاوية : ما عسيت أن أصنع؟ وقد كانوا منعوا أهل الشام أن يدخلوا عسكر عليّ ، وخافوا أن يفسدوا أهل العسكر ، فقال معاوية لأصحابه : لأنا أشد فرحا بقتل ذي الكلاع مني بفتح مصر لو افتتحتها ، لأن ذا الكلاع كان يعرض له في أشياء كان يأمر بها ، فخرج ابن ذي الكلاع إلى سعيد بن قيس فاستأذنه في أبيه فأذن له فيه ، قال عمر (٣) بن سعد : وقال سعد الإسكاف (٤) والحارث بن حصيرة (٥) : إنّ سعيد بن قيس قال لابن ذي الكلاع حين قال له : إنهم يمنعوني من دخول عسكرهم : كذبت ، لم يمنعوك ، إن أمير المؤمنين لا يبالي من دخل عسكره لهذا الأمر ، ولا يمنع أحدا من ذلك فادخل ، فدخل من قبل الميمنة فلم يجده ، فأتى المسيرة فوجده قد ربط برجله طنب من أطناب فسطاط ، فسلّم عليهم ومعه عبد له أسود ، فقال لهم : أتأذنون لنا في طنب من أطناب فسطاطكم فقالوا : نعم ، ثم قالوا له : معذرة إلى ربنا وإليكم ، أما إنه لو لا بغيه علينا ما صنعنا ما ترون ، فنزل عليه وقد انتفخ وكان عظيما جسيما فلم يستطيعا احتماله فقال ابنه : هل من فتى معوان؟ فخرج إليه الخندف (٦) رجل من أصحاب علي ، فقال تنحّوا ، فقال ابن ذي الكلاع : ومن يحمله؟ قال : يحمله الذي قتله فاحتمله الخندف (٧) حتى رمى به على ظهر بغل ، ثم شدّاه بالحبال وانطلقا إلى عسكرهم.

أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنا أبو الحسن السيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق ، نا

__________________

(١) الخبر في وقعة صفّين لنصر بن مزاحم ص ٣٠٢ ـ ٣٠٣.

(٢) بالأصل «حضيرة» والمثبت عن وقعة صفّين.

(٣) بالأصل هنا ، وقد مرّ في بداية الخبر «عمر» وفي وقعة صفّين «عمر».

(٤) هو سعد بن طريف الحنظلي ، مولاهم ، يقال له سعد الخفاف (انظر تهذيب التهذيب).

(٥) بالأصل : حضيرة.

(٦) بالأصل : «الخندق» والمثبت عن وقعة صفّين وفيها : خندف البكري.

(٧) بالأصل : «الخندق» والمثبت عن وقعة صفّين وفيها : خندف البكري.

٣٩٤

أحمد بن عمران ، نا موسى بن زكريا ، نا خليفة ، قال في تسمية من قتل مع معاوية ذو الكلاع (١).

أخبرنا أبو طالب الزينبي في كتابه ، وأخبرنا عمي رحمه‌الله ، أنا الزينبي قراءة ، أنا أبو القاسم التنوخي ، أنا محمّد بن المظفّر ، أنا بكر بن أحمد بن حفص ، نا أحمد بن محمّد بن عيسى ، قال : ذو الكلاع يكنى أبا شرحبيل واسمه سميفع قتل يوم صفّين ، وكانت صفّين سنة سبع وثلاثين.

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وحدّثنا عنه أبو البركات بن أبي طاهر الفقيه عنه ، حدّثني عبد العزيز بن أحمد أنا تمام بن محمّد ، أنبأ أبو محرز عبد الواحد بن إبراهيم بن عبد الواحد العبسي ، ومحمّد بن عبد الله بن أحمد القاضي ، قالا : ثنا أبو صالح يحيى بن محمّد بن محمّد البغدادي ببيت سوا (٢) ، نا عمرو بن علي الفلاس ، نا يحيى بن سعيد ، نا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل ، قال : رأيت في المنام قبابا في رباض فقلت : لمن هذه؟ قالوا : لعمّار بن ياسر وأصحابه ، ورأيت قبابا في رياض فقلت : لمن هذه؟ فقالوا : لذي الكلاع وأصحابه فقلت : كيف وقد قتل بعضهم بعضا؟ قال : إنهم وجدوا الله واسع المغفرة (٣).

أخبرناه أبو عبد الله البلخي ، أنا أبو الحسن علي بن الحسين بن أيوب ، أنا أبو علي بن شاذان ، أنبأ أبو الحسين بن نيخاب ، نا إبراهيم بن الحسين ، نا يحيى بن سليمان الجعفي ، حدّثني يحيي بن اليمان ، نا سفيان الثوري ، عن الأعمش ، عن أبي وائل شقيق بن سلمة ، عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل الهمداني ، قال : رأيت عمّار بن ياسر وذا الكلاع في المنام في ثياب بيض بأفنية الجنة ، فقلت : ألم يقتل بعضكم بعضا؟ فقالوا : بلى ، ولكنا وجدنا الله واسع المغفرة (٤).

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، وأنبأ أبو محمّد وأبو الغنائم ، ابنا أبي عثمان ، وأبو القاسم بن البسري ، وأبو الحسن علي بن محمّد بن الأخضر الأنباري ، وأبو طاهر

__________________

(١) يعني يوم صفين ، انظر تاريخ خليفة بن خياط ص ١٩٤.

(٢) بيت سوا بالفتح والقصر ، (انظر معجم البلدان).

(٣) في الاستيعاب ١ / ٤٨٧ هامش الإصابة والإصابة ١ / ٤٩٣.

(٤) أسد الغابة ٢ / ٢٣.

٣٩٥

أحمد بن إبراهيم القصاري ، قالوا : أنا أبو عمر بن مهدي ، أنا محمّد بن أحمد بن يعقوب ، نا جدي ، نا عثمان بن محمّد ، نا يحيى بن يمان ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، قال : رأى أبو ميسرة ذا الكلاع وعمّارا في قباب بيض بفناء الجنة ، فقال : ألم يقتل بعضكم بعضا؟ قال : بلى ولكن وجدنا الله واسع المغفرة.

خالفهما قبيصة بن عقبة ، عن سفيان ، وقال عن أبي الضحى بدلا من أبي وائل.

أخبرناه أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنبأ أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف بن بشر الخشاب ، نا الحسين بن محمّد بن عبد الرّحمن بن الفهم ، نا محمّد بن سعد ، أنا قبيصة بن عقبة ، قال سفيان : أخبرنا عن الأعمش عن أبي الضحى قال : رأى أبو ميسرة في المنام روضة خضراء فيها قباب مضروبة فيها عمار ، وقباب مضروبة فيها ذو الكلاع ، قال : قلت : كيف هذا وقد اقتتلوا؟ قال : فقيل لي : وجدوا ربا واسع المغفرة.

وقد رواه عمرو بن مرة عن أبي وائل :

أخبرنا بها أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأ أبو محمّد أحمد ، وأبو الغنائم محمّد ، أنبأ علي بن الحسن بن أبي عثمان ، وأبو القاسم علي بن أحمد بن محمّد بن البسري ، وأبو الحسن علي بن محمّد بن محمّد بن الأخضر ، وأبو طاهر أحمد بن إبراهيم القصاري (١) ، قالوا : أنا أبو عمر عبد الواحد بن محمّد بن مهدي ، أنبأ محمّد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة ، نا جدي ، نا يزيد بن هارون ، أنا العوّام بن حوشب ، عن عمرو بن مرّة ، عن أبي وائل (٢) ، قال : قال أبو ميسرة عمرو بن شرحبيل فكان من أفاضل أصحاب عبد الله ، قال : رأيت في المنام كأني أدخلت الجنة فإذا قباب مضروبة فقلت : لمن هذه؟ فقالوا : لذي الكلاع وحوشب ، وكانا ممن قتل مع معاوية ، قلت : فأين عمّار وأصحابه؟ قالوا : أمامك ، قلت : وقد قتل بعضهم بعضا؟ قيل : إنهم لقوا الله فوجدوه واسع المغفرة ، قلت : فما فعل أهل النهر؟ قال : لقوا برحا (٣).

__________________

(١) بالأصل «العصاري» والصواب عن م ، وقد مرّ قريبا ، وانظر الأنساب ، ذكره باسم أبي طاهر أحمد بن محمّد بن إبراهيم القصاري الخوارزمي.

(٢) الخبر من هذه الطريق ورد في الاستيعاب ١ / ٤٨٧ هامش الإصابة ، وفيه : عمر بن مرة.

(٣) أي شدة.

٣٩٦

قال يزيد : سمعت الجرّاح بن منهال يقول : كان عند ذي الكلاع اثنا عشر ألف بيت من المسلمين فبعث إليه عمر فقال : نشتري (١) هؤلاء نستعين بهم على عدوّ المسلمين فقال : لا ، هم أحرار فأعتقهم كلهم في ساعة واحدة (٢) ، قال يزيد بن هارون : يا أصحاب الدنيا لا تغتروا.

__________________

(١) بالأصل : «يشتري» ، والمثبت عن الإصابة وم.

(٢) الخبر نقله ابن حجر في الإصابة ١ / ٤٩٢.

٣٩٧

[ذكر من اسمه](١) ذو النون

٢١١١ ـ ذو النون بن إبراهيم ، ويقال : ابن أحمد اسمه ثوبان ،

ويقال : اسمه الفيض

أبو الفيض ـ وقيل : أبو الفيّاض ـ

الإخميمي المصري الزّاهد (٢)

قدم الشام للسياحة ، وطاف جبل لبنان من أعمال دمشق ، ودخل دمشق وله صحبه مع ابن سيد حمدويه.

وحدث عن مالك ، والليث بن سعد ، وسالم الخوّاص ، ويلز بن سليم ، وفضيل بن عياض ، وعبد الله بن لهيعة ، وسفيان بن عيينة ، ورشدين بن سعد ، ومروان بن معاوية الفزاري ، ويونس بن يزيد.

روى عنه : أحمد بن صبيح بن رسلان الفيّومي ، وأبو قضاعة ربيعة بن محمّد الطائي ، وأبو اليقين رضوان بن محيميد ، ومقدام بن داود تليد ، والحسن بن مصعب النخعي ، والجنيد بن محمّد ، ومحمّد بن قطن.

أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن الفضل ، وأبو القاسم زاهر بن طاهر ، قالا : أنا أبو سعد الجنزرودي ، أنا أبو الفضل نصر بن محمّد بن أحمد بن يعقوب العطار

__________________

(١) زيادة منا للإيضاح.

(٢) ترجمته في تاريخ بغداد ٨ / ٣٩٣ حلية الأولياء ٩ / ٣٣١ ، ١٠ / ٣ ميزان الاعتدال ٢ / ٣٣ سير أعلام النبلاء ١١ / ٥٣٢ وانظر بالحاشية فيها أسماء مصادر أخرى ترجمت له.

والإخميمي بكسر الهمزة نسبة إلى إخميم ، بلدة من ديار مصر بالصعيد.

٣٩٨

الطوسي (١) ، أنبأ أبو أيوب سليمان بن أحمد الملطي ، أنبأ أبو قضاعة ربيعة بن محمّد الطائي ، نا ثوبان بن إبراهيم ، حدّثنا الليث بن سعد ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن سعيد بن يسار ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنما الصبر عند الصّدمة الأولى ، واتّقوا النار ولو بشقّ تمرة» ، كذا وقع في الأصل والصواب سعد بن سنان ويقال : سنان بن سعد [٤١٤٥].

وقد وقع لي الحديث بحمد لله عاليا من حديث الليث على الصواب :

أخبرناه أبو القاسم غانم بن خالد بن عبد الواحد بن خالد التاجر ، أنبأ عبد الرزاق بن عمر بن موسى بن شمّة ـ قراءة عليه وأنا حاضر ـ أنبأ أبو بكر محمّد بن إبراهيم ، نا محمّد بن زيان بن حبيب المصري ، نا محمّد بن رمح ، أنبأ الليث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن سعيد بن سنان ، عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «إنما الصبر عند الصدمة الأولى ، واتّقوا النار ولو بشق تمرة» [٤١٤٦].

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي الفتح المحاملي ، أنا أبو الحسن الدارقطني ، حدّثني أبو أحمد المادرائي الحسن بن أحمد بن علي قال : قرأ عليّ أبو عمر الكندي محمّد بن يوسف بن يعقوب كتابه هذا تصنيفه في أعيان الموالي من جند مصر من الفقهاء والمحدّثين والزهّاد وغيرهم ، فذكر فيه : ومنهم أبو الفيض ذو النون بن إبراهيم الإخميمي مولى لقريش ، فيما أخبرنا به علي بن الحسن بن قديد قال : كان أبوه إبراهيم نوبيا ، قال الدارقطني : ذو النون بن إبراهيم روى عنه عن مالك أحاديث في أسانيدها نظر ، وكان واعظا (٢).

أنبأنا أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر ، أنبأ أبو بكر يحيى بن إبراهيم ، أنبأ أبو عبد الرّحمن السّلمي قال : سمعت عبد الله بن محمّد الحلواني ببغداد يقول : قال أبو سعيد عبد الرّحمن بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى : ذو النون بن إبراهيم الإخميمي الزاهد ، يكنى أبا الفيض ، وكان حكيما فصيحا عالما ، وأصله من النّوبة ، وكان من قرية من قرى الصعيد يقال لها إخميم ، توفي في ذي القعدة سنة خمس وأربعين ومائتين (٣).

__________________

(١) ترجمته في سير الأعلام ١٧ / ٦.

(٢) الخبر نقله الذهبي في سير الأعلام ١١ / ٥٣٣.

(٣) سير الأعلام ١١ / ٥٣٣.

٣٩٩

وقال أبو عبد الرّحمن السلمي : ذو النون بن إبراهيم المصري أبو الفيض ، ويقال : الفيض بن إبراهيم ، ذو النون لقب ، كذلك ذكره أبو يعقوب يوسف بن أحمد بن عبد الله البغدادي صاحبه ، ويقال : ان اسمه ثوبان بن إبراهيم ، وذو النون لقب ، ويقال ذو النون بن أحمد كذلك ذكره عبد الله بن عطاء الشجري.

وذكر أبو يعقوب يوسف بن أحمد البغدادي صاحبه : أن كنيته أبو الفياض ، واسمه الفيض ، أخبرني بذلك عنه عبد الواحد بن بكر الورثاني (١) ، ثنا إبراهيم بن حمّاد الأبهري ، نا أبو يعقوب يوسف بن أحمد البغدادي قال : ذو النون كنيته أبو الفياض ، واسمه الفيض ، وقال أبو عبد الرّحمن : رئيس القوم والمرجوع إليه والمقبول على جميع الألسنة ، وأول من عبّر عن علوم المنازلات أحاديث عن مالك وغيره له السياحات المشهورة والرياضات المذكورة ، وذو النون من أهل إخميم من نواحي مصر ، ودخل ذو النون العراق فدخل بغداد ، ولم يقم بها كثيرا ، ونزل بسرّ من رأى سنة أربع وأربعين ومائة ، حمل إلى المتوكل على البريد ، استحضره من مصر ، فدخل عليه ووعظه وكان إذا ذكر بين يدي المتوكل أهل الورع بكا (٢). وقال : إذا ذكر أهل الورع فحي هلا بذي النون ، وكانوا أربعة إخوة : ذو النون ، وذو الكفل ، وعبد الخارق ، وعبد الباري ، وكان أهل مصر يسمونه الزّنديق ، فلما مات أظلّت الطير جنازته فاحترموا بعد ذلك قبره (٣) ، ولما مرض ذو النون مرضه الذي مات فيه قيل له : ما تشتهي؟ قال : أن أعرفه قبل موتي بلحظة ، ولما مات وجد على قبره مكتوبا : مات ذو النون حبيب الله من الشوق قتيل الله.

أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن بن سعيد ، نا وأبو النجم بدر بن عبد الله ، أنبأ أبو بكر الخطيب (٤) ، أنبأ أحمد بن علي المحتسب ، نا أبو عبد الرّحمن السّلمي ، قال : ذو النون بن إبراهيم كنيته أبو الفيض ، ويقال : إن اسمه الفيض بن إبراهيم ، وذو النون لقب ويقال : إن اسمه ثوبان.

__________________

(١) مهملة بالأصل ، والصواب عن م ، وضبط ، وهذه النسبة إلى ورثان بفتح الواو والراء ، قرية من قرى شيراز ، ذكره السمعاني وترجم له في الأنساب.

(٢) المصدر نفسه.

(٣) المصدر نفسه.

(٤) تاريخ بغداد ٨ / ٣٩٣.

٤٠٠