تاريخ مدينة دمشق - ج ١٧

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ١٧

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٠
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

أبو محمّد بن أبي حاتم (١) ، نا علي بن الحسن الهسنجاني (٢) ، قال : سمعت أحمد بن صالح يقول : درّاج مصري ولا يعرف اسم أبيه ، قال أبو رجاء : وحدّثنا حسين (٣) بن عبد العزيز الجروي (٤) ، نا أبو حفص ـ يعني عمرو بن أبي سلمة ـ ، قال : سمعت منذر (٥) بن يونس التّنّيسي يقول : سمعت درّاج مولى عمرو بن العاص يقول في قصصه.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأ عمر بن عبيد الله بن عمر ، أنبأ عبد الواحد بن محمّد بن عثمان ، أنا الحسن بن محمّد بن إسحاق ، نا إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل ، قال : سمعت علي بن المديني يقول : أبو السّمح درّاج ، وأبو الهيثم ـ معروف بالرواية عن أبي سعيد الخدري ـ واسمه سليمان بن عمرو بن عبد العتواري والعتواريون فخذ (٦) من كنانة من بني كعب.

أنبأنا أبو الغنائم الكوفي ، ثم حدّثنا أبو الفضل البغدادي ، أنبأ أبو الفضل ، وأبو الحسن ، وأبو الغنائم ـ واللفظ له قالوا : أنا عبد الوهاب بن محمّد زاد أبو الفضل : ومحمّد بن الحسن ، قالا : ـ أنبأ أحمد بن عبدان ، أنا محمّد بن سهل ، أنبأ محمّد بن إسماعيل ، قال (٧) : درّاج أبو السّمح المصري سمع عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي ، وأبا الهيثم وابن حجيرة ، ويقال اسمه عبد الرّحمن.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن العباس ، أنا أبو بكر أحمد بن منصور ، أنبأ أبو سعيد بن حمدون ، أنبأ مكي بن عبدان ، قال : سمعت مسلم بن الحجّاج يقول : أبو السّمح درّاج واسمه عبد الرّحمن ، عن أبي الهيثم ، روى عنه عمرو بن الحارث ، وسالم بن غيلان.

قرأت على أبي الفضل السّلامي ، عن أبي الفضل التميمي ، أنا أبو نصر الوائلي ، نا

__________________

(١) الجرح والتعديل ١ / ٢ / ٤٤٢.

(٢) الأصل وم : «الهسيجاني» والصواب ما أثبت ، ضبطت عن الأنساب نسبة إلى هسنجان قرية من قرى الريّ يقال لها هسنكان.

(٣) الجرح : الحسن.

(٤) بالأصل وم «الحروى» والمثبت عن الجرح والتعديل.

(٥) قوله : «بن يونس» عن الجرح وبالأصل رسمها مضطرب.

(٦) مهملة بالأصل ولعل الصواب ما أثبتناه وسقطت اللفظة من م.

(٧) التاريخ الكبير ٢ / ١ / ٢٥٦.

٢٢١

الخصيب بن عبد الله ، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرّحمن ، أخبرني أبي ، قال : أبو السّمح درّاج مصري ليس بالقوي ، وقيل اسمه عبد الرّحمن (١).

أخبرنا أبو الفضل بن ناصر ، أنا أبو طاهر أحمد بن علي الدقاق ، وأبو الحسين المبارك (٢) بن عبد الجبار ، قالا : أنا أبو الفرج الطناجيري ، نا محمّد بن إبراهيم التميمي ، نا عبد الملك بن بدر بن الهيثم ، نا أحمد بن هارون بن روح البرديجي الحافظ ، قال في الطبقة الثالثة من الأسماء المنفردة (٣) : درّاج وعبد (٤) الرّحمن روى عنه عمرو بن الحارث وابن لهيعة مصري.

قرأنا على أبي الفضل ، عن أبي طاهر الأنباري ، أنا أبو القاسم الصّوّاف ، أنا أبو بكر المهندس ، أنا أبو بشر الدولابي ، قال أبو السّمح درّاج ، ويقال أيضا اسمه عبد الرّحمن.

كتاب إليّ أبو جعفر الهمداني ، أنا أبو بكر الصفار ، أنا أحمد بن علي الأصبهاني ، أنا الحاكم أبو أحمد ، قال : أبو السّمح درّاج ، واسمه عبد الرّحمن يعد في المصريين ، سمع عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي ، وسليمان بن عمرو ، أبا الهيثم العتواري ، روى عنه أبو أمية عمرو بن الحارث بن يعقوب الأنصاري ، وسالم بن غيلان الحسني.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا إسماعيل بن مسعدة ، أنا حمزة بن يوسف ، أنبأ أبو أحمد بن عدي (٥) ، قال : درّاج ، يقال هو ابن سمعان أبو السّمح المصري ، سمع عبد الله بن الحارث بن جزء (٦) ، وأبا الهيثم وابن حجيرة ، روى عنه عمرو بن الحارث ، هكذا ذكره البخاري.

كتب إليّ أبو الفضل أحمد بن محمّد بن سليم ، وأبو محمّد حمزة بن العباس ، ثم حدّثني أبو بكر اللفتواني ، أنا أبو الفضل بن سليم ، قالا : أنا أبو بكر أحمد بن الفضل ،

__________________

(١) تهذيب التهذيب ٢ / ١٢٤.

(٢) الأصل «المنزل» خطأ ، والصواب ما أثبت انظر ترجمته في سير الأعلام ١٩ / ٢١٣.

(٣) الأصل : المتفردة والمثبت عن م.

(٤) كذا. ولعل الصواب بحذف الواو. باعتبار ما سبق من أنه يقال أن اسمه أيضا عبد الرحمن ، وفي م : رواح بن عبد الرحمن.

(٥) الكامل في ضعفاء الرجال ٣ / ١١٢.

(٦) بالأصل «جر» والمثبت عن ابن عدي.

٢٢٢

أنا أبو عبد الله بن مندة ، قالا : أنا أبو سعيد بن يونس ، حدّثني إسماعيل بن داود بن وردان ، نا هارون بن سعيد ، نا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، عن درّاج ، قال : رأيت عبد الله بن عمرو بن العاص كره الزينة.

قال : وأنا ابن يونس حدّثني أبي عن جدي ، نا ابن وهب ، قال : سمعت خلّاد بن سليمان الحضرمي يقول : سمعت درّاجا أبا السّمح يقول : أدركت زمانا إذا سمعنا بالرجل قد جمع القرآن حججنا إليه ، فنظرنا إليه.

أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر ، أنبأ أبو صالح أحمد بن عبد الملك ، أنا أبو الحسن بن السّقّا ، ثنا أبو العباس الأصم ، قال : سمعت عباس بن محمّد يقول : سمعت يحيى بن معين يسأل عن حديث درّاج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، قال : ما كان هكذا بهذا الإسناد فليس به بأس ، فقلت له : إن دراجا يحدث عن أبي الهيثم عن أبي سعيد ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «أصدق الرؤيا بالأسحار» ، ويروى أيضا «اذكروا الله حتى يقولوا مجنون» [٤١٢٢] ، فقال : هما ثقة ، درّاج وأبو الهيثم ، قال يحيى : وقد روى بعض هذه الأحاديث عن عمرو بن الحارث ، فقلت ليحيى : درّاج من هو؟ قال : مصري ، وهو أبو السّمح ، قلت ليحيى : أبو الهيثم من هو؟ قال : مصري ، واسمه سليمان بن عمرو (١).

أخبرنا أبو القاسم الواسطي ، نا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو بكر الأشناني ، قال : سمعت أبا الحسن بن عبدوس يقول : سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول : قلت ليحيى بن معين : فدرّاج أبو السّمح فقال : ثقة.

قال أبو سعيد : درّاج ومشرح بن هاعان ليسا بكلّ ذاك ، وهما صدوقان (٢).

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا محمّد بن المظفر بن بكران ، أنبأ أبو الحسن العتيقي ، أنبأ يوسف بن أحمد بن يوسف ، نا محمّد بن عمرو العقيلي (٣) ، نا عبد الله بن أحمد ، قال : سمعت أبي يقول : درّاج أبو السّمح أحاديثه أحاديث مناكير.

__________________

(١) الخبر نقله ابن عدي في كامله ٣ / ١١٣ من طريق عبد الرحمن بن أبي بكر عن عباس.

(٢) الخبر في تهذيب التهذيب ٢ / ١٢٤ وابن عدي ٣ / ١١٢ ـ ١١٣.

(٣) كتاب الضعفاء الكبير ٢ / ٤٣.

٢٢٣

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنبأ إسماعيل بن مسعدة ، أنا حمزة بن يوسف ، أنبأ أبو أحمد بن عدي (١) ، نا ابن أبي عصمة ، نا أحمد بن أبي يحيى ، قال : سمعت أحمد بن حنبل يقول : أحاديث درّاج عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد فيها ضعف.

في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الخلال ، أنا أبو القاسم ، أنا حمد إجازة ح ، قال : وأنا أبو طاهر ، أنا علي ، قالا : أنبأ أبو محمّد بن أبي حاتم ، قال (٢) : سمعت أبي يقول : درّاج في حديثه صنعة.

أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفرضي ، وأبو يعلى حمزة بن علي البزار ، قالا : أنا أبو الفرج سهل بن بشر (٣) ، أنبأ أبو الحسن بن منير ، أنبأ الحسن بن رشيق ، نا أبو عبد الرّحمن النّسائي ، قال : درّاج أبو السّمح ليس بالقوي.

أخبرنا أبو القاسم ، أنا أبو القاسم ، أنا أبو القاسم ، أنا أبو أحمد ، قال (٤) : سمعت ابن حمّاد يقول : درّاج أبو السّمح منكر الحديث. قاله (٥) أحمد بن شعيب النّسائي.

قال : وأنا أبو أحمد ، قال (٦) : سمعت محمّد بن حمدان (٧) بن سفيان الطائفي يقول : سمعت فضلك الرازي وذكر له قول يحيى بن معين في درّاج أنه ثقة ، فقال فضلك : ما هو بثقة ولا كرامة له.

كذا قال : وهو الطرائفي.

أنبأنا أبو المظفّر بن القشيري وغيره ، عن أبي بكر البيهقي ، أنبأ أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو الحسن الدارقطني ، قال : درّاج أبو السّمح ضعيف (٨).

أخبرنا أبو عبد الله البلخي ، أنبأ محمّد بن الحسين بن عبد الله ، أنبأ أبو بكر

__________________

(١) الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي ٣ / ١١٢.

(٢) الجرح والتعديل ١ / ٢ / ٤٤٢.

(٣) بالأصل : «بسر» والصواب ما أثبت ، انظر ترجمته في سير الأعلام ١٩ / ١٦٢.

(٤) الكامل لابن عدي ٣ / ١١٢.

(٥) الأصل : «قال» والمثبت عن ابن عدي.

(٦) الكامل لابن عدي ٣ / ١١٣.

(٧) في ابن عدي : أحمد.

(٨) تهذيب التهذيب ٢ / ١٢٤.

٢٢٤

البرقاني قال : قال أبو الحسن الدارقطني : درّاج أبو السّمح هو ابن سمعان مصري متروك.

أخبرنا أبو القاسم ، أنا أبو القاسم ، أنبأ أبو القاسم ، أنا أبو أحمد بن عدي ، قال (١) : وعامة الأحاديث التي أمليتها مما لا يتابع درّاج عليه ، وفيها ما قد روي عن غيره ، ومن غير هذا الطريق ولدرّاج عن ابن جزء وأبي الهيثم ، وابن حجيرة غير ما ذكرت. من الحديث ، ويروي عن درّاج عمرو بن الحارث وابن لهيعة ، وحيوة بن شريح وغيرهم ، ومما ينكر من أحاديثه بعض ما ذكرت ، وهو قوله : «أصدق الرؤيا بالأسحار» ، و «الشتاء ربيع المؤمن» ، و «السّباع حرام» (٢) ، و «أكثروا من ذكر الله حتى يقال مجنون» ، وقد روي عنه بهذا الإسناد أيضا : «لا حليم إلّا ذو عثرة» ، عن عمرو ، عن درّاج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، يرويه عن ابن وهب الغرباء ، وسائر أخبار درّاج غير ما ذكرت من هذه الأحاديث يتابعه الناس عليها وأرجو إذا أخرجت درّاجا وبرّأته من (٣) هذه الأحاديث التي أنكرت عليه أن سائر أحاديثه لا بأس بها ، ويقرب (٤) صورته مما قال فيه يحيى بن معين.

أنبأنا أبو محمّد حمزة بن العباس العلوي ، وأبو الفضل بن سليم ، وحدّثني أبو بكر اللفتواني ، أنبأ أبو الفضل ، قالا : أنا أبو الفضل ، قالا : أنا أبو بكر أحمد بن الفضل ، أنبأ أبو عبد الله بن مندة ، قال : قال أنا أبو سعيد بن يونس : درّاج بن سمعان مولى عبد الله بن عمرو بن العاص ، يكنى أبا السّمح رأى عبد الله بن عمرو بن العاص ، وسمع من عبد الله بن الحارث بن جزء ، روى عنه عمرو بن الحارث والليث بن سعد ، وسالم بن غيلان ، وسعيد بن يزيد القتباني ، وعبد الله بن لهيعة ، وخلّاد بن سليمان وغيرهم ، وكان يقص بمصر ، يقال : توفي سنة ست وعشرين ومائة.

__________________

(١) الكامل لابن عدي ٣ / ١١٤.

(٢) السباع ككتاب الجماع ، والفخار بكثرته ، وفي الضعفاء للعقيلي ٢ / ٤٣ وتهذيب التهذيب : الشباع بالشين المعجمة ، وشرحها العقيلي بالمفاخرة بالجماع.

(٣) قوله : «وبرأته من» رسمت بالأصل هكذا : «وبرسن» كذا ، والمثبت عن ابن عدي.

(٤) بالأصل : «وبعرت» كذا ، والصواب عن ابن عدي.

٢٢٥

[ذكر من اسمه](١) درباس

٢٠٧٧ ـ درباس بن حبيب بن درباس بن لا حق بن معدّ (٢)

ابن ذهل ويقال درواس بن حبيب بن درواس

وفد على هشام بن عبد الملك.

أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل ، أنبأ جدي أبو محمّد مقاتل بن مطكود السّوسي ، ثنا أبو علي الأهوازي ، ثنا ح.

وأخبرنا أبو محمّد هبة الله بن أحمد بن محمّد ـ شفاها نا عبد العزيز بن أحمد ـ لفظا أنا أبو القاسم علي بن بشرى بن عبد الله العطار ، أنبأ أبو علي محمّد بن هارون بن شعيب الأنصاري ، نا محمّد بن أحمد بن رجاء ، حدّثني بدر بن عبد الله ، ثنا عبد الملك بن قريب الأصمعي ، وفي حديث هبة الله ، قال : حدّثني الأصمعي ، عن أبي عمرو بن العلاء المقرئ ، قال (٣) : سمعت عاصم بن الحدثان يحدث : أن البادية قحطت زمان هشام بن عبد الملك ، فقدمت وفود العرب من القبائل ، فجلس هشام لرؤسائهم. فدخلوا عليه وفيهم درباس (٤) بن حبيب بن لا حق بن معدّ وله أربع عشرة سنة عليه شملتان ، له ذؤابة ، فأحجم القوم وهابوا هشاما ، فوقعت عين هشام على درباس فاستصغره فقال لحاجبه : ما يشاء أحد يصل إليّ إلّا قد وصل حتى الصبيان ، فعلم درباس

__________________

(١) ما بين معكوفتين زيادة منا.

(٢) بالأصل «معبد» والمثبت عن م وانظر مختصر ابن منظور ٨ / ١٦٥ وسيأتي في الخبر التالي : صوابا.

(٣) الخبر نقله ابن حجر في الإصابة ٣ / ٣٢٤ في ترجمة لا حق بن معد بن ذهل.

(٤) في الإصابة : درواس بن حبيب بن درواس.

٢٢٦

أنه يريده فقال : يا أمير المؤمنين إن دخولي لم يضرك ولا أنقصك ولكنه شرّفني ، وإن هؤلاء قدموا لأمر فأحجموا دونه ، وإن الكلام لنشر ، وإنّ السكوت طيّ لا يعرف إلّا بنشره ، قال : فانشر لا أبا لك ، وأعجبه كلامه ، فقال : إنه أصابنا سنون (١) ثلاثة ، فسنة أكلت اللحم ، وسنة أذابت الشحم ، وسنة أنقت (٢) العظم ، وفي أيديكم فضول أموال ، فإن ، ـ وفي حديث ابن السّوسي : إن ـ كانت لله عزوجل ففرقوها على عباده وفي حديث ابن السّوسي : عباد الله ، ـ وإن كانت لهم فعلام تحبسونها عنهم؟ وإن كانت لكم فتصدقوا بها ، فإن الله عزوجل يجزي المتصدقين ، ولا يضيع أجر المحسنين ، يا أمير المؤمنين ، أشهد بالله لقد سمعت أبي حبيب بن درباس بن لا حق بن معدّ يحدث عن أبيه ، عن جده لا حق بن معدّ بن ذهل أنه وفد إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فسمعه يقول : «كلّكم راع وكلّكم مسئول عن رعيّته ، وإنّ الوالي من الرعية كالرّوح من الجسد ، لا حياة له إلّا بها» (٣) فاحفظ ما استرعاك الله عزوجل من رعيتك ، فقال هشام : سمعا لمن فهم عن الله وذكّر به ، ثم قال هشام : ما ترك الغلام في واحدة عذرا ثم أمر أن يقسم في أهل البوادي ثلاثمائة ألف ، وأمر لدرباس بمائة ألف درهم ، فقال : يا أمير المؤمنين ارددها إلى جائزة المسلمين فإني أخاف أن تعجز عن بلوغ كفايتهم ، قال : فما لك حاجة؟ قال : تقوى الله والعمل بطاعته ، قال : ثم ما ذا؟ قال : ما لي حاجة في خاصة نفسي دون عامة المسلمين [٤١٢٣].

قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف ، وأنبأنيه أبو القاسم النسيب ، وأبو الوحش المقرئ ، عنه أنبأ أبو الفتح إبراهيم بن علي بن سيبخت ، نا محمّد بن أحمد بن إبراهيم بن قريش الحكيمي ، نا عون بن محمّد ، وأبو العيناء البصري ، قالا : نا أحمد بن أبي المتوكل ، نا سعدان الكاتب الأيلي ، حدّثني عمر بن أبي بكر المؤمّلي ، عن عبد الله بن أبي عبيدة بن محمّد بن عمّار بن ياسر ، عن أبيه ، عن جده ، قال : أصاب الناس مجاعة شديدة على عهد هشام بن عبد الملك ، فأذن هشام للناس فدخل في غمارهم درواس بن وردان العجلي وعليه جبة صوف منفصلا عليها بشملة ، فلما نظر إليه

__________________

(١) كذا بالأصل وم.

(٢) الأصل : «أبقت» والصواب عن م ، ونقي العظم استخرج نقيه (اللسان) ، والنقي : المخ (القاموس).

(٣) إلى هنا ينتهي الخبر في الإصابة ، ثم قال ابن حجر : وأورده ابن عساكر لكنه قال : درياس ورأيته بخط شيخ شيخنا الحافظ العلائي بباء موحدة من تحت.

٢٢٧

هشام أنكر دخوله ، ثم نظر إلى حاجبه قال : أتدخل عليّ من شاء بغير إذن ، فعرف درواس أنه إنما عناه ، فقال : يا أمير المؤمنين ما أخلّ بك دخولي عليك ، ولا وضع من قدرك ، ولكنه شرّفني ورفع من قدري ، رأيت الناس قد دخلوا لأمر فأحجموا عنه ، فإن أذنت لي تكلّمت ، قال هشام : تكلم ، فإني أظنك صاحبهم ، قال : يا أمير المؤمنين توالت علينا سنون ثلاث فأما أولهن فأذابت الشحم ، وأما الثانية فأكلت اللحم ، وأما الثالثة فهاضت (١) العظم ونقّت المخ ، وعندك أموال ، فإن تكن لله فعد بها على عباد الله ، وإن تك لعباد الله فعلى ما تحبسونها ، وإن تكن لك فتصدق إن الله يجزي المتصدقين ، قال هشام : والله ما تركت لنا واحدة من ثلاث ، وأمر بمائة ألف دينار فقسمت في الناس وأمر له بمائة ألف درهم ، فقال : يا أمير المؤمنين ألكلّ رجل منا مثلها؟ قال : لا ، قال : لا حاجة لي فيها تبعث عليّ صدقة. فلما صار إلى منزله بعث إليه بالمائة الألف درهم ففرق درواس في تسعة أبطن من العرب حوله عشرة آلاف ، وأخذ لنفسه عشرة آلاف ، فقال هشام : إن الصنيعة عند درواس لتضعف على سائر الصنائع.

رواه أبو بكر محمّد بن جعفر الخرائطي ، عن أبي الفضل الرّبعي ، عن إسحاق بن إبراهيم ، قال : يروي عن عاصم بن الحدثان ، قال : قحطت البادية فذكر معناه وسماه درواشا.

[ذكر من اسمه](٢) درباح

٢٠٧٨ ـ درباح (٣) بن أحمد بن محمّد بن المرجّى

أبو الحسن السّلمي الشاهد

سمع أبا الحسن بن أبي الحديد ، وعبد الدائم بن الحسن بن عبيد الله ، وعلي بن الخضر بن سليمان ، والقاضي أبا المظفر عبد الجليل بن عبد الجبار المروزي الفقيه ، وقرأ عليه شيئا من الفقه ، وأبا القاسم عبد الرزاق بن عبد الله بن الفضيل.

__________________

(١) الهيص : العنف بالشيء ، ودق العنق ، (القاموس).

(٢) زيادة منا.

(٣) في مختصر ابن منظور ٨ / ١٦٦ درباج ، بالجيم.

٢٢٨

سمع منه أبو الفتيان عمر الدّهستاني ، وطاهر الحسني ، عن رغيب بن علي ، وعبد الرّحمن بن صابر.

أنبأنا أبو محمّد عبد الله بن أحمد بن عمر بن السّمرقندي ، أنبأ درباح بن أحمد بن محمّد بن مرجّى السّلمي ، أبو الحسن الدمشقي بها ، أنبأ أحمد بن محمّد بن سليمان الدمشقي ، أنا محمّد بن أحمد بن الحكم الدمشقي ، نا أحمد بن محمّد بن إسماعيل التميمي ، نا عبد الوهاب بن عبد الرحيم ، نا محمّد بن شعيب ، عن أبي مهدي ، عن أبي الزاهرية ، عن أبي شجرة أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «الإسلام ثلاثمائة وستون شريعة من أتى الله عزوجل بخصلة منها دخل الجنة» [٤١٢٤].

ومما حدث أبو الحسن درباح بن أحمد : أنبأ أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنبأ جدي محمّد بن أحمد بن عثمان السّلمي ، أنبأ أحمد بن محمّد بن إسماعيل التميمي ، نا عبد الوهاب بن عبد الرحيم الأشجعي ، نا الوليد بن مسلم ، نا الأوزاعي ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري ، حدّثني أنس بن مالك قال : ما صلّيت خلف إمام قط أخف ولا أتم من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

[حدّثنا](١) بالحديثين معا أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور ، وعلي بن المسلّم الفقيهان ، قالا : أنا أبو الحسن بن أبي الحديد فذكراهما.

سألت فرقد بن درباح عن وفاة أبيه في سنة أربع وثلاثين وخمسمائة ، فقال : توفي منذ أربع وثلاثين سنة ، فقلت له : في سنة خمسمائة؟ فقال : نعم ، ثم وجدت فيما ذكر أبو محمّد بن الأكفاني : أن درباح بن محمّد المرجّى الوراق توفي في يوم الأحد النصف من ذي الحجة سنة ست وتسعين وأربع مائة بدمشق. وهكذا ذكر أبو محمّد بن صابر في وفاته.

__________________

(١) ما بين معكوفتين مكانه بياض بالأصل ، والمثبت عن م ، باعتبار أن ابن عساكر سمع من أبي الحسن علي بن أحمد بن منصور ، انظر مطبوعة ابن عساكر (٧ / ٤٣١).

٢٢٩

[ذكر من اسمه](١) درع

٢٠٧٩ ـ درع بن عبد الله

أبو الحسن (٢) الزهري

حدّث عن : أبي القاسم علي بن عبد الله المقرئ الإمام.

روى عنه : علي بن محمّد الحنّائي.

قرأت بخط أبي الحسن الحنّائي ، أنا أبو الخير درع بن عبد الله الزهري ، أنا أبو القاسم علي بن عبد الله المقرئ الإمام ، نا خيثمة بن سليمان. أخبرنا العباس بن الوليد ، أنا محمّد بن شعيب ح.

وأخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة ، نا عبد العزيز بن أحمد ، أنبأ أبو محمّد بن أبي نصر ، أنا خيثمة بن سليمان ، نا عباس ، أنبأ ابن شعيب ، أنا شيبان بن عبد الرّحمن التميمي ، نا الحسين بن دينار ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عروة بن الزبير أن رجلا قال : سألت عائشة عن الرجل يقبّل امرأته أيعيد الوضوء؟ فقالت : قد كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقبّل بعض نسائه ثم لا يعيد الوضوء ، قال : فقلت لها لأن كان ذلك ما كان إلّا منك؟ قال : فسكتت.

أبو القاسم هذا أظنه علي بن بشرى بن عبد الله العطار ، نسبه الجياني إلى جده عبد الله تدليسا له لنزول الحديث ، والله أعلم.

__________________

(١) ما بين معكوفتين زيادة منا.

(٢) كذا بالأصل هنا ، وفي مختصر ابن منظور ٨ / ١٦٧ «أبو الخير» وسيأتي في الخبر التالي «أبو الخير» وفي م : أبو الحبر.

٢٣٠

[ذكر من اسمه](١) درهم

٢٠٨٠ ـ درهم

مولى عمر بن عبد العزيز.

روى عن عمر بن عبد العزيز ، روى عنه عبد الله بن ميمون.

في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الخلال ، أنا أبو القاسم بن مندة ، أنبأ حمد بن عبد الله إجازة ، قال : وأنا أبو طاهر بن سلمة ، أنبأ علي بن محمّد ، قالا : أنا أبو محمّد بن أبي حاتم ، قال (٢) : درهم مولى عمر بن عبد العزيز ، روى عنه (٣) عبد السلام بن هاشم ، عن أبي الحكم بن عبد الله بن ميمون ، عن أبيه عنه ، سمعت أبي يقول ذلك ، كذا قال : وإنما هو أدهم الذي تقدم في حرف الألف ، والله أعلم.

٢٠٨١ ـ دريد بن الصّمّة بن بكر بن علقة (٤) بن خزاعة بن غزيّة

ابن جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور

ويقال : دريد بن الصّمّة بن الحارث بن بكر بن جلهمة

ابن خزاعي بن عريف بن جشم (٥) بن معاوية بن بكر

أبو قرّة الجشمي (٦)

واسم الصّمّة معاوية ، وفد على الحارث بن أبي شمر المعروف بابن جفنة الغسّاني.

__________________

(١) زيادة منا.

(٢) الجرح والتعديل ١ / ٢ / ٤٣٥.

(٣) سقطت هذه اللفظة من الجرح والتعديل.

(٤) كذا بالأصل ، وقيل : علقمة وفي م : علقمة.

(٥) هنا بالأصل : فشم والمثبت عن م.

(٦) بالأصل : الخشمي ، والمثبت عن م وانظر اللباب وجمهرة ابن حزم ص ٢٧٠.

٢٣١

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي الفتح المحاملي ، أنا أبو الحسن الدارقطني ، قال : وأما دريد : فدريد بن الصّمّة ، وهو الذي خطب الخنساء ابنة عمرو بن الشريد فلم تجبه فقال فيها (١) :

كفاك (٢) الله يا ابنة آل عمرو

من الفتيان أمثالي ونفسي

أتزعم (٣) أنني شيخ كبير

وهل أنبأتها (٤) أنّي ابن أمس؟

في أبيات ، وكان مع مالك بن عوف النّصري قائد المشركين يوم حنين فسيره في أمر الحارث ، وقتل يومئذ كافرا ، وهو يعدّ في الشعراء والفرسان.

حدّثنا حبيب بن الحسن ، نا المروزي ـ يعني محمّد بن يحيى ـ ، نا ابن أيوب ، عن إبراهيم بن سعد ، عن أبي إسحاق ، قال : الذي قتل دريد بن الصّمّة ربيعة بن رفيع بن لهبان (٥) بن ثعلبة بن ربيعة بن يربوع بن سماك (٦) بن عوف بن امرئ القيس يوم هوازن.

قال الدارقطني : وأما عريف فهو عريف بن جشم من ولده دريد بن الصّمّة بن الحارث بن بكر بن جلهمة بن خزاعي بن عريف بن جشم ، كانت له أيام وغارات وكان من فرسان قيس المعدودين ، ذكر ذلك أبو عبيدة فيما أخبرنا أبو طاهر القاضي ، عن أبي عمران الجوني ، عن أبي عثمان المازني عنه.

قرأت على أبي محمّد عبد الكريم بن حمزة ، عن أبي نصر علي (٧) ابن هبة الله ، قال (٨) : أما دريد مثل الذي قبله (٩) إلّا أن عوض الواو راء فهو دريد بن الصّمّة بن الحارث بن معاوية بن خزاعة بن غزيّة بن جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن فارس

__________________

(١) خبر خطبته للخنساء في الأغاني ١٠ / ٢٢ ـ ٢٣ والبيتان من عدة أبيات فيها.

(٢) الأغاني : وقاك.

(٣) الأغاني : وتزعم.

(٤) الأغاني : وهل خبرتها.

(٥) في سيرة ابن هشام ٤ / ٩٥ عن ابن إسحاق : أهبان.

(٦) سيرة ابن هشام : سمّال.

(٧) بالأصل «بن».

(٨) الاكمال لابن ماكولا ٣ / ٣٨٨.

(٩) وقد ذكر ابن ماكولا قبله : دويد.

٢٣٢

شاعر ، أحضره مالك بن عوف النّصري يوم حنين معه ، فقتل كافرا.

قرأت في كتاب أبي الفرج علي بن الحسين بن محمّد الكاتب (١) ، أخبرني محمّد بن الحسن بن دريد ، حدّثني عمي ، عن العباس بن هشام ، عن أبيه ، قال : حدّثني بعض بني الحارث بن كعب. قال أبو الفرج ، وأخبرني عمي ـ يعني الحسين بن محمّد ـ حدّثني عبد الله بن أبي سعد ، حدّثني علي (٢) بن الصباح ، عن ابن الكلبي ، عن أبيه ، قال : قدم يزيد بن عبد المدان ، وعمرو بن معدي كرب ومكشوح المرادي على ابن (٣) جفنة (٤) زوارا (٥) فلقوا عنده وجوه قيس : ملاعب الأسنّة عامر بن مالك ، ويزيد بن عمرو بن الصّعق ، ودريد بن الصّمّة.

أخبرنا أبو نصر أحمد بن عبد الله بن رضوان ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا محمّد بن خلف بن المرزبان ، نا الحارث بن أبي أسامة ، قال : قال المدائني : قال دريد بن الصّمّة : كفى بالمروءة صاحب ، ومن كانت له مروءة فليظهرها ، وقومه أعلم به.

أنبأنا أبو علي محمّد بن عبد العزيز بن المهدي ، عن أبي الحسين محمّد بن عبد الواحد بن علي بن رزمة البزار ، أنا أبو سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان السيرافي القاضي النحوي قراءة عليه ، نا أبو بكر محمّد بن أبي الأزهر ، نا الزّبير بن بكّار ، حدّثني المهاص الخزاعي ، قال : لما فارق دريد بن الصّمّة زوجته أم معبد قال (٦) :

أرت (٧) جديد الوصل من أم معبد

بعافية واختلفت كل موعد

وبانت (٨) ولم أحمد إليك جوارها

ولم ترج منها ردة اليوم أو غد

__________________

(١) الخبر في الأغاني ١٢ / ٩ و ١٣ في ترجمة وأخبار الأعشى وبني عبد المدان.

(٢) الأغاني : عبد الله.

(٣) الأصل : «إن».

(٤) مهملة بالأصل والمثبت عن الأغاني.

(٥) رسمها بالأصل : «رورا» كذا ، والصواب عن الأغاني.

(٦) البيتان في الأغاني ١٠ / ٧ و ١١.

(٧) في الأغاني : أرث جديد الحبل من أم معبد بعاقبة ....

(٨) بالأصل : «وباتت ولم أحفك إليك» والمثبت عن الأغاني.

٢٣٣

قالت : بئس ما أثنيت عليّ أبا قرّة ، فو الله لقد أطعمتك مأدومي ، وحديثك مكتومي وجئتك باهلا (١) بغير صرار.

كتب إليّ أبو الحسن علي بن محمّد بن العلّاف ح.

وأخبرني أبو المعمر (٢) الأنصاري عنه ح.

وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو علي بن أبي جعفر ، وأبو الحسن بن العلّاف ، قالا : أنا أبو القاسم بن بشران ، أنا أحمد بن إبراهيم الكندي ، نا محمّد بن جعفر الخرائطي ، نا نصر بن داود ، نا أبو عبيد القاسم بن سلّام ، أنا هشام بن محمّد الكلبي : أن دريد بن الصّمّة خطب الخنساء بنت عمرو إلى أخويها صخر ومعاوية فوافقها وهي تهنأ (٣) إبلا لها فاستأمرها أخواها فيه فقالت : أترونني تاركة بني عمي كأنهم عوالي الرماح ، ومرتثة شيخ بني جشم قال : فانصرف دريد وهو يقول (٤) :

ما [إن] رأيت ولا سمعت به

كاليوم هاني أينق صهب (٥)

متبذّلا (٦) تبدو محاسنه

يضع الهناء مواضع النّقب (٧)

قال أبو عبيد : يقال ارتثّ الرجل فهو مرتثّ إذا حمل من المعركة وبه رمق من الجراحات ، قال : كان قد مات فحمل ميتا فليس بمرتثّ (٨) فشبّهت الخنساء دريد بن الصمة لهرمه وكبر سنه بالمجروح الذي لم يبق منه إلّا الرمق.

قرأت على أبي محمّد السّلمي ، عن أبي بكر الخطيب ، أنا أحمد بن عمر بن روح ، أنا المعافا بن زكريا ، نا الحسين بن القاسم الكوكبي ، نا أبو عكرمة ، نا الرياشي ، قال :

__________________

(١) بالأصل : ناهل ، والمثبت عن الأغاني ، وكتب محققه بالحاشية : الباهل في الأصل الناقة لا صرار عليها ، تريد أنها أباحته نفسها.

(٢) بالأصل : أبو العمر والمثبت عن م.

(٣) أي تطليه بالهناء ، القطران.

(٤) البيتان ـ من عدة أبيات ـ في الأغاني ١٠ / ٢٢.

(٥) الزيادة عن الأغاني للوزن ، وعجزه فيها :

كاليوم طالي أينق جرب

(٦) بالأصل : «متبدلا» بالدال المهملة ، والمثبت عن الأغاني.

(٧) النقب القطع المتفرقة من الجرب ، والواحدة نقبة ، وقيل : هي أول ما يبدو من الجرب.

(٨) الأصل : «بمرتب» وفي م : بمربث.

٢٣٤

هجا دريد بن الصّمّة عبد الله بن جدعان بأقبح الهجاء وأفحشه (١) ، فوقف عبد الله بن جدعان بالموسم بعكاظ فأتاه دريد بن الصمة فحياه وقال (٢) : هل تعرفني يا دريد؟ قال : لا ، قال : فلم هجوتني؟ قال : ومن أنت؟ قال : عبد الله ، قال : هجوتك لأنك كنت امرأ حسيبا فأحببت أن أضع شعري موضعه ، قال عبد الله : أين كنت هجوت لقد مدحت فحمله على ناقة برحلها وكساه حلّة ، فقال دريد بن الصمة :

إليك ابن جدعان أعملتها

معرّضة السّرى والنّصب

فلا خفض حتى تلاقي امرأ

جواد الضحى (٣) وحليم الغضب

وجلدا إذا الحرب مرّت به

كأن (٤) عليها بجزل الحطب

وجئت البلاد فما إن رأى

شبيه ابن جدعان وسط العرب

أنبأنا أبو القاسم النسيب وغيره ، عن أبي بكر الخطيب ، أنا أبو منصور محمّد بن علي بن إسحاق الكاتب ، أنا أبو بكر أحمد بن بشر بن سعيد الخرقي ، أنا أبو روق أحمد بن محمّد بن بكر الهزّاني ، نا أبو حاتم سهل بن محمّد بن عثمان السّجستاني ، قال : وعاش دريد بن الصّمّة الجشمي من جشم بن معاوية بن بكر نحوا من مائتي سنة حتى سقط حاجباه على عينيه ، وأدرك الإسلام ولم يسلم ؛ وقتل يوم حنين ، وإنما خرجت به هوازن تتيمن به وقال دريد :

فإن يك رأسي كالثّغامة نسله

يطوف به الولدان أحدب كالقرد

نسله : ما ينسل من شعره أي يسقط :

رهينة قعر البيت كل عشية

كأني أزق أو أصوت في المهد

فمن بعد فضل من شباب دفوه

وشعر أثيث حالك اللون مسود

وإنه لما كبر أراد أهله أن يحبسوه ، فقالوا : إنّا حابسوك ومانعوك من كلام الناس ، وقد خشينا أن تخلّط فيروي ذلك الناس علينا ، ويرون منك علينا عارا ، فقال : أو قد

__________________

(١) بعض ما هجاه فيه ذكر في الأغاني ١٠ / ٢٠ ـ ٢١ ومنها :

هل بالحوادث والأيام من عجب

أم بابن جدعان عبد الله بن كعب

(٢) الخبر والأبيات في الأغاني ١٠ / ٢١.

(٣) الأغاني : الرضا.

(٤) الأغاني : يعين عليها.

٢٣٥

خشيتم ذلك مني؟ قالوا : نعم ، قال : فانحروا جزورا واصنعوا طعاما واجمعوا لي قومي حتى أحدث إليهم عهدا ، فنحروا جزورا وعملوا طعاما ، ولبس ثيابا حسانا وجلس لقومه ؛ حتى إذا فرغوا من طعامهم قال : اسمعوا مني فإني أرى أمري بعد اليوم صائرا لغيري ، قد زعم أهلي أنهم قد خافوا عليّ الوهم ، وأنا اليوم خبير بصير ، إن النصيحة لا تهجم على فضيحة. أما أول ما أنهاكم عنه فأنهاكم عن محاربة الملوك ، فإنهم كالسبيل (١) بالليل لا تدري كيف تأتيه ، ولا من أين يأتيك. وإذا دنا منك الملك واديا فاقطعوا بينكم وبينه واديين ؛ وإن أجزيتم (٢) فلا ترعوا حمى الملوك وإن أذنوا لكم ، فإن من يرعاه غانما لم يرجع سالما ، ولا تحقرنّ شرا فإن قليله كثير ، واستكثروا من الخير ، فإن زهيده كثير ، اجعلوا السلام محياة بينكم وبين الناس. ومن خرق ستركم فارقعوه ، ومن حاربكم فلا تغفلوه ، وروا منه ما يرى منكم واجعلوا عليه حدّكم كله ، ومن ترككم فاتركوه ، ومن أسدى إليكم خيرا فأضعفوه له. وإلّا فلا تعجزوا أن تكونوا مثله. وعلى كل إنسان منكم بالأقرب إليه ، يكفي كل إنسان ما يليه ، إذا التقيتم على حسب فلا تواكلوا فيه ، وما أظهرتم من خير فاجعلوه كبيرا ولا يرى رفدكم صغيرا ، ولا تنافسوا السؤدد ، وليكن لكم سيد ، فإنه لا بد لكلّ قوم من شريف ، ومن كانت له مروءة فليظهرها ، ثم قومها أعلم ، وحسبه بالمروءة صاحبا ، ووسعوا الخير (٣) وإن قلّ وادفنوا الشرّ يمت ، ولا تنكحوا دنيئا من غيركم ، فإنه عار عليكم ، ولا يحتشمن شريف أن يرفع وضيعه بأياماه (٤) ، وإياكم والفاحشة في النساء ، فإنها عار أبد وعقوبة غد ، وعليكم بصلة الرحم فإنها تعظم الفضل ، وتزين النسل ؛ وأسلموا ذا الجريرة بجريرته (٥) ، ومن أبى الحقّ فأعلقوه إياه ، وإذا عنيتم بأمر فتعاونوا عليه تبلغوا ، ولا تحضروا ناديكم السفيه ، ولا تلجّوا الباطل فيلجّ بكم.

أخبرنا أبو محمّد هبة الله بن أحمد المزكّي قراءة عليه ، نا عبد العزيز بن أحمد ـ لفظا ـ أنا أبو محمّد بن أبي نصر ، وأبو نصر بن الجندي ، قالا : أنا أبو القاسم بن أبي

__________________

(١) في مختصر ابن منظور : كالسيل.

(٢) المختصر : أجدبتم.

(٣) بالأصل : الخبر والصواب عن م.

(٤) الأيامي جمع أيّم ، وهو من لا زوج له.

(٥) بالأصل : «وأسلموا والحريرة بخريرته» كذا وفي م : ذا الحريرة كحريرته ، والصواب عن مختصر ابن منظور ٨ / ١٦٩.

٢٣٦

العقب ، أنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم ، نا محمّد بن عائذ (١) ، أنا الوليد بن مسلم ، عن عبد الله بن لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن عروة ، قال : ثم خرج ـ يعني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ عامها لحنين ورئيس المشركين مالك بن عوف النّصري (٢) معه دريد بن الصّمّة ينعش من الكبر وأصيب من المشركين دريد بن الصّمّة في بشر كثير وضربه رجل بسيفه فلم يغن شيئا ، فقال دريد : بئس ما سلّحتك أمك ، خذ سيفي فإذا أتيت أمك فقل : قتلت دريد بن الصّمّة وقتله رجل من بني سليم ثم أحد بني سماك (٣) ، ويزعمون أن دريدا أشار على قومه حين لقوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلم يلتفت إليه فقال قائلهم : قد كبر سنك فليس لك رأي ، فقال دريد مجيبا له : «ليتني فيها جذع» (٤) ، هذا يوم لم يسبقني ، ولم أدركه ، فقتله الله على ضلالته.

أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنا أبو بكر البيهقي (٥) ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، نا أبو العباس محمّد بن يعقوب ح.

وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنبأ رضوان بن أحمد بن جالينوس ، قالا : نا أحمد بن عبد الجبار ، نا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، قال (٦) : فلما انهزم المشركون أتوا الطائف ومعهم مالك بن عوف وعسكر بعضهم بأوطاس (٧) وتوجه بعضهم نحو نخلة ، ـ وقال الفراوي : نخيلة ـ ولم يكن فيمن توجه نخلة (٨) ـ وقال الفراوي : نخيلة ـ من ثقيف إلّا بنو غيرة فتبعت خيل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من سلك في نخلة ـ وقال الفراوي : نخيلة ـ من الناس ولم تتبع من سلك الثنايا ، فأدرك ربيعة بن رفيع بن وهبان بن ثعلبة بن ربيعة بن يربوع بن عوف (٩) بن امرئ القيس ، وكان يقال له ابن لدغة (١٠) ، ولدغة أمه فغلبت على

__________________

(١) بالأصل «عائد» بالدال المهملة ، والصواب ما أثبت ، انظر ترجمته في سير الأعلام ١١ / ١٠٤.

(٢) عن سيرة ابن هشام ٤ / ٨٠ وبالأصل : النضري.

(٣) كذا ، وفي ابن هشام ٤ / ٩٥ سمّال.

(٤) الرجز في الشعر والشعراء ص ٤٧١.

(٥) الخبر في دلائل النبوة للبيهقي ٥ / ١٥٣.

(٦) انظر سيرة ابن هشام ٤ / ٩٥.

(٧) أوطاس : واد في ديار هوازن ، فيه كانت وقعة حنين (ياقوت).

(٨) نخلة ، يريد نخلة اليمانية وهي واد يصب فيه يدعان ، وبه عسكرت هوازن يوم حنين (ياقوت).

(٩) الأصل : عود ، والمثبت عن ابن هشام ودلائل البيهقي.

(١٠) في سيرة ابن هشام : «ابن الدّغنة» ويقال : ابن لذعة فيما قال ابن هشام. وفي البيهقي : لذعة.

٢٣٧

اسمه ، فأدرك دريد بن الصّمّة فأخذ بخطام جمله وهو يظن أنه امرأة وذلك أنه كان في شجار (١) له ، فإذا هو برجل ، فأناخ به ، فإذا هو بشيخ كبير ، وإذا هو دريد ولا يعرفه الغلام فقال له دريد : ما ذا تريد؟ قال : قتلك ، قال : ومن أنت؟ قال : أنا ربيعة بن رفيع السّلمي ثم ضربه بسيفه فلم يغن شيئا ، فقال دريد : بئس ما سلّحتك أمك ، خذ سيفي هذا من مؤخر الشجار ثم اضرب به ، وارفع عن الطعام ـ وقال الفراوي : عن العظام ـ واخفض عن الدّماغ ، فإني كذلك كنت أقتل الرجال فإذا أتيت أمك فأخبرها أنك قتلت دريد بن الصّمّة ، ربّ يوم والله قد تبعث فيه نساءك ، قال : فقتله ، فزعمت بنو سليم أن ربيعة قال : لما ضربته ووقع تكشّف فإذا عجانه (٢) وبطون فخذيه أبيض كالقرطاس من ركوب الخيل ، أعراء (٣) ، فلما رجع ربيعة (٤) إلى أمه أخبرها بقتله إياه فقالت : لقد أعتق أمهات لك ـ زاد ابن السّمرقندي : ثلاثا ـ.

قال : ونا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، ورجع إلى إسناده الأول ، قال (٥) : وأقبل مالك بن عوف فيمن معه ممن جمع من قبائل قيس وثقيف ومعه دريد بن الصّمّة شيخ كبير في شجار له فعاد به حتى نزل الناس بأوطاس ، فقال دريد حين نزلوا بأوطاس فسمع رغاء البعير ، ونهيق الحمير ـ وقال الفراوي : الحمار ـ ويعار (٦) الشاء ، وبكاء الصغير ، بأي وادي أنتم؟ فقالوا : بأوطاس ، فقال : نعم مجال الخيل ، لا حزن (٧) ضرس ، ولا سهل دهش (٨) ، ما لي أسمع رغاء البعير وبكاء الصغير ونهيق الحمير ـ وقال الفراوي : الحمار ـ ويعار الشاء فقالوا : ساق مالك مع الناس أموالهم وذراريهم ونساءهم ونساءهم (٩) ، قال : فأين مالك؟ فدعي مالك فقال : يا مالك إنك قد أصبحت

__________________

(١) الشجار : شبه الهودج إلّا أنه مفتوح الأعلى.

(٢) العجان : الدبر ، وقيل هو ما بين الدبر والقبل.

(٣) الأصل : «أعرى» والمثبت عن ابن هشام والبيهقي. وأعراء جمع عري وهو الفرس الذي لا سرج له. ولا يقال فرس عريان كما لا يقال رجل عرى.

(٤) الأصل : «تتبعه» والصواب ما أثبت عن ابن هشام والبيهقي.

(٥) انظر سيرة ابن هشام ٤ / ٨٠ وما بعدها ودلائل البيهقي ٥ / ١٢١ وما بعدها.

(٦) أي صوتها ، وفي الأغاني : ثغاء بدل يعار.

(٧) المرتفع من الأرض ، والضرس : الموضع الذي فيه حجارة محددة.

(٨) كذا ، وفي سيرة ابن هشام والدلائل للبيهقي : «دهس» ، وهو المكان اللين الكثير التراب.

(٩) كذا مكررة بالأصل فقط.

٢٣٨

رئيس قومك ، وإن هذا يوم كائن له ما بعده من الأيام. فما دعاك إلى أن تسوق مع الناس أبناءهم ونساءهم وأموالهم ، قال : أردت أن أجعل خلف كل رجل أهله وماله ليقاتل عنهم ، فانقضّ (١) به دريد وقال : راعي ضأن والله ، وهل يردّ وجه المنهزم شيء ، إنها إن كانت لك لم تنفعك إلّا رجل بسيفه ورمحه ، وإن كانت عليك فضحت في أهلك ومالك ـ زاد ابن السّمرقندي : إنك لم تصنع بتقديمك البيضة بيضة هوازن إلى نحور الخيل شيئا ثم اتفقا فقالا : ـ فارفع الأموال والنساء والذراري إلى علياء قومهم وممتنع (٢) بلادهم ـ زاد ابن السّمرقندي : ثم الق الصّباء على متون الخيل ، فإن كانت لك لحق من وراءك ، وإن كانت عليك كنت قد أحرزت أهلك ومالك. ما فعلت كعب وكلاب ـ وفي رواية الفرواي : ثم قال دريد : وما فعلت كعب وكلاب؟ ـ فقالوا : لم يحضرها منهم أحد فقال : غاب الحد (٣) والجدّ ، لو كان يوم غلاء ورفعة لم تغب عنه كعب وكلاب ، ولوددت لو فعلتم ما فعلت كلاب وكعب فمن حضرها؟ ـ زاد ابن السّمرقندي : من سواهم من قومهم ، ثم اتفقا فقالا : ـ فقالوا عمر بن عامر وعوف بن عامر ، فقال : ذلك الجذعان ، لا يضران ولا ينفعان ، فكره مالك أن يكون لدريد فيها رأي ـ زاد ابن السّمرقندي : أو قول وقالا : ـ فقال : إنك قد كبرت وكبر علمك ، والله لتطيعني (٤) يا معشر هوازن أو لأتكئن على هذا السيف حتى يخرج من ظهري. فقالوا : أطعناك ـ زاد رضوان : فقال دريد : هذا يوم لم أشهده ولم يفتني حرب عوان (٥) :

[يا] ليتني فيها جذع

أخب فيها وأضع (٦)

أقود وطفاء الزمع

كأنها شاة صدع (٧)

ثم اتفقا فقالا : ثم قال مالك للناس : إذا رأيتموهم فاكسروا جفون سيوفكم ، ثم شدوا شدة رجل واحد.

__________________

(١) أي زجره.

(٢) سيرة ابن هشام : متمنع بلادهم.

(٣) بالأصل «الجد» والمثبت «الحد» عن دلائل البيهقي.

(٤) ابن هشام : «لتطيعنني» دلائل البيهقي : لتطيعنّ.

(٥) الرجز في سيرة ابن هشام ٤ / ٨٢ الشعر والشعراء ص ٤٧١ الأغاني ١٠ / ٣١.

(٦) الخبب والوضع ضربان من السير.

(٧) الوطفاء : الطويلة الشعر ، والزمع : الشعر الذي فوق مربط قيد الدابة.

٢٣٩

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا عبد الوهاب بن أبي حيّة ، أنا محمّد بن شجاع البلخي (١) ، أنا محمّد بن عمر الواقدي (٢) ، نا محمّد بن عبد الله ، وعبد الله بن جعفر ، وابن أبي سبرة ، ومحمّد بن صالح ، وأبو معشر ، وابن أبي حبيبة ، ومحمّد بن يحيى بن سهل ، وعبد الصمد بن محمّد السعدي ، ومعاذ بن محمّد ، وبكير بن مسمار ، ويحيى بن عبد الله بن أبي قتادة ، فكلّ قد حدّثنا بطائفة من هذا (٣) الحديث ، وبعضهم أوعى له من بعض. وقد جمعت كل ما حدثوني. فذكر قصة اجتماع هوازن لحرب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بحنين قالوا : وحضرها (٤) دريد بن الصّمّة في (٥) بني جشم وهو يومئذ ابن ستين ومائة سنة. شيخ كبير ليس فيه شيء إلّا التيمن به ومعرفته بالحرب ، وكان شيخا مجربا. وقد ذهب بصره يومئذ. وجماع الناس. ثقيف وغيرها من هوازن إلى مالك بن عوف النّصري ، فلما أجمع مالك المسير بالناس إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أمر الناس فجاءوا معهم بأموالهم ونسائهم وأبنائهم حتى نزلوا بأوطاس. واجتمع الناس به فعسكروا وأقاموا به ، وجعلت الأمداد تأتيهم من كل ناحية ، ودريد بن الصّمّة يومئذ في شجار يقاد به على بعير ، فمكث على بعيره ، فلما نزل الشيخ لمس الأرض بيده فقال : بأي واد أنتم ، قالوا : بأوطاس ، قال : نعم مجال الخيل ، لا حزن ضرس ، ولا سهل دهس ، ما لي أسمع رغاء البعير ونهاق الحمير ، وثغاء (٦) الشاء ، وخوار البقرة ، وبكاء الصغير؟ قالوا : ساق مالك مع الناس أبناءهم وأموالهم ونساءهم ، قال : يا معشر هوازن أمعكم من بني كلاب بن ربيعة أحد؟ قالوا : لا ، قال : فمعكم من بني كعب بن ربيعة أحد؟ قالوا : لا ، قال : فمعكم من بني هلال بن عامر أحد؟ قالوا : لا ، قال دريد : لو كان خيرا ما سبقتوهم إليه ، ولو كان ذكرا وشرفا ما تخلفوا عنه ، فأطيعوني يا معشر هوازن وارجعوا وافعلوا ما فعل هؤلاء ، فأبوا عليه ، قال : فمن شهدها منكم؟ قالوا : عمرو بن عامر ، وعوف بن عامر ، قال : ذانك الجذعان

__________________

(١) مغازي الواقدي : الثلجي.

(٢) مغازي الواقدي ٣ / ٨٨٥ تحت عنوان : غزوة حنين.

(٣) عن مغازي الواقدي وبالأصل «أهل».

(٤) مغازي الواقدي ٣ / ٨٨٦ ونصرها.

(٥) الأصل «من» وما أثبت عن الواقدي.

(٦) بالأصل : «ويغار» والمثبت عن الواقدي.

٢٤٠