البهجة المرضيّة على ألفيّة ابن مالك

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

البهجة المرضيّة على ألفيّة ابن مالك

المؤلف:

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
المطبعة: وفا
الطبعة: ١٩
ISBN: 978-964-6397-13-2
الصفحات: ٥٩٠

ولسوي سوى سواء اجعلا

علي الأصحّ ما لغير جعلا

(ولسوي) بكسر السيّن مقصورا وممدودا و (سوى) بضمّها مقصورا و (سواء) بفتحها ممدودا (اجعلا على) القول (الأصحّ ما لغير جعلا) من استثناء وإعراب بما نسب لمستثنى بإلّا ، ومقابل الأصحّ قول سيبويه إنّها (١) لا تستعمل إلّا ظرفا ولا تخرج عنه (٢) إلّا في الضّرورة وردّه المصنّف بوردها مجرورة بمن (٣) في قوله صلّي الله عليه وآله : «دعوت ربّي أن يسلّط على أمّتي عدوّا من سوى أنفسهم» وفاعلا في قوله :

ولم يبق سوى العدوا

ن دنّاهم كما دانوا

ومبتدأ في قوله :

[وإذا تباع كريمة أو تشترى]

فسواك بائعها وأنت المشتري

واسما لليس في قوله :

أأترك ليلى ليس بيني وبينها

سوى ليلة إنّي إذا لصبور

وقال الرّمّاني : إنّها تستعمل ظرفا غالبا وكغير قليلا ، واختاره ابن هشام.

واستثن ناصبا بليس وخلا

وبعدا وبيكون بعد لا

واجرر بسابقي يكون ان ترد

وبعد انصب وانجرار قد يرد

(واستثن ناصبا) للمستثنى (بليس) على أنّه (٤) خبرها واسمها مستتر كقوله «صلّى الله عليه وآله وسلّم» : «ما أنهر الدّم وذكر اسم الله عليه فكلوا منه ليس السّنّ

__________________

(١) أي : سوى لا تستعمل إلّا ظرفا فهي منصوبة دائما على الظرفية.

(٢) عن الظرف.

(٣) فخرج عن الظرفية مجرورا بمن في الحديث وفاعلا ليبق في البيت الأول ومبتدأ خبره بايعها في البيت الثاني واسما لليس خبره بشي في الثالث.

(٤) أي : المستثني خبر ليس.

٢٢١

والظّفر» (١). (و) كذا (٢) (خلا) نحو «قام القوم خلا زيدا».

(و) المستثنى (بعدا وبيكون) الكائن (بعد لا) كذا أيضا (٣) نحو «قاموا لا يكون زيدا» واسمها [مستتر] كليس (٤). (واجرر بسابقي يكون) وهما خلا وعدا (إن ترد) (٥) نحو

خلا الله لا أرجو سواك [وإنّما

أعد عيالي شعبة من عيالكا]

[أبحنا حيّهم قتلا وأسرا]

عدا الشّمطاء والطّفل الصّغير

(و) إن وقعا (بعد ما انصب) بهما حتما لأنّهما فعلان إذ ما الدّاخلة عليهما مصدريّة ، وهي لا تدخل إلّا على الجملة الفعلية كقوله :

ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل

[وكلّ نعيم لا محالة زائل]

يملّ النّدامى ما عداني لأنّني

[بكلّ الّذي يهوى نديمي مولع]

(وانجرار) بهما حينئذ (٦) (قد يرد) حكاه الأخفش والجرميّ والرّبعيّ على أنّ ما زائدة.

وحيث جرّا فهما حرفان

كما هما إن نصبا فعلان

(وحيث جرّا فهما حرفان) للجرّ (كما هما إن نصبا) المستثنى (فعلان) استتر فاعلهما وجوبا كما سبق (٧).

__________________

(١) فألسن خبر ليس واسمها ضمير يعود إلى ما الموصولة.

(٢) أي : ينصب المستثني بعده.

(٣) ينصب.

(٤) يستتر فيها.

(٥) يعني أن أردت أن تجرّ بهما فأجرر كما جرّ الله بخلا والشمطاء بعدا.

(٦) أي : حين دخول ما عليهما.

(٧) في ليس.

٢٢٢

وكخلا حاشا ولا تصحب ما

وقيل حاش وحشا فاحفظهما

(وكخلا) في نصب المستثنى بها وجرّه وغير ذلك ممّا سبق (حاشا) عند المبرّد والمازني والمصنّف ، وعند سيبويه أنّها لا تكون إلّا حرف جرّ ، وردّ بقوله : (١)

حاشا قريشا فإنّ الله فضّلهم

على البريّة بالإسلام والدّين

(و) لكنّها (لا تصحب ما) وأمّا الحديث : «أسامة أحبّ النّاس إليّ ما حاشا فاطمة» فليست حاشا هذه الأداة (٢) بل فعل ماض بمعنى أستثني ، وما الدّاخلة عليه نافية لا مصدريّة ، وهو (٣) من كلام الرّاوى وفي رواية «ما حاشا فاطمة ولا غيرها» (وقيل) في حاشا في لغة (حاش و) في أخرى (حشا فاحفظهما).

__________________

(١) إذ لو كانت حرفا لما نصبت قريشا.

(٢) أي : أداة الاستثناء.

(٣) أي : قوله ما حاشا فاطمة يعني أن الراوي بعد أن نقل قول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في اسامة قال : أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يستثن حتّى فاطمة بدليل رواية أخري أن فيها ما حاشا فاطمة ولا غيرها.

٢٢٣

هذا باب الحال

الحال وصف فضلة منتصب

مفهم في حال كـ «فردا» أذهب

(الحال) عندنا (١) (وصف) جنس (٢) شامل أيضا للخبر والنّعت (فضلة) أي ليست أحد جزئي الكلام ، فصل مخرج للخبر (٣) (منتصب مفهم في حال) كذا ، (٤) أي مبيّن لحال صاحبه أي الهيئة الّتي هو عليها ، فصل مخرج النّعت (٥) والتّمييز في نحو «لله درّه فارسا» (٦) (ك «فردا» أذهب) أي في حال تفرّدي ، ولا يرد على هذا الحدّ نحو

__________________

(١) أي : النحاة لا عند أهل اللغة إذ الحال عندهم هو الكيف النفساني

(٢) الجنس يعمّم المعرف والفصل يخصّصه كما في تعريف الإنسان بالحيوان الناطق الحيوان جنس يشمل جميع أفراد الحيوان وأما الفصل وهو الناطق يخصصه إلى حده فففي تعريف الحال (وصف) جنس يشمل غير الحال كالخبر والنعت لأنها وصفان للمبتدا والموصوف.

(٣) لكونه ركنا في الكلام.

(٤) كذا إشارة إلى الحالات الخاصّة التي تفهم من الحال المصطلح كحال القيام الذي يفهم من قائما وحال الكتابة التي تفهم من كاتبا وحال كذا نظير قولنا الحال الفلانية.

(٥) المنصوب نحو رأيت رجلا كاتبا فأنه فضلة منتصب لكنه ليس بمفهم في حال إذ ليس مراد القائل أن الرجل حين رأيته كان على هيأة الكتابة بل المراد أنه متّصف بهذه الصفة وأنّه عالم بفّن الكتابة وهذا بخلاف قولنا جائني زيد كاتبا إذ المراد به أنه كان على الكتابة حين مجيئه.

(٦) فأن فارسا وصف فضلة منتصب لكنّه غير مفهم في حال إذ المراد للمتكلم به أنه نعم الرجل من بين الفرسان لا أنّه حين كان يمدحه كان راكبا فرسا وكان على هيئة الفارس.

٢٢٤

«مررت برجل راكب» (١) لأنّه مفهم في حال ركوبه لأنّ إفهامه ضمنا (٢).

والغرض (٣) من تعريف الحال معرفة ما يقع عليه (٤) بعد معرفة استعمال العرب له منصوبا ، لا معرفته ليحكم له بالنّصب ، فلا يلزم الدّور على إدخال الحكم بالنّصب في تعريفه ـ قاله والدي أخذا من كلام صاحب المتوسّط في نظير المسألة (٥).

وكونه منتقلا مشتقّا

يغلب لكن ليس مستحقّا

(وكونه منتقلا مشتقّا) أي وصفا غير ثابت (٦) هو الذي (يغلب) وجوده في كلامهم (٧) (لكن ليس) ذلك (مستحقّا) (٨) فيأتي لازما (٩) بأن كان مؤكّدا نحو «يوم أبعث

__________________

(١) كان حقه على ما أشار إليه المحشّي حكيم أن يورد بدل ذلك رأيت رجلا راكبا فأن مثاله خارج بقوله منتصب.

(٢) دفع للايراد وحاصله أنّ راكبا وأن كان مبيّنا لهيئة موصوفة في المثال إلّا أن هذا البيان ليس استقلاليا ليس مراده من ذكر الكلام لبيان هذه الهيئة بل مراده الأخبار بأني مررت برجل وأن الرجل كان راكبا ضمنا وأمّا الحال فالمتكلم أما يأتي بالكلام خاصا لبيان الهيئة فقولنا جائني زيد راكبا لم نرد به الإخبار بمجيء زيد بل أردنا بيان هيئته عند مجيئه.

(٣) شرع في رفع إشكال الدور والدور المتوهم ينشأ من أخذ المنتصب في تعريف الحال بيان ذلك أن الإنتصاب كما نعلم حكم من أحكام الحال ومعرفة الحكم متوقف على معرفة الموضوع وحيث أخذ المصنف الانتصاب في تعريف الحال فالحال يتوقف معرفته على الأنتصاب فعلي هذا يتوقف الانتصاب على الانتصاب لأنه متوقف على الحال الذي هو متوقف عليه فيدور والدور عبارة عن حركة شيء ثم عوده إلى مكانه الأوّل وحاصل الدفع نفي التوقف من ناحية الانتصاب وأن معرفته لا تتوقف على معرفة الحال لأن الانتصاب للحال أمر معروف من العرب قبل تعريف الحال فلا دور.

(٤) على الحال من أحكام.

(٥) في تعريف المعرب.

(٦) قوله وصفا بيان لمشتقا وغير ثابت بيان لمنتقلا على أللف والنشر المشوش.

(٧) كلام العرب.

(٨) لازما وواجبا.

(٩) أي : ثابتا ضد المنتقل ، وقوله بأن كان يريد أن الحال اللازم يأتي في موارد معيّنه خاصّة.

٢٢٥

حيّا» (١) أو دلّ عامله على تجدّد ذات صاحبه نحو «خلق الله الزّرافة يديها أطول من رجليها (٢)» أو غير ذلك (٣) ممّا هو مقصور على السّماع نحو (قائِماً بِالْقِسْطِ)(٤)(٥).

ويكثر الجمود في شعر وفي

مبدي تأوّل بلا تكلّف

كبعه مدّا بكذا يدا بيد

وكرّ زيد أسدا أي كأسد

(و) يأتي جامدا لكن (يكثر الجمود في سعر) بالسّين المهملة (٦) (وفي مبدى) (٧) تأوّل) بالمشتق (بلا تكلّف) بأن يدلّ على مفاعلة أو تشبيه أو ترتيب فالسّعر (كبعه مدّا بكذا) أي مسعّرا والدّالّ على المفاعلة نحو (يدا بيد) أي مقبوضا (و) الدّالّ على التّشبيه نحو (كرّ زيد أسدا ، أي كأسد) في الشّجاعة ، (٨) والدّالّ على التّرتيب نحو «تعلّم الحساب بابا بابا» (٩) و «ادخلوا رجلا رجلا» ويقلّ (١٠) إذا كان غير مؤوّل بالمشتق ، بأن كان موصوفا نحو (فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا)(١١)(١٢) أو دالّا على عدد نحو

__________________

(١) فحيا صفة ثابتة وهي مؤكد للحياة المفهومة من أبعث لأن البعث هو الحياة بعد الموت.

(٢) فأطول حال لازمة من يديها لأن أطولية يدي الزرافة شيء ثابت للزرافة دائما وعامله وهو خلق يدل على أنّ ذا الحال وهو يد الزرافة شىء حادث لأن معني خلق أوجد بعد ما كان معدوما ويديها بدل من الزرافة بدل البعض من الكل.

(٣) الموردين.

(٤) فأن قيام الله سبحانه بالقسط أمر لازم ثابت.

(٥) آل عمران ، الآية : ١٨.

(٦) أي : غير المعجمة وهو القيمة.

(٧) أى : الجامد الذي يظهر التأوّل بالمشتق بسهولة فقولنا مدا بعشرة ظاهر في أن مراده مسعّرا بعشره.

(٨) فالتأويل شجاعا.

(٩) أي : مرتبا وكذا قوله رجلا رجلا.

(١٠) الجمود.

(١١) فبشرا حال جامد غير مؤول بمشتق وموصوف بسويا.

(١٢) مريم ، الآية : ١٧.

٢٢٦

(فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً)(١)(٢) أو تفضيلا (٣) نحو «هذا بسرا أطيب منه رطبا» أو كان نوعا لصاحبه نحو «هذا مالك ذهبا» (٤) أو فرعا له نحو «هذا حديدك خاتما» (٥) أو أصلا نحو «هذا خاتمك حديدا» (٦).

والحال ان عرّف لفظا فاعتقد

تنكيره معنى كوحدك اجتهد

(والحال) شرطه أن تكون نكرة خلافا ليونس والبغداديّين مطلقا (٧) والكوفيّين فيما تضمّن معنى الشّرط و (إن) أتاك حال قد (عرّف لفظا فاعتقد تنكيره معنى كوحدك اجتهد) أي منفردا ، و «جاؤا الجمّ الغفير» أي جميعا ، و «جاءت الخيل بداد» (٨) أي مبدّدة.

ومصدر منكّر حالا يقع

بكثرة كبغتة زيد طلع

(ومصدر منكّر حالا يقع) سماعا مطلقا (٩) عند سيبويه (بكثرة كبغتة زيد طلع) أي مباغتا (١٠) وقياسا عند المبرّد على ما كان نوعا من الفعل كـ «جئت

__________________

(١) فأربعين حال وهو جامد وليلا تميز.

(٢) الأعراف ، الآية : ١٤٢.

(٣) أي : أتي فالحال لأجل التفضيل والتفضيل أعم من أن يكون مفّضلا أو مفضلا عليه فالأوّل نحو بسرا والثاني رطبا.

(٤) فذهبا وهو حال جامد نوع من المال.

(٥) فخاتم نوع من الحديد.

(٦) الحديد أصل للخاتم والخاتم من فروع الحديد.

(٧) تضمن معني الشرط أم لا فالأوّل نحو تجب الزكواة في الإبل السائمة بالنصب أي بشرط أن تكون سائمة والثاني كوحدك اجتهد بغير تأويل.

(٨) بداد معرفة لأنه علم جنس ومبددة أي مفرقة.

(٩) أي : سواء كان نوعا من الفعل أم لا مقابل قول المبرد.

(١٠) أي : دفعة.

٢٢٧

ركضا» (١) فيقيس عليه جئت سرعة ورجلة (٢) وعند المصنّف وابنه بعد أمّا (٣) نحو «أمّا علما فعالم» وبعد خبر شبّه به مبتدأ كـ «زيد زهير شعرا» (٤) أؤ قرن هو (٥) بأل الدّالّة على الكمال نحو «أنت الرّجل علما».

ولم ينكّر غالبا ذو الحال إن

لم يتأخّر أو يخصّص أو يبن

من بعد نفي أو مضاهيه كلا

يبغ امرؤ على امرئ مستسهلا

(ولم ينكّر غالبا ذو الحال (٦) إن لم يتأخّر أو (يخصّص أو) لم (يبن) (٧) أي يظهر واقعا (من بعد نفي أو) من بعد (مضاهيه) وهو النّهي والإستفهام وينكّر أي يجوز تنكيره إن تأخّر كقوله :

لميّة موحشا طلل

يلوح كأنّه خلل (٨)

أو خصّص بوصف نحو (وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ) مصدّقا (٩)(١٠) في قراءة بعضهم. (١١) أو إضافة (١٢) نحو (فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً

__________________

(١) فأن الركض نوع من فعله أي عامله وهو المجيء إذ الركض مجيء بسرعة وعدو.

(٢) أي : غير راكب.

(٣) أي : قياسا بعد أما.

(٤) فوقع الحال وهو شعرا بعد خبر هو زهير وشبه المبتدا وهو زيد بزهير يعني زيد مثل زهير في الشعر.

(٥) أي : الخبر قبل الحال فأل هنا تدل على كمال الرجل أي أنت الكامل في الرجولية علما.

(٦) بل الغالب أن يكون معرفة.

(٧) بفتح الياء أي لم يقع بعد نفي أو مشابهيه.

(٨) فأتي بذي الحال وهو طلل نكرة لتأخره عن الحال وهو موحشا.

(٩) فذو الحال وهو كتاب نكرة مخصصّة بوصف هو من عند الله.

(١٠) البقرة ، الآية : ١٠١.

(١١) فأن بعض القراء رفعوا مصدقا صفة للكتاب.

(١٢) عطف على وصف أي يخصص بإضافة فأن أربعة نكرة لإضافتها إلى النكرة لكنها مخصصّة بالإضافة إذ الإضافة إلى النكرة تخصيصية.

٢٢٨

لِلسَّائِلِينَ)(١) أو وقع بعد نفي نحو (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ)(٢)(٣). أو بعد نهى (كلا يبغ أمرؤ على امرئ مستسهلا) (٤) أو أستفهام نحو :

يا صاح هل حمّ عيش باقيا فترى (٥)

[في نفسك العذر في أبعادها الأملا]

وقد نكّر نادرا من غير وجود شيء ممّا ذكر ، ومنه «صلّي رسول الله جالسا وصلّى وراءه قوم قياما». (٦)

وسبق حال ما بحرف جرّقد

أبوا ولا أمنعه فقد ورد

(وسبق حال ما (٧) بحرف جرّ قد أبوا) كسبقها ما جرّ بإضافة إليه (ولا أمنعه) وفاقا للفارسي وابن كيسان وبرهان (فقد ورد) في الفصيح ، كقوله تعالى :

(وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ)(٨)(٩) وقول الشّاعر :

[إذا المرء أعيته السّيادة ناشيا]

فمطلبها كهلا عليه شديد (١٠)

وأوّل ذلك المانعون بأنّ كافّة حال من الكاف في أرسلناك والهاء (١١) للمبالغة ، أي

__________________

(١) فصّلت ، الآية : ١٠.

(٢) جملة ولها كتاب معلوم حال من قرية وهي نكرة وقعت بعد النفي.

(٣) الحجر ، الآية : ٤.

(٤) ذو الحال امرء الأوّل.

(٥) ذو الحال عيش.

(٦) فقى أما حال من قوم وهو نكرة من غير أن يكون فيه شىء من الشروط المتقدمة.

(٧) أي : ذا حال مجرور يعني أن النحاة منعوا من تقدم الحال على ذي حال مجرور.

(٨) فكافة حال من الناس المجرور بالحرف وقد تقدم عليه.

(٩) السبأ ، الآية : ٢٨.

(١٠) فكهلا حال من ضمير (عليه) المجرور.

(١١) أي : تاء كافة للمبالغة للتأنيث لتناسب (الناس) المؤنث مجازا فجاز أن يكون حالا لكاف أرسلناك.

٢٢٩

وما أرسلناك إلّا كافّا للنّاس (١) وبأنّ كهلا حال من الفاعل المحذوف من المصدر ، (٢) أي فمطلبه إيّاها كهلا عليه شديد وسبقها (٣) المرفوع والمنصوب جائز خلافا للكوفيّين وسبقها المحصور ت واجب كـ «ما جاء راكبا إلّا زيد» ، وسبقها وهي محصورة (٤) ممتنع.

ولا تجز حالا من المضاف له

إلّا إذا اقتضي المضاف عمله

أو كان جزء ما له أضيفا

أو مثل جزئه فلا تحيفا

(ولا تجز حالا من المضاف له) خلافا للفارسي (إلّا إذا اقتضي المضاف عمله) أي العمل في الحال (٥) كقوله تعالى : (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً)(٦)(٧) (أو كان) المضاف (جزء ما له أضيفا) كقوله تعالى : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً)(٨)(٩) (أو مثل جزئه فلا تحيفا) كقوله تعالى :

(ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً)(١٠)(١١) والصّورتان

__________________

(١) أي : لتكف الناس عن الكفر والمعاصي.

(٢) فأن مطلب مصدر ميمّي.

(٣) أي : سبق الحال على ذي الحال المرفوع أو المنصوب جائز.

(٤) نحو قوله تعإلى وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين حالان من المرسلين ولا يجوز تقديمهما لكونهما محصورين والمحصور يجب تأخيره.

(٥) بأن يكون المضاف جاريا مجرى الفعل كالمصدر واسم الفاعل.

(٦) فالمضاف وهو مرجع يقتضي العمل في الحال لكونه مصدرا ميميا.

(٧) يونس ، الآية : ٤.

(٨) فالمضاف وهو صدور جزء من المضاف إليه وهو الضمير لان المصدر جزء من بدنهم.

(٩) الحجر ، الآية : ٤٧.

(١٠) فالملة ليست جزاء من إبراهيم إلّا إنّها مثل جزئه لكونها لازمة له.

(١١) النحل ، الآية : ١٢٣.

٢٣٠

الأخيرتان (١) قال أبو حيّان لم يسبق المصنّف إلى ذكرهما أحد ـ انتهى. قلت : (٢) قد نقلهما المصنّف في فتاواه عن الأخفش ، وقد تبعه (٣) عليهما جماعة.

والحال إن ينصب بفعل صرّفا

أو صفة أشبهت المصرّفا

فجائز تقديمه كمسرعا

ذا راحل ومخلصا زيد دعا

(والحال إن ينصب بفعل صرّفا أو صفة أشبهت المصرّفا فجائز) خلافلا للكوفيّين (تقديمه) على ناصبه ما لم يعارضه (٤) معارض من كون عامله صلة لأل أو لحرف مصدريّ أو مقرونا بلام القسم أو الابتداء أو كونه جملة معها الواو (كمسرعا ذا راحل زيد دعا) (٥) فإن كان ناصبه غير فعل كاسم الفعل (٦) أو المصدر ، أو فعلا غير متصرّف كفعل التّعجّب ، أو صفة كذلك (٧) كأفعل التّفضيل في بعض أحواله (٨) لم يجز تقديمه عليه.

ضابطة : جميع العوامل اللّفظية تعمل في الحال إلّا كان وأخواتها وعسى على الأصحّ.

__________________

(١) أي : صورة أن يكون المضاف جزء اللمضاف اليه او مثل جزئه.

(٢) رد لقول أبي حيان فالأخفش سابق على المصنف في هاتين الصورتين.

(٣) أي : تبع الأخفش على هاتين الصورتين أي ذكرهما ومنهم المصنف فليس المصنف مبتكرا لهما.

(٤) أي : لم يعارض التقديم معارض كصلة أل نحو جائني المكرم لزيد جالسا وصلة الحرف المصدري نحو يعجبني أن يكرمك زيد قائما والمقرون بلام القسم نحو والله لأقتلنك صباحا ولام الابتداء نحو لأكرمنك عالما وواو الحال نحو جاء زيد وهو راكب وذلك للزوم هذه الحروف صدر الكلام.

(٥) الأول مثال لتقدم الحال على عامله أعني راجل وهو صفة اشبهت الفعل المتصرف لأنهم يسمون اسم الفاعل والمفعول والصفة المشبهة شبه الفعل والثاني للمتقدم على عامله وهو فعل متصرف أعني دعا.

(٦) نحوصه مستعما والمصدر نحو إليه مرجعكم جميعا وفعل التعجب نحو ما أحس زيدا راكبا.

(٧) أي : غير متصرف كأفعل التفضيل نحو زيد أحسن من عمرو ضاحكا كلّ ذلك لضعف العامل.

(٨) لجواز تقديم حاله إذا توسط بين حالين كما سيأتي في قوله ونحو زيد مفردا.

٢٣١

وعامل ضمّن معني الفعل لا

حروفه مؤخّرا لن يعملا

كتلك ليت وكأنّ وندر

نحو سعيد مستقرّا في هجر

(وعامل ضمّن معنى الفعل (١) لا حروفه مؤخّرا لن يعملا) لضعفه (٢) (كتلك ليت وكأنّ) ولعلّ وهاء التّنبيه والظّروف المتضمّنة معنى الاستقرار (٣) (وندر) عندنا توسّط الحال بين صاحبه وعامله إذا كان (٤) ظرفا أو مجرورا مخبرا به وأجازه الأخفش بكثرة (نحو سعيد مستقرّا في هجر) (٥) ومنع بعضهم هذه الصّورة كما منع تقديمها عليهما (٦) بالإجماع.

ونحو زيد مفردا أنفع من

عمرو معانا مستجاز لن يهن

(و) تقديم الحال على عامله إذا كان [عامله] أفعل مفضّلا به (٧) كون في حال على كون في حال (نحو زيد مفردا أنفع من عمرو معانا) و «هذا بسرا أطيب منه رطبا» (مستجاز لن يهن) أي لن يضعف.

والحال قد يجيء ذا تعدّد

لمفرد فاعلم وغير مفرد

__________________

(١) فتلك متضمنة معني أشرت وليت تمنيت وكانّ شبهت ولعل ترجيت وها نبّهت.

(٢) الضمير يعود إلى عامل.

(٣) نحو في الدار زيد عالما وزيد عندي جالسا أي استقر بخلاف المتعلقة بالمذكور أو بفعل خاصّ.

(٤) العامل ظرفا أو مجرور وكان خبرا.

(٥) فتوسط الحال وهو مستقرا بين صاحبه وهو سعيد وعامله في هجر وهو خبر لسعيد.

(٦) أى : تقديم الحال على صاحبه وعامله.

(٧) (أي بأفضل) كون شىء أو شخص في حال على كونه في حال أخر كما فضل بأنفع كون زيد في حال الانفراد على كون عمرو مع العين وفضّل بأطيب كون بسرية هذا على كون رطبيته فجاز تقديمه على عامله مع أنه صفة غير متصرفة.

٢٣٢

(والحال قد يجيء ذا تعدّد لمفرد (١) فاعلم) كالخبر (٢) سواء كان الجميع في المعنى واحدا كـ «إشتريت الرّمّ ان حلوا حامضا» (٣) أو لم يكن كـ «جاء زيد عاذرا ذامين» (وغير مفرد) (٤) نحو «لقيت زيدا مصعدا منحدرا» ثمّ إن ظهر المعنى (٥) ردّ كلّ واحد إلى ما يليق به وإلّا ، (٦) جعل الأوّل للثّاني والثّاني للأوّل.

وعامل الحال بها قد أكّدا

في نحو لا تعث في الارض مفسدا

(وعامل الحال) وكذا صاحبها (بها (٧) قد أكّدا في نحو لا تعث في الأرض مفسدا) و (أَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً)(٨)(لَآمَنَ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً)(٩)(١٠).

وإن تؤكّد جملة فمضمر

عاملها ولفظها يؤخّر

(وإن تؤكّد) أي الحال (جملة) معقودة من اسمين معرفتين جامدين لبيان يقين أو

__________________

(١) أي لذي حال واحد.

(٢) المتعدد لمبتداء واحد نحو زيد عالم شجاع.

(٣) فحلوا وحامضا في المعني المراد واحد أي مزا.

(٤) أي بأن يكون ذو الحال أيضا متعدّد فمصعدا ومنحدرا حالا لضمير المتكلم وزيد.

(٥) نحو حارب جيش إلاسلام جيش الكفر محقا مبطلا فيعلم أن محقا حال لجيش إلاسلام ومبطلا لجيش الكفر.

(٦) كما في مثال لقيت زيدا مصعدا منحدرا لإمكان كل منهما لكل منهما فيجعل مصعدا لزيد ومنحدر الضمير المتكلم.

(٧) أي : بالحال فأن لا تعث معني لا تفسد فمفسدا مؤكد له ورسول تأكيد لأرسلنا والفرق بين المثالين أن الأول لتأكيد الحال معنا عامله والثاني تأكيد للفظه.

(٨) النّساء ، الآية : ٧٩.

(٩) مثال لتأكيد الحال صاحبه فأن جميعا حال من كلهم وجميع وكل بمعني واحد.

(١٠) يونس ، الآية : ٩٩.

٢٣٣

فخر أو تعظيم (١) أو نحو ذلك (٢) (فمضمر عاملها) نحو :

أنا ابن دارة معروفا بها نسبي

[وهل بدارة يا للنّاس من عار؟]

أى أحقّه (٣) معروفا ، وقيل عاملها المبتدأ ، وقيل الخبر الواقع في الجملة (ولفظها (٤) يؤخّر) وجوبا لعدم جواز تقدّم المؤكّد على المؤكّد.

وموضع الحال تجىء جملة

كجاء زيد وهو ناو رحلة

(وموضع الحال تجىء جملة) خالية من دليل الاستقبال (٥) (كجاء زيد وهو ناو رحلة) ويجيء أيضا موضعه ظرف أو مجرور متعلّق بمحذوف وجوبا نحو «رأيت الهلال بين السّحاب» (٦)(فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ)(٧)(٨).

وذات بدء بمضارع ثبت

حوت ضميرا ومن الواو خلت

(و) جملة الحال سواء كانت مؤكّدة أم لا ، جيء بها (ذات بدء بمضارع) خال من قد (ثبت) أو نفي بلا ، أو ما ، أو بماض (٩) تال إلّا ، أو متلو بأو (١٠) (حوت ضميرا) رابطا

__________________

(١) فاليقين نحو أنا ابن دارة والفخر أنا حاتم جودا والتعظيم نحو أنت الملك سلطانا.

(٢) كالتحقير نحو زيد شيطان مكرا.

(٣) في بيان اليقين ومن الفخر افتخر وفي التعظيم أعظم وهكذا.

(٤) أى : الحال.

(٥) كسين وسوف وأن.

(٦) فبين ظرف وحال من الهلال متعلق بمحذوف أي واقعا بين السحاب.

(٧) الجار والمجرور حال متعلق بمحذوف والتقدير كائنا في زينته.

(٨) القصص ، الآية : ٧٩.

(٩) أي : بدء بماض.

(١٠) فهذه خمسة أقسام من الجمل الحالية ثلاثة مبدوة بمضارع خال من قد ، الأولى المثبتة والثاني المنفية بلا

٢٣٤

ظاهرا أو مقدّرا (ومن الواو خلت) نحو (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ)(١)(٢)(ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ)(٣)(٤).

عهدتك ما تصبو [وفيك شبيبة (٥)

فما لك بعد الشّيب صبّا متيّما]

(إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ)(٦)(٧) «لأضربنّه ذهب أو مكث». (٨)

وذات واو بعدها انو مبتدا

له المضارع اجعلنّ مسندا

(و) إن أتى من كلام العرب جملة مبدوّة بما ذكر (٩) وهي (ذات واو) فلا تجره على ظاهره (١٠) بل (بعدها) أى بعد الواو (انو مبتدأ له المضارع) المذكور (اجعلنّ مسندا) خبرا نحو :

فلمّا خشيت أظافيرهم

نجوت وأرهنهم مالكا

__________________

والثالثة المنفية بما واثنتان مبدوتان بالماضي الأولي الواقعة بعد إلّا والثانية الواقعة قبل أو وحكم هذه الخمسة أن تكون متحملة لضمير ذي الحال وخالية من الواو الحاليّة.

(١) مثال للمضارع المثبت فتستكثر فعل مضارع خال من قد مثبت متحمل ضمير المخاطب.

(٢) المدّثر ، الآية : ٦.

(٣) للمضارع المنفي بلا.

(٤) الصّافّات ، الآية : ٢٥.

(٥) للمنفي بما فأن ما تصبوا حال من الكاف في عهدتك ومتحمل لضمير المخاطب المتحد مع ذي الحال.

(٦) للماضي الواقع بعد إلّا وهو كانوا حال من رسول وضمير به عائد إليه.

(٧) الحجر ، الآية : ١١.

(٨) للماضي الواقع قبل أو وهو ذهب حال من الضمير الغايب في لأضربنّه ومتحمل لهو المستتر.

(٩) أي : المضارع المثبت لأنه المذكور في كلام المصنف والخمسة الآخر زادها الشارح.

(١٠) أي : ليس لك أن تقول أن الحال جملة فعلية والرابط واو لأنا قلنا أن فعل المضارع المثبت إذا وقع حالا فرابطه الضمير فقط ومن الواو خلت بل قدّر مبتدا والفعل خبره فتصير الجملة اسمية والاسمية يجوز أن تأتي بواو.

٢٣٥

أى أنا أرهنهم مالكا.

وذات بدء بمضارع مقرون بقد تلزمها الواو نحو (لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ)(١) ـ قاله في التّسهيل.

وجملة الحال سوي ما قدّما

بواو أو بمضمر أو بهما

(وجملة الحال سوى ما قدّما) وهي الجملة الاسميّة مثبتة أو منفيّة والفعليّة المصدّرة بمضارع منفي بلم أو بماض مثبت أو منفيّ (٢) بشرط أن تكون غير مؤكّدة (٣) تأتي (بواو) فقط نحو «جاء زيد وعمرو وقائم» ، «جاء زيد ولم تطلع الشّمس» ، «جاء زيد وقد طلعت الشّمس» ، «جاء زيد وما طلعت الشّمس» (٤).

وشرط جملة الحال المصدّرة بالماضي المثبت المتصرّف المجرّد من الضّمير أن يقترن بقد ظاهرة أو مقدّرة (٥) لتقرّبه (٦).

من الحال. واستشكله (٧) السّعيد ، وتبعه شيخنا العلّامة الكافجي ، بأنّ الحال

__________________

(١) الصّف ، الآية : ٥.

(٢) غير الواقع بعد إلّا أو قبل أو.

(٣) نحو ذلك الكتاب لا ريب فيه فجملة لا ريب فيه ليست بحال لكونها مؤكدة.

(٤) فالأوّل مثال للاسمية والثاني لفعل المضارع المنفي بلم والثالث للماضي المثبت والرابع للماضي المنفي.

(٥) فالظاهرة نحو جائني زيد وقد ركب غلامه والمقدّرة نحو قوله تعإلى أو جاؤكم حصرت صدورهم أى قد حصرت قاله المحشي.

(٦) بضم التاء وفتح الباء مضارع قرّب أي لتقرب قد الفعل الماضي من الحال مراده أن جملة الحال لا بد أن تكون مقترنة بزمان الحال كما يفهم من كلمة الحال فإذا كانت فعلا ماضيا فلا بد أن تدخلها قد ليبدل الماضى بالحال لأن قد فيها معني الحال لكونها للتحقيق فالفعل الواقع بعدها ثابت فعلا.

(٧) أي : استشكل لزوم قد لهذه المناسبة وحاصل الإشكال أن الحال لها معنيان أحدهما زمان الحال والثاني

٢٣٦

الّذي هو قيد على حسب عامله (١) فإن كان ماضيا أو حالا أو مستقبلا ، فكذلك فلا معنى لاشتراط تقريبه (٢) من الحال [أي : الزّمن الحاضر] بقد. قال : فما ذكروه غلط نشأ من اشتراك لفظ الحال بين الزّمان الحاضر وهو ما يقابل الماضي ، وبين ما يبيّن الهيئة المذكورة (٣) انتهى. وقد اختار أبو حيّان تبعا لجماعة ، عدم الاشتراط (٤) كما لو وجد الضّمير.

(أو) تأتي (بمضمر) فقط (٥) نحو (اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ)(٦)(فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ)(٧)(أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ)(٨) «جاء زيد ما قام أبوه». (٩)

__________________

الهيئة الخاصة مثل راكبا التي هي قيد لعاملها فأن قولنا جاء زيد راكبا يكون (راكبا) قيد المجيء زيد والمراد من الحال فيما نحو فيه هو القسم الثاني لا زمان الحال والحال بالمعني الثاني لا اختصاص لها بزمان خاص بل هي تابعة لعاملها فأن كان ماضيا فهي في الماضي وأن كان حالا فكذلك فلا حاجة لدخول قد على الماضي لذلك.

(١) على حسب عامله خبر لأنّ والمعني أن الحال الذي هو قيد للعامل أنما هو على حسب عامله من حيث الزمان.

(٢) أي : تقريب الماضي.

(٣) أي : الذي هو قيد يعني الحال المصطلح.

(٤) أي : عدم اشتراط قد كما إنه لو وجد الضمير لا يحتاج إليه إجماعا.

(٥) أي : بدون الواو.

(٦) البقرة ، الآية : ٣٩.

(٧) آل عمران ، الآية : ١٧٤.

(٨) النّساء ، الآية : ٩٠.

(٩) الآية الأولي مثال للجملة الاسمية وهي بعضكم لبعض عدو والضمير (كم) في بعضكم وذو الحال ضمير جمع المخاطب في اهبطوا والآية الثانية للمضارع المنفي بـ «لم» والضمير هم وذو الحال ضمير جمع المغايب في فانقلبوا والآية الثالثة للماضي المثبت وهو حصرت والضمير في الحال هم وذو الحال ضمير الجمع الغايب من جاؤ والمثال الأخير للماضي المنفي.

٢٣٧

(أو بهما) (١) نحو (خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ)(٢)(وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ)(٣) ، (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللهِ)(٤) ، «جاء زيد وما قام أبوه». (٥)

والحال قد يحذف ما فيها عمل

وبعض ما يحذف ذكره حظل

(والحال قد يحذف ما فيها عمل) جوازا لدليل حاليّ كقولك للمسافر «راشدا مهديّا» (٦) أو مقاليّ نحو (بَلى قادِرِينَ)(٧)(٨).

(وبعض ما يحذف) ممّا يعمل في الحال وجب فيه ذلك (٩) حتّى أنّ (ذكره حظل) أي منع منه كعامل المؤكّدة للجملة ، (١٠) والنّائبة مناب الخبر كما سبق. (١١) والمذكورة

__________________

(١) بالواو والضمير.

(٢) البقرة ، الآية : ٢٤٣.

(٣) النّور ، الآية : ٧٥.

(٤) البقرة ، الآية : ٧٥.

(٥) الآية الأولي مثال للجملة الاسمية والرابط هو الواو وضمير هم وذو الحال ضمير الجمع في خرجوا والآية الثانية للمضارع المنفي بـ «لم» ورابطها الواو وضمير لهم وذو الحال ضمير الجمع في يرمون والآية الثالثة للماضي المثبت وهو كان والرابط هو الواو وضمير منهم وذو الحال ضمير الجمع في يؤمنوا والمثال الأخير للماضي المنفي.

(٦) أى : سافر راشدا بقرنية تهيّوئه للسفر.

(٧) التقدير نجمعها قادرين بدليل ذكر نجمع سابقا في نجمع عظامه.

(٨) القيامة ، الآية : ٤.

(٩) أي : في البعض الحذف.

(١٠) الذي مر ذكره عند قول الناظم (وأن توكد جملة) نحو زيد أبوك عطوفا.

(١١) في باب المبتدا والخبر عند قول الناظم كضربي العبد مسيئا نحو ضربي زيدا قائما أي حاصل إذا كان قائما.

٢٣٨

للتّوبيخ نحو «أقاعدا (١) وقد قام النّاس» أو بيان زيادة أو نقص بتدريج كـ «تصدّق بدينار فصاعدا» ، «واشتره بدينار فسافلا» (٢) وهو قياس (٣) وك «هنيئا لك» وهو سماع.

تتمة : الأصل في الحال أن تكون جائزة الحذف (٤) وقد يعرض لها ما يمنع منه (٥) ككونها جوابا نحو «راكبا» لمن قال «كيف جئت» (٦) أو مقصودا حصرها نحو «لم أعده (٧) إلّا حرضا» أو نائبة عن الخبر نحو «ضربي زيدا قائما» أو منهيّا عنها نحو (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى)(٨)(٩).

__________________

(١) أي : أتكون قائما.

(٢) أي : فأذهب صاعدا وفأذهب سافلا.

(٣) أي : حذف العامل في الموارد الخمسة قياسي ولكل أحد أن يحذف العامل في مثلها وأما هنيئا لك فليس لأحد أن يأتي بمثله والتقدير أشرب هنيئا.

(٤) لكونها فضلة.

(٥) أى : من الحذف.

(٦) إذ لو حذف راكبا لبقي السؤال بلا جواب.

(٧) بفتح الهمزة وسكون الدال من العيادة أي لم أذهب إلى عيادته إلا حال إشرافه على الموت إذ لو حذف الحال بقي لم أعده وليس مراد المتكلم نفي العيادة.

(٨) إذ لو حذف كان نهيا عن الصلوة.

(٩) النّساء ، الآية : ٤٣.

٢٣٩

هذا باب التّمييز

وهو والمميّز والتّبيين والمبيّن والتّفسير والمفسّر بمعنى [واحد].

اسم بمعني من مبين نكرة

ينصب تمييزا بما قد فسّره

(إسم بمعنى من (١) مبين) لإبهام الإسم أو نسبته (نكرة ينصب تمييزا) فخرج بالقيد الأوّل (٢) الحال ، وبالثّاني (٣) اسم لا ونحو :

استغفر الله ذنبا [لست محصيه

ربّ العباد إليه الوجه والعمل]

وقد يأتي التّمييز غير مبين فيعدّ مؤكّدا نحو (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً)(٤)(٥) وقد يأتي بلفظ المعرفة نحو :

[رأيتك لمّا أن عرفت وجوهنا

صددت] وطبت النّفس يا قيس عن عمرو

__________________

(١) البيانية.

(٢) وهو بمعني من لأن الحال ليس بمعني من.

(٣) وهو قوله مبين فأن اسم لا النافية للجنس متضمن لمعني من كما ذكر في بابه وكذا المفعول الثاني لأستغفر لصحة أن نقول أستغفر الله من ذنب إلّا أنهما لا يبينان إبهاما.

(٤) فشهرا تميز لاثني عشر لكنه ليس لبيان رفع الإبهام للعلم بأن المراد من اثني عشر هو الشهر لذكر شهور قبلها فهو تأكيد.

(٥) التوبة ، الآية : ٣٦.

٢٤٠