البهجة المرضيّة على ألفيّة ابن مالك

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

البهجة المرضيّة على ألفيّة ابن مالك

المؤلف:

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
المطبعة: وفا
الطبعة: ١٩
ISBN: 978-964-6397-13-2
الصفحات: ٥٩٠

وحمله (١) ابن فلّاح في الكافية على أنّه عائد إلى محذوف ، أي ولا مكان للأرض أبقل والضمير في إبقالها للأرض.

والتّاء مع جمع سوي السّالم من

مذكّر كالتّاء مع إحدي اللّبن

(والتّاء مع) (٢) فعل مسند إلى (جمع سوي السّالم من مذكّر) وهو جمع التّكسير وجمع المؤنّث السّالم (كالتّاء (٣) مع) مسند إلى ظاهر مؤنّث غير حقيقىّ نحو (إحدي اللّبن) (٤) أي لبنة ، فيجوز إثباتها نحو «قالت الرّجال» و «قامت الهندات» على تأويلهم (٥) بالجماعة وحذفها نحو «قام الرّجال» و «قام الهندات» على تأويلهم بالجمع (٦). هذا مقتضى إطلاقه (٧) في جمع المؤنّث وإليه ذهب أبو علي وفي التّسهيل خصّصه بما كان مفرده مذكّرا كالطّلحات أو مغيّرا كبنات (٨) أمّا غيره (٩) كالهندات

__________________

(١) أي : الشعر.

(٢) يعني إذا كان فاعل الفعل جمعا غير المذكر السالم كجمع المكسر والمؤنث السالم نحو جاء الرجال وجاء المسلمات يجوز ذكر التاء مع فعله نحو جائت الرجال وجائت المسلمات وعدم ذكرها فيقال جاء الرجال كما إذا كان الفاعل ظاهرا مؤنثا غير حقيقي.

(٣) أي : كحكم التاء مع فعل فاعله ظاهر مؤنّث غير حقيقي.

(٤) بكسر الباء أي واحدة منها لأن اللبن جمع إحداها لبنة.

(٥) يعنى إثبات التاء مبنى على تأويلهم بالجماعة فالتقدير جماعة الهندات.

(٦) فالتقدير قام جمع الهندات وقال جمع الرجال.

(٧) يعني جواز الوجهين في مطلق الجمع المكّسر يستفاد من إطلاق كلام المصنف لقوله سوي السالم ، والجمع غير السالم يشمل المذكر والمؤنث وما كان مفرده مذكرا كالطلحات أو مؤنثا كالهندات وأما في التسهيل فخص التخيير بما كان مفرده مذكرا أو مكسرا وأما الجمع المؤنث الذي مفرده مؤنث كالهندات فحكمه حكم مفرده من لزوم التاء ولا تخيير فيه.

(٨) فإن مفردها بنت بكسر الباء ، وسكون النون وفي الجمع بفتح الباء والنون فتغيّر.

(٩) أي : غير ما كان مفرده مذكرا أو مغيّرا.

١٦١

فحكمه حكم واحده (١) ولا يجوز «قام الهندات» إلّا في لغة قال فلانة. قال في شرح الكافية ومثل جمع التّكسير ما دلّ على جمع لا واحد له من لفظه كنسوة تقول «قال نسوة» و «قالت نسوة» أمّا جمع المذكر السّالم ، فلا يجوز فيه اعتبار التّأنيث (٢) لأنّ سلامة نظمه (٣) تدلّ على التّذكير ، والبنون جرى مجرى التّكسير لتغيّر نظم واحده كبنات (٤).

والحذف في نعم الفتاة استحسنوا

لأنّ قصد الجنس فيه بيّن

(والحذف) للتّاء (فى) فعل مسند إلى جنس المؤنّث (٥) الحقيقي نحو «نعم الفتاة» وبئس المرأة (استحسنوا لأنّ قصد الجنس فيه) (٦) على سبيل المبالغة والمدح والذّمّ (بيّن) (٧) ولفظ الجنس مذكّر (٨) ويجوز التّأنيث على مقتضي الظّاهر (٩) فتقول «نعمت الفتاة» و «بئست المرأة».

والأصل في الفاعل أن يتّصلا

والأصل في المفعول أن ينفصلا

وقد يجاء بخلاف الأصل

وقد يجي المفعول قبل الفعل

__________________

(١) فكما لا يجوز أن يقال قام هند لا يجوز أن يقال قام الهندات.

(٢) أي : لا يعامل معه معاملة المؤنث كتأنيث فعله أو تابعه.

(٣) لعدم تغيير مفرده فكان سالما والتانيث عيب والعيب لا يعطي للسالم بل للمعيب.

(٤) فإن أصله ابن معه الهمزة وسكون الباء وبنون بفتح الباء وحذف الباء وحذف الهمزة.

(٥) أي : الكّلي كالمرئة والفتاه لا الفرد الخاص كهند وفاطمة.

(٦) أي : في نعم الفتاة.

(٧) فإن مراد القائل من قوله نعم الفتاة هند مثلا أنها تمتاز عن غيرها في جمع فتاة العالم فواضح أن مراد القائل جنس الفتاة لا الشخص.

(٨) فيذكر الفعل معه باعتبار لفظ الجنس.

(٩) لأن الفتاة والمرئة مؤنّثتان.

١٦٢

(والأصل في الفاعل أن يتّصلا) بفعله لأنّه كالجزء منه (والأصل في المفعول أن ينفصلا) عن فعله لأنّه فضلة (١) نحو «ضرب زيد عمرا» (وقد يجاء بخلاف الأصل) فيقدّم المفعول على الفاعل نحو «ضرب عمرا زيد» (وقد يجيء المفعول قبل الفعل) نحو (فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ)(٢).

وأخّر المفعول إن لبس حذر

أو أضمر الفاعل غير منحصر

(وأخّر المفعول) وقدّم الفاعل وجوبا (إن لبس) بينهما (حذر) (٣) كأن لم يظهر إعراب ، (٤) ولا قرينة نحو «ضرب موسى عيسى» إذ رتبة الفاعل التّقديم (٥) ولو أخّر لم يعلم فإن كان ثمّة قرينة جاز التّأخير نحو «أكل الكمّثرى (٦) موسى» و «أضنت (٧) سعدى الحمّى» (أو أضمر الفاعل) أي جيء به ضميرا (غير منحصر) نحو «ضربت

__________________

(١) أي : ليس بركن في الكلام فأن أركان الكلام في الجملة الفعلية هو الفعل والفاعل وفي الاسمية هو المبتدا والخبر وباقي المتعلقات فضلة.

(٢) الأعراف ، الآية : ٣٠.

(٣) يعني إذا كان بين الفاعل والمفعول تشابه ولزم الحذر من الاشتباه.

(٤) إذ لو كان إعرابها ظاهرا نحو ضرب زيد عمرو ، العلم أن المرفوع فاعل والمنصوب مفعول ولو كان قرينة أي أمر من خارج اللفظ يدل على أن أيّهما فاعل وأيّهما مفعول لارتفع اللبس أيضا كما في مثال أكل الكمثري يحيي لأنا نعلم بأن الكمثري مأكول وإن تقدم فهو مفعول ويحيي فاعل وإن تأخر.

(٥) دليل للزوم تقديم الفاعل عند اللبس وحاصله أنّ السامع بعد ما لم يرفي اللفظ إعرابا لم تدل قرينة على التعيين فلم يبق له إلّا أن يستدل بالتقّدم الرتبي فيحكم بأن الأول فاعل والثاني مفعول لكون الفاعل مقدم رتبة فيجب على المتكلم تقديم الفاعل لا لا ينقطع السامع عن الدليل فيبقي في الاشتباه واللبس.

(٦) فاكهة يقال لها بالعربي أجّاص وبالفارسي گلابى.

(٧) من باب الإفعال مجرده ضنا ويقال أضنا المرض فلانا أي أثقله وسعدي اسم امرئه وليست بنبت هنا كما توهم ومثل بهذا المثال لوجود القرينة فيما كان الفاعل والمفعول مؤنثين فتأنيث الفعل لا يمييز في الفاعل فالمميز هو القرينة وهي علمنا بأن الحمي هي التي تثقل سعدي وتضعفها لكونها مرضا فحمي فاعل وسعدي مفعول.

١٦٣

زيدا» فان كان منحصرا وجب تأخيره نحو «ما ضرب زيدا إلّا أنت» ، وكذا (١) إذا كان المفعول ضميرا نحو «ضربني زيد».

وما بإلّا أو بإنّما انحصر

أخّر وقد يسبق إن قصد ظهر

(وما بإلّا أو بإنّما انحصر) سواء كان (٢) فاعلا أو مفعولا (أخّر) وجوبا (٣) مثال حصر الفاعل نحو «ما ضرب عمرا إلّا زيد» و «إنّما ضرب عمرا زيد» ومثال حصر المفعول نحو «ما ضرب زيد إلّا عمرا» و «إنّما ضرب زيد عمرا».

(وقد يسبق) المحصور (٤) سواء كان فاعلا أو مفعولا (إن قصد ظهر) بأن كان محصورا (٥) بإلّا وهذا ما ذهب إليه الكسائي واستشهد (٦) بقوله :

[تزوّدت من ليلى بتكليم ساعة]

فما زاد إلّا ضعف ما بي كلامها

وقوله :

ما عاب إلّا لئيم فعل ذي كرم

[ولا جفا قطّ إلا جبّأ بطلا]

ووافقه (٧) ابن الأنباري في تقديمه (٨) إن لم يكن فاعلا والجمهور على المنع (٩)

__________________

(١) أي : يجب التقديم إذا كان المفعول ضميرا والفاعل اسما ظاهرا.

(٢) المنحصر.

(٣) لأن لا يلتبس الأمر على السامع فيفهم عكس مقصود المتكلم.

(٤) وقلنا أنّه من شأنه أن يتأخّر.

(٥) بيان لمورد ظهور القصد لما يبين قريبا من عدم ظهور قصد الحصر في انما الا بالتاخير.

(٦) والصحيح أن يقال أن المحصور فيه ما وقع بعد إلّا بلا فصل سواء تقدم عليه ما حصر فيه أو تأخر عنه ولهذا تري في المثالين اتصال المحصور فيه بها.

(٧) أي : وافق الكسائي.

(٨) أي : المحصور كما في البيت الأول إذ المتقدم وهو ضعف ليس بفاعل بل الفاعل هو كلامها بخلاف البيت الثاني فإن المتقدم وهو لئيم فاعل.

(٩) أي : منع تقديم المحصور مطلقا سواء كان فاعلا أو غيره وسواء كان الحصر بإلّا أو بإنّما.

١٦٤

مطلقا. أمّا المحصور بإنّما فلا يظهر قصد الحصرية إلّا بالتّأخير.

وشاع نحو خاف ربّه عمر

وشدّ نحو زان نوره الشّجر

(وشاع) أي كثر وظهر تقديم المفعول على الفاعل إذا اتّصل به ضمير يعود على الفاعل ، ولم يبال (١) بعود الضّمير على متأخّر لأنّه (٢) متقدّم في الرّتبة وذلك (نحو خاف ربّه عمرو وشذّ) تقديم الفاعل إذا اتّصل به ضمير يعود على المفعول (نحو زان نوره الشّجر) لعود الضّمير على متأخّر لفظا ورتبة ، وذلك لا يجوز إلّا في مواضع ستّة (٣) ليس هذا (٤) منها ، وفي الضّرورة (٥) نحو

لمّا عصى قومه مصعبا

[ادّي اليه الكيل صاعا بصاع]

وأجازه (٦) ابن جنّي في النّثر بقلّة وتبعه المصنّف. قال : لأنّ استلزام الفعل (٧) للمفعول يقوم مقام تقديمه.

__________________

(١) أي : لم يعتن بقانون منع الإضمار قبل الذكر لجواز ذلك فيما كان مرجع الضمير متقدما رتبة.

(٢) أي : الفاعل.

(٣) أحدها الضمير المرفوع بنعم وبئس ثانيها الضمير المرفوع بأحد المتنازعين الذين أعمل ثانيهما ، وثالثها أن يكون الضمير مخبرا عنه فيفسّره خبره نحو (إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا) (الأنعام ، الآية : ٢٩) و (المؤمنون ، الآية : ٣٧) رابعها ضمير الشأن والقصة نحو (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (الإخلاص ، الآية : ١) خامسها الضمير المجرور برب نحو ربّه رجلا سادسها أن يكون الضمير مبدلا منه وبدله اسم ظاهر نحو ضربته زيدا.

(٤) أي : ما نحن فيه وهو تقديم الفاعل إذا اتصل به ضمير يعود على المفعول ليس من الموارد الستة التي يجوز فيها العود إلى المتأخر لفظا ورتبة.

(٥) عطف على مواضع ستة أي وإلّا في الضرورة فأن قومه في البيت فاعل واتصل به ضمير يعود إلى المفعول وهو مصعبا.

(٦) أي : تقديم الفاعل المتصل به ضمير المفعول المتأخر.

(٧) يعني حيث إن المفعول لازم للفعل ومكانه متصل بالفعل وله مكان ورتبة بوصف الفعل فكأنه مقدم وإن كان بحسب الظاهر مؤخرا.

١٦٥

هذا باب النّائب عن الفاعل إذا حذف

والتّعبير به (١) أحسن من التّعبير بمفعول ما لم يسمّ فاعله لشموله (٢) للمفعول وغيره (٣) ولصدق الثّاني (٤) على المنصوب في قولك «أعطي زيد درهما» وليس مرادا.

ينوب مفعول به عن فاعل

فيما له كنيل خير نائل

(ينوب مفعول به) إن كان موجودا (٥) (عن فاعل فيما له) (٦) من رفع وعمديّة (٧)

__________________

(١) أي : بالنائب عن الفاعل.

(٢) أي : النائب للفاعل وهذا دليل لرجحان هذا التعبير على التعبير الثاني إذ قد ينوب الظرف أو الجار والمجرور أو المصدر ويصدق عليها نايب الفاعل ولا يصدق مفعول ما لم يسم فاعله عليها.

(٣) كالظرف والجار والمجرور والمصدر.

(٤) وهو التعبير بمفعول ما لم يسم فاعله وهذا دليل مرجوحية التعبير الثاني فإن درهما مفعول لم يسم فاعله لعدم وجود الفاعل في الجملة المذكورة فيصدق عليه مفعول ما لم يسم فاعله والحال إنه ليس بمراد للقائل بهذا التعبير لأنّ مراده ما ناب الفاعل وفي المثال هو زيد وامّا درهما فمفعول ثان.

(٥) أي : ان كان المفعول به موجودا في الكلام ، وأما ان لم يكن كما إذا كان الفعل لازما فما وجد من الظرف وغيره فذاك هو النايب للفاعل.

(٦) أي : ينوب عن الفاعل في الأحكام التي للفاعل.

(٧) بضم العين ، أي : في كون الفاعل عمدة وركنا في الكلام فيكون النايب للفاعل أيضا عمدة وركنا.

١٦٦

وامتناع تقديمه (١) على الفعل وغير ذلك (٢) (كنيل خير نائل) و «زيد مضروب غلامه» (٣).

فأوّل الفعل اضممن والمتّصل

بالآخر اكسر في مضىّ كوصل

(فأوّل الفعل) الّذي حذف فاعله (اضممن) سواء كان ماضيا أو مضارعا (والمتّصل بالآخر اكسر في مضيّ) فقط (كوصل) ودحرج.

واجعله من مضارع منفتحا

كينتحي المقول فيه ينتحى

(واجعله) أي المتّصل بالآخر (من) فعل (مضارع منفتحا كينتحي المقول فيه) إذا بني لما لم يسمّ فاعله (٤) (ينتحى) وكيضرب ويدحرج ويستخرج.

والثّاني التّالى تا المطاوعة

كالأوّل اجعله بلا منازعة

(و) الحرف (الثّاني التّالي) أي الواقع بعد (تاء المطاوع (٥) كالأوّل اجعله) فضمّه (بلا منازعة) في ذلك ، أي بلا خلاف نحو «تعلّم العلم» و «تدحرج في الدّار» لأنّه لو لم يضمّ لالتبس بالمضارع المبنيّ للفاعل (٦) وكذا يضمّ الثّاني التّالي ما أشبه تاء

__________________

(١) أي : النايب للفاعل كما لا يتقدم الفاعل على الفعل.

(٢) كاستحقاق الاتصال بالفعل وتأنيث الفعل لتأنيثه.

(٣) مثل بهذا المثال ليفهم أن نايب الفاعل لا ينحصر في الفعل بل يؤتي به لاسم المفعول أيضا.

(٤) أي : بني للمجهول.

(٥) أي : التاء في باب التفعّل والتفاعل والتفعلل.

(٦) أي : لو لم يضم الحرف الثاني ، بل بقي مفتوحا لا لتبس الماضي المجهول من باب التفعّل مثلا كتعلّم بالمضارع المعلوم من باب التفعيل إذا كان مبدوا بالتاء كالمخاطب والغائبة المؤنّثة فأن الحرف الأول في المعلوم المضارع من التفعيل مضموم ، واللام مكسور.

١٦٧

المطاوعة (١) نحو تكبّر وتخيّر.

وثالث الّذي بهمز الوصل

كالأوّل اجعلنّه كاستحلي

(وثالث) الماضي (الّذى) ابتدئ (بهمز الوصل كالأوّل اجعلنّه) فضمّه (كاستحلي) لئلّا يلتبس بالأمر في بعض الأحوال (٢).

واكسر أو اشمم فاثلاثىّ أعلّ

عينا وضمّ جاكبوع فاحتمل

(واكسر) فاء ثلاثيّ معتلّ العين لأنّ الأصل أن تضمّ أوّله وتكسر ما قبل آخره فتقول في قال وباع ، قول وبيع فاستثقلت الكسرة على الواو ، والياء ونقلت الى الفاء فسكنتا فقلبت الواو ياء لسكونها بعد كسرة وسلمت الياء لسكونها بعد حركة تجانسها (٣) وهذه اللّغة العليا (٤).

(أو اشمم فاء ثلاثيّ أعلّ عينا) (٥) بأن تشير إلى الضّمّ مع التّلفّظ بالكسر ولا تغيّر الياء (٦). هذه اللّغة الوسطى (٧) وبها قرأ ابن عامر والكسائي في «قيل» و «غيض» (٨).

__________________

(١) أي : ما كان من الأبواب المذكورة كالتفعّل والتفاعل إلّا أنه لم يكن للمطاوعة بل بمعنى آخر كالمثالين.

(٢) وهي المؤنث من الأمر الحاضر عند اتصاله بما قبله وسقوط الهمزة في الدرج نحو ثم استحلي فإن لم تضم التاء وبقيت مفتوحة التبس مجهول الماضي بالأمر لأن الفارق هو الهمزة لكونها مضمونة في الماضي المجهول ومكسورة في الأمر ولكنها حذفت للوصل فلم يبق فرق.

(٣) وهى : كسرة الفاء.

(٤) أي : كسر الفاء هي اللغة الأفصح من الإشمام والضم.

(٥) أي : أعل عينه في المعلوم بتبديل الواو أو الياء ألفا.

(٦) أي : لا تبدله واوا.

(٧) من حيث الفصاحة.

(٨) من قوله تعإلى (وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْماءُ) (هود ، الآية : ٤٤).

١٦٨

(وضمّ) للفاء (جاء) عن بعض العرب مع حذف حركة العين فسلمت الواو (١) وقلبت الياء واوا (٢) كحوكت في قوله :

حوكت على نولين إذ تحاك

[تختبط الشّوك ولا تشاك]

و (كبوع) في قوله :

ليت وهل ينفع شيئا ليت

ليت شبابا بوع فاشتريت

وقوله : (فاحتمل) أي فأجيز. وخرج بقوله «أعلّ» ما كان معتلّا ولم يعلّ (٣) نحو عور في المكان (٤) فحكمه حكم الصّحيح. ثمّ هذه اللغات الثلاث إنّما تجوز مع أمن اللّبس (٥).

وإن بشكل خيف لبس يجتنب

وما لباع قد يري لنحو حبّ

(وإن بشكل) من الاشكال (٦) المتقدّمة (خيف لبس) يحصل بين فعل الفاعل وفعل المفعول (يجتنب) ذلك الشّكل كخاف ، فإنّه إذا أسند إلى تاء الضّمير (٧) يقال خفت بكسر الخاء (٨) فإذا بني للمفعول فإن كسرت حصل اللّبس (٩) فيجب ضمّه فيقال

__________________

(١) في الأجوف الواوي.

(٢) في اليائي.

(٣) أي : لم تبدل واوه ياءا.

(٤) أي : ستر فيه ، من العورة.

(٥) يعني أن التخيير بين الوجوه الثلاثة أنما تكون عند أمن اللبس وأما إذا حصل لبس فاللازم اختيار وجه يؤمن معه من اللبس.

(٦) الثلاثة.

(٧) المخاطب أو المخاطبة أو المتكلم.

(٨) أي : الخاء من خفت.

(٩) بين المعلوم والمجهول.

١٦٩

خفت ، ونحو «طلت» (١) أي غلبت في المطاولة (٢) يجتنب فيه الضّم لئلّا يلتبس بـ «طلت» (٣) المسند إلى الفاعل من الطّول ضدّ القصر.

وما لفا باع لما العين تلي

في اختار وانقاد وشبه ينجلي

(وما لباع) إذا بني للمفعول من كسر الفاء وإشمامها وضمّها (قد يرى لنحو حبّ) من الثّلاثي المضاعف المدغم إذا بني للمفعول ، وأوجب الجمهور الضّمّ ، واستدلّ مجيز الكسر برواية علقمة (٤) نحو (رُدَّتْ)(٥) إِلَيْنا (٦).

(وما) ثبت (لفا باع) إذا بني للمفعول من جواز الثّلاثة (٧) فهو (لما العين تلى (٨) فى) كلّ ثلاثيّ معتلّ العين وهو على (وزن) افتعل وانفعل نحو (اختار وانقاد وشبه) لذين (ينجلي) خبر (٩) هو (١٠) محطّ حصول ما لفاء باع لما وليته العين فيما ذكر ، (١١) فيجوز فيه كسر التّاء والقاف وضمّهما والإشمام على العمل السّابق ، ويلفظ بهمزة الوصل على حسب اللّفظ (١٢) بهما.

__________________

(١) مجهولا.

(٢) الترفع والمفاخرة.

(٣) مع أنها من باب واحد وكلاهما واوي العين إلّا أنهم فرّقوا بينهما في اللفظ لاختلافهما في المعني كي لا يلتبسا.

(٤) أي : قرائته وهو أحد القراء.

(٥) بكسر الراء.

(٦) يوسف ، الآية : ٦٥.

(٧) الكسر والضم والإشمام.

(٨) أي : للحرف قبل العين كالتاء في اختير والقاف في انقيل والأصل تليه فحذف الضمير للضرورة.

(٩) لما الموصولة يعني ما لفا باع من الأحكام الثلاثة ينجلي لما العين تلي.

(١٠) أي : ينجلي محط أي محل نزول أحكام فاباع فالمعني ما لفا باع ينزل وينجلي في الحرف قبل العين.

(١١) من الوجوه الثلاثة.

(١٢) أي : حسب التلفظ بالتاء والقاف فتضم الهمزة عند ضمهما وتكسر عند كسرهما.

١٧٠

وقابل من ظرف او من مصدر

أو حرف جرّ بنيابة حري

(وقابل) للنّيابة (من ظرف) بأن كان (١) متصرّفا مختصّا (٢) أو غير مختصّ لكن قيّد الفعل بمعمول آخر (٣) (أو من مصدر) بأن كان متصرّفا (٤) لغير التّوكيد (٥) (أو حرف جرّ) مع مجروره بأن لم يكن (٦) متعلّقا بمحذوف ولا علّة (٧) (بنيابة) من الفاعل (حري) أي جدير ، نحو «سير يوم السّبت» و «سير بزيد يوم» و «ضرب ضرب شديد» ، (وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ)(٨)(٩) ونقل أبو حيّان في الارتشاف اتّفاق البصريّين والكوفيّين على أنّ النائب هو المجرور ، وأنّ الّذي قاله المصنّف من أنّهما معا النائب ، لم يقله أحد.

وغير القابل لا ينوب نحو «إذا» و «عند» و «سبحان الله» و «معاذ الله» ، و «ضربا» في «ضربت ضربا» (١٠).

__________________

(١) بيان للقابل من الظرف والظرف المتصرف ما يستعمل في غير الظرفية أيضا كالفاعلية والمفعولية والإضافة وغيرها نحو صم رمضان واتت رمضان ورمضان شهر مبارك.

(٢) بالعلمية كرمضان أو بالإضافة كيوم العيد وغير المختص ما كان مطلقا كيوم وشهر وسنة.

(٣) نحو سير يوم بزيد فيوم ظرف غير مختص لكن عامله وهو سير قيد بقولنا بزيد فصح نيابة يوم عن الفاعل.

(٤) بيان للمصدر القابل والمصدر المتصرف ما استعمل في غير النصب على المصدرية أيضا كالفاعلية والمفعولية وغيرهما نحو أعجبني ضرب زيد وانكرت قتل عمرو.

(٥) فالمصدر الذي للتوكيد نحو ضربت ضربا لا يقع نايبا للفعل.

(٦) بيان للقابل من الجار والمجرور للنيابة فأن المتعلق بالمحذوف معمول لمتعلقه لا للفعل المجهول المذكور في الكلام.

(٧) كالمجرور بلام السببية وبائها.

(٨) فالمثال الأول للظرف المختص بالإضافة والثاني للظرف غير المختصّ الذي قيد فعل بمعمول أخر وهو يزيد والثالث للمصدر المتصرّف النوعي والرابع لنيابة الجار والمجرور المتعلق بالمذكور وهو سقط.

(٩) الأعراف ، الآية : ١٤٩.

(١٠) لعدم تصرف الأولين لأنهما لا يستعملان إلّا في الظرفية فلا يكونان فاعلا ولا مفعولا مثلا وعدم تصرف الثالث والرابع لعدم استعمالهما إلّا منصوبين على المصدرية وكون الخامس لتوكيد.

١٧١

وفهم من تخصيصه النّيابة بما ذكر أنّه لا يجوز نيابة التّمييز ولا المفعول له ولا المفعول معه وصرّح (١) بالأوّل في التّسهيل وبالثاني في الارتشاف وبالثالث في اللّباب.

ولا ينوب بعض هذي ان وجد

في اللّفظ مفعول به وقد يرد

(ولا ينوب بعض هذي) الثّلاثة المتقدّمة (٢) (إن وجد في اللّفظ مفعول به) كما لا يكون (٣) فاعلا إذا وجد اسم محض. هذا مذهب سيبويه (٤) (و) ذهب الكوفيّون والأخفش إلى أنّه (قد يرد) نيابة غير المفعول به مع وجوده كقوله تعالى : (لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ)(٥)(٦) وقول الشّاعر :

لم يعن بالعلياء إلّا سيّدا

ولا شفي ذا الغيّ إلّا ذو هدى (٧)

واختاره (٨) في التّسهيل.

وباتّفاق قد ينوب الثّان من

باب كسى فيما التباسه أمن

(وباتّفاق) من جمهور النحاة (قد ينوب) عن الفاعل المفعول (الثاني من باب كسى فيما التباسه أمن) نحو «كسى زيدا جبّة» بخلاف ما إذا لم يؤمن الإلتباس فيجب أن ينوب الأوّل (٩) نحو «أعطى عمرو وبشرا» ، وحكى عن بعضهم منع إقامة الثاني

__________________

(١) أي : المصنف في كتبه الثلاثة بعدم وقوع الثلاثة نايبا للفاعل.

(٢) يعني الظرف والمصدر وحرف الجر.

(٣) بعض هذه الثلاثة والاسم المحض كالأعلام وأسماء الأجناس.

(٤) أي : عدم جواز نيابة غير المفعول به مع وجوده.

(٥) فأنيب الجار والمجرور وهي بما مع وجود المفعول به وهو قوما.

(٦) الجاثية ، الآية : ١٤.

(٧) فأنيب بالعلياء مع وجود المفعول به وهو سيدا.

(٨) أي : اختار المصنف مذهب الكوفيّين والأخفش وهو نيابة غير المفعول به مع وجوده.

(٩) لصلاحية كل من عمرو وبشر لأن يكون معطيا ومعطلا فلا يعرف الأخذ من المأخوذ فيجب تقديم ـ ـ الأخذ منهما ليعرف بالتقدم.

١٧٢

مطلقا ، (١) وعن بعض آخر المنع إن كان نكرة والأوّل معرفة ، ولعلّ المصنّف لم يعتدّ بهذا الخلاف (٢) وقد صرّح بنفيه في شرحي التّسهيل والكافية ، وحيث جاز إقامة الثّاني فالأوّل أولى لكونه فاعلا في المعنى (٣).

في باب ظنّ وأري المنع اشتهر

ولا أري منعا إذا القصد ظهر

(في باب ظنّ وأرى) المتعدّية لثلاثة (المنع) من إقامة الثّاني (٤) ووجوب إقامة الأوّل (٥) (اشتهر) عن كثير من النّحاة. قال الأبّذي في شرح الجزوليّة : لأنّه (٦) مبتدأ وهو أشبه بالفاعل ، فإنّ مرتبته قبل الثاني لأنّ مرتبة المبتدأ قبل الخبر ومرتبة المرفوع قبل المنصوب ففعل ذلك (٧) للمناسبة ، وخالف ابن عصفور وجماعة وتبعهم المصنّف فقال : (ولا أرى منعا) من نيابة الثّاني (إذا القصد ظهر) (٨) ولم يكن (٩) جملة ولا ظرفا

__________________

(١) سواء أمن اللبس أم لم يؤمن كان الثانى نكرة والأول معرفة أم لا.

(٢) لقوله وباتفاق.

(٣) لكونه لا بسا في كسي وأخذا في أعطي.

(٤) في باب ظن فيكون المراد من الثاني في باب أري هو الثالث لكونه بحكم ثاني ظن في كونهما خبرين في الأصل.

(٥) من مفعولى ظن والثانى من أرى كما قلنا.

(٦) أي : الأول مبتداء في الأصل والثاني خبر والمبتدا أشبه بالفاعل من الخبر ، فالمناسب نيابة ما هو أشبه هذا أول دليليه ودليله الثاني قوله فإن مرتبته ولو قال (وإن) بدل (فإن) كان أحسن وحاصله أن الأول مقدم على الثاني رتبة ونعلم أن المرفوع مقدم على المنصوب فالمناسب أن نعطي المقدم أي المرفوعية للمقدم وهو المفعول الأول والمتأخر وهو المنصوبية للمتأخر رتبة أي الثاني.

(٧) أي : نيابة الأوّل.

(٨) أي : إذا كان قصد المتكلم ومراده ظاهرا ولا يوجب نيابة الثاني خفاء في قصده نحو ظن قائم زيدا دون نحو ظن عمرو زيدا.

(٩) المفعول الثاني جملة نحو ظننت زيدا ضرب عمروا أو ظرفا نحو ظننت زيدا عندك.

١٧٣

كما في التّسهيل كقولك في جعل الله ليلة القدر خيرا من ألف شهر : جعل خير من ألف شهر ليلة القدر.

أمّا الثّالث من باب أرى ففي الارتشاف ادّعى ابن هشام الاتّفاق على منع إقامته (١) وليس كذلك (٢) ففي «المخترع» جوازه عن بعضهم. وكما لا يكون للفعل إلّا فاعل واحد كذلك لا ينوب عن الفاعل إلّا شيء واحد.

وما سوي النّائب ممّا علّقا

بالرّافع النّصب له محقّقا

(وما سوى النّائب) عنه (٣) (ممّا علّقا بالرّافع) (٤) أي رافع النّائب وهو الفعل واسم المفعول والمصدر على ظاهر قول سيبويه (٥) (النّصب له محقّقا) لفظا إن لم يكن جارّا ومجرورا نحو «ضرب زيد يوم الجمعة أمامك ضربا شديدا» (٦) ومحلّا إن يكنه (٧) نحو (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ)(٨).

__________________

(١) أي : الثالث مقام الفاعل.

(٢) أي : ليس المسئلة اتّفاقية كما زعم ابن هشام.

(٣) عن الفاعل.

(٤) أي : من متعلقات الرافع من حال أو تمييز أو غير ذلك.

(٥) في المصدر فإن ظاهره أن المصدر أيضا يقبل نايب الفاعل ومثّل له بقوله تعإلى من بعد غلبهم.

(٦) فقام معمول واحد وهو المفعول به مقام الفاعل وبقي باقي المتعلقات على النصب.

(٧) أي : النصب محلا إن يكن جارا أو مجرور.

(٨) الحاقة ، الآية : ١٣.

١٧٤

هذا باب اشتغال العامل عن المعمول

وهو أن يتقدّم اسم ويتأخّر فعل أو شبهه (١) قد عمل (٢) في ضميره أو سببه لو لا ذلك (٣) لعمل فيه أو في موضعه.

إن مضمر اسم سابق فعلا شغل

عنه بنصب لفظه أو المحلّ

(إن مضمر اسم سابق فعلا) (٤) مفعول بقوله : (شغل) أي ذلك المضمر (٥) (عنه) أي عن الاسم السّابق (بنصب لفظه) أي لفظ ذلك المضمر (أو المحلّ) أي محلّه (٦).

__________________

(١) أي : شبه الفعل كاسم الفاعل نحو زيد ضاربه عمرو.

(٢) الفعل وشبهه في ضمير ذلك الاسم المتقدم أو في سبب ضميره أي المضاف إلى ضميره نحو زيدا ضربت أخاه.

(٣) أي : بحيث لو لا عمله في الضمير أو سببه لعمل في نفس الاسم المتقدم إن كان معربا أو فى محله إن كان مبنيا.

(٤) فالضمير شغل فعلا بنصب لفظه أو محله وصرفه عن الاسم فهنا أمور أربعة شاغل وهو الضمير ومشعول وهو الفعل ومشغول به وهو نصب الضمير لفظا أو محلا ومشغول عنه وهو الاسم المتقدم فتقدير البيت إن مضمر اسم سابق شغل فعلا أي صرفه عن الاسم السابق بسبب نصب لفظ الضمير أو محله.

(٥) نحو زيدا ضربته.

(٦) إذا كان الضمير مجرورا لفظا بحرف نحو زيدا مررت به فإن لفظه مجرور ومحله نصب على المفعولية.

١٧٥

فالسّابق انصبه بفعل أضمرا

حتما موافق لما قد أظهرا

(فالسّابق) (١) ارفعه على الابتداء أو (انصبه) واختلف في ناصبه فالجمهور وتبعهم المصنّف على أنّه منصوب (بفعل أضمرا حتما موافق لما قد أظهرا) لفظا أو معنى وقيل بالفعل المذكور بعده. ثمّ اختلف فقيل : إنّه (٢) عامل في الضّمير وفي الاسم معا ، وقيل : في الظّاهر (٣) والضّمير ملغي.

واعلم أنّ هذا الاسم الواقع بعده فعل ناصب على خمسة أقسام : لازم النّصب ، ولازم الرّفع ، وراجح النّصب على الرّفع ، ومستو فيه الأمران ، وراجح الرّفع على النّصب. هكذا ذكره النّحويّون وتبعهم المصنّف ، فشرع في بيانها (٤) بقوله :

والنّصب حتم إن تلا السّابق ما

يختصّ بالفعل كإن وحيثما

(والنّصب) للاسم السّابق (حتم إن تلا السّابق) بالرّفع ، أي وقع بعد (ما يختصّ بالفعل كإن وحيثما) نحو «إن زيدا لقيته فأكرمه» و «حيثما عمرا تلقاه فأهنه» وكذا إن تلا استفهاما غير الهمزة كـ «أين بكرا فارقته» و «هل عمرا حدّثته» وسيأتي حكم التّإلي للهمزة.

وإن تلا السّابق ما بالابتدا

يختصّ فالرّفع التزمه أبدا

(وإن تلا السّابق) أي وقع بعد (ما بالابتدا يختصّ) كإذا الفجائيّة (فالرّفع) للاسم على الابتداء (التزمه أبدا) نحو «خرجت فإذا زيد لقيته» لأنّ إذا لا يليها إلّا مبتدأ نحو

__________________

(١) أي : الاسم السابق المشتغل عنه.

(٢) أي : الفعل المذكور بعده.

(٣) أي : وقيل أن الفعل المذكور عامل في الظاهر وأمّا الضمير فملغي عن العمل فيه.

(٤) أي : بيان الأقسام الخمسة.

١٧٦

(فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ)(١) ، أو خبر نحو (إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا)(٢) ، ولا يليها فعل ولذا قدّر متعلّق الخبر بعدها (٣) اسما كما تقدّم. (٤) وذكره (٥) لهذا القسم إفادة لتمام القسمة وإن كان ليس من الباب لعدم صدق ضابطة الباب عليه (٦) لما تقدّم فيه (٧) من قولنا : لو لا ذلك الضّمير لعمل في الاسم السّابق ، ولا يصحّ هذا (٨) هنا لما تقدّم من أنّ إذا لا يليها فعل.

كذا إذا الفعل تلاما لم يرد

ما قبل معمولا لما بعد وجد

(كذا) يجب الرّفع (٩) (إذا الفعل تلا) أي وقع بعد (ما) له صدر الكلام وهو (١٠) الّذي (لم يرد ما قبل) أي قبله (معمولا لما بعد وجد) (١١) كالاستفهام وما النّافيّة وأدوات الشّرط نحو «زيد هل رأيته» و «خالد ما صحبته» و «عبد الله إن أكرمته أكرمك».

واختير نصب قبل فعل ذي طلب

وبعد ما إيلاؤه الفعل غلب

__________________

(١) الأعراف ، الآية : ١٠٨.

(٢) يونس ، الآية : ٢١.

(٣) أي : بعد إذا فلهم في الآية الثانية متعلق بموجود أو مستقر لا وجد أو استقر.

(٤) في باب المبتدا والخبر عند قول المصنف وأخبروا بظرف أو بحرف جرّ.

(٥) أي : المصنف لقسم واجب الرفع مع أنه ليس من باب الاشتغال لتمام الأقسام الخمسة.

(٦) أي : لعدم صدق قاعدة الباب أي باب الاشتغال على هذا القسم وهو واجب الرفع.

(٧) في الباب.

(٨) أي : عمل ذلك الفعل في الاسم هنا أي الواقع بعد إذا لعدم دخول إذا إلّا على الاسم.

(٩) أي : رفع الاسم السابق إذا وقع الفعل بعد ما له صدر الكلام لأنا إذا أعملنا الفعل في الاسم لوقع ما له الصدر بعد الفعل وهذا خلاف مقتضي الصدرية.

(١٠) أي : ما له الصدر.

(١١) أي : لما وجد بعد.

١٧٧

(واختير نصب) للاسم السّابق إذا وقع (قبل فعل ذي طلب) كالأمر والنّهي والدّعاء نحو «زيدا إضربه» و «عمرا لا تهنه» و «خالدا اللهم اغفر له» و «بشرا اللهم لا تعذّبه» (١) واحترز بقوله فعل ، عن اسم الفعل (٢) نحو «زيد دراكه» فيجب الرّفع ، وكذا إذا كان فعل أمر يراد به العموم (٣) نحو (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما)(٤) قاله ابن الحاجب.

(و) اختير نصبه أيضا إذا وقع (٥) (بعد ما إيلاؤه الفعل غلب) كهمزة الاستفهام ، نحو «أبشرا منّا واحدا نتّبعه» ما لم يفصل بينها (٦) وبينه بغير ظرف ، فالمختار (٧) الرّفع وكما ولا وإن النّافيات نحو «ما زيدا رأيته» قال في شرح الكافية : وحيث مجرّدة من ما نحو «حيث زيدا تلقاه فأكرمه» لأنّها تشبه أدوات الشّرط فلا يليها في الغالب إلّا فعل.

وبعد عاطف بلا فصل على

معمول فعل مستقرّ أوّلا

(و) اختير نصبه أيضا إذا وقع (٨) (بعد) حرف (عاطف) له (٩) (بلا فصل على معمول فعل) متصرّف (مستقرّ أوّلا) نحو «ضربت زيدا وعمرا أكرمته». قال في شرح

__________________

(١) مثل للدعاء بمثالين لأن الدعاء قد يكون بصيغة الأمر وقد يكون بصيغة النهى.

(٢) لأن اسم الفعل لا يعمل في ما قبله وشرط العامل في هذا الباب أن يكون بحيث لو فرع من الضمير لعمل في الاسم قبله.

(٣) كما في الآية فإن قوله تعإلى اقطعوا حكم لكل سارق وسارقة والصحيح أن يقال إذا كان الاسم السابق ع أما إذا الفعل لا يتصف بالعموم والخصوص.

(٤) المائدة ، الآية : ٣٨.

(٥) الاسم السابق بعد ما غلب وقوع الفعل بعده.

(٦) أي : بين الهمزة وبين الاسم السابق بغير ظرف نحو أنت زيد ضربته.

(٧) أي : إذا كان فصل فالمختار رفع الاسم لا نصبه.

(٨) أي : الاسم السابق.

(٩) أي : للاسم السابق.

١٧٨

الكافية : لما فيه (١) من عطف جملة فعليّة على مثلها (٢) وتشاكل الجملتين (٣) المعطوفتين أولى من تخالفهما ـ إنتهى. وحينئذ (٤) فالعطف ليس على المعمول كما ذكره هنا ، ولو قال «تلا» (٥) بدل «على» لتخلّص منه.

وخرج بقوله «بلا فصل» ما إذا فصل بين العاطف والاسم ، فالمختار الرّفع نحو «قام زيد وأمّا عمرو فأكرمته» (٦) و [خرج] بقولي «متصرّف» أفعال التّعجّب والمدح والذمّ (٧) فإنّه لا تأثير للعطف عليها (٨) كما قال المصنّف في نكته على مقدّمة ابن الحاجب.

وإن تلا المعطوف فعلا مخبرا

به عن اسم فاعطفن مخيّرا

(وإن تلا) الاسم (المعطوف (٩) فعلا) متصرّفا (مخبرا به عن اسم) أوّل (١٠) مبتدأ نحو «هند أكرمتها وزيد ضربته عندها» (فاعطفن مخيّرا) بين الرّفع (١١) على الابتداء

__________________

(١) أي : في نصب الاسم السابق على هذه الفرض.

(٢) لأن التقدير في المثال ضربت زيدا وأكرمت عمروا.

(٣) بأن يكون كلاهما اسميتين أو فعليتين.

(٤) يعني إذا قلنا أن العطف بين جملتين فالعطف ليس على المعمول كما قال المصنف بل على العامل وهو ضربت في المثال فهذا التوجيه لا يلائم كلام المصنف.

(٥) أي : لو قال المصنف وبعد عاطف تلى أي وقع العاطف بعد معمول فعل لتخلص من هذا الإشكال أي إشكال العطف لعدم دلالة كلامه إذا على أن العطف على أي شيء.

(٦) للفصل بأما.

(٧) نحو ما أحسن زيدا وعمرو أكرمته ونعم الرجل خالد وبشرا أهنة وبئس الرجل عمرو وزيد ضربته.

(٨) لضعف فعلّية الأفعال الغير المتصرّفة فكأنما عطف على الاسم لا على الفعل.

(٩) يعني إذا وقع الاسم السابق المشتغل عنه بعد عاطف وكان قبل العاطف فعل والفعل خبر مبتداء ففي المثال زيد وقع بعد وأو العطف وقبلها الفعل وهو أكرمها وهو خبر عن هند.

(١٠) وهو في المثال هند.

(١١) أي : رفع زيد ليكون مبتدأ ضربته خبره.

١٧٩

والخبر ، والنّصب (١) على جملة «أكرمتها» وتسمّى الجملة الأولى (٢) من هذا المثال ذات وجهين لأنّها اسميّة بالنّظر إلى أوّلها (٣) وفعليّة بالنّظر إلى آخرها. (٤) وهذا المثال (٥) أصحّ كما قال الأبّذي في شرح الجزوليّة من تمثيلهم بـ «زيد قام وعمرا كلّمته» لبطلان العطف فيه (٦) لعدم ضمير في المعطوفة (٧) يربطها بمبتدأ المعطوف عليها ، إذ المعطوف بالواو يشترك مع المعطوف عليه في معناه (٨) فيلزم أن يكون في هذا المثال خبرا عنه ولا يصحّ إلّا بالرّابطة وقد فقد ـ إنتهى. ولعلّه يغتفر (٩) في التّوابع ما لا يغتفر في غيرها.

والرّفع في غير الّذي مرّ رحج

فما أبيح افعل ودع ما لم يبح

(والرّفع في غير الّذي مرّ (١٠) رجح) لعدم موجب (١١) النّصب ومرجّحه وموجب

__________________

(١) أي : نصب المعطوف وهو زيد بتقدير ضربت قبله لتكون جملة ضربت زيدا عطفا على جملة هند أكرمتها.

(٢) وهي هند أكرمتها.

(٣) لوقوع المبتدا وهو هند في أولها.

(٤) وهو أكرمتها لكونه فعلا وفاعلا.

(٥) وهو هند أكرمتها وزيد أضربته عندها لوجود ضمير في الجملة الثانية يعود إلى المبتدا الأول.

(٦) أي : في هذا المثال فأن متقضي العطف أن يصح وقوع المعطوف مكان المعطوف عليه فإنه على النصب يكون التقدير زيد قام وكلمت عمروا فكلمت عمروا عطف على قام والمعطوف عليه وهو قام خبر لزيد ومقتضي العطف أن يكون كلمت أيضا خبرا له والحال أنه لا يصح لأن كلمت جملة ولا بد لجملة الخبر أن يتضمن ضميرا يعود إلى المبتدا وهي خالية من هذا الضمير لأن الهاء في كلّمته يعود إلى عمرو لا إلى زيد.

(٧) أي : الجملة المعطوفة وهي كلمته.

(٨) أي : معني المعطوف عليه فكما أنّ المعطوف عليه وهو قام خبر لزيد فليكن كلمت أيضا كذلك.

(٩) هذا اعتذار عن المثال الأخير ودفع إشكال عنه وهو أن اشتراط وجود الضمير في الجملة الخبرية أنما هو في غير الجملة التابعة وأما فيها فيغتفر فيها وحيث إن المورد عطف والعطف من التوابع فيغتفر فيه.

(١٠) يعني غير واجب النصب وواجب الرفع ومختار النصب وجايز الأمرين.

(١١) دليل لرجحان الرفع يعني إذا رأينا جملة من باب الاشتغال ولم يكن فيها أسباب الوجوه الأربعة الماضية فالراجح حينئذ الرفع لأن الرفع لا يستلزم التقدير لكونه مبتداء ولا يحتاج إلى عامل لفظي وأما النصب فيحتاج إلى التقدير لكونه مفعولا فيجب معه تقدير الفعل وعدم التقدير أولى من التقدير.

١٨٠