تاريخ مدينة دمشق - ج ١٧

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ١٧

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٠
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِ) الآية (١).

وأخبرنا أبو القاسم تميم بن أبي سعيد بن أبي العباس ، أنا أبو سعد الجنزرودي ، أنا أبو سعيد محمّد بن بشر بن العباس بن محمّد التميمي الكرابيسي (٢) ، أنا أبو لبيد محمّد بن إدريس الشامي (٣) السّرخسي ، نا سويد بن سعيد ، نا خليل بن موسى ، عن عبيد الله بن أبي حميد ، عن أبي المليح ، عن أبيه : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «اعتمّوا (٤) تزدادوا حلما» [٤٠٣٦].

في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الخلال ، أنا أبو القاسم بن مندة ، أنا أبو علي إجازة ح ، قال : وأنا أبو طاهر ، أنا أبو الحسن ، قالا : أنا أبو محمّد بن أبي حاتم ، قال (٥) : خليل بن موسى البصري ، سكن دمشق ، روى عن يونس بن عبيد ، وابن عون ، وهشام ، والجريري ، ويحيى بن أبي إسحاق ، وداود بن أبي هند ، ومحمّد بن إسحاق ، روى عنه محمّد بن المتوكل العسقلاني ، وأبو سليم عبد الرّحمن بن الضّحّاك البعلبكي ، وهشام بن عمّار ، سمعت أبي يقول ذلك ، وسئل أبي عنه فقال : يكتب حديثه ولا يحتج به ، وسألته عنه فقال : ما بحديثه بأس ليس بالمشهور ومحلّه الصدق ، ولا يعرفونه بالبصرة ، في حديثه بعض الإنكار.

٢٠٢٢ ـ الخليل بن هبة الله بن محمّد بن الحسن بن أحمد بن الخليل

أبو بكر التميمي البزاز

سمع عبد الوهاب الكلابي ، وأبا علي الحسن بن محمّد بن القاسم بن درستويه ، وأبا بكر محمّد بن مسلم بن السّمط.

روى عنه : أبو سعد إسماعيل بن علي السّمّان ، وعبد العزيز بن أحمد ، ونجا بن أحمد ، وسهل بن بشر ، ومحمّد بن علي بن أحمد بن المبارك ، وأبو نصر الطريثيثي ،

__________________

(١) سورة الأحزاب ، الآية : ٥٣.

(٢) ترجمته في سير الأعلام ١٦ / ٤١٥.

(٣) كذا بالأصل وم «الشامي» وفي سير الأعلام : السامي ، بالسين المهملة ، ترجمته ١٤ / ٤٦٤.

(٤) في مختصر ابن منظور ٨ / ٨٦ «اعتمروا» والذي بالأصل عندنا كانت «اعتمروا» ثم شطبت الواو ، وصححت اللفظة «اعتموا» وتصويبها واضح وفي م : اعتموا.

(٥) الجرح والتعديل ١ / ٢ / ٣٨٠ ـ ٣٨١.

٤١

ونصر بن أحمد بن الفتح الهمذاني المعلم ، وأبو طاهر بن الحنّائي.

أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفرضي ، أخبرني أبو عبد الله محمّد بن علي بن أحمد بن المبارك البزار بقراءتي عليه ، أنا أبو بكر خليل بن هبة الله بن محمّد بن الحسن بن أحمد بن الخليل التميمي ، أنا عبد الوهاب بن الحسن بن الوليد قراءة عليه ، أنا أبو أيوب سليمان بن محمّد الخزاعي ، نا محمّد بن مصفّى ، نا بقية بن الوليد ، حدّثني أبو شريح ضبارة (١) بن مالك الحضرمي ، سمع أباه يحدث عن عبد الرّحمن بن جبير بن نفير أن أباه حدثه عن سفيان بن أسد (٢) الحضرمي أنه سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثا هو لك به مصدّق ، وأنت له به كاذب» [٤٠٣٧].

كذا فيه وصوابه : سفيان بن أسيد (٣)(٤).

أخبرنا أبو محمّد عبد الرّحمن بن أبي الحسين بن إبراهيم ، أنا أبو القاسم نصر بن أحمد المؤدب ، أنا أبو بكر الخليل بن هبة الله بن الخليل ، أنا أبو علي الحسن بن محمّد بن الحسن بن القاسم بن درستويه (٥) ، نا أحمد بن محمّد بن إسماعيل أبو الدحداح ، نا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني ، نا عبد الله بن عثمان ، نا عبد الله ، هو ابن المبارك ، أنا جعفر بن حيان ، عن الحسن أن رجلا مرّ على رجل يكلّم امرأة فرأى ما لم تملك نفسه ، فجاء بعصا فضربه حتى سالت الدماء ، فشكى الرجل ما لقي إلى عمر بن الخطاب ، فأرسل عمر إلى الرجل فسأله ، فقال : يا أمير المؤمنين إني رأيته يكلم امرأة فرأيت منه ما لم أملك نفسي ، فتكلم عمر ثم قال : وأينا كان يفعل هذا؟ ثم قال للرجل : اذهب عين من عيون الله أصابتك.

أنبأنا أبو طاهر محمّد بن الحسين بن محمّد ، وحدّثنا أبو البركات الخضر بن أبي

__________________

(١) غير واضحة بالأصل ، والمثبت عن الإصابة ٢ / ٥٣ ترجمة سفيان بن أسد ونص على ضبطها بفتح المعجمة والموحدة المخففة وفي م : ضبارة

(٢) في الإصابة ٢ / ٥٣ سفيان بن أسد بفتحتين أو أسيد بوزن عظيم فقوله : «كذا قال ، وصوابه» لا لزوم له ، لأنه يقال فيه : أسد ويقال أسيد.

(٣) في الإصابة ٢ / ٥٣ سفيان بن أسد بفتحتين أو أسيد بوزن عظيم فقوله : «كذا قال ، وصوابه» لا لزوم له ، لأنه يقال فيه : أسد ويقال أسيد.

(٤) الحديث في الإصابة (ترجمة سفيان بن أسد).

(٥) ترجمته في سير الأعلام ١٦ / ٥٥٨.

٤٢

طاهر الفقيه عنه ، أنا أبو بكر الخليل بن هبة الله في رجب سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة ، أنا أبو علي الحسن بن محمّد بن الحسن بن القاسم بن درستويه ، نا أبو العباس محمّد بن جعفر بن هشام بن ملاس ، نا أبو محمّد شعيب بن عمرو ، نا سفيان بن عيينة ، عن الزّهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن أم قيس ابنة محصن الأسدية أخت عكّاشة ، قالت : دخلت بابني على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقد أعلقت (١) عليه من العذرة (٢) ، فقال : «على ما تدغرن أولادكن بهذا العلاق (٣)؟ عليكن بهذا العود الهندي (٤) ، فإن فيه سبعة أشفية ، يسعط (٥) به من العذرة وتلدّ به (٦) من ذات الجنب» [٤٠٣٨].

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا عبد العزيز الكتاني ، قال : توفي أبو بكر خليل بن هبة الله بن الخليل في شهر رمضان من سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة ، وكان ثقة حدث عن عبد الوهاب بن الحسن وغيره.

__________________

(١) أعلقت عليه ، وفي رواية : أعلقت عنه. والإعلاق : معالجة عذرة الصبي ، وهو وجع في حلقه وورم تدفعه أمه باصبعها أو غيرها. وحقيقة : أعلقت عنه : أزلت العلوق عنه ، وهي الداهية.

(٢) العذرة بالضم ، وجع في الحلق يهيج من الدم ، وقيل هي قرحة تخرج في الخرم الذي بين الأنف والحلق تعرض للصبيان عند طلوع العذرة. فتعمد المرأة إلى خرقة فتفتلها فتلا شديدا وتدخلها في أنفه فتطعن ذلك الموضع فيتفجر منه دم أسود ، وذلك الطعن يسمى الدغر.

(٣) كذا في الرواية وإنما هو الإعلاق ، وهو مصدر أعلقت.

(٤) العود الهندي : القسط (الكست) انظر الطب النبوي لابن قيم الجوزية.

(٥) أي يقطر في الأنف.

(٦) يلد به ، من اللدود وهو ما يصب بالمسعط من الدواء في أحد شقي الفم (القاموس وانظر النهاية لابن الأثير).

وذات الجنب : قرحة تصيب الإنسان داخل جنبه ، وقيل : تثقب البطن (اللسان).

٤٣

[من اسمه] خليفة

٢٠٢٣ ـ خليفة بن المبارك

أبو الأغرّ (١)

ولّاه المعتضد قتال الأعراب بطريق مكة ، فقتل منهم جماعة وأسروا منهم صالح بن مدرك بالحيلة ، وقدم بغداد في المحرم سنة سبع وثمانين ومائتين فخلع عليه وطوّق بطوق ذهب ، ثم ولي حلب ، وقدم دمشق مع محمّد بن سليمان وغيره من الأمراء الذين وجههم المكتفي لحرب الطولونية بمصر ، وغزا بلاد الروم مع مؤنس الخادم في ذي القعدة سنة ست وتسعين ومائتين ثم خالف على السلطان فأخذ وأدخل بغداد هو وأولاده فقيدوا يوم الاثنين لأربع بقين من شوال سنة سبع وتسعين ومائتين ، ثم أطلق يوم الخميس ، وخلع عليه يوم الخميس مستهل شعبان سنة ثلاث وثلاثمائة ، فمات فجاءة يوم الأربعاء لثمان خلون من ذي الحجة من سنة ثلاث وثلاثمائة (٢).

__________________

(١) ترجمته في الوافي بالوفيات ١٣ / ٣٨٣ وبغية الطلب لابن العديم ٧ / ٣٣٧٠.

(٢) ابن العديم نقلا عن ابن عساكر ، وكتب محققه بالحاشية (بغية الطلب ٧ / ٣٣٧٢) «لا ترجمة له في تاريخ دمشق لابن عساكر» وهذا خطأ فاحش.

٤٤

[من اسمه](١) خمار

٢٠٢٤ ـ خمار بن أحمد بن طولون المعروف بخمارويه

أبو الجيش الأمير ابن الأمير (٢)

ولي إمرة دمشق ، ومصر والثغور بعد أبيه أحمد بن طولون ، وكان جوادا ممدّحا ، ذكر أحمد بن يوسف بن إبراهيم بن جعفر الكاتب ، عن أحمد بن خاقان : أن المستعين بالله وهب أحمد بن طولون جارية اسمها ميّاس فولدت منه بسامرّة (٣) أبا الجيش خمارويه بن أحمد في المحرّم سنة خمسين ومائتين.

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي الفتح المحاملي ، أنا أبو الحسن الدار قطني ، قال خمار بن أحمد بن طولون المعروف بخمارويه يستغنى بشهرته عن ذكر أخباره.

وقرأت على أبي محمّد بن حمزة ، عن أبي نصر بن ماكولا ، قال (٤) : وأما خمار ـ أوله خاء مضمومة بعدها ميم مخففة وآخره راء ـ فهو خمار بن أحمد بن طولون ، والي مصر يعرف بخمارويه.

وبلغني أن مدة ولايته على مصر ثنتا عشرة سنة وثمانية عشر يوما.

__________________

(١) زيادة منا.

(٢) ترجمته في تاريخ الطبري وابن الأثير وابن كثير (انظر الفهارس) ، والنجوم الزاهرة ٣ / ٤٩ ولاة مصر للكندي ص ٢٥٨ الوافي بالوفيات ١٣ / ٤١٦ سير الأعلام ١٣ / ٤٤٦ وانظر بالحاشية فيهما أسماء مصادر أخرى ترجمت له.

(٣) سامرّة : بلد على دجلة فوق بغداد بثلاثين فرسخا ، وهي سامرّاء (ياقوت).

(٤) الاكمال لابن ماكولا ٢ / ٥٥٠.

٤٥

قرأت بخط أبي الحسين الرازي ، قال : قال أحمد بن يوسف : اجتمع الحسن بن مهاجر ، وأحمد بن محمّد الواسطي الغد من يوم مات أحمد بن طولون على أخذ البيعة لأبي الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون ، فبدءوا بالعباس بن أحمد بن طولون قبل سائر الناس لأنه أخوه وأكبر منه سنا ، فوجهوا إليه عدة من خواصّ خدم أبيه يستحضرونه لرأي رأوه فلما وافى العباس قامت الجماعة إليه وصدروه وأبو الجيش داخل قاعد في صدر مجلس أبيه ، فعزاه الواسطي وبكى وبكت الجماعة ، ثم أحضر المصحف ، وقال الواسطي للعباس : تبايع أخاك ، فقال العباس : أبو الجيش ، فديته ابني وليس يسومني هذا ، ومن المحال أن يكون أحد أشفق عليه مني ، فقال الواسطي : ما أصلحتك هذه المحبة أبو الجيش أميرك وسيدك ، ومن استحق بحسن طاعته لك التقديم عليك ، فلم يبايع العباس فقام طبارجي وسعد الأيسر (١) ، فأخذا سيفه ومنطقته وعدلا به إلى حجرة من الميدان فلم يخرج منها إلّا ميتا ، وبايع الناس كلهم لأبي الجيش وأعطاهم البيعة وأخرج مالا عظيما ففرقه على الأولياء وسائر الناس ، وصحت البيعة لأبي الجيش يوم الاثنين لاثنتي عشرة خلت من ذي القعدة سنة سبعين ومائتين.

أخبرنا أبو سعد أحمد بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي في كتابه ، أنا أبو عبد الله محمّد بن علي الصوري ، إجازة ، أنا عبد الله بن أبي الزبر قراءة عليه ، نا أبو الفتح عبد الواحد بن محمّد بن أحمد بن مسرور البلخي (٢) إجازة ، حدّثني علي بن محمّد المادرائي (٣) ، حدّثني أبو علي الحسين بن أحمد المادرائي (٤) عم أبي المعروف بأبي زنبور ، قال : كان أبو الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون يتنزه في مرج عذراء (٥) بدمشق ، قال أبو محمّد : وكان أبو زنبور عامل أبي الجيش ، قال : فغنى له المعزفانيّ في الليل صوتا أبدل منه كلمة والصوت :

قد قلت لما هاج قلبي الذّكرى

وأعرضت وسط السماء الشّعرى

كأنها ياقوتة في مذرى

ما أطيب الليل بسرّ من را (٦)

__________________

(١) في الطبري : سعد الأعسر.

(٢) سير الأعلام ١٦ / ٤٢٢.

(٣) كذا بالأصل والأنساب وهذه النسبة إلى مادرايا ، ووردت فيه بالدال المهملة ، وفي ياقوت : ماذرايا بالذال المعجمة.

(٤) كذا بالأصل والأنساب وهذه النسبة إلى مادرايا ، ووردت فيه بالدال المهملة ، وفي ياقوت : ماذرايا بالذال المعجمة.

(٥) مرج عذراء : عذراء من قرى غوطة دمشق.

(٦) الأشطار الأول والثاني والرابع في الوافي بالوفيات ١٣ / ٤١٦ والخبر في السير ١٣ / ٤٤٧ بدون الشعر.

٤٦

فجعله المعزفاني : ما أطيب الليل بمرج عذرا.

فأمر له أبو الجيش بمائة ألف دينار ، قال أبو زنبور : فقلت : أيها الأمير تعطي مغني في بدل كلمة مائة ألف دينار وتضايق المعتضد؟ قال : فقال لي : فكيف أعمل ، وقد أمرت وليس أرجع؟ فقلت له : تجعلها مائة ألف درهم ، قال : فقال لي : أفعل اطلقها له معجلة يعني المائة الألف درهم ، وما بقي له يبسطها (١) له في سنين ـ يعني المائة ألف دينار ـ حتى تصير إليه.

قال الصوري : وأخبرنا أبو الفتح بن مسرور إجازة ، حدّثني أبو محمّد ، حدّثني أبي ، قال : كنت مع أبي الجيش خمارويه بن أحمد ، وهو في الصيد على نهر ثورا (٢) بدمشق فانحدر من الجبل أعرابي عليه كساء فجاء حتى أخذ بشكيمة لجامه وهو منفرد على يده بازي ، فنفر البازي فصاح عليه الغلمان فقال لهم : دعوه فقال له : أيها الملك ، قف واستمع ، فقال له : قل ، فقال (٣) :

إنّ السّنان وحدّ السيف لو نطقا

لحدّثا عنك بين الناس بالعجب

أفنيت (٤) مالك تعطيه وتنهبه

يا آفة الفضّة البيضاء والذهب

قال : فالتفت أبو الجيش إلى الخادم الذي معه الخريطة فقال : فرّغها ، قال : وكان رسم الخريطة خمس مائة دينار ، ففرغها في كسائه ، فقال له : أيها الملك ، زدني ، فالتفت إلى الغلمان فقال لهم : اطرحوا سيوفكم ومناطقكم عليه ، قال : فطرحوا ، قال : فقال له :

أيها الملك أثقلتني فقال : أعطوه بغلا يحمله عليه ، قال : فلما انصرف أمرني أن أعطي كلّ من طرح سيفه ومنطقته عليه سيفا ومنطقة ذهب ، قال : فصنعناها لهم ودفعناها إليهم.

قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف ، وأنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم عنه ، أنا أبو الفتح إبراهيم بن علي بن سيبخت ، نا محمّد بن أحمد بن إبراهيم بن قريش الحكيمي ، حدّثني محمّد بن يوسف الطولونى ، قال : أراني

__________________

(١) مختصر ابن منظور : تقسطها.

(٢) نهر ثورا : فرع من نهر بردى ، يفترق عنه عند قربة دمّر (ياقوت).

(٣) البيتان في الوافي بالوفيات ١٣ / ٤١٧ وسير الأعلام ١٣ / ٤٤٧.

(٤) سير الأعلام : أتلفت.

٤٧

فرهيوه كاتب ابن مهاجر ثبّت ما حمل إلى الحضرة للمعتمد ، وفرق في جماعة لأربع سنين أولهن سنة اثنتين وستين ومائتين ، وآخرهن سنة ست وستين ومائتين ، مما نفذت به سفاتج (١) ولم تظهر تفريقه ، فكان في جملته ألفا ألف دينار ، ومائتا ألف دينار ـ يعني من جهة أحمد بن طولون ـ ، قال : فقلت له : أيما كان أوسع نفقة أحمد أو أبو الجيش؟ فقال لي : كان أبو الجيش أوسع صدرا وأكثر نفقة ، وأحمد كان يجدّ في نفقته ، وأبو الجيش يهزل فيها.

قرأت بخط أبي الحسين الرازي ، قال أبو الفتح علي بن الفتح الكاتب المعروف بالمطوق : كان من دهاء عبيد الله بن سليمان بن وهب الوزير أنه لم يترك للمعتضد عدوا إلّا أصلح الحال بينه وبينه ، قال : فكاتب عبيد الله بن سليمان خمارويه بن أحمد بن طولون ، وكان متغلبا على أعمال المغرب ، كلها من حدّ الرّحبة إلى أقصى الأرض في المغرب في الصلح على أن يقتصر خمارويه على أعمال حمص ودمشق والأردن وفلسطين ومصر وبرقة ، وما والاها مما كان في يده ، وتخلى عن ديار مضر وقنّسرين والعواصم وطريق الفرات والثغور ، فأجابه إلى ذلك ، وكتب به سجلا أشهد فيه على المعتضد بالله وعلى خمارويه بن أحمد ، ووقع من كل واحد منهما مرضاة (٢).

قال أبو الحسين : وحدّثني إبراهيم بن محمّد بن صالح الدمشقي (٣) ، قال : كان أبو الجيش كثير اللّواط بالخدم معجبا به مجترئا على الله عزوجل في ذلك ، وبلغ من أمره في اللّواط بهم أنه دخل مع خدم له الحمام ، فأراد من واحد منهم الفاحشة فامتنع الخادم واستحيا من الخدم الذين معه في الحمام ، فأمر أبو الجيش أن يدخل في دبره يد كرنيب (٤) غليظ مدور ففعل ذلك به ، فما زال الخادم يضطرب ويصيح في الحمام حتى

__________________

(١) سفاتج جمع سفتجة ، وهو أن يعطي مالا لآخر وللآخذ مال في بلد المعطي فيوفيه إياه هناك ، فيأمن خطر الطريق.

(٢) انظر النجوم الزاهرة ٣ / ٥٣.

(٣) ترجمته في سير الأعلام ١٥ / ٥٣٤.

(٤) على هامش الأصل : «ذنب ورق الكرنب».

والكرنب بالضم : السلق ، أو نوع منه أحلى وأغض من القنبيط ، والبري منه مر (قاموس).

وفي النجوم الزاهرة ٣ / ٦٤ فأمر أن يضرب ، فلم يزل يصبح حتى مات في الحمام.

٤٨

مات ، فبغضه سائر الخدم وشنفوه (١) وتبرموا (٢) به واستقبحوا ما كان يفعله بهم وأنفوا من ذلك ، فاستفتوا العلماء في حدّ اللوطي فقالوا : حدّه القتل ، فتواطأ على قتله بعد الفتيا جماعة من خدمه فقتلوه ليلة الأحد لليلتين بقيتا إلى العيد من ذي الحجة (٣) سنة اثنتين وثمانين ومائتين في قصره بدير المرّان (٤) خارج مدينة دمشق ، وهربوا على طريق البرية على أن يوافوا بغداد فخرج خلفهم طغج بن جفّ فأخذهم وأدخلهم إلى دمشق مشهورين (٥) وذهب بهم إلى طريق دير المرّان طريق القصر فضرب أعناقهم وصلبهم بالقرب من قصر أبي الجيش.

وذكر أبو جعفر محمّد بن الأزهر البغدادي غير هذا ، حكى : أن إبراهيم بن أحمد المادرائي أتى مدينة السلام مقبلا من دمشق على طريق البرية فأعلم السلطان أن أبا الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون اتّهم خادما له من خواصّ خدمه بجارية له وأنه تهدده وتواعده أن يقتله فلما حذر الخادم على نفسه استغوى جماعة من الخدم الخاصة وحضّهم على قتله ، فأجمعوا على ذلك في ليلتهم وشرب خمارويه ذلك اليوم شربا كثيرا فاحتملوه وأدخلوه بيت مرقده ، فلما كان في الليل ذبحوه ذبحا ، وأصبح أهل الدار فلم يروا حركته ولا رأوه يقوم في وقته ففتشوا عن أمره فأصابوه مذبوحا فجاءوا بجيش ابنه فوقفوه عليه وقرّر الخدم فأقرّوا بذلك فضرب أعناقهم وصلبهم ودعا الجند والموالي إلى بيعته فبايعوه (٦) وانصرف من دمشق إلى مصر (٧).

وقال أحمد بن الخير : إن أبا الجيش حمل في تابوت من دمشق إلى مصر ، ودفن

__________________

(١) شنف له أبغضه وتنكره (القاموس).

(٢) أي ضجروا منه وملّوه (انظر القاموس).

(٣) في النجوم الزاهرة : ذبحوه في منتصف ذي الحجة ، وقيل : لثلاث خلون منه.

(٤) موضع قرب دمشق على تل مشرف على مزارع ورياض.

(٥) وكانوا نيّفا وعشرين خادما كما في النجوم الزاهرة.

(٦) كان جيش أكبر ولد خمارويه ، وهو صبي لم يؤدبه الزمان ، ولا محنه التجارب والعرفان.

وكانت بيعته ـ كما في النجوم الزاهرة ـ في يوم سابع عشر ذي القعدة سنة ٢٨٢ فأقام أياما بدمشق ثم عاد إلى مصر.

(٧) وقيل في قتله أنه قتل على فراشه ، ذبحه جواريه وخدمه (رواية أخرى في النجوم الزاهرة ٣ / ٦٤) وقيل في قتله رواية أخرى (انظر الكامل لابن الأثير ٧ / ٢٤٧٥.

٤٩

إلى جانب قبر أبيه أحمد بن طولون ، وذكر غيره أن (١) أبا الجيش قتل ليلة الأحد لليلتين بقيتا من ذي القعدة سنة اثنتين وثمانين ومائتين بدمشق ، قتله خدمه طاهر ، ولؤلؤ ، وناشئ ، وشابور ، ومحافظ ، ونظيف فقتلوا جميعا.

قرأت على أبي محمّد السلمي ، عن أبي محمّد التميمي ، أنا أبو الحسن مكي بن محمّد ، أنا أبو سليمان الربعي ، قال : وفيها ـ يعني سنة اثنتين وثمانين ومائتين ـ قتل أبو الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون بدمشق آخر ذي القعدة.

أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا عبد العزيز الكتاني ، نا أبو نصر بن الجبّان ، نا عبد الوهاب بن الحسن ، عن أبيه ، قال : لحقنا غلاء في بعض السنين ، قال : فخرجت إلى حمص أشتري لأهلي قوتا ، فأتيت حمص فنزلت بها ودخلت جامعها ، فإذا رجل مؤذن قد عرفني وأضافني عنده في المأذنة وكانت ليلة مقمرة ، قال : فلما كان وقت السحر الأول قام يؤذن ، فانتبهت فقمت ، فأشرفت من المأذنة فإذا بكلب قد أقبل إلى كلب عند المأذنة فقام إليه فقال له : من أين جئت قال : من دمشق الساعة قال له : وما رأيت فيها؟ قال : الساعة قتل أبو الجيش بن طولون ، قال : ومن قتله؟ قال : بعض غلمانه ، قال : فقلت للمؤذن : ألا تسمع ما أسمع؟ قال : نعم ، وأصبحنا ، قال : فورّخت ذلك اليوم عندي ، ثم إني سرت إلى دمشق فوجدت الخبر صحيحا وأنه قتل في تلك الساعة التي حدّث بها الكلب.

قرأت بخط أبي الفرج غيث بن علي فيما حكاه على غالب ظنه ، عن أبي أحمد بن بكر الطّبراني ، قال : سمعت عبد المنعم بن عبد الملك يذكر عن بعض من حدّثه : أن أبا الجيش بن طولون لما مات دفنوه بحوران (٢) ، وأراه قال قريبا من قبر أبي عبيد البسري (٣) ، وأنه رئي (٤) بعد ذلك في المنام فقيل له : ما فعل الله بك؟ قال : غفر لي ورحمني ، فقيل له : بما ذا؟ فقال : عادت عليّ بركة مجاورة قبر أبي عبيد البسري.

__________________

(١) سقطت من الأصل وكتبت فوق السطر.

(٢) كورة واسعة من أعمال دمشق من جهة القبلة ، ذات قرى كثيرة ومزارع وحرار (ياقوت).

(٣) في النجوم الزاهرة ٣ / ٦٤ «أبي عبيدة البراني» وبحاشيته : أبي عبيد التستري.

(٤) النجوم الزاهرة : رآه بعض أصحابه في المنام.

٥٠

[من اسمه] خمخام

٢٠٢٥ ـ خمخام الراسبي

بعثه معاوية من دمشق إلى العراق ليأتيه بيزيد بن ربيعة بن مقرح الحمري (١) من جيش ابن زياد بالعراق ، له ذكر في خبر ، ويقال حمحام بالحاء ، ويقال إن الذي بعثه يزيد بن معاوية ، فالله أعلم.

[من اسمه] خنّابة

٢٠٢٦ ـ خنّابة (٢) ويقال حنابة بن كعب العبشمي (٣)

أحد الشعراء المعمرين دخل على معاوية وأنشده من شعره.

قرأت على أبي محمّد عبد الكريم بن حمزة ، عن أبي بكر الخطيب ، أنا أبو منصور محمّد بن علي بن إسحاق الكاتب ، خازن دار العلم ، أنا أبو بكر أحمد بن بشر بن سعيد الخرقي ، نا أبو روق أحمد بن محمّد بن بكر الهزّاني ، نا أبو حاتم السجستاني (٤) ، قال :

__________________

(١) كذا بالأصل «ربيعة بن مقرح الحمري»؟ وفي م : «بن مفرع الحميري».

(٢) ضبطت بخاء معجمة مكسورة ونون ثقيلة عن التبصير ١ / ٣٩٥.

(٣) ترجمته في تبصير المنتبه ١ / ٣٩٥ الإصابة ١ / ٤٦٣.

(٤) الأصل : «السختياني» والمثبت عن الإصابة وم. واسمه سهل بن محمّد بن عثمان انظر ترجمته في سير الأعلام ١٢ / ٢٦٨.

٥١

ذكر العمري ، حدّثني عطاء بن مصعب ، عن الزّبرقان ، قال عطاء : سمعته أنا وخلف الأحمر عنه قال : دخل خنّابة بن كعب العبشمي على معاوية حين اتّسق له الأمر ببيعة يزيد ، وقد أتت لخنّابة يومئذ أربعون ومائة سنة ، فقال له معاوية : يا خنّابة كيف نفسك اليوم؟ فقال : يا أمير المؤمنين أمتعني الله بك (١) :

عليّ لسان صارم إن هززته

وركني ضعيف والفؤاد موفر

كبرت وأفنى الدهر حولي وقوتي

فلم يبق إلّا منطق ليس يهذر

وبين الحشا قلب كميّ مهذب

متى ما يرى اليوم العشنزر يصبر

أهمّ بأشياء كثير فيعيقني

مشيئة نفس أنها ليس تقدر

تلعبت الأيام بي فتركنني

أجب السنام حائرا حين أنظر

أرى الشخص كالشخص والشيخ مولع

يقول أرى والله ما ليس يبصر

وقال خنابة لابنيه حين كبر وحالا بينه وبين ماله (٢) :

ما أنا إن أحسنتما لي وحلتما

عن العهد بالغر (٣) الصغير فأجزع

جزيت من الغايات تسعين حجّة

وخمسين حتى قيل أنت المقزّع

المقزع : المسود.

قرأت على أبي محمّد السّلمي عن أبي نصر بن ماكولا ، قال (٤) : وأمّا خنّابة ـ أوله خاء معجمة مكسورة وبعدها نون مشددة مفتوحة (٥) وبعد الألف باء معجمة بواحدة ، فهو خنّابة بن كعب العبشمي شاعر من المعمرين ، أدرك معاوية وقد بلغ مائة وأربعين سنة ، ذكره أبو حاتم في المعمرين.

__________________

(١) البيتان الأول والثاني في الإصابة.

(٢) البيتان في الإصابة ١ / ٤٦٤.

(٣) الإصابة : بالفتى الصغير فأخدع.

(٤) الاكمال لابن ماكولا ٢ / ٣٧٣ ـ ٣٧٤.

(٥) هذه اللفظة سقطت من الاكمال.

٥٢

[ذكر من اسمه] خويلد

٢٠٢٧ ـ خويلد بن خالد بن محرّث (١) بن أسد (٢)

ابن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن غنم (٣)

ابن سعد بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر

أبو ذؤيب الهذلي (٤)

شاعر مجيد مخضرم وأدرك الجاهلية وقدم المدينة عند وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأسلم فحسن [إسلامه](٥) وغزا الروم في خلافة عمر بن الخطاب ، ومات ببلاد الروم (٦) ، وكان أشعر هذيل ، وكانت هذيل أشعر أحياء العرب ، روى عنه صعصعة والد الهرماس الهذلي.

أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنا شجاع بن علي ، أنا أبو عبد الله بن مندة ، أنا عبد الرّحمن بن عبد الله الدّينوري ، نا محمّد بن عمرو المكي ، نا عبد الله بن محمّد البلوي ، نا عمارة بن يزيد ، نا إبراهيم بن سعد ، نا أبو الأكارم الهذلي ، عن الهرماس بن صعصعة الهذلي ، عن أبيه ، قال : حدّثني أبو ذؤيب الشاعر قال : قدمت

__________________

(١) في معجم الأدباء : محرز بن زبيد.

(٢) الأغاني : زبيد.

(٣) أسد الغابة : تميم.

(٤) ترجمته في معجم الأدباء ١١ / ٨٣ الأغاني ٦ / ٢٦٤ بغية الطلب ٧ / ٣٣٨٦ شرح أشعار الهذليين للسكري ١ / ٣ الوافي بالوفيات ١٣ / ٤٣٧ وانظر بحاشيتها ثبتا بأسماء مصادر كثيرة ترجمت له أغنانا عن إعادتها.

(٥) زيادة عن الوافي بالوفيات ومعجم الأدباء والأغاني.

(٦) كذا وفي الأغاني : مات في غزاة أفريقيا. (وانظر الوافي ١٣ / ٤٣٩).

٥٣

المدينة ولأهلها ضجيج بالبكاء كضجيج الحجيج أهلّوا (١) جميعا بإحرام ، فقلت : مه ، فقالوا : هلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لم يزد عليه (٢).

وقد أخبرناه أبو محمّد عبد الرّحمن بن أبي الحسن بن إبراهيم ، أنا أبو الفضل أحمد بن علي بن طاهر بن الفرات ، أنا رشأ بن نظيف المقرئ ، أنا عبد الوهاب بن جعفر بن علي الميداني ، أنا أبو سليمان محمّد بن عبد الله بن أحمد بن زبر ، أنا أبي ، أنا محمّد بن عبد السلام البصري ، نا محمّد بن إسحاق المديني ، نا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، حدّثني أبي ، عن محمّد بن إسحاق ، قال : حدّثني أبو الأكارم الهذلي ، عن الهرماس بن صعصعة الهذلي ، عن أبيه أن أبا ذؤيب الشاعر الهذلي حدّثه قال : بلغنا أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عليل ، وقع ذلك إلينا عن رجل من الحي ، قدم مغتمّا ، فأوجس أهل الحي خيفة ، وأشعرنا حزنا ، فبت بليلة باتت النجوم طويلة الإباء (٣) ، لا ينجاب ديجورها (٤) ، ولا يطلع نورها ، فظللت (٥) أقاسي طولها ، وأقارن غولها (٦) ، حتى إذا كان دوين السفر (٧) وقرب السحر خفت فهتف الهاتف وهو يقول (٨) :

خطب أجلّ أناخ بالإسلام

بين النخيل ومعقد الآطام

قبض النبيّ محمّد فعيوننا

تذري الدموع عليه بالتّسجام (٩)

قال أبو ذؤيب : فوثبت من نومي فزعا ، فنظرت إلى السّماء فلم أر إلّا سعد الذابح ، فتفاءلت به ذبحا يقع في العرب ، وعلمت أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد قبض ، أو هو ميت ، فركبت ناقتي وسرت ، فلما أصبحت طلبت شيئا أزجره (١٠) فعنج لي شيهم ـ يعني القنفذ ـ قد قبض على صلّ ـ يعني الحيّة ـ فهو يلتوي عليه ، والشّيهم يقضمه حتى أكله ، فزجرت

__________________

(١) أي رفعوا أصواتهم بالتلبية.

(٢) الخبر نقله في معجم الأدباء ١١ / ٨٤.

(٣) في معجم الأدباء : الأناة.

(٤) أي لا ينكشف ديجورها.

(٥) الأصل وم : «فظلت» والمثبت عن معجم الأدباء.

(٦) معجم الأدباء : وأقارع غولها.

(٧) معجم الأدباء : السمر.

(٨) البيتان في معجم الأدباء ١١ / ٨٥.

(٩) التسجام : كثرة سيلان الدموع.

(١٠) الزجر : ضرب من التكهن.

٥٤

ذلك ، وقلت : تلوّي الصّل انفتال الناس عن الحق على القائم بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم أوّلت أكل الشّيهم إيّاه غلبة القائم على الأمر ، فحثثت ناقتي ، حتى إذا كنت بالعالية (١) زجرت الطائر ، فأخبرني بوفاته ونعب غراب سانح فنطق بمثل ذلك ، فتعوذت من شرّ ما عنّ لي في طريقي ، وقدمت المدينة ، ولأهلها ضجيج بالبكاء ، كضجيج الحجيج إذا أهلّوا بالإحرام ، فقلت : مه؟ فقيل : قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فجئت إلى المسجد فوجدته خاليا ، فأتيت بيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأصبته مرتجا ، وقد خلا به أهله ، فقلت : أين الناس؟ فقيل لي : هم في سقيفة بني ساعدة ، صاروا إلى الأنصار ، فجئت إلى السّقيفة ، فأصبت أبا بكر ، وعمر ، وأبا عبيدة بن الجرّاح ، وسالما ، وجماعة من قريش ، ورأيت الأنصار فيهم سعد بن عبادة ومعهم شعراؤهم : حسان بن ثابت ، وكعب وملأ منهم ، فأويت إلى قريش ، وتكلّمت الأنصار ، فأطالوا الخطب وأكثروا الصواب ، وتكلم أبو بكر ، فلله من رجل لا يطيل الكلام ، ويعلم مواضع فصل الخصام ، والله لتكلم بكلام لا يسمعه سامع إلّا انقاد له ، ومال إليه ، ثم تكلم بعده عمر بدون كلامه ، ومدّ يده فبايعه ، ورجع أبو بكر ، ورجعت معه.

قال أبو ذؤيب : فشهدت الصّلاة على محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وشهدت دفنه ، ولقد بايع الناس من أبي بكر رجلا (٢) حلّ قداماها ولم يركب ذناباها (٣).

وأنشد أبو ذؤيب يبكي النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٤) :

لما رأيت الناس في أحوالهم (٥)

ما بين ملحود له ومضرّح

فهناك صرت إلى الهموم ومن يبت

جار الهموم يبيت غير مروّح

كسفت لمصرعه النجوم وبدرها

وتزعزعت آطام بطن الأبطح (٦)

__________________

(١) اسم لكل ما كان من جهة نجد من المدينة ، من قراها وعمائرها إلى تهامة فهي العالية (ياقوت).

(٢) عن هامش الأصل.

(٣) انظر الخبر في أسد الغابة ٥ / ١٠٢ ـ ١٠٣ في ترجمة أبي ذؤيب.

(٤) الأبيات في شرح أشعار الهذليين للسكري ٣ / ١٣٠٧ فيما نسب لأبي ذؤيب من السفر. وسقطت من ديوان الهذليين.

وأسد الغابة ٥ / ١٠٣ ـ ١٠٤ والاستيعاب ٤ / ١٦٥٠.

(٥) أسد الغابة وشرح الأشعار : عسلاتهم.

(٦) الآطام جمع أطم وهي الأبنية المرتفعة كالحصون. والأبطح : المسيل الواضح.

٥٥

وتحركت (١) أكام يثرب كلها

ونخيلها لحلول خطب مفدح

ولقد زجرت الطير قبل وفاته

بمصابه وزجرت سعد الأذبح (٢)

وزجرت (٣) إذ لقب المشحّج سانحا

متفائلا فيه بفأل أقبح

قال : ثم انصرف أبو ذؤيب إلى باديته فأقام بها.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو محمّد عبد الوهّاب بن علي بن عبد الوهاب بن السّكري البزاز ـ إجازة ـ أنا أبو الحسن علي بن عبد العزيز الطاهري ـ قراءة ـ أنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن محمّد بن سلام بن راشد الختّلي ، أنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي ، نا أبو عبد الله محمّد بن سلام بن عبيد الله بن زياد الجمحي ، قال في الطبقة الثالثة من شعراء الجاهلية (٤) : أبو ذؤيب الهذلي ـ وهو خويلد بن خالد بن محرّث بن ربيعة بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن غنم بن سعد بن هذيل.

أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنا شجاع بن علي ، أنا أبو عبد الله بن مندة قال : أبو ذؤيب الهذلي الشاعر روى عنه صعصعة الهذلي.

أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا قالوا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزّبير بن بكّار ، حدّثني حمزة بن عتبة بن إبراهيم اللهبي ، قال : صحب أبو ذؤيب الهذلي عبد الله بن الزبير في غزاة أفريقية ، فأعجب أبو ذؤيب ما رأى من شجاعة عبد الله بن الزبير وصلابته وشدته ، فقال يذكره (٥) :

__________________

(١) شرح الأشعار وأسد الغابة : وتزعزعت أجبال.

(٢) سعد الذابح منزل من منازل القمر ، وهما كوكبان نيران بينهما مقدار ذراع ، وفي نحر أحدهما نجم صغير ، لقربه منه كأنه يذبحه ، فسمي لذلك ذابحا.

(٣) البيت سقط من شرح أشعار الهذليين ، وصدره في أسد الغابة :

وزجرت أن نعب المشحج سانحا

(٤) طبقات الشعر لمحمّد بن سلام الجمحي ص ٥٥.

(٥) الخبر باختلاف الرواية في الأغاني ٦ / ٢٦٥ ـ ٢٦٦ دون ذكر الشعر ، والخبر والأبيات في شرح أشعار الهذليين ١ / ١٩٦ وما بعدها.

٥٦

فأمّا تحبين أن تهجري (١)

وتنأى نواك وكانت طروحا

وأمّا تحبين (٢) أن تهجري

وتستبدلي بدلا أو نصيحا

فصاحب صدق كسيّد الضّرا

ء ينهض في الغزو نهضا نجيحا

يريع الغزاة فما أن يزال

مضطبرا طرفاه طليحا (٣)

وشيك الفضول بعيد القفول

إلّا مشاحا به أو مشيحا

قد أبقى لك الأين (٤) من جسمه

نواشر سيد ووجها صبيحا

أربت لصحبته (٥) فانطلقت

أزجي لحبّ اللقاء السنيحا

أخبرنا أبو محمّد بن طاوس ، أنا رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد الواحد التميمي ، أنا أبو الفرج أحمد بن محمّد بن عمر بن الحسن بن المسلمة ـ إملاء ـ أنا أبو عبد الله الحسين بن محمّد بن عبيد العسكري ، أنا أبو عبد الله محمّد بن العباس اليزيدي قال : قال أبو الفضل العبّاس بن الفرج : قال الأصمعي : أبرع بيت قالته العرب قول أبي ذؤيب (٦) :

والنفس راغبة إذا رغّبتها

وإذا تردّ إلى قليل تقنع

وأخبرناه أبو محمّد عبد الرّحمن بن أبي الحسن ، أنا سهل بن بشر ، أنا عبد الوهاب بن الحسن ، أنا الحسين بن محمّد بن عبيد ، نا محمّد بن العبّاس اليزيدي قال : قال أبو الفضل الرياشي : قال الأصمعي : أبرع بيت قالته العرب قول أبي ذؤيب :

والنفس راغبة إذا رغّبتها

وإذا تردّ إلى قليل تقنع

__________________

(١) صدره في شرح أشعار الهذليين :

فإما يحينن أن تصرمي

(٢) شرح أشعار الهذليين : واما يحينن ... خلفا أو نصيحا.

(٣) شرح أشعار الهذليين :

مضطمرا طرتاه طليحا

(٤) الأين : الإعياء ، وفي شرح أشعار الهذليين : الغزو.

والنواشر : عصب باطن الذراع. والسيد : الذئب.

(٥) شرح أشعار الهذليين : «لإربته» والسنيح ما يسنح له فيتشاءم به إذا مرت به طير لم يلتفت إليها.

(٦) البيت في شرح أشعار الهذليين ١ / ١١ من قصيدة طويلة.

يقول النفس تسمو ورغبتها في كثرة المال فإذا جعلت تعطي النفس حاجتها رغبت ، وإذا لم تخلّ النفس وما تريد ، ارتدت ورضيت وقنعت.

٥٧

أخبرناه أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا رشأ بن نظيف الشاهد ، أنا الحسن بن إسماعيل الضراب ، أنا أحمد بن مروان الدّينوري ، نا إبراهيم الحربي ، نا الرياشي قال : سمعت الأصمعي يقول : أبرع بيت قالته العرب بيت أبي ذؤيب :

والنفس راغبة إذا رغّبتها

وإذا تردّ إلى قليل تقنع

وأحسن ما قيل في الاستعفاف :

من يسأل الناس يحرموه

وسائل الله لا يخيب (١)

وأحسن ما قيل في حفظ المال قول المتلمّس :

قليل المال تصلحه فيبقى

ولا يبقى الكثير مع الفساد (٢)

وأحسن ما قيل في الكبر :

أرى بصري قد رابني بعد صحّة

وحسبك داء أن يصحّ وتسلما (٣)

وأحسن مرثية قول أوس بن حجر الكندي :

أيتها النفس أجملي جزعا

إن الذي تحذرين قد وقعا (٤)

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، أنا أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد ، أنا جدي أبو بكر ، أنا أبو محمّد بن زبر ، نا الحسن بن عليل ، أنشدنا الرياشي ، أنشدنا الأصمعي لأبي ذؤيب الهذلي :

والعين (٥) ساهمة كأنّ حداقها

سملت بشرّك فهي عور تدمع

لم يزد على هذا.

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم ، عن رشأ بن نظيف ، أنا أبو الفتح إبراهيم البغدادي ، أنا أبو بكر محمّد بن القاسم بن الأنباري ،

__________________

(١) البيت لعبيد بن الأبرص ، ديوانه ط بيروت ص ٢٦ وفيه : من يسل.

(٢) البيت في الأغاني ٢١ / ٢٠٩ وبرواية مختلفة في الشعر والشعراء ص ٨٨ وصدره فيه :

وإصلاح القليل يزيد فيه

(٣) نسبه بحواشي مختصر ابن منظور ٨ / ٩٤ لحميد بن ثور.

(٤) ديوانه ط بيروت ص ٥٣.

(٥) البيت في شرح أشعار الهذليين ١ / ٩ برواية : فالعين بعدهم .. سملت بشوك.

٥٨

أنشدني أبو العبّاس أحمد بن يحيى ثعلب لأبي ذؤيب الهذلي يرثي بنين له ماتوا (١) :

وإذا المنية أنشبت أظفارها

ألفيت كلّ تميمة لا تنفع

فالعين بعدهم كأنّ حداقها

سملت بشوك (٢) فهي عور تدمع

وتجلّدي للشامتين أريهم

أنّي لريب الدّهر لا أتضعضع

حتى كأني للحوادث مروة

بصفا المشرّق كلّ يوم تقرع

والنفس راغبة إذا رغّبتها

وإذا تردّ إلى قليل تقنع

قال أبو العباس : المشرّق : نحو مسجد الخيف (٣) ، والمرو : الحجارة (٤).

أخبرنا أبو غالب أحمد ، وأبو عبد الله يحيى ابنا البنّا ، قالا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أحمد بن سليمان الطوسي ، نا الزّبير بن بكّار ، حدّثني محمّد بن الضحاك بن عثمان الحرّاني ، عن أبيه قال : يقول ابن الزبير : قال أبو ذؤيب الهذلي (٥) :

وعيّرها الواشون أنّي أحبّها

وتلك شكاة ظاهر عنك عارها

فإن أعتذر منها فإنّي مكذّب

وإن تعتذر يردد عليها اعتذارها

أخبرنا أبو محمّد بن طاوس ، أنا أبو الغنائم بن أبي عثمان ، أنا أبو الحسن بن رزقويه ، نا أبو الحسن عبد الله بن عمر بن يعقوب الهروي ، نا جعفر بن أحمد بن عاصم الدمشقي ، نا هشام بن عمّار ، نا عثمان بن عبد الرّحمن الجزري ، نا عبيد الله بن العبّاس ، عن جويبر بن سعيد الأزدي ، عن الضحاك بن مزاحم في حديث سؤال نافع بن الأزرق لابن عباس ، قال : ـ يعني ابن عباس ـ أما سمعته ـ يقول : أبو ذؤيب الهذلي ـ وهو يقول (٦) :

كأن النصل والفوقين منه

خلال الريش سيط به المشيح (٧)

__________________

(١) من قصيدة طويلة رثى بنيه الخمسة في عام واحد ، أصابهم الطاعون شرح أشعار الهذليين ١ / ٨.

(٢) عن شرح أشعار الهذليين وبالأصل «بشرك».

(٣) وقيل : المشرق سوق الطائف.

(٤) في شرح أشعار الهذليين : الحجارة البيض.

(٥) البيتان في شرح أشعار الهذليين ١ / ٧٠ ـ ٧١ ومعجم الأدباء ١١ / ٨٩.

(٦) البيتان في شرح أشعار الهذليين ٣ / ١٣٠٧ فيما نسب إلى أبي ذؤيب وقافيته محرفة عمّا هنا.

(٧) شرح أشعار الهذليين : مشيج.

٥٩

فجالت فالتمست به حشاها

وخر كأنه خوط مريح (١)

قرأت في كتاب أبي الفرج علي بن الحسين بن محمّد (٢) ، أخبرني محمّد بن الحسن بن دريد ، نا السّكن بن سعيد ، نا العباس بن هشام ، حدّثني أبو عمرو عبد الله بن الحارث الهذلي ، من أهل المدينة ، قال : خرج أبو ذؤيب مع أبيه وابن أخ له ، يقال له أبو عبيد حتى قدموا على عمر بن الخطاب ، فقال له : أي العمل أفضل يا أمير المؤمنين؟ قال : الإيمان بالله وبرسوله ، قال : قد فعلت ، فأيّه أفضل بعده؟ قال : الجهاد في سبيل الله ، قال : ذلك كان عملي (٣) ولا أرجو جنة ولا أخاف نارا ، ثم خرج فغزا الروم مع المسلمين ، فلما قفلوا أخذه الموت (٤) ، فأراد ابنه وابن أخيه أن يتخلفا عنه جميعا فمنعهما صاحب السّاقة (٥) ، وقال ليتخلف عليه أحدكما ، وليعلم أنه مقتول ، فاتكلا بينهما من يتخلف عليه ، فقال لهما أبو ذؤيب : اقرعا ، فطارت القرعة لأبي عبيد فتخلف عليه ومضى ابنه مع الناس ، فكان ابن أخيه يحدّث قال : قال لي أبو ذؤيب : يا أبا عبيد ، احفر ذاك الجرف برمحك ، ثم اعضد من الشجر بسيفك واجررني إلى هذا النهر ، فإنك لا تفرغ حتى أفرغ ، فاغسلني وكفّني بكفني ، ثم اجعلني في حفيرتك ، وانثل (٦) عليّ الجرف برمحك ، وألق عليّ الغصون والحجارة ، ثم اتبع الناس ، فإن لهم رهجة (٧) تراها في الأفق إذا أمسيت كأنّها جهامة (٨) ، قال : فما أخطأ مما قال شيئا ، ولو لا نعته لم أهتد لأثر الجيش ، وقال وهو يجود بنفسه (٩) :

أبا عبيد وقع (١٠) الكتاب

واقترب الموعود (١١) والحساب

__________________

(١) لم يرد إلّا العجز في شرح الأشعار وقافيته : مريج.

(٢) الخبر في الأغاني ٦ / ٢٧٨ ـ ٢٧٩.

(٣) الأغاني : عليّ.

(٤) وقيل في موته أنه : مات في غزوة أفريقيا في أيام عثمان بن عفّان.

(٥) أي صاحب مؤخرة الجيش.

(٦) كذا بالأصل والأغاني.

(٧) الرهجة : ما أثير من الغبار.

(٨) الجهامة : السحابة لا ماء فيها.

(٩) البيتان في الأغاني ٦ / ٢٧٩ ومعجم الأدباء ١١ / ٨٩.

(١٠) الأغاني : وقع.

(١١) الأغاني : «الموعد» ، معجم الأدباء : «الوعيد».

٦٠