٢ ـ المداهنة والصلح
إنّ من جملة الخصائص التي يتميّز بها تجّار السياسة ، والأشخاص والمجاميع غير الرسالية ، أنّهم يتلوّنون ويتصرّفون بالشكل الذي يتماشى مع مصالحهم ، فلا ضوابط ولا ثوابت تحكمهم ، بل هم على استعداد دائم للتنازل عن كثير من الشعارات المدعاة من جانبهم ، مقابل تحقيق بعض المكاسب أو الحصول على بعض الامتيازات. أمّا متبنّياتهم المدعاة فلا تشكّل شيئا مقدسا بالنسبة إليهم ، ويحوّرونها بما تقتضيه مصالحهم ، وهذا المفهوم هو ما تشير إليه الآية الكريمة حيث يقول تعالى : (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ).
أمّا أهل المبادئ والالتزام فإنّهم لا يضحّون بأهدافهم المقدّسة مطلقا ولا يساومون عليها أو يداهنون أبدا ، ولن يتخلّوا عن متبنّياتهم ويقوموا بعمل أو صلح على خلاف ما تمليه عليهم مبادئهم العقائدية ، خلافا لما عليه تجّار السياسة ..
إنّ هذا المقياس من أفضل الدلائل لتشخيص السياسيين المنحرفين عن غيرهم من المبدئيين ، والأشخاص الذين يسايرون هؤلاء المنحرفين لا شكّ أنّهم بعيدون عن طريق الله وأوليائه.
* * *