البهجة المرضيّة على ألفيّة ابن مالك

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

البهجة المرضيّة على ألفيّة ابن مالك

المؤلف:

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
المطبعة: وفا
الطبعة: ١٩
ISBN: 978-964-6397-13-2
الصفحات: ٥٩٠

فيعتقد تنكيره معنى (١) ونصبه (بما قد فسّره). (٢) في تفسير الاسم وبالمسند من فعل أو شبهه في تفسير النّسبة.

هذا والاسم المبهم الّذي يفسّره التّمييز أربعة أشياء : (٣) العدد ك (أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً)(٤) ولا يجوز جرّ تمييزه ، (٥) والمقدار وهو مساحة

كشبر أرضا وقفيز برّا

ومنوين عسلا وتمرا

وبعد ذي وشبهها اجرره إذا

أضفتها كمدّ حنطة غذا

(كشبر أرضا و) كيل نحو (قفيز برّا و) وزن نحو (منوين عسلا وتمرا) وما يشابه المقدار نحو (٦)(مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ)(٧)(٨) وفرع التّمييز نحو «خاتم حديدا» (٩) (وبعد ذي) الثّلاثة المذكورة في البيت (وشبهها) كالّذي ذكرته بعد (١٠) (اجرره إذا أضفتها) بعامل (١١)

__________________

(١) فالتقدير طبت نفسا.

(٢) يعني أن كان التمييز مفسر الاسم مفرد فعامل نصبه هو ذلك الاسم الذي فسره التمييز ففي قولنا شبرا رضا العامل هو شبر وأن كان مفسرا للنسبة فالناصب هو المسند والمسند في الجملة الفعلية هو الفعل نحو طبت نفسا وفي الاسمية هو الخبر زيد طيب نفسا.

(٣) هي العدد والمقدار وما يشابه المقدار وفرع التمييز والمقدار هي المساحة والكيل والوزن وما شابههما.

(٤) يوسف ، الآية : ٤.

(٥) كما سيجي في قول المصنف غير ذي العدد.

(٦) عطف على المقدار وهو ثالث الأربعة.

(٧) المثقال في الآية ليس المثقال المعهود الذي هو وزن من الأوزان بل المراد وزن ذرة وهو غير معيّن فالمثقال ليس بمقدار بل شبه المقدار.

(٨) الزّلزلة ، الآية : ٧.

(٩) فألتمييز وهو حديدا أتي لفرعه وهو الخاتم إذا لخاتم فرع وقسم من الحديد والحديد أصله.

(١٠) وهو شبه المقدار وفرع التمييز لا الذي ذكره قبل وهو العدد لعدم جواز جرّ ذي العدد كما يأتي.

(١١) متعلق باجرره أي اجرره بما يعمل في المضاف إليه على الأقوال في المسئلة كما يأتي في باب الإضافة من أن العامل فيه هل هو المضاف أو الحرف المقدر.

٢٤١

المضاف إليه (كمدّ حنطة غذا) (١) و «لا تحقّر ظلامة ولو شبر أرض» ، ويجوز أيضا جرّه بمن كما سيذكره ورفعه على البدل. (٢)

والنّصب بعد ما أضيف وجبا

إن كان مثل ملء الأرض ذهبا

(والنّصب) للتّمييز الواقع (بعد ما) أي مبهم (أضيف) إلى غيره (وجبا إن كان) المميّز (٣) لا يغني عن المضاف إليه (مثل ملء الأرض ذهبا) فإن أغنى نحو «هو أشجع النّاس رجلا» جاز الجرّ فتقول «هو أشجع رجل». (٤)

والفاعل المعني انصبن بأفعلا

مفضّلا كأنت أعلى منزلا

(و) التّمييز (الفاعل) في (المعنى (٥) انصبن بأفعلا) الكائن (مفضّلا (٦) كأنت أعلى

منزلا) إذ معناه أنت علا منزلك ، بخلاف غيره (٧) فيجب جرّه به كـ «زيد أكمل فقيه».

وبعد كلّ ما اقتضي تعجّبا

ميّز كأكرم بأبي بكر أبا

__________________

(١) مثال للوزن أو الكيل من المقدار كما أن قوله شبر أرض للمساحة من المقدار.

(٢) إذا كان المبدل منه مرفوعا نحو عندي شبر أرض برفع أرض بدلا من شبر.

(٣) بكسر الياء أي التمييز فإن ذهبا في المثال لا يغني عن الأرض إذ لا معنى لقولنا ملاء ذهب.

(٤) فصح المعني لإغناء رجل عن الناس.

(٥) وعلامة كون التمييز فاعلا في المعني أن تجعل مكان اسم التفضيل فعلا من لفظه ومعناه وترفع التميز به مع صحة المعني كان تقول في أنت أعلى منزلا أنت على منزلك.

(٦) بكسر الضاد اسم فاعل وأفعل المفضل هو أفعل التفضيل.

(٧) أي : غير الفاعل في المعني.

٢٤٢

(وبعد كلّ ما اقتضى تعجّبا) (١) سواء كان بصيغة ما أفعله أو أفعل به أم لا (ميز) ناصبا (كأكرم بأبي بكر أبا) و «لله درّه فارسا» و «حسبك بزيد رجلا» و «كفى به عالما» و

[بانت لتحزننا عفّارة]

يا جارتا ما أنت جارة

واجرر بمن إن شئت غير ذي العدد

والفاعل المعني كطب نفسا تفد

(واجرر بمن) التّبعيضيّة (إن شئت) كلّ تمييز (غير) [أربعة أشياء] التّمييز (٢) (ذي العدد) أي المفسّر له كما تقدّم (٣) (و) التّمييز (الفاعل) في (المعنى) إن كان محوّلا عن الفاعل صناعة (٤) (كطب نفسا تفد) (٥) أو عن مضاف نحو «زيد أكثر مالا» والمحوّل عن المفعول نحو «غرست الأرض شجرا».

__________________

(١) يعني انصب التميز بعد كل ما أفاد تعجّبا سواء كان الصيغتين المعهودتين للتعجّب أم غيرهما من مدح أو ذم وما شاكلهما والأمثلة الأربعة التي يمثّل بها الشارح كلها للمدح فأن الأول مراد القائل به أنه أحسن فارس ، والثاني أن زيدا أكمل رجل ، والثالث أنه أحسن عالم والرابع أي الشعر أن جارته أحسن جارة وما في ما أنت جارة للتعجّب.

(٢) أي : منها التميز ذي العدد أي المفسر للعدد.

(٣) في قول الشارح (العدد كأحد عشر كوكبا ولا يجوز جرّ تميزه).

(٤) أي : الفاعل الاصطلاحي النحوي ، وحاصل مراده أن التميز الفاعل في المعني على ثلاثة أقسام : فقد يكون حالته السابقة فاعلا اصطلاحيّا كطبت نفسا فنفسا كان في الأصل فاعلا ، فأن أصله طاب نفسك.

وقد يكون مضافا في الأصل ، نحو زيد أكثر مالا فمالا تميز فعلا ومضاف قبلا ، إذ الأصل كثر مال زيد وهو فاعل في المعنى ، لأنه كما تري فاعل كثير.

وقد يكون التميز الفاعل في المعني مفعولا سابق نحو سابقا نحو غرست الأرض شجرا فشجرا تميز فعلا ومفعول سابقا إذا الأصل غرست شجر الأرض وهو فاعل في المعني لنبت المقدر ، لأن الشجر المغروس نابت.

(٥) بضم التاء مجهول تفيد مجزوم جوابا للأمر ، أي اجرر والمعني إن تجرر تعطي الفائدة.

٢٤٣

وعامل التّمييز قدّم مطلقا

والفعل ذو التّصريف نزرا سبقا

(وعامل التّمييز قدّم مطلقا) عليه (١) اسما كان أو فعلا جامدا أو متصرّفا (والفعل ذو التّصريف نزرا سبقا) بضمّ أوّله بالتّمييز (٢) كقوله :

[أتهجر ليلى بالفراق حبيبها]

وما كاد نفسا بالفراق تطيب (٣)

وقوله :

أنفسا تطيب بنيل المنى

[وداعي المنون ينادي جهارا]

وقاس ذلك (٤) الكسائيّ والمبرّد والمازنيّ ، واختاره (٥) المصنّف في شرح العمدة.

__________________

(١) أي : على التميز اسما كان العامل جامدا نحو خاتم حديدا أو متصرفا نحو طيّب نفسا أو فعلا متصرفا نحو طبت نفسا أو جامدا كفعل التعجّب نحو ما أحسنه رجلا.

(٢) أي : تأخّر عن التميز قليلا.

(٣) فتطيب فعل متصرف عامل متأخر عن التمييز وهو نفسا وكذا المثال بعده.

(٤) أي : تأخّر العامل إذا كان فعلا متصرفا على خلاف قول المصنف أنه نزر.

(٥) أي : القياس.

٢٤٤

هذا باب حروف الجرّ

هاك حروف الجرّ وهي من إلى

حتّي خلا حاشا عدا في عن على

مذ منذ ربّ اللّام كي واو وتا

والكاف والباء ولعلّ ومتى

(هاك) أي خذ (حروف الجرّ وهى) عشرون (من) و (إلى) و (حتّى) و (خلا) و (حاشا) و (عدا) و (في) و (عن) و (على) و (مذ) و (منذ) و (ربّ) و (اللّام) و (كي) وقلّ من ذكرها (١) ولا تجرّ إلّا ما الاستفهاميّة وأن وما وصلتهما (٢) و (واو وتاء والكاف والباء ولعلّ) وقلّ من ذكر هذه أيضا (٣) ولا تجرّ بها إلّا عقيل (٤) (ومتى) وقلّ من ذكرها أيضا ولا تجرّ بها إلّا هذيل وزاد في الكافية لو لا إذا وليها ضمير (٥) وهو مشهور عن سيبويه.

بالظّاهر اخصص منذ مذ وحتّى

والكاف والواو وربّ والتّا

__________________

(١) يعني كي.

(٢) أما الاستفهامية كقولهم في السؤال عن علة الشيء كيمه أي لم بدّل ألفه هاءا وما الموصولة كقول النابغة (يراد الفتي كيما يضرّ وينفع) وأن نحو أتيتك كي أن تأتيني والغالب حذف أن بعدها ، وأنما قال وصلتهما لأنهما مع صلتهما مؤوّلان باسم مفرد ، وأمّا هما وحدهما فحرفان ولا يدخل الجّار على الحرف.

(٣) أى : لعل كما قل ذكر (كي) في حروف الجرّ.

(٤) بالتصغير طائفة من العرب كقولهم لعل أبي المغوار وقولهم لعل الله فضّلكم علينا بكسر الله.

(٥) نحو لولاك لما أتيت.

٢٤٥

واخصص بمذ ومنذ وقتا وبربّ

منكّرا وا التّاء لله وربّ

(بالظّاهر اخصص مذ) و (منذ) و (حتّى والكاف والواو وربّ والتّا) فلا تجرّبها ضميرا (واخصص بمذ ومنذ وقتا) غير مستقبل (١) نحو «ما رأيته مذ يومنا» و «منذ يوم الجمعة» (و) اخصص (بربّ منكّرا) لفظا ومعنى أو معنى فقط ، كما قال في شرح الكافية نحو «ربّ رجل وأخيه» (٢).

(والتّاء) جارّة (لله وربّ) مضافا إلى الكعبة أو الياء نحو «تالله» و «تربّ الكعبة» و «تربّي» وسمع أيضا «تالرّحمن».

وما رووا من نحو ربّه فتى

نزر كذا كها ونحوه أتى

(وما رووا من) إدخال ربّ على الضّمير (نحو ربّه فتى نزر) (٣) من وجهين إدخالها على غير الظّاهر ، وعلى معرفة (كذا) نزر إدخال الكاف على الضّمير كقوله :

[لئن كان من جنّ لأبرح طارقا]

وإن يك إنسا ما (كها) الإنس يفعل

(ونحوه) ممّا (أتى) (٤) كقوله :

[فلا ترى بعلا ولا حلائلا]

كهو ولا كهنّ إلّا حاظلا

وكذا إدخال حتّى عليه (٥) نحو :

__________________

(١) أي الحال والماضي فيومنا للحال ويوم الجمعة للماضي ، فلا يقال أكرمك منذ غد.

(٢) فرجل منكر لفظا ومعنى ، وأخيه نكرة معنى ، لأنه وأن أضيف إلى الضمير إلّا أنّ مرجع الضمير وهو رجلا نكرة والضمير لا يزيد على مرجعه.

(٣) خبر لما يعني أن هذا الاستعمال على خلاف القاعدة من جهتين لما مرّ من اختصاص ربّ بالظاهر المنكر.

(٤) أى : نقل عن العرب.

(٥) أى : على الضمير أيضا نزر لما مرّ من اختصاصه بالاسم الظاهر.

٢٤٦

[فلا والله لا يبقى أناس

فتى] حتّاك يا بن أبي زياد

فصل : في معاني حروف الجرّ.

بعّض وبيّن وابتدء في الأمكنة

بمن وقد تأتي لبدء الأزمنة

(بعّض وبيّن) الجنس (١) (وابتدء في الأمكنة) بالاتّفاق (بمن) نحو (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ)(٢)(٣)(فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ)(٤)(٥)(سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ)(٦)(٧).

(وقد تأتي لبدء الأزمنة) كقوله تعالى (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ)(٨) ونفاه البصريّون إلّا الأخفش ومذهبه (٩) هو الصّحيح لصحّة السّماع بذلك.

وزيد في نفي وشبهه فجرّ

نكرة كما لباغ من مفرّ

(وزيد) أي من عندنا (١٠) (في نفي وشبهه) وهو النّهي والاستفهام (فجرّ نكرة كما لباغ من مفرّ) و «هل من خالق غير الله» وزيد عند الأخفش في الإيجاب فجرّ النّكرة

__________________

(١) للتبعيض أى : بعض ما تحبّون.

(٢) للتبعيض أى : بعض ما تحبّون.

(٣) آل عمران ، الآية : ٩٢.

(٤) للبيان : أي : الذي هو الأوثان.

(٥) الحج ، الآية : ٣٠.

(٦) لابتداء المكان.

(٧) الإسراء ، الآية : ١.

(٨) التوبة ، الآية : ١٠٨.

(٩) أى : مذهب الأخفش ، وهو إثبات مجيء من لإبتداء الزمان هو الصحيح ، لأنه سمع صحيحا عن العرب مجىء من لبدء الزمان.

(١٠) لا عند الأخفش القائل بزيادته في الإيجاب أيضا.

٢٤٧

والمعرفة نحو :

قد كان من مطر [من فضل رازقنا

فضلا على الأرض والأنعام والنّاس]

[يظلّ به الحرباء يمثّل قائما]

ويكثر فيه من حنين الأباعر (١)

للانتها حتّى ولام وإلى

ومن وباء يفهمان بدلا

(للانتهاء حتّى) نحو (حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)(٢) (ولام) نحو (سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ)(٣)(٤) (وإلى) نحو «سرت البارحة إلى آخر اللّيل».

(ومن وباء يفهمان بدلا) نحو (أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ)(٥)(٦).

فليت لي بهم (٧) قوما إذا ركبوا

[شنّوا الإغارة فرسانا وركبانا]

واللّام للملك وشبهه وفي

تعدية أيضا وتعليل قفي

(والّلام للملك) نحو (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ)(٨) (وشبهه) (٩) وهو الإختصاص نحو «السّرج للدّابّة» (وفي تعدية أيضا وتعليل قفي) (١٠) نحو (فَهَبْ

__________________

(١) لصحة المعني مع حذف من في البيتين فنقول قد كان مطر ويكثر فيه حنين الأباعر ومدخوله في البيتين فاعل.

(٢) القدر ، الآية : ٥.

(٣) أى : إلى بلد ميّت.

(٤) الأعراف ، الآية : ٥٧.

(٥) أى : بدل الآخرة.

(٦) التوبة ، الآية : ٣٨.

(٧) أى : بدلهم.

(٨) البقرة ـ ٢٨٤.

(٩) شبه الملك لاشتراكهما في الاختصاص.

(١٠) أى : اتّبع.

٢٤٨

لِي)(١) مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (٢).

وزيد والظّرفيّة استبن ببا

وفي وقد يبيّنان السّببا

وإنّي لتعروني لذكراك (٣) هزّة

[كما انتفض العصفور بلّله القطر]

(وزيد) للتّوكيد نحو :

[فلا والله لا يلفى لما بى]

ولا للمابهم أبدا دواء

وتأتي للتّقوية ، وهو معنى بين التّعدية والزّيادة (٤) نحو (إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ)(٥)(٦)(فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ)(٧)(٨). قال في شرح الكافية : ولا يفعل ذلك بمتعدّ(٩) إلى اثنين لعدم إمكان زيادتها فيهما ، لأنّه لم يعهد (١٠) وفي احدهما (١١) لعدم المرجّح.

(والظّرفيّة) حقيقة أو مجازا (استبن ببا وفي) نحو (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ

__________________

(١) لتعدية هب إلى مفعوله الثاني والمفعول الأول وليّا.

(٢) مريم ، الآية : ٥.

(٣) للتعليل يعني أنما تعرضني الهزة أي : الرعشة لأجل ذكراك.

(٤) وذلك لأن هذه اللام تدخل على معمول يصح عامله أن يعمل فيه لكنه ضعف لعارض إما لتقدمه على عامله أو لأن عامله من الصفات الضعيفة العمل كصيغة المبالغة ونحو ذلك فمن جهة صلاحية العامل هي زايدة ومن ناحية ضعفه في العمل هي تعدية فهي بين التعدية والزيادة.

(٥) فتعبرون صالح للعمل في الرويا بلا واسطة لكونه فعلا متعدّيا لكنّه لتأخره ضعف عن العمل فدخلت اللام على معموله وقوّاه.

(٦) يوسف ، الآية : ٤٣.

(٧) احتيج إلى اللام لضعف صيغة المبالغة في العمل.

(٨) البروج ، الآية : ١٦.

(٨) البروج ، الآية : ١٦.

(٩) أى : لم يتفق في كلام العرب زيادة اللام في مفعولين.

(١٠) أى : زيادتها في أحد المفعولين لاستلزامها الترجيح بغير مرجح.

٢٤٩

مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ)(١)(٢) «وما كنت بجانب الغربيّ» (٣)(الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ)(٤)(٥)(لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ)(٦)(٧). (وقد يبيّنان السّببا) نحو (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا)(٨) «ودخلت امرأة النّار في هرّة (٩) حبستها».

بالبا استعن وعدّ عوّض ألصق

ومثل مع ومن وعن بها انطق

(بالبا استعن) نحو «بسم الله الرّحمن الرّحيم» (وعدّ) نحو (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ)(١٠) ، ولا يجمع بينها (١١) وبين الهمزة و (عوّض) والتّعويض غير البدل (١٢) نحو «بعتك هذا بهذا» و (ألصق) نحو «وصلت هذا بهذا» (ومثل مع ومن) التّبعيضيّة (وعن بها (١٣)

__________________

(١) مثال للظرفية الحقيقة لاشتمال الليل عليهم حسّا.

(٢) الصّافّات ، الآية : ١٣٧.

(٣) للظرفية المجازية ، لأنّ الجانب الغربي ليس شيئا محيطا بشيء.

(٤) مثال للظرفية الحقيقة لفي لأنّ أدني الأرض محلّ حقيقة وحسّا لغلبة الروم.

(٥) الرّوم ، الآية : ١ و ٣.

(٦) للظرفية المجازية لفي فأن يوسف وإخوته ليسا بشيء يحيط الآيات.

(٧) يوسف ، الآية : ٧.

(٨) النّساء ، الآية : ١٦.

(٩) أى : بسبب هرّة.

(١٠) البقرة ، الآية : ١٧.

(١١) أى : بين الباء التي للتعدية وبين همزة باب الإفعال لأنّ كليهما للتعدية ولا يجتمع علّتان على معلول واحد.

(١٢) يريد بذلك رفع توهّم التكرار بين قوله هذا وقوله قبل ذلك ومن وباء يفهمان البدلا والفرق بينهما على ما عن أقرب الموارد أن العوض أشدّ مخالفة للمعوض عنه من البدل للمبدل منه يعني أن البدلين متشابهان أكثر من مشابهة العوضين فيبدل الدار بالدار ويعوض الدار بالنقد مثلا.

(١٣) أى : بالباء فتأتي بمعني هذه الثلاثة.

٢٥٠

انطق) نحو (نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ)(١)(٢)(عَيْناً يَشْرَبُ بِها)(٣) عِبادُ اللهِ (٤)(سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ)(٥) واقِعٍ (٦).

علي للاستعلا ومعني في وعن

بعن تجاوزا عني من قد فطن

(على للاستعلاء) (٧) حسّا نحو (وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ)(٨) أو معنى نحو «تكبّر زيد على عمرو» (ومعنى في) نحو (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ)(٩)(١٠) (و) معنى (عن) نحو :

إذا رضيت عليّ (١١) بنو قشير

[لعمر الله أعجبني رضاها]

(بعن تجاوزا عنى من قد فطن) نحو «رميت السّهم عن القوس».

وقد تجيء موضع بعد وعلى

كما علي موضع عن قد جعلا

__________________

(١) أى : مع حمدك.

(٢) البقرة ، الآية : ٣٠.

(٣) أى : منها.

(٤) الإنسان ، الآية : ٦.

(٥) عن عذاب.

(٦) المعارج ، الآية : ١.

(٧) كون شيء فوق شيء ، لأن كون الإنسان فوق الدابة أو الفلك أي السفينة حقيقي ومحسوس ، وأما كون تكبر زيد فوق عمر وفهو أمر معنوي لا يحسّ بأحد الحواس.

(٨) المؤمنون ، الآية : ٢٢.

(٩) أى : في ملك سليمان.

(١٠) البقرة ، الآية : ١٠٢.

(١١) أى : رضيت عنّي.

٢٥١

(وقد تجيء موضع بعد) نحو (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ)(١)(٢) (و) موضع (على) نحو :

لاه ابن عمّك لا أفضلت في حسب

عنىّ ولا أنت ديّاني فتخزوني

(كما على موضع عن قد جعلا) كما تقدّم (٣) وهذا تصريح (٤) بأنّ لكلّ حرف معنى مختصّا به واستعماله في غيره على وجه النّيابة.

شبّه بكاف وبها التّعليل قد

يعني وزائدا لتوكيد ورد

(شبّه بكاف) نحو «زيد كالأسد» (وبها التّعليل قد يعنى) نحو (وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ)(٥) (وزائدا لتوكيد ورد» نحو (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)(٦)(٧).

واستعمل اسما وكذا عن وعلى

من أجل ذا عليهما من دخلا

(واستعمل اسما) (٨) مبتدأ نحو :

__________________

(١) أى : بعد طبق.

(٢) الانشقاق ، الآية : ١٩.

(٣) ممثلا بقول الشاعر إذا رضيت على بنو قشير.

(٤) يعني أن قول المصنف (موضع) تصريح بأن كل واحد من هذه الحروف له معني خاصّ به ، وأنّما يستعمل أحيانا في معنى آخر بدلا عن حرف آخر لا أنّ لكل حرف معاني متعدّدة فعلي مثلا للاستعلاء فقط ، وقد يستعمل في الظرفية بدل في لا ان الظرفية من معاني على وفي المسألة أقوال أخر.

(٥) البقرة ، الآية : ١٩٨.

(٦) فالتقدير ليس مثله شيء إذ لو لم تكن زائدة كان التقدير ليس مثل مثله شيء ، لأن الكاف بمعني المثل وهذا إثبات للمثل لله سبحانه إذ يلزم على ذلك أن يفرض مثل حتى يقال ليس مثل ذلك المثل شيء وللتفتازاني هنا بحث سيصله الطالب إنشاء الله.

(٧) الشورى ، الآية : ١١.

(٨) فيكون بمعني مثل وحكمه حكمه.

٢٥٢

أبدا كالفراء فوق ذراها (١)

[حين يطوي المسامع الصّرّار]

وفاعلا نحو :

أتنتهون ولن ينهى ذوي شطط

كالطّعن [يذهب فيه الزّيت والفتل](٢)

ومجرورا باسم نحو :

[ولعبت طير بهم ابابيل]

فصيّروا مثل كعصف مأكول (٣)

وبحرف نحو :

بكا اللّقوة الشّغواء جلت [ولم أكن

لأولع إلّا بالكمىّ المقنّع

(وكذا عن وعلى) يستعملان اسمين (من أجل ذا (٤) عليهما من دخلا) في قوله :

[فقلت للرّكب لمّا أن علابهم]

من عن يمين الحبيّا [نظرة قبل]

وقوله :

غدت من عليه [بعد ما تمّ ظمؤها]

تصلّ وعن قيض ببيداء مجهل]

ومذ ومنذ اسمان حيث رفعا

أو أوليا الفعل كجئت مذ دعا

(ومذ ومنذ اسمان حيث رفعا) نحو «ما رأيته مذ يومان» وهما حينئذ (٥) في الماضي بمعنى أوّل المدّة وفي غيره بمعنى جميع المدّة والصّحيح أنّهما حينئذ

__________________

(١) فالكاف اسم بمعني مثل مبتداء أي مثل الفراء و (فوق ذراها) خبره.

(٢) فكالطعن فاعل لينهى وذوى شطط مفعوله.

(٣) الكاف في كعصف مجرور محلا بإضافة مثل إليه.

(٤) أى : من أجل كونهما اسمين دخل عليهما من لأن حرف الجر لا يدخل إلّا على الاسم.

(٥) أي : حين كانا اسمين إذا استعملا في الماضي فمعناهما أول المدّة المذكورة بعد هما وإذا استعملا في الحال أو الاستقبال فمعناهما جميع المدّة التي بعدهما ففي مثال ما رأيته مذ يومان معناه ما رأيته من أول اليومين وفي نحو لأصومنّ مذ يومان يعني أصومنّ في جميع اليومين.

٢٥٣

مبتدءان ما بعدهما خبر ، وقيل بالعكس ، (١) وقيل ظرفان وما بعدهما فاعل لكان تامّة محذوفة (٢) (أو أوليا الفعل) (٣) أو الجملة الاسمية (كجئت مذ دعا) (٤) و:

ما زلت أبغي المال مذأنا يافع (٥)

[وليدا وكهلا حين شبت وأمردا]

وإن يجرّا في مضيّ فكمن

هما وفي الحضور معنى في استبن

(وإن تجرّا في مضيّ فكمن) الابتدائيّة (٦) (هما وفي الحضور) (٧) إذا جرّا (معنى في) الظّرفية (استبن) بهما.

وبعد من وعن وباء زيد ما

فلم يعق عن عمل قد علما

(وبعد من وعن وباء زيد ما فلم يعق) أي لم يكفّ عن عمل قد علما) وهو الجرّ نحو (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ)(٨) ، (عَمَّا قَلِيلٍ)(٩) ، (فَبِما نَقْضِهِمْ)(١٠). قال في شرح الكافية : وقد تحدث (١١) مع الباء تقليلا ، وهي لغة هذيل.

__________________

(١) أى : هما خبران وما بعدهما مبتدأ مؤخّر.

(٢) فالتقدير ما رأيته مذ كان يومان.

(٣) عطف على رفعا أي هما إسمان أيضا إذا وقع بعدهما فعل أو جملة اسمية ومضافان إلى الجملة التي بعدهما.

(٤) مثال لوقوع الفعل بعد مذ.

(٥) مثال لوقوع الجملة الاسمية بعد مذ فأنا مبتدأ ويافع خبره.

(٦) أى : بمعناها فمعني ما رأيته مذ يومين ما رأيته من يومين.

(٧) أي : الحال نحو أكرمك مذ يومنا أي في يومنا.

(٨) نوح ، الآية : ٢٥.

(٩) المؤمنون ، الآية : ٤٠.

(١٠) النّساء ، الآية : ١٥٥.

(١١) بضم التاء وتقليلا مفعوله أي توجد ما مع الباء تقليلا في لغة هذيل فمعني بما نقضهم في لغتهم بنقض قليل.

٢٥٤

وزيد بعد ربّ والكاف فكفّ

وقد يليهما وجرّ لم يكفّ

(وزيد بعد ربّ والكاف فكفّ) عن العمل وأدخلتهما على الجمل (١) نحو :

ربما أوفيت في علم

[ترفعن ثوبي شمالات]

(رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا)(٢)

ربّما الجامل المؤبّل فيهم (٣)

[وعناجيج بينهنّ المهار]

[أخ ماجد لم يخزني يوم مشهد]

كما سيف عمرو لم تخنه مضاربه (٤)

(وقد يليهما) ما (وجرّ لم يكفّ) نحو :

ماويّ يا ربّتما غارة

[شعواء كاللّذعة بالميسم]

[وننصر مولانا ونعلم أنّه]

كما النّاس مجروم عليه وجارم (٥)

وحذفت ربّ فجرّت بعد بل

والفا وبعد الواو شاع ذا العمل

(وحذفت ربّ فجرّت) مضمرة (بعد بل) وهو قليل نحو :

بل بلد ملؤ الأكام قتمه (٦)

(لا يشترى كتّانه وجهرمه)

(و) بعد (الفاء) وهو قليل أيضا نحو :

__________________

(١) مع أنها قبل دخول ما كانا يدخلان على المفردات.

(٢) الحجر ، الآية : ٢.

(٣) مثّل بثلاث أمثلة :

أوليها : للجملة الفعلية وهي ماض أعني أوفيت.

والثانية : للمضارع وهي يود.

والثالثة : للاسمية ، وهي الجامل المؤبّل فيهم فالجامل مبتدأ وفيهم خبره.

(٤) مثال لدخول الكاف على الجملة للحوق ما الكافّة بها وسيف مبتدأ لم تخنه خبره.

(٥) بكسر غارة والناس مجرورتين بربّ والكاف مع وجود ما.

(٦) أى : بل ربّ بلدة.

٢٥٥

فمثلك (١) حبلى قد طرقت ومرضع

[فألهيتها عن ذي تمائم مغيل]

(وبعد الواو شاع ذا العمل) حتّى قال بعضهم : إنّ الجرّ بالواو نفسها نحو :

وليل كموج البحر [أرخى سدوله

علىّ بأنواع الهموم ليبتلي]

وربّما جرّت محذوفة دون حرف نحو :

رسم دار وقفت في طلله (٢)

[كدت أقضي الحياة من جلله]

وقد يجرّ بسوي ربّ لدى

حذف وبعضه يري مطّردا

(وقد يجرّ بسوى ربّ لدى حذف) (٣) له ، وهو سماع كقول بعضهم

وقد قيل له : كيف أصبحت «خير والحمد لله» أي على خير (وبعضه (٤) يرى مطّردا) يقاس عليه نحو «بكم درهم إشتريت» أي بكم من درهم ، و «مررت برجل صالح إلّا صالح فطالح» حكاه يونس ، أي إن لا أمرّ بصالح فقد مررت بطالح (٥).

__________________

(١) بكسر مثل مجرورا برب أى : فربّ مثلك.

(٢) بجر رسم أى : ربّ رسم دار.

(٣) أى : قد يحذف بعض حروف الجر غير رب أيضا ، ويبقي جرّه كما في ربّ.

(٤) أى : بعض هذا الحذف مع بقاء الجرّ يرى شايعا مطردا لا سماعا فقط.

(٥) فجر صالح الثاني وطالح بالباء المحذوفة ومثل هذه الجملة مع هذا الحذف وبقاء الجر متعارف شايع.

٢٥٦

هذا باب الإضافة (٢)

نونا تلي الإعراب أو تنوينا

ممّا تضيف احذف كطور سينا

(نونا تلي الإعراب) أي حروفه (١) (أو تنوينا) ملفوظا به أو مقدّرا (٢) (ممّا تضيف احذف) لأنّ الإضافة تؤذن (٣) بالإتّصال والتّنوين وخلفه وهو النّون يؤذنان بالانفصال (كطور سينا) (٤) ودراهمك وغلامي زيد.

والثّاني اجرر وانو من أو في إذا

لم يصلح إلّا ذاك واللّام خذا

(والثّاني) (٥) وهو المضاف إليه (اجرر) وجوبا بالحرف المقدّر عند المصنّف ، وبالمضاف عند سيبويه ، وبالإضافة (٦) عند الأخفش.

__________________

(١) الإضافة هي انتساب أحد اسمين إلى آخر نسبة ناقصة لا يصحّ السكوت عليها.

(٢) أى : حروف الإعراب كألف التثنية ووأو الجمع.

(٣) كغير المنصرف.

(٤) أي : تشعر بالاتصال بين المضاف والمضاف إليه وارتباط أحدهما بالآخر ، والتنوين وخلفه يشعر أن باستقلال أحدهما عن الآخر ، وانفصالهما وعدم ارتباط بينهما ، والانفصال ينافي الاتّصال فحذفا لرفع التنافي.

(٥) مثال للتنوين الملفوظ ودراهم للتنوين المقدر لأن الدراهم جمع منتهي الجموع وغير منصرف وغلامي زيد لخلف التنوين وهو النون.

(٦) وهي أمر معنوي كالابتداء في المبتدا.

٢٥٧

(وانو من) إن كان المضاف بعض المضاف إليه ، وصحّ إطلاق اسمه (١) عليه كذا قال في شرح الكافية تبعا لابن السّرّاج ، مخرجا (٢) بالقيد الأخير نحو «يد زيد» ممثّلا بنحو «خاتم فضّة» و «ثوب قطن». (٣)

(أو) انو (في إذا لم يصلح إلّا ذاك) (٤) نحو (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ)(٥) وَالنَّهارِ (٦).

(واللام خذا) ناويا لها (٧)

لما سوي ذينك واخصص أوّلا

أو أعطه التّعريف بالّذي تلا

(لما سوي ذينك) نحو «غلام زيد».

(واخصص أوّلا) (٨) بالثّاني إن كان نكرة كـ «غلام رجل» (أو أعطه (٩) التّعريف بالّذي تلا) إن كان معرفة كـ «غلام زيد».

__________________

(١) أى : اسم المضاف إليه على المضاف كان تقول في خاتم فضّة هذا الخاتم فضّة أو في ثوب قطن هذا الثوب قطن.

(٢) أي : حالكون المصنف مخرج بقوله (وصحّ إطلاق اسمه عليه) نحو يد زيد ، لأن يد وإن كانت جزء الزيد لكنها لا يصح إطلاق زيد عليه ، فلا يقال هذه اليد زيد فلا يقدر من في أمثاله.

(٣) لصحّة إلاطلاق.

(٤) أى : إذا كان المعني لا يصلح إلّا تقدير من أو في.

(٥) أى : مكر في الليل.

(٦) السّبأ ، الآية : ٣٣.

(٧) أى : للّام.

(٨) أى : اخصص المضاف بالمضاف إليه ففي مثال غلام رجل خصّصنا غلام الذي كان يشمل غلام الرجل وغلام المرأة بالرجل فانحصر به.

(٩) أي : اعط الأول التعريف بالذي تلا أي بالمضاف إليه إن كان معرفة ، فيصير المضاف معرفة بسبب تعريف المضاف إليه.

٢٥٨

وإن يشابه المضاف يفعل

وصفا فعن تنكيره لا يعزل

كربّ راجينا عظيم الأمل

مروّع القلب قليل الحيل

(وإن يشابه المضاف يفعل) (١) أي المضارع في كونه (٢) مرادا به الحال والاستقبال حال كونه (وصفا) كاسمى الفاعل والمفعول والصّفة المشبّهة (فعن تنكيره لا يعزل) سواء أضيف إلى معرفة أو نكرة ولذلك وصف به النّكرة (٣) ك (هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ)(٤)(٥) ونصب على الحال (٦) ك (ثانِيَ عِطْفِهِ)(٧) ودخل عليه ربّ (٨) (كربّ راجينا عظيم الأمل مروّع القلب قليل الحيل) (٩).

وذي الإضافة اسمها لفظيّة

وتلك محضة ومعنويّه

(وذي الإضافة) (١٠) وهي إضافة الوصف إلى معموله (اسمها لفظيّة) لأنّها أفادت

__________________

(١) أي : إن كان المضاف صفة أريد بها الحال والاستقبال فلا يكسب تعريفا ولا تخصيصا بل يبقي على تنكيره.

(٢) أى : المضاف لأن المضارع كذلك.

(٣) أي : جاء المضاف الوصفي صفة للنكرة فهذا دليل على أنه لم يكسب تعريفا إذ المعرفة لا تكون صفة للنكرة للزوم التطابق بين الموصوف والصفة.

(٤) فبالغ مع إضافته إلى المعرفة أتي صفة لهديا وهو نكرة لعدم اكتسابه التعريف.

(٥) المائدة ، الآية : ٩٥.

(٦) والحال نكرة فيدل ذلك على أن الوصف باق على تنكّره.

(٧) الحج ، الآية : ٩.

(٨) وعلم سابقا أن ربّ لا يدخل إلّا على النكرات فهذا دليل ثالث على بقاء المضاف الوصفي على تنكّره.

(٩) المثال الأول وهو ربّ راجينا مثال للصفة إذا كان اسم فاعل والثاني وهو عظيم الأمل للصفة المشبهة والثالث وهو مروّع بفتح الواو للاسم المفعول والرابع وهو قليل الحيل لتمام الشعر.

(١٠) ذي اسم إشارة ، أي : هذه الإضافة.

٢٥٩

تخفيف اللّفظ (١) بحذف التّنوين والنّون (وتلك) وهي الّتي تفيد التّعريف أو التّخصيص اسمها (محضة) أي خالصة (٢) (ومعنويّة) أيضا لأنّها أفادت أمرا معنويّا (٣).

ووصل أل بذا المضاف مغتفر

إن وصلت بالثّان كالجعد الشّعر

أو بالّذي له أضيف الثّاني

كزيد الضّارب رأس الجاني

(ووصل أل بذا المضاف) (٤) إضافة لفظية (مغتفر إن وصلت) أل (بالثّاني) أي بالمضاف إليه (كالجعد الشّعر (٥) أو) وصلت (بالّذي له أضيف الثّاني كزيد الضّارب رأس الجاني) أو بما يعود إليه (٦) إن كان ضميرا ـ كما في التّسهيل ـ كـ «مررت بالضّارب الرّجل والشّاتمة» (٧) ومنع المبرّد هذه (٨) وجوّز الفرّاء إضافة ما فيه ألى إلى المعارف كلّها (٩) كـ «الضّاربك» و «الضّارب زيد» ، بخلاف «الضّارب رجل». (١٠) وقد استعمله (١١) الإمام الشّافعيّ في خطبة رسالته فقال : «الجاعلنا من خير أمّة أخرجت للنّاس».

__________________

(١) فقط من دون أن يكسب في المعني تعريفا أو تخصيصا.

(٢) يعني أن الإضافة هنا وقعت لأجل الإضافة والنسبة فقط ولم ينو فيها غيرها وإن أفادت التخفيف تبعا بخلاف اللفظية فأنها وإن كانت إضافة لكنها بنيّة التخفيف في اللفظ وفي الحقيقة ليست إضافة وانتسابا.

(٣) وهو انتساب أحد الاسمين بالآخر وتعريف أحدهما بالآخر أو تخصيصه.

(٤) أى : بهذا المضاف.

(٥) الجعد صفة مشبهة كصعب أي مجعّد الشعر يقال للشعر الملتوي.

(٦) أي : وصلت أل بمرجع الضمير المضاف إليه إن كان المضاف إليه ضميرا.

(٧) فالشاتم وصل به اللام لإضافته إلى ضمير يرجع إلى المعرف باللام وهو الرجل.

(٨) وهي ما كان مرجع المضاف إليه معرفا باللام.

(٩) لا المعرف باللام فقط كالضمير والعلم واسم الإشارة وغيرها.

(١٠) أى : بخلاف المضاف إلى النكرة فلا تدخله اللام.

(١١) أي : استعمل قول الفرّاء وهو جواز دخول أل على الوصف مضافا إلى أيّ معرفة كان فأضاف الجاعل إلى الضمير.

٢٦٠