منتهى الدّراية في توضيح الكفاية - ج ٣

السيّد محمّد جعفر الجزائري المروّج

منتهى الدّراية في توضيح الكفاية - ج ٣

المؤلف:

السيّد محمّد جعفر الجزائري المروّج


الموضوع : أصول الفقه
المطبعة: مطبعة غدير
الطبعة: ٦
الصفحات: ٧٨٣

.................................................................................................

______________________________________________________

.................................................................................................

__________________

وأما الصورة الرابعة ، وهي ما إذا كان المخصص متصلا مع احتمال دخول الباقي فيه ، فلا يجوز التمسك بالعامّ فيه ، لعدم انعقاد ظهور للعام الا فيما عدا الخاصّ ، كالعالم غير النحوي في قوله : «أكرم العلماء الا النحويين» ، فموضوع الحكم العالم غير النحوي ، فمع الشك في كون عالم نحوياً لا يجوز التمسك بالعامّ لوجوب إكرامه ، إذ لم يعلم فرديته له ، وإلّا لزم التمسك بالعامّ في الشبهة المصداقية ، وهو غير جائز على ما سيأتي إن شاء الله تعالى ، هذا.

ولا يخفى أنه قد يقال ـ كما في حاشية المحقق التقي «قده» على المعالم ـ : «ان النزاع في كون المخصص حقيقة أو مجازاً لا يلائم كون بعض الألفاظ موضوعاً للعموم ، وذلك لأن استعمال العام في الخاصّ لا محالة يكون مجازاً ، إذ المفروض كونه حقيقة في العموم ، فاستعماله في غيره يكون مجازاً قطعاً ، ومعه لا مجال للترديد بين كونه حقيقة أو مجازاً ، بل لا بد أن يقال : ان العام المخصص مجاز يقيناً».

ويمكن أن يجاب عنه بعدم التنافي بين كون بعض الألفاظ حقيقة في العموم وبين تردد العام المخصص بين كونه حقيقة أو مجازاً. توضيحه : أنه تارة يستعمل العام في الخاصّ بنحو المجاز في الكلمة ، فلا بد حينئذ من الالتزام بالمجازية.

وأخرى يراد الخاصّ من العام المخصص من دون استعمال العام فيه ، بل العام مستعمل في معناه الحقيقي ، وهو مراد منه بالإرادة الاستعمالية ، والخاصّ يكون قرينة على ما يراد من العام بالإرادة الجدية من باب تعدد الدال والمدلول ، فالنزاع حينئذ يرجع إلى أن الخاصّ قرينة على المراد الجدي من العام أم لا فليس في البين مجاز في الكلمة أصلا ، ولا قرينة على صرف اللفظ عن ظاهره

٤٨١

بين الأصحاب ، بل لا ينسب الخلاف (١) الا إلى بعض أهل الخلاف (٢).

وربما فصل بين المخصص المتصل ، فقيل (٣) بحجيته (٤) فيه ، وبين المنفصل ، فقيل بعدم حجيته (٥) [فيه]. واحتج النافي (٦) بالإجمال ، لتعدد (٧) المجازات حسب [تعدد] مراتب الخصوصيات ، وتعيين

______________________________________________________

(١) يعني : في هذه الصورة الثالثة.

(٢) كأبي ثور كما في التقريرات.

(٣) القائل بهذا التفصيل جماعة منهم البلخي ـ على ما في التقريرات ـ ، وحاصل ما أفاده في ذلك حجية العام في المخصص المتصل كالوصف والغاية وبدل البعض والاستثناء ، وعدمها في المنفصل.

(٤) أي : بحجية العام في المخصص المتصل. والوجه فيه : أن التخصيص به يوجب انعقاد ظهور العام في الباقي ، ومع هذا الظهور لا يصير الباقي مجملا لتردده بين المعاني المجازية ، وضمير «فيه» راجع إلى المخصص المتصل.

(٥) أي : المنفصل.

(٦) أي : النافي للحجية مطلقاً حتى في المتصل ، وتقريب استدلاله : أن العام حقيقة في العموم ، وبعد تخصيصه يصير مجازاً ، لتعذر إرادة معناه الحقيقي وحيث ان المجازات متعددة لإمكان إرادة جميع ما عدا الخاصّ ، وإمكان إرادة بعضها ، ولا مرجح لأحد المجازات على الآخر يصير العام مجملا ، فيسقط عن الحجية ، من غير فرق في ذلك بين كون المخصص متصلا كقوله : «أكرم العلماء العدول» ، ومنفصلا كقوله : «أكرم الأطباء ، ولا تكرم فساقهم».

(٧) تعليل للإجمال. وتعدد المجازات انما هو باعتبار تعدد أفراد العام ،

__________________

وهو العموم ، واستعمال اللفظ في غير معناه الحقيقي كي يكون مجازاً ، وهذا نزاع معقول يلائمه وضع بعض الألفاظ لخصوص العموم.

٤٨٢

[وتعين] الباقي من بينها بلا معين ترجيح بلا مرجح.

والتحقيق في الجواب أن يقال (١) : انه (٢) لا يلزم من التخصيص كون العام مجازاً. أما في التخصيص بالمنفصل ، فلما عرفت من أنه لا تخصيص أصلا ، وأن (٣) أدوات العموم قد استعملت فيه ، وان كان دائرته (٤) سعة وضيقاً تختلف باختلاف ذوي الأدوات (٥) ، ولفظة «كل»

______________________________________________________

حيث انه بعد التخصيص يكون استعماله في كل واحد من أفراده مجازاً ، ومع تعدد المجازات ، وعدم مرجح لبعضها على الآخر يصير العام مجملا ، إذ لم يعلم ما أريد به بعد التخصيص ، فيسقط عن الحجية.

(١) توضيح ما أفاده في رد دليل النافي : أن التخصيص لا يستلزم المجازية في العام أصلا ، من غير فرق في ذلك بين كون المخصص متصلا ومنفصلا.

أما في المتصل ، فلما مر من أنه لا تخصيص حقيقة ، وأن إطلاق التخصيص عليه مسامحة ، وأن أدوات العموم لا تستعمل الا في العموم ، غاية الأمر أن دائرته ضيقة ، فان قولنا : «أكرم كل رجل عالم» ليس مثل قولنا : «أكرم كل رجل في سعة الدائرة ، وكثرة الافراد ، ومن المعلوم عدم التفاوت في مثل لفظ «كل» من حيث استعماله في العموم بين كثرة أفراد مدخوله وقلتها.

(٢) الضمير للشأن.

(٣) معطوف على «انه» ومفسر له ، يعني : لا تخصيص أصلا فيما يسمى بالمخصص المتصل ، لأن أدوات العموم قد استعملت في العموم ، فلا تخصيص في البين حتى يرد عليه إشكال تعدد المجازات الموجب للإجمال.

(٤) هذا الضمير وضمير «فيه» راجعان إلى العموم.

(٥) المراد بذوي الأدوات هي الموضوعات التي تقع بعد الأدوات المقتضية لعمومها.

٤٨٣

في مثل «كل رجل و «كل رجل عالم» قد استعملت في العموم (١) وان كان أفراد أحدهما (٢) بالإضافة إلى الآخر بل في نفسها (٣) في غاية القلة. وأما (٤) في المنفصل ، فلان إرادة الخصوص واقعاً لا تستلزم

______________________________________________________

(١) الّذي هو معناه الحقيقي ، فلفظ «كل» ونحوه من أدوات العموم لم يستعمل في غير معناه الموضوع له حتى يلزم المجاز وتعدده ، فلا فرق في استعمال مثل لفظ «كل» في العموم بين «كل رجل وبين «كل رجل عالم». نعم الفرق بينهما انما هو في قلة أفراد الثاني ، لتقيد الرّجل بالعالم ، وكثرة أفراد الأول ، لإطلاق الرّجل وعدم تقيده بقيد.

(٢) وهو : كل رجل عالم ، والمراد بـ «الآخر» كل رجل.

(٣) لأن أفراد طبيعة العالم في نفسها ـ ومع الغض عن إضافتها إلى أفراد طبيعة الرّجل في غاية القلة ، ومع ذلك يستعمل لفظ «كل» الداخل على الرّجل العالم في العموم الّذي هو معناه الحقيقي.

(٤) معطوف على «اما» في قوله : «اما في التخصيص بالمتصل» يعني : وأما عدم لزوم المجاز في التخصيص بالمخصص المنفصل ، فلان الإرادة على قسمين : استعمالية وجدية ، والعبرة في الحقيقة والمجاز انما هي بالإرادة الاستعمالية التي هي إفناء اللفظ في المعنى ، دون الإرادة الجدية الباعثة على تشريع الأحكام. وعليه ، فلا مانع من استعمال اللفظ في معناه الموضوع له من دون إرادته الجدية ، بل لنكتة اقتضت هذا الاستعمال ، ويمكن أن تكون تلك النكتة جعل العموم ضابطاً ليرجع إليه في مقام الشك في خروج بعض أفراده بالمخصص ، وحينئذ فإذا استعمل العام في العموم ، ففيما كان الخاصّ مانعاً عن حجية ظهور العام فيه سقط العام عن الحجية بالنسبة إلى هذا المقدار

٤٨٤

استعماله فيه ، وكون الخاصّ قرينة عليه (١) ، بل من الممكن قطعاً استعماله (٢) معه في العموم قاعدة (٣). وكون (٤) الخاصّ مانعاً عن حجية ظهوره تحكيماً (٥)

______________________________________________________

وفيما لم يكن مانعاً عن حجية ظهور العام فيه كان حجة ، والعام في كلا الموردين مستعمل في معناه الموضوع له ، فهو فيما عدا مقدار دلالة الخاصّ حجة ، إذ المفروض انعقاد الظهور وحجيته الا في مقدار دلالة الخاصّ ، لأنه يصادم حجية ظهور العام ، لا نفس الظهور.

(١) أي : على الخصوص ، و «كون» معطوف على «استعماله». وضمير «استعماله» راجع إلى العام ، وضمير «فيه» راجع إلى الخصوص ، يعني : أن إرادة الخصوص واقعاً لا تستلزم الإرادة الاستعمالية ، أي استعمال العام فيما أريد به واقعاً وهو المخصص المنفصل ، ولا تستلزم كون الخاصّ قرينة على الاستعمال المزبور حتى يلزم المجاز.

(٢) يعني : استعمال العام مع المخصص المنفصل.

(٣) ليتمسك بها في مقام الشك ، فلا يراد من استعمال العام في العموم الا تأسيس قاعدة يرجع إليها في ظرف الشك ، لا أن العموم مراد جدي للمتكلم فقوله : «قاعدة» إشارة إلى النكتة التي دعت إلى استعمال العام مع عدم إرادة العموم بالإرادة الجدية.

(٤) معطوف على «استعماله» يعني : ومن الممكن قطعاً كون الخاصّ مانعاً عن حجية ظهور العام ، لا مانعاً لأصل ظهوره ، لوضوح أن الخاصّ المنفصل لا يمنع عن ظهور العام في العموم ، بل يمنع عن حجيته.

(٥) هذا وجه كون الخاصّ المنفصل مانعاً عن حجية ظهور العام ، لا أصل الظهور ، وتوضيحه : أن المقرر في محله تقديم النص أو الأظهر على الظاهر ،

٤٨٥

للنص أو الأظهر على الظاهر ، لا (١) مصادماً لأصل ظهوره ، ومعه (٢) لا مجال للمصير إلى أنه (٣) قد استعمل فيه مجازاً كي يلزم الإجمال.

لا يقال : هذا (٤) مجرد احتمال ، ولا يرتفع به الإجمال ، لاحتمال الاستعمال في خصوص مرتبة من مراتبه.

فانه يقال : مجرد احتمال استعماله (٥) فيه لا يوجب إجماله بعد

______________________________________________________

وعده من الجمع العرفي بين الدليلين ، وعدم معاملة التعارض بينهما ، وحيث ان الخاصّ أقوى ظهوراً من العام ، فيقدم عليه ، للأقوائية.

(١) يعني : أن الخاصّ لا يوجب انقلاب ظهور العام في العموم إلى ظهوره في الخصوص المردد بين مراتبه حتى يكون مجملا ، كما يدعيه النافي للحجية.

(٢) أي : ومع هذا الاحتمال الّذي أبرزه بقوله : «بل من الممكن» وضمير «ظهوره» راجع إلى العموم.

(٣) أي : إلى أن العام قد استعمل في الخاصّ مجازاً كي يلزم الإجمال الّذي جعله النافي للحجية دليلا على سقوط العام عن الحجية.

(٤) أي : تحكيم الخاصّ على العام مجرد احتمال. وتوضيح هذا الإشكال : أن استعمال العام في معناه الموضوع له وإرادة الخاصّ منه بدالٍّ آخر وان كان رافعاً للإجمال ، وموجباً لجواز التمسك بالعامّ في غير مورد التخصيص ، لكنه مجرد احتمال ، ولا دليل عليه في مقام الإثبات ، ومن المعلوم أن مجرد الاحتمال ثبوتاً لا يكفي في رفع الإجمال مع احتمال استعمال العام في مرتبة خاصة ، وقرينية الخاصّ عليه.

(٥) أي : استعمال العام في الخاصّ. توضيح ما أفاده بقوله : «فانه يقال»

٤٨٦

استقرار (١) ظهوره في العموم ، والثابت من مزاحمته بالخاص انما هو بحسب الحجية (٢) تحكيماً لما هو الأقوى (٣) ، كما أشرنا إليه آنفاً (٤).

______________________________________________________

في دفع الإشكال : أن مجرد احتمال استعمال العام في الخاصّ لا يوجب إجمال العام ، بعد ما تقدم من انعقاد الظهور له في العموم بلا إشكال فيما إذا كان الخاصّ منفصلا ، واحتمال استعمال العام في الخاصّ موهون في قبال الظهور ، كوهن احتمال خلاف الظاهر في سائر الظهورات ، إذ كل ظاهر مقرون باحتمال خلافه فيلزم عدم حجية شيء من الظواهر ، وهو باطل بالضرورة. وعليه ، فالخاص المنفصل يصادم حجية الظاهر ، لا أصل الظهور ، فيقدم على ظهور العام في أفراد الخاصّ بالأقوائية ، ويكون العام حجة في غير أفراد الخاصّ ، لعدم مانع عن اعتباره فيه.

(١) حيث ان العام قبل ورود الخاصّ يستقر له الظهور في العموم ، والخاصّ لا يوجب انقلاب هذا الظهور ، بل يوجب انقلاب حجيته بمعنى عدم كون العام مراداً جدياً للمتكلم ، فالعام مستعمل في معناه وهو العموم ، لكنه ليس مراداً بالإرادة الجدية. وضمير «ظهوره» راجع إلى العام.

(٢) أي : حجية العام على المراد الجدي النّفس الأمري ، فالخاص يقدم على العام في دلالته على المراد الجدي فقط ، دون الاستعمالي ، وضمير «مزاحمته» راجع إلى العام ، وهو من إضافة المصدر إلى مفعوله ، والأولى سوق العبارة هكذا : «ومزاحمة الخاصّ له انما هي بحسب الحجية».

(٣) وهو الخاصّ ، ووجه أقوائيته من العام في الحجية هو الوجه في تقديم القرينة على ذيها ، وسيأتي توضيحه إن شاء الله تعالى في المطلق والمقيد.

(٤) يعني : قبل أسطر حيث قال : «تحكيماً للنص أو الأظهر على الظاهر».

٤٨٧

وبالجملة : الفرق بين المتصل والمنفصل وان كان بعدم انعقاد الظهور في الأول الا في الخصوص ، وفي الثاني (١) إلّا في العموم ، إلّا أنه لا وجه (٢) لتوهم استعماله مجازاً في واحد منهما (٣) أصلا ،

______________________________________________________

(١) وهو المخصص المنفصل ، والمراد بقوله : «في الأول» المخصص المتصل ، وقوله : «وبالجملة» بيان لتلخيص ما ذكره ، وهو : أن بين المخصص المتصل والمنفصل جهة اشتراك وجهة افتراق. أما الأولى ، فهي : أن العام قد استعمل في كليهما في المعنى الحقيقي ، ولا يلزم فيهما مجاز أصلا.

وأما الثانية ، فهي : أن العام في المخصص المتصل لا ينعقد له ظهور في غير الخاصّ. ولذا لا يكون حجة الا في الافراد التي يعلم بعدم مصداقيتها للخاص ولا يكون حجة في الافراد المشكوكة ، إذ المفروض عدم ظهور العام في جميع الافراد حتى يكون حجة في تمامها من المعلومة والمشكوكة الا ما علم بخروجه كما في المخصص المنفصل. وهذا بخلاف المنفصل ، فان العام فيه ينعقد له ظهور في جميع الافراد حتى الخاصّ ، لكن نرفع اليد عن حجية هذا الظهور بالنسبة إلى ما علم كونه من أفراد الخاصّ فقط ، لأقوائية ظهوره من ظهور العام. وأما فيما عدا ذلك ، فحجية ظهور العام فيه سليمة من المانع ، ولذا يكون العام في التخصيص بالمنفصل حجة فيما علم خروجه من الخاصّ ، وفيما احتمل دخوله فيه.

وبالجملة : فالفارق بين المخصص المتصل والمنفصل هو انعقاد ظهور العام في العموم في الثاني ، وعدم انعقاده فيه في الأول.

(٢) هذا إشارة إلى الجهة المشتركة بين المخصص المتصل والمنفصل ، وهي كون استعمال العام في كليهما على نحو الحقيقة ، وضمير «انه» للشأن.

(٣) أي : المخصص المتصل والمنفصل ، وضمير «استعماله» راجع إلى العام.

٤٨٨

وانما اللازم (١) الالتزام بحجية الظهور في الخصوص في الأول (٢) ، وعدم (٣) حجية ظهوره في خصوص ما كان الخاصّ حجة فيه في الثاني (٤) فتفطن.

وقد أجيب (*) عن الاحتجاج (٥) بأن (٦)

______________________________________________________

(١) هذا إشارة إلى الجهة الفارقة بين المتصل والمنفصل.

(٢) يعني : في المخصص المتصل كالعلماء العدول ، فان العام حجة في خصوص الخاصّ ، لعدم انعقاد ظهور للعام في العموم فيه.

(٣) عطف على «حجية» يعني : وانما اللازم الالتزام بعدم حجية ظهور العام في خصوص أفراد المخصص المنفصل ، لأقوائية الخاصّ كما مر مراراً ، والالتزام بحجيته فيما عداها.

(٤) أي : المخصص المنفصل ، وضمير «ظهوره» راجع إلى العام ، وضمير «فيه» راجع إلى «ما» الموصول.

(٥) أي : أجيب عن احتجاج النافي مطلقاً بالإجمال الناشئ من تعدد المجازات.

(٦) متعلق بقوله : «وأجيب». وحاصل هذا الجواب المبني على تسليم مجازية العام المخصص هو : أن الإجمال انما يكون فيما إذا لم يتعين أحدها بمعين. وأما إذا كان هناك معين لأحدها ، فلا يلزم إجمال أصلا ، والمفروض وجوده ، وهو تمام الباقي ، حيث انه أقرب المجازات إلى المعنى الحقيقي بعد تعذر حمل اللفظ عليه ، فإذا كان عدد العلماء مائة مثلا ، وخصص بالنحويين

__________________

(*) هذا الجواب مذكور في التقريرات بقوله : «وأجيب عنه بأن المرجح هو أقربية الباقي لمدلول العام».

٤٨٩

الباقي أقرب المجازات (١).

وفيه (٢) : أنه لا اعتبار في الأقربية بحسب المقدار ، وانما المدار على الأقربية بحسب زيادة الأنس الناشئة (٣) من كثرة الاستعمال (*) وفي تقريرات بحث شيخنا الأستاذ قدس‌سره في مقام الجواب عن الاحتجاج (٤) ما هذا لفظه : «والأولى (٥) أن يجاب بعد تسليم مجازية

______________________________________________________

الذين عددهم عشرة ، فالباقي بعد التخصيص ـ وهو تسعون ـ أقرب إلى المعنى الحقيقي من خصوص الفقهاء الذين عددهم أيضا عشرة مثلا ، وهذه الأقربية توجب تعين الباقي. ومع الأقربية لا إجمال في البين حتى يكون مانعاً عن التمسك بالعامّ.

(١) أي : أقربها إلى المعنى الحقيقي وهو العموم.

(٢) هذا رد الجواب المزبور ، توضيحه : أن الأقربية المرجحة لبعض المجازات لا بد أن تكون ناشئة في أذهان المخاطبين من كثرة استعمال اللفظ في ذلك البعض ، فلا عبرة بالأقربية الناشئة من كثرة الافراد بدون استعمال اللفظ فيها ، فان هذه الأقربية لا توجب تعينه بحيث يصير العام ظاهراً فيه ، إذ لا تلازم بين أكثرية أفراد مجاز من أفراد غيره ، وبين ظهور اللفظ فيها الموجب لأُنس الذهن به الّذي هو المناط في الأقربية المرجحة لبعض المجازات.

(٣) صفة لقوله : «زيادة».

(٤) أي : احتجاج النافي للحجية بالإجمال الناشئ عن تعدد المجازات.

(٥) بعد أن رد التقريرات بما ذكره بقوله : «وأجيب» قال : «والأولى أن

__________________

(*) ينبغي أن يتمم هذا الجواب بأن يقول : «والمفروض عدم ثبوت هذه الكثرة» فالجواب بالأقربية ـ بعد تسليم المجازية ـ لا يرفع الإجمال حتى يكون العام حجة في الباقي.

٤٩٠

الباقي بأن (١) دلالة العام على كل فرد من أفراده غير منوطة بدلالته على فرد آخر من أفراده (٢) ولو (٣) كانت دلالة مجازية ، إذ (٤) هي بواسطة

______________________________________________________

يجاب ... إلخ». توضيح هذا الجواب عن استدلال النافي لحجية العام المخصص بالإجمال لتعدد المجازات هو : وجود المقتضي لحجية العام في الباقي ، وعدم المانع عنها ، لأن دلالة العام على كل واحد من أفراده لأجل انطباق معناه عليه ومن المعلوم عدم ارتباط شيء من هذه الدلالات بأخرى ، لأن مناط الدلالة في كل واحد منها ـ وهو الانطباق ـ موجودة ، ولا تناط إحدى الدلالات بالأخرى بل كل منها مستقلة ، فلو كان للعام مائة فرد ، وخرج عنها عشرون فرداً لم يقدح ذلك في دلالته على الباقي وان كانت الدلالة مجازية كما يدعيه النافي ، حيث انه يدعي كون استعمال المخصص في الباقي مجازاً. وجه عدم القدح : أن المجازية لم توجب الا قصور دلالة العام على أفراد الخاصّ ، فلا يشمل الافراد الخارجة عن حيزه بسبب التخصيص. وأما دلالته على غير ما خرج عنه من الافراد ، فهي باقية على حالها ، إذ ليس المعنى الحقيقي وهو العموم مبايناً للمعنى المجازي حتى تتفاوت الدلالة فيهما ، بل هما من قبيل الأقل والأكثر ، فان المعنى الحقيقي أكثر أفراداً من المعنى المجازي.

وبالجملة : فالمقتضي لدلالة العام على كل واحد من أفراده بالاستقلال ـ وهو الانطباق ـ موجود ، والمانع مفقود ، ومع الشك في وجوده يدفع بالأصل.

(١) متعلق بقوله : «يجاب».

(٢) هذا الضمير وضميرا «دلالته وأفراده» راجعة إلى العام.

(٣) كلمة «لو» وصلية ، يعني : ولو كانت الدلالة مجازية ، كما يقول بها النافي للحجية.

(٤) تعليل لقوله : «ولو كانت» وضمير «هي» راجع إلى المجازية ، يعني :

٤٩١

عدم شموله للافراد المخصوصة ، لا بواسطة دخول غيرها في مدلوله (١) فالمقتضي (٢) للحمل على الباقي موجود والمانع مفقود ، لأن المانع في مثل المقام (٣) انما هو ما يوجب صرف اللفظ عن مدلوله ، والمفروض انتفاؤه (٤) بالنسبة إلى الباقي ، لاختصاص (٥) المخصص بغيره ، فلو شك (٦)

______________________________________________________

أن المجازية انما تنشأ من ناحية خروج أفراد المخصص عن العام ، ولا تنشأ من دخول غير أفراد المخصص في مدلول العام حتى يكون المجازي مبايناً للمعنى الحقيقي ، وتكون مباينتهما موجبة لتفاوت دلالة العام قبل التخصيص وبعده.

(١) هذا الضمير وضمير «شموله» راجعان إلى العام ، وضمير «غيرها» راجع إلى الافراد.

(٢) وهو الدلالة المتقدمة.

(٣) مما لا يكون المعنى المجازي مبايناً للمعنى الحقيقي ، بل يكون من مراتبه.

(٤) أي : انتفاء ما يوجب صرف اللفظ عن مدلوله ، وغرضه انتفاء القرينة الصارفة للعام عن ظهوره في الافراد الباقية بعد التخصيص.

(٥) تعليل لانتفاء القرينة الصارفة بالنسبة إلى الباقي ، وحاصله : اختصاص المخصص بغير الباقي ، فليس في البين ما يوجب صرف العام عن ظهوره في الباقي ، وضمير «بغيره» راجع إلى المخصص.

(٦) يعني : بعد فرض انتفاء القرينة الصارفة للعام عن ظهوره في الباقي لو شك في مانع ـ أي مخصص آخر ـ بالنسبة إلى الباقي ، فالأصل ـ أي أصالة عدم تخصيص زائد ـ محكم. وضمير «بغيره» راجع إلى الباقي.

٤٩٢

فالأصل عدمه (١)» انتهى موضع الحاجة.

قلت (٢) : لا يخفى أن دلالته على كل فرد انما كانت لأجل دلالته على العموم والشمول ، فإذا لم يستعمل فيه (٣) واستعمل (٤) في الخصوص كما هو (٥) المفروض مجازاً ، وكان إرادة كل واحدة [واحد] من مراتب الخصوصيات مما (٦)

______________________________________________________

(١) أي : عدم ما يوجب صرف اللفظ عن مدلوله.

(٢) توضيح ما أورده على التقريرات هو : أن دلالة العام على أفراده انما كانت لأجل استعماله في معناه الحقيقي ـ وهو العموم والشمول ـ فإذا لم يستعمل فيه كما هو المفروض ، لأنه قد استعمل في الخصوص مجازاً ، والمفروض أيضا أن المعاني المجازية كثيرة ، فلا بد من تعيين أحدها بمرجح لئلا يلزم الترجيح بلا مرجح ، والمفروض عدمه ، فلا محالة يصير العام المخصص حينئذ مجملا إذ لا مقتضي لظهوره في الباقي ، لأن منشأ الظهور ومقتضية اما الوضع ، واما القرينة ، وكلاهما مفقود. أما الأول ، فواضح ، لأن المفروض عدم كون الباقي معنى حقيقياً للعام.

وأما الثاني ، فلعدم قرينة في البين إلّا الخاصّ وهو قرينة صارفة ، لا معينة ، فالموجب لظهور العام في الباقي مفقود.

(٣) أي : العموم ، وضمير «دلالته» في الموضعين راجع إلى العام.

(٤) الضميران المستتران في «يستعمل واستعمل» راجعان إلى العام.

(٥) أي : الاستعمال في الخصوص مفروض البحث ، وقوله : «مجازاً» متعلق بقوله : «واستعمل» يعني : واستعمل العام في الخصوص مجازاً.

(٦) أي : من مراتب التخصيص التي جاز انتهاء التخصيص إليها.

٤٩٣

جاز انتهاء التخصيص إليه (١) ، واستعمال (٢) العام فيه مجازاً ممكناً (٣) كان (٤) تعين بعضها بلا معين ترجيحاً بلا مرجح ، ولا مقتضي (٥) لظهوره فيه (٦) ، ضرورة (٧) أن الظهور اما بالوضع ، واما بالقرينة ، والمفروض أنه (٨) ليس بموضوع له ، ولم يكن (٩) هناك قرينة ، وليس له موجب آخر (١٠) ، ودلالته (١١)

______________________________________________________

(١) الضمير راجع إلى «ما» الموصول المراد به مراتب الخصوصيات.

(٢) معطوف على «انتهاء» يعني : ومما جاز استعمال العام فيه ، وضميرا «إليه ، فيه» راجعان إلى «ما» الموصول ، وتذكيرهما باعتبار لفظ الموصول.

(٣) خبر «كان» ، وقوله : «مجازاً» قيد لـ «استعمال» يعني : وجاز استعمال العام فيه مجازاً ، وضمير «بعضها» راجع إلى مراتب.

(٤) جواب «إذا» في قوله : «فإذا لم يستعمل».

(٥) هذا ناظر إلى دفع ما في التقريرات من قوله : «فالمقتضي للحمل على الباقي موجود» وقد أوضحنا هذا الدفع بقولنا : «إذ لا مقتضى لظهوره في الباقي ... إلخ».

(٦) أي : لظهور العام في الخصوص.

(٧) تعليل لعدم المقتضي لظهور العام في الخصوص ، وقد عرفت تقريبه.

(٨) أي : الخصوص ليس معنى حقيقياً حتى يدل العام عليه بالوضع.

(٩) غرضه نفي القرينة على ظهور العام في الباقي ، كما أن ما قبله نفي الظهور بنفي الوضع.

(١٠) يعني : وليس للظهور موجب آخر غير الوضع والقرينة.

(١١) أي : العام ، وهذا ناظر إلى ما في التقريرات من قوله : «بأن دلالة العام

٤٩٤

على كل فرد على حدة حيث كانت في ضمن دلالته (١) على العموم لا يوجب ظهوره في تمام الباقي بعد عدم استعماله في العموم إذا لم تكن هناك قرينة على تعيينه (٢). فالمانع عنه (٣) وان كان مدفوعاً بالأصل ، إلّا أنه لا مقتضي له (٤)

______________________________________________________

على كل فرد من أفراده غير منوطة بدلالته على فرد آخر ... إلخ» وغرض التقريرات ما عرفته مفصلا بقولنا : «وجود المقتضي لحجية العام في الباقي ... إلخ» فراجع.

(١) أي : العام. وحاصل إشكال المصنف على التقريرات : أن دلالة العام على كل فرد من أفراده قبل التخصيص لا تقتضي دلالته على الباقي بعده كما توهم ، وذلك لأن الدلالة على كل واحد من الافراد قبل التخصيص كانت مستندة إلى استعمال العام في معناه الحقيقي ، فالدلالة على كل واحد منها ضمنية ، لا استقلالية ومع فرض عدم استعمال العام في العموم لا مقتضي لظهوره في تمام الباقي ، لانتفاء الدلالة الضمنية بانتفاء المطابقية.

(٢) أي : الباقي ، وقوله : «إذا لم تكن» قيد لقوله : «لا يوجب» يعني : أن دلالة العام على العموم قبل التخصيص لا توجب ظهوره في الباقي بعد التخصيص إذا لم تكن هناك قرينة على تعيين الباقي ، وضميرا «ظهوره واستعماله» راجعان إلى العام ، وقوله : «لا يوجب» خبر لقوله : «ودلالته».

(٣) أي : فالمانع عن الظهور في الباقي وان كان مدفوعاً بأصالة عدم المانع لكنها تجري بعد إحراز المقتضي والشك في وجود المانع ، وقد عرفت عدم وجود المقتضي هنا للظهور في الباقي ، فلا مجال لأصالة عدم المانع كما في التقريرات.

(٤) أي : للظهور في الباقي ، وضمير «انه» للشأن.

٤٩٥

بعد رفع اليد عن الوضع (١). نعم (٢) انما يجدي إذا لم يكن مستعملا الا في العموم كما فيما حققناه في الجواب (٣) ، فتأمل جيداً.

فصل (٤)

إذا كان الخاصّ بحسب المفهوم

______________________________________________________

(١) هذا بمنزلة التعليل لعدم المقتضي للظهور في الباقي ، يعني : أن المقتضي للظهور هو الوضع ، والمفروض رفع اليد عنه ، لعدم استعمال العام في العموم بعد التخصيص.

(٢) يعني : أن أصل عدم المانع انما يجدي فيما إذا استعمل العام في العموم وشك في تخصيصه ، ضرورة أن هذا الأصل يجدي حينئذ لوجود المقتضي وهو الاستعمال في العموم ، وكون الشك في وجود المانع ، فيجري الأصل ، ويترتب عليه حجية العام في تمام مدلوله.

(٣) حيث قال «قده» : «والتحقيق في الجواب أن يقال : انه لا يلزم من التخصيص كون العام مجازاً ، أما في التخصيص بالمتصل فلما عرفت من أنه لا تخصيص أصلا ... إلخ». وغرضه من هذا التحقيق ـ كما تقدم في محله ـ : أن العام لم يستعمل في الخاصّ ، لا في المخصص المتصل ، ولا في المنفصل حتى يكون مجازاً ، بل استعمل في معناه الموضوع له ، وهو العموم في كلا المقامين.

المخصص المجمل

(٤) الغرض من عقد هذا الفصل التعرض لحكم العام المخصص بمخصص مجمل مفهوماً أو مصداقاً ، كما أن الفصل المتقدم قد عقد لبيان حكم الخاصّ

٤٩٦

مجملا (١) بأن كان (٢) دائراً بين الأقل والأكثر وكان منفصلا ، فلا يسري إجماله إلى العام ، لا حقيقة ، ولا حكماً (٣) ، بل كان العام متبعاً فيما لا يتبع فيه الخاصّ (٤) ،

______________________________________________________

المبين مفهوماً ومصداقاً ، كما في التقريرات وغيرها ، وان كان في عبارة المصنف قدس‌سره هناك قصور ، كما تقدمت الإشارة إليه.

(١) المراد بالخاص المجمل هنا الخاصّ اللفظي. وأما اللبي ، فسيأتي بيانه عند تعرض المصنف له.

(٢) إجمال المفهوم قد يكون لتردده بين المتباينين ، كما إذا خصص «العلماء» بـ «زيد» مثلا المشترك بين شخصين ، وهذا سيأتي حكمه إن شاء الله تعالى. وقد يكون لتردده بين الأقل والأكثر ، كدوران مفهوم الفاسق بين مرتكب مطلق المعصية ، وبين مرتكب خصوص الكبيرة ، وهذا هو مورد كلام المصنف فعلا كما أنه مقيد بالانفصال. فموضوع البحث هو الخاصّ اللفظي المنفصل المجمل المردد مفهومه بين الأقل والأكثر ، وحكمه بقاء العام على حجيته في الافراد التي يحتمل دخولها تحت الخاصّ ، كمرتكب المعصية الصغيرة ، وعدم سراية إجمال الخاصّ إليه ، بأن يرفع ظهور العام ويجعله مجملا ، أو يرفع حجيته مع بقاء ظهوره.

(٣) المراد بقوله : «حقيقة» رفع الظهور ، وبقوله : «ولا حكماً» رفع حجيته ، يعني : لا يصير العام بإجمال هذا الخاصّ مجملا لا حقيقة ـ بمعنى ارتفاع ظهوره ـ ولا حكماً بارتفاع حجية ظهوره ، كما مر.

(٤) ضمير «فيه» راجع إلى «ما» الموصول المراد به الفرد الّذي يحتمل دخوله تحت الخاصّ ، كمرتكب المعصية الصغيرة الّذي يحتمل فرديته للفاسق

٤٩٧

لوضوح (١) أنه (٢) حجة فيه بلا مزاحم أصلا ، ضرورة (٣) أن الخاصّ انما يزاحمه فيما هو حجة على خلافه (٤)

______________________________________________________

في المثال المتقدم ، فان الخاصّ لا يكون حجة فيه ، بل المرجع فيه هو العام فيحكم حينئذ بوجوب إكرام مرتكب الصغيرة.

(١) تعليل لبقاء العام على حجيته في الفرد المشكوك دخوله تحت الخاصّ وحاصله : أن العام قد انعقد له ظهور في العموم ، إذ المفروض انفصال الخاصّ عنه الّذي لا يمنع ظهور العام في العموم ، بل يزاحمه في الحجية فقط ، ومن المعلوم أن الخاصّ حجة في خصوص الفرد المعلوم دخوله تحته ، كمرتكب الكبيرة في المثال ، وليس حجة فيما يحتمل كونه فرداً له ـ كمرتكب الصغيرة ـ للشك في فرديته للخاص ، ومن المعلوم عدم صحة التمسك بدليل في مورد مع الشك في موضوعيته لذلك الدليل. ففي المقام لما كانت فردية مرتكب الصغيرة للخاص ـ أعني الفاسق ـ مشكوكة ، فلا يصح التشبث بدليل الخاصّ كقوله : «لا تكرم فساق العلماء» لإثبات حرمته ، فلا مزاحم حينئذ لحجية العام في هذا الفرد المحتمل دخوله تحت الخاصّ ، والحكم بوجوب إكرامه. وعليه ، فمزاحمة الخاصّ لحجية العام مختصة بما علم فرديته للخاص ـ كمرتكب الكبيرة ـ فيقدم الخاصّ عليه تقديماً للنص أو الأظهر على الظاهر ، كما هو المتداول عند أبناء المحاورة. وأما الفرد المحتمل ، فمزاحمة الخاصّ للعام فيه من مزاحمة اللاحجة بالحجة.

(٢) أي : العام حجة فيما لا يتبع فيه الخاصّ ، وهو ما احتمل فرديته للخاص.

(٣) تعليل لحجية العام في الفرد المحتمل دخوله تحت الخاصّ ، وقد أوضحناه بقولنا : «فمزاحمة الخاصّ لحجية العام مختصة بما علم ... إلخ».

(٤) هذا الضمير وضمير «يزاحمه» راجعان إلى العام ، وضمير «هو» راجع إلى

٤٩٨

تحكيماً للنص أو الأظهر على الظاهر ، لا (١) فيما لا يكون كذلك كما لا يخفى.

وان لم يكن (*) كذلك (٢) بأن كان دائراً بين المتباينين مطلقاً (٣)

______________________________________________________

الخاصّ يعني : أن الخاصّ انما يزاحم العام في الفرد المعلوم دخوله تحت الخاصّ ، دون الفرد المحتمل.

(١) يعني : لا يزاحم الخاصّ العام فيما لا يكون الخاصّ حجة فيه من الفرد المحتمل دخوله تحته ، كما فيما نحن فيه.

(٢) يعني : وان لم يكن الخاصّ دائراً بين الأقل والأكثر بأن كان إجماله لتردد مفهومه بين المتباينين ، فلا يجوز التمسك بالعامّ سواء كان متصلا بالعامّ كأن يقول : «أكرم العلماء الا زيداً» مع كونه مشتركاً لفظياً بين شخصين ، أم منفصلا عنه كأن يقول : «لا تكرم زيداً العالم» عقيب قوله : «أكرم العلماء».

(٣) أي : من غير فرق في عدم جواز التمسك بالعامّ في الخاصّ المجمل المردد بين المتباينين بين اتصال الخاصّ بالعامّ وبين انفصاله عنه.

والوجه في عدم جواز التمسك بالعامّ : أما في المتصل ، فلعدم انعقاد ظهور للعام في العموم فيه ، كما تقدم في المخصص المتصل المجمل المردد بين الأقل والأكثر ، حيث ان احتفاف الكلام بالمجمل يوجب إجماله. وأما في المنفصل

__________________

(*) حق العبارة أن تكون هكذا : «إذا كان الخاصّ بحسب المفهوم مجملا فان كان دائرا بين الأقل والأكثر وكان منفصلا .... وان كان دائراً بين المتباينين مطلقاً أو بين الأقل والأكثر مع كونه متصلا بالعامّ فيسري إجماله إليه حكماً ... إلخ».

٤٩٩

أو (١) بين الأقل والأكثر فيما كان متصلا ، فيسري (٢) إجماله إليه حكماً (٣) في المنفصل المردد بين المتباينين ، وحقيقة (٤) في غيره.

______________________________________________________

فلان العام وان انعقد له ظهور في العموم ، لكن هذا الظهور ليس بحجة ، لعدم إرادته بعد العلم الإجمالي بالتخصيص بأحد المتباينين.

(١) يعني : أو كان الخاصّ دائراً بين الأقل والأكثر مع اتصاله بالعامّ.

(٢) هذا حكم صور ثلاث : الأولى : الخاصّ المتصل المجمل المردد بين المتباينين. الثانية : هذه الصورة مع انفصال الخاصّ.

الثالثة : الخاصّ المجمل المفهومي المردد بين الأقل والأكثر مع اتصاله بالعامّ ، فان العام ليس في شيء من هذه الصور مرجعاً ، اما لعدم الظهور في الشمول كما في صورتين منها ، إحداهما : الخاصّ المتصل المجمل المردد بين المتباينين. ثانيتهما : الخاصّ المتصل المجمل مفهوماً المردد بين الأقل والأكثر.

واما لعدم حجية ظهوره ، كما في المخصص المنفصل المردد بين المتباينين.

وأما الخاصّ المنفصل المجمل المفهومي المردد بين الأقل والأكثر ، فقد تقدم في أول الفصل عدم قدحه ، لا في أصل الظهور ، ولا في حجيته ، فالمرجع في الفرد المحتمل دخوله تحت الخاصّ هو العام بالتقريب المتقدم.

(٣) أي : من حيث حجية ظهور العام ، لا أصل ظهوره ، فيسقط ظهوره عن الاعتبار. وضمير «إجماله» راجع إلى الخاصّ ، وضمير «إليه» إلى العام وضمير «في غيره» إلى المنفصل.

(٤) معطوف على «حكماً» والمراد بقوله : «حقيقة» انتفاء أصل الظهور ، والمقصود بقوله : «في غيره» الخاصّ المتصل سواء كان مردداً بين المتباينين أم الأقل والأكثر.

٥٠٠