البهجة المرضيّة على ألفيّة ابن مالك

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

البهجة المرضيّة على ألفيّة ابن مالك

المؤلف:

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
المطبعة: وفا
الطبعة: ١٩
ISBN: 978-964-6397-13-2
الصفحات: ٥٩٠

الفاء كجبن فهو جبان وبضمّها كشجع فهو شجاع وفعل بضمّ الفاء والعين كجنب فهو جنب ، وفعل بكسر الفاء وسكون العين كعفر فهو عفر.

(وبسوي الفاعل قد يغنى) بفتح الياء والنّون (١) (فعل) كشاخ فهو شيخ وشاب فهو أشيب وعفّ فهو عفيف ، وجميع ما ذكر غير وزن فاعل صفات مشبّهة.

وزنة المضارع اسم فاعل

من غير ذي الثّلاث كالمواصل

مع كسر متلوّ الأخير مطلقا

وضمّ ميم زائد قد سبقا

(و) على (زنة المضارع) يأتي (اسم فاعل من غير ذي الثّلاث) مجرّدا (٢) أو مزيدا (كالمواصل مع كسر متلوّ الأخير مطلقا) مفتوحا كان (٣) في المضارع أو مكسورا. (وضمّ ميم زائد قد سبقا) أوّل الكلمة كمد حرج ومكرم ومفرّح ومتعلّم ومتباعد ومنتظر ومجتمع ومستخرج ومقعنسس ومعشوشب ومتدحرج ومحرنجم.

وإن فتحت منه ما كان انكسر

صار اسم مفعول كمثل المنتظر

وفي اسم مفعول الثّلاثي اطّرد

زنة مفعول كآت من قصد

(وإن فتحت منه ما كان انكسر (٤) صار اسم مفعول كمثل المنتظر) والمدحرج والمكرم ـ إلى آخره (وفي اسم مفعول الثّلاثي اطّرد زنة مفعول كآت من قصد) (٥) وهو مقصود.

__________________

(١) يعني أنّه مجرّد وليس من باب الإفعال ليقرا بضمّ الياء وكسر النون.

(٢) بأن كان الزائد على الثلاثة أصليّة كالرباعي المجرّد.

(٣) متلو الأخير كباب التفعلل نحو يتدحرج بفتح الراء وباب التفعلل نحو يتقبّل بفتح الباء ، أو مكسورا كسائر الأبواب.

(٤) أي : كان انكسر في اسم الفاعل وهو ما قبل الآخر.

(٥) أي : الاسم المفعول الآتي من قصد يقصد.

٣٠١

وناب نقلا عنه ذو فعيل

نحو فتاة أو فتي كحيل

(وناب نقلا) أي سماعا (عنه) أي عن وزن مفعول ثلاثة أشياء : أحدها (ذو فعيل) ويستوي فيه المذكر والمؤنّث (نحو فتاة أو فتي كحيل) بمعني مكحول ، وثانيها : فعل كقبض بمعني مقبوض ، وثالثها : فعل كذبح بمعني مذبوح ـ ذكرهما في شرح الكافية ، ولا تعمل هذه الثّلاثة عمل اسم المفعول ، فلا يقال «مررت برجل ذبح كبشه» ولا «صريع غلامه» وأجازه (١) ابن عصفور.

__________________

(١) أي : عمل اسم المفعول لهذه الثلاثة.

٣٠٢

هذا باب إعمال الصّفة المشبهة باسم الفاعل (١)

صفة استحسن جرّ فاعل

معني بها المشبهة اسم الفاعل

(صفة استحسن (٢) جرّ فاعل معني بها) بعد تقدير (٣) تحويل إسنادها عنه (٤) إلى ضمير موصوفها هي (المشبهة اسم فاعل) فخرج بما ذكره نحو «زيد ضارب أخوه» (٥)

__________________

(١) وجه الشبه بينهما على ما في التصريح أنّها تؤنث وتثني وتجمع تقول في حسن حسنة وحسنان وحسنون وحسنات كما تقول في ضارب ضاربة وضاربان وضاربتان وضاربون وضاربات فلذلك عملت النصب كما يعمله اسم الفاعل واقتصرت على منصوب واحد ، لأنه أقلّ درجات التعدّي وكان أصلها أن لا تعمل النصب لمباينتها الفعل بدلالتها على الثبوت ولكونها مأخوذة من فعل قاصر ، ولكنها لما اشبهت اسم الفاعل المتعدّي لواحد عملت عمله.

(٢) أي : صحّ أن تضاف إلى الاسم الذي هو فاعلها حقيقة من دون لبس بين الفاعل والمفعول.

(٣) هذا متمّم لتعريف المصنّف وشرط لاستحسان الجرّ ، يعني أن شرط استحسان جرّها الفاعل أن يكون الجرّ بعد هذا التقدير ، وهو أن نقدّر نقل الإسناد الذي كان بين الصفة وفاعلها الأصلي إلى ضمير موصوفها وهذا التقدير لا يتحقّق إلّا بسلامة المعني بعد نقل الإسناد ففي قولنا (زيد حسن الوجه) الوجه فاعل لحسن في المعنى ، وكان مرفوعا قبل الإضافة فلمّا أردنا إضافة حسن إليه نقلنا الإسناد الذي كان بينه وبين الوجه إلى ضمير زيد لئلّا تضاف الصفة إلى فاعلها لفظا ثم نصبنا الوجه تشبيها بالمفعول لكونه مثل المفعول في كونه منصوبا بعد الفاعل ، ثم أضفناه إليه فصار زيد حسن الوجه ولم يتغيّر المعني بعد النقل ، فأنّ حسن الوجه (بضم الحاء) حسن لصاحب الوجه.

(٤) أي : عن فاعل معنى.

(٥) إذ لا يحسن إضافة ضارب إلى (أخوه) فيقال زيد ضارب أخيه فانّه يتوهّم أن يكون زيد فاعلا وأخوه مفعولا مع أن الفاعل أخوه.

٣٠٣

وبما زدته (١) «زيد كاتب أبوه» واستحسان جرّ الفاعل بها بأن تضاف إليه يدرك بالنّظر في المعنى (٢).

وصوغها من لازم لحاضر

كطاهر القلب جميل الظّاهر

(و) تخالف اسم الفاعل في أنّ (صوغها) (٣) لا يكون إلّا (من لازم لحاضر) وفي أنّها (قد) تكون مجارية للمضارع (٤) (كطاهر القلب) و [قد تكون] غير مجارية له ، بل هو الغالب نحو (جميل الظّاهر).

وعمل اسم فاعل المعدّى

لها علي الحدّ الّذي قد حدّا

(وعمل اسم الفاعل المعدّى) ثابت (لها علي الحدّ الّذي قد حدّا) (٥) في اسم

__________________

(١) وهو قوله (بعد تقدير ...) أي : خرج بما زدته زيد كاتب أبوه لعدم صحّة إسناد كاتب هنا إلى ضمير زيد ، إذ ليس المراد أن زيدا كاتب ، بل أبوه ، ولا يصح إسناد كتابة الأب إلى الابن ، كما يصّح إسناد حسن الوجه (بضم الحاء) إلى صاحب الوجه.

ولا يخرج بقول المصنّف (استحسن) لاستحسان إضافة كاتب إلى أبيه من غير لبس ، إذ لا يتوهّم أحد أن زيدا فاعل ، وأبوه مفعول لكاتب ، لأنّ الكتابة تقع على الحروف والكلمات لا على الذوات فيقال الكلمة مكتوبة ، ولا يقال الأب مكتوب فلذا احتاج الشارح إلى زيادة قيد (بعد تقدير ...).

(٢) أي : الفاعل في المعنى ، يعني أنه ينظر في الفاعل معني أنه من قبيل الوجه بالنسبة أني صاحب الوجه فيصحّ إضافة الصفة بعد نقل الإسناد ، وإن كان من قبيل الأب بالنسبة إلى زيد في قولنا زيد شريف أبوه فلا يصحّ ومن هذا يعلم أن استحسان الجرّ بالصفة ليس أمرا دائميّا ، بل أمر قد يكون وقد لا يكون بخلاف اسم الفاعل فأنه لا يصح فيه ذلك أبدا.

(٣) أي : اشتقاقها لا يكون إلّا من فعل لازم وأن يراد به زمان الحال بخلاف اسم الفاعل فأنّه يشتقّ من اللازم والمتعدّي نحو ضارب وجالس ويمكن أن يراد به الأزمنة الثلاثة.

(٤) أي : تكون جريه على طبق المضارع فطاهر جار على يطهر لتحرّك الحرف الأول منهما وسكون الثاني وتحرّك الثالث والرابع بخلاف شريف ويشرف وحسن يحسن وجميل ويجمل.

(٥) أي : على الشرط الذي قد شرط سابقا.

٣٠٤

الفاعل ، وهو الاعتماد علي ما ذكر (١) نحو «زيد حسن الوجه» (٢) لكنّ النّصب هنا علي التّشبيه بالمفعول بخلافه ثمّة (٣).

وسبق ما تعمل فيه مجتنب

وكونه ذا سببيّة وجب

(و) ممّا خالفت فيه اسم الفاعل أنّ (سبق ما تعمل فيه مجتنب) (٤) لفرعيّتها بخلاف غير معمولها كالجارّ والمجرور ، فيجوز تقديمه عليها (٥) (و) أنّ (كونه (٦) ذا سببيّة) بأن اتّصل بضمير موصوفها لفظا أو معني (وجب) نحو «زيد حسن وجهه» و «حسن الوجه» أي منه ، بخلاف غير المعمول (٧).

فارفع بها وانصب وجرّ مع أل

ودون أل مصحوب أل وما اتّصل

بها مضافا أو مجرّدا ولا

تجرر بها مع أل سما من أل خلا

ومن إضافة لتاليها وما

لم يخل فهو بالجواز وسما

(فارفع بها) علي الفاعليّة (وانصب) علي التّشبيه بالمفعول به في المعرفة وعلي التّمييز في النّكرة (٨) (وجرّ) بالإضافة حال كونها (مع أل ودون أل) وقوله (مصحوب أل)

__________________

(١) من مسند إليه أو موصوف أو ذي حال أو نفي أو استفهام.

(٢) فحسن عمل في الوجه لنصبه قبل الإضافة وهو معتمد على المسند إليه.

(٣) أي : بخلاف النصب هناك أي في الفاعل فأن النصب هناك على المفعولية.

(٤) أي : تقدم معمول الصفة المشبهة عليها ممتنع لعدم أصالتها في العمل ، بل تعمل لكونها شبيهة باسم الفاعل فهي فرعها والفرع ضعيف في العمل فلا يعمل في المتقدّم.

(٥) نحو زيد في قومه كريم النفس.

(٦) أي : كون ما تعمل فيه يعني المعمول وأنّما يعبّر عن اتّصال الضمير بالسببية لأن اتصاله بضمير الموصوف يكون سببا لتصور الموصوف مرّة أخرى.

(٧) فلا يجب اتّصاله بضمير الموصوف نحو زيد حسن الوجه في الناس.

(٨) يعني إن كان المعمول معرفة فهو منصوب على التشبيه ، وإن كان نكرة فمنصوب على التمييز لكون

٣٠٥

هو المتنازع فيه (١) نحو «رأيت الرّجل الجميل الوجه والجميل الوجه والجميل الوجه» و «رأيت رجلا جميلا الوجه وجميلا الوجه» لكن هذا ضعيف ، (٢) و «جميل الوجه» (٣).

وعطف على مصحوب أل (٤) قوله (وما اتّصل بها) (٥) أي بالصّفة حال كونه (مضافا) الى ما فيه أل أو إلى الضّمير أو إلى مضاف إلى الضّمير أو إلى مجرّد (٦) فالأوّل نحو «رأيت الرّجل الحسن وجه الأب» و «الحسن وجه الأب» و «الحسن وجه الأب» و «رأيت رجلا حسنا وجه الأب» و «حسنا وجه الأب» ولكن هذا ضعيف (٧) و «حسن

__________________

التمييز نكرة.

(١) يعني أن قوله مصحوب أل محل النزاع بين الأفعال الثلاثة ارفع وانصب وجر أي ارفع مصحوب أل وانصبه وجره بالصفة حالكونها مع أل أو بدونه.

(٢) لأن النصب عمل الفعل المتعدّي والصفة المشبهة مأخوذة من الفعل اللازم ، فهي ضعيفة في النصب ، نعم إذا دخلت عليها أل الموصولة تقوّت على العمل لشبهها بالفعل في كونها صلة للموصول كما أن الفعل يكون صلة للموصول إذا وقع بعده ، وقد مرّ في اسم الفاعل أنه (ان يكن صلة أل ففي المضي وغيره إعماله قد ارتضي) لقوّته بعد دخول أل فإذا تجرّدت من أل كما في المثال فهي ضعيفة في النصب.

(٣) بجرّ الوجه فهذه ستّة صور مضروب اثنين هما الصفة مع أل ودون أل في ثلاثة هي الحالات الثلاثة لاعراب المعمول مع أل.

(٤) فالمعني ارفع وانصب وجرّ بالصفة في الحالين معمولها في الحالين.

(٥) أي : المعمول المتّصل بالصفة وهو الخالي من أل وكان متّصلا لعدم الفصل بينه وبين الصفة بأل.

(٦) أي : مضافا إلى اسم مجرد من أل والإضافة. فهذه أربع حالات للمعمول بغير أل وصورها أربعة وعشرون سوي الصور الستّ الماضية في المعمول مع أل.

وذلك لأن الصفة العاملة على قسمين مع أل وبدون أل وهي في الحالتين تعمل رفعا أو نصبا أو جرا ، وهذه الستّة تنطبق على كل واحد من الأقسام الأربعة للمعمول بدون أل.

فنطبقها مثلا على القسم الأول أي المضاف إلى ما فيه أل فنقول الصفة مع أل ترفع المعمول المضاف إلى ما فيه أل وتنصبه وتجرّه والصفة بدون أل أيضا كذلك فهذه ستّة ، ونطبقها أيضا على القسم الثاني أي المضاف إلى الضمير فتصير ستّة أيضا وكذا نطّبقها على القسمين الآخرين ، فالمجموع أربعة وعشرون.

(٧) وقد مرّ ضعف نصب الصفة المجرّدة من ال.

٣٠٦

وجه الأب».

والثّاني نحو «رأيت الرّجل الحسن وجهه» و «الحسن وجهه» ولا تجرّكما سيأتي (١) ، و «رأيت رجلا حسنا وجهه» و «حسنا وجهه» و «حسن وجهه» لكن هذان ضعيفان (٢).

والثالث (٣) نحو «رأيت الرّجل الحسن وجه أبيه» و «الحسن وجه أبيه» ولا تجرّ كما سيأتي (٤) و «رأيت رجلا حسنا وجه أبيه» و «حسنا وجه أبيه» و «حسن وجه أبيه» لكن هذان ضعيفان (٥).

والرّابع (٦) نحو «رأيت الرّجل الحسن وجه أب» لكنّه قبيح (٧) و «الحسن وجه أب» ولا تجرّكما سيأتي (٨) و «رأيت رجلا حسنا وجه أب» لكنّه قبيح (٩) و «حسنا وجه أب» و «حسن وجه أب».

(أو مجرّدا) عطف على مضافا (١٠) نحو «رأيت الرّجل الحسن وجه» لكنّه

__________________

(١) بقوله : (ولا تجرر بها مع أل سما من أل خلا).

(٢) أما في صورة النصب فلما مرّ ، وأمّا في الجرّ فلأنها جرّت الاسم المضاف إلى ضمير موصوفها ، فكأنّها جرّت ضمير الموصوف والأصل في الصفة أن ترفع ضمير الموصوف لا أن تجرّه كما في قولنا رأيت رجلا كريما ففي كريم ضمير مرفوع يعود إلى رجل ، فلهذا كان الجرّ ضعيفا.

(٣) أي : القسم الثالث من المعمول ، وهو المعمول المضاف إلى المضاف إلى الضمير.

(٤) بقوله : (ولا تجرر بها مع أل سما من أل خلا).

(٥) وقد مر وجه ضعف نصب الصفة المجرّدة من أل وكذا جرّها المضاف إلى ضمير موصوفها فهنا جرّت المضاف إلى المضاف إلى ضمير موصوفها ولا فرق في ذلك.

(٦) أي : من أقسام المعمول ، وهو المعمول المضاف إلى اسم مجرّد من أل والاضافة.

(٧) لخلو الصفة من ضمير موصوفها لكونها رافعة للظاهر فلا تتحمّل الضمير.

(٨) بقوله ولا تجر ...

(٩) كما ذكر من خلوّها من الضمير.

(١٠) أي : صفة لما اتّصل بها يعني أن المعمول المجرد من أل قد يكون مضافا كما مرّ ، وقد يكون مجرّدا عن ـ ـ الإضافة وهذا قسم سادس للمعمول.

٣٠٧

قبيح (١) ، و «الحسن وجها» ولا تجرّكما سيأتي (٢) و «رأيت رجلا حسنا وجه» لكنّه قبيح ، و «حسنا وجها» و «حسن وجه».

(ولا تجرر بها) (٣) حال كونها (مع أل سما من أل خلا ومن إضافة لتاليها) فلا تقل : «ألحسن وجهه» أو «وجه أبيه» أو «وجه أب» (٤) (وما لم يخل) ممّا ذكر (٥) (فهو بالجواز وسما) وقد سبق ذلك مشروحا ممثّلا مبيّنا فيه الحسن والضّعيف والقبيح. ولله الحمد.

__________________

(١) لخلّوها عن ضمير الموصوف.

(٢) بقوله ولا تجرر ...

(٣) أي : بالصفة المشبهة أي لا تضفها وهي مع أل إلى اسم خال من أل وخال أيضا من الإضافة لتالي أل يعني أن المعمول إذا لم تدخل عليه أل ولا كان مضافا إلى اسم مدخول لأل فلا تضف الصفة إليه ، وأما إذا كان المعمول هو بنفسه مدخولا لأن أو كان مضافا لاسم مدخول لأل فيجوز إضافة الصفة إليه.

(٤) المثال الأول والثاني والرابع للمعمول المضاف ، والمثال الثالث للمعمول المجرّد وبقي قسمان من المعمول يجوز إضافة الصفة إليه.

أحدهما : المعمول الذي مع ال ، نحو رأيت الرجل الجميل الوجه.

وثانيهما : المضاف إلى ما فيه أل نحو رأيت الرجل الحسن وجه الأب.

(٥) يعني المعمول الذي لم يخل من أل ومن الإضافة إلى ما فيه أل فيجوز إضافة الصفة إليه.

٣٠٨

هذا باب التّعجّب

وله صيغ كثيرة (١) نحو (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ)(٢)(٣) «سبحان الله إنّ المؤمن لا ينجس» (٤).

واها لليلي ثمّ واها واها (٥)

(هي المني لو أنّنا نلناها)

والمبوّب له (٦) في النّحو صيغتان أشار إليهما بقوله :

بأفعل انطق بعد ما تعجّبا

أو جيء بأفعل قبل مجرور ببا

وتلو أفعل انصبنّه كما

أوفى خليلينا وأصدق بهما

(بأفعل انطق) حال كونه (بعد ما) النّكرة (٧) إن أردت (تعجّبا أو جيء بأفعل) وهو

__________________

(١) أي : وردت جمل كثيرة من كلام العرب دالّة على التعجّب بالقرائن وليست موضوعة في أصل اللغة للتعجّب والموضوعة للتعجّب لغة هي الصيغتان المعهودتان فقط.

(٢) فإن الجري على خلاف مقتضي الأدلة البيّنة مورد للتعجّب ولذلك عبّر سبحانه عنه بكيف منكرا ذلك.

(٣) البقرة ، الآية : ٢٨.

(٤) قاله النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لما سئل عن ميتة الآدمي أطاهرة أم نجسة متعجّبا من السؤال والكلام من الاستفهام الإنكارى.

(٥) واها كلمة يقال عند التعجّب من طيب شىء ، أي : أتعجّب من طيبها معرّب (به به) بالفارسيّة.

(٦) أي : للتعجّب يعني التعجّب الذي جعل له باب في النحو صيغتان لأنهما فقط موضوعتان في أصل اللغة للتعجّب لا غيرهما.

(٧) لا الموصولة المعرفة ومعناها (شيء).

٣٠٩

خبر (١) بصيغة الأمر (قبل) فاعل له (مجرور ببا) زائدة لازمة (٢) (وتلو أفعل) أي الّذي بعده (انصبنّه) مفعولا وتلو أفعل اجرره كما تقدّم (٣) (كما أوفي خليلينا وأصدق بهما).

وحذف ما منه تعجّبت استبح

إن كان عند الحذف معناه يضح

(وحذف ما منه تعجّبت) (٤) وإبقاء صيغة التّعجّب (استبح إن كان عند الحذف معناه يضح) ولا يلتبس ، كقوله تعالى : (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ)(٥)(٦).

وقول علي عليه السّلام :

جزي الله عنّي والجزاء بفضله

ربيعة خيرا ما أعفّ وأكرما (٧)

وفي كلا الفعلين قدما لزما

منع تصرّف بحكم حتما

وصغهما من ذي ثلاث صرّفا

قابل فضل تمّ غير ذي انتفا

(وفي كلا الفعلين) افعل وأفعل به (قدما (٨) لزما منع تصرّف بحكم) من جميع النّحاة (حتما) أي نفذ ، وهما نظير أليس وعسي وهب وتعلّم (٩).

__________________

(١) لا إنشاء.

(٢) زائدة لعدم إفادتها معني ولازمة لعدم جواز حذفها.

(٣) بقوله قبل مجرور ببا.

(٤) أي : المتعجّب منه وهو المنصوب في الصيغة الأولي والمجرور في الثانية.

(٥) الشاهد في أبصر المحذوف منه بهم لوضوح المعني بوجود مثله قبله وهو اسمع بهم والآية مثال للصيغة الثانية.

(٦) مريم ، الآية : ٣٨.

(٧) أى : ما اعف ربيعة وما أكرم ربيعة وهذا مثال للصيغة الأولى.

(٨) أي : قديما وفي أصل اللغة فلا يثنيّان ولا يجمعان وهكذا.

(٩) هب وتعلم فعلان من أفعال القلوب تقدم ذكرهما في بابها وأنهما لا يتغيّران عمّا هما عليه فعلا.

٣١٠

(وصغهما) من فعل (ذي) أحرف (ثلاث) بخلاف دحرج وانطلق واقتدر واستخرج واحمرّ واحرنجم (صرّفا) (١) بخلاف نعم وبئس (قابل فضل) أي زيادة كعلم وحسن (٢) ، بخلاف نحو مات وفنى (٣) (تمّ) بخلاف كان وكاد (٤) غير) فعل (ذي انتفا) أي منفي بخلاف نحو «ما عجت بالدّواء» (٥) و «ما ضربت زيدا»

وغير ذي وصف يضاهي أشهلا

وغير سالك سبيل فعلا

(وغير) فعل (ذي وصف يضاهي أشهلا) (٦) في كونه علي أفعل بخلاف ذي الوصف المضاهية نحو سود وعور (٧) (وغير) فعل (سالك سبيل فعلا) (٨) في كونه مبنيّا للمفعول بخلاف السّالك ذلك نحو ضرب وشتم ، لكن يستثني ما كان ملازما لذك (٩) نحو : عنيت بحاجتك فيقال ما اعناه.

وأشدد أو أشدّ أو شبههما

يخلف ما بعض الشّروط عدما

(واشدد أو أشدّ أو شبههما) كأكثر وأكثر (يخلف) في التّعجّب (ما (١٠) بعض

__________________

(١) أي : صغهما من فعل متصرّف فلا يصاغان من نعم وبئس فلا يقال ما أنعم زيدا مثلا.

(٢) فإنهما قابلان للزيادة فيقال هذا أعلم من ذاك وأحسن.

(٣) فإن الموت والفناء لا يقبلان الزيادة فلا يقال فلأن أموت أو أفني لبساطتهما.

(٤) فإنهما ناقصان لا يتمّ معناهما بالمرفوع لأنّهما ناسخان للمبتدا والخبر ومرفوعهما مبتداء في الأصل ، ولا يتمّ إلّا بالخبر.

(٥) بكسر العين وسكون الجيم أي لم أنتفع بالدواء.

(٦) أي : من غير الفعل الذي أتي منه أفعل (وصفىّ).

(٧) الآتي منهما (أسود وأعور).

(٨) يعني الفعل المجهول.

(٩) أي : الفعل الذي يأتي مجهولا دائما وعنيت من هذا القبيل لأن مصدره العناية وهي بمعني جعل الشخص ذا قصد وهو من فعل الله سبحانه فلا يؤتي لغيره إلا مجهولا.

(١٠) ما مفعول ليخلف يعني أشدد وأشدّ وشبههما يقع مكان الفعل العادم لبعض الشروط.

٣١١

الشروط عدما) بأن كان زائدا على ثلاثة أحرف أو وصفه علي أفعل أو ناقصا نحو ما أشدّ دحرجته وحمرته وأشدد بكونه مستقبلا (١) وكذا إن كان منفيّا أو مبنيّا للمفعول لكن مصدرهما مؤوّل (٢) نحو «ما أكثر أن لا تقوم» و «أعظم بما نصر» ومثّل ابن النّاظم للّذي لا يقبل الفضل بـ «ما أفجع موته» و «أفجع بموته». وقال ابن هشام : لا يتعجّب منه ألبتّة (٣).

ومصدر العادم بعد ينتصب

وبعد أفعل جرّه بالبايجب

(ومصدر) الفعل (العادم) للشّروط (بعد) أي بعد أشدّ (ينتصب وبعد أفعل) أي أشدد (جرّه بالبا يجب) كغيره (٤) كما تقدّم.

وبالنّدور احكم لغير ما ذكر

ولا تقس علي الّذي منه أثر

(وبالنّدور) أي القلّة (احكم لغير ما ذكر) كقولهم ما أذرعها من امرأة ذراع (٥) أي خفيفة اليد في الغزل ، وما أخصره من اختصر (٦) ، وما أعساه وأعس به من عسى (٧) ،

__________________

(١) فالأول زايد على ثلاثة فلا يمكن أن يبني منه التعجّب فأتي بأشدّ ونصب مصدره بعده ليدل على الفعل والثاني ذو وصف على أفعل والثالث أصله (كان مستقبلا) ولكونه ناقصا قام أشدّ مقام كان وأتي بمصدره مجرورا للدلالة على الفعل.

(٢) لا صريح إذ المنفي يلتبس بالمثبت والمجهول بالمعلوم فيؤتي بفعل منفي أو مجهول مع أن ليؤمن اللبس.

(٣) أي : لا يمكن أن يبني فعل التعجب من الذي لا يقبل الفضل بأي وجه وما مثّل به ابن الناظم فليس تعجّبا لمات حقيقة بل لفجع.

(٤) أي : كغير المصدر مثل (زيد) في قولنا ما أكرم زيدا وأكرم بزيد.

(٥) أي : (ما أذرعها) مأخوذة من قول العرب امرأة ذراع (بتشديد الراء) ففعل التعجّب مأخوذ من الاسم وهو نادر.

(٦) وهو زائد على الثلاثة.

(٧) وهو فعل غير متصرف وما أحمقه مثال لما كان وصفه على أفعل.

٣١٢

وما أحمقه من حمق فهو أحمق. فاسمع ذلك (ولا تقس علي الّذي منه أثر) أي روي عن العرب كلّ (١) ما شاكله.

وفعل هذا الباب لن يقدّما

معموله ووصله به الزما

وفصله بظرف أو بحرف جرّ

مستعمل والخلف في ذاك استقر

(وفعل هذا الباب لن يقدّما معموله) عليه (ووصله به الزما) بلا خلاف فيهما (٢) (وفصله بظرف أو بحرف جرّ مستعمل) نظما ونثرا كقوله :

وقال نبي المسلمين تقدّموا

وأحبب إلينا أن يكون المقدّما (٣)

وقول عمرو بن معديكرب : «ما أحسن في الهيجاء لقاءها» (٤).

(والخلف في ذاك) الفصل (٥) هل يجوز أو لا (استقرّ) فذهب الجرمي وجماعة إلى الجواز ، والأخفش والمبرّد إلي المنع (٦).

__________________

(١) (كل) مفعول للاتقس أي ليس لك أن تبني فعل التعجّب ممّا عدم الشرائط قياسا على ما روي مثله عن العرب كأن تبني من الاسم لقولهم ما أذرعها.

(٢) أي : في عدم جواز التقديم وعدم جواز الفصل.

(٣) فأحبب فعل التعجّب ومعموله (أن يكون) أصله بأن يكون فصل بينهما (بالينا) وهو جار ومجرور والتقدير أحسن بكونه.

(٤) ما أحسن فعل التعجّب و (لقائها) معموله والفاصل (في الهيجاء).

(٥) أي : الفصل بالظرف والجار والمجرور.

(٦) فما أتي من العرب سماع لا يقاس عليه.

٣١٣

هذا باب نعم وبئس

(وما جري مجراهما في المدح والذّمّ من حبّذا وساء ونحوهما)

فعلان غير متصرّفين

نعم وبئس رافعان اسمين

مقارني أل أو مضافين لما

قارنها كنعم عقبي الكرما

(فعلان غير متصرّفين نعم وبئس) لدخول (١) التّاء السّاكنة عليهما في كلّ لغات ، واتّصال ضمير الرّفع بهما في لغة حكاها الكسائي (٢).

وذهب الكوفيّون ـ على ما نقله الأصحاب عنهم في مسائل الخلاف ـ (٣) إلي أنّهما اسمان ، وقال ابن عصفور : لم يختلف أحد في أنّهما فعلان (٤) وإنّما الخلاف بعد إسنادهما إلى الفاعل (٥) فالبصريّون يقولون : نعم الرّجل وبئس الرّجل جملتان فعليّتان (٦) ،

__________________

(١) دليل لكونهما فعلين والتاء الساكنة هو تاء التأنيث كقولنا نعمت المرأة هند وبئست المرأة هند.

(٢) فقالوا نعما ونعموا.

(٣) يعني أن قول الكوفيين باسميّتهما مدوّن في باب المسائل التي اختلف فيها بين الكوفيّين والبصريين والأصحاب نقل هذا القول عنهم في ذلك الباب.

(٤) إذا نظرنا إلى نفس الفعلين وحدهما من دون النظر إلى مجموع الفعل والفاعل.

(٥) أي : إذا نظرنا إلى مجموع نعم الرجل وبئس الرجل.

(٦) فنعم وبئس فعل ، والرجل فاعل.

٣١٤

والكسائي : اسميّتان محكيّتان (١) بمنزلة تأبّط شرّا نقلا (٢) عن أصلهما وسمّي بهما المدح والذّمّ (٣).

(رافعان اسمين) فاعلين لهما (مقارني أل) الجنسيّة (٤) نحو (نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ)(٥) (أو مضافين لما قارنها) أو لمضاف (٦) لما قارنها (كنعم عقبي الكرما) و

فنعم ابن أخت القوم (٧) [غير مكذّب

زهير حسام مفرد من حمائل]

ويرفعان مضمرا يفسّره

مميّز كنعم قوما معشره

(ويرفعان مضمرا) مستترا (٨) (يفسّره مميّز كنعم قوما معشره) و (بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً)(٩)(١٠) وقد يستغني عن التّمييز للعلم بجنس الضّمير (١١) كقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم :

__________________

(١) فقولنا نعم الرجل زيد ، نعم الرجل مبتداء وزيد خبره ، مثل قولنا تأبّط شرّا قائم فقوله (والكسائي اسميتان) مسامحة في التعبير فإن ظاهره انّ نعم الرجل جملة اسميّة وليس هذا بمراد للكسائي بل مراده أن نعم الرجل مركّبة اسم للمدح كما إنّ تأبّط شرا اسم لرجل ، والمحكي في اصطلاحهم هو اللفظ المنقول على حسب ما كان قبل النقل في الحركات فلفظ تابط شرا المنقول من الجملوية إلى العلمية بعد باق على حركاتها السابقة ولم تتبدّل كما أن نعم الرجل المنقول من الجملة الفعليّة إلى أن صار اسما للمدح باق على فتح ميم نعم وضم لام الرجل من غير تغيير.

(٢) بضم النون وكسر القاف تثنية ماض مجهول.

(٣) أي : صارا اسمين للمدح والذم من باب علم الجنس.

(٤) لا أل الاستغراقيّة بمعني الكلّ.

(٥) الأنفال ، الآية : ٤٠.

(٦) متعلّق بمضافين أي مضافين إلى مضاف إلى المعرف بأل.

(٧) فعقبي فاعل لنعم مضاف إلى المعرف باللام وابن مضاف إلى المضاف إلى المعرف.

(٨) وهذا النوع الثاني لفاعلها.

(٩) فقوما وبدلا تميزان للضمير المستتر في نعم أي نعم هو قوما وبئس هو بدلا.

(١٠) الكهف ، الآية : ٥٠.

(١١) والتمييز لرفع الإبهام فلا حاجة إليه.

٣١٥

«من توضّأ يوم الجمعة فبها ونعمت» (١)

تتمة : حكي الأخفش أنّ ناسا من العرب يرفعون بنعم النكرة مفردة ومضافة (٢).

وجمع تمييز وفاعل ظهر

فيه خلاف عنهم قد اشتهر

(وجمع) بين (تمييز وفاعل ظهر) كـ «نعم الرّجل رجلا» مثلا (فيه خلاف عنهم قد اشتهر) (٣) فذهب سيبويه والسيرافي إلى المنع لاستغناء الفاعل بظهوره (٤) عن التّمييز المبيّن له ، والمبرّد إلى الجواز ، واختاره المصنّف قال : لأنّ التّمييز قد يجاء به توكيدا (٥) كما سبق ، ومنه (٦) قوله :

والتّغلبيّون بئس الفحل فحلهم

فحلا وأمّهم زلّاء منطيق (٧)

وقوله :

ولقد علمت بأنّ دين محمّد

من خير أديان البريّة دينا (٨)

وما مميّز وقيل فاعل

في نحو نعم ما يقول الفاضل

(وما مميّز) (٩) عند الزّمخشري وكثير من المتأخّرين فهي

__________________

(١) أي : نعمت السنة فحذفت للعلم بها.

(٢) نحو نعم رجل زيد ونعم غلام رجل زيد ، وهذا هو النوع الثالث من أنواع فاعل نعم.

(٣) يعني هذا الاختلاف مشهور عنهم.

(٤) الباء للسببيّة أي : الفاعل بسبب كونه اسما ظاهرا مستغن عن التمييز.

(٥) أى : لا يجب أن يكون لرفع الإبهام دائما بل قد يكون للتاكيد كما سبق في باب التمييز مستشهدا بقوله تعالى أن عدّة الشهور اثنى عشر شهرا.

(٦) أي : ممّا جاء فيه التميز للتوكيد سواء في المدح والذّم أو غيرهما.

(٧) ففحلا تمييز توكيدي لفاعل بئس لكونه مذكورا سابقا.

(٨) دينا تميز توكيدي لدين محمّد وهو في غير المدح والذمّ.

(٩) أي : ما الواقعة بعد أفعال المدح أو الذم كنعمّا وبئسما.

٣١٦

نكرة (١) موصوفة (وقيل) أي قال سيبويه وابن خروف هي (فاعل) فتكون معرفة (٢) ناقصة تارة وتامّة أخرى (٣) (في نحو) قولك (نعم ما يقول الفاضل) وقوله تعالى : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ)(٤) ، (بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ)(٥) ومال المصنّف في شرح الكافية إلى ترجيح القول الثاني (٦).

ويذكر المخصوص بعد مبتدا

أو خبر اسم ليس يبدو أبدا

(ويذكر المخصوص) بالمدح والذّم (بعد) أي بعد نعم وبئس وفاعلهما نحو «نعم الرّجل زيد» ، «وبئس الرّجل أبو لهب» ، وهو (٧) إمّا (مبتدأ) خبره الجملة قبله (أو خبر اسم) محذوف (٨) (ليس يبدو) أي يظهر (أبدا) كما ذكرت لك في آخر باب المبتدأ (٩).

__________________

(١) أي : على القول بأنّها تمييز فهي نكرة لأنّ التمييز نكرة دائما والجملة بعدها صفتها ، لأن الجملة تأتي صفة للنكرات.

(٢) لكون الفاعل في هذه الأفعال معرفة دائما كما تقدّم.

(٣) إن كان الواقع بعدها جملة كبئس ما اشتروا ونعم ما يقول الفاضل فما ناقصة موصولة وإن كان الواقع بعدها مفردا كنعمّا هي فهي تامّة بمعنى الشيء والتقدير فنعم الشيء هي والتمام بمعنى عدم احتياجها إلى الصلة كالموصول والاسم الواقع بعدها مخصوص.

(٤) البقرة ، الآية : ١٧١.

(٥) البقرة ، الآية : ٩٠.

(٦) أي : القول بأنّها فاعل إذ الأصل في التمييز أن يكون لرفع الإبهام و (ما) لا ترفع إبهأما لعدم دلالتها على شيء مخصوص.

(٧) أي : المخصوص ففي المثالين زيد مبتدأ ونعم الرجل خبر مقدم وكذلك أبو لهب مبتدأ وبئس الرجل خبر.

(٨) فالتقدير نعم الرجل هو زيد وبئس الرجل هو أبو لهب فزيد وأبو لهب خبران لهو المقدر.

(٩) في قوله (تنبيه يجب حذف المبتدا في مواضع) والموضع الثاني منها هو ما نحن فيه.

٣١٧

وإن يقدّم مشعر به كفى

كالعلم نعم المقتني والمقتفى

واجعل كبئس ساء واجعل فعلا

من ذي ثلاثة كنعم مسجلا

(وإن يقدّم) هو (١) أو (مشعر به كفى) ذلك عن ذكره بعد (كالعلم نعم المقتني والمقتفى) ونحو (إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ)(٢)(٣).

(واجعل كبئس) في جميع ما تقدّم (ساء) نحو (ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ)(٤) و «ساء الرّجل زيد» و «ساء غلام القوم يد». (٥) ولك أن تقول هل هي مثلها في الاختلاف في فعليّتها (٦).

(واجعل فعلا) (٧) بضمّ العين المصوغ (من ذي ثلاثة كنعم مسجلا) نحو «علم الرّجل زيد» و (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ)(٨)(٩) وفي فاعله الوجهان الآتيان في

__________________

(١) أي : المخصوص أو مشعر به أي ما يدلّ على المخصوص.

(٢) ففي المثال الأول قدّم المخصوص نفسه وهو العلم والتقدير نعم المقتني العلم وفي الثاني قدم ما يشعر بالمخصوص وهو ضمير وجدناه لعوده إلى أيّوب وهو المخصوص فبذكر ضميره سابقا اكتفي عن ذكره بعد نعم.

(٣) ص ، الآية : ٤٤.

(٤) الأعراف ، الآية : ١٧٧.

(٥) فالآية مثال لرفعه الضمير المستتر المميّز بنكرة والمثال بعدها لرفعه الظاهر المعرّف بأل والأخير للظاهر المضاف إلى المعرّف بأل.

(٦) يعني أن تشبيه المصنّف ساء ببئس يقتضي أن يكون مشابهة لبئس في جميع الأحكام حتّي في الاختلاف في فعليّتها مع أنّه لم يسمع اختلاف في فعلية ساء وهذا إشكال على المصنّف.

(٧) يعني أنّه يصلح كل فعل ثلاثي أن يستعمل للمدح والذّم بشرط أن تضمّ عين فعله إن لم تكن مضمومة في الأصل ، ويترتّب عليه جميع أحكام نعم وبئس من لزوم الفاعل والمخصوص وأقسام الفاعل وغير ذلك تقول علم زيد بضم اللام أي نعم العالم زيد وخبث زيد أي : بئس الخبيث زيد فالفاعل ظاهر معرّف باللام وتقول في الفاعل المضمر المفسر بالنكرة فهم رجلا زيد وخبث رجلا عمرو.

(٨) المثال الأول لما إذا كان الفاعل اسما ظاهرا معرّفا باللام والثاني لما كان الفاعل ضميرا مميزا بنكرة.

(٩) الكهف ، الآية : ٥.

٣١٨

فاعل حبّ (١). وقوله : «مسجلا» أي مطلقا ، أشار به إلى خلاف قائل بما ذكر (٢) في غير علم وجهل وسمع.

ومثل نعم حبّذا الفاعل ذا

وإن ترد ذمّا فقل لا حبّذا

(ومثل نعم) في معناها وحكمها (٣) (حبّذا) كقوله :

يا حبّذا جبل الرّيّان من جبل (٤)

[وحبّذا ساكن الرّيّان من كانا]

وقوله :

[باسم الاله وبه بدينا

ولو عبدنا غيره شقينا]

فحبّذا ربّا وحبّ دينا (٥)

__________________

(١) بقوله (وما سوي ذا ارفع بحب أو فجرّ) أي يجوز في فاعل فعل مضموم العين أيضا أن يرفع أو يجرّ بالباء ، فالأول نحو خبث زيد ، والثاني نحو خبث بزيد.

(٢) أى : أشار بذلك إلى خلاف من يقول بذلك ويجوز ذلك في غير هذه الأفعال الثلاثة مثل كبر وشرف ونطق وأمثالها وأما في علم وجهل وسمع فعينها باقية علي الكسر ولا يضمّ سواء في المدح والذمّ أو في غيرهما فأشار المصنف بقوله مطلقا إلى أن تغيير حركة عين الفعل إلى الضم يجري في كل فعل ثلاثي حتّي الأفعال الثلاثة ولا يعتني بخلاف هذا المخالف ويمكن أن يكون المعني أنه أشار به إلى خلاف قائل بما ذكر أي بقيام الفعل الثلاثي مضموم العين مقام نعم وبئس في غير الأفعال الثلاثة أي أنّ الصالح لذلك هو هذه الثلاثة فقط لا غيرها من الأفعال فأشار إلى أنّ ذلك يقع في كل فعل ثلاثي ولا يختصّ بهذه الثلاثة وعلي التقديرين الجارّ والمجرور (في غير) متعلق بخلاف إلّا أن المراد بقوله (بما ذكر) يختلف علي التقديرين فعلي الأول (ما ذكر) عبارة عن تحوّل حركة العين إلى الضمّة وعلي الثاني (ما ذكر) هو قيام فعل مضموم العين مقام فعل المدح والذمّ.

(٣) أما معناها فكونها للمدح وأما حكمها ففي لزومها الفاعل والمخصوص وأقسام فاعلها.

(٤) فحبّ فعل مدح وفاعله ذا وجبل الرّيان إن قرء بالرفع فهو مخصوص وإن قرء بالنصب فبتقدير أعني.

(٥) الشاهد هنا في حبّ الثانية حيث رفع الضمير المستتر مميّزا بنكرة.

٣١٩

والصّحيح أنّ حبّ فعل ماض و (الفاعل) له (ذا) وقيل جملته (١) اسم مبتدأ خبره ما بعده ، لأنّه لمّا ركّب مع ذا غلب جانب الإسميّة (٢) فجعل الكلّ اسما ، وقيل المجموع فعل فاعله ما بعده تغليبا لجانب الفعل لما تقدّم. (٣) (وإن ترد ذمّا فقل لا حبّذا) كما قال الشّاعر :

ألا حبّذا أهل الملاغير أنّه

إذا ذكرت مي فلا حبّذا هيا (٤)

وأول ذا المخصوص أيّا كان لا

تعدل بذا فهو يضاهي المثلا

(وأول ذا) المتّصلة بحبّ (المخصوص) (٥) بالمدح أو الذّم (أيّا كان) (٦) مفردا أو مثنّي أو مجموعا ، مذكّرا كان أو مؤنّثا.

و (لا تعدل بذا) بأن تغيّر صيغتها بل ائت بها باقية على حالها نحو «حبّذا هند والزّيدان والهندان والزّيدون والهندات» (فهو (٧) يضاهي المثلا) الجاري في كلامهم من قولهم «في الصّيف ضيّعت اللّبن» (٨) بكسر التّاء للجميع ، (٩) وهذا علّة لعدم تغيّره.

__________________

(١) أي : المجموع المركّب من حبّ وذا.

(٢) أي : اسمية (ذا) على فعليّة (حبّ) لشرف الاسم على الفعل.

(٣) ما مصدريّة أي : لتقدم الفعل في هذا التركيب على الاسم لفظا فغلب جانب الفعلية لذلك فأن حبّ مقدّم على ذا.

(٤) الشاهد في حبذا الثانية التي دخلت عليها (لا) فأريد منها الذمّ وفاعلها ذا ومخصوصها هي لا الأولي فأنها للمدح والداخل عليها (إلا) العرضية.

(٥) مفعول ثان لأول أي : اجعل المخصوص بعد ذا.

(٦) أي : المخصوص.

(٧) أي : حبّذا يشابه المثل في عدم تغيّره عما هو عليه والمثل بفتح الثاء قول مركّب مشهور شبّه مضرّبه بمورده.

(٨) في الأصل خطاب لأمرأة كانت تحت رجل غني فكرهته لكبر سنّه فطلّقها فتروّجها رجل شابّ فقير وكان الطلاق في فصل الصيف فبعثت في الشتاء إلى زوجها الأول تطلب منه لبنا فقال لها في الصيف ...

(٩) أي : سواء كان المخاطب الآن رجلا أم امرأة مفردا أم مثني أو جمعا.

٣٢٠