البهجة المرضيّة على ألفيّة ابن مالك

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

البهجة المرضيّة على ألفيّة ابن مالك

المؤلف:

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
المطبعة: وفا
الطبعة: ١٩
ISBN: 978-964-6397-13-2
الصفحات: ٥٩٠

مرفوعا كان (ذلك المعمول الباقي) نحو (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ)(١) أي ولتسكن زوجك ، أو منصوبا نحو (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ)(٢) أي وألفوا (٣) الإيمان ، أو مجرورا نحو «ما كلّ سوداء تمرة ولا بيضاء شحمة» أي ولا كلّ بيضاء شحمة» ، ولم يجعل العطف فيهنّ علي الموجود في الكلام (٤) (دفعا لوهم أتّقي) وهو (٥) رفع [فعل] الأمر للظّاهر في الأوّل وكون الإيمان متبوّء في الثّاني ، والعطف علي معمولي عاملين في الثّالث.

وحذف متبوع بدا هنا استبح

وعطفك الفعل علي الفعل يصحّ

واعطف علي اسم شبه فعل فعلا

وعكسا استعمل تجده سهلا

(وحذف متبوع (٦) بدا) أي ظهر (هنا استبح) نحو (وَلِتُصْنَعَ عَلى

__________________

(١) البقرة ، الآية : ٣٥.

(٢) الحشر ، الآية : ٩.

(٣) بفتح الهمزة وكسر اللام من الألفة بمعني الأنس.

(٤) أي : على (أنت) في الأولي و (الدار) في الثانية و (سوداء تمرة) في الثالثة.

(٥) أي : الوهم والإشكال المدفوع في الأول رفع فعل الأمر وهو (اسكن) للظاهر ، وهو زوجك إذ لو كان زوجك عطفا على أنت يصح حلوله محله فيكون فاعلا لاسكن وفعل الأمر لا يرفع الظاهر.

والإشكال المتوهم في الثاني لزوم أن يكون الإيمان مبتوّءا أي : مكانا فإن مقتضي عطفه على الدار حلوله محل الدار فيصير تبوّئوا الإيمان أي : حلّوا في الإيمان.

والإشكال المتوهم في الثالث العطف بعاطف واحد على معمولين لعاملين مختلفين ، لأن سوداء معمول لكل بالإضافة وتمرة معمول لما المشبهة بليس لأنها خبرها وهذا العطف يحتاج إلى عاطفين وعاطف واحد لا يكفي لذلك.

وقوله دفعا لوهم أتقي اشارة إلى أن الإشكال في الثلاثة موهم لا أساس له ، وإنما الدفع اتقاء واحتياط وذلك لأن الإشكال في الأولين مبتن على حلول المتعاطفين محل الآخر ، وقد مر من المصنف رده والمنع في الثالث مختلف فيه بين النحاة وظاهر الأكثر عدم المنع.

(٦) أي : حذف (معطوف عليه) معلوم عند السامع جائز ، وهنا أي في عطف النسق.

٣٦١

عَيْنِي)(١) أي لترحم ولتصنع (٢).

(وعطفك الفعل علي الفعل) إن اتّحد في الزّمان (يصحّ) نحو (لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً وَنُسْقِيَهُ)(٣)(٤) ولا يضرّ اختلافهما في اللّفظ (٥) نحو (تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً)(٦)(٧).

(واعطف علي اسم شبه فعل (٨) فعلا) نحو (فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً فَأَثَرْنَ)(٩) (وعكسا (١٠) استعمل تجده سهلا) نحو (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِ)(١١).

__________________

(١) طه ، الآية : ٣٩.

(٢) فحذف المتبوع (ولترحم) للعلم به.

(٣) لأن زمان إحياء البلدة والسقي واحد.

(٤) الفرقان ، الآية : ٤٩.

(٥) بأن يكون أحد الفعلين بلفظ الماضي والآخر بلفظ المضارع إذا كانا متحدين في المعني زمانا.

(٦) فإن المعطوف والمعطوف عليه أي (جعل ويجعل) وإن كانا مختلفين لفظا لكون المعطوف عليه ماضيا والمعطوف مضارعا لكنهما متحدان زمانا لأن جعل جزاء لإن الشرطية و (إن) يحوّل الماضي إلى الاستقبال.

(٧) الفرقان ، الآية : ١٠.

(٨) كاسم الفاعل والمفعول والصفة المشبهة أي : يجوز عطف الفعل على اسم شبه الفعل ، كما عطف (أثرن) على (المغيرات).

(٩) العاديات ، الآية : ٣ و ٤.

(١٠) أي عطف اسم شبه الفعل على الفعل ، كما عطف (مخرج) على يخرج.

(١١) الأنعام ، الآية : ٩٥.

٣٦٢

الرّابع من التّوابع البدل

التّابع المقصود بالحكم بلا

واسطة هو المسمّي بدلا

(التّابع المقصود بالحكم (١) بلا واسطة هو المسمّي بدلا) فخرج بالمقصود غيره وهو النّعت والتّأكيد والبيان (٢) والعطف بالحرف (٣) غير بل و [غير] لكن ، في الإثبات ، وبنفي الواسطة (٤) المقصود بواسطة وهو العطف بـ «بل» و «لكن» في الإثبات.

__________________

(١) أي : المقصود بالحكم وحده ، فمن هنا خرج العطف بالواو لأنه مقصود مع المعطوف عليه لا وحده.

(٢) لأن المقصود بالذات عند إتيان هذه الثلاثة هو المتبوع ، وإنما يؤتي بما لتوضيح المتبوع وبيانه ففي مثل قولنا رأيت زيدا الفاضل وزيد نفسه وزيدا أخاك (المقصود بالحكم أي : (الرؤية) هو (زيد) وإنما أتي بالفاضل ونفسه وأخاك لتوضيح زيد وبيانه.

(٣) أمّا في العطف بالواو وأو وإمّا وان كان التابع مقصودا بالحكم لكن لا وحده ، بل مشتركا مع متبوعه ، وأما العطف ببل وبلكن في النفى ، فلأنّ المقصود بالحكم هو المتبوع فقط لانّ قول القائل ما جاء زيد ، بل عمرو أو لكن عمرو أنّما يراد به دفع توهم السامع بأن الجائي زيد فلدفع هذا التوهم يقول ما جاء زيد ، بل عمرو أو لكن عمرو.

فالمقصود بالحكم هو زيد المتبوع وحكمه نفي المجيء لا عمرو التابع وإثبات المجيء له.

(٤) أي : خرج بقوله (بلا واسطة) التابع المقصود بالحكم لكن مع واسطة حرف ، وذلك لأن المعطوف ببل وبلكن في الإتيان تابع مقصود بالحكم وحده دون معطوفه ، ففي مثل قولنا جاء زيد بل عمرو أو لكن عمرو المقصود للمتكلم إثبات المجيء لعمرو وإنّما أتي بزيد توطئة وتهيئة للسامع فكأنه قال جاء زيد ثم قال اشتبهت بل عمرو ، فقول المصنف : (التابع المقصود بالحكم) شامل له فاحتاج لإخراجه إلى قوله (بلا واسطة).

٣٦٣

مطابقا أو بعضا أو ما يشتمل

عليه يلفي أو كمعطوف ببل

(مطابقا) (١) للمبدل منه (أو بعضا) منه (أو ما يشتمل عليه يلفى) البدل ، بأن يدلّ علي معني في المتبوع أو يستلزمه فيه (٢) (أو كمعطوف ببل).

وذا للإضراب اعز إن قصدا صحب

ودون قصد غلط به سلب

(وذا) القسم (٣) (للإضراب) والبداء (أعز (٤) إن قصدا) صحيحا (٥) لكلّ منهما (صحب) وللنّسيان إن قصد الأوّل ثمّ يتبيّن فساده (ودون قصد) (٦) للأوّل (غلط) وقع فيه (٧) (به) أي بالبدل (سلب) (٨).

كزره خالدا وقبّله اليدا

واعرفه حقّه وخذ نبلا مدى

فألأوّل (٩) (كزره خالدا و) الثّاني (١٠) واشترط كثير مصاحبته ضميرا عائدا علي

__________________

(١) حال للتابع أي : حالكون التابع مطابقا للمبدل منه أو بعضا منه ويمثل لهما بقوله كزره خالدا وقبّله اليدا.

(٢) أي : يستلزم معني في المتبوع ويمثل له الشارح بقوله تعالى : (قتل ...) فإن النّار ملازم للأخدود في المعنى ، والمراد من بدل الاشتمال هو اشتمال المبدل منه على البدل لا العكس كما قد يتوهّم.

(٣) أى : القسم الذي مثل معطوف بل على قسمين بدل إضراب وبدل غلط وزاد الشارح ثالثا وهو بدل النسيان.

(٤) أي : انسب فقل بدل (إضرابي) أو (بدائي) والإضراب بمعني رفع اليد وصرف النظر عن السابق والبداء هو الندم.

(٥) لم يصدر عن نسيان وغلط.

(٦) أي : دون قصد صحيح ، وإلا فالقصد واقع في الغلط.

(٧) أي : في القصد.

(٨) أي : سلب الغلط وصحّح بالبدل.

(٩) أي : المطابق ، فإن (خالد) مطابق للضمير لا بعضه ولا غيره المشتمل عليه.

(١٠) أي : بدل البعض ، فإن (اليد) بعض الشخص.

٣٦٤

المبدل منه ، (١) وأباه المصنّف نحو (وقبّله اليدا) (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ)(٢)(٣) (و) الثّالث وهو كالثاني (٤) نحو (إعرفه حقّه) (٥)(قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ)(٦)(٧) (و) الرّابع والخامس والسّادس (٨) نحو (خذ نبلا مدى) جمع مدية وهو السّكّين ، (٩) والأحسن في هذه الثّلاثة أن يؤتى ببل (١٠).

فصل : يبدل الظّاهر من الظاهر معرفتين كانا أو نكرتين أو مختلفين (١١) والمضمر من الظّاهر والظّاهر من ضمير الغائب.

ومن ضمير الحاضر الظّاهر لا

تبدله إلّا ما إحاطة جلا

__________________

(١) بأن يقال : قبّله يده.

(٢) فمن استطاع بدل من الناس والمستطيع بعض الناس ومثّل بمثالين ، لأنّ البعض قد يكون جزأ من الكلّ ، وقد يكون فردا من الكليّ.

(٣) آل عمران ، الآية : ٩٧.

(٤) أي : كبدل البعض في الخلاف في اشتراط الضمير.

(٥) حقّه بدل اشتمال من ضمير المفعول في أعرفه لاشتمال الشخص على الحق ، ودلالة الحق على معني في الشخص.

(٦) فالنار بدل اشتمال من الأخدود لاشتمال الأخدود على النار بمعني أن النار ملازم للأخدود في المعنى ، أي : في الخارج ، لأن الأخدود حفيرة معدّة للنار فتلازمها.

(٧) البروج ، الآية : ٤ و ٥.

(٨) أي : الإضراب والنسيان والغلط.

(٩) والنبل السهم فإن كان المتكلّم قصد من أول الأمر النبل لكنه بذا له وقصد المدي فهو إضراب وإن كان قصد المدي لكنه نسي قصده وقال خذ نبلا فتذكر وقال مدي فهو بدل نسيان ، وإن كان قصده المدي ولم ينس قصده لكن سبق لسانه إلى النبل غلطا ثم تدارك غلطه وقال مدي فهو بدل غلط.

(١٠) فيقال : خذ نبلا بل مدى.

(١١) فالأول كالأخدود النار ، والثاني نحو خذ نبلا مدي وإبدال المعرفة من النكرة نحو قبّل رجلا يده ، والعكس نحو قبّله يدا والمضمر من الظاهر نحو ضربت زيدا إياك في الغلط ، والظاهر من ضمير الغائب نحو قبّله اليد.

٣٦٥

أو اقتضي بعضا أو اشتمالا

كأنّك ابتهاجك استمالا

(ومن ضمير الحاضر (١) الظّاهر لا تبدله) خلافا للأخفش ، والظّاهر مفعول «تبدله» (٢) متعلّق «من» في أوّل البيت (إلّا ما إحاطة جلا) نحو (تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا)(٣)(٤) (أو اقتضي بعضا) نحو :

أو عدني بالسّجن والأداهم

رجلي (٥) [فرجلي شثنة المناسم]

(أو اشتمالا ، كأنّك ابتهاجك استمالا). (٦)

وبدل المضمّن الهمزيلى

همزا كمن ذا أسعيد أم على

(وبدل) الإسم ر (المضمّن) معني (الهمز) للإستفهام (٧) (يلي همزا كمن ذا أسعيد أم علىّ) (٨) و «كيف أصبحت أقويّا أم ضعيفا». (٩)

تتمة : بدل المضمّن معني الشّرط (١٠) يلي حرف الشّرط ، نحو «مهما تصنع إن

__________________

(١) والمراد به ما هو أعم من المخاطب والمتكلم يعني أن اسم الظاهر لا يكون بدلا من الضمير الحاضر ، إلا إذا كان الظاهر محيطا بالضمير أو بعضا منه أو مشتملا عليه.

(٢) المقدّر من باب الاشتغال أى : لا تبدل الظاهر من الضمير الحاضر.

(٣) فأوّلنا وآخرنا بدلان من ضمير المتكلم فى (لنا) وهما محيطان بالمبدل منه ، لأن أوّل الشيء وآخره محيطان به.

(٤) المائدة ، الآية : ١١٤.

(٥) فرجلي بدل من ياء المتكلم في أوعد في بدل البعض من الكل ، لأن رجل المتكلم بعضه.

(٦) ابتهاج بدل اشتمال من المخاطب في (انك) ومعني الاشتمال ، كما سبق أن يدل على معني في متبوعه ، والابتهاج وهو بشاشة الوجه معني يتحقّق في المخاطب ، والمخاطب مشتمل على الابتهاج و (استمالا) فعل ماض ، والألف الأخير ألف إطلاق ، أي : بشاشة وجهك جذب ميول الناس.

(٧) والمراد اسم الاستفهام كمن وكيف.

(٨) (من) الاستفهامية مبتدأ و (ذا) خبره ، و (سعيد) الواقع بعد همزة الاستفهام بدل (من) و (علي) عطف على سعيد.

(٩) كيف الاستفهامية مفعول مقدم لأصبحت و (قويّا) بدل كيف.

(١٠) أي : بدل اسم الشرط يجب أن يقع بعد حرف الشرط.

٣٦٦

خيرا وإن شرّا تجز به» (١) (و) كما يبدل الإسم من الاسم.

ويبدل الفعل من الفعل كمن

يصل إلينا يستعن بنايعن

(يبدل الفعل من الفعل) بدل كلّ نحو :

متي تأتنا تلمم بنا في ديارنا

[تجد حطبا جزلا ونارا تأجّجا]

لأنّ الإلمام هو الإتيان ، (٢) وبدل الإشتمال (كمن يصل إلينا يستعن بنا يعن) لأنّ الإستعانة يستلزم معني في الوصول ، وهو نجحه (٣).

كذا قال ابن النّاظم ومنع ابن هشام الاستلزام (٤). قال : وقد يستعين ولا يعان فلا يكون الوصول منجحا. قال : والواجب رفع يستعين حالا (٥) كتعشو في قوله :

متي تأته تعشو إلى ضوء ناره

[تجد خير نار عندها خير موقد]

تتمة : تبدل الجملة من الجملة ، نحو (أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ)(٦)(٧) ، والجملة من المفرد ، نحو :

إلي الله أشكو بالمدينة حاجة

وبالشّام أخري كيف يلتقيان (٨)

__________________

(١) خيرا بدل (مهما) ولهذا وقع بعد إن الشرطية.

(٢) فهما مترادفان والمرادف للشىء كله.

(٣) يريد أنّ الاستعانة معني في ضمن الوصول ، كما أن النار في الأخدود لأن الاستعانة إذا تحقّقت مع الوصول فقد حصل وصول ناجح مفيد وضمير هو يعود إلى (معني) أي : ذلك المعني الذي أوجده الاستعانة في الوصول هو نجح الوصول فيلزمه ويضمّنه معني في جوفه.

(٤) حاصل الإشكال أن النجح ليس لازما للاستعانة ليتحقّق في الوصول ويصير الوصول مشتملا على النجح ، فإن الاستعانة طلب العون لا العون نفسه ليصير الوصول ناجحا فقد يستعين الواصل ولا يعان فلا يكون الوصول ناجحا.

(٥) فليس بمجزوم ليكون بدلا لعدم تحقق اللزوم والاشتمال.

(٦) فجملة أمدكم بأنعام بدل من جملة أمدكم بما تعملون.

(٧) الشعراء ، الآية : ١٣٢ و ١٣٣.

(٨) جملة كيف يلتقيان بدل من (أخرى).

٣٦٧

هذا باب النداء

وللمنادي النّاء أو كالنّاءيا

وأي وءا كذا أيا ثمّ هيا

(وللمنادي النّاء) أي البعيد (أو) الّذي (كالنّاء) كالنّائم والسّاهي (يا وأي) بفتح الهمزة وسكون الياء (وءا) بألف بعد الهمزة (كذا أيا ثمّ هيا).

والهمز للدّان ووا لمن ندب

أويا وغير وا لدي اللّبس اجتنب

وغير مندوب ومضمر وما

جا مستغاثا قد يعرّي فاعلما

(والهمز) فقط (للدّان) أي القريب (ووا) ائت بها (لمن ندب أو يا (١) وغير وا) وهو يا (لدي اللّبس) بغير المندوب (اجتنب) بضمّ التّاء.

و) كلّ منادي (غير مندوب ومضمر وما جاء مستغاثا) (٢) واسم الله كما في الكافية (قد يعرّى) من حروف النّداء ، بأن يحذف (فاعلما) نحو :

(يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا)(٣) ، (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَ)(٤)(٥) ولا يجوز حذفه

__________________

(١) يعني (يا) أيضا تأتي لمن ندب أي : من يرثي عليه لموته

(٢) المستغاث : من نودي للتخلّص من شدّة.

(٣) يوسف ، الآية : ٢٩.

(٤) والتقدير يا يوسف ويا رب.

(٥) نوح ، الآية : ٢٨.

٣٦٨

من المندوب ولا المستغاث لأنّ المطلوب فيهما تطويل الصّوت ، ولا المضمر (١) علي أنّ ندائه شاذّ ، ولا الاسم الكريم إذا لم تعوّض في آخره ميم مشدّدة (٢).

وذاك في اسم الجنس والمشار له

قلّ ومن يمنعه فانصر عاذله

(وذاك) الحذف مجيئه (في اسم الجنس) المعيّن (والمشار له قلّ) نحو : «ثوبي حجر» ، (٣)(ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ)(٤)(٥) ، وهل يقاس عليه أو يقتصر علي السّماع؟

البصريّون والمصنّف علي الثّاني والكوفيّون علي الأوّل (و) أمّا (من يمنعه) سماعا وقياسا (فانصر عاذله) أي لائمه علي ذلك لأنّه مخطي في منعه.

وابن المعرّف المنادي المفردا

علي الّذي في رفعه قد عهدا

(وابن المعرّف) إمّا بالعلمية أو بالقصد (٦) (المنادي المفردا) لتضمّنه معني كاف الخطاب (٧) (علي الّذي في رفعه قد عهدا) (٨) كيا زيد يا زيدان يا زيدون.

وانو انضمام ما بنوا قبل النّدا

وليجر مجري ذي بناء جدّدا

__________________

(١) نحو يا هو.

(٢) فإذا عوض نحو اللهم حذف حرف النداء لئلّا يجتمع العوض والمعوّض.

(٣) أي : ثوبي يا حجر يقوله من طرح ثوبه على حجر معين لينشف ثم يأتي ولا يجده.

(٤) أى : يا هؤلاء.

(٥) البقرة ، الآية : ٨٥.

(٦) إذا كان المنادي نكرة مقصودة.

(٧) فإن النداء مثل يا زيد بمعني ادعوك فحرف النداء بمنزلة ادعو والمنادي بمنزلة كاف الخطاب وهو حرف فبني لتضمّنه الحرف.

(٨) أى : المنادي مبني على حاله في الرفع فإن كان مفردا فعلى الضم وإن كان تثنية فعلى الألف والجمع على الواو.

٣٦٩

(وانو) أي قدّر (انضمام ما بنوا) أو حكوا كما في العمدة (قبل النّدا) كيا سيبويه (وليجر مجري ذي بناء جدّدا) (١) فليحكم عليه بنصب محلّه.

والمفرد المنكور والمضافا

وشبهه انصب عادما خلافا

ونحو زيد ضمّ وافتحنّ من

نحو أزيد بن سعيد لاتهن

والضّمّ إن لم يل الابن علما

أو يل الابن علم قد حتما

(والمفرد المنكور) الّذي لم يقصد (والمضافا وشبهه انصب عادما خلافا) معتدّا به ، نحو : «يا غافلا والموت يطلبه» (٢) و «يا عبد الله» و «يا حسن الوجه» ، (٣) وأجاز تغلب ضمّه (٤) و «يا ثلاثة وثلاثين» (٥) (ونحو زيد ضمّ وافتحنّ من) (٦) كلّ علم مضموم (٧) إذا وصف بابن أو ابنة متّصلا مضافا إلى علم (نحو أزيد بن سعيد لاتهن) و «يا هند ابنة عاصم» ويجوز في هذه الحالة (٨) حذف ألف ابن خطّا.

والضّمّ حتم إن فصل نحو : «يا سعيد المحسن ابن خالد». (و) كذا (٩) (الضّمّ إن لم

__________________

(١) يعني أن المنادي المعرف أو المخصوص إذا كان مبنيا قبل النداء أو كان محكيا كتأبط فكما أنه يقدر بناءه على الضم لأجل النداء فكذا يعامل معه معاملة المبني المجدد ، أي : المبني للنداء ، فيحكم بأن محله منصوب فيجوز نصب تابعه لأجل محله كما سيجيء في تابع المنادى.

(٢) مثال للنكرة الغير المقصودة إذ لم يقصد غافلا معيّنا بل أيّ غافل كان.

(٣) مثالان للمنادي المضاف (الأول) للإضافة المعنوية و (الثاني) للفظية لإضافة الصفة إلى معمولها.

(٤) أي : ضمّ المضاف اللفظي كحسن الوجه وما شاكله.

(٥) مثال لشبه المضاف ، لأن ثلاثين متمم لثلاثة كما أن المضاف إليه متمّم للمضاف.

(٦) أي : يجوز الوجهان.

(٧) أى : مضموم لفظا ليخرج يا عيسى ابن مريم فإنه مفتوح لفظا دائما.

(٨) أي : في حالة كون ابن صفة للمنادي يجوز حذف ألفه خطّا كما أنها محذوفة لفظا.

(٩) أي : كما أن ضمّ المنادي حتم فيما إذا فصل بين المنادي وابن كذا ضمّ المنادي حتم إذا وقع ابن بعد غير

٣٧٠

يل الابن) بالرّفع (علما أو) لم (يل الابن) بالنّصب (علم قد حتما) نحو : «يا غلام ابن أخينا» و «يا زيد ابن أخينا» و «يا غلام ابن زيد» (١).

واضمم أو انصب ما اضطرارا نوّنا

ممّا له استحقاق ضمّ بيّنا

(واضمم أو انصب ما اضطرارا نوّنا ممّا له استحقاق ضمّ بيّنا) (٢) نحو :

سلام الله يا مطر عليها

[وليس عليك يا مطر السّلام]

[ضربت صدرها إلي وقالت]

يا عديّا لقد وقتك الأواقي (٣)

والأوّل (٤) أولي إن كان علما قاله في الكافية.

وباضطرار خصّ جمع يا وأل

إلّا مع الله ومحكي الجمل

(وباضطرار خصّ جمع يا وأل) نحو :

فيا الغلامان اللّذان فرّا

[إيّاكما أن تكسبان شرّا]

ولا يجوز في السّعة خلافا للبغداديّين كراهة الجمع (٥) بين أداتي التّعريف

__________________

العلم بأن يكون المنادي غير علم نحويا غلام ابن أخينا وكذا يحتم ضمه إذا لم يقع بعد ابن علم ، بأن أضيف إلى غير العلم نحو يا زيد ابن أخينا.

(١) المثال الأول لما لم يقع ابن بعد علم ولا وقع بعده علم فإن غلام وأخينا كليهما غير علمين ، والثاني لما وقع بعد علم لكن الواقع بعده غير علم ، والثالث لما كان إبن واقعا بعد غير علم ، وان كان الواقع بعده علما.

(٢) يعني إذا كان المنادي مما يستحق البناء لكونه مفردا معرفة أو نكرة مخصوصة لكن ضرورة الشعر أوجبت تنوينه ففي مثل هذه الموارد يجوز ضمه ونصبه فمطر في قول الشاعر علم لشخص ولو لا ضرورة الشعر لبني على الضم لكن الضرورة اقتضت تنوينه فيجوز فيه الأمران.

(٣) هذا مثال للنكرة المقصودة ، لأن (عدي) ليس علما ، بل تصغير العدوّ ، أي : يا عدوا صغيرا.

(٤) أي : الضم مع التنوين فالأولي في (مطر) ضمه وفي (عديّ) نصبه.

(٥) أي : عدم جواز الجمع بين (يا) و (أل) لأجل كراهة الجمع بين أداتي التعريف لأن حرف النداء أيضا أداة التعريف.

٣٧١

ومحلّ جواز ما فيه أل إذا كانت لغير العهد فإن كانت له لم يناد أصلا (١) قاله ابن النّحّاس في تعليقه (إلّا مع الله) فيجوز في السّعة أيضا لكثرة الاستعمال ، ويجوز حينئذ قطع ألفه وحذفها (٢) (و) إلّا مع (محكي الجمل) (٣) نحو : «يا الرّجل منطلق» (٤)

والأكثر اللهمّ بالتّعويض

وشذّيا اللهمّ في قريض

(والأكثر) في اسم الله تعالي إذا نودي أن يقال (اللهمّ بالتّعويض) عن حرف النّداء ميما مشدّدة في آخره ، ولذا (٥) لا يجمع بينهما (وشذّ يا اللهمّ) إلّا (في قريض) أي شعر ، وهو قوله :

إنّي إذا ما حدث ألمّا

أقول يا اللهمّ يا اللهمّا

__________________

(١) حتى في الضرورة.

(٢) أي : إذا دخل (يا) على الله يجوز أن يجعل ألف الله همزة قطع فيذكر أو همزة وصل فيحذف.

(٣) يعني إذا وقع (يا) مع جملة محكية بأن كانت الجملة علما لشخص أيضا يجمع (يا) مع أل.

(٤) إذا كان جملة (الرجل منطلق) علما لشخص.

(٥) أي : لكون ميم عوضا عن حرف النداء لا يجمع بين الميم وحرف النداء لعدم جواز الجمع بين العوض والمعوض.

٣٧٢

فصل في أحكام توابع المنادى

تابع ذي الضّمّ المضاف دون أل

ألزمه نصبا كأزيد ذا الحيل

(تابع) المنادي (ذي الضّمّ المضاف) صفة التّابع (دون أل ألزمه نصبا) (١) إذا كان نعتا توكيدا أو بيانا (كأزيد ذا الحيل) وأجاز ابن الأنباري رفعه.

وما سواه ارفع أو انصب واجعلا

كمستقلّ نسقا وبدلا

(وما سواه) أي سوي المضاف المجرّد من أل كالمفرد ، والمضاف المقرون بها ـ (ارفع) حملا علي اللّفظ ، نحو : «يا زيد العاقل والكريم الأب» و «يا تميم أجمعون» و «يا غلام بشرا» (٢) (أو انصب) حملا علي الموضع ، (٣) نحو : «يا زيد العاقل والكريم الأب» و «يا تميم أجمعين» و «يا غلام بشرا».

(واجعلا كمستقلّ نسقا) مجرّدا من أل (وبدلا) (٤) فضمّهما حيث يضمّ المنادي

__________________

(١) فتقدير البيت ألزم نصب تابع المنادي المبني على الضم (بأن كان مفردا معرفة أو نكرة مقصودة) إذا كان التابع مضافا وكان مجردا من (أل).

(٢) المثال الأول للنعت غير المضاف والثاني للنعت المضاف المقرون بال والثالث للتأكيد الغير المضاف والرابع للبيان الغير المضاف.

(٣) لأن موضع المنادي نصب بتقدير ادعو.

(٤) يعني اجعل المعطوف بعطف النسق ، وكذا البدل كما إذا دخل عليهما حرف النداء فإن كانا مفردين

٣٧٣

وانصبهما حيث ينصب المنادي وإن كان المتبوع بخلاف ذلك.

وإن يكن مصحوب أل ما نسقا

ففيه وجهان ورفع ينتقى

(وإن يكن مصحوب أل ما نسقا (١) ففيه وجهان) : نصب وهو عند أبي عمرو ويونس والجرمي يختار (ورفع) وهو عند الخليل والمازني والمصنّف (ينتقى) وفصّل المبرّد بين ما فيه أل للتّعريف ، فالنّصب ، وما لا ، فالرّفع.

وأيّها مصحوب أل بعد صفة

يلزم بالرّفع لدي ذي المعرفة

وأي هذا أيّها الّذي ورد

ووصف أي بسوي هذا يردّ

(وأيّها) مبتدأ أوّل (مصحوب أل) مبتدأ ثان (بعد) أي بعد أيّها ، حال كونه (صفة) لها [أىّ] (يلزم) (٢) وهو الخبر لأنّها (٣) [أىّ] مبهمة ، فلا تستعمل بغير صلة إلّا في الجزاء والاستفهام ، فلمّا لم توصل ألزم الصّفة لتبيّنها وهي معربة (بالرّفع لدي ذي المعرفة) نحو (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ)(٤) ، وقد تزاد فيها التّاء للمؤنّث نحو (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ)(٥).

__________________

معرفتين أو نكرتين مقصودتين فابنهما على الضم وإن كان متبوعهما منصوبا وإن كانا مضافين أو نكرتين غير مقصودة فانصبهما وإن كان متبوعهما مبنيا على الضم.

(١) يعني إن كان عطف النسق مع أل ففيه الوجهان النصب والرفع والأرجح الرفع.

(٢) فتقدير البيت وأيّها يلزم أن يكون بعدها اسم مصحوب أل صفة لها.

(٣) علة للزوم كون مصحوب أل صفة لأيّ ، وحاصل التعليل أن (أيّ) مبهمة فيحتاج في رفع إبهامها إلى صلة كما في أيّ الموصولة أو صفة كما فيما نحن فيه ولا يستعمل بدون مبيّن إلّا في الشرط والاستفهام أما في الشرط فلا يحتاج إلى المبيّن لكون المراد بها التعميم لا الفرد المردّد ليكون مبهما ويحتاج إلى المبيّن ، وأما في الاستفهام فإن المقصود بها هناك الإبهام وإتيان المبيّن ناقض للغرض.

(٤) الانشقاق ، الآية : ٦.

(٥) الفجر ، الآية : ٢٧.

٣٧٤

(و) وصف أي باسم الإشارة ، نحو : «أي هذا» وبالموصول ، نحو : (أيّها الّذي ورد) فقبل منه : (١)

ألا أيّهذا الباخع الوجد نفسه

[لشيء نحته عن يديه المقادر]

(يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ)(٢). (ووصف أي بسوي هذا) الّذي ذكر (٣) (يردّ) علي قائله ولا يقبل منه.

وذو إشارة كأي في الصّفة

إن كان تركها يفيت المعرفة

في نحو سعد سعد الأوس ينتصب

ثان وضمّ وافتح اوّلا تصب

(وذو إشارة كأي في) لزوم (الصّفة) المرفوعة لها (٤) (إن كان تركها) أي الصّفة (يفيت المعرفة) فإن لم يكن جاز النّصب وهو (٥) لا يوصف إلّا بما فيه أل.

و (في نحو) يا (سعد سعد الأوس) و

يا زيد زيد اليعملات الذّبّل

[تطاول اللّيل عليك فانزل]

وكلّ ما كرّر فيه اسم مضاف في النّداء (ينتصب ثان) لأنّه مضاف (وضمّ وافتح أوّلا تصب) : أمّا الضّمّ فلأنّه مفرد معرفة ، وأمّا النّصب فلأنّه مضاف إلى ما بعد الثّاني (٦)

__________________

(١) أي : مما وصف أي باسم الإشارة والموصول.

(٢) الحجر ، الآية : ٦.

(٣) من مصحوب أل واسم الاشارة والموصول.

(٤) الضمير يعود إلى (أي) والمراد أن اسم الإشارة إذا وقع منادي فالاسم الذي بعده صفة له إن كان ترك الصفة يوجب عدم معرفة المشار إليه نحويا هذا الرجل فإن لم يوجب بأن كان المشار إليه معلوما بدون الصفة جاز نصب الاسم بعده مقطوعا عن الوصفية.

(٥) أي : اسم الإشارة لا يوصف إلّا باسم معرف بال كما مثلنا بيا هذا الرجل.

(٦) يعني أن (سعد) الأول مضاف إلى الأوس وسعد الثاني تأكيد للأول ، وليس مضافا إلى الأوس وكذا (زيد) الأول مضاف إلى اليعملات وأما زيد الثاني فهو تأكيد ، ولهذا نصب الأول لكونه منادي مضافا.

٣٧٥

وهو (١) تأكيد عند سيبويه ، وقال المبرّد إلى محذوف (٢) والفرّاء كلاهما إلى ما بعد الثّاني.

__________________

(١) أي : الثانى.

(٢) أي : الاسم الأول مضاف إلى محذوف والتقدير يا سعد الأوس سعد الأوس ويا زيد اليعملات زيد اليعملات.

٣٧٦

فصل في المنادي المضاف إلى ياء المتكلم

واجعل منادي صحّ إن يضف ليا

كعبد عبدي عبد عبدا عبديا

وفيه المضاف إلي المضاف إليها (واجعل منادي صحّ) كغلام وظبي (١) (إن) بكسر الهمزة (٢) (يضف ليا) على وجه (٣) من أوجه خمسة أحسنها أن تحذف الياء وتبقي الكسرة للدّلالة عليها (كعبد) ويليه (٤) أن تثبتها ساكنة ، نحو (عبدي) وإن شئت فاقلب الكسرة (٥) فتحة والياء ألفا واحذفها ، نحو (عبد) ، وأحسن منه أن لا يحذف [الألف] نحو (عبدا) ، وأحسن من هذا ثبوت الياء محرّكة ، نحو (عبديا) (٦) وزاد في شرح الكافية سادسا ، وهو الاكتفاء من الإضافة بنيّتها وجعل المنادى مضموما كالمفرد ، (٧) ومنه (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَ)(٨)(٩).

__________________

(١) فإنه بحكم الصحيح لعدم تبدّل حروفه مثل الصحيح.

(٢) شرطية.

(٣) متعلق باجعل أي : اجعل المنادي الصحيح المضاف لياء المتكلم على أحد الوجوه الخمسة لا غير.

(٤) أي : يعقب الوجه الأحسن بمرتبة أن تثبت الياء مع سكونها.

(٥) أي : كسرة الدال.

(٦) ألفه ألف إطلاق ، وأصله عبدي بكسر الدال وفتح الياء بدون الألف.

(٧) أي : كغير المضاف في ظاهر اللفظ.

(٨) بضم (رب) على قراءة بعض القراء.

(٩) يوسف ، الآية : ٣٣.

٣٧٧

والفتح والكسر وحذف اليا استمرّ

في يا ابن أمّ يا ابن عمّ لا مفرّ

(و) كلّ من (الفتح والكسر (١) وحذف الياء) أي ياء المتكلّم (استمرّ فى) ما إذا نودي المضاف إلى المضاف إليها وكان (٢) [المضاف إلى الياء] لفظ أمّ أو عمّ نحو : (يا ابن أمّ يا ابن عمّ لا مفرّ).

أمّا استمرار الكسرة فللدّلالة علي الياء ، وأمّا الفتحة فللدّلالة علي الألف المنقلبة عنها ، وشذّ إثبات الياء ، نحو :

يا ابن أمّي ويا شقيّق نفسي (٣)

[أنت خلّيتني لدهر شديد]

وكذا إثبات الألف المنقلبة عنها ، نحو :

يا ابنة عمّا لا تلومي واهجعي

[فليس يخلو منك يوما مضجعي]

ولا تحذف الياء في غير ما ذكر (٤).

وفي النّدا أبت أمّت عرض

واكسر أو أفتح ومن اليا التّا عوض

(وفي النّداء أبت أمّت) بتاء التّأنيث (عرض (٥) واكسر) التّاء (أو افتح) وهو الأكثر (ومن الياء التّاء عوض) (٦) فلذا لا يجمع بينهما.

__________________

(١) يعني أن وجهين فقط من الوجوه الخمسة المذكورة مستمرة أي : ثابتة للاسم المتوسط بين المنادي والياء بشرط أن يكون المضاف إلى الياء لفظ (أمّ) أو (عمّ).

(٢) أي : المضاف إلى الياء.

(٣) فأثبت الياء من (أمي).

(٤) أي : غير المنادي الصحيح وغير أمّ وعمّ إذا توسّطا بين المنادي المضاف إليهما والياء للمتكلم.

(٥) أي : وقع في معرض التكلم من العرب.

(٦) أي : هذا التاء من (أبت) و (أمت) عوض عن الياء ، فلأجل أنها عوض عن الياء لا يجمع بينهما فلا يقال يا أبتي إذ لا يجمع بين العوض والمعوض.

٣٧٨

فصل في الأسماء اللازمة للنّداء

فلا تستعمل في غيره (١) إلّا للضّرورة.

وفل بعض ما يخصّ بالنّدا

لؤمان نومان كذا واطّردا

في سبّ الأنثي وزن يا خباث

والامر هكذا من الثلاثي

(وفل) (٢) للرّجل وفلة للمرأة (بعض ما يخصّ بالنّداء لؤمان) بضمّ الّلام وسكون الهمزة و «ملأمان وملأم» بمعنى : كثير اللّوم ، و (نومان) بفتح النّون وسكون الواو بمعني كثير النّوم (كذا) أي يخصّ بالنّداء ، وكذا «مكرمان» وذلك (٣) سماع لا يطّرد (واطّردا) وقيس (في سبّ الأنثى) استعمال أسماء في النّداء علي (وزن) فعال نحو : (يا خباث) ويا لكاع (والأمر هكذا) (٤) أي علي وزن فعال مطّرد مقيس (من)

__________________

(١) فلا يستعمل فاعلا ولا مبتدءا ولا غيرهما فلا يقال فل في الدار وتزوجت فلة.

(٢) بضم الفاء واللام مخفف فلان كما أن فلة مخفف فلانة تقول قلت له يا فل وقلت لها يا فلة كناية عن المنادي العاقل ويفترقان عن فلان وفلانة باستعمال الأخيرين في غير النداء أيضا.

(٣) أي : اختصاص هذه الأسماء المذكورة بالنداء واستعمالها فيه سماعي ولا يقاس على أوزانها غيرها ، فلا يقال يا نصران ويا مناصران ويا مشرفان مثلا.

(٤) أي : كما أن وزن فعال مقيس مطرد للمنادي المراد سبّه كذا وزن فعال مطرد مقيس إتيانه لاسم فعل من الثلاثي التام المنصرف كنزال بمعني أنزل ونصار بمعني انصر هكذا ولا يأتي من غير الثلاثي ولا من الأفعال الناقصة ولا من غير متصرف كعسى.

٣٧٩

الفعل (الثّلاثيّ) التّامّ المتصرّف كنزال.

وشاع في سبّ الذّكور فعل

ولا تقس وجرّ في الشّعر فل

(وشاع في سبّ الذّكور) استعمال أسماء في النّداء علي وزن (فعل) بضمّ الفاء وفتح العين ، نحو «يا فسق» و «يا غدر». (ولا تقس) هذا خلافا لابن عصفور (١) (وجرّ في الشّعر (٢) فل) اضطرارا (٣) كما رخّم ما ليس بمنادى لذلك ، (٤) إذ اختصاص هذه الأسماء بالنداء نظير اختصاص التّرخيم به. (٥)

__________________

(١) فذهب إلى أنه مقيس أيضا.

(٢) بأن يستعمل غير منادي مع أنه من الأسماء الخاصة بالنداء.

(٣) كقول الشاعر على ما نقله ابن الناظم :

(تضل منه إبلي بالهوجل

في لجّة أمسك فلانا عن فل)

(٤) أي : للاضطرار.

(٥) أي : بالنداء ، وهذا بيان لوجه الشبه بين استعمال (فل) في غير النداء اضطرارا وبين ترخيم غير المنادى.

٣٨٠