البهجة المرضيّة على ألفيّة ابن مالك

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

البهجة المرضيّة على ألفيّة ابن مالك

المؤلف:

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
المطبعة: وفا
الطبعة: ١٩
ISBN: 978-964-6397-13-2
الصفحات: ٥٩٠

ومثل كان دام مسبوقا بما

كأعط ما دمت مصيبا درهما

(ومثل كان دام) بمعنى بقى واستمرّ لكن بشرط أن يكون (مسبوقا بما) المصدريّة الظّرفيّة (١) (كأعط ما دمت مصيبا درهما (٢) وقد يستعمل بعض هذه الأفعال بمعنى بعضها ، فتستعمل كان وظلّ وأضحى وأصبح وأمسى بمعنى صار نحو (وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً)(٣)(٤) و (ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا)(٥).

تتمة : ألحق بصار أفعال بمعناها ، وهى : آض ، ورجع ، وعاد ، واستخال ، وقعد ، وحار ، وجاء وارتدّ وتحوّل ، وغدا ، وراح ـ ذكرها في الكافية.

واعلم إنّ هذه الأفعال على أقسام : ماض له مضارع وأمر ومصدر ووصف (٦) وهو كان وصار وما بينهما ، وماض له مضارع دون أمر ووصف دون مصدر وهو زال وأخواته ، وماض لا مضارع له ولا أمر ولا مصدر ولا وصف وهو ليس ودام.

وغير ماض مثله قد عملا

إن كان غير الماضي منه استعملا

(وغير ماض مثله (٧) قد عملا) إن كان غير الماضي منه استعملا) نحو (لَمْ أَكُ بَغِيًّا)(٨) ، (قُلْ كُونُوا حِجارَةً)(٩) ، و

__________________

(١) الزمانية.

(٢) فما دمت فعل ناقص واسمه ومصيبا خبره.

(٣) أي : فصارت أبوابا وصار وجهه مسودا.

(٤) النباء ، الآية : ١٩.

(٥) النحل ، الآية : ٥٨.

(٦) أي : له وصف.

(٧) أي : مثل الماضي.

(٨) مريم ، الآية : ٢٠.

(٩) الإسراء ، الآية : ٥٠.

١٠١

[ببذل وحلم ساد في قومه الفتى]

وكونك ايّاه [عليك يسير]

[وما كلّ من يبدى البشاشة] كائنا

اخاك [اذا لم تلفه لك منجدا]

[قضي الله يا أسماء ان] لست زائلا

أحبّك (١) [حتّي يغمض الجفن مغمض]

وفي جميعها توسّط الخبر

أجز وكلّ سبقه دام حظر

(وفي جميعها توسّط الخبر) بين الفعل والإسم (أجز) وخالف ابن معط في دام ، وردّ بقوله :

لا طيب للعيش ما دامت منغّضة

لذّاته [بادّكار الموت والهرم](٢)

وبعضهم (٣) في ليس وردّ بقوله :

[سلي إن جهلت النّاس عنّا وعنهم]

وليس سواء عالم وجهول (٤)

وقد يمنع من التّوسّط ـ بأن خيف اللّبس ، (٥) أو اقترن الخبر بإلّا (٦) أو كان الخبر مضافا إلى ضمير يعود إلى ملابس اسم كان (٧) وقد يجب (٨) بأن كان الاسم مضافا إلى ضمير يعود إلى ضمير يعود إلى ملابس الخبر (٩).

__________________

(١) مثال لزال وصفا و (لست) هو النفي الذي شرط عمل زال ومثال لليس أيضا لغير صيغة المفرد المذكر إشارة إلى أنّ «ليس» غير منحصر في المفرد المذكر بل يجري في جميع صيغ الماضي.

(٢) الشاهد في منغّضة فأنّها خبرو توسط بين الفعل (مادامت) واسمه وهو لذّاته.

(٣) أي : وخالف بعضهم في ليس.

(٤) الشاهد في سواء أنه خبر وتوسط بين الفعل وهو ليس و (اسمه) وهو عالم.

(٥) نحو ليس الكبري الحبلي أو نحو كان صديقي عدوّي.

(٦) نحو «ما كان صلواتهم عند البيت إلّا مكاءا».

(٧) نحو كان غلام هند مبغضها فلو قدم الخبر عاد الضمير إلى المتأخر.

(٨) أي : توسط الخبر.

(٩) نحو يعجبني أن يكون في الدار صاحبها ففي الدار خبر ولو تأخر عن الأسم وهو صاحبها عاد الضمير في صاحبها إلى المتأخر.

١٠٢

هذا (١) وتقديم الخبر على هذه الأفعال إلّا ما يذكر جائز (وكلّ) من النّحاة (سبقه (٢) دام حظر) أي منع لأنّها لا تخلو من وقوعها صلة لـ «ما» و «ما» لها صدر الكلام ومثلها (٣) كلّ فعل قارنه حرف مصدريّ وكذا قعد وجاء (٤) كما ذكره ابن النّحّاس.

كذاك سبق خبر ما النّافية

فجئ بها متلوّة لا تالية

(كذاك) منعوا (سبق خبر) بالتّنوين (٥) (ما النّافية) ، سواء كانت (٦) شرطا في عمل ذلك الفعل أم تكن (فجئ بها) (٧) (متلوّة) أي متبوعة (لا تالية) أي تابعة ، لأنّ لها صدرا ، فإن كان النّفي بغير «ما» (٨) جاز التقديم صرّح به في شرح الكافية.

ومنع سبق خبر ليس اصطفى

وذو تمام ما برفع يكتفي

(ومنع سبق خبر ليس اصطفى) أي أختير وفاقا للكوفيّين والمبرّد وابن السّرّاج وأكثر المتأخّرين قال في شرح الكافية قياسا على عسى فإنّها مثلها (٩) في عدم التّصرّف والاختلاف في فعليّتها ، وقد أجمعوا على امتناع تقديم خبرها (١٠) إنتهى. وفرّق

__________________

(١) أي : خذ ذا.

(٢) أي : سبق الخبر.

(٣) مثل دام كل فعل كذلك نحو يعجبني أن تكون عالما فلا يجوز أن يقال عالما أن تكون.

(٤) في عدم تقدم خبرها عليها.

(٥) أي : لا بإضافة خبر إلى ما فما النافية مفعول لسبق.

(٦) أي : ما النافية شرطا في عمل ذلك الفعل كالأربعة الأخيرة أم لم تكن كسائر الأفعال.

(٧) أي : بما النافية مقدمة لأن لها صدر الكلام.

(٨) نحو عالما غير صائر زيد.

(٩) أي : أن ليس مثل عيسى في أمرين : أحدهما أن كليهما غير متصرفين ، وثانيهما اختلاف النحاة في فعلّيتهما فذهب بعض إلى انهما حرفان حملا لليس على ما النافية وعسى على لعل.

(١٠) أي : خبر عسى فإذا كان ليس مثلها امتنع تقدّم خبرها أيضا.

١٠٣

ابنه (١) بينهما بأنّ عسى متضمّنة معنى «ما» له الصّدر وهو لعلّ ، بخلاف ليس. قلت : ليس أيضا متضمّنة معني «ما» له صدر الكلام وهو ما النّافية ، وذهب بعضهم إلى جواز التّقديم مستدلّا بتقديم معموله في قوله تعالى : (أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ)(٢)(٣). وأجيب باتّساعهم في الظّرف (٤).

تتمة : من الخبر ما يجب تقديمه على الفعل كـ «كم كان مالك» (٥) وما يجب تأخيره عنه كـ «ما كان زيد إلّا في الدّار» (٦).

(وذو تمام) من هذه الأفعال (ما برفع يكتفي) عن المنصوب ، نحو (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ)(٧) ، أي حضر «ما شاء الله كان» أي وجد «ظلّ اليوم» أي دام ظلّه «بات فلان بالقوم» أى نزل بهم ليلا (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ)(٨) ، أي حين تدخلون في المساء والصّباح ، (خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ)(٩) ، أى ما بقيت.

وما سواه ناقص والنّقص في

فتئ ليس زال دائما قفي

(وما سواه) أي سوى المكتفي بالمرفوع (ناقص) يحتاج إلى المنصوب

__________________

(١) ابن المصنف.

(٢) فإن يوم معمول لليس ومقدم عليه.

(٣) هود ، الآية : ٨.

(٤) يعني أن الآية لا دلالة لها على المطلوب لأن يوم ظرف والظروف متسعة يغتفر فيها ما لا يغتفر في غيرها.

(٥) لأن الخبر وهو كم لازم الصدر.

(٦) لكون الخبر محصورا فيه ولو تقدم لتوهم عكس المراد.

(٧) البقرة ، الآية : ٢٨٠.

(٨) الروم ، الآية : ١٧.

(٩) هود ، الآية : ١٠٧.

١٠٤

(والنّقص في فتئ) و (ليس) و (زال) الّتي مضارعها يزال (دائما قفي) أي تبع وأمّا زال الّتي مضارعها يزول فإنّها تامّه نحو «زالت الشّمس».

ولا يلي العامل معمول الخبر

إلّا إذا ظرفا أتي أو حرف جرّ

(ولا يلي العامل) (١) بالنصب ، أي لا يقع بعده (معمول الخبر) سواء تقدّم الخبر على الاسم أم لا ، فلا يقال «كان طعامك زيد آكلا» خلافا للكوفيين ، (٢) ولا «كان طعامك آكلا زيد» خلافا لأبي علي (٣) فإن تقدّم الخبر على الاسم وعلى معموله نحو «كان آكلا طعامك زيد» فظاهر عبارة المصنف أنّه جائز ، لأنّ معمول الخبر لم يل العامل ، وبه صرّح ابن شقير مدّعيا فيه الاتّفاق ، وصرّح أيضا (٤) بجواز تقديم المعمول على نفس العامل (إلّا إذا ظرفا أتى) المعمول (أو حرف جرّ) فإنّه يجوز أن يلى العامل نحو «كان عندك زيد مقيما» و «كان فيك زيد راغبا».

ومضمر الشّان اسما انو إن وقع

موهم ما استبان أنّه امتنع

(ومضمر الشّأن اسما) (٥) للعامل (انو إن وقع) لك من كلام العرب (موهم) أي

__________________

(١) المراد بالعامل هنا الأفعال الناقصة أي لا يقع معمول خبرها بعدها بلا فصل.

(٢) فجوّزوا وقوع معمول الخبر بعد الفعل الناقص إذا كان الاسم مقدّما على الخبر.

(٣) حيث جوّز ذلك إذا تقدم الخبر على الاسم.

(٤) أي صرّح ابن شقير أيضا بجواز تقديم معمول الخبر على نفس العامل أي على نفس الأفعال الناقصة نحو كتابك كان كاتبا زيد ويفهم ذلك من عبارة المصنف أيضا.

(٥) أي : بعد ما علمت من أن معمول الخبر لا يلي الفعل الناقص فإذا رأيت جملة ظاهرها كذلك أي أن معمول الخبر واقع بعد الفعل الناقص فلا بد من تأويل وهو أن تقدّر ضميرا للشان ليكون اسما للفعل الناقص فعلي هذا يكون ذلك المعمول معمولا لخبر المبتدا وذلك الاسم المتوهم أنه اسم للفعل الناقص مبتداء

١٠٥

موقع في الوهم ، أي في الذهن (ما استبان) لك (١) (أنّه امتنع) وهو إيلاء العامل معمول الخبر ، وهو غير ظرف ولا مجرور كقوله :

[قنافذ هذّا جون حول بيوتهم]

بما كان إيّاهم عطيّة عوّدا

فاسم كان ضمير الشأن مستتر فيها وعطيّة مبتدأ خبره عوّدا وإيّاهم مفعول عوّدا والجملة خبر كان.

وقد تزاد كان في حشو كما

كان أصحّ علم من تقدّما

(وقد تزاد كان) بلفظ الماضي (في حشو) أي بين أثناء الكلام وشذّ زيادتها بلفظ المضارع نحو :

أنت تكون ماجد نبيل (٢)

[إذا تهبّ شمأل بليل]

واطّردت زيادتها بين «ما» وفعل التّجّب (كما كان أصحّ علم من تقدّما) وبين الموصول والصّلة كـ «جاء الّذي كان أكرمته» ، والصّفة والموصوف كـ «جاءني رجل كان كريم» ، والفعل ومرفوعه نحو «لم يوجد كان مثلك» والمبتدأ وخبره نحو «زيد كان قائم» وشذّ بين الجار ومجروره نحو :

[جياد بني أبي بكر تسامى]

على كان المسوّمة العراب

وغير كان لا يزاد ، وشذّ زيادة أمسى وأصبح كقولهم «ما أصبح أبردها» و «ما أمسى أدفاها» (٣).

__________________

فالمعمول معمول لخبر المبتدا لا لخبر الفعل الناقص وجملة المبتدا والخبر مع معموله خبر للفعل الناقص.

(١) بقوله ولا يلي العامل معمول الخبر.

(٢) فأنت مبتدا وماجد خبره وتكون زائدة.

(٣) ما في المثالين للتعجب ، وأبرد وأدفي فعل التعجب.

١٠٦

ويحذفونها ويبقون الخبر

وبعد إن ولو كثيرا ذا اشتهر

(ويحذفونها) (١) مع اسمها (ويبقون الخبر) وحده (وبعد إن ولو) الشّرطيّتين (كثيرا ذا) الحذف (٢) (اشتهر) كقوله : «المرء مجزيّ بعمله إن خيرا فخير» أي إن كان عمله خيرا وقوله :

لا يأمن الدّهر ذو بغى ولو ملكا

[جنوده ضاق عنها السّهل والجبل]

أى ولو كان الباغي ملكا ، وقلّ بعد غيرهما (٣) كقوله :

«من لد شولا فإلى إتلائها» أي من لدن كانت شولا.

وحذف كان مع خبرها وإبقاء الاسم ضعيف ، وعليه «إن خير فخير» بالرّفع ، أي إن كان في عمله خير.

وبعد أن تعويض ما عنها ارتكب

كمثل أمّا أنت برّا فاقترب

(وبعد أن) المصدريّة (تعويض ما عنها) (٤) بعد حذفها (ارتكب كمثل أمّا أنت برّا فاقترب) الاصل لأن كنت برّا ، فحذفت اللّام للإختصار ثمّ كان له (٥) فانفصل الضّمير (٦) وزيدت ما للتعويض وأدغمت النون فيها للتّقارب (٧) ومثله :

أبا خراشة أمّا أنت ذا نفر (٨)

[فإنّ قومي لم تأكلهم الضّبع]

__________________

(١) أي : كان.

(٢) أي : حذف كان واسمه.

(٣) أي : غير إن ولو.

(٤) عن كان بعد حذف كان.

(٥) أي : للاختصار.

(٦) ضمير كنت.

(٧) أي : لقرب مخرجي النون والميم.

(٨) فأصله لان كنت ذا نفر.

١٠٧

تتمة : تحذف كان مع اسمها وخبرها ويعوّض عنها ما بعد إن الشّرطية ، وذلك كقولهم «إفعل هذا إمّا لا» أي إن كنت لا تفعل غيره ـ ذكره في شرح الكافية.

ومن مضارع لكان منجزم

تحذف نون وهو حذف ما التزم

(ومن مضارع لكان) ناقصة أو تامّة (منجزم) بالسكون (١) لم يله ساكن ولا ضمير متّصل (تحذف نون) تخفيفا نحو (وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا)(٢) ، (وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً)(٣) بخلاف غير المجزوم والمجزوم بالحذف (٤) والمتّصل بساكن (٥) أو ضمير (٦) (وهو (٧) حذف) بالتنوين (ما التزم) بل جائز.

__________________

(١) بأن لم تكن تثنية ولا جمعا مذكرا ولا مخاطبة فأن الجزم فيها بحذف النون.

(٢) مريم ، الآية : ٢٠.

(٣) النساء ، الآية : ٤٠.

(٤) أي : بحذف النونات المذكورة.

(٥) كلم يكن الذين.

(٦) نحو لم يكنه.

(٧) أي : حذف النون من كان.

١٠٨

الثاني من النواسخ

ما ولا ولات وإن المشبهات بليس

إعمال ليس أعملت ما دون إن

مع بقا النّفي وترتيب زكن

(إعمال ليس) وهو رفع الاسم ونصب الخبر (أعملت ما) النافية عند أهل الحجاز نحو (ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ)(١)(٢) (دون زيادة (إن) النافية ، فإن وجدت (٣) فلا عمل لها نحو :

[بني غدانة] ما إن أنتم ذهب

[ولا صريف ولكن أنتم الخرف]

(مع بقا النّفي و) عدم انتقاضه بإلّا ، فإن انتقض بها وجب الرفع كقوله تعالى : (ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا)(٤) ، (و) مع (ترتيب زكن) أي علم ، وهو تقدّم الاسم على الخبر ، فلو تقدّم الخبر وهو غير ظرف ولا مجرور وجب الرّفع نحو «ما قائم زيد» ، وكذا إن كان ظرفا كما هو ظاهر إطلاقه هنا (٥) وفي التسهيل والعمدة وشرحهما ، وصرّح به (٦) في

__________________

(١) بكسر التاء لانتصاب الجمع المؤنث بالكسر.

(٢) المجادلة ، الآية : ٢.

(٣) أي : إن وجدت أن مع ما فلا عمل لما.

(٤) يس ، الآية : ١٥.

(٥) أي : المصنف لأنه شرط الترتيب من دون استثناء الظرف.

(٦) بلزوم الرفع مع تقديم الخبر وإن كان ظرفا.

١٠٩

الكافية وشرحها مخالفا به (١) لابن عصفور.

وسبق حرف جرّ أو ظرف كما

بي أنت معنيّا أجاز العلما

(وسبق) معمول خبرها على إسمها وهو غير ظرف ولا مجرور مبطل لعملها نحو «ما طعامك زيد آكل» فان تقدّم (٢) وهو (حرف جرّ أو ظرف كما بي أنت معنيّا أجاز) ذلك (العلما) لأنّ الظرف والمجرور يغتفر فيه ما لا يغتفر في غيره.

ورفع معطوف بلكن أو ببل

من بعد منصوب بما الزم حيث حلّ

(ورفع) اسم (معطوف بلكن أو ببل من بعد) خبر (منصوب بما الزم) ذلك الرفع (حيث حلّ) نحو «ما زيد قائما لكن قاعد» بالرفع ، خبر مبتدأ محذوف ، أي : لكن هو قاعد : لأنّ المعطوف بهذين موجب (٣) ولا تعمل «ما» إلّا في المنفيّ ، فإن كان معطوفا بغيرهما نصب.

وبعد ما وليس جرّ البا الخبر

وبعد لا ونفي كان قد يجرّ

(وبعد ما وليس جرّ) (٤) حرف (الباء) الزّائدة (الخبر) ، نحو (أَلَيْسَ اللهُ بِعَزِيزٍ)(٥) ، (وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ)(٦) ولا فرق (٧) في ما بين الحجازيّة والتّميميّة كما قال

__________________

(١) أي : بقوله هذا.

(٢) أي : معمول الخبر على الاسم وكان المعمول حرف جرّ أو ظرفا.

(٣) فإن المعطوف ببل ولكن مخالف للمعطوف عليه نفيا وإثباتا وحيث إن المعطوف عليه هنا منفي بما فالمعطوف بهما موجب.

(٤) جرّ فعل ماض.

(٥) الزّمر ، الآية : ٣٧.

(٦) الانعام ، الآية : ١٣٢.

(٧) أي : في دخول الباء الزائدة على خبرها سواء كانت ما حجازية أي : عاملة أو تميميّة أي غير عاملة لأن المدار لدخول الباء هو النفي وهو موجود على كلا القولين.

١١٠

في شرح الكافية لأنّ الباء إنّما دخلت لكون الخبر منفيّا لا لكونه منصوبا ، يدلّ على ذلك (١) دخولها في «لم أكن بقائم» وامتناع دخولها في نحو «كنت قائما».

فرع : يجوز في المعطوف على الخبر حينئذ (٢) الجرّ والنّصب.

(وبعد لا و) بعد (نفي كان قد يجرّ) الخبر بالباء ، نحو :

[وكن لي شفيعا يوم] لا ذو شفاعة

بمغن فتيلا عن سواد بن قارب

و:

[وإن مدّت الأيدي إلى الزّاد] لم أكن

بأعجلهم [إذ أجشع القوم أعجل]

قال ابن عصفور : وهو (٣) سماع فيهما.

في النّكرات أعملت كليس لا

وقد تلي لات وإن ذا العملا

(في النّكرات أعملت كليس لا) النافية بشرط بقاء النّفي والتّرتيب نحو :

تعزّ فلا شئ على الأرض باقيا

[ولا وزر ممّا قضى الله واقيا]

وأجاز في شرح التّسهيل كابن جنّي إعمالها في المعارف نحو :

[وحلّت سواد القلب] لا أنا باغيا

سواها [ولا عن حبّها متراخيا]

والغالب حذف خبرها نحو :

[من صدّ عن نيرانها]

فأنا ابن قيس لا براح (٤)

__________________

(١) أي : على أن الباء أنما تدخل على الخبر المنفي دخولها على خبر لم أكن لكونه منفيا وعدم دخولها على خبر كنت لكونه موجبا ولو كان لأجل النصب لدخلت على خبر كان.

(٢) أي : حين دخول الباء الزائدة على الخبر جرّ المعطوف حملا على لفظ الخبر ونصبه حملا على محلّه فالأوّل نحو ليس زيد بقائم ولا قاعد والثاني ما زيد بقائم ولا قاعدا.

(٣) أي : جرّ خبر لا وكان المنفية ليس بقياس بل منحصر على السماع في البيتين.

(٤) أي : لا براح لي فحذف الخبر وهو لى.

١١١

(وقد تلى) أي تتولّى (١) (لات) وهي لا زيدت عليها التاء لتأنيث الكلمة (٢) على المشهور (وإن) بالكسر والسكون النافية (ذا العملا) أي عمل ليس نحو «ولات حين مناص».

إن هو مستوليا على أحد

[إلا على أضعف المجانين]

وما للات في سوي حين عمل

وحذف ذي الرّفع فشا والعكس قلّ

(وما للات في سوى حين) و «ما» رادفه (٣) كالسّاعة والأوان (عمل) لضعفها (٤) (وحذف ذي الرّفع) وهو الاسم وإبقاء الخبر (فشا) كما تقدّم (٥) (والعكس) وهو حذف الخبر وإبقاء الاسم (قلّ) وقرىء شذوذا «ولات حين مناص» (٦) أي لهم ، ولا يجوز ذكرهما (٧) معا لضعفها.

__________________

(١) يقال فلان يلى أمر الصغار أي يتصدي لأمرهم فمعني تلي هنا ليس وقوع شىء بعد شىء كما مر علينا مرارا في هذا الكتاب بل بمعني التولي والتصدي أي تتصدي لات وإن عمل ليس يعني تعملان عملها.

(٢) أي : الكلمة التي بعدها وهي اسمها فأن الاسم كلمة.

(٣) من الظروف الزمانية المبهمة.

(٤) أي : ضعف لات في العمل.

(٥) في ولات حين مناص.

(٦) برفع حين على أن يكون اسما للات ولهم خبرها.

(٧) أى : اسمها وخبرها لضعف لات في العمل فى معمولين.

١١٢

الثالث من النواسخ

أفعال المقاربة

وفي تسميتها بذلك (١) تغليب ، إذ منها ما هو للشّروع وما هو للرّجاء.

ككان كاد وعسي لكن ندر

غير مضارع لهذين خبر

(ككان) فيما تقدّم (٢) من العمل (كاد) لمقاربة حصول الخبر (وعسى) لترجّيه (لكن ندر) أن يجئ (غير مضارع لهذين خبر) والمراد به (٣) الاسم المفرد كما صرّح به في شرح الكافية كقوله :

[أكثرت في العذل ملحّا دائما

لا تكثرن] إنيّ عسيت صائما

[فأبت إلى فهم] وما كدت آئبا

[وكم مثلها فارقتها وهى تصفرّ]

والكثير مجيئه مضارعا.

__________________

(١) أي : تسمية هذه الأفعال بأفعال المقاربة مع أن جميعها ليس للقرب بل بعضها للشروع وبعضها للرجاء أنما هي من باب التغليب أي تغليب ما هو للمقاربة على ما هو للشروع والرجاء.

(٢) من رفع الاسم ونصب الخبر.

(٣) بغير مضارع.

١١٣

وكونه بدون أن بعد عسى

نزر وكاد الأمر فيه عكسا

(وكونه (١) بدون أن بعد عسى نزر) نحو :

عسى الكرب الّذي أمسيت فيه

يكون وراءه فرج قريب

والكثير فيه (٢) اتّصاله بها نحو (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ)(٣) (و) خبر (كاد الأمر فيه عكسا) فالكثير تجرّده عن «أن» نحو (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ)(٤) ويقلّ اتّصاله بها نحو :

[رسم عفي من بعد ما قد انمحى]

قد كاد من طول البلى أن يمصحا

وكعسى حرى ولكن جعلا

خبرها حتما بأن متّصلا

(وكعسى) في كونها للتّرجّي (حرى) بالحاء المهملة (ولكن) اختصّت بأن (جعلا خبرها حتما بأن متّصلا) فلم يجرّد عنها لا في الشعر ولا في غيره نحو «حرى زيد أن يقوم».

وألزموا اخلولق أن مثل حرى

وبعد أوشك انتفا أن نزرا

(وألزموا) خبر (اخلولق أن) لكونها (مثل حرى) في التّرجّي نحو «اخلولقت السّماء أن تمطر» (وبعد أوشك) كثير اتّصال الخبر بأن نحو :

ولو سئل النّاس التّراب لأوشكوا

إذا قيل هاتوا أن يملّوا ويمنعوا

و (انتفاء أن) من خبرها (نزرا) نحو :

يوشك من فرّ من منيّته

في بعض غرّاته يوافقها

__________________

(١) المضارع.

(٢) في خبر عسى اتصاله بأن.

(٣) الإسراء ، الآية : ٨.

(٤) البقرة ، الآية : ٧١.

١١٤

ومثل كاد في الأصح كربا

وترك أن مع ذي الشّروع وجبا

كأنشأ السّائق يحدو وطفق

كذا جعلت وأخذت وعلق

(ومثل كاد في الأصحّ كربا) بفتح الرّاء فالكثير تجرّد خبرها عن «أن» نحو :

كرب القلب من جواه يذوب

[حين قال الوشاة هند غضوب]

واتّصاله بها قليل نحو :

[سقاها ذو والأحلام سجلا على الظّما]

وقد كربت أعناقها أن تقطّها

وقيل لا تتّصل به أصلا.

(وترك أن مع ذي الشّروع وجبا) لأنّه (١) دالّ على الحال وأن للاستقبال (كأنشأ السّائق يحدو) أي يغنّي للإبل (وطفق) زيد يدعو ويقال طبق بالباء (كذا جعلت) أنظم (وأخذت) أتكلّم (وعلق) زيد يفعل ، وزاد في التسهيل «هبّ». قال في شرحه وهو غريب (٢) كـ «هبّ عمرو يصلّي».

واستعملوا مضارعا لأوشكا

وكاد لا غير وزادوا موشكا

(واستعملوا مضارعا لأوشكا وكاد لا غير) نحو :

يوشك من فرّ من منيّته

في بعض غرّاته يوافقها

(يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ)(٣) (وزادوا) لأوشكا إسم فاعل فقالوا : (موشكا) نحو :

فموشكة أرضنا أن تعود

[خلاف الأنيس وحوشا يبابا]

وحكى في شرح الكافية استعمال اسم الفاعل من كاد والجوهريّ مضارع طفق ،

__________________

(١) أي : ذو الشروع دالّ على الحال لأن ذلك معني الشروع.

(٢) أي : كون هب من أفعال المقاربة ذي الشروع غريب في اللغة.

(٣) النور ، الآية : ٣٥.

١١٥

قال في شرح التّسهيل : ولم أره لغيره (١) وجماعة (٢) اسم فاعل كرب ، والكسائي مضارع جعل ، والأخفش (٣) مضارع طفق والمصدر منه ومن كاد.

بعد عسى اخلولق أوشك قد يرد

غني بأن يفعل عن ثان فقد

(بعد عسى) و (اخلولق) و (أوشك قد يرد غنى (٤) بأن يفعل عن ثان فقد) وهو الخبر (٥) نحو «عسى أن يقوم» ، فأن والفعل في موضع رفع بعسى سدّ مسدّ الجزئين كما سدّ مسدّ هما (٦) في قوله تعالى : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا)(٧). هذا (٨) ما اختاره المصنف من جعل هذه الأفعال ناقصة أبدا وذهب جماعة إلى أنّها حينئذ (٩) تامّة مكتفية بالمرفوع.

__________________

(١) أي : لم أر مضارع طفق لغير الجوهري أي لم اسمع من غيره.

(٢) أي : زاد جماعة.

(٣) أي : زاد الأخفش مضارع طفق والمصدر منه أيضا أي طفوقا والمصدر من كاد وهو الكود أو المكاد.

(٤) أي : بعد ما عملت من أنه لا بد لهذه الأفعال من اسم وخبر لكونها من نواسخ المبتدا والخبر فقد يتّفق أن يقوم اسم مؤوّل مقام الاسم والخبر والاسم المؤول هو أن والفعل بعدها لأنّ أن ومدخولها في تأويل المصدر.

(٥) فأن والفعل بعدها اسم لهذة الأفعال ومغن عن الخبر.

(٦) أي : مسدّ الجزئين في الآية فأن «حسب» من أفعال القلوب وينصب مفعولين وله في الآية مفعول واحد وهو أن يتركو فأن ومدخولها سد مسد المفعولين.

(٧) العنكبوت ، الآية : ٢.

(٨) أي : كون أن يفعل سادا مسد الجزئين مبني على مذهب المصنف من كون هذه الأفعال ناقصة أبدا ولا تكون تامة وأما على قول جماعة من أنها حين فقد خبرها تامة فلا يكون أن يفعل واقعا مقام جزئين لأن الفعل التام يكفيه مرفوع واحد.

(٩) أي : أن هذه الأفعال حين فقد الاسم الثاني منها تامة لا تحتاج إلى الثاني ليكون أن يفعل مغنيا عنه.

١١٦

وجرّدن عسى أو ارفع مضمرا

بها إذا اسم قبلها قد ذكرا

(وجرّدن) من الضّمير (عسى) واخلولق وأوشك (أو ارفع مضمرا بها إذا اسم قبلها قد ذكرا) فقل على التّجريد ـ وهو لغة أهل الحجاز ـ : «الزيدان عسى أن يقوما» و «الزّيدون عسى أن يقوموا» وعلى الإضمار «الزّيدان عسيا أن يقوما» و «الزّيدون عسوا أن يقوموا».

والفتح والكسر أجز في السّين من

نحو عسيت وانتفا الفتح زكن

(والفتح والكسر أجز في السّين من) عسى إذا اتّصل بها تاء الضّمير أو نونه أو نا (نحو عسيت) عسين عسينا (وانتقاء الفتح) بالقاف ، أي اختياره (زكن) أي علم إمّا من تقديمه (١) الفتح على الكسر وإمّا من خارج لشهرته ، وبه قرأ (٢) القرّاء إلّا نافعا.

__________________

(١) أي : علم إما من تقديم المصنف الفتح على الكسر بقوله والفتح والكسر وإما مراده أن ذلك يعلم من الخارج.

(٢) أي : بالفتح إلّا نافعا فقرء بكسر سين عسيت في قوله تعإلى فهل عسيتم.

١١٧

الرابع من النواسخ

إنّ وأخواتها

وهي الحروف المشبّهة بالفعل في كونها رافعة وناصبة (١) وفي اختصاصها بالأسماء ، وفي دخولها على المبتدأ والخبر وفي بنائها على الفتح وفي كونها ثلاثية ورباعيّة وخماسيّة كعدد الأفعال.

لإنّ أنّ ليت لكنّ لعلّ

كأنّ عكس ما لكان من عمل

كإنّ زيدا عالم بأنّى

كفؤ ولكنّ ابنه ذو ضغن

(لإنّ) و (أنّ) إذا كانتا للتّأكيد والتّحقيق (٢) و (ليت) للتّمنّي و (لكنّ) للإستدراك (٣) و (لعلّ) للتّرجّي و (كأنّ) للتّشبيه (عكس ما لكان من عمل) ثابت ، أي نصب الإسم ورفع الخبر (كإنّ زيدا عالم بأنّي كفؤ ولكن ابنه ذو ضغن) أي حقد.

__________________

(١) كما أن الفعل يرفع الفاعل وينصب المفعول وكما أن الفعل يدخل على الاسم وهو الفاعل وأن بعض الأفعال كالناقصة والمقاربة والقلوب يدخل على المبتدا والخبر وكما أن فعل الماضي مبني على الفتح وكما أن عدد حروفها مشابه لعدد حروف أكثر الأفعال فأنها ثلاثية كان ورباعية كلعل وخماسية كلكن كما أن ضرب ودحرج واكتسب كذلك.

(٢) أي : التثبيت لا ما إذا كانت المكسورة للجواب بمعني نعم والمفتوحة فعلا ماضيا من الأنين.

(٣) استدراك الكلام أن يعقب المتكلم كلامه بما يكمله ويرفع نقصه.

١١٨

وراع ذا التّرتيب إلّا في الّذي

كليت فيها أو هنا غير البذي

(وراع) وجوبا (ذا التّرتيب) وهو تقدّم الاسم على الخبر لأنّها غير متصرّفة (١) (إلّا في) الخبر (الّذى) هو ظرف أو مجرور فيجوز لك أن تقدّمه (كليت فيها) مستحيا (أو) لعلّ (هنا غير البذى) أي الّذي بذى (٢) بمعنى فحش ، وقد يجب تقديمه (٣) في نحو «إنّ في الدّار صاحبها».

وهمز إنّ افتح لسدّ مصدر

مسدّها وفي سوى ذاك اكسر

(وهمز إنّ افتح) وجوبا (لسدّ مصدر مسدّها) (٤) بأن تقع فاعلا أو نائبا عنه أو مفعولا (٥) غير محكية (٦) أو مبتدأ (٧) أو خبرا (٨) عن اسم معنى (٩) غير قول أو

__________________

(١) أي : لا تتغيّر صيغها عما هي عليه فلا تثني ولا تجمع ولا تؤنث وغير المتصرّف ضعيف في العمل.

(٢) (بذى) فعل ماض.

(٣) إذ لو لم يتقدم لعاد الضمير إلى المتأخر.

(٤) أي : لوقوع مصدر محل انّ يعني إذا طلب ما قبلها مفردا كما إذا كان قبلها فعل وطلب الفاعل أو نائب الفاعل أو طلب الفعل قبلها مفعولا غير محكى أي ليس مفعولا للقول بأن لم يكن الفعل السابق من مادة القول والحاصل كلما وقع ان مع مدخولها موقع المفرد يلزم أن تكون مفتوحة لأنّ المفتوحة مع اسمها وخبرها مؤولة بالمصدر وهو مفرد بخلاف المكسورة.

(٥) مثال الأول نحو أعجبنى أنك تقوم والثانى نحو (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ) (الجن ، الآية : ١) والثالث نحو أردت أنك تقوم وتقدير الأول أعجبنى قيامك والثاني إلّى استماع نفر والثالث أردت قيامك.

(٦) لأن المحكيّة بالقول تكسر أبدا مثال المحكيّة قال زيدان الشمس طالعة.

(٧) نحو ومن آياته أنك تري الأرض خاشعة فمن آياته خبر مقدّم وأنك تري الارض مبتدا مؤخر فالتقدير رؤيتك الأرض خاشعة من آياتنا.

(٨) أي : تفتح أيضا إذا كانت خبرا عن مصدر نحو عون ولدك أنك تربيّه إلا أن يكون المصدر المبتدا قولا نحو قول زيد إني عالم فتكسر كما سيأتي وأما إذا كانت خبرا عن اسم ذات فيأتي أنّها تكسر حينئذ.

(٩) أي : مصدر.

١١٩

مجرورة (١) أو تابعة لشيء من ذلك (٢) (وفي سوي ذاك اكسر) (٣) وجوبا ، وقد أفصح (٤) عن ذلك السّوى بقوله :

فاكسر في الابتدا وفي بدء صله

وحيث إنّ ليمين مكمله

أو حكيت بالقول أو حلّت محلّ

حال كزرته وإنّي ذو أمل

(فاكسر) «إنّ» إذا وقعت (في الابتدا) (٥) ك (إِنَّا أَنْزَلْناهُ)(٦) «إجلس حيث إنّ زيدا جالس» ، «جئتك إذا إنّ زيدا أمير» (و) إذا وقعت (في بدء صلة) أي أوّلها نحو (ما إِنَّ مَفاتِحَهُ)(٧) فإن لم تقع في الأوّل لم تكسر نحو «جاءني الّذي في ظنّي أنّه فاضل» (٨) (وحيث) وقعت (إنّ ليمين مكملة) (٩) اكسرها نحو (حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ)(١٠). (أو حكيت) هي وما بعدها (بالقول) نحو (وَقالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ)(١١) فإن

__________________

(١) نحو علمت بأنك جالس أي علمت بجلوسك.

(٢) أي : إذا كانت أنّ ومدخلها تابعة للفاعل وما ذكر بعده بأن تكون صفة لشيء منها نحو جاءني رجل أنه قائم أو عطفا عليها نحو يجب علينا الصوم وأننّا نصلّي.

(٣) أي : في غير موارد سد المصدر مسدها يجب كسرها.

(٤) أي : اوضح المصنف سوي ذلك ولم يتركها مجملة.

(٥) وقوع أن في الابتداء له معنيان وكلا المعنيين هنا مراد أحدهما أن تقع في ابتداء الكلام ومثل له بأنا أنزلنا وثانيهما أن تقع موقعا لا يصح وقوع غير المبتدا هناك كما إذا وقع بعد حيث أو إذا الفجائية فأنهما لا يدخلان إلّا على الجملة الاسميّة.

(٦) القدر ، الآية : ١.

(٧) القصص ، الآية : ٧٤.

(٨) فإن الصلة تبدأ من في ظنّي وأن في وسط الصلة.

(٩) يعني إذا وقعت في جملة لا يتم القسم إلّا بها ففي الآية الممثّل بها أو نحو (وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ) (العصر ، الآية : ١ و ٢) دخلت على جملة أقسم الله سبحانه لأجلها فهي مكملة للقسم.

(١٠) الدّخان ، الآية : ١ و ٢.

(١١) المائدة ، الآية : ١٢.

١٢٠