تاريخ مدينة دمشق - ج ١٧

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ١٧

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٠
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

أثبت منه ، قال لي أبو العلاء : وقال عمر بن جعفر البصري : ما رأيت ببغداد ممن انتخبت عليهم أصح كتبا ولا أحسن سماعا من دعلج بن أحمد.

قرأت على أبي محمّد السّلمي ، عن أبي محمّد التميمي ، قال : كتب إليّ أبو ذر عبد [بن](١) أحمد ، وحدّثني عبد الغفار بن عبد الواحد عنه ، قال : سمعت علي بن عمر وذكر حكاية عن دعلج ، ثم قال : كان أبو محمّد قليل الهزو ، سمعت أن معزّ الدولة استرجع من غلامه جاشتبكين وأشهد عليه العدول وهو من وراء الستر فشهدوا ، فلما شهد الناس قالوا لدعلج : اشهد ، قال : أين المشهود عليه؟ لعله مقيد لعلّه مكره ، أبرزوه لي حتى أراه وكان خلف الستر ، فقال معزّ الدولة : ما كان فيهم مسلم غيره.

قال أبو ذر : وسمعت أن أول مال أخذه معزّ الدولة من المواريث مال دعلج خلّف ثلاثمائة ألف مثقال ذهبا ، فقال معز الدولة : دغرا (٢) ما أريده فقالوا : إنه كثير فأخذه (٣).

كتب إليّ أبو نصر بن القشيري ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : سمعت علي بن عمر الحافظ يقول : صنفت لدعلج المسند الكبير فكان إذا شك في حديث ضرب عليه ، ولم أر في مشايخنا أثبت منه.

قال : وسمعت عمر بن جعفر البصري يقول : ما رأيت ببغداد فيمن انتخبت عليهم أصح كتبا ولا أحسن سماعا من دعلج بن أحمد (٤).

أنبأ أبو المظفّر بن القشيري ، عن محمّد بن علي بن محمّد ، أنبأ أبو عبد الرّحمن السلمي ، قال : وسألته ـ يعني الدارقطني ـ عن دعلج بن أحمد فقال : الثقة المأمون ملازم أصوله وكتبه (٥).

أخبرنا أبو القاسم السّمرقندي ، أنا إسماعيل بن مسعدة ، أنا حمزة بن يوسف ، قال : سئل أبو الحسن الدارقطني عن دعلج بن أحمد فقال : كان ثقة مأمونا ، وذكر له قصة في أمانته وفضله ونبله (٦).

__________________

(١) زيادة لازمة.

(٢) بالأصل : «مزدغرا ما» والمثبت عن بغية الطلب ، وبهامشه كتب محققه : الدغر : الاقتحام من غير تثبت.

(٣) الخبر نقله ابن العديم في بغية الطلب ٧ / ٣٥٣٣ ـ ٣٥٣٤.

(٤) سير الأعلام ١٦ / ٣٢ وبغية الطلب ٧ / ٣٥٣٣.

(٥) بغية الطلب ٧ / ٣٥٣٣.

(٦) المصدر نفسه.

٢٨١

أخبرنا أبو الحسن بن سعيد ، قال : حدّثنا وأبو النجم بدر بن عبد الله ، قال : أنا أبو بكر الخطيب (١) ، حدّثني أبو القاسم الأزهري ، عن أبي عمر محمّد بن العباس بن حيّوية ، قال : أدخلني دعلج إلى داره وأراني بدرا من المال معبأة في منزله ، وقال لي : يا أبا عمر خذ من هذه ما شئت ، فشكرت له ، وقلت : أنا في كفاية وغنى عنها فلا حاجة لي فيها.

قال الخطيب (٢) : وحكى لي القاضي أبو العلاء الواسطي ، عن دعلج أنه سئل عن سبب مفارقته مكة بعد أن سكنها ، فقال : خرجت ليلة من المسجد فتقدم ثلاثة من الأعراب فقالوا : أخ لك من أهل خراسان قتل أخانا. فنحن نقتلك به. فقلت : اتقوا الله فإن خراسان ليست بمدينة واحدة ، فلم أزل أداريهم إلى أن اجتمع الناس وخلوا عني. فكان هذا سبب انتقالي إلى بغداد. وكان يقول ليس في الدنيا مثل داري ، وذلك أنه ليس في الدنيا مثل بغداد ، ولا ببغداد مثل القطيعة ، ولا في القطيعة مثل درب أبي خلف ، وليس في الدرب مثل داري.

قال (٣) : وحدّثني أبو بكر محمّد بن علي بن عبد الله الحداد ـ وكان من أهل الدين والقرآن والصلاح ـ عن شيخ سماه ، فذهب عني حفظ اسمه ، قال : حضرت يوم جمعة مسجد الجامع بمدينة المنصور ، فرأيت رجلا بين يدي في الصف حسن الوقار ظاهر (٤) الخشوع دائم الصلاة لم يزل يتنفل مذ دخل المسجد إلى قرب قيام الصلاة ، قال : ثم جلس ، قال : فغلبني هيبته ودخل قلبي محبته ، ثم أقيمت الصلاة فلم يصلّ مع الناس الجمعة ، فكبر عليّ ذلك من أمره ، وتعجبت من حاله ، وغاظني فعله ، فلما قضيت الصلاة تقدمت إليه وقلت له : أيها الرجل ما رأيت أعجب من أمرك أطلت النافلة وأحسنتها وتركت الفريضة وضيعتها ، فقال : يا هذا إن لي عذرا ولي علة منعتني عن الصلاة ، قلت : وما هي؟ قال : أنا رجل على دين اختفيت في منزلي مدة بسببه ، ثم حضرت اليوم الجامع للصلاة فقبل أن تقام التفت فرأيت صاحبي الذي له الدين عليّ ورائي ، فمن خوفه أحدثت في ثيابي فهذا خبري. فأسألك بالله إلّا سترت عليّ وكتمت

__________________

(١) تاريخ بغداد ٨ / ٣٨٨ ـ ٣٨٩.

(٢) المصدر نفسه ص ٣٨٩ ونقله عن الخطيب الذهبي في سير الأعلام ٦ / ٣٢.

(٣) المصدر نفسه.

(٤) عن م وتاريخ بغداد وبالأصل «طاهر».

٢٨٢

أمري ، قال : فقلت : ومن الذي له عليك الدين؟ قال : دعلج بن أحمد ، قال : وكان إلى جانبه صاحب لدعلج قد صلّى وهو لا يعرفه فسمع هذا القول ومضى في الوقت إلى دعلج فذكر له القصة ، فقال له دعلج : امض إلى الرجل واحمله إلى الحمام ، واطرح عليه خلعة من ثيابي ، وأجلسه في منزلي حتى انصرف من الجامع. ففعل الرجل ذلك فلما انصرف دعلج إلى منزله أمر بالطعام فأحضر وأكل هو والرجل ثم أخرج حسابه فنظر فيه ، وإذا له عليه عليه خمسة آلاف درهم ، فقال له : انظر لا يكون عليك في الحساب غلط ، أو نسي لك نقد ، فقال الرجل : لا ، فضرب دعلج على حسابه وكتب تحته علامه الوفاء ثم أحضر الميزان ووزن خمسة آلاف درهم ، وقال له : أما الحساب الأول فقد حللناك مما بيننا وبينك فيه ، وأسألك أن تقبل هذه الخمسة آلاف الدرهم وتجعلنا في حلّ من الروعة التي دخلت قلبك برؤيتك إيانا في مسجد الجامع ، أو كما قال.

قال (١) : وحدّثني أبو منصور محمّد بن محمّد بن أحمد العكبري ، حدّثني أبو الحسين أحمد بن الحسين الواعظ ، قال : أودع أبو عبد الله بن أبي موسى الهاشمي عشرة آلاف دينار ليتيم فضاقت يده وامتدت إليها ، فأنفقها ، فلما بلغ الغلام مبلغ الرجال أمر السلطان بفك الحجرة عليه ، وتسليم ماله إليه ، وتقدم إلى ابن أبي موسى يحمل المال ليسلم إلى الغلام ، قال ابن أبي موسى : فلما تقدم إليّ بذلك ضاقت علي الأرض بما رحبت ، وتحيرت في أمري ، لا أعلم من أي وجه أغرم المال ، فبكرت من داري ، وركبت بغلتي ، وقصدت الكرخ لا أعلم أين أتوجه ، فانتهت بي البغلة إلى درب السلولي ، ووقفت بي على باب مسجد دعلج بن أحمد ، فثنيت رجلي ودخلت المسجد فصليت خلفه صلاة الفجر ، فلما سلم انفتل إليّ ورحب بي وقام وقمت معه ودخل إلى داره فلما جلسنا جاءته الجارية بمائدة لطيفة وعليها هريسة ، فقال : يأكل الشريف؟ فأكلت وأنا لا أحصل أمري ، فلما رأى تقصيري قال : أراك منقبضا ، فما الخبر؟ فقصصت عليه القصة ، وانني أنفقت المال ، فقال : كل فإن حاجتك تقضى ، ثم أحضر حلواء فأكلنا ، فلما رفع الطعام وغسلنا أيدينا قال : يا جارية افتحي ذلك الباب فإذا خزانة مملوءة زبلا (٢) مجلدة فأخرج إليّ بعضها وفتحها إلى أن أخرج النقد الذي كانت الدنانير

__________________

(١) المصدر نفسه ص ٣٩٠.

(٢) الزبل جمع زبيل ، كأمير ، القفة أو الجراب أو الوعاء (القاموس).

٢٨٣

منه ، واستدعى الغلام والتخت (١) والطيار (٢). فوزن عشرة آلاف دينار وبدّرها وقال : يأخذ الشريف هذه؟ فقلت : يثبتها الشيخ عليّ ، فقال أفعل ، وقمت وقد كاد عقلي يطير فرحا. فركبت بغلتي وتركت الكيس على القربوس (٣) وغطيته بطيلساني وعدت إلى داري وانحدرت إلى دار السلطان بقلب قوي وجنان ثابت ، فقلت : ما أظن إلّا أنه قد استشعر في أني قد أكلت مال اليتيم ، واستبددت (٤) به ، والمال فقد أخرجته ، فأحضر قاضي القضاة والشهود والنقباء وولاة العهود ، وأحضر الغلام وفك حجره ، وسلم المال إليه ، وعظم الشكر لي والثناء عليه فلما عدت إلى منزلي استدعاني أحد الأمراء من أولاد الخليفة ، وكان عظيم الحال فقال : قد رغبت في معاملتك وتضمينك أملاكي ببادوريا (٥) ونهر الملك (٦) ، فضمنت ذلك بما تقرر بيني وبينه من المال ، وجاءت السنة ووفيته وحصل في يدي من الربح ما له قدر كثير (٧) ، وكان ضماني لهذه الضياع ثلاث سنين. فلما مضت حسبت حسابي وقد تحصل في يدي ثلاثون ألف دينار ، فعزلت عوض العشرة آلاف التي أخذتها من دعلج وحملتها إليه ، وصلّيت معه الغداة فلما انفتل من صلاته ورآني نهض معي إلى داره (٨) ، وقدم المائدة والهريسة فأكلت بجأش ثابت وقلب طيب ، فلما قضينا الأكل قال لي خبرك (٩) وحالك؟ فقلت : بفضل الله وبفضلك قد أفدت بما فعلته معي ثلاثين ألف دينار ، وهذه منها عشرة آلاف دينار عوض الدنانير التي أخذتها منك ، فقال : يا سبحان الله ، والله ما خرجت الدنانير عن يدي ونويت آخذ عوضها ، حلّ بها الصبيان. فقلت له : أيها الشيخ إيش هذا المال حتى يهب لي عشرة آلاف دينار؟ فقال نشأت وحفظت القرآن وسمعت الحديث ، وكنت أتبزز ، فوافاني رجل من تجار البحر فقال لي : أنت دعلج بن أحمد؟ فقلت : نعم ، فقال : قد رغبت في تسليم مالي إليك

__________________

(١) التخت : الكرسي أو المقعد.

(٢) الطيار : ميزان الدراهم.

(٣) القربوس : حنو السرج ، قال الأزهري : وللسرج قربوسان ، (انظر اللسان).

(٤) تاريخ بغداد : واستلذذت.

(٥) بادوريا : ناحية من كورة الأستان بالجانب الغربي من بغداد (ياقوت).

(٦) نهر الملك : كورة واسعة ببغداد ، بعد نهر عيسى ، يقال إنه يشتمل على ثلاث مائة وستين قرية (ياقوت).

(٧) تاريخ بغداد : كبير.

(٨) بالأصل : ذكره ، والمثبت عن تاريخ بغداد.

(٩) الأصل : «أخبر» والمثبت عن تاريخ بغداد.

٢٨٤

لتتجر به. فما سهل الله من فائدة كانت بيننا ، وما كان من جائحة كانت في أصل مالي ، وسلّم إليّ بارنامجات بألف ألف درهم وقال لي : ابسط يدك ولا تعلم موضعا ينفق فيه هذا المتاع إلّا حملته إليه ، واستبنت فيه الكفاءة ولم يزل يتردد إليّ سنة بعد سنة يحمل إليّ مثل هذا والبضاعة تنمي ، فلما كان في آخر سنة اجتمعنا فيها قال لي : أنا كثير الأسفار في البحر فإن قضى الله عليّ بما قضاه على خلقه فهذا المال لك على أن تصدق منه وتبني المساجد وتفعل الخير فأنا أفعل مثل هذا ، وقد ثمر الله المال في يدي ، فأسألك أن تطوي هذا الحديث أيام حياتي.

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الخطيب ، نا أبو بكر أحمد بن علي الحافظ ، نا محمّد بن الحسين القطان ، قال : توفي دعلج بن أحمد في سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة.

وأخبرنا أبو الحسن بن سعيد ، نا وأبو النجم الشيحي (١) ، أنا أبو بكر الخطيب ، قال (٢) : أنا محمّد بن الحسين بن الفضل القطان ، والحسن بن أبي بكر بن شاذان ، قالا : توفي دعلج بن أحمد يوم الجمعة لإحدى عشرة ليلة بقيت ، ـ وقال : ابن شاذان ـ لعشر بقين من جمادى الآخرة سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة.

أنبأنا أبو عبد الله الفراوي وغيره ، نصر (٣) بن القشيري ، عن أبي بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : توفي أبو محمّد دعلج بن أحمد ببغداد في عشر ذي الحجة من سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة ، وهو ابن أربع أو خمس وتسعين سنة ، وكان السلطان بها لا يتعرض للتركات ثم لم يصبروا عن أموال دعلج إذ لم يكن في الدنيا على ما يقال أيسر منه من التجار ، فقبضوا على أمواله إلّا الأوقاف.

__________________

(١) الأصل : «السنجي» وبدون نقط في م والصواب ما أثبت. وقد مرّ.

(٢) تاريخ بغداد ٨ / ٣٩٢.

(٣) كذا ، ثمة سقط في السند وهو شديد الاضطراب في م.

٢٨٥

[ذكر من اسمه](١) دغفل

٢٠٨٥ ـ دغفل بن حنظلة بن زيد (٢) بن عبدة بن عبد الله

ابن ربيعة بن عمرو بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة

ابن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب

ابن أفصى بن دعميّ بن جديلة بن أسد بن ربيعة

السّدوسي الذّهلي الشّيباني النسابة (٣)

يقال إن له صحبة ، ويقال : لا صحبة له.

روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

روى عنه الحسن البصري ، ومحمّد بن سيرين ، وعبد الله بن بريدة ، وسعيد بن أبي الحسن.

واستقدمه معاوية فقدم عليه وأمره أن يعلم ابنه يزيد.

أخبرنا أبو المظفّر بن القشيري ، أنا أبو سعد الجنزرودي ، أنا أبو عمرو بن حمدان الفقيه ح.

وأخبرتنا أم المجتبا قالت : قرئ على إبراهيم بن منصور ، أنا محمّد بن إبراهيم بن المقرئ ، قالا : أنا أبو يعلى ، نا أبو هشام زاد ابن المقرئ : الرفاعي ـ نا

__________________

(١) ما بين معكوفتين زيادة منا.

(٢) أسد الغابة : يزيد.

(٣) ترجمته في الاستيعاب ١ / ٤٧٧ هامش الإصابة ، أسد الغابة ٢ / ٨ الإصابة ١ / ٤٧٥ تهذيب التهذيب ٢ / ١٢٥ ميزان الاعتدال ٢ / ٢٧ الوافي بالوفيات ١٤ / ١٨.

٢٨٦

معاذ بن هشام ، حدّثني ـ وفي حديث ابن حمدان نا ـ أبي عن وفي حديث ابن حمدان : نا ـ قتادة عن الحسن ، عن دغفل : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم توفي وهو ابن خمس وستين.

أخبرنا أبو طالب علي بن عبد الرّحمن بن أبي عقيل ، أنبأ علي بن الحسن الفقيه ، أنا أبو محمّد بن النحاس ، نا أبو سعيد بن الأعرابي ، نا أبو سعيد عبد الرّحمن بن محمّد بن منصور الحارثي ح.

وأخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنبأ شجاع بن علي ، أنا أبو عبد الله بن مندة ح.

وأخبرنا أبو عبد الله محمّد بن غانم بن أحمد ، أنا عبد الرّحمن بن أبي عبد الله ، أنبأ أبي ، أنا إسماعيل بن محمّد البغدادي ، وأحمد بن محمّد بن زياد ، وعبد الله بن عبد الرّحمن بن حمّاد العسكري ، قالوا : حدّثنا عبد الرّحمن بن محمّد بن منصور ، نا معاذ بن هشام ، نا أبي ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن دغفل قال : كان على النصارى صوم شهر رمضان فمرض ملك منهم فقال : لئن شفاه الله ليزيدن عشرة أيام ، ثم كان ملك بعده فأكل لحما فوجع فاه ، فقال : لئن شفاه الله ليزيدن سبعة أيام ، ثم كان ملك بعده فقال : ما ندع (١) هذه الثلاثة الأيام أن نتمها (٢) ونجعل صومنا في الربيع ففعل فكانت خمسين يوما ، واللفظ لابن مندة ، رواه إسحاق بن راهوية ، عن معاذ بن هشام بهذا الإسناد ورفعه (٣) إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وأخرجه البخاري في تاريخه عن إسحاق مرفوعا.

قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن الحسن ، عن أبي تمام الواسطي ، أنا محمّد بن عبيد ، أنا محمّد بن الحسين ، أنا أبو بكر بن أبي خيثمة ، أنا الفضل بن غانم ، نا سلمة ، عن أبي إسحاق ، قال : بنو عمرو رهط دغفل العلامة من ولد عليا بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معدّ بن عدنان.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن ، وأبو الفضل أحمد بن الحسن ح.

__________________

(١) مهملة بالأصل ، والمثبت عن أسد الغابة وفي م : يدع.

(٢) الأصل : «تتمها» والمثبت عن ميزان الاعتدال ، وفي أسد الغابة : نزيدها وفي م : يتمها.

(٣) ذكره ابن الأثير في أسد الغابة مرفوعا ٢ / ٨.

٢٨٧

وأخبرنا أبو العز ثابت بن منصور ، أنا أبو طاهر ، قالا : أنا محمّد بن الحسن بن أحمد ، نا محمّد بن أحمد بن إسحاق ، نا عمر بن أحمد بن إسحاق ، نا خليفة بن خيّاط ، قال (١) : في ذكر التابعين من أهل البصرة من بني سدوس بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي : دغفل بن حنظلة بن زيد بن عبدة بن عبد الله بن ربيعة بن عمرو بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة.

في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الخلال ، أنا أبو القاسم بن مندة ، أنا حمد بن عبد الله إجازة ، قال : وأنا أبو طاهر بن سلمة ، أنا علي بن محمّد ، قالا : أنا أبو محمّد بن أبي حاتم قال (٢) : أنا حرب بن إسماعيل فيما كتب إليّ ، قال : قلت لأحمد بن حنبل : دغفل بن حنظلة له صحبة؟ قال : ما أعرفه ، قال أبو محمّد ـ يعني لا يعرف له صحبة أم لا ـ.

أنبأنا أبو الفضل محمّد بن ناصر ، وأبو القاسم إسماعيل بن محمّد ، قالا : أنا أبو الحسين الصيرفي ، أنا أبو إسحاق البرمكي ، أنا أبو بكر محمّد بن عبد الله ، أنا أبو حفص الجوهري ، نا أحمد بن محمّد بن هانئ الأثرم ، عن أبي عبد الله أحمد بن حنبل ، قال : قد سمعت منه ـ يعني معاذ بن هشام ـ حديث دغفل بن حنظلة أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قبض وهو ابن خمس وستين ، قلت لأبي عبد الله : دغفل بن حنظلة له صحبة فقال : لا ، من أين له صحبة ، هذا كان صاحب نسب ، قيل لأبي عبد الله روي عنه غير هذا الحديث ، فقال : نعم ، حديث آخر يرويه أبان العطار : «كان على النصارى صوم» قال أبو عبد الله : لا أعلمه روي عن دغفل غيرهما (٣).

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا ثابت بن بندار ، أنا أبو [العلاء](٤) الواسطي ، نا محمّد بن أحمد البابسيري ، أنا ......... (٥)

أخبرنا أبو الأعز قراتكين بن الأسعد ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا علي بن

__________________

(١) طبقات خليفة بن خيّاط ص ٣٤٠ رقم ١٥٨٥.

(٢) الجرح والتعديل ١ / ٢ / ٤٤١.

(٣) انظر الإصابة ١ / ٤٧٥ وتهذيب التهذيب ٢ / ١٢٥.

(٤) بياض بالأصل ، ولعل الصواب ما استدركناه قياسا إلى سند مماثل وتقرأ في م : أبو الهلال.

(٥) بياض بالأصل قدره ثلاثة أرباع السطر وفي م بياض بمقدار كلمتين.

٢٨٨

محمّد بن أحمد ، أنا محمّد بن الحسين بن شهريار ، نا أبو حفص الفلاس (١) ، قال : دغفل بن حنظلة وليس بصحيح أنه سمع من النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وروى أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قبض وهو ابن خمس وستين وكان علّامة (٢).

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا محمّد بن هبة الله بن الحسن ، نا أبو الحسين بن بشران ، نا عثمان بن أحمد ، نا محمّد بن أحمد بن البراء ، قال : قال علي بن المديني : والذين روى عنهم الحسن من المجهولين فذكرهم وذكر منهم دغفل بن حنظلة (٣).

أخبرنا أبو القاسم أيضا ، أنا أبو الفضل بن البقّال ، أنا أبو الحسن بن الحمّامي ، نا إبراهيم بن أحمد بن الحسن ، نا إبراهيم بن أبي أمية ، قال : سمعت نوح بن حبيب القومسي يقول : ودغفل بن حنظلة يقال إنه رأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٤) ، وقال نوح في موضع آخر في تسمية أهل البصرة من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ممن روى عنه دغفل السّدوسي وهو الذي يقال له النّسّابة (٥).

أخبرنا أبو بكر اللفتواني ، أنا أبو عمرو بن مندة ، أنا الحسن بن محمّد بن يوسف ، أنا أحمد بن محمّد بن عمر ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، نا محمّد بن سعد ، قال في الطبقة الأولى من تابعي أهل البصرة : دغفل بن حنظلة السّدوسي لم يسمع من النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وفد على معاوية (٦).

أنبأنا أبو طالب بن يوسف ، وأبو نصر بن البنّا ، قالا : قرئ على أبي محمّد الجوهري ، عن أبي عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد ، قال (٧) : في الطبقة الأولى من تابعي أهل البصرة : دغفل بن حنظلة

__________________

(١) الأصل : القلاس وفي م : العلانين.

(٢) انظر تهذيب التهذيب ٢ / ١٢٥.

(٣) المصدر نفسه.

(٤) المصدر نفسه.

(٥) تهذيب التهذيب ٢ / ١٢٥.

(٦) الخبر برواية ابن أبي الدنيا ليست في الطبقات الكبرى المطبوع لابن سعد.

(٧) طبقات ابن سعد ٧ / ١٤٠.

٢٨٩

السّدوسي أدرك النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولم يسمع منه شيئا ، ووفد على معاوية بن أبي سفيان ، وكان له علم ورواية للنسب وعلم به.

أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي ، ثم حدّثنا أبو الفضل الحافظ ، أنا أبو الفضل بن خيرون ، وأبو الحسين بن الطّيّوري ، وأبو الغنائم ـ واللفظ له ـ قالوا : أنا أبو أحمد ـ زاد ابن خيرون ومحمّد بن الحسن ، قالا : ـ أنا أحمد بن عبدان ، أنا محمّد بن سهل ، أنا محمّد بن إسماعيل ، قال (١) : دغفل بن حنظلة النساب هو السّدوسي الذّهلي الشّيباني (٢) ولا يتابع عليه ـ يعني حديث الصوم ـ ، ولا يعرف سماع الحسن من دغفل ، ولا يعرف لدغفل إدراك النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

أخبرنا أبو الحسن علي بن محمّد الخطيب ، أنبأ محمّد بن الحسن بن محمّد ، نا أحمد بن الحسين النهاوندي.

أخبرنا أبو عبد الله بن محمّد بن الأشقر ، نا محمّد بن إسماعيل ، قال : وإن لم يصح لدغفل إدراك النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولا يعرف سماع الحسن من دغفل.

قرأنا على أبي عبد الله بن البنّا ، عن أبي تمام الواسطي ، أنبأ أبو بكر أحمد بن عبيد ، أنا محمّد بن الحسين الزعفراني ، نا أبو بكر بن أبي خيثمة ، نا موسى بن إسماعيل ، نا أبو هلال ، عن محمّد بن سيرين ، قال : كان دغفل رجلا عالما ولكن اعتلته (٣) النسبة ، وقال أبو بكر : بلغني أن دغفلا لم يسمع من النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم شيئا.

أخبرنا أبو الفضل بن ناصر ، أنا أبو طاهر أحمد بن علي الدقاق ، وأبو الحسين المبارك بن عبد الجبار ، قالا : أنا أبو الفرج الحسين بن علي الطناجيري ، نا أبو بكر محمّد بن إبراهيم الدارمي ، نا عبد الملك بن بدر بن الهيثم ، نا أحمد بن هارون الحافظ ، قال في الطبقة الأولى من الأسماء المنفردة وهم أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : دغفل وقد قيل لا صحبة له ، روى عنه الحسن البصري (٤).

قرأت على أبي محمّد عبد الكريم بن حمزة ، عن أبي ، عن أبي زكريا

__________________

(١) التاريخ الكبير ٢ / ١ / ٢٥٤ ـ ٢٥٥.

(٢) لم ترد اللفظة في البخاري.

(٣) تهذيب التهذيب : ولكن اغتلبه النسب.

(٤) الإصابة ١ / ٤٧٥.

٢٩٠

عبد الرحيم بن أحمد ح.

وأخبرنا أبو القاسم بن السّوسي ، أنا إبراهيم بن يونس بن محمّد الخطيب ، أنا أبو زكريا ح.

وأخبرنا أبو الحسين أحمد بن سلامة الأبّار ، أنا سهل بن بشر الإسفرايني ، أنبأ رشأ بن نظيف ، قالا : نا عبد الغني بن سعيد : كان دغفل بن حنظلة الشّيباني النسابة له حديث يرويه في صيام النصارى لا يرويه غيره.

أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن غانم الحداد ، أنا أبو القاسم عبد الرّحمن بن محمّد بن إسحاق ، أنا أبي ح.

وأخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنا شجاع بن علي ، أنا محمّد بن إسحاق ، قال : دغفل بن حنظلة النساب الشّيباني من بني عمرو بن شيبان ، وهو السّدوسي الذّهلي ، عاش إلى أيام معاوية ، روى عنه الحسن ، ومحمّد بن سيرين ، وروى أبو هلال عن عبد الله بن بريدة أن معاوية بعث إلى دغفل فسأله عن أنساب العرب ، قال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني قلت لأحمد بن حنبل : دغفل له صحبة؟ قال : ما أرى ، وقال البخاري : لا يعرف للحسن سماع من دغفل ولا يعرف لدغفل إدراك النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

أخبرنا أبو المعالي محمّد بن إسماعيل بن محمّد الفارسي ، أنبأ أبو بكر البيهقي ح.

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنبأ أبو الفضل عمر بن عبيد الله بن البقّال ، قالا : أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو عمرو بن السماك ، نا حنبل بن إسحاق ، نا عاصم بن علي ، نا أبو هلال ، نا عبد الله بن بريدة ، قال : أرسل معاوية إلى دغفل فسأله عن أنساب العرب ، وعن النجوم ، والعربية ، وعن أنساب قريش فأخبره ، فإذا رجل عالم ، فقال : من أين حفظت هذا يا دغفل؟ قال : بلسان سئول ، وقلب عقول زاد أبو القاسم : وإن آفة العلم النسيان ، قال : فأمره أن يذهب إلى يزيد بن معاوية فيعلمه العربية ، وأنساب قريش ، وأنساب العرب (١).

__________________

(١) انظر أسد الغابة ٢ / ٨ ـ ٩ ميزان الاعتدال ٢ / ٢٧ وعيون الأخبار ٢ / ١١٨.

٢٩١

أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن إبراهيم في كتابه ، أنا أبو الفضل محمّد بن أحمد بن عيسى السعدي ، أنبأ أبو عبد الله بن بطة ، قال : قرئ على أبي القاسم البغوي ، ثنا شيبان بن فروخ ، نا أبو هلال ، نا عبد الله بن بريدة : أن معاوية أرسل إلى دغفل فسأله عن العربية وسأله عن أنساب الناس ، وسأله عن النجوم فإذا رجل عالم فقال : يا دغفل من أين حفظت هذا؟ قال : حفظت هذا بلسان سئول وقلب عقول وإن غائلة العلم النسيان ، قال : اذهب إلى يزيد فعلمه العربية وأنساب قريش والنجوم (١).

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي ، أنا رشأ بن نظيف المعدل ، أنا محمّد [بن] الحسن بن إسماعيل ، أنا أبو بكر أحمد بن مروان ، نا إبراهيم الحربي ، نا الرياشي ، قال : سمعت الأصمعي يقول : قيل لدغفل النسابة : بم (٢) أدركت ما أدركت من العلم؟ قال : بلسان سئول وقلب عقول ، وكنت إذا لقيت عالما أخذت (٣) منه وأعطيته (٤).

أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور ، أنبأ أحمد بن عبد الواحد السّلمي ، أنا جدي أبو بكر ، أنا أبو محمّد بن زبر ، نا بشر بن موسى ، نا الأصمعي ، نا أبو هلال ، عن ابن بريدة ـ إن شاء الله ـ أن دغفل أتى معاوية فأنشده الأشعار ، وروى له الأحاديث فقال له معاوية : بما حفظت هذا؟ قال : بقلب عقول ولسان سئول ح.

أخبرنا أبو بكر اللفتواني ، أنا أبو عمرو بن عبدة ، أنا الحسن بن محمّد ، أنا أحمد بن محمّد اللبناني ، نا عبد الله بن محمّد العروبي ، حدّثني عبد الرّحمن بن صالح ، نا أبو بكر بن عياش ، قال : قال معاوية لدغفل : أنى لك هذا الحديث؟ قال : بمفاوضة الرجال.

أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن الفضل ، أنا عبد الغافر بن محمّد بن أحمد ، أنا أبو سليمان الطائي ، قال في حديث معاوية : أنه قال لدغفل بن حنظلة : بم ضبطت ما أرى؟

__________________

(١) الإصابة ١ / ٤٧٥.

(٢) الأصل : «ثم» والمثبت عن الوافي.

(٣) الأصل : «احدث» ، والمثبت عن الوافي.

(٤) نقله في الوافي بالوفيات ١٤ / ١٩.

٢٩٢

قال : بمفاوضة العلماء ، قال : وما مفاوضة العلماء؟ قال : كنت إذا لقيت عالما أخذت ما عنده وأعطيته ما عندي.

حدّثنيه ابن الزنبقي ، نا أبي عن أبيه ، عن نا الأصمعي ، عن أبي هلال الراسبي ، عن قتادة ، أخبرني بعض أصحابنا عن أبي عمر قال : أصل المفاوضة المساواة قال : ومنها شركة المفاوضة وذلك لأن كل واحد من الشريكين يساوي صاحبه فيما يستفيده ولا ينفرد بشيء دون صاحبه ، قال ومنه قول الشاعر :

لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم

ولا سراة إذا جهالهم سادوا (١)

أي لا يصلح أمورهم وهم أكفاء متساوون في الدرجة ليس لهم رئيس يقودهم فيصدروا عن أمره وينتهوا إلى رأيه.

أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنبأ أحمد بن الحسين البيهقي (٢) ، نا أبو عبد الرّحمن محمّد بن الحسين السّلمي ، أنا أبو بكر محمّد بن علي بن إسماعيل الفقيه الشاشي ، نا الحسن بن صاحب بن حميد الشاشي (٣) ، حدّثني عبد الجبار بن كثير الرقي ، نا محمّد بن بشر اليماني عن أبان بن عبد الله البجلي ، عن أبان بن تغلب (٤) ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : حدّثني علي بن أبي طالب من فيه ، قال : لما أمر الله تعالى رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يعرض نفسه على قبائل العرب خرج وأنا معه وأبو بكر ، فدفعنا إلى مجلس من مجالس العرب فتقدم أبو بكر ـ وكان مقدّما في كل خير وكان رجلا نسابة ـ فسلّم وقال : ممن القوم؟ قالوا : من ربيعة ، قال : وأي ربيعة أنتم؟ أمن هامها أم من لهازمها؟ فقالوا : بل من الهامة العظمى ، فقال أبو بكر : وأي هامتها العظمى أنتم؟ قالوا : من ذهل الأكبر ، قال : منكم عوف الذي يقال لا حرّ بوادي عوف ، قالوا : لا ، قال : فمنكم جساس بن مرّة حامي الذمار ومانع الجار؟ قالوا : لا ، قال : فمنكم بسطام بن قيس أبو اللواء ومنتهى الأحياء؟ قالوا : لا ، قال : فمنكم الحوفزان قاتل الملوك وسالبها

__________________

(١) البيت صحح برواية اللسان (فوض) ونسبه للأفوه الأودي ، ورواية الأصل :

لا يصلح الناس فوضى لا شراة لهم

ولا شراة إذا جالهم سادوا

وفي اللسان : قوم.

(٢) دلائل البيهقي ٢ / ٤٢٢ وما بعدها.

(٣) عن دلائل البيهقي وبالأصل «الساسي».

(٤) عند البيهقي : ثعلب.

٢٩٣

أنفسها؟ قالوا : لا ، قال : فمنكم المزدلف صاحب العمامة الفردة؟ قالوا : لا ، قال : فمنكم أخوال الملوك من كندة؟ قالوا : لا ، قال : فمنكم أصهار الملوك من لخم؟ قالوا : لا ، قال أبو بكر : فلستم ذهل الأكبر أنتم ذهل الأصغر ، قال : فقام إليه غلام من بني شيبان يقال له دغفل حين بقل (١) وجهه فقال :

إن على سائلنا أن نسأله

والعبء لا نعرفه أو نجهله

يا هذا إنك قد سألتنا فأخبرناك ولم نكتمك شيئا ، فممن الرجل؟ قال أبو بكر الصّدّيق : أنا من قريش ، فقال الفتى : بخ بخ أهل الشرف والرئاسة من أي القرشيين أنت؟ قال : من ولد تيم بن مرة ، فقال الفتى : أمكنت والله الرامي من سواء الثّغرة. أمنكم قصيّ الذي جمع القبائل من فهر فكان يدعى في قريش مجمّعا؟ قال : لا ، قال : فمنكم ـ أظنه قال هاشم ـ الذي هشم الثريد لقومه :

ورجال مكة مسنتون عجاف ،

قال : لا ، قال : فمنكم شيبة الحمد عبد المطّلب مطعم طير السماء الذي كان وجهه القمر يضيء في الليلة الداجية الظلماء؟ قال : لا ، قال : فمن أهل الإفاضة بالناس أنت؟ قال : لا ، قال : فمن أهل الحجابة أنت؟ قال : لا ، قال : فمن أهل السقاية أنت؟ قال : لا ، قال : فمن أهل الندوة أنت؟ قال : لا ، قال : فمن أهل الرّفادة أنت؟ قال : لا ، واجتذب أبو بكر زمام الناقة راجعا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقام الغلام :

صادف در السيل درأ يدفعه

يهيضه حينا وحينا يصدعه

أما والله لو ثبت لأخبرتك من قريش ، قال : فتبسم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال علي : فقلت : يا أبا بكر لقد وقعت من الأعرابي على باقعة قال : أجل أبا حسن ما من طامّة إلّا وفوقها طامّة ، والبلاء موكّل بالمنطق ، قال : ثم رجعنا (٢) إلى مجلس آخر عليهم السكينة والوقار ، فتقدم أبو بكر فسلّم ، فقال : ممن القوم؟ قالوا : من بني شيبان بن ثعلبة ، فالتفت أبو بكر إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : بأبي وأمي هؤلاء غرر الناس وفيهم مفروق بن عمرو ، وهانئ بن قبيصة ، والمثنى بن حارثة ، والنعمان بن شريك ، وكان مفروق قد

__________________

(١) في البيهقي : «تبين» وبالحاشية عن نسخة «بقل» كالأصل.

(٢) البيهقي : دفعنا.

٢٩٤

غلبهم جمالا ولسانا وكانت له غديرتان يسقطان على تريبته وكان أدنى القوم مجلسا ؛ فقال أبو بكر : كيف العدد فيكم؟ فقال مفروق : إنا لنزيد على ألف ، ولن يغلب ألف من قلة ، فقال أبو بكر : وكيف المنعة فيكم؟ فقال : المفروق : علينا الجهد ، ولكل قوم جدّ (١). فقال أبو بكر : كيف الحرب بينكم وبين عدوكم؟ فقال مفروق : إنا لأشدّ ما نكون غضبا حين نلقى ، وإنّا لأشدّ ما نكون لقاء حين نغضب ، وإنا لنؤثر الجياد على الأولاد ، والسلاح على اللقاح ، والنصر من عند الله ، يديلنا مرة ويديل علينا أخرى. لعلك أخا قريش ، فقال أبو بكر : قد بلغكم أنه رسول الله ، ألا هو ذا ، فقال مفروق : بلغنا أنه يذكر ذاك ، فإلى ما تدعو يا أخا قريش؟ فتقدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فجلس وقام أبو بكر يظله بثوبه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأن محمّدا عبده ورسوله ، وإلى أن تؤووني وتنصروني ، فإن قريشا قد ظاهرت على أمر الله ، وكذّبت رسوله (٢) ، واستغنت بالباطل عن الحق ، والله هو الغني الحميد.» فقال مفروق بن عمرو : إلى ما تدعونا يا أخا قريش ، فو الله ما سمعت كلاما أحسن من هذا ، فتلا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ) إلى قوله (فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(٣).

فقال مفروق : وإلى ما تدعونا يا أخا قريش ـ زاد فيه غيره فو الله ما هذا من كلام أهل الأرض ثم رجعنا إلى روايتنا قال : فتلا : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)(٤).

فقال مفروق بن عمرو : دعوت والله يا أخا قريش إلى مكارم الأخلاق ، ومحاسن الأعمال ، ولقد أفك قوم كذّبوك فظاهروا عليك ، وكأنه أحب أن يشركه في الكلام هانئ بن قبيصة ، فقال : وهذا هانئ شيخنا وصاحب ديننا. فقال هانئ : قد سمعت مقالتك يا أخا قريش ، وإني أرى إن تركنا ديننا واتّبعناك على دينك بمجلس جلسته إلينا ليس له أول (٥) ولا آخر ، إنّه زلل في الرأي وقلّة نظر في العافية (٦) ، وإنما تكون الزلة مع

__________________

(١) البيهقي : جهد.

(٢) البيهقي : رسله.

(٣) سورة الأنعام ، الآية : ١٥١ إلى ١٥٣.

(٤) سورة النحل ، الآية : ٩٠.

(٥) بالأصل أولا ، والمثبت عن البيهقي.

(٦) البيهقي : العاقبة.

٢٩٥

العجلة ، ومن ورائنا قوم نكره أن نعقد عليهم عقدا ، ولكن ترجع ونرجع ، وتنظر وننظر.

وكأنه أحب أن يشركه المثنى بن حارثة ، فقال : وهذا المثنى بن حارثة شيخنا وصاحب حربنا ، فقال المثنى بن حارثة : قد سمعت مقالتك يا أخا قريش والجواب فيه جواب هانئ بن قبيصة في تركنا ديننا ومتابعتك على دينك ، وإنا إنما نزلنا بين صرّتين (١) اليمامة والشأمة (٢) ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما هاتان الصّريان» فقال : أنهار كسرى ومياه العرب ، فأما ما كان من أنهار كسرى فذنب صاحبه غير مغفور وعذره غير مقبول (٣) ، وأما ما كان مما يلي مياه العرب فذنب صاحبه مغفور وعذره مقبول ، وإنا إنما نزلنا على عهد أخذه علينا ، أن لا نحدث حدثا ولا نؤوي محدثا ، وإني أرى أن هذا الأمر الذي تدعونا إليه يا قرشي مما يكره الملوك ، فإن أحببت أن نؤويك وننصرك مما يلي مياه العرب فعلنا.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما أسأتم في الرد إذ أفصحتم بالصدق ، وإنّ دين الله لن ينصره إلّا من حاطه من جميع جوانبه ، أرأيتم إن لم يلبثوا إلا قليلا حتى يورثكم الله أرضهم وديارهم وأموالهم ، ويفرشكم نساءهم ، أتسبّحون الله وتقدّسونه»؟ فقال النعمان بن شريك : اللهم فلك ذلك ، قال : فتلا (إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً)(٤) ثم نهض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قابضا على يدي أبي بكر وهو يقول : «يا أبا بكر أية أخلاق في الجاهلية ما أشرفها. بها يدفع الله عزوجل بأس بعضهم عن (٥) بعض ، وبها يتحاجزون فيما بينهم».

قال : فدفعنا إلى مجلس الأوس والخزرج فما نهضنا حتى بايعوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : فلقد رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقد سرّ بما كان من أبي بكر ومعرفته بأنسابهم (٦) [٤١٢٩].

رواه غيره فقال أبان بن عثمان الأحمر : قرأته على أبي محمّد السّلمي ، عن أبي بكر الخطيب ، أنا الحسن بن أبي بكر ، أنا أبو سهل أحمد بن محمّد بن عبد الله بن زياد

__________________

(١) في البيهقي : «صربين».

(٢) البيهقي : والسمامة.

(٣) عن البيهقي ، وبالأصل : معقول.

(٤) سورة الأحزاب ، الآية : ٤٥.

(٥) الأصل : «من» والمثبت عن البيهقي.

(٦) ورواه أبو نعيم في الدلائل ١ / ٢٣٧.

٢٩٦

القطان ، نا أبو يحيى عبد الكريم بن الهيثم الديرعاقولي ، نا إسماعيل بن مهران بن أبي نصر السّموني ، حدّثني أحمد بن محمّد بن أبي نصر السّكوني ، عن أبان بن عثمان الأحمر ، عن أبان بن تغلب ، عن عكرمة ، عن عبد الله بن عباس ، قال : حدّثني علي بن أبي طالب ، قال : لما أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يعرض نفسه على قبائل العرب خرج وأنا معه وأبو بكر فدفعنا إلى مجلس من مجالس العرب فتقدم أبو بكر وكان رجلا نسابة فسلّم فردوا عليه‌السلام فقال : ممن القوم؟ قالوا : من ربيعة ، قال : من هامها أم من لهازمها؟ قالوا : بل هامتها العظمى ، قال : فأنى هامتها العظمى أنتم؟ قالوا : ذهل الأكبر ، قال : أفمنكم عوف الذي كان يقال لا حرّ بوادي عوف؟ قالوا : لا ، قال : أفمنكم بسطام أبو اللواء ومنتهى الأحباء؟ قالوا : لا ، قال : أفمنكم جساس بن مرّة حامي الذمار ومانع الجار؟ قالوا : لا ، قال : فمنكم الحوفزان قاتل الملوك وسالتها أنفسها؟ قالوا : لا ، قال : فمنكم المزدلف صاحب العلمة (١) الوردة؟ قالوا : لا ، قال : أفأنتم الملوك من كندة؟ قالوا : لا ، قال : أفأنتم أختان (٢) الملوك من لخم؟ قالوا : لا ، قال : فلستم ذهل الأكبر ، أنتم ذهل الأصغر ، فقام إليه غلام من شيبان حين بقل وجهه يقال له دغفل ، فقال : «إن على سائلنا أن نسأله».

يا هذا ، إنك قد سألتنا فلم نكتمك شيئا فممن الرجل؟ قال : رجل من قريش ، قال : بخ بخ أهل الشرف والرئاسة ، فمن أي قريش أنت؟ قال : من تيم بن مرّة ، قال : أمكنت والله الرامي من صفا الثغرة ، أفيكم قصي بن كلاب الذي جمع القبائل من فهر فكان يدعى مجمّعا؟ قال : لا ، قال : أفمنكم هاشم الذي هشم الثريد لقومه ، ورجال مكة مسنتون عجاف؟ قال : لا ، قال : أفمنكم شيبة الحمد مطعم طير السماء ، الذي كأنه وجه قمر يضيء ليلة الظلام الداجي؟ قال : لا ، قال : أفمن المقتصين بالناس أنت؟ قال : لا ، قال : أفمن أهل الندوة أنت؟ قال : لا ، قال : أفمن أهل الرّفادة أنت؟ قال : لا ، قال : أفمن أهل الحجابة أنت؟ قال : لا ، أفمن أهل السقاية (٣) أنت؟ قال : لا ، واجتذب أبو

__________________

(١) كذا هنا بالأصل «العلمة الوردة» وتقدم في الرواية السابقة : العمامة الفردة.

(٢) كذا ، ومر في الرواية السابقة : أخوال.

(٣) دار الندوة بناها قصي بمكة ، وكانت دار القبائل يدخلون إليها للتشاور فيما يهمهم من مشاكل ، وكانت بيد بني عبد الدار.

الرفادة : صاحب الرفادة كان المسئول عن إطعام الفقراء وحجاج البيت ، وكانت الأموال المنفقة تجمع

٢٩٧

بكر زمام ناقته فرجع إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال دغفل :

صادف در السيل درا يدفعه

يهيضه حينا وحينا يصدعه

أما والله لو ثبت لأخبرتك إنك من زمعات (١) قريش ، وأما أنا فدغفل ، قال : فتبسم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال علي له : يا أبا بكر لقد وقعت من الأعرابي على باقعة (٢) ، فقال : أجل أبا حسن ، إن لكل طامّة طامّة والبلاء موكل بالمنطق.

قال علي : ثم دفعنا إلى مجلس آخر عليه السكينة والوقار ، فتقدم أبو بكر فسلّم فردوا عليه‌السلام فقال : ممن القوم؟ قالوا : من شيبان بن ثعلبة ، فالتفت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال له : بأبي أنت وأمي ليس بعد هؤلاء عزّ في قومهم ، وكان في القوم مفروق بن عمرو ، وهانئ بن قبيصة ، والمثنى بن حارثة ، والنعمان بن شريك ، وكان مفروق بن عمرو قد غلبهم جمالا (٣) ولسانا وكان له غديرتان (٤) تسقطان على تريبته (٥) ، وكان أدنى القوم إلى أبي بكر مجلسا ، فقال له أبو بكر : كيف العدد فيكم؟ قالوا : إنا نزيد على ألف ، ولن يغلب ألف من قلّة ، قال : فكيف المنعة فيكم ، قال : علينا الجهد ولكل قوم جدّ ، قال : فكيف الحرب فيما بينكم وبين عدوكم؟ قالوا : إنّا أشد ما نكون لقاء حين نغضب ، وأشد ما نكون غضبا حين نلقى ، وإنا لنؤثر جيادنا على أولادنا والسلاح على اللقاح ، والنصر من عند الله ، يديل لنا ويديل علينا ، لعلك أخو قريش؟ قال : إن كان قد بلغكم أنه رسول الله فها هو ذا ، قال : قد بلغنا إنه يقول ذاك ، فإلام تدعو يا أخا قريش؟ قال : فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلّا الله وأني رسول الله ، وأن تؤووني وتنصروني ، فإن قريشا قد ظاهرت عن أمر الله وكذّبت رسله ، واستغنت بالباطل عن الحق ، والله هو الغني الحميد».

__________________

من قبائل قريش وتكون لديه ، وكانت بيد بني نوفل ، ثم في بني هاشم.

الحجابة : خدمة الكعبة.

السقاية : هي مسئولية سقاية الحجاج.

(١) زمعات قريش : أتباعهم.

(٢) الباقعة : الداهية ، يقال رجل باقعة أي ذو حيلة ومكر.

(٣) دلائل أبي نعيم ١ / ٢٨٥.

(٤) أي ضفيرتان من شعره.

(٥) عند أبي نعيم : صدره.

٢٩٨

قال : وإلام تدعو أيضا؟ قال : فتلا عليهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) إلى قوله : (ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) قال : وإلام تدعو أيضا؟ قال : فتلا عليهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى ، وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).

فقال مفروق بن عمرو : دعوت إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال ولقد أفك (١) قوم ظاهروا عليك وكذّبوك وكأنه أحب أن يشركه في الكلام هاني بن قبيصة فقال : وهذا هانئ بن قبيصة ، فقال : يا أخا قريش قد سمعت مقالتك وإنا لنرى تركنا ديننا واتبعناك على دينك لمجلس جلسته منا لم ننظر فيه في أمرك ولم نتثبت في عاقبة ما تدعونا إليه زلة في الرأي وإعجالا في النظر ، والزلة تكون مع العجلة ، ومن ورائنا قوم نكره أن نعقد عليهم عقدا ولكن ترجع ونرجع وتنظر وننظر ، وكأنه أحب أن يشركه في الكلام المثنى (٢).

فقال : يا أخا قريش قد سمعت مقالتك فأما الجواب في تركنا ديننا واتبعناك على دينك فهو جواب هانئ بن قبيصة ، وأما أن نؤويك وننصرك فإنا نزلنا بين صريين (٣) بين اليمامة والسمامة (٤) ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «وما هذان الصريان؟» قال : مياه العرب وأنهار كسرى فأما ما كان مما يلي مياه العرب فذنب صاحبه مغفور وعذره مقبول ، وأما ما كان مما يلي أنهار كسرى أن لا نحدث (٥) حدثا ولا نؤوي محدثا ، ولسنا بأمر أن يكون هذا الأمر الذي تدعونا إليه مما تكرهه الملوك فإن أحببت أن نؤويك مما يلي مياه العرب أويناك ونصرناك فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما أسأتم في الردّ إنما فصحتم بالصدق وليس يقوم بدين الله إلّا من حاطه من جميع جوانبه ، أرأيتم إن لم تلبثوا إلّا يسيرا حتى يمنحكم الله أموالهم ويورثكم ديارهم ويفرشكم نساءهم أتسبّحون الله وتقدّسونه؟».

فقال النعمان بن شريك : اللهم لك ذلك ، قال : فتلا عليهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (إِنَّا

__________________

(١) أفك : كذب.

(٢) بعدها في م : فقال : وهذا المثنى بن حارثة وهو شيخنا وكبيرنا وصاحب حزبنا (كذا) فتكلم المثنى.

(٣) كذا ، وفي أبي نعيم : صيرين.

(٤) كذا هنا ، وفي البداية والنهاية : السماوة وفي م : السيامة.

(٥) الأصل : «يحدث» والمثبت عن دلائل أبي نعيم وم.

٢٩٩

أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً) فوثب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخذ بيدي فقال : يا علي أي أخلاق في الجاهلية ، يرد الله بأس بعضهم عن بعض بها في هذه الدنيا [٤١٣٠].

قال الخطيب : وروى بعض أهل العلم هذا الحديث فقال فيه : أمنكم المزدلف صاحب العمامة الفردة بالفاء ، وقال : سمّي صاحب العمامة الفردة لأنه كان إذا ركب لم يعتم معه غيره ، وقال أيضا فيه : «لا حرّ بوادي عوف» : لشرف عوف وعزّه ، وان الناس له كالعبيد والخول ، وهو عوف بن محلّم بن ذهل.

قرأت بخط رشأ بن نظيف ، وأنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم عنه ، أنا أبو أحمد عبيد الله بن محمّد بن أبي مسلم الفرضي ، نا أبو طاهر عبد الواحد بن عمر بن أبي هاشم المقرئ إملاء ، نا إسماعيل بن يونس ، نا عمر بن شبّة ، حدّثني العتبي ، حدّثني أبي ، عن هشام بن صالح ، عن سعد القصر ، قال : مرّ نفر من الأنصار بدغفل النسابة بعد ما ذهب بصره فسلّموا عليه فقال : من أنتم؟ قالوا : أشراف أهل اليمن ، قال : من أهل ملكها القديم وشرفها العميم (١) كندة؟ قالوا : لا ، قال : فمن الطوال قصبا والممحّضين نسبا بني عبد المدان؟ قالوا : لا ، قال : فمن أقودها للزحوف ، وأخرقها للصفوف ، وأضربها بالسيوف ، بني زبيد رهط عمرو بن معدي كرب؟ قالوا : لا ، قال : فمن أحضرها قراء وأطنبها فناء ، وأصدقها لقاء طيء؟ قالوا : لا ، قال : فمن الغارسين النخل ، والمطعمين في المحل ، والقائلين بالعدل ، الأنصار؟ قالوا : نعم.

أنبأنا خالي القاضي أبي المعالي محمّد بن يحيى القرشي ، أنا سهل بن بشر ، أنا أبو الحسن محمّد بن الحسين بن أحمد ، أنبأ الحسن بن رشيق العسكري ، أنا يموت بن المزرّع بن يموت البصري ، نا رفيع بن سلمة دماذ عن أبي عبيدة معمر بن المثنى قال : جاء قوم من بني سعد بن زيد مناة بن تميم إلى دغفل النسابة فسلّموا عليه وهو مولّي ظهره للشمس في مشرفة له فرد عليهم من غير أن يلتفت إليهم ، ثم قال لهم : من القوم؟ قالوا : نحن سادة مضر ، قال : أنتم إذن قريش الحرم ، أهل العز والقدم ، والفضل ،

__________________

(١) في مختصر ابن منظور ٨ / ٢٠٣ الصميم.

٣٠٠