البهجة المرضيّة على ألفيّة ابن مالك

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

البهجة المرضيّة على ألفيّة ابن مالك

المؤلف:

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
المطبعة: وفا
الطبعة: ١٩
ISBN: 978-964-6397-13-2
الصفحات: ٥٩٠

العامل دالّ على ما يدلّ عليه فهو عوض عنه. ويدلّ على ذلك (١) عدم جواز الجمع بينهما ، ولا شيء من المؤكّدات (٢) أن يمتنع الجمع بينه وبين المؤكّد.

(وفي) حذف عامل (سواه (٣) لدليل) عليه (متّسع) (٤) فيبقى على نصبه كقولك لمن قال أيّ سير سرت «سيرا سريعا» (٥) ولمن قدم من سفره : «قدوما مباركا» (٦).

والحذف حتم مع آت بدلا

من فعله كندلا اللّذ كاندلا

(والحذف) للعامل (حتم مع) مصدر (آت بدلا من فعله) سماعا في نحو حمدا وشكرا (٧) ، وقياسا في الأمر (كندلا (٨) اللّذ) في قول الشاعر :

على حين ألهى النّاس جلّ أمورهم

فندلا زريق المال ندل الثّعالب

فهو (كاندلا) ، وفي النّهي (٩) نحو قياما (١٠) لا قعودا والدّعاء نحو سقيا

__________________

وذلك لأن المصدر هنا نايب عن الفعل لا أن الفعل مقدر قبله وحاصله أن قولك سقيا بمنزلة قولك سقاك الله فهو بدل عن فعل لا أنه معمول له.

(١) أي : ويدّل على أن المصدر هنا بدل عن العامل لا معمول له عدم جواز الجمع هنا بين المصدر والعامل وذلك لعدم جواز الجمع بين العوض والمعوض ولو كان توكيدا له الجاز الجمع بين المؤكد والمؤكد.

(٢) أي : المصادر المؤكدة يعني المفعول المطلق الذي للتأكيد فإنه يجوز ان يجمع بينه وبين عامل.

(٣) أي : عامل سوي المؤكد وهو عامل المصدر النوعي أو العددي.

(٤) أي : جايز ذلك الحذف.

(٥) أي : سرت سيرا وهذا المثال لما إذا كانت القريند مقالية.

(٦) أي : قدمت قدوما وهذا للقرينة الحالية.

(٧) بدل قوله حمدتك وشكرتك.

(٨) الندل بالفارسية ربودن يعني أن ندلا هنا بمعني أندل كقول السائل عطاء أي أعطني أو قولك للمصاب صبرا أي اصبر ووجوب الحذف هنا لعدم جواز الجمع بين العوض والمعوّض.

(٩) عطف على قوله في الأمر وقياسا في النهي أيضا وكذا الدعاء والاستفهام.

(١٠) فهو بمنزلة أن تقول لا تقم.

٢٠١

ورعيا ، (١) والإستفهام للتوبيخ نحو : أتوانيا (٢) وقد جدّ قرناؤك المشيب.

ولا فرق فيما ذكر بين ما له فعل كما تقدّم وما ليس له فعل (٣) نحو

[تذر الجماجم ضاحيا هاماتها]

بله الأكفّ [كأنّها لم تخلق]

فيقدّر فعل من معناه أي أترك.

وما لتفصيل كإمّا منّا

عامله يحذف حيث عنّا

(وما لتفصيل) لعاقبة ما قبله (كإمّا منّا) (بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً)(٤)(٥) (عامله يحذف) حتما قياسا (حيث عنّا) أي عرض ، فالتقدير في الآية ـ والله أعلم ـ فإمّا تمنّون منّا وإمّا تفدون فداء.

كذا مكرّر وذو حصر ورد

نائب فعل لاسم عين استند

(كذا) في الحكم (٦) (مكرّر) ورد نائب فعل (٧) مسند إلى اسم عين نحو «زيد سيرا» أي يسير سيرا.

(و) كذا (ذو حصر) بإلّا أو بإنّما (ورد نائب فعل لاسم عين استند) نحو «ما أنت إلّا سيرا» و «إنّما أنت سيرا» فإن استند لاسم معنى ، وجب الرّفع على الخبريّة في

__________________

(١) بدل أسق وأرع.

(٢) بدل أتتواني.

(٣) لأن بله اسم فعل وجاء هنا بمعني المصدر وليس له فعل فيقدر فعل من معناه.

(٤) فأن منا وفداء تفصيل لقوله تعإلى فشد والوثاق الذي قبله.

(٥) محمّد ، الآية : ٤.

(٦) أي : في حكم لزوم حذف العامل.

(٧) أي : كان المصدر نائبا عن فعل أي واقعا مكان فعل وذلك الفعل خبر عن اسم عين فسيرا واقع مكان يسير ويسير خبر لزيد وهو اسم عين.

٢٠٢

الصّورتين (١) نحو «أمرك سير سير» و «إنّما سيرك سير البريد». (٢)

ومنه ما يدعونه مؤكّدا

لنفسه أو غيره فالمبتدا

نحوله علىّ ألف عرفا

والثّان كابني أنت حقّا صرفا

(ومنه) أي من المصدر الّذي حذف عامله حتما (ما يدعونه) أي ما يسمّونه (مؤكّدا) إمّا (لنفسه أو غيره فالمبتدا) به ، أي فالأوّل هو المؤكّد لنفسه ما وقع بعد جملة لا محتمل لها غيره. (٣) (نحو له علىّ ألف) درهم (عرفا والثّان) وهو المؤكّد لغيره ما وقع بعد جملة لها محتمل غيره (كابني أنت حقّا صرفا). (٤) قال في التّسهيل : ولا يجوز تقدّم هذا المصدر على الجملة التي قبله (٥) وفاقا للزّجّاج.

كذاك ذو التّشبيه بعد جملة

كلي بكا بكاء ذات عضلة

(كذلك (٦) ذو التّشبيه) الواقع (بعد جملة) مشتملة على اسم بمعناه وصاحبه. (٧) (كلي بكا بكاء ذات عضلة) أي صاحب داهية. (٨)

__________________

(١) أي : في صورة التكرر وصورة الحصر.

(٢) لكون المسند إليه في المثالين اسم معني وهما أمرك وسيرك لكونهما مصدرين.

(٣) أي : لا احتمال لتلك الجملة غير ذلك المصدر فجملة له على ألف لا معنى لها غير الاعتراف فعرفا مؤكد للعرف أي الاعتراف الذى فهم من الجملة قبله.

(٤) فأن جملة أنت ابني يحتمل أن مراد القائل الابن الحقيقي يعني ولده أو المجازي يعني أنه يحبه كثيرا مثل ابنه فحقا مؤكد لأن لا يحتمل غير الحق وهو المجازي.

(٥) في التوكيد للنفس والغير فلا يقال عرفا له على ألف أو حقا أنت ابني.

(٦) أي : كالمؤكد لنفسه ولغيره في لزوم حذف عامله.

(٧) أي : بمعني المفعول المطلق وصاحبه فأن جملة لي بكا مشتملة على بكا وهو بمعني بكاء الذي مفعول مطلق وياء المتكلم وهو صاحب البكاء.

(٨) أي : المصيبة.

٢٠٣

بخلاف الواقع بعد مفرد كـ «صوته صوت جمار» والواقع بعد جملة لم تشتمل على ما ذكر كـ «هذا بكاء بكاء الثّكلى» (١).

تتمة : كالمصدر في حذف عامله ما وقع موقعه نحو «اعتصمت عائذا بك» (٢) ـ قاله في شرح الكافية.

__________________

(١) فالمصدر خبر في الموردين.

(٢) فعائذا واقع موقع المصدر وهو عوذا وحذف عامله وهو عذت.

٢٠٤

الثالث ـ من المفاعيل المفعول له

ويسمّى «المفعول لأجله» و «من أجله». وهو ـ كما قال ابن الحاجب ـ ما فعل لأجله فعل مذكور.

ينصب مفعولا له المصدر إن

أبان تعليلا كجد شكرا ودن

وهو بما يعمل فيه متّحد

وقتا وفاعلا وإن شرط فقد

(ينصب) حالكونه (مفعولا له المصدر إن أبان تعليلا) (١) للفعل (كجد شكرا ودن ، وهو بما يعمل فيه) (٢) وهو الفعل (متّحد وقتا وفاعلا وإن شرط) ممّا ذكر (٣) (فقد).

فاجرره بالحرف وليس يمتنع

مع الشّروط كلزهد ذا قنع

(فاجرره باللّام) ونحوها ممّا يفهم التّعليل وهو «من» و «في» نحو :

__________________

(١) أي : أفهم المصدر وأظهر تعليلا للفعل أي أفهم أنه علة وباعث للفعل ولولاه لما وقع ذلك الفعل فقولنا ضربته تأديبا يفهم أنه لو لا التأديب لما وقع الضرب ولو لا الشكر لما حصل الجود ولو لا الجبن لما قعد عن الحرب.

(٢) أي : المصدر مع عامله متحد في الوقت والفاعل.

(٣) وهي إفهامه التعليل واتحاده مع عامله في الوقت والفاعل.

٢٠٥

[له ملك ينادي كلّ يوم]

لدوا للموت وابنوا للخراب (١)

فجئت وقد نضّت لنوم ثيابها (٢)

[لدى السّتر إلّا لبسة المتفضّل]

وإنّي لتعروني لذكراك هزّة (٣)

[كما انتقض العصفور بلّله القطر]

قال في شرح الكافية : فإن لم يكن ما قصد به التّعليل (٤) مصدرا فهو أحقّ باللّام أو ما يقوم مقامها نحو «سرى زيد للماء أو للعشب» و (كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍ)(٥)(٦) «إنّ امرأة دخلت النّار في هرّة (٧) حبستها».

(وليس يمتنع) الجرّ (مع) وجود (الشّروط) المذكورة بل يجوز (كلزهد ذا قنع) (٨). ثمّ جواز ذلك على أقسام (٩) ذكرها بقوله :

وقلّ أن يصحبها المجرّد

والعكس في مصحوب أل وأنشدوا

__________________

(١) فأن الموت والخراب لا يفهمان أنهما علتان للولادة والبناء فأنه غير معهود في نظر العرف أن يكون الموت سببا وعلة وغرضا للولادة أو الخراب غرضا للبناء.

(٢) لعدم اتحاد المصدر وهو النوم مع عامله وهو نضت في الزمان لأن نزع الثياب قبل النوم.

(٣) أي : تعرضني عند ذكرك رعشة الشاهد في عدم اتحاد المصدر وهو ذكراك مع عامله هو تعروني في الفاعل فأن فاعل تعروني هزة وفاعل ذكراك هو المتكلم.

(٤) يعني إذا كان اسم وقصد به التعليل للفعل قبله ولم يكن مصدرا كالماء في المثال لأنه علة في المثال لسري فهو أحق بأن لا ينصب بل يجر بحرف ، من المصدر الذي ليس فيه الشروط السابقة لاشتراط نصب الفعول له أن يكون مصدرا.

(٥) فمع أن (غم) علة للخروج لم ينصب لعدم كونه مصدرا.

(٦) الحج ، الآية : ٢٢.

(٧) أي : لهرة فلم تنصب مع كونها علة للدخول في النار لكونه غير مصدر.

(٨) كما يجوز أن يقال زهدا ذا قنع لوجود الشرائط وهي كونه مصدرا مفهما للتعليل متحدا مع عامله زمانا وفاعلا.

(٩) من حيث كثرة الوجود وقلته فالمجرد من أل والإضافة الأكثر نصبه ويقل جره باللام والذي مع أل يكثر جره ويقلّ نصبه والمضاف يستوي فيه النصب والجر كما سيبيّن ذلك.

٢٠٦

لا أقعد الجبن عن الهيجاء

ولو توالت زمر الأعداء

(وقلّ أن يصحبها) أي اللّام (المجرّد) من أل والإضافة ، وكثر نصبه ، وأوجبه (١) الجزولي. قال الشّلوبين شيخ المصنّف : ولا سلف له (٢) في ذلك.

(والعكس) وهو كثرة صحبتها ثابت (في مصحوب أل) وقلّ نصبه (وأنشدوا) عليه (٣) قول بعضهم : (لا أقعد الجبن) أي الخوف أي لاجله (٤) (عن الهيجاء) بالمدّ ويجوز القصر أي الحرب (ولو توالت زمر الأعداء) جمع زمرة وهي الجماعة من النّاس وفهم

من كلامه (٥) استواء الأمرين في المضاف ، وصرّح به (٦) في التّسهيل.

__________________

(١) أى : النصب فى المجرد.

(٢) أي : للجزولي في قوله هذا أي لم يقل قبله أحد بوجوب النصب في المجرد.

(٣) أى : على نصب مصحوب أل فنصب الجبن مع كونه مصحوب أل.

(٤) بفتح الجيم أي خوفا من أن يأتي أجله أي موته.

(٥) لأنه بيّن حال المجرّد من أل بأنه أكثر نصبا ومصحوب أل بأنه بالعكس ولم يذكر حال المضاف فيفهم أنه يستوي فيه النصب والجر.

(٦) أي : باستواء الأمرين.

٢٠٧

الرابع ـ من المفاعيل المفعول فيه

وهو المسمّى ظرفا أيضا.

الظّرف وقت أو مكان ضمّنا

في باطّراد كهنا امكث أزمنا

(الظّرف) في اصطلاحنا (١) (وقت أو مكان ضمّنا في باطّراد (٢) كهنا امكث أزمنا) بخلاف ما لم يتضمّنها نحو «يوم الجمعة مبارك» أو تضمّنها بغير اطّراد وهو المنصوب على التّوسّع نحو «دخلت الدّار». (٣)

فانصبه بالواقع فيه مظهرا

كان وإلّا فانوه مقدّرا

(فانصبه بالواقع فيه) وهو المصدر ومثله الفعل والوصف (مظهرا كان) (٤) كما

__________________

(١) أي : لا في اللغة فأن الظرف في اللغة هي الوعاء.

(٢) أي : بأن يكون تضمن (في) فيه مطردا ومتعارفا لا الظرف الذي ليس كذلك بأن يكون المتعارف فيه ذكر في الا أنه قد يقدر فيه نادرا فلا ينصب على الظرفية.

(٣) فالدار متضمن لمعني في إذ التقدير دخلت في الدار الا إنه غير مطرد إذ المتعارف في مثل هذا التركيب ذكر في لا تقديره فيقال دخلت في الدار فالدار منصوب هنا بحذف الجار على أنه مفعول به على خلاف الأصل لأنه يغتفر في الظرف ما لا يغتفر في غيره إذ لا يجوز في غير الظرف حذف الجار منه وبقائه مفعولا به.

(٤) أي : الواقع فيه وهو العامل كما تقدم وهو (هنا امكث أزمنا).

٢٠٨

تقدّم (وإلّا فانوه مقدّرا) نحو فرسخا لمن قال : كم سرت. (١)

وكلّ وقت قابل ذاك وما

يقبله المكان إلّا مبهما

نحو الجهات والمقادير وما

صيغ من الفعل كمرمي من رمى

(وكلّ وقت) سواء كان مبهما (٢) أو مختصّا (قابل ذاك) النّصب ، (٣) واستثنى منها (٤) في نكته على مقدّمة ابن الحاجب مذ ومنذ.

(وما يقبله (٥) المكان إلّا) إن كان (مبهما) بأن افتقر إلى غيره في بيان صورة مسمّاه (٦) (نحو الجهات) السّت ، وهي : فوق وتحت وخلف وأمام ويمين ويسار ، وما أشبهها كجانب وناحية (والمقادير) كالميل والفرسخ والبريد. (٧) (و) إلّا كان من (ما صيغ من الفعل) (٨) أي من مادّته (كمرمى من رمى).

وشرط كون ذا مقيسا أن يقع

ظرفا لما في أصله معه اجتمع

وشرط كون ذا (٩) مقيسا أن يقع ظرفا لما) أي لفعل (في أصله) أي الحروف

__________________

(١) أي سرت فرسخا.

(٢) أي : غير محدود بحدّ كحين ومدة ووقت وزمان والمختص كيوم الجمعة وشهر رمضان واليوم.

(٣) أي : النصب على الظرفية.

(٤) من النصب.

(٥) أي : ذلك النصب.

(٦) أي : تشخيص المراد منه وفهم معناه فأن فوق مثلا لا يعرف المراد منه إلا أن أضفتها إلى شيء كقولك فوق السطح.

(٧) الميل أربعة آلاف ذراع والفرسخ إثنا عشر ألف ذراع والبريد إثنا عشر ميلا.

(٨) يعني اسم المكان على وزن مفعل كالمشرق والمغرب.

(٩) أي : اسم المكان المشتق من الفعل شرط نصبه أن يكون عامله من جنسه كجلست مجلس زيد.

٢٠٩

الأصليّة (معه اجتمع) كجلست مجلس زيد ورميت مرماه ، فإن لم يقع كذلك (١) كان شاذّا يسمع كقولهم «هو عمرو مزجر الكلب» ، «وعبد الله مناط الثّريّا» ، «هو منّي مقعد القابلة» (٢) وغير ما ذكر (٣) من الأمكنة لا يقبل الظّرفية كالدّار والمسجد والسّوق والطّريق.

وما يري ظرفا وغير ظرف

فذاك ذو تصرّف في العرف

وغير ذي التّصرّف الّذي لزم

ظرفيّة أو شبهها من الكلم

(وما يرى ظرفا وغير ظرف) كأن يرى مبتدأ أو خبرا أو فاعلا أو مفعولا أو مضافا إليه (٤) نحو يوم ، وشهر ، (فذاك ذو تصرّف (٥) في العرف).

(وغير ذي التّصرّف الّذي لزم ظرفيّة) (٦) كقطّ وعوض (أو شبهها) (٧) كالجرّ بالحرف كعند ولدى (من الكلم) بيان للّذي. (٨)

وقد ينوب عن مكان مصدر

وذاك في ظرف الزّمان يكثر

(وقد ينوب عن) ظرف (مكان مصدر) كان مضافا إليه الظرف فحذف وأقيم هو

__________________

(١) بأن كان الواقع فيه فعل من غير جنسه.

(٢) فأن الواقع في هذه الثلاثة ليس فعلا من مادة المزجر والمناط والمقعد بل على ما قيل استقر.

(٣) أي : المكان المبهم وما صيغ من الفعل.

(٤) فالأول والثاني نحو اليوم يوم مبارك والثالث نحو أعجبني اليوم والرابع نحو أحببت يوم قدومك والخامس نحو سرت نصف يوم.

(٥) أي : يسمي ظرفا متصرفا في عرف النحاة.

(٦) أي : الظرف الغير المتصرف هو الظرف الذي لازم للظرفية دائما.

(٧) أي : شبه الظرفية.

(٨) أي : الذي لزم ظرفية عبارة عن الكلم.

٢١٠

مقامه (١) نحو «جلست قرب زيد».

(وذاك (٢) في ظرف الزّمان يكثر) نحو «إنتظرته صلاة العصر» (٣) و «أمهلته نحر جزورين» (٤) وقد يجعل المصدر ظرفا دون تقديره (٥) ومنه (٦) «ذكاة الجنين ذكاة أمّه» وقد يقام اسم عين مضاف إليه الزّمان مقامه (٧) نحو «لا أكلّمك هبيرة بن قيس» أي مدّة غيبته.

__________________

(١) أي : أقيم المصدر مقام الظرف ففي المثال التقدير جلست مكان قرب زيد فحذف مكان وأقيم مقامه قرب فنصب على الظرفية.

(٢) أي : قيام المصدر مقام الظرف.

(٣) أي : وقت صلاة العصر فحذف الظرف وهو وقت وأقيم المصدر وهو الصلاة مقامه.

(٤) أي : مدة نحر جزور.

(٥) أي : تقدير الظرف.

(٦) أي : مما جعل المصدر ظرفا دون تقدير مضاف فأن زكاة منصوب من دون تقدير مضاف.

(٧) أي : مقام الزمان على الظرفية فهبيرة اسم عين لأنه على لشخص وأقيم مقام مدة فينصب ظرفا.

٢١١

الخامس ـ من المفاعيل المفعول معه

وأخّره عنها لاختلافهم فيه هل هو قياسيّ دون غيره (١) ولوصول العامل إليه بواسطة حرف دون غيره.

ينصب تالي الواو مفعولا معه

في نحو سيري والطّريق مسرعة

بما من الفعل وشبهه سبق

ذا النّصب لا بالواو في القول الأحقّ

(ينصب) اسم (تالي الواو) التّي بمعنى مع ، التّالية لجملة ذات فعل أو اسم فيه معناه وحروفه (٢) حال كونه (مفعولا معه) ومثال ذلك موجود (في نحو سيري والطّريق مسرعة بما من الفعل وشبهه سبق (٣) ذا النّصب لا بالواو في القول الأحقّ) بالتّرجيح الّذي نصّ عليه سيبويه ، وقال الجرجاني بالواو ، والزّجاج بفعل مضمر (٤)

__________________

(١) يعني أنّ تأخير المفعول معه عن ساير المفاعيل لأمرين أحدهما الاختلاف في قياسية نصبه دون ساير المفاعيل وثانيهما وصول عامل النصب إليه بواسطة وأو المعية دون باقي المفاعيل لوصوله إليها بنفسه.

(٢) أي : في الاسم معني الفعل وحروفه كأسم الفاعل نحو أنا سائر والفرس.

(٣) صلة لما يعني أن نصب المفعول معه بما سبق عليه من فعل وشبهه لا بالواو في القول الأحق بالترجيح على القول بأن نصبه بالوأو وهذا الترجيح نص عليه سيبويه.

(٤) يناسب المعيّة مثل لابست وصاحبت ونحوهما.

٢١٢

وفهم من قوله «سبق» أنّه (١) لا يتقدّم عليه وهو كذالك (٢) بلا خلاف.

وبعد ما استفهام او كيف نصب

بفعل كون مضمر بعض العرب

(و) إن قلت (٣) قد روي النّصب (بعد ما استفهام أو كيف) نحو «ما أنت وزيدا» و «كيف أنت وقصعة من ثريد» فبطل ما قرّره من أنّه لا بدّ أن يسبقه فعل أو شبهه.

فالجواب (٤) أنّ أكثرهم يرفعه ، وقد (نصب) هذا (بفعل) من (كون مضمر بعض العرب) فتقديره (٥) «ما تكون وزيدا» و «كيف تكون وقصعة من ثريد».

والعطف إن يمكن بلا ضعف احقّ

والنّصب مختار لدي ضعف النّسق

(والعطف إن يمكن بلا ضعف) فيه (٦) (أحقّ) من النّصب على المفعولية نحو «كنت أنا وزيد كالأخوين.

(والنّصب) على المفعولية (مختار) عند المصنّف (لدى ضعف) عطف (النّسق) نحو «جئت وزيدا» (٧) وأوجبه (٨) السّيرافي بناء على قائدته : أنّ كلّ ثان (٩) كان

__________________

(١) أي : المفعول معه لا يتقدم على العامل.

(٢) أي : والصحيح أنه كذلك أي لا يتقدم على عامله.

(٣) يعني بعد ما قال المصنف من أن العامل في المفعول معه لا بد أن يكون فعلا أو شبهه فما تقول في المنصوب بعد ما وكيف الاستفهاميين مع عدم وجود فعل وشبهه هناك.

(٤) أمران الأول أن أكثر العرب يرفع الأسم الواقع بعد ما وكيف والثاني أنّ نصبه عند من ينصبه أنما هو بفعل مقدر.

(٥) أي : تقدير ما وقع بعد ما وكيف.

(٦) أي : في العطف.

(٧) فأن العطف على الضمير المتصل المرفوع ضعيف ومرجوع إلّا أن يؤتي بالمنفصل فيقال جئت أنا وزيد.

(٨) أي : النصب.

(٩) أي : الذي بعد الوأو أن كان مسببا لما قبل الواو يجب نصبه وجعل تلك الواو معية. فعلي هذه القاعدة يجب نصب زيد في المثال.

٢١٣

مؤثّرا (١) لأوّل (٢) أي مسبّبا له ـ لا يجوز فيه إلّا النّصب ، إذ قولك «جئت وزيدا» معناه :

كنت السّبب في مجيئه. (٣)

والنّصب إن لم يجز العطف يجب

أو اعتقد إضمار عامل تصب

(والنّصب) على المفعولية (إن) أمكن و (لم يجز العطف) لمانع (يجب) نحو «ما لك وزيدا» بالنّصب لأنّ عطفه على الكاف لا يجوز ، إذ لا يعطف على ضمير الجرّ إلّا بإعادة الجارّ ـ قاله في شرح الكافية ـ وسيأتي (٤) في باب العطف اختيار جوازه (أو اعتقد) إذا لم يمكن النّصب على المفعولية (إضمار عامل) ناصب له (تصب) نحو

علّفتها تبنا وماء باردا (٥)

[حتّى غدت همّالة عيناها]

أى وسقيتها

تتمة : يجب العطف إن لم يجز النّصل نحو «تشارك زيد وعمرو» لافتقاره (٦) إلى فاعلين فالأقسام حينئذ أربعة : راحج العطف ، وواجبه ، وراجح النّصب وواجبه (٧).

__________________

(١) بفتح التاء أسم مفعول وكذا المسبب اسم مفعول أيضا.

(٢) الذي قبل الواو.

(٣) فمجىء الأوّل وهو تاء المتكلم سبب لمجيء الثاني وهو زيد.

(٤) يعني أن المصنف يختار في باب العطف جواز العطف على المجرور المتصل بدون إعادة الجار فعلى هذا لا يجب النصب في المثال.

(٥) فماء لا يمكن عطفه على ألتبن ولا أن يكون مفعولا معه لاستلزامهما جواز تعليف الماء والماء لا يعلّف بل يسقي فيجب تقدير فعل مناسب للماء وهو سقيتها فماء حينئذ مفعول به لا معه.

(٦) أي : لافتقار تشارك فلو نصب ما بعد الواو بقي على مفعول واحد.

(٧) فراجح العطف فيما أمكن العطف بلا ضعف وواجب العطف فيما لم يجز النصب كما إذا وقع بعد فعل يغتفر إلى مفعولين وراجح النصب عن ضعف عطف النسق وواجب النصب إذا لم يجز العطف كالعطف على المجرور من دون إعادة الجار.

٢١٤

[الاستثناء]

هذه خاتم المفاعيل ، وعقّبها المصنف بما هو مفعول في المعنى (١) فقال الاستثناء وهو إخراج بإلّا وإحدى أخواتها حقيقة أو حكما (٢) من متعدّد.

ما استثنت إلّا مع تمام ينتصب

وبعد نفي أو كنفي انتخب

إتباع ما اتّصل وانصب ما انقطع

وعن تميم فيه إبدال وقع

(ما استثنت إلّا مع تمام) (٣) وإيجاب (ينتصب) بها (٤) عند المصنّف ، وبما قبلها عند السّيرافي ، وبمقدّر عند الزّجّاج ، نحو (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ)(٥)(٦).

(و) إن وقع (بعد نفي أو) ما هو (كنفى) وهو النّهي والإستفهام (انتخب) بفتح التّاء (٧) (إتباع ما اتّصل) (٨) للمستثنى منه في إعرابه على أنّه بدل منه بدل بعض من كلّ (٩)

__________________

(١) لاستثنيت المقدر.

(٢) فالأوّل يسمي متصلا نحو جائني القوم إلّا زيدا فزيدا أخرج بإلّا عن القوم حقيقة لدخوله في القوم والثاني يسمي منقطعا نحو جائني القوم إلّا حمارا فحمار لم يخرج من القوم لأن الإخراج فرع الدخول ولم يكن داخلا لكنه أخرج عن حكم القوم وهو المجىء.

(٣) أي : مع ذكر المستثني منه.

(٤) أي : بإلّا عند المصنف وبالعامل الذي قبل إلّا من فعل وشبهه عند السيرافي وباستثني المقدر عند الزجاج.

(٥) مثال للمستثني التام الموجب لذكر المستثني منه وهو الملائكة وعدم ذكر أداة النفي.

(٦) ص ، الآية : ٧٣.

(٧) وكسر الخاء أمر من الأنتخاب.

(٨) يعني إذا كان المستثني متصلا فالأحسن إتباع المستثني للمستثني منه وإن كان النصب أيضا جايزا.

(٩) هود ، الآية : ٨١.

٢١٥

نحو (وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ)(١)(٢) ويجوز النّصب. قال المصنّف :

وهو (٣) عربيّ جيّد. قال ابن النّحّاس : كلّ ما جاز فيه الاتباع جاز فيه النّصب على الاستثناء ولا عكس (٤).

(وانصب ما انقطع) وجوبا نحو (ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِ)(٥)(٦) (وعن تميم فيه (٧) إبدال وقع) قال شاعرهم : (٨)

وبلدة ليس لها أنيس

إلّا اليعافير وإلّا العيس

وغير نصب سابق في النّفي قد

يأتي ولكن نصبه اختر إن ورد

(وغير نصب سابق) (٩) على المستثنى منه ، أي إتباعه (في النّفي قد يأتي) كقول حسّان :

لأنّهم يرجون منه شفاعة

إذا لم يكن إلّا النّبيّون شافع (١٠)

__________________

(١) مثال للاستفهام والضالون مرفوع بدلا من (من) الاستفهامية وهو المستثني منه.

(٢) الحجر ، الآية : ٥٦.

(٣) أي : النصب.

(٤) أي : ليس كلما جاز فيه النصب جاز فيه الإبدال كما في المستثني التام الموجب فأنه يجب نصبه ولا يجوز اتباعه.

(٥) فأتباع الظن منقطع عن المستثني منه وهو العلم لأن اتباع الظن مع العلم متضادان.

(٦) النّساء ، الآية : ١٥٧.

(٧) في المنقطع.

(٨) أي : شاعر بني تميم فالمستثني في البيت وهو اليعافير والعيس مستثنيان منقطعان عن المستثني منه وهو (الأنيس) فأن الأنيس من الإنسان واليعفور والعيس من الحيوانات وهما مرفوعان بدلين من أنيس.

(٩) يعني إذا تقدم المستثني على المستثني منه في الكلام المنفي فالمختار نصبه ولكن قد يأتي غير منصوب بل تابعا للمستثني منه.

(١٠) فالنبيون مستثني مقدم على المستثني منه وهو شافع وقد رفع بدلا عن شافع وهو في الكلام المنفي.

٢١٦

(ولكن نصبه اختر إن ورد) كقوله :

ومالي إلّا آل أحمد شيعة

ومالي إلّا مذهب الحقّ مذهب (١)

أمّا في الإيجاب (٢) فلا يجوز غير النّصب نحو «قام إلّا زيدا القوم».

وإن يفرّغ سابق إلّا لما

بعد يكن كما لو إلّا عدما

(وإن يفرّغ سابق إلّا (٣) لما بعد) أي للعمل فيه (يكن) ما بعد (كما لو إلّا عدما) فيعرب على حسب ما يقتضيه ما قبلها ، وذلك لا يقع إلّا بعد نفي أو شبهه كـ «لا تزر إلّا فتى» (٤) «لا يتّبع إلّا الهدى» و «هل زكى إلّا الورع؟»

وألغ إلّا ذات توكيد كلا

تمرر بهم إلّا ألفتي إلّا العلا

(وألغ إلّا ذات توكيد) وهي الّتي (٥) تلاها اسم مماثل لما قبلها أو تلت عاطفا فاجعلها كالمعدومة (كلا تمرر بهم إلّا الفتى إلّا العلا) (٦) وكقوله :

ما لك من شيخك إلّا عمله

إلّا رسيمه وإلّا رمله (٧)

__________________

(١) فنصب آل وهو مقدم على شيعة في الكلام المنفي وكذا مذهب الحق مع تقدمه على المستثني منه وهو مذهب.

(٢) يعني أن أرجحية النصب أنما هو في الكلام المنفي أما في الموجب فيجب نصبه إذا تقدم.

(٣) يعني إذا فرّع العامل المتقدم على (إلا) من المستثني منه ليعمل فيما بعد إلا أي في المستثني كما يقال فرّغ القدر من الماء ليصب فيه العسل ، فإعراب المستثني حسب ما يقتضيه العامل قبل إلّا ، كما لو لم يكن إلّا موجودا.

(٤) ففتى مفعول للاتزر والهدى نائب فاعل للايتبع والورع فاعل لزكى والمثال الأول والأخير لشبه النفى والأوسط للنفى.

(٥) أي : (إلّا) ذات التوكيد على قسمين الأوّل ما وقع بعدها اسم مماثل في المعني لما قبلها كالعلى والفتي فإنّهما بمعني واحد والثاني ما إذا وقعت إلّا بعد عاطف كإلّا رمله في مثال الشارح فهي ملغاة والمستثني بعدها تابع لما قبلها عطف بيان أو نسق.

(٦) مثال لما تلاها اسم مماثل لما قبلها فأن العلا مماثل في المعني للفتي.

(٧) مثال لما تلت عاطفا فأن (إلّا رمله) واقعة بعد واو العطف.

٢١٧

وإن تكرّر لا لتوكيد فمع

تفريغ التّأثير بالعامل دع

في واحد ممّا بإلّا استثني

وليس عن نصب سواه مغني

(وإن تكرّر) إلّا (لا لتوكيد (١) فمع تفريغ) من المستثنى منه بأن حذف (التّأثير بالعامل) الواقع قبل إلّا (دع في واحد ممّا بإلّا استثني) مقدّما كان أولا (وليس عن نصب سواه مغني (٢)) نحو «ما قام إلّا زيد إلّا عمرا إلّا بكرا».

ودون تفريغ مع التّقدّم

نصب الجميع احكم به والتزم

(ودون تفريغ مع التّقدّم) لجميع المستثنيات على المستثنى منه (نصب الجميع (٣) احكم به والتزم) ولا تدع العامل يؤثّر في شيء منها نحو «قام إلّا زيدا إلّا عمرا الّا خالدا القوم».

__________________

(١) تكرار إلّا لغير التوكيد على ثلاثة أقسام الأول ما كان الاستثناء مفرغا فحكمه أن يعمل العامل في واحد من المستثنيات وينصب الباقي على الأستثناء نحو قام إلّا زيدا لا بكرا فعمل العامل وهو قام في واحد منها وهو زيد ونصب الآخران وهما عمروا وبكرا على الأستثناء الثاني ما كان الاستثناء غير مفرّغ أي ذكر المستثنى منه وكان المستثنيات مقدما على المستثنى منه فحكمه نصب جميع المستثنيات نحو قام إلّا زيدا إلا خالدا القوم الثالث ما كان الأستثناء غير مفزّع والمستثنيات مؤخرا نحو قام القوم لا زيدا لا عمرا إلا خالد فحكمه نصب جميع المستثنيات غير واحد منها وأما ذلك الواحد فحكمه حكم المستثني المنفرد فإن كان في كلام موجب وجب نصبه أيضا كما في المثال وإن كان منفيا فالأحسن اتباع المتصّل نحو ما قام القوم إلّا زيد إلا عمرا الّا خالدا برفع زيد ونصب الباقي وأمّا المنقطع فيجب نصبه نحو ما جاء القوم إلّا حمارا إلّا بقرا إلّا فرسا بنصب الجميع.

(٢) أي : سوي الواحد يعني أن العامل يعمل في واحد منها فقط ولا يكفي لنصب الباقي بل نصب الباقي بإلّا لا بالعامل وهذا هو القسم الأوّل.

(٣) هذا هو القسم الثاني.

٢١٨

وانصب لتأخير وجيء بواحد

منها كما لو كان دون زائد

كلم يفوا إلّا امرؤ إلّا على

وحكمها في القصد حكم الأوّل

(وانصب لتأخير) (١) لجميع المستثنيات عن المستثنى منه كلّها غير ما ذكر في قوله : (وجيء بواحد منها) معربا (كما لو كان) وحده (دون زائد) عليه فانصبه (٢) وارفعه حيث يقتضي ذلك (٣) على ما تقدّم (كلم يفوا إلّا امرؤ إلّا علىّ) برفع الأوّل (٤) ونصب الثّاني و «قاموا إلّا زيدا إلّا عمرا إلّا خالدا» بنصب الجميع ، (٥) إذ لو لم يكن إلّا الأوّل لوجب نصبه (٦).

(وحكمها) (٧) أي ما بعد المستثنى الأوّل من المستثنيات إذا لم يمكن استثناء بعضها من بعض (في القصد حكم) المستثنى (الأوّل) فإن كان خارجا ـ بأن كان الأوّل استثناء من موجب ـ فما بعده كذلك وان كان داخلا بأن كان استثناء من غير موجب فما بعده كذلك فإن أمكن (٨) استثناء بعضها من بعض نحو «له عندي أربعون إلّا عشرين إلّا

__________________

(١) يعني إذا تأخّر المستثنيات عن المستثني منه فأنصبها غير واحد منها وهذا هو القسم الثالث.

(٢) أي : الواحد.

(٣) أي : الرفع أو النصب على ما تقدم من كونه في كلام موجب أو منفي.

(٤) بدلا من ضمير يفولكون المستثني في كلام منفي.

(٥) لكون الاستثناء موجبا.

(٦) دليل لنصب الجميع حتى الواحد فأنه وقع في كلام تام موجب.

(٧) الحكم هو إثبات الفعل العامل أو نفيه أما المستثني الأول فحكمه معلوم ، وهو ضدّ حكم المستثني منه ، وأمّا البواقي ، فإن لم يمكن استثناء بعضها من بعض فكالمستثني الأوّل ففي قولنا جائني القوم إلّا زيدا عمرا إلا خالدا فكما أن زيدا محكوم بعدم المجيء عمرا وخالدا أيضا كذلك لعدم إمكان إخراج خالد من عمرو ولا عمرو من زيد لكونهم أفراد جزئية لا جموع كلية فالثلاثة كلها خارج عن المجيء وإن كان الكلام منفيّا ، كقولنا : ما جائني القوم إلّا زيد ، إلّا عمرو ، إلّا خالد ، فكما أن زيد داخل في المجيء فكذا البواقي بقانون الضد كما قلنا.

(٨) لكونها جموعا كالرجال والمؤمنين أو أسماء جمع كالقوم وبني هاشم مثلا أو أسماء أعداد غير الواحد.

٢١٩

عشرة إلّا خمسة إلّا اثنين» استثني كلّ واحد ممّا قبله (١) أو أسقط الأوتار (٢) وضمّ إلى الباقي (٣) بعد الإسقاط الأشفاع ، فالمجتمع (٤) هو الباقي بعد الاستثناء ـ قاله في شرح الكافية.

واستثن مجرورا بغير معربا

بما لمستثنى بإلّا نسبا

(واستثن مجرورا بغير) لإضافته له حال كونه (معربا بما (٥) لمستثنى بإلّا نسبا) من وجوب نصب واختياره وإتباع (٦) على ما تقدّم ، ولكونها (٧) موضوعة في الأصل لافادة المغايرة ، فشاركت إلّا في الإخراج الّذي معناه المغايرة ، ولم تكن متضمّنة معناها فلذا لم تبن.

__________________

(١) ففي المثال نخرج الأثنين من الخمسة تبقي ثلاثة فنخرج الثلاثة من العشرة تبقي سبعة وتخرج السبعة من العشرين تبقي ثلاثة عشر ونخرجها من الأربعين تبقي سبعة وعشرون.

(٢) العدد الشفع ما انتصف نصفين متساويين والوتر ما ليس كذلك والمستثني الوتر في المثال عشرون لأنها المستثني الأولى وخمسة لأنها الثالثة.

(٣) أي : ضم الأشفاع وهي عشرة واثنان إلى المقدار الباقي من المستثنى منه وهو أربعون فأن الباقي من الأربعين بعد إسقاط الوتر منها وهو عشرون يكون عشرين فنضم الشفع الأول وهو عشرة إلى العشرين الباقي تصير ثلاثين فتسقط الوتر الثاني من الثلاثين تبقى خمسة وعشرون فنضم إليها الشفع الثاني وهو اثنان تصير سبعة وعشرين فطابق العمل الأول في النتيجة.

(٤) من ضم الأشفاع إلى بقية المستثني منه أي ضم العشرة والأثنين إلى العشرين واستثناء خمسة من العشرة هو الباقي من العدد عند المتكلم وبعبارة أخري نضم عشرة واثنين إلى الأربعين يصير اثنين وخمسين ثم تسقط منها عشرين وخمسة يبقي سبعة وعشرون.

(٥) أي : بإعراب نسب لمستثني بإلّا.

(٦) فواجب النصب كما في التام الموجب ومختار النصب كما في المتقدم النفي والإتباع كالمنفي المتصل.

(٧) دفع وهم وهو أن غير لما كانت بمعني إلّا وهي حرف فيقتضي أن تكون مبنية للشبه التضمني وأصل الدفع أن الشبه التضمني أنما يتحقق فيما إذا كان للاسم معني وضم إليه معني حرف كما في متى فأنه لظرف الزمان في الأصل لكنه من حيث إفادته الشرط تضمن معني أن الشرطية فبني وأما غير فهي في أصل الوضع للمغايرة فهي غنيّة في إفادة الإخراج ولا حاجة لها إلى معني إلّا لتكون متضمنة لمعناها.

٢٢٠