البهجة المرضيّة على ألفيّة ابن مالك

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

البهجة المرضيّة على ألفيّة ابن مالك

المؤلف:

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
المطبعة: وفا
الطبعة: ١٩
ISBN: 978-964-6397-13-2
الصفحات: ٥٩٠

ظنّ حسبت وزعمت مع عدّ

حجا دري وجعل اللّذ كاعتقد

(ظنّ) من الظّن بمعنى الحسبان (١) نحو (إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ)(٢)(٣) أو [بمعنى] العلم نحو (وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَيْهِ)(٤) لا بمعنى التّهمة (٥).

(حسبت) بكسر السّين بمعنى إعتقدت نحو (وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ)(٦)(٧) أو علمت نحو :

حسبت التّقى والجود خير تجارة (٨)

[رباحا إذا ما المرء أصبح ثاقلا]

لا بمعنى صرت أحسب (٩) أي ذا شقرة ، أي حمرة وبياض.

(وزعمت) بمعنى ظننت نحو :

فإن تزعميني كنت أجهل فيكم (١٠)

[فإنّي شريت الحلم بعدك بالجهل]

لا بمعنى كفلت (١١) أو سمنت أو هزلت.

(مع عدّ) بمعنى ظنّ نحو

__________________

(١) بكسر الحاء أي رجحان أحد الطرفين.

(٢) أي : لن يرجع إلى العدم أي ظن أن لن يموت وهنا جملة أن لن يحور سد مسد مفعولي ظن كما في الآية التالية.

(٣) الانشقاق ، الآية : ١٤.

(٤) التوبة ، الآية : ١١٨.

(٥) فهي متعدية لواحد نحو أظنه بالسرقة أي اتهمه بها.

(٦) هنا ايضا ممّا سد الجملة مسدّ المفعولين.

(٧) المجادلة ، الآية : ١٨.

(٨) مفعوله الأول الجود والثاني خير تجارة.

(٩) أحسب هنا أفعل وصفي على وزن أشقر ، وبمعناه وحسب بهذا المعني لازم.

(١٠) مفعوله الأول ياء المتكلم والثاني جملة كنت أجهل.

(١١) من الزعامة ومنه الزعيم وهي بهذا المعني لازمة نحو زعمت على القوم أي صرت زعيمهم وكذلك بمعني سمنت وزعمت أيضا لازمة.

١٤١

فلا تعدد المولى شريكك في الغنى

[ولكنّما المولى شريكك في العدم]

لا من العدّ بمعنى الحساب (١).

(حجى) بحاء مهملة ثمّ جيم ، بمعنى اعتقد نحو

قد كنت أحجو أبا عمرو أخا ثقة (٢)

[حتّي ألمّت بنا يوما ملمّات]

لا بمعنى غلب في المحاجاة أو قصد أو أقام أو بخل (٣).

(درى) بمعنى علم نحو

دريت الوفي العهد (٤) [يا عرو فاغتبط

فإنّ اغتباطا بالوفاء حميد]

(وجعل اللّذ كاعتقد) نحو (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً)(٥) لا الّذي بمعنى خلق (٦) أمّا جعل الّذي بمعنى صيّر فسيأتي أنّه كذلك (٧).

وهب تعلّم والّتي كصيّرا

أيضا بها انصب مبتدا وخبرا

(وهب) بمعنى ظنّ نحو

[فقلت أجرني أبا خالد

وإلّا] فهبني امرأ هالكا

و (تعلّم) بمعنى اعلم نحو

تعلّم شفاء النّفس قهر عدوّها

[فبالغ بلطف في التّحيّل والمكر]

لا من التّعلّم (٨).

__________________

(١) نحو عددت الدارهم فهي متعدية لواحد.

(٢) مفعوله الأول أبا عمرو والثاني أخا ثقة.

(٣) فهي بمعني المحاجات والقصد متعدية لواحد وبالمعنين الأخيرين لازمة.

(٤) المفعول الأول تاء المتكلم النايب للفاعل والثاني الوفي العهد.

(٥) الزّخرف ، الآية : ١٩.

(٦) نحو خلق الله السموات فهي متعدية لواحد.

(٧) أي : بمفعولين.

(٨) فإنها متعدية لواحد نحو تعلمت النحو.

١٤٢

(و) الأفعال (الّتي كصيّرا) وهي صار وجعل لا بمعنى (١) اعتقد أو خلق ووهب (٢) وردّ وترك وتخذ واتّخذ (أيضا بها انصب مبتدا وخبرا) نحو (فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً)(٣) «وهبنى الله فداك» (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً)(٤)(٥).

[وربّيته حتّى إذا ما] تركته

أخا القوم [واستغنى عن المسح شاربه]

(لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً)(٦)(٧)(وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً)(٨).

وخصّ بالتّعليق والإلغاء ما

من قبل هب والأمر هب قد ألزما

(وخصّ بالتّعليق) وهو إبطال العمل لفظا فقط لا محلّا (والإلغاء) وهو إبطاله لفظا ومحلّا (ما (٩) من قبل هب) من الأفعال المتقدّمة بخلاف هب وما بعده (والأمر هب قد ألزما) فلا يتصرّف (١٠).

كذا تعلّم ولغير الماض من

سواهما اجعل كلّ ما له زكن

__________________

(١) أي : جعل الذي بمعني صيّر لا الذي بمعني اعتقد وخلق فإن جعل بهذين المعنيين متعدية لواحد.

(٢) عطف على جعل لا على خلق يعني أن هذه الأفعال بمعنى صيّر تدخل على المبتدا والخبر.

(٣) الفرقان ، الآية : ٢٣.

(٤) المفعول الأول ضمير الجمع المخاطب والثاني كفارا.

(٥) البقرة ، الآية : ١٠٩.

(٦) المفعول الأول أجرا والثاني عليه ، لأن ما يصح أن يكون مبتدء فهو الأول ، وما يصح أن يكون خبرا هو المفعول الثاني.

(٧) الكهف ، الآية : ٧٧.

(٨) النساء ، الآية : ١٢٥.

(٩) مفعول لخصّ أي خصّ بالتعليق الأفعال التي ذكرت قبل هب وهي أحد عشر فعلا.

(١٠) إلى الماضي والمضارع وغيرهما.

١٤٣

(كذا) أي كهب في لزومه الأمر (تعلّم ولغير الماضي) كالمضارع ونحوه (١) (من سواهما (٢) اجعل كلّ ما له) أي للماضي (زكن) أي علم من نصبه مفعولين هما في الأصل مبتدأ وخبر وجواز التّعليق والإلغاء.

وجوّز الإلغاء لا في الابتدا

وانو ضمير الشّأن أو لام ابتدا

في موهم إلغاء ما تقدّما

والتزم التّعليق قبل نفي ما

(وجوّز الإلغاء) أي لا توجبه ، بخلاف التّعليق فإنّه يجب بشروطه كما سيأتي (لا) إذا وقع الفعل (في الابتداء) بل في الوسط نحو

إنّ المحبّ علمت مصطبر (٣)

[ولديه ذنب الحبّ مغتفر]

وجاء الإعمال نحو :

شجاك اظنّ ربع الظّاعنينا (٤)

[ولم تعبأ بعذل العاذلينا]

وهما على السّواء (٥) قال ابن معط : المشهور الاعمال. أو في الأخير (٦) نحو

هما سيّدانا يزعمان [وإنّما

يسوداننا إن يسّرت غنما هما]

ويجوز الإعمال نحو «زيدا قائما ظننت» لكنّ الإلغاء أحسن (٧) وأكثر.

__________________

(١) كالمصدر واسم الفاعل منها.

(٢) سوي هب وتعلم أي بقية أفعال القلوب.

(٣) فتوسط الفعل وهو علمت بين مفعولية وهما المحب ومصطبر فألغي عن العمل في مصطبر.

(٤) فاعمل أظن في معموله المتقدّم عليه ، وهو شجاك ، والمتأخّر عنه هو ربع.

(٥) يعني الإلغاء عن العمل والإعمال على السواء لا رجحان لأحدهما على الأخر فيما إذا توسط العامل بين معموليه.

(٦) عطف على قوله في الوسط أي يجوز الالغاء إذا كان الفعل متأخرا عن معموليه فهما وسيدانا في البيت مفعولان في المعني ليزعمان وألغي عن العمل فيهما ولهذا تراهما مرفوعين.

(٧) أي : في العامل المتأخر عن معموليه.

١٤٤

(وانو ضمير الشّأن) في موهم إلغاء (١) ما في الابتداء نحو :

[أرجو وآمل أن تدنو مودّتها]

وما أخال لدينا منك تنويل (٢)

فالتّقدير أخاله أي الشّأن ، والجملة بعده في موضع المفعول الثّاني (أو) انو (لام ابتدا) معلّقة (٣) (في) كلام (موهم) أي موقع في الوهم أي الذّهن (إلغاء ما) أي فعل (تقدّما) على المفعولين كقوله :

[كذاك أدّبت حتى صار من خلقى]

إنّي رأيت ملاك الشّيمة الأدب

تقديره إنّي رأيت لملاك ، فحذف اللّام وأبقي التّعليق.

(والتزم التّعليق) لفعل القلب غير هب إذا وقع (قبل نفي ما) لأنّ لها الصّدر فيمتنع أن يعمل ما قبلها في ما بعدها وكذا بقيّة المعلّقات (٤) نحو

(لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ)(٥).

وإن ولام ابتداء أو قسم

كذا والاستفهام ذا له انحتم

(و) قبل نفي (إن) كقوله تعالى : (وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً)(٦) (و) قبل نفي (لا) كـ «علمت لا زيد عندك ولا عمرو» واشترط ابن هشام في «إن» و «لا» (٧) تقدّم قسم

__________________

(١) يعني بعد ما بيّنا من كون شرط الإلغاء توسط الفعل أو تاخره فإذا رئينا فعلا متقدما على معموليه ومع ذلك لم ينصب المعمولين فانو هناك ضمير الشأن ليكون مفعوله الأول والجملة بعده مفعوله الثاني لأن لا تنتقض القاعدة.

(٢) فلم ينصب تنويل وهذا يوهم الغاء أخال مع أنه متقدم فلزم رفع التوهم بتقدير ضمير الشان.

(٣) يعني أن الطريقة الثانية لرفع توهم الإلغاء أن تقدّر لام الابتداء فتقول أنما لم يعلم الفعل نصبا مع تقدمه لوجود لام الابتداء في التقدير ، فكان الفعل معلّقا باللام المقدرة.

(٤) أي : المعلقات الآخر كلاء النافية ولام الابتداء ولام القسم والاستفهام أيضا تعليقها بسبب لزومها الصدر.

(٥) الأنبياء ، الآية : ٦٥.

(٦) الإسراء ، الآية : ٥٢.

(٧) أي : في تعليقهما.

١٤٥

ملفوظ به أو مقدّر.

(لام ابتداء) كذا سواء كانت ظاهرة نحو «علمت لزيد منطلق» أم مقدّرة كما مرّ (١).

(أو) لام (قسم كذا) (٢) نحو

ولقد علمت لتأتينّ منيّتي

[إنّ المنايا لا تطيش سهامها]

(والاستفهام ذا) أي الحكم ، وهو (٣) تعليقه للفعل إذا وليه (له انحتم) سواء تقدّمت أداته على المفعول الاوّل نحو «علمت أزيد قائم أم عمرو» أم كان المفعول اسم استفهام نحو (لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى)(٤) أم أضيف إلى ما فيه معنى الإستفهام نحو «علمت أبو من زيد» فإن كان الاستفهام في الثاني نحو «علمت زيدا أبو من هو» فالأرجح نصب الأوّل ، لأنّه غير مستفهم به ولا مضاف إليه (٥) قاله (٦) في شرح الكافية.

تتمة : ذكر أبو على من جملة المعلّقات لعلّ كقوله تعالى : (وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ)(٧) وذكر بعضهم من جملتها «لو» ، وجزم به في التسهيل كقوله :

وقد علم الأقوام لو أنّ حاتما

أراد ثراء المال كان له وفر

ثمّ الجملة المعلّق عنها العامل في موضع نصب (٨) حتّى يجوز العطف عليها بالنّصب.

__________________

(١) في موهم الإلغاء.

(٢) أي : لازم التعليق.

(٣) يعني الحكم عبارة عن تعليق الاستفهام بالفعل إذا ولى الاستفهام الفعل أي وقع بعد الفعل.

(٤) الكهف ، الآية : ١٢.

(٥) أي : ولا الأول مضاف إلى الاستفهام ، فلا معني للتعليق بالنسبة إلى الأول.

(٦) أي : رجحان نصب الأول إذا كان الاستفهام في الثاني.

(٧) الأنبياء ، الآية : ١١١.

(٨) يعني أنّ أثر بقاء مفعولي الفعل المعلق على موضع النصب أن ما يعطف عليهما يكون منصوبا وهذا هو الفارق بين التعليق والإلغاء.

١٤٦

لعلم عرفان وظنّ تهمة

تعدية لواحد ملتزمة

(لعلم عرفان وظنّ تهمة (١) تعدية لواحد ملتزمة) ، نحو (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً)(٢)(٣) «وما هو على الغيب بظنين» أي بمتّهم وكذلك رأى بمعنى أبصر أو أصاب الرّيّة أو من الرّأي وخال بمعنى تعهّد أو تكبّر ، ووجد بمعنى أصاب ونحو ذلك يتعدّي لواحد (٤).

ولرأي الرّؤيا انم لعلما

طالب مفعولين من قبل انتمى

(ولرأى) بمعنى (الرّؤيا) في النّوم (انم) أي انسب (ما لعلما) حال كونه (طالب مفعولين من قبل انتمى) وانصب به مفعولين حملا له (٥) عليه لتماثلهما في المعنى ، إذ الرّؤيا في النّوم إدراك بالباطن (٦) كالعلم كقوله :

أراهم رفقتي [حتّى إذا ما

تجا في اللّيل وانخزل انخزالا]

وعلّقه وألغه (٧) بالشّروط المتقدّمة.

ولا تجزهنا بلا دليل

سقوط مفعولين أو مفعول

(ولا تجز هنا (٨) بلا دليل سقوط مفعولين أو مفعول) وأجازه

__________________

(١) الذين تقدم ذكرهما في علم وظنّ.

(٢) أي : لا تعرفون.

(٣) النحل ، الآية : ٧٨.

(٤) كما أسلفناه.

(٥) أي : حملا لرأي الرويا على علم أي إلحاقا بها لعلم.

(٦) بخلاف رأي بمعني أبصر لكونها إدراكا بالظاهر فلهذا عدي لواحد.

(٧) أي : يجوز تعليق رأي بمعني الرؤيا وإلغائه كما يجوز تعليق علم والغائه بالشروط.

(٨) أي : في باب أفعال القلوب.

١٤٧

بعضهم (١) إن وجدت فائدة كقولهم «من يسمع يخل» لا إن لم توجد كاقتصارك على «أظنّ» إذ لا يخلو الإنسان من ظنّ مّا ، فإن دلّ دليل فأجزه كقوله تعالى (٢)(أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ)(٣) أي تزعمونهم شركائي ، وقوله :

[ولقد نزلت] فلا تظنّي غيره

منيّ بمنزلة المحبّ المكرم

أى واقعا (٤).

وكتظنّ اجعل تقول إن ولي

مستفهما به ولم ينفصل

بغير ظرف او كظرف أو عمل

وإن ببعض ذي فصلت يحتمل

(وكتظنّ اجعل) (٥) [في المعنى] القول جوازا وانصب به مفعولين ولكن لا مطلقا بل إن كان مضارعا مسندا إلى المخاطب نحو (تقول إن ولى مستفهما به) بفتح الهاء ، أي أداة استفهام (و) إن (لم ينفصل) عنه (بغير ظرف أو كظرف) أي مجرور (أو عمل) أي معمول بمعنى مفعول نحو

متى تقول القلّص الرّواسما

يحملن أمّ قاسم وقاسما

فإن انفصل عنه (٦) بغير هذه الثّلاثة وجبت الحكاية (٧) نحو «ءأنت تقول

__________________

(١) أي : الحذف بغير دليل بشرط وجود فائدة للسامع.

(٢) فإن تقديم أين شركائي دليل على أن المزعوم هو أنهم شركاء الله.

(٣) القصص ، الآية : ٧٤.

(٤) فذكر أحد المفعولين وهو غيره وحذف الآخر للعلم به.

(٥) حاصله أن مادة القول يجوز أن ينصب مفعولين مثل تظن بشرط أن يكون بصيغة المضارع المخاطب وأن لا يكون بعد أداة الاستفهام وأن لا ينفصل بينه وبين أداة الاستفهام بشيء غير الظرف والمجرور أو معمول القول وأما الفصل بهذه الثلاثة فلا يضر بعمله ففي البيت مفعوله الأول القلصّ والثاني يحملن.

(٦) أي : عن الاستفهام.

(٧) أي : وجب حينئذ أن يكون القول بمعني الحكاية وهي نقل اللفظ من دون قصد إلى المعني والحكاية ضد ـ ـ الإخبار ففي مثل قلت زيد قائم تارة يراد بها الإخبار بقيام زيد وأخري يراد التلفظ بهاتين الكلمتين والثاني هو الحكاية.

١٤٨

زيد قائم».

(وإن ببعض ذى) الثّلاثة (فصلت) بين الاستفهام والقول (يحتمل) ولا يضرّ في العمل نحو «أغدا تقول زيدا منطلقا» و «أفي الدّار تقول عمرا جالسا» و

أجهّالا تقول بني لؤىّ (١)

[لعمر أبيك؟ أم متجاهلينا؟]

وأجري القول كظنّ مطلقا

عند سليم نحو قل ذا مشفقا

(وأجرى القول كظنّ) فينصب به المفعولان (مطلقا) بلا شرط (٢) (عند سليم نحو قل ذا مشفقا) ونحو

قالت وكنت رجلا فطينا

هذا لعمر الله إسرائينا (٣)

و «أعجبني قولك زيدا منطلقا» (٤) و «أنت قائل بشرا كريما» (٥).

__________________

(١) فالمثال الأول للفصل بالظرف والثاني للمجرور والثالث للفصل بالمعمول فإن جهالا مفعول ثان لتقول.

(٢) من كونه بلفظ المضارع المخاطب وأن يقع بعد الاستفهام وعدم الفصل بغير ما ذكر بل يعمل بلفظ الماضي والأمر نحو قل ذا مشفقا فأتي بلفظ الأمر ونصب مفعولين وهكذا باقي الشروط.

(٣) فأتي بلفظ الماضي ونصب مفعولين أحدهما هذا والثاني إسرائينا.

(٤) أتي بلفظ المصدر.

(٥) مثال للقول بلفظ اسم الفاعل.

١٤٩

فصل : في أعلم وأرى وما جرى مجراهما (١)

إلى ثلاثة رأي وعلما

عدّوا إذا صارا أري وأعلما

(إلى ثلاثة) مفاعيل (رأى وعلما) المتعدّيين لمفعولين (عدّوا إذا صارا) بإدخال همزة التّعدية عليهما (أرى وأعلما) نحو (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ)(٢)(٣) و «أعلم زيد عمرا بشرا كريما».

وما لمفعولى علمت مطلقا

للثّان والثّالث أيضا حقّقا

(وما لمفعولي علمت) وأخواته (مطلقا) من الإلغاء والتّعليق عنهما وحذفهما أو أحدهما لدليل ، (للثّان والثّالث) من مفاعيل هذا الباب (أيضا حقّقا) نحو قول بعضهم «البركة أعلمنا الله مع الأكابر» (٤) وقوله :

__________________

(١) من الأفعال المتعدية إلى ثلاثة مفاعيل الثاني والثالث منها مبتدا وخبر في الأصل.

(٢) فالمفعول الأول ليريكهم هو الكاف والثاني هم والثالث قليلا والمفعول الأول لأرا الكاف والثاني هم والثالث كثيرا.

(٣) الأنفال ، الآية : ٤٣.

(٤) هذا المثال الإلغاء أعلم حيث توسط بين مفعوله الثاني وهو البركة ومفعوله الأول والثالث وهمانا المتكلم ومع الأكابر.

١٥٠

وأنت أراني الله عاصم (١)

[وأرأف مستكفي وأسمح واهب]

وتقول «أعلمت زيدا» (٢) أمّا [المفعول] الأوّل (٣) منها فلا يجوز الغاؤه ولا تعليق الفعل عنه ويجوز حذفه (٤) مع ذكر المفعولين اقتصارا (٥) وكذا حذف الثّلاثة لدليل (٦) ذكره في شرح التّسهيل. ونقل أبو حيّان أنّ سيبويه ذهب إلى وجوب ذكر الثّلاثة دونه (٧).

وإن تعدّيا لواحد بلا

همز فلاثنين به توصّلا

(وإن تعدّيا) أي رأى وعلم (لواحد بلا همز) بأن كان رأى بمعنى أبصر وعلم بمعنى عرف (٨) (فلاثنين به (٩) توصّلا) نحو «أريت زيدا عمرا» (١٠) و «أعلمت بشرا بكرا» (١١). والأكثر المحفوظ (١٢) في علم هذه نقلها بالتّضعيف نحو (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ

__________________

(١) مثال للإلغاء لعين ما ذكر في المثال السابق.

(٢) مثال لحذف معمولين عند وجود دليل وذلك أنما يقال عند ما يعلم السامع بما أعلمت زيدا والمراد من الدليل هو القرينة اللفظية أو الحالية كما في المثال.

(٣) أي : المفعول الأول.

(٤) أي : المفعول الأول بشرط ذكر المفعولين الثاني والثالث.

(٥) يعني أن هذا الحذف من باب الاكتفاء بمفعولين عن ثلاثة ولا يحتاج إلى دليل.

(٦) يدل عليها.

(٧) أي : بدون دليل يعني أنه لا يجوز حذفها للاقتصار كما ذكر بل مع الدليل.

(٨) كما تقدم.

(٩) أي : بالهمز.

(١٠) أي : أبصرته عمروا.

(١١) أي : عرّفت بشرا بكرا.

(١٢) أي : الأكثر استعمالا عند العرب وحفظ عنهم عند علماء الأدب في علم بمعني عرف هو أنهم إذا أرادوا

١٥١

كُلَّها)(١). ونقلها بالهمزة قياسا (٢) على ما اختاره في شرح التّسهيل من أنّ نقل المتعدّي لواحد بالهمزة قياس لا سماع خلافا لسيبويه.

والثّان منهما كثاني اثني كسا

فهو به في كلّ حكم ذو اتّسا

(و) المفعول (الثّاني منهما) أي من مفعولي أري وأعلم المتعدّيين لهما بالهمزة (كثان اثني) أي مفعولي (كسا) في كونه غير الأوّل (٣) نحو «أريت زيدا الهلال» فالهلال غير زيد كما أنّ الجبّة غيره في نحو «كسوت زيدا جبّة» وفي جواز حذفه (٤) نحو «أريت زيدا» كما تقول «كسوت زيدا» وفي امتناع إلغائه (٥) (فهو به (٦) في كلّ حكم) من أحكامه (ذو اتّسا) أي صاحب اقتداء ، واستثني التّعليق فإنّه جائز فيه وإن لم يجز في ثاني مفعولي كسا نحو (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى)(٧)(٨).

وكأري السّابق نبّأ أخبرا

حدّث أنبأ كذاك خبّرا

(وكأري السّابق) أوّل الباب (٩) في التّعدية إلى الثّلاثة ، (نبّأ) ألحقه

__________________

نقله من مفعول واحد إلى مفعولين ضعّفوا عينها من باب التفعيل وأما نقلها من الواحد إلى اثنين بهمزة باب الإفعال فصحيح على القاعدة والقياس وان لم يكثر استعماله كذلك.

(١) البقرة ، الآية : ٣١.

(٢) أي : تعدية الفعل المتعدي لواحد بالهمزة إلى مفعولين أمر صحيح وقياسي لا أنّها منحصرة على السماع خلافا لسيبويه حيث ادّعى أنّ التعدية بالهمزة إلى مفعولين على خلاف القياس ، وأنّما هو سماع فقط.

(٣) أي : ليس خبر الأول في الأصل كما في رأي وعلم الذين من أفعال القلوب.

(٤) أي : حذف الثاني يعني أنهما مثل كسا في ذلك ايضا.

(٥) أي : إلغاء العمل في الثاني كامتناع إلغاء كسا في مفعوليه.

(٦) يعني فالمفعول الثاني منهما بالمفعول الثاني من كسي ذو اقتداء.

(٧) فعلّق اري بمعني ابصر عن مفعوله الثاني لوجود كيف اسم الاستفهام.

(٨) البقرة ، الآية : ٢٦٠.

(٩) أي : الذي بمعني أعلم لا الذي بمعني أبصر.

١٥٢

به (١) سيبويه واستشهد بقوله :

نبّئت زرعة والسّفاهة كاسمها

يهدي إلىّ غرائب الأشعار (٢)

لكنّ المشهور فيها (٣) تعديتها إلى واحد بنفسه وإلى غيره بحرف جرّ وألحق به السّيرافي (أخبرا) كقوله :

وما عليك إذا أخبرتني دنفا

وغاب بعلك يوما أن تعوديني (٤)

والحق به أيضا (٥) (حدّث) كقوله :

أو منعتم ما تسألون فمن حدّ ثتموه له علينا العلا (٦).

وألحق به أبو علي (أنبأ) كقوله :

وأنبئت قيسا ولم أبله

كما زعموا خير أهل اليمن (٧)

(كذاك خبّرا) وألحقه بـ «أرى» السّيرافي أيضا كقوله :

وخبّرت سوداء الغميم مريضة (٨)

فأقبلت من أهلي بمصر أعودها

__________________

(١) أي : الحق «نباء» بـ «أري».

(٢) فالمفعول الأول الضمير النائب للفاعل والثاني زرعة والثالث يهدي.

(٣) في نبّاء.

(٤) المفعول الأول ياء المتكلم والثاني دنفا والثالث أن تعوديني.

(٥) أي : بأري.

(٦) المفعول الأول ضمير جمع المخاطب وهو نائب للفاعل والثاني ضمير الغائب بعده والثالث جملة له علينا العلاء.

(٧) الأول ضمير المتكلم النائب للفاعل والثاني قيسا والثالث خير اهل اليمن.

(٨) الأول ضمير المتكلم النائب للفاعل والثاني سوداء والثالث مريضة.

١٥٣

هذا باب الفاعل وفيه المفعول به

وهو ـ كما قال في شرح الكافية ـ المسند إليه فعل تامّ (١) مقدّم فارغ (٢) باق على الصّوغ الأصليّ (٣) أو ما يقوم مقامه (٤) فالمسند إليه يعمّ الفاعل والنّائب عنه والمبتدأ والمنسوخ الإبتداء (٥) وقيد التّامّ يخرج اسم كان والتّقديم يخرج المبتدأ والفراغ يخرج نحو «يقومان الزّيدان» (٦) وبقاء الصّوغ الأصليّ يخرج النائب عن الفاعل وذكر ما يقوم مقامه يدخل فاعل اسم الفاعل والمصدر ، واسم الفعل والظرف وشبهة. (٧) وأو فيه للتّنويع لا للتّرديد (٨).

__________________

(١) أي : لا يكون من الأفعال الناقصة فأن المرفوع لها يسمي اسمها لها لا فاعلا.

(٢) عن ضمير التثنية والجمع.

(٣) أي : الصيغة الأصلية يعني الفعل المعلوم ليخرج النايب عن الفاعل فأنه وإن أسند إليه فعل تام لكن صيغة فعله غير أصلي لأن الفعل المجهول فرع عن المعلوم.

(٤) مقام الفعل كالمصدر واسم الفاعل.

(٥) كاسم إن وكان والمفعول الأول لأفعال القلوب.

(٦) فالزيد ان بدل من الفاعل وليس بفاعل.

(٧) وهو الجار والمجرور ففاعل اسم الفاعل نحو مختلف ألوانه والمصدر نحو قوله ألا إنّ ظلم نفسه المرء بيّن فالمرء فاعل لظلم واسم الفعل نحو هيهات العقيق والظرف نحو ومن عنده علم الكتاب وفاعل الجار والمجرور نحو أفي الله شكّ.

(٨) يعني أن «أو» في قوله أو ما يقوم مقامه ليس معناها الترديد مثل قولنا إما زيد في الدار أو عمرو للشك في

١٥٤

وذكر المصنّف للنّوعين (١) مثالين فقال :

الفاعل الّذي كمرفوعي أتى

زيد منيرا وجهه نعم الفتى

(الفاعل الّذي كمرفوعى أتى زيد منيرا وجهه نعم الفتى) ومثّل بهذا المثال (٢) إعلاما بأنّه لا فرق في الفعل بين المتصرّف والجامد ، وحصره الفاعل في مرفوعي ما ذكره (٣) إمّا جرى على الغالب لإتيانه مجرورا بمن إذا كان نكرة بعد نفي وشبهه كـ «ما جاءني من أحد» وبالباء في نحو (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً)(٤) أو إرادة للأعمّ من مرفوعي اللّفظ والمحلّ.

وبعد فعل فاعل فإن ظهر

فهو وإلّا فضمير استتر

(و) لا بدّ (بعد فعل) من (فاعل) وهي أعني البعديّة ـ مرتبته (٥) فلا يتقدّم على

__________________

أن أيّهما في الدار بل للتنويع مثل قولنا الغنم ، إما معز ، أو نعج ، إذ الفاعل على نوعين فلا يتوهم بانا نشك في أنّ الفاعل أيّ منهما.

(١) أي : نوع فاعل الفعل ونوع فاعل ما يقوم مقام الفعل.

(٢) أي : الثالث وهو نعم الفتى ، مع أن المصنف قال مرفوعي بالتثنية ومع المثال الأخير يكون المرفوعات في البيت ثلاثة ليعلم بأنه لا فرق في الفعل بين المتصرف نحو أتي وغير المتصرّف كنعم ، فهذا أيضا مثال للفعل فالمثالان بحكم مثال واحد.

(٣) وهما مرفوع الفعل ومرفوع اسم الفاعل هذا دفع دخل عن المصنف وهو أن الفاعل لا ينحصر بالمرفوع فقد يكون الفاعل مجرورا كما فى المثالين فأجاب عنه بجوابين أحدهما أن المصنف لا يريد بذلك أن الفاعل منحصر فى المرفوع بل مراده أن الغالب فى الفاعل هو المرفوع وثانيهما أن مراده من المرفوع الأعم من المرفوع فى اللفظ والمحل والفاعل المجرور مرفوع محلا.

(٤) النساء ، الآية : ٧٩.

(٥) الصحيح مرتبة بتشديد التاء الأول أي البعدية الترتيبي في اللفظ لا بالتخفيف بمعني البعديّة في المرتبة

١٥٥

الفعل لأنّه كالجزء منه (١) (فإن ظهر) في اللّفظ (٢) نحو «قام زيد» و «الزيدان قاما» (فهو) ذاك (٣) (وإلّا فضمير استتر) راجع إمّا لمذكور نحو «زيد قام» و «هند قامت» أو لما دلّ عليه الفعل نحو «ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن» أي ولا يشرب الشّارب (٤) أو لما دلّ عليه الحال المشاهدة (٥) نحو (كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ)(٦) أي بلغت الرّوح (٧).

قاعدة : قالوا : لا يحذف الفاعل أصلا عند البصريّين واستثنى بعضهم صورة ، وهي فاعل المصدر نحو «سقيا» و «رعيا» ، وفيه نظر (٨) وقد استثنيت (٩) صورة أخرى

__________________

فأن البعدية الرتبي لا يلزم منها عدم جواز تقدم الفاعل على الفعل إذا المفعول أيضا متأخّر رتبة ومع ذلك يجوز تقديمه.

(١) لاحتياج الفعل إليه كاحتياجه إلى أجزاء كلمته فكما لا يتقدم الباء في ضرب على الضاد فكذلك فاعله.

(٢) أي : بأن لفظه وتميّز عن الفعل كزيد في المثال الأول وألف التثنية في الثاني وليس المراد من (ظهر) الظاهر في مقابل الضمير.

(٣) أى : فالفاعل هو الذى ظهر.

(٤) معني أن الفاعل هنا ما دل عليه الفعل أنّه لا بد لكل فعل من فاعل ولكل شرب من شارب والمراد من هذه الجملة كل من شرب لا شارب خاص ليلزم ذكر اسمه فنفس الفعل من حيث احتياجه إلى الفاعل يدل على فاعله.

(٥) أي : المرئيّة فالمشاهدة اسم مفعول صفة للحال لأن كلمة الحال مؤنث.

(٦) القيامة ، الآية : ٢٦.

(٧) بيان ذلك أنّ الآية في مقام بيان حال المحتضر ، ومن كان حاضرا عند المحتضر يشاهد أن روح تنقبض من أسافل جسده شيئا فشيئا إلى أن تبلغ ترقوته هو آخر عضو تصلها الروح فإذا قيل بلغت التراقي يعلم أن البالغة هي الروح لما يشاهده السامع بعينه.

(٨) قيل في وجهه أن الضمير مستتر فيها لأن المصدر يتحمل الضمير وأقول ان سقيا ورعيا كلمتان دعائيّتان كقولنا هنيئا ومراد القائل بهما سقاك الله سقيا ورعاك الله رعيا فالفاعل في الحقيقة هو الله سبحانه وهل هو مضمر في المصدر أو أنه محذوف لأن حذف ما يعلم جائز كلّ ذلك محتمل وتعيين أحدهما رجم بالغيب.

(٩) بصيغة المتكلم.

١٥٦

وهي فاعل فعل الجماعة (١) المؤكّد بالنّون فإنّ الضّمير فيه (٢) يحذف وتبقى ضمّة دالّة عليه (٣) وليس مستترا كما سيأتي بيانه في باب نوني التّوكيد.

وجرّد الفعل إذا ما أسندا

لاثنين أو جمع كفاز الشّهدا

(وجرّد الفعل) من علامة التّثنية والجمع (إذا ما أسندا لإثنين) ظاهرين (أو جمع) ظاهر (كفاز الشّهدا) أو «قام أخواك» أو «جاءت الهندات» هذه (٤) هي اللّغة المشهورة.

وقد يقال سعدا وسعدوا

والفعل للظّاهر بعد مسند

(وقد) لا يجرّد بل تلحقه حروف دالّة على التّثنية والجمع كالتّاء الدّلّة على التأنيث (٥) و (يقال سعدا وسعدوا و) الحال أنّ (الفعل) الّذي لحقته هذه العلامة (للظّاهر بعد مسند) ومنه قوله صلّي الله عليه وآله : (٦) «يتعاقبون فيكم ملائكة باللّيل وملائكة بالنّهار» (٧).

وقول بعضهم (٨) «أكلوني البّراغيث» وقول الشّاعر : (٩)

__________________

(١) أي : الجمع المذكر نحو يضربنّ بضم الياء.

(٢) في فعل الجماعة وهو الواو.

(٣) على الضمير.

(٤) أي : تجرد الفعل وأفراده.

(٥) أي : كما أن تاء التأنيث ليست بضمير بل علامة فقط فكذلك الحروف الدالة على التثنية والجمع وهى الألف والواو فيما أسند الفعل الى الظاهر أيضا ليستا بضميرين.

(٦) فإنّ يتعاقبون مسند إلى ملائكة وهي جمع وذكر معه وأو الجمع.

(٧) سنن النسائي ج ٢ حديث : ٤٨١.

(٨) بعض العرب فأكلونى مسند إلى الظاهر الجمع وهو البراغيث وذكر معه وأو الجمع.

(٩) فألحق ألف التثنية بالفعل وهو أسلما مع أن فاعله اسم ظاهر وهو مبعد وحميم.

١٥٧

[تولّى قتال المارقين بنفسه]

وقد أسلماه مبعد وحميم

وقوله :

[نتج الرّبيع محاسنا]

ألقحنها غرّ السّحائب (١)

ويرفع الفاعل فعل أضمرا

كمثل زيد في جواب من قرأ

(ويرفع الفاعل فعل أضمرا) (٢) تارة جوزا إذا أجيب به (٣) استفهام ظاهر (كمثل زيد في جواب من قرأ) أو مقدّر (٤) نحو (يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ)(٥)(٦) ببناء يسبّح للمفعول ، (٧) أو أجيب به (٨) نفي كقولك لمن قال لم يقم أحد «بلى زيد» (٩) وتارة وجوبا (١٠) إذا فسّر (١١) بما بعده كقوله سبحانه (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ)(١٢).

__________________

(١) فألحق نون جمع الإناث بألقحنها والفاعل اسم ظاهر وهو الغر جمع غرّاء.

(٢) أي : فعل مقدر.

(٣) بالفاعل.

(٤) أي : استفهام مقدر

(٥) فرجال فاعل لفعل مقدر وهو يسبّح لوقوع رجال جوابا عن استفهام مقدر فكأنه قيل من يسبح له فيها فأجيب يسبح رجال.

(٦) النّور ، الآية : ٣٦.

(٧) إذ لو كان يسبح مبنيا للفاعل فرجال فاعل له لا للمقدر.

(٨) أي : بالفاعل.

(٩) أي : قام زيد.

(١٠) عطف على قوله تارة جوازا أي وقد يكون إضمار الفعل واجبا.

(١١) أي : الفعل المحذوف بفعل بعده كما في الآية فأن استجارك مفسر للفعل المحذوف وهو مثله ووجوب حذفه لأنه إذا ذكر كان تكرارا ولغوا.

(١٢) التوبة ، الآية : ٣٦.

١٥٨

وتاء تأنيث تلي الماضي إذا

كان لأنثي كأبت هند الأذى

(وتاء تأنيث) ساكنة (تلي) الفعل (الماضي) دلالة على تأنيث فاعله (إذا كان لأنثى) ولا تلحق المضارع لاستغنائه بتاء المضارعة (١) ولا الأمر لاستغائه بالياء (٢) (كأبت هند الأذى).

وإنّما تلزم فعل مضمر

متّصل أو مفهم ذات حر

(وإنّما تلزم) هذه التّاء (فعل مضمر) أي فعلا مسندا إليه (٣) سواء كان مضمر مؤنّث حقيقيّ أو مجازيّ (متّصل) به نحو «هند قامت» و «الشّمس طلعت» بخلاف المنفصل نحو «هند ما قام إلّا هي» وشذّ حذفها في المتّصل في الشعر (٤) كما سيأتي (أو) فعلا (٥) مسندا إلى ظاهر (مفهم ذات حر) أي صاحبة فرج ، ويعبّر عن ذلك بالمؤنّث الحقيقيّ نحو «قامت هند» بخلاف المسند إلى ظاهر مؤنّث غير حقيقيّ نحو «طلعت الشّمس» فلا تلزمه (٦).

وقد يبيح الفصل ترك التّاء فى

نحو أتي القاضى بنت الواقف

(وقد يبيح الفصل) بين الفعل والفاعل بغير إلّا (ترك التّاء فى) فعل مسند إلى ظاهر مؤنّث حقيقىّ (نحو أتى القاضي بنت الواقف) (٧) وقوله :

__________________

(١) كتضرب فإنها تدل على التأنيث.

(٢) نحو اضربي.

(٣) إلى الضمير أي إذا كان فاعل الفعل ضميرا.

(٤) وهو قوله ولا مزنة الشاهد في قوله أبقل.

(٥) أى : تلزم هذا التاء أيضا فعلا مسند إلى الظاهر بشرط أن يكون مؤنثا حقيقيا.

(٦) التاء.

(٧) فأباح الفصل وهو القاضي ترك التاء في أتي مع أنه مسند إلى المؤنث الحقيقي وهو البنت.

١٥٩

إنّ امرء غرّه منكن واحدة

بعدي وبعدك في الدّنيا لمغرور (١)

والأجود فيه (٢) إثباتها.

والحذف مع فصل بإلّا فضّلا

كما زكا إلّا فتاة ابن العلا

(والحذف) للتّاء من فعل مسند إلى ظاهر مؤنّث حقيقيّ (مع فصل) بين الفعل والفاعل (بإلّا فضّلا) على الإثبات (كما زكا إلّا فتاة ابن العلا) إذ الفعل (٣) في المعنى مسند إلى مذكّر لإنّ تقديره ما زكا أحد إلّا فتاة ابن العلا ، ومثال الإثبات (٤) قوله :

ما برئت من ريبة وذمّ

في حربنا إلّا بنات العمّ

والحذف قد يأتي بلا فصل ومع

ضمير ذي المجاز في شعر وقع

(والحذف) للتّاء من فعل مسند إلى ظاهر مؤنّث حقيقيّ (قد يأتي بلا فصل) حكى سيبويه عن بعضهم «قال فلانة).

(و) الحذف (مع) الإسناد إلى (ضمير) المؤنّث (٥) (ذي المجاز) وهو الّذي ليس له فرج (في شعر وقع) قال عامر الطّائي :

فلا مزنة ودقت ودقها

ولا أرض أبقل إبقالها (٦)

__________________

(١) فترك التاء من غرّه مع أنه مسند إلى المؤنث الحقيقي وهي واحدة وذلك للفصل بين الفعل وفاعله بـ «منكّن».

(٢) أي : في الفصل بين الفعل وفاعله إذا كان الفاعل مؤنثا حقيقيا وكان الفصل بغير إلّا.

(٣) دليل لتفضيل الحذف لأن الاستثناء إخراج شيء عن شيء فلا بد من وجود المخرج عنه وهو المستثني منه والمستثني منه في المثال أحد وهو مذكر.

(٤) أي : إثبات التاء فأثبتت التاء في برئت مع الفصل بينه وبين فاعله وهو بنات العم بإلّا.

(٥) الذي قال المصنف بلزوم إثباتها في قوله وإنما تلزم فعل مضمر.

(٦) فاعل أبقل ضمير يعود إلى الأرض وهي مؤنث مجازي.

١٦٠