البهجة المرضيّة على ألفيّة ابن مالك

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

البهجة المرضيّة على ألفيّة ابن مالك

المؤلف:

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
المطبعة: وفا
الطبعة: ١٩
ISBN: 978-964-6397-13-2
الصفحات: ٥٩٠

والشّرط يغني عن جواب قد علم

والعكس قد يأتي إن المعني فهم

(والشّرط يغني عن جواب قد علم) (١) فحذف ، نحو : (وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ)(٢)(٣) أي فافعل.

(والعكس) وهو الاستغناء بالجواب عن الشّرط (قد يأتي إن المعني فهم) نحو :

فطلّقها فلست لها بكفؤ

وإلّا يعل مفرقك الحسام (٤)

وقد يحذفان معا بعد «إن» نحو :

قالت بنات العمّ يا سلمي وإن

كان فقيرا معدما قالت وإن (٥)

واحذف لدى اجتماع شرط وقسم

جواب ما أخّرت فهو ملتزم

(واحذف لدى اجتماع شرط وقسم جواب ما أخّرت) (٦) منهما وائت بجواب

__________________

(١) يعني قد يحصل العلم بالجزاء من الشرط فيجوز حذف الجزاء للعلم به.

(٢) الشاهد في جواب (إن استطعت) أنّه حذف للعلم به وهو (فافعل) وأمّا (فتأتيهم) فإنّه عطف على الشرط وليس بجزاء.

(٣) الأنعام ، الآية : ٣٥.

(٤) أي : إلّا تطّلقها يعل ، ومعني البيت طلّق هذه المرأة لأنك لست كفوا لها وإن لم تطلقها يصعد على رأسك السيف فتقتل.

(٥) الشاهد في (وإن) الثانية حذف عنها فعل الشرط والجزاء والتقدير ، وإن كان فقيرا معدما تزوجت منه ، ومعني البيت قالت بنات عمها يا سلمي هل تتزوّجين منه وإن كان فقيرا لا مال له؟ فأجابت : نعم أرضي به وإن كان فقيرا لا مال له.

(٦) يعني إذا اجتمع في كلام شرط وقسم فلا تأت لكل منهما بجواب بل أحذف جواب المتأخّر منهما ، وائت بجواب المتقدّم ، فإن كان المتأخر الشرط فاذكر جواب القسم فقط ، وإن كان المتأخر القسم فائت بجواب الشرط.

٤٤١

ما قدّمت (فهو ملتزم) (١) نحو : «والله إن أتيتني لأكرمنّك» (٢) و «إن تأتني والله أكرمك» (٣).

وإن تواليا وقبل ذو خبر

فالشّرط رجّح مطلقا بلا حذر

وإن تواليا) (٤) أي الشّرط والقسم (وقبل) أي قبلهما (ذو خبر) أي مبتدأ (فالشّرط رجّح) بأن تأتي بجوابه (مطلقا بلا حذر) أي سواء تقدّم أو تأخّر ، نحو : «زيد إن تقم والله يقم» و «زيد والله إن تقم يقم» (٥).

وربّما رجّح بعد قسم

شرط بلاذي خبر مقدّم

(وربّما رجّح بعد قسم شرط) فأتي بجوابه (بلا ذي خبر مقدّم) (٦) نحو :

لئن كان ما حدّثته اليوم صادقا

أصم في نهار القيظ للشّمس باديا (٧)

__________________

(١) يعني إن حذف جواب المتأخّر لازم وواجب لا جائز.

(٢) (لأكرمنّك) جواب للقسم بدليل وجود اللام والمحذوف جواب الشرط لأنّه المتأخر.

(٣) هنا المحذوف جواب القسم لتأخّره ، و (أكرمك) جواب للشرط بدليل عدم دخول لام القسم عليه.

(٤) أي : إن اجتمع الشرط والقسم وكان قبلهما مبتدأ فائت بالجواب للشرط لا للقسم سواء تقدّم أو تأخّر.

(٥) ففي كلا المثالين أتا بالجواب للشرط لا للقسم لوجود المبتدا قبلهما والشرط في الأول متقدّم وفي الثاني متأخر ، والدليل على أنّ (يقم) في المثالين جواب للشرط جزمه وعدم دخول لام القسم عليه.

(٦) يعني قد يؤتي بجواب الشرط مع تأخّره عن القسم ، ويحذف جواب القسم مع تقدّمه من دون ذكر مبتدء قبلهما على خلاف ما تقرّر آنفا.

(٧) أصم جواب للشرط (إن كان) وجواب القسم مع تقدّمه محذوف وليس قبلهما مبتدء ، والقسم هنا اللام لكونها توطئة للقسم ، ودليلا على قسم مقدّر ، ومعني البيت إن كان ما نقل لي اليوم صادقا صمت في نهار الصيف تحت الشمس طول النهار.

٤٤٢

فصل في لو

لو حرف شرط في مضي ويقلّ

إيلاؤه مستقبلا لكن قبل

(لو حرف شرط في مضىّ) (١) يقتضي امتناع ما يليه واستلزامه لتاليه (٢) من غير تعرّض لنفي التّالي (٣) كذا قال في شرح الكافية. قال :

فقيام زيد من قولك «لو قام زيد لقام عمرو» (٤) محكوم بانتفائه ، وكونه مستلزما

__________________

(١) أي : يستعمل لبيان اشتراط شيء بشيء آخر في الزمان الماضي.

(٢) يعني إن لو يفيد أمرين :

أحدهما : إن شرطه ممتنع أي : غير واقع.

والثاني : إن شرطه إذا تحقّق ، تحقّق معه الجزاء أيضا ، ولكن لا يدلّ على أن جزائه يمتنع إذا امتنع الشرط.

وقوله : ما يليه ، أي : ما يقع بعد لو بلا فصل وهو الشرط ، والضمير في (لتاليه) يعود إلى ما يليه أي : لتالي الشرط وهو الجزاء.

(٣) لأن الاستلزام من ناحية الشرط فقط بمعني أنّه إذا وجد ، وجد الجزاء حتما لا من ناحية الجزاء ، فيمكن أن يوجد الجزاء والشرط ممتنع وهذا نظير الملح والبياض فلو وجد الملح وجد البياض حتما ، ولكن يمكن أن يوجد البياض بدون الملح كالجصّ مثلا.

(٤) يعني معني هذه الجملة إن زيدا لم يقم وأنّه لو قام لقام عمرو معه حتما ، كما إذا فرضنا أنّ عمرا تعهّد بأن يقوم إذا قام زيد ، فالقائل بهذه الجملة يحكم بعدم قيام زيد ، وأن قيام زيد يستلزم قياما من عمرو بمعني أنّه إذا قام زيد قام عمرو أيضا ، وليس مراد القائل أن عمرا لا يقوم أبدا إذا لم يقم زيد ، فربّما تعهّد أن يقوم حين قيام خالد أيضا ، أو أن يقوم وحده مثلا فهذان قيامان لعمرو ، غير ملازمين لقيام زيد ، ويمكن ثبوتهما مع امتناع قيام زيد.

٤٤٣

ثبوته لثبوت قيام من عمرو ، وهل لعمرو قيام آخر غير اللّازم عن قيام زيد أو ليس له لا تعرّض لذلك (١) ويوافقه (٢) ـ وهو أكثر تحقيقا وأضبط للصّور ما ذكره بعض المحقّقين من أنّه ينتفي التّالي أيضا (٣) إن ناسب الأوّل ولم يخلفه غيره ، (٤) نحو (لَوْ

__________________

(١) أي : في كلام هذا القائل فلا يدلّ (لو) على انتفاء الجزاء مطلقا ، بل على انتفاء الشرط فقط واستلزامه للجزاء ونتيجة هذا الاستلزام انتفاء الفرد الملازم للشرط من الجزاء فقط لا انتفائه الكلّى.

(٢) أي : يوافق ما قاله المصنف في شرح الكافية ما ذكره بعض المحقّقين ، وحاصله : إنّ (لو) من حيث تأثيره في انتفاء الجزاء وثبوته على ثلاثة أقسام :

(الأول) : في انتفاء الجزاء ، وذلك أنما يتحقّق إذا ناسب الجزء الشرط ، أي : كان الجزاء مسببا عن هذا الشرط ، وكان الشرط سببا للجزاء ولم يخلفه غيره ، أي : لم يكن للجزاء سبب غير هذا الشرط فبانتفاء الشرط (المدلول بلو) ينتفي الجزاء قهرا ، كما في مثال الآلهة ، فإنّ فساد السماوات والأرض مناسب لوجود آلهة غير الله ويتوقف عليه ولا يخلف شيء مكان الآلهة في إيجاد فساد السماوات والأرض فسبب هذا الفساد منحصر بالآلهة ، فإذا انتفت الآلهة انتفي الفساد.

(الثانى) : عدم انتفاء الجزاء عند انتفاء الشرط بلوكما في مثال الإنسان والحيوان ، لعدم انتفاء الحيوان بانتفاء الإنسان لإمكان وجود الحيوان مع غير الإنسان كالبقر مثلا.

(الثالث) : تأثيره في ثبوت الجزاء بمعني أنّ (لو) يفيد ثبوت الجزاء مترتّبا على انتفاء الشرط.

وهذا القسم ينقسم على ثلاثة أقسام :

إذ قد يكون للفرد الملازم للشرط من الجزاء أولويّة على الفرد الغير الملازم كما في مثال صهيب فإنّ عدم المعصية إذا كان مع الخوف أولي من عدم المعصية إذا لم يكن مع الخوف.

وقد يكون الفرد الملازم مساويا مع غيره كما في مثال الربيبة ، فإنّ عدم الحلّ مع كونها ربيبة مساو مع عدم الحلّ مع كونها رضيعة وليس أحدهما بأولي من الآخر لكونهما فرعين عن النسب ، وليس أحدهما والآخر فرعا كما في الأخير.

وقد يكون الفرد الملازم للشرط أدون من الفرد الآخر ، كما في المثال الأخير ، فإن عدم الحلّ (وهو ثبوت الجزاء) إذا كان ملازما للرضاع أدون من عدم الحلّ الغير الملازم له لأنّ غير الملازم للرضاع يكون ملازما للنسب وهو أقوي وأولي لكونه اصلا والرضاع فرع.

(٣) كما ينتفي الشرط.

(٤) أي : إن كان التالي (الجزاء) مناسبا للأول (الشرط) بأن يكون مرتبطا معه ارتباط المسبّب مع السبب ولم

٤٤٤

كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا)(١)(٢) لا إن خلفه نحو : «لو كان إنسانا لكان حيوانا» (٣) ويثبت (٤) إن لم يناف الأوّل وناسبه إمّا بالأولي نحو : «نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه» (٥) أو المساوي نحو : «لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلّت لي إنّها لابنة أخي من الرّضاعة» (٦) أو الأدون كقولك : «لو انتفت أخوّة الرّضاع ما حلّت للنّسب» (٧).

__________________

(١) فالجزاء وهو الفساد منتف لانتفاء الشرط وهو وجود الآلهة لأنّ علة فساد السماوات والأرض منحصر في وجود الآلهة ولا يخلفه غيره ، وهذا هو القسم الأول من الأقسام الخمسة.

(٢) الأنبياء ، الآية : ٢٢.

(٣) لا ينتفي الجزاء هنا وهو كونه حيوانا لأنّه وإن كان مناسبا للشرط (كان إنسانا) في تحقّقه به لكن الإنسان غير منحصر في تحقق الحيوان به بل يمكن أن يخلفه غيره في ذلك كالبقر مثلا فيقال لو كان بقرا لكان حيوانا.

(٤) أي : يثبت التالي (الجزاء) عطف على ينتفي أي : قد يثبت جزاء لو بشرط أن لا يكون ثبوت الجزاء منافيا في المعني مع الشرط ، بل كان اجتماع ثبوت الجزاء مع ثبوت الشرط مناسبا ، وتناسب هذا الاجتماع على ثلاثة أقسام :

إذ قد يكون اجتماعهما أولي من عدم اجتماعهما.

وقد يكون الاجتماع وعدم الاجتماع متساويين.

وقد يكون الاجتماع أدون من عدم الاجتماع.

(٥) ثبوت الجزاء (لم يعصه) ثبوت الشرط (يخف الله) فإن (لم) للنفي و (لو) أيضا للنفي وللامتناع ، ونفي النفي إثبات واجتماع ثبوت الجزاء مع ثبوت الشرط هو اجتماع عدم المعصية مع خوف الله ومعلوم أن عدم المعصية مع الخوف من الله أولي من عدم المعصية عند عدم الخوف.

(٦) ثبوت الجزاء (ما حلّت لي) ثبوت الشرط (كون البنت ربيبة) واجتماعهما أي : اجتماع عدم الحلّ مع الربيبة مساو مع اجتماع عدم الحلّ مع غيرها ، والغير في المثال (الرضيعة) وذلك لأن حرمة تزويج الربيبة مثل حرمة تزويج الرضيعة في كونهما فرعين عن النسب وليس إحداهما أقوي من الأخرى.

(٧) ثبوت الجزاء (ما حلّت) ثبوت الشرط (أخوة الرضاع) بقانون نفي النفي واجتماعهما أعني اجتماع عدم الحلّ (الحرمة) مع أخوة الرضاع أدون من اجتماع عدم الحلّ مع غير الرضاع والغير في المثال النسب ، لأن حرمة الرضاع أخفّ من حرمة النسب ، إذ الرضاع فرع من النسب لقوله (صلي الله عليه وآله وسلّم) الرضاع لحمة كلحمة النسب.

٤٤٥

(ويقلّ إيلاؤها مستقبلا) معنى (١) (لكن قبل) إذا ورد نحو :

ولو أنّ ليلي الأخيليّة سلّمت

علي ودوني جندل وصفائح

لسلّمت تسليم البشاشة أوزقا

إليها صدي من جانب القبر صائح (٢)

وهي في الاختصاص بالفعل كإن

لكنّ لو أنّ بها قد تقترن

(وهي في الإختصاص بالفعل كإن لكنّ لو أنّ) بفتح الهمزة وتشديد النّون (بها قد يقترن) (٣) نحو «لو أنّ زيدا قائم» وموضع أنّ حينئذ (٤) رفع ، مبتدأ عند سيبويه وفاعلا لثبت مقدّرا عند الزّمخشري ويجب عنده أن يكون حينئذ (٥) خبرها فعلا ، وردّه المصنّف لورودها اسما في قوله تعالى (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ)(٦)(٧) وقول الشّاعر :

__________________

(١) يعني الأكثر أن يقع بعد لو ماض لفظا نحو لو قمت قمت ، أو ماض معني وإن كان مستقبلا لفظا نحو لو لم تقم قمت فإن المستقبل الواقع بعد لم ماض في المعنى ، لكن وقوع مستقبل معني بعدها قليل ، وأمّا إذا ورد في كلام العرب قبل منهم لأنهم أهل اللسان.

(٢) يعني لو أنّ ليلي التي من بني أخيل تسلّم على في وقت يكون عندي ألواح القبور والكتائب الحجرية ، أي : تسلّم على بعد موتي ، لسلّمت عليها سلام رجل بشّاش ، أو صاح إليها صايح من جانب القبر.

الشاهد : في وقوع المستقبل معني (سلّمت) بعد لو لأنّ المعني لو تسلّم.

(٣) يعني إن لو مثل إن الشرطية في أنّها تدخل على الفعل فقط ، لكن (لو) قد تتخلّف عن هذه القاعدة فتدخل على (أنّ) وهي حرف.

(٤) أي : حين وقوعها بعد لو فإنّا علمنا سابقا أن (أنّ) المفتوحة مع اسمها وخبرها في تأويل المفرد والمفرد لا بد له من محل من الإعراب ، فإذا وقعت بعد لو كان موضعها رفعا ، واختلف في علة الرفع ، فقال سيبويه انّه مبتداء وخبره مقدّر ، فتقدير قولنا (لو أن زيدا قائم) لو قيام زيد ثبت وقال الزمخشري أنّه فاعل لثبت المقدر فالتقدير لو ثبت قيام زيد.

(٥) أي : يجب عند الزمخشري أن يكون خبر انّ حين وقوعها بعد لو فعلا.

(٦) خبرها (أقلام) وهو اسم.

(٧) لقمان ، الآية : ٢٧.

٤٤٦

لو أنّ حيّا مدرك الفلاح (١)

ادركه ملاعب الرّماح

وغير ذلك (٢).

وإن مضارع تلاها صرفا

إلي المضي نحو لو يفي كفى

(وإن مضارع) لفظا (تلاها صرفا (٣) إلى المضيّ) معني (نحو لو يفي كفى) (٤)

تتمة : جواب «لو» إمّا ماض معني كـ «لو لم يخف الله لم يعصه» أو وضعا وهو (٥) إمّا مثبت فاقترانه باللّام نحو : (وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ)(٦) أكثر من تركها نحو : (لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا)(٧) أو منفي بما ، فالأمر بالعكس نحو : (وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا)(٨).

ولو نعطي الخيار لما افترقنا (٩)

[ولكن لا خيار مع اللّيالي]

__________________

(١) آخره (أدركه ملاعب الرماح) من قصيدة للبيد يمدح بها عامر بن مالك الملقب بملاعب الأنسة أي : الذي يلعب بالرماح ، يعني حتي لو كان في تلك المعركة رجل حي مدرك لطرق النجاة من الأخطار لأدركه ملاعب الأسنة ، أي : ملاعب الرماح وقتله بضربة واحدة.

الشاهد : في وقوع الاسم (مدرك) خبرا لأنّ بعد لو.

(٢) كقوله تعالي (يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ.)

(٣) يعني إن وقع بعد لو فعل مضارع لفظا فيجب تأويله إلى الماضي في المعنى.

(٤) أي : لو وفي كفى.

(٥) يعني الفعل الذي هو ماض وضعا (اذا وقع جواب لو) فإن كان مثبتا فاقترانه باللام أكثر من عدم اقترانه وإن كان منفيّا فبالعكس أي : عدم اقترانه باللام أكثر.

(٦) الأنفال ، الآية : ٢٣.

(٧) النّساء ، الآية : ٩.

(٨) البقرة ، الآية : ٢٥٣.

(٩) وبعده (ولكن الخيار مع الليالي) يعني لو كان الاختيار بيدنا لما افترقنا مع الأحبّة ، ولكن الاختيار بيد الليالي (الدهر).

الشاهد : في اقتران (ما افترقنا) باللام ، وهو ماض وضعا ومنفيّ.

٤٤٧

فصل : في أمّا بفتح الهمزة والتّشديد و «لو لا» و «لو ما» وفيه (١) «هلّا» و «ألّا» و «ألا».

أمّا كمهمايك من شىء وفا

لتلوتلوها وجوبا ألفا

(أمّا كمهمايك من شيء) فهي نائبة عن حرف الشّرط وفعله ولذا (٢) لا يليها فعل (وفالتلوتلوها وجوبا ألفا) (٣) لأنّه مع ما قبله جواب الشّرط (٤) وإنّما أخّرت إليه كراهة أن يوالي بين لفظي الشّرط والجزاء نحو «أمّا قائم فزيد» و «أمّا زيد فقائم» و «أمّا زيدا فأكرم» و «أمّا عمرا فأعرض عنه» (٥).

وحذف ذي الفاقلّ في نثر إذا

لم يك قول معها قد نبذا

(وحذف ذي الفا (٦) شذّ في نثر إذا لم يك قول معها قد نبذا) (٧) أي حذف ،

__________________

(١) أي : في هذا الفصل يذكر هذه الثلاثة أيضا.

(٢) أي : لكونها نائبة عن حرف الشرط وفعله ولزوم تقدير فعل الشرط فلو ذكر بعدها فعل توهّم أنّه فعل الشرط.

(٣) أي : المتعارف المألوف عند أهل اللسان أن تدخل الفاء وجوبا على تلوتلوها.

(٤) يعني إنّ علّة دخول الفاء أن تلو التلو الذي هو مدخول الفاء مع الاسم الذي قبله جواب للشرط ، وأما تأخير الفاء عن أول الشرط أي : عن تلو امّا فلان المتعارف أن يفصل بين أداة الشرط والجزاء بفعل الشرط وتوالي الأداة والجزاء بمعني اتصالهما مكروه عندهم وحيث لا يكون هنا شرط فأخرّوا الفاء عن أول الشرط إلى ما بعد الأول حذرا من التوالي.

(٥) مثل بأربعة أمثلة ، لأن جملة الجزاء قد تكون اسمية ، وقد تكون فعلية ، والاسمية قد يتقدم الخبر على المبتدا كما في الأوّل ، وقد يتأخر كما في الثانى ، والفعلية قد يكون الفعل مذكورا والاسم الواقع بعد أمّا مفعول للفعل المذكور كما في المثال الثالث ، وقد يكون مقدرا ، والاسم مفعول للمقدر ، كما في الرابع ، فإنّ عمرا منصوب بفعل مقدّر ، والتقدير باعد عمرا فأعرض عنه ، لأن أعرض لا يتعدّي بنفسه فلا بد من تقدير فعل متعدّ مشابه له في المعنى.

(٦) التي ذكر أنّه يجب دخولها على جواب أمّا.

(٧) يعني شذوذ حذف الفاء إنما يكون إذا لم يكن قول مقدّر مع أمّا ، وقد حذف ذلك القول ، وأمّا إذا كان كذلك فكثيرا تحذف الفاء.

٤٤٨

كقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم «أمّا بعد ما بال رجال» (١) فإن كان معها قول وحذف ، جاز حذف الفاء بل وجب كقوله تعالى (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ)(٢) أي فيقال لهم أكفرتم.

ولو لا ولو ما يلزمان الابتدا

إذا امتناعا بوجود عقدا

(لو لا ولو ما يلزمان الابتدا) أي المبتدأ ، فلا يقع بعدهما غيره ويجب حذف خبره كما تقدّم (٣) (إذا امتناعا) من حصول شيء (بوجود) لشيء (عقدا) (٤) نحو : (لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ)(٥).

وبهما التّحضيض مزوهلّا

ألّا ألا وأولينها الفعلا

(وبهما التّحضيض) وهو طلب بازعاج (٦) (مز وهلّا) مثلهما في إفادة التّحضيض وكذا (ألّا) بالتّشديد وأمّا (ألا) بالتّخفيف فهي للعرض (٧) كما قال في شرح الكافية ، وهي مثل ما تقدّم (٨) فيما ذكره بقوله : (وأولينها الفعلا) وجوبا نحو

__________________

(١) والتقدير فما بال رجال.

(٢) آل عمران ، الآية : ١٠٦.

(٣) في باب المبتدا.

(٤) يعني لزوم دخولهما على المبتدا إنما يكون إذا أفادا امتناع وجود شيء بسبب وجود شيء آخر ، كما في الآية ، إذ المعني لو لا وجودكم لما وجد إيماننا فامتنع وجود إيمانهم لوجود المخاطبين (أنتم).

(٥) السّبأ ، الآية : ٣١.

(٦) أي : بعنف وعتاب ، وقوله (التحضيض) مفعول لقوله (مز) يعني خصّ التحضيض بهما ، وبهلّا والّا ، فهذه الأربعة من بين حروف الشرط تختصّ باستعمالها في التحضيض.

(٧) نحو ألا تنزل بنا فتنصب خيرا منّا ، والعرض بسكون الراء هو الطلب بلين وخضوع ضد التحضيض.

(٨) يعني (ألا) بالتخفيف مثل تلك الأربعة في وجوب وقوع الفعل بعدها فقط لا في إفادة التحضيض فلا يتوهّم من عطفها على تلك الأربعة أنها مثلها في التحضيض أيضا ، لأن معناها العرض فقط.

٤٤٩

(لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ)(١)(لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ)(٢).

وقد يليها اسم بفعل مضمر

علّق أو بظاهر مؤخّر

(وقد يليها اسم) فيجب أن يكون (بفعل مضمر علّق) (٣) نحو :

فهلّا بكرا تلاعبها

أي فهلّا تزوّجت (٤).

ألا رجلا جزاه الله خيرا

[يدلّ علي محصّلة تبيت]

أي ألا ترونني (٥) كما قال الخليل.

(أو بظاهر (٦) مؤخّر) نحو : (وَلَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ)(٧)(٨).

__________________

(١) الفرقان ، الآية : ٢١.

(٢) الحجر ، الآية : ٧.

(٣) أي : يجب أن يكون ذلك الاسم متعلّقا بفعل مقدّر ، أي : معمولا له.

(٤) فبكرا متعلّق بتزوجت المقدر لأنه مفعوله ، يعني لماذا لم تتزوج بامرأة باكرة تلعب معها. ـ

(٥) (ترونني) بضم التاء والراء جمع مخاطب من باب الإفعال من الرؤية يعني تبصرونني وبعده :

(يدل على محصلة تبيبت

ترجل لمتي وتفخ بيتى

وأعطيها الإشاوة إن رضيت)

يعين : ألا ترونني رجلا يدلّني على امرأة نجيبة تقضي ليلها بتمشيط شعري وكنس بيتي وان رضيت عنها أعطيتها نفقتها.

الشاهد : في وقوع الاسم (رجلا) بعد هلّا ، وهو متعلّق بفعل مقدّر (ترونني) لأن رجلا مفعوله الثاني.

(٦) أي : علق الاسم المذكور بفعل ظاهر مؤخّر عن ذلك الاسم.

(٧) فإذ معمول لقلتم وهو مؤخّر عنه.

(٨) النّور ، الآية : ١٦.

٤٥٠

هذا باب الإخبار بالّذي وفروعه والألف واللّام الموصولة

وهو (١) عند النّحويّين كمسائل التّمرين عند الصّرفيّين (٢).

ما قيل أخبر عنه بالّذي خبر

عن الّذي مبتدأ قبل استقرّ

(ما قيل أخبر عنه بالّذى) ليس على ظاهره (٣) بل هو مؤوّل ، فإنّه (٤) (خبر) مؤخّر وجوبا (عن الّذى) حال كونه (مبتدأ قبل استقرّ) وسوّغ ذلك الإطلاق (٥) كونه في المعنى مخبرا عنه.

__________________

(١) أي : باب الإخبار بالذى.

(٢) إذ من عادتهم ذكر صيغ مشكلة في آخر الصرف ليمرنوا به الطالب فيتسلّط على الصرف ، فالنحويّون كذلك يمرّنون الطالب بسمألة الإخبار بالذي التي هي من مشاكل النحو.

(٣) فإن ظاهر قول القائل (أخبر عن زيد بالذي) مثلا إن زيد مبتدء والذي خبره فإن (عن) تدخل على المبتدا عادة ، لأنه المخبر عنه والباء تدخل على الخبر لأنه المخبر به.

(٤) الضمير يعود إلى (ما) يعني في هذا السؤال تأويل فإن الاسم الذي يقال (أخبر عنه) كزيد في المثال هو في التركيب خبرك (الذي) ومؤخّر وجوبا و (الذي) مبتدء ومقدّم.

(٥) هذا دفع دخل وهو أنّه إن كان (الذي) مبتدء وذلك الاسم خبرا فلماذا يسئل بهذا النحو وكان الصحيح أن يقول أخبر عن الذي بزيد.

فدفع ذلك بقوله (وسوّغ ذلك) يعني الأمر الذي جوّز للسائل أن يسأل بهذه الكيفيّة ان هذا الاسم في الحقيقة مخبر عنه وإن كان بحسب التركيب النحوي خبرا ، فإن هذه الجملة اما أتي بها لبيان حال زيد والإخبار عنه لا لبيان حال (الذي) فلذلك جاز للسائل أن يدخل عن على الخبر والباء على الذي.

٤٥١

وما سواهما فوسّطه صلة

عائدها خلف معطي التّكملة

نحو الّذي ضربته زيد فذا

ضربت زيدا كان فادر المأخذا

(وما سواهما) (١) أي ممّا في الجملة (فوسّطه) بينهما (صلة) للّذي (عائدها خلف معطي التّكملة) (٢) أي الخبر (نحو الّذي ضربته زيد فذا ضربت زيدا كان) (٣) فابتدأته بموصول وأخّرت زيدا في التّركيب ورفعته على أنّه خبر ووسّطت بينهما بضربت صلة للّذي وجعلت العائد خلفا لزيد الخبر (٤) متّصلا بضربت (٥) (فادر المأخذا) وقس (٦).

وباللّذين والّذين والّتى

أخبر مراعيا وفاق المثبت

(وباللّذين والّذين والّتي أخبر مراعيا) في الضّمير العائد (وفاق المثبت) أي المخبر عنه في المعنى ، (٧) نحو : «اللّذان بلّغت منهما إلى العمرين رسالة الزّيدان» ، (٨)

__________________

(١) أي : غير (الذي) و (ما قيل أخبر عنه كزيد) فباقي الجملة وهو ضربت في المثال اجعله بين الذي وذلك الاسم ليكون صلة للذي.

(٢) يعني اجعل الضمير العائد مكان الاسم الذي صار خبرا لأنّ أصل جملة السائل (ضربت زيدا) وجملة الجواب (الذي ضربته زيد) فوقع الضمير العائد مكان زيد الذي كان بعد ضربت في جملة السؤال ، وإنما سمّي الخبر معطي التكملة ، لأن الخبر يعطي الكمال للجملة ، لأنّه آخرها ومكمّلها.

(٣) في سؤال السائل الممتحن فإن سئل الطالب وقال أخبر عن زيد في قولي (ضربت زيدا) بالذي فطّبقت القاعدة المذكورة على هذه الجملة.

(٤) أي : لزيد الذي هو خبر الآن وكان متصلا بضربت.

(٥) متصلا حال من العائد.

(٦) أي : اعرف مأخذ وقاعدة الأخبار بالذي فإذا سئلك سائل وقال : أخبرني عن تمرا في قولي أكلت تمرا ، بالذي قلت الذي أكلته تمر ، وإن قال : أخبر عن عمري في قولي أتلفت عمرى ، قلت ، الذي أتلفته عمرك.

(٧) الذي هو الآن خبر ومخبر به.

(٨) أصل جملة السؤال (بلّغت من الزيدين رسالة إلى العمرين) فوضعت في أول الجملة موصولا مناسبا

٤٥٢

«الّذين بلّغت من الزّيدين إليهم رسالة العمرون» ، (١) «الّتي بلّغتها من الزّيدين إلي العمرين رسالة» (٢).

هذا ، ولما ذكر شروط ، أشار إلى أربعة منها (٣) بقوله :

قبول تأخير وتعريف لما

أخبر عنه ههنا قد حتما

(قبول تأخير وتعريف لما أخبر عنه ههنا قد حتما) (٤) فلا يخبر عمّا لا يقبل التّأخير ، كضمير الشّأن وأسماء الإستفهام. نعم يجوز الإخبار عمّا يقبل خلفه التّأخير كالتّاء من «قمت» (٥) ـ ذكره في التّسهيل ـ ولا عمّا لا يقبل التّعريف كالحال والتّمييز ، ولو ترك هذا الشّرط لعلم من الشّرط الرّابع (٦) كما قال في شرح الكافية.

كذا الغني عنه بأجنبي أو

بمضمر شرط فراع مارعوا

(كذا الغني عنه بأجنبي أو بمضمر (٧) شرط) فلا يجوز الإخبار عن ضمير عائد

__________________

ليكون مبتدء وأخرّت الاسم المتصل بالفعل إلى آخر الجملة ليكون خبرا ووضعت مكانه في جملة السؤال ضميرا مناسبا للخبر ليكون عائدا ، وباقي الجملة صلة وهذا مثال للتثنية.

(١) مثال للجمع أصل جملة السؤال (بلغت من الزيدين رسالة إلى العمرين).

(٢) أصله (بلغت رسالة من الزيدين إلى العمرين) مثال للمؤنث.

(٣) وباقي الشروط سيذكرها الشارح بعد قليل.

(٤) أي : يجب في باب الإخبار بالذي أن يكون الخبر قابلا للتأخير والتعريف ، فالاسم الذي لا يقبل التأخير للزومه الصدر أو لا يقبل التعريف لكونه حالا أو تمييزا في جملة الأصل لا يجوز أن يكون خبرا للذى ، والحاصل إنّه يجب أن يكون خبر الذي مؤخّرا ومعرفة دائما.

(٥) فالتاء لكونه ضميرا متصلا لا يجوز فصله عن الفعل وتأخيره عن الجملة لكن بدله وهو الضمير المنفصل (أنا أو أنت) يقبل التأخير ، فيقال في الإخبار عن التاء في قمت بالذي (الذي قام أنا).

(٦) وهو الغني عنه بالضمير فإن معني هذا الشرط أن يصحّ وقوع الضمير مقام الاسم المخبر عنه ، والضمير معرفة فيجب أن يكون الاسم المخبر عنه الذي هو مرجع الضمير معرفة ليصلح أن يكون مرجعا للضمير.

(٧) أو هنا بمعني الواو ، لأن كل واحد من الغنائين شرط لا أحدهما مردّدا ، أي : يشترط في الاسم المخبر عنه

٤٥٣

على بعض الجملة ، كالهاء من «زيد ضربته» ، ولا عن موصوف دون صفته ولا صفة دون موصوفها ولا مضاف دون مضاف إليه ولا مصدر عامل (١) (فراع ما رعوا).

وزاد في التّسهيل اشتراط أن لا يكون في إحدي الجملتين المستقلّتين فلا يخبر عن «زيد» من «قام زيد وقعد عمرو» (٢) بخلافه (٣) من «إن قام زيد فقعد عمرو».

__________________

أن يصحّ جعل اسم أجنبي مكانه قبل الإخبار بالذي كزيد في ضربت زيدا إذا يصحّ إبداله باسم أجنبي في تركيب آخر ، فيقال ، ضربت عمرا من دون خلل في التركيب بخلاف الهاء في قولك زيد ضربته ، إذ لا يصحّ إبداله بأجنبي كعمرو وبكر لفوات العائد إلى المبتداء حينئذ.

وكذا يشترط صحّة جعل ضمير مكانه كما رأيت في مثال المصنف فإن أصله ضربت زيدا فأبدل زيد بضمير فصار الذي ضربته.

(١) كل ذلك لسبب واحد وهو أن الضمير العائد إلى الموصول خلف عن المخبر عنه المتأخّر ، ولا بد للخلف من أن يتحمّل أحكام المخلف عنه والمخلف عنه هنا أما الموصوف وحده ، فإن أخبرت عنه بالذي فلا بدّ أن يخلفه ضمير ، والمفروض أنّ الضمير لا يكون موصوفا بصفة ، فلا يمكنه أن يخلف الموصوف ، وكذا إن كان المخبر عنه صفة ، لأنّ الصفة لا بدّ له من موصوف والضمير لا يصير صفة لشيء ، وكذا إن كان مضافا إليه ، لأن الضمير لا يضاف ، وكذا الكلام فيما إذا كان المخبر عنه مصدرا مضافا ، لأن الضمير لا يعمل.

وأما الإخبار عن الموصوف مع الصفة والمصدر مع معموله والمضاف مع المضاف إليه فصحيح لا مانع منه ، ويجتمع الثلاثة في السؤال بقولنا (عجبت من ضرب زيد الموجع) فضرب موصوف ، والموجع صفة له ، وضرب مع زيد مضاف ومضاف إليه ، وضرب زيد مصدر مع معموله لإضافة المصدر إلى فاعله.

فتقول عند الإخبار بالذي (الذي عجبت منه ضرب زيد الموجع) فالمخبر عنه (الخبر) مجموع الموصوف والصفة (ضرب ـ الموجع) والمضاف مع المضاف إليه (ضرب زيد) والمصدر مع معموله (ضرب زيد) لأنّ (زيد) فاعل للمصدر فهو معمول له.

(٢) لأن الجملتين المعطوفتين بالواو مستقلّتان فيجب أن يكون في كلّ واحدة منهما ضمير يعود إلى الموصول فلا يقال (الذي قام وقعد عمرو زيد) لأن الجملة الثانية فارغة من الضمير العائد إلى الموصول.

(٣) أي : بخلاف زيد الواقع في جملة الشرط ، لأن جملتي الشرط والجزاء في حكم جملة واحدة فيقال (الذي إن قام فقعد عمرو زيد) ويكفي وجود الضمير في قام وإن خلا منه (قعد) لكونهما بحكم جملة واحدة.

٤٥٤

وفيه (١) ـ كالكافية ـ اشتراط جواز وروده في الإثبات فلا يخبر عن أحد من نحو : (٢) «ما جاءني من أحد» ، ووروده (٣) مرفوعا فلا يخبر عن غير المتصرّف من المصادر والظّروف (٤).

وأخبروا هنا بأل عن بعض ما

يكون فيه الفعل قد تقدّما

إن صحّ صوغ صلة منه لأل

كصوغ واق من وقي الله البطل

(وأخبروا هنا (٥) بأل عن بعض ما) أي جزء كلام (يكون فيه (٦) الفعل قد تقدّما (٧) إن صحّ صوغ صلة منه) أي من الفعل المتقدّم (لأل) بأن كان متصرّفا (٨) (كصوغ واق من

__________________

(١) يعنى : ذكر المصنّف في التسهيل كما ذكر في الكافية أيضا اشتراط جواز ورود الاسم المخبر عنه في الإيجاب مع بقاء معناه الذي في النفي.

(٢) أي : عن (أحد) الواقع في جملة السؤال بعد النفي لأن أحد الواقع في حيّز النفي يفيد العموم وإذا وقع ذلك الأحد خبرا عن (الذي) يكون الكلام مثبتا فيقع (أحد) في حيّز الإثبات ، ويفيد الخصوص ويتغيّر معناه الذي في السؤال ، لأنّ جملة (الذي ما جائني أحد) جملة اثباتيّة.

(٣) يعني اشترط أيضا في التسهيل والكافية جواز ورود الاسم المخبر عنه مرفوعا ، بأن لا يكون الرفع فيه ممتنعا.

(٤) المصدر المتصرّف ما يقع منصوبا وغير منصوب كالضرب والقيام وغير المتصرف ما لا يقع إلا منصوبا كسبحان والظرف المتصرف ما يقع منصوبا وغير منصوب كاليوم والليلة وغير المتصرف ما لا يقع إلا منصوبا كالجهات الست نحو خلف وأمام.

فالظروف والمصادر الغير المتصرّفة لا يمكن أن تكون خبرا عن (الّذي) لأنّ الخبر يجب أن يكون مرفوعا وهي منصوبة دائما.

(٥) أي : في باب الإخبار بالموصولة ، ويكون خبرها جزء الكلام الواقع بعدها.

(٦) أي : في الكلام.

(٧) أي : بشرط أن يكون (قبل الاخبار وفي جملة السؤال) كلام فيه فعل ، وكان الفعل مقدّما في ذلك الكلام ، وبشرط إمكان اشتقاق صلة أل من ذلك الفعل بأن لا يكون الفعل جامدا.

(٨) لأن صلة أل إمّا اسم فاعل أو اسم مفعول ، والفعل الغير المتصرّف لا يشتّق منه اسم الفاعل والمفعول.

٤٥٥

وقي الله البطل) أي الشّجاع ، فإذا أردت الإخبار بأل عن الاسم الكريم (١) قلت : «ألواقي البطل الله» أو عن البطل ، قلت «الواقيه الله البطل» (٢).

ولا يجوز الإخبار بأل عن زيد من «زيد قائم» لعدم وجود الفعل ، ولا من «ما زال زيد قائما» لعدم تقدّمه (٣) ولا من «كاد زيد يفعل» لعدم تصرّفه (٤).

هذا (٥) وإذا رفعت صلة أل (٦) ضميرا راجعا إلى نفس أل استتر في الصّلة فتقول في الإخبار عن التّاء من «بلّغت من الزّيدين إلي العمرين رسالة» :

«المبلّغ من الزّيدين إلى العمرين رسالة أنا» (٧).

وإن يكن ما رفعت صلة أل

ضمير غيرها أبين وانفصل

(وإن يكن ما رفعت صلة أل ضمير غيرها (٨) أبين وانفصل) فتقول في الإخبار

__________________

(١) أي : عن (الله).

(٢) فالمبتدا في الجملتين (أل) الموصولة والخبر في الجملة الأولي (الله) وفي الثانية البطل و (واقي) صلة لأل ، والعائد في الأولي مستتر فاعلا لواقى ، وفي الثانية منفصل بارز لكون فاعله اسما ظاهرا هو الله.

(٣) أي : لعدم تقدّم الفعل لوجود (ما) قبله.

(٤) إذ لا يشتقّ من كاد صفة لتكون صلة لأل.

(٥) أي : هذا حكم الإخبار بأل من حيث الشرائط ، وأما حكم الضمير العائد إليها فيتّضح بقوله (وإذا رفعت).

(٦) اعلم إن صلة أل قد تكون جارية على من هي له بمعني أن يكون فاعل الصلة وأل شيئا واحدا ، كما في مثال (الواقي البطل الله) فالصلة متحملة لضمير أل قهرا والضمير مستتر فيها فتقدير المثال (الواقي هو البطل الله).

وقد تكون الصلة جارية على غير من هي له بأن يكون فاعل الصلة شيئا ومعني أل شيئا آخر ، كما في مثال (الواقية الله البطل) فإن فاعل واقي (الله) ومعني أل (البطل) لأن أل مبتدء والبطل خبره ، فحينئذ لا يستتر في الصلة ضمير إل ، فإن كان مرفوع الصلة اسما ظاهرا فهو وإن كان ضميرا فيجب أن يكون منفصلا كما سيجيء.

(٧) والتقدير (الذي بلغ هو من الزيدين ...) فمبلّغ جار على أل لكونه صلتها وهو أعني مبلّغ لأل ، لأنهما شيء واحد فمبلّغ وصف جار على من هو له ، ولذا استتر فيه ضميرها.

(٨) أي : رفعت ضميرا غير متحد مع أل فتكون الصلة لغير أل مع أنها جارية على أل لكونها صلتها فتكون

٤٥٦

عن الزّيدين من المثال المذكور «المبلّغ أنا منهما إلى العمروين رسالة الزّيدان» (١) وعن العمرين (٢) «ألمبلّغ أنا من الزّيدين إليهم رسالة العمرون» وعن الرّسالة «ألمبلّغها أنا من الزّيدين إلى العمرين رسالة» (٣).

__________________

جارية على غير من هي له فلذا لا يستتر فيها ضمير أل.

(١) والتقدير (الذان مبلغ أنا منهما إلى العمرين رسالة الزيدان) فأل والزيدان متحدان لكونهما مبتدء وو أما فاعل الصلة فهو ضمير المتكلم مع الغير وهو مغاير مع أل فلذا انفصل والعائدهما.

(٢) العمرين جمع والموصول أيضا جمع بمعني الّذين لاتحاد المبتدا مع الخبر.

(٣) الفرق بين الأمثلة الثلاثة ان الأول للتثنية ، والثاني للجمع ، والثالث للمؤنث.

والثلاثة مشتركة في أن مرفوع الصلة أعني (أنا) لا يعود إلى الموصول بل العائد (هما وهم وها).

٤٥٧

هذا باب أسماء العدد

ثلاثة بالتّاء قل للعشرة

في عدّ ما آحاده مذكّرة

في الضّدّ جرّد والمميّز اجرر

جمعا بلفظ قلّة في الأكثر

(ثلاثة بالتّاء قل) وما بعدها (للعشرة) أي معها (في عدّما آحاده مذكّرة) (١) و (فى) عدّ (الضّدّ) وهو الّذي آحاده مؤنّثة (جرّد) من التّاء ، والاعتبار في التّذكير والتّأنيث في غير الصّفة باللّفظ (٢) وفيها بموصوفها المنويّ (٣).

(والمميّز) لما ذكر (٤) (اجرر) بالإضافة حال كونه (جمعا) مكسّرا (بلفظ قلّة (٥)

__________________

(١) يعني إذا أردت أن تعد شيئا مفرداته مذكرة فأت بالعدد مؤنّثة وأن كان جمعه مؤنّثا ، فتقول ثلاثة رجال وثلاثة اصطبلات ، لأن مفردهما (رجل واصطبل) مذكر ، وإن كان جمعهما مؤنثا.

(٢) يعني إن لم يكن العدد صفة لشيء فتذكير العدد وتأنيثه يتّبع لفظ مفرد المعدود وإن كان معناه مخالفا للفظ كما في ثلاث طلحات فجيء بثلاث بملاحظة لفظ طلحة مع أنّه اسم لرجل.

(٣) يعني إن كان العدد صفة لشيء فتذكير العدد وتأنيثه يتبع الموصوف ولا يعتني بالمعدود كقوله تعالي (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) فجاء (عشر) بغير تاء بملاحظة موصوفها (الحسنة) مع أن مفرد معدودها (مثل) مذكر.

(٤) أي : مميّز ما ذكر أي : مميز الثلاثة إلى العشرة مجرور وجمع قلّة غالبا وجرّه باضافة العدد إليه نحو ثلاثة رجال بجرّ رجال.

(٥) ليطابق التميز مع المعدود ، فإن التميز هنا يعد الثلاثة إلى العشرة وجمع القلة للثلاثة إلى العشرة.

٤٥٨

في الأكثر) نحو (سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ)(١)(٢) ، (فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها)(٣) وجاء في القليل جمع تصحيح نحو (سَبْعَ سَماواتٍ)(٤) ، وتكسير (٥) بلفظ كثرة ، نحو (ثَلاثَةَ قُرُوءٍ)(٦)(٧).

ومائة والألف للفرد أضف

ومائة بالجمع نزرا قد ردف

(ومائة والألف) وما بينهما (٨) (للفرد) المميّز (أضف) نحو (بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ)(٩) ، (فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ)(١٠).

وجاء المييّز منصوبا قليلا في قوله :

إذا عاش الفتي مائتين عامّا (١١)

[فقد ذهب اللّذاذة والفتاء]

(ومائة) وما بعدها للألف (بالجمع نزرا قد ردف) مضافا إليه (١٢) كقراءة

__________________

(١) فجاء سبع بغير تاء لعدّ ليالي ومفردها (ليل) مؤنث لفظا وأتي بثمانية مع التاء لأنّ مفرد تمييزها (يوم) وهو مذكر.

والظاهر أن (ليالي) ليست جمع قلة فالمناسب أن يمثل بها في القليل الآتي.

(٢) الحاقة ، الآية : ٧.

(٣) الانعام ، الآية : ١٦٠.

(٤) الملك ، الآية : ٣.

(٥) عطف على تصحيح أي وجاء في القليل جمع تكسير بلفظ الكثرة.

(٦) فقروء جمع كثرة ، لأن أوزان جمع القلة ثلاثة ليس منها فعول.

(٧) البقرة ، الآية : ٢٥٩.

(٨) من مأتين إلى تسعمأة.

(٩) البقرة ، الآية : ٢٥٩.

(١٠) العنكبوت ، الآية : ١٤.

(١١) بعده (فقد ذهب اللذاذة والفتاء) يعني إذا بلغ عمر الفتي مأتي سنة فقد ذهبت لذّة الحياة والشباب.

الشاهد : في نصب (عاما) تمييز مأتين على خلاف القياس.

(١٢) حال من مأة أي : حال كون المأة وما بعدها مضافا إلى الجمع المميّز.

٤٥٩

الكسائيّ (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ)(١)(٢).

وأحد اذكر وصلنه بعشر

مركّبا قاصد معدود ذكر

(وأحدا) بالتّذكير (اذكر وصلنه بعشر) بغير تاء (مركّبا) لهما (٣) فاتحا آخرهما (قاصد معدود ذكر) (٤) نحو (رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً)(٥).

وقل لدي التّأنيث إحدي عشرة

والشّين فيها عن تميم كسرة

ومع غير أحد وإحدى

ما معهما فعلت فافعل قصدا

(وقل لدى التّأنيث) للمعدود (إحدى عشرة) بتأنيث الجزئين ، وقيل : الألف في إحدي للإلحاق لا للتّأنيث نحو «عندي إحدى عشرة امرأة».

(والشّين فيها) (٦) رووا عن الحجازيّين سكونه و (عن) بني (تميم كسره) وعن بعضهم فتحه (و) إذا كان (٧) (مع غير أحد وإحدى) وهو ثلاثة الى تسعة (ما معهما (٨)

__________________

(١) بإضافة مأة إلى سنين ، والباقون قرأ وبتنوين مأة فتكون سنين بدلا من ثلاثمأة أو عطف بيان.

(٢) الكهف ، الآية : ٢٥.

(٣) (مركبا) بصيغة اسم الفاعل حال من فاعل اذكر أي حال كونك مركبا لأحد وعشر يعني اذكرهما بصورة التركيب لا بصورة الإضافة.

(٤) أي : إذا قصدت عدّ معدود مذكر.

(٥) يوسف ، الآية : ٤.

(٦) أي : شين عشرة.

(٧) أي : إذا كان (عشر) مركبا مع غير أحد وإحدي بأن كان مع ثلاثة وثلاث إلى تسعة وتسع فافعل بعشر مثل ما فعلت به عند ما كان مع أحد واحدي من التبعية للمميّز في التذكير والتأنيث فقل ثلاثة عشر رجلا وثلاث عشرة امرأة فكان عشر تابعا للمميّز خلاف الثلاثة.

(٨) أي : مع أحد وإحدي يعني إن حكم عشر حكم أحد وإحدي في التبعيّة للمميّز.

٤٦٠